إفشال العهد!!

ميشال طوق

يُجمع الكثيرين في لبنان والخارج خصوصاً المحللين والمُشخّصين، أن الحالة العونية هي نتيجة حتمية لتركيبة نفسية على جينية تتسم بصفات محددة تجتمع كلها في شخص مُعَيَن، فيجد ذاته من دون أن يدري وبدون أي مجهود، في قلب الحالة العونية.

الجيد في الموضوع أن هذا الأمر أصبح واضحاً للجميع بعكس أيام زمان عندما كنا نُعيَّر بأن الحقد يُعمينا عندما كنا نُسلط الضوء على هذه الفئة وعى خطورتها على المجتمع اللبناني ككل.

منذ نهايات التسعينات عندما إجتاح المحتل السوري المناطق التي كانت تسيطر عليها ميليشيات عون، وهذه التسمية بحسب الدوائر الرسمية للدولة اللبنانية آنذاك، لجأ القائد الذي وعد بأنه آخر مَن سيترك، وإذ به أول التاركين، الى السفارة الفرنسية، مخلفاً مئات الشهداء والمخطوفين والمفقودين جرّاء المجازر التي إرتُكبت، والتي كان بالإمكان تجنبها بكل سهولة!!
منذ ذاك الوقت المشؤوم ونحن لا نسمع إلا التبخير والتمجيد والتبجيل بالبطل الذي نُفي الى فرنسا، والوعود بتحويل لبنان الى جنة على الأرض إذا وصل الى الحكم.

عاد البطل في ال2005 الى لبنان بعد الإتفاق المشهور مع جلاديه وحصد 70% من الأصوات المسيحية المتعطشة الى فسحة أمل بعد 15 سنة من الإضطهاد وقبلها 15 سنة من الحروب، وإذ، يُجيّر كل هذه الأصوات لصالح حزب الله وتغطية سلاحه الذي كان بأمس الحاجة الى غطاء له يستبدل به الغطاء السوري المُندحر من لبنان.
لم يبقى من مراجل ومعلقات ونظريات وتحديات إلا وأطلقت من على منبر الرابية، وكان لنا موعد أسبوعي على مدى 11 سنة بعد إجتماع التكتل والتغيير مع الوعظ والمواعظ والتنظير في كيفية قيام الدولة وعمل المؤسسات ولو نحنا محلن شو كنا عملنا.
الى أن دار الزمن دورته وأصبح بطل الرابية رئيساً للجمهورية.

أول خطوة قام بها هذا الفريق العظيم السكران بقوة حليفه حتى الثمالة، مزّق أوراق إتفاق معراب الذي ينص ببنوده العشرة على قيام دولة فعلية في لبنان وبدأ يخاصم الجميع… إلا حليفه.
فإنتقلنا من نغمة إذا إستلمنا الحكم، الى نغمة هذه الحكومة ليست حكومة العهد، الى أن أتت المفترض أنها حكومة العهد الأولى، فأصبحنا بنغمة إنطرونا وشوفوا شو رح نعمل، وعندما تبين أن هذا الفريق من أفشل الفاشلين، بدأ يرمي المسؤولية على الآخرين بنغمة ما خلّونا. كان بدنا وكان بدنا… بس ما خلونا.

وصلنا اليوم الى إتهام كل من لا يدور في فلك العهد والحزب، بأنه يسعى الى إفشال العهد.
حتى الإعتراض على سرقة أموال اللبنانيين لصالح وزارة الطاقة التي نهبوها، إعتراض يصبّ في عملية إفشال العهد!!!! والأنكى أن هؤلاء بكل رموزهم ومسؤوليهم، من دون ولا أي ذرّة حياء، وبعد كل ما وصل إليه لبنان اليوم، يتهمون الآخرين كل يوم بالسعي لإفشال العهد!!!!
أي عهد يقصد هؤلاء الموتورون؟؟

عهد الذل والفقر والجوع والحدود السائبة والدولة المهترئة والمؤسسات المتهالكة والمحسوبيات والتوظيفات الغير قانونية وتحويل الدولة الى مزرعة؟؟

عهد الطوابير على المحطات والأفران والصيدليات، عهد الشحادة من كل أقطار العالم، عهد الفشل في محاكمة مسؤول واحد بالفساد والسرقة، عهد تدمير بيروت بأكبر إنفجار غير نووي في العالم وتبريره ب إت واز توو لايت؟؟!!

عن أي عهد يتكلم هؤلاء؟؟

أين وعودهم ومراجلهم ونظرياتهم على مدى عشرات السنين في الإصلاح والتغيير، وكنا نظنهم يريدون التغيير الى الأفضل وليس العكس!!
هذا العهد لم يفشل اليوم. هذا العهد فشل منذ أول يوم إستلم فيه المسؤولية وكانت نتيجته تدمير المناطق المسيحية على رؤوس أبنائها وقتلهم وتهجيرهم في كل أصقاع الأرض هرباً من الجحيم الذي أدخلهم فيه منذ سنة 1989، واليوم فقط يُكمل ما كان بدأه يومها، خدمة لعدو مُفترض تبين أنه لم يكن عدواً أبداً.
أكثر من ثلاثة عقود من الفشل والويلات خالية من أي إنجاز أو واقعة واحدة تتشفع بهذا الفريق لتستر إرتكاباته ومعاصيه، لدرجة أن لديه مناسبة وحيدة للإحتفال بها هي الذكرى المأساوية – الكارثية – النكبة التي حصلت في 13 ت1 سنة 1990.