72 ساعة للتكليف وسط تفجّر الاختناقات

لا يمكن الحزم موضوعياً وبدقّة بأنّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، كما يذهب بعض التقديرات المغالية في الاستعجال، بات قاب قوسين وأدنى من الحسم. ولكن ما يمكن استخلاصه على ما تجمع من معطيات دقيقة بتمثّل في أنّ الساعات الـ 72 الفاصلة عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة يوم الإثنين المقبل ستكون كفيلة مبدئياً بحلول مساء الأحد بتوضيح صورة الاتجاهات مع ترجيح واضح لكفة اسم ميقاتي. كل هذا لا يزال في الإطار المبدئي لأنّ مواقف الكتل النيابية والقوى السياسية بدت محاذرة جداً استعجال تحديد ترشيحاتها حتى البارحة ولو أنّ المشاورات داخل كل كتلة أو بين العديد من القوى السياسية جارية بزخم وراء الكواليس استعداداً لاتخاذ المواقف النهائية بين اليوم وصباح الإثنين ما لم يطرأ أيّ عامل مفاجئ محتمل من شأنه أن يؤدّي إلى إرجاء الاستشارات.

وبعيداً ممّا يُنقل من هنا وهناك وعن ضجيج التقديرات المتضاربة أو الترويج أو التسويق أو الحرق أيضاً، بدا من خلال الاتجاهات التي برزت في الساعات الأخيرة أنّ اسم الرئيس ميقاتي بات الأكثر ترجيحاً للتكليف ولو أنّ طرح اسمه يقترن بسلسلة شروط تختصر بعدم القبول إطلاقا بالنزول تحت السقف الذي أرساه الرئيس سعد الحريري قبل اعتذاره وبعده ولم يحد عنه بل واختصره الحريري نفسه بقوله إنه اعتذر لأنه رفض التوقيع على حكومة ميشال عون. هذا السقف الذي يفترض أولاً بأن يقترن ترشيح ميقاتي بموافقة وتزكية الحريري وكتلة المستقبل زاد عليه ميقاتي على ما يبدو شروطه الخاصة أيضاً التي تفترض عدم دسّ العراقيل في طريقه من خلال التزام مهلة سريعة ما بين التكليف والتأليف لئلا تعود ممارسات التعطيل وتدفع به إلى حيث انتهى الحريري بالاعتذار. في أيّ حال انتظار الساعات المقبلة وحده سيكفل توضيح المسار المبدئي الذي ستسلكه الاستشارات التي ستغدو مؤمنة الانعقاد يوم الإثنين إذا رجحت كفة تكليف ميقاتي وعرضة للإرجاء في حال عدم مضي الأمور لمصلحة ميقاتي أو سواه بما يخلط الأوراق مجدداً ويجعل الأزمة مفتوحة على تطورات مجهولة.
يحصل ذلك فيما البلاد تتقلى على جمر تفجر ألازمات الحياتية والخدماتية والصحية والتي بلغت في الساعات الماضية ذروة الخطورة مع استفحال أزمة شُح بل انعدام مادة المازوت خصوصاً. ذلك أنّ التعتيم وانقطاع التيار في كل لبنان بات أمراً محسوماً بعد التوقف عن تسليم المازوت، الأمر الذي أدّى إلى شلل مولدات الكهرباء وشلل سائر القطاعات والأخطر انقطاع التيار عن المنازل. ويواكب ذلك تفاقم أزمة البنزين وكذلك أزمة الدواء. فإلى أين يتّجه لبنان في ظلّ هذا الواقع المخيف؟ وهل سيساهم هذا الرعب الحقيقي في دفع عملية التكليف والتأليف قدما وتجاوز الأنماط التعطيلية السابقة أم تغرق البلاد هذه المرة في محطات العنف الاجتماعي؟

والحال أنّ العدّ العكسيّ للذكرى السنوية الأولى لـ انفجار مرفأ بيروت بدأ يثير مخاوف من اضطرابات أمنية. ولكن أهالي شهداء انفجار المرفأ سارعوا أمس عبر مؤتمرهم الصحافي لإعلان التحضيرات ليوم الذكرى إلى محاولة تبديد المخاوف من خلال تشديدهم على إحياء الذكرى بسلام وخشوع الصلاة واستذكار الشهداء وحصر الدعوات بالمواطنين للمشاركة في القداس الذي يترأسه البطريرك الماروني ولن توجه الدعوات إطلاقاً إلى أيّ رسمي أو سياسي.