شاءت “حكومة العزم والأمل” ان تحدث الصدمة الإيجابية الأولى في انطلاقتها من خلال انجاز صياغة مسودة البيان الوزاري بسرعة قياسية، فكان لها ذلك أمس بعد ثلاث اجتماعات فقط للجنة الصياغة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. ومن المقرر أن تطرح المسودة اليوم على مجلس الوزراء لإقرار البيان في صورته الرسمية النهائية وإحالته على مجلس النواب الذي يتوقع ان يبدأ جلسات مناقشة البيان في مطلع الأسبوع والتصويت على الثقة. ومع أن مسودة البيان الوزاري لحكومة العهد الرابعة لا تخالف كثيراً “سيرة” البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة لجهة الحشو الإنشائي في أماكن عدة، فإن مسودة البيان التي حصلت عليها “النهار” حاولت اختراق البنود الإنشائية في الجزء المتصل بالتعهدات التي تقطعها الحكومة على نفسها بعد ان تورد عدداً من “الثوابت ” المتكررة في كل بيان بما فيها ما يتصل “بالحق في مقاومة الاحتلال” والتزام القرارات الدولية وعمل المحكمة الخاصة بلبنان وسواها. أما في البنود التي تلحظ تعهدات الحكومة فيبرز طغيان الهاجس المالي عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي والتشديد على الاتجاهات الإصلاحية الواردة في المبادرة الفرنسية، الامر الذي يعكس هاجس الحكومة حيال الاستحقاق الأهم والأدق وهو الاستحواذ على الثقة الخارجية للحصول على دعم ومساعدات للبنان. علماً ان شكوكاً لا تحجب ابداً عن قدرة الحكومة على اطلاق هذا الحجم من التعهدات التي ينؤ بها البيان.
تبدأ مسودة البيان بالاشارة إلى “بعض الثوابت الوطنية التي ستحكم عمل حكومتنا:
التزام احكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، واحترام الشرائع والمواثيق الدولية التي وقع عليها لبنان وقرارات الشرعية الدولية والتاكيد على التزام تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، واستمرار دعم قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، ومطالبتها المجتمع الدولي وضع حد للانتهاكات والتهديدات الاسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً بما يؤمن التطبيق الكامل لهذا القرار… التمسك باتفاقية الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الاراضي المحتلة والدفاع عن لبنان في مواجهة اي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته وذلك بتشى الوسائل المشروعة مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة.
استئناف المفاوضات من اجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة. متابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان المنشأة بموجب قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1757 والخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وصولا لإحقاق الحق والعدالة تمهيداً لاقفال هذا الملف في مهلة اقصاها 30 تموز 2022…
تعزيز علاقات لبنان الدولية وخصوصا مع الدول العربية الشقيقة والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بلداننا العربية ودعوة الاشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها شأنهم دائما مشكورين”.
وتؤكد الحكومة في مسودة البيان “التزامها اجراء الانتخابات النيابية في موعدها كما واجراء الانتخابات البلدية والاختيارية على ان تباشر فور نيلها الثقة، باتخاذ كل الاجراءات التي ينص عليها القانون الذي ينظم عملية الانتخاب لاتمامها بكل نزاهة وشفافية وتوفير السبل كافة لنجاحها”.
وفي الجانب المتصل بتعهداتها تقول الحكومة “تداركاً للانهيار المالي والاقتصادي الذي يتوإلى فصولا، تتعهد حكومتنا فور نيلها الثقة القيام بما يأتي:
استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق تعتمد برنامجاً انقاذياً قصير ومتوسط الأمد يتزامن مع المباشرة بتطبيق الاصلاحات في المجالات كافة والتي باتت معروفة ووفقا للأولويات الملحة وبما يحقق المصلحة العامة.
معاودة المفاوضات مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام بما يخدم مصلحة لبنان ولا يحمل الدولة اعباء كبيرة وإيجاد أفضل الطرق لاستعمال الأموال المتأتية من حقوق السحب بما يؤمن الاستفادة منها بشكل مستدام.
تثمين المبادرة الفرنسية والالتزام ببنودها والسير بتحديث وتطوير خطة التعافي المالية واستكمال سياسة الاصلاح الاقتصادي التي تقدم بها لبنان إلى مؤتمر سيدر…
وضع خطة لتصحيح القطاع المصرفي وتنشيط الدورة الاقتصادية بما يساهم في تمويل القطاع الخاص مع اعطاء الاولوية لضمان حقوق المودعين.
السعي إلى اقرار قانون الكابيتال كونترول كما ووضع مشروع قانون من شأنه معالجة الاوضاع المالية والمصرفية التي استدت بعد 17 تشرين الاول 2019..
العزم على تصحيح الرواتب والاجور في القطاع العام بمسمياته كافة في ضوء دراسة تعدها وزارة المال تأخذ في الاعتبار الموارد المالية للدولة ووضعبة المالية العامة…
العمل على اقفال المعابر غير الشرعية وتعزيز مراقبة الشرعية منها من خلال تزويدها أجهزة الكشف والمسح الحديثة والمتطورة.
الحد من التهرب الضريبي وتعديل قانون المحاسبة العمومية والاسراع في انجاز تشريع جديد للجمارك زاقرار الاستراتيجية الشاملة للاصلاحات الجمركية وبرنامجها التنفيذي.
العمل على انجاز الموازنة العامة للعام 2022 مع التشديد على تضمينها بنوداً إصلاحية تتناول المالية العامة.
ووردت أيضا مقاربة سائر الملفات البنيوية التي تساعد في تنشيط الاقتصاد وتطوير القطاعات وفي مقدمها: في القضاء واستقلاليته: استكمال تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى وإنجاز التشكيلات والمناقلات القضائية والسعي لإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية والإسراع في المحاكمات..، في مكافحة الفساد: إصدار النصوص التطبيقية للقوانين النافذة.. واستكمال التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة.. في الطاقة: زيادة ساعات التغذية في مرحلة اولى … واستكمال تنفيذ خطة الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به واستكمال مشروع استقدام الغاز الطبيعي. وفيما يتعلق بالتنقيب عن النفط إطلاق دورة التراخيص الثانية في المياه البحرية اللبنانية والعمل على متابعة عملية الاستكشاف في المياه البحرية …”