افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الخميس 20 أيار 2021

افتتاحية صحيفة النهار

استفتاء للسعودية والأزمة الحكومية الى احتدام

 

يفترض ان تكون “استقالة” وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه وتعيين نائبة رئيس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر، وزيرة للخارجية بالوكالة مكانه، ان يطويا صفحة العاصفة التي اثارتها تصريحات وهبة المسيئة الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولا سيما لجهة التداعيات السلبية التي تخوف منها كثيرون على اللبنانيين العاملين في المملكة، والتي سارع السفير السعودي وليد بخاري الى نفيها. واذا كانت استقالة وهبه السريعة امس ساهمت في احتواء الازمة التي تسبب بها كما لم يفعل وزير من قبل، فان ما طغى على هذه الاستقالة وكاد يحجبها تمثل في “يوم التضامن مع السعودية ” الذي بدا بمثابة استفتاء سياسي واسع لصداقات السعودية في لبنان مع معظم قواه السياسية والحزبية ومراجعه الدينية، الامر الذي رسم دلالات مهمة ومعبرة على الصعيدين الداخلي والعربي. وسوف تتجه بوصلة الرصد السياسي في ظل هذه التطورات التي حصلت امس الى الكباش الجديد الذي افتعله العهد بتوجيهه رسالة الى مجلس النواب لمناقشة ملف تشكيل الحكومة من باب تفخيخ الرسالة باتهامات للرئيس المكلف سعد الحريري بأسر التشكيل، في ما اعتبرته أوساط حقوقية وسياسية على نطاق واسع تسللاً من باب حق رئيس الجمهورية دستوريا في توجيه الرسائل الى البرلمان، ولكن مع مضمون ينطوي على مخالفات مضمرة للدستور، بل لمحاولة إحداث عرف انقلابي جديد على غرار ما دأب العهد على القيام به مراراً وتكراراً.

 

حتى ان هذه الأوساط نفسها لفتت الى ان ما واكب استقالة وهبة وتعيين عكر وزيرة للخارجية بالوكالة امس اثبت ان العهد يتصرف بنزعة استخفاف بالأصول الدستورية المتشددة، إذ بدا واضحا انه جرى تجاوز وزير الخارجية بالوكالة دميانوس قطار في خطوات تعديل مرسوم توزيع الوزارات بالوكالة وهو أمر لفت اليه كثيرون ولكنه لم يلق آذانا صاغية بين بعبدا والسرايا امس.

 

مع ذلك عكس الإصرار على تعيين عكر توافقاً حصل بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري على تعيينها بعدما كانت تحفظت صباحاً عن قبول هذا التعيين. وكانت المعلومات اشارت إلى أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أراد لوزيرة المهجرين غادة شريم أن تخلف وهبة، في حين رفض الرئيس بري هذا الاقتراح، ولهذه الأسباب تم تجميد مرسوم تعيين عكر عقب رفضها الى ما بعد الظهر عندما صدر المرسوم .

 

في خيمة السفير

ووسط الاتصالات التي جرت لتعيين بديل من وهبة تحوّلت دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة محجة لوفود وشخصيات متضامنة وحرص بخاري على استقبال زواره في خيمة “تؤكد افتخاره بأصول الشعب السعودي البدوية”. واعتبر بخاري في دردشة مع الصحافيين ان “ما أكسب احترام المملكة للخصوم والحلفاء في المجتمع الدولي أن لديها خطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر”. وطمأن الى ان “ما يحكى عن سعي المملكة لترحيل اللبنانيين لا أساس له من الصحة”. واكد ان “أخلاقيات ومرتكزات المملكة لا تسمح بأن يتم التعرض لكل مقيم على الأراضي السعودية ناهيكم عن اللبنانيين الموجودين في المملكة”.

 

وأضاف “ما شاهدناه من شائعات لا يعكس موقف المملكة فالقيادة الرشيدة في المملكة تركز على صون كرامة المواطن السعودي وأي مقيم على أرض المملكة”. وقال ان “العلاقات السعودية – اللبنانية علاقات بين شعبين وعلاقة وجدانية تربطها روابط العروبة والدم والأخوة والإسلام وعلاقات النسب وما شهدناه اليوم من مواقف وتضامن تعكس حقيقة مواقف الشعب اللبناني بكل انتماءاته، ومفاخر المملكة وأصالتها أكثر من أن تعد وتحصى ولا ينكر ذلك إلا جاهل مضلَّل أو أفّاق مضلَّل”.

 

وقال : “تلقيت مكالمة هاتفية بالأمس (اول من امس) من وزير الخارجية شربل وهبه أعرب فيها عن اعتذاره الشديد والصريح لما بدر منه في لقائه التلفزيوني وأخبرني بأنه سيتنحى صباح اليوم (امس)”. وعما إذا كان اعتذار وهبه كافياً قال: “الأهم ليس أن نعتبره كافياً أم لا، بل مراجعة السياسات الخارجية بإرادة سياسية جامعة تجاه المملكة ودول مجلس التعاون وعندما تكون هناك مراجعة حقيقية هذا يعني أن هناك مؤشرات إيجابية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وعلى رأسهم المملكة”.

 

اشتباك جديد

في غضون ذلك يتجه المناخ السياسي الداخلي الى مزيد من الاحتدام في ظل ما اثارته رسالة عون الى مجلس النواب محرضا إياه على الحريري من تداعيات ومعطيات سلبية. وإذ يتهيأ الرئيس سعد الحريري بعد عودته الى بيروت لتسجيل ردّ شامل وحاد ومفصل على رسالة عون لم يعرف بعد ما اذا كان رده سيحصل بعد جلسة تلاوة رسالة عون التي دعا اليها بري بعد ظهر غد ام يؤجل الحريري الرد الى جلسة مناقشة الرسالة لاحقاً باعتبار ان حصر الجلسة غدا بتلاوة الرسالة لن يعقبه فتح النقاش الا اذا أراد الحريري عقد مؤتمر صحافي بعد جلسة التلاوة. وإذ استبعدت مزيد من الأوساط السياسية امس ان تؤدي هذه الرسالة الى اي خرق في عملية التشكيل، كون الكتل الاساسية لا تزال تدعم الرئيس الحريري، أبدى رؤساء الحكومة السابقون، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، استغرابهم الشديد لرسالة عون وسجلوا جملة ملاحظات حولها فاعتبروها “رسالة مليئة بالمغالطات وفيها تحوير للوقائع التي حصلت في تكليف الرئيس الحريري”. ولفتوا الى “إنّ أكثر ما استوقفهم وما أثار استغرابهم في رسالة رئيس الجمهورية إعطاء نفسه دور الوصي على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته، سواءً لجهة إلزامه بمعايير يحددها له في تشكيل الحكومة او وضع قيود او شكليات يجب اتباعها بما يجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية، وبما ينزع عن رئيس الحكومة دوره الدستوري المبادر والمسؤول، عن عملية تشكيل الحكومة”.

 

وحذروا من “إنّ ما احتوته الرسالة في هذا الشأن يطيح أحكام الدستور الواضحة والصريحة وبمبدأ الفصل بين السلطات وبالأسس التي يقوم عليها النظام الديمقراطي البرلماني. ويشكل انقلاباً حقيقياً على الدستور، وهي الممارسات عينها التي عطلت تطبيق احكام الدستور، كما عطلت تشكيل الحكومة ووضعت البلاد على حافة الانهيار”.

 

مغادرة لبنان فوراً

بعيداً من هذه المناخات برز موقف لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في شأن مشاركة النازحين السوريين في لبنان في الانتخابات الرئاسية السورية وقال” يظهر ان عشرات آلاف النازحين السوريين في لبنان يتحضرون للمشاركة غداً (اليوم) في المهزلة المأساة المسماة انتخابات رئاسية سورية في مقر السفارة السورية في الحازمية. إن تعريف النازح واضح ومتعارف عليه دوليا وهو الشخص الذي ترك بلاده لقوة قاهرة وأخطار أمنية تحول دون بقائه فيها، وبالتالي نطلب من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال إعطاء التعليمات اللازمة لوزارتي الداخلية والدفاع والإدارات المعنية من أجل الحصول على لوائح كاملة بأسماء من سيقترعون للأسد غدا، والطلب منهم مغادرة لبنان فورا والالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في سوريا طالما انهم سيقترعون لهذا النظام ولا يشكل خطرا عليهم”.

*************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

بري يُحاصر مفاعيل “رسالة عون”… وجنبلاط لا يرى مفرّاً من “التسوية”

لبنان تحت “خيمة” العرب

 

تبعثر “العهد القوي” وصار قصاصات جمهورية هزيلة “مهلهلة” اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وديبلوماسياً وأمنياً، مستباحة بين ضفتي حدود التهريب وتصدير المخدرات، وحدود الصواريخ “اللقيطة” التي بدأت ترفع منسوب التوتر جنوباً وتنذر بخطر زجّ اللبنانيين في فوهة النار الإسرائيلية، لا سيما مع تكرار عمليات نصب منصات صاروخية وإطلاقها من الأراضي الجنوبية واستدراج ردود مدفعية على القرى اللبنانية، كما حصل أمس في خراج بلدة صديقين حيث قصف الجيش الإسرائيلي المنطقة بـ17 قذيفة، قبل أن يعثر الجيش اللبناني على 4 منصات فارغة وصاروخ خامس كان مُعداً للإطلاق.

 

وبمعزل عن الأهداف الكامنة وراء محاولات تسخين جبهة الجنوب، سواءً كانت تقتصر على “الرسائل” التضامنية مع غزة، أو أنها ستتعداها إلى “مغامرات” أبعد مدى لتبلغ مدار المفاوضات “النووية”، يبقى أنّ الثابت الأكيد بنظر الغرب والعرب أنّ لبنان الرسمي في ظل سطوة العهد العوني بات رهينة أجندة عابرة للحدود تعمل على طمس هويته وكيانه وانتزاعه من بني جلدته العربية لصالح إلحاقه بأجندة محور الممانعة، كما سبق وفاخر القيادي العوني بيار رفول، وصولاً إلى استماتة وزير الخارجية العوني شربل وهبه في الدفاع عن طهران والهجوم على الدول العربية وشعوبها، بأسلوب وقح فجّ لم يتحمّل فجاجته رعاته العونيون فقدّموه “كبش محرقة” على مذبح “الخارجية”، بينما سارعت الأغلبية الساحقة من اللبنانيين، في الداخل والمهجر، إلى التبرؤ من النزعة العدائية للعرب، على وقع تقاطر القوى والشخصيات السياسية والدينية بالأمس إلى مقرّ السفارة السعودية تأكيداً على تموضع لبنان تحت “خيمة” العرب وفي كنف بيئته العربية الحاضنة.

 

وعلى الأثر، توالت التصريحات السعودية الرسمية المعبّرة عن امتنان المملكة للتضامن اللبناني في أعقاب كلام وهبه “العنصري الذي لا يعبّر عن الشعب اللبناني” حسبما نوّه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بالتوازي مع طمأنة السفير السعودي وليد بخاري إلى عدم التعرض لأي مقيم لبناني على الأراضي السعودية وأنّ ما يشاع في هذا المجال ليس سوى “أكاذيب وتضليل”، مشدداً على أنّ ما هو “أهمّ” من اعتذار وهبه وتنحيته من مهامه في وزارة الخارجية هو إجراء “مراجعة حقيقية للسياسات الخارجية اللبنانية”.

 

ومن “البلبلة” الديبلوماسية إلى “البلبلة” النيابية، تتجه الأنظار غداً إلى قصر الأونيسكو لترقب وقائع الجلسة العامة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعداً لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، التي صاغها على شكل “مضبطة اتهام” بحق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لحضّ المجلس على نزع التكليف عنه عنوةً عن نصّ الدستور. وبينما ترددت معلومات عن عزم الحريري حضور الجلسة شخصياً للرد على رسالة عون، جاء الردّ المبدئي أمس على لسان رؤساء الحكومات السابقين بالتصويب على اعتماد رئيس الجمهورية في رسالته سياسة “تحوير الحقائق” و”الإطاحة بأحكام الدستور” والتعمية على تحمله شخصياً مسؤولية مباشرة عن وضع عراقيل متعددة في طريق الرئيس المكلف حالت دون تأليف الحكومة، ومنها محاولته “فرض الثلث المعطل وأعرافاً جديدة أخرى متعارضة مع أحكام الدستور ولا يقرها نظامنا الديموقراطي البرلماني”، واستغربوا إعطاء عون نفسه “دور الوصي على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته، سواءً لجهة إلزامه بمعايير يحددها له في تشكيل الحكومة أو وضع قيود أو شكليات يجب اتباعها بما يجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية، وبما ينزع عن رئيس الحكومة دوره الدستوري المسؤول عن عملية التشكيل”.

 

وتحضيراً لانعقاد جلسة الجمعة، كشفت مصادر نيابية لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس المجلس يعمل على “تطويق ومحاصرة مفاعيل الشرخ الميثاقي في مضامين رسالة عون”، موضحةً أنه حصر الدعوة إلى عقد جلسة الغد بـ”تلاوة” الرسالة، وفي حال تلقى ضمانات باقتصار الكلمات الجوابية على رسالة عون بعدد محدد من ممثلي الكتل، يمكن عندها إعطاء المجال لمناقشتها في الجلسة نفسها، وإلا فإنه سيعمد إلى رفع الجلسة فور الانتهاء من تلاوة الرسالة على أن يحدد موعداً جديداً لمناقشتها بعد عطلة نهاية الأسبوع.

 

واليوم، يطلّ رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إعلامياً للتشديد على أهمية “التسوية” باعتبار أنه “لا مفر ولا بديل عنها لتشكيل الحكومة”، كما نقلت مصادر اشتراكية لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ “العنوان الأساس والهمّ الأساس” لجنبلاط في هذه المرحلة يتمحور حول “الوضع الاجتماعي والمعيشي الضاغط في ظل تسارع وتيرة الانهيار والتهريب، ولا بد بالتالي من الوصول إلى تسوية حكومية تتيح الشروع في البدء بالمعالجات اللازمة اجتماعياً واقتصادياً، لأنّ الناس “ما بقى تحمل” والحكومة هي المفتاح الوحيد لباب المساعدات الخارجية للبنان”.

 

وإذ لا يستثني جنبلاط أيا من طرفي التأليف في تحمّل مسؤولية إفشال التسوية التي سبق أن طرحها في محاولة لإحداث التقارب الحكومي بين عون والحريري، تؤكد المصادر أن جنبلاط ينطلق في قناعاته التسووية من وجوب تقطيع المرحلة بأقل أضرار ممكنة بعيداً من المهاترات والمزيد من محاولات “صب الزيت على النار”، خصوصاً أن قوى الخارج بدأت تتقارب وتجلس مع بعضها البعض “ونحنا شو بعدنا ناطرين”؟.

 

*************************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

تضامن واسع مع المملكة.. ومحاولات لسحب صاعق التفجير السياسي

امام هذا الكمّ الهائل من السقطات المفجعة والخطايا المتتالية التي يقترفها أهل السلطة، لم يعد امام لبنان واللبنانيين سوى التضرّع والصلاة لتهطل عليهم السماء بمعجزة تأتي إليهم بالخلاص والتحرّر من قبضة هذه الفئة من المتحكّمين التي لم تألفها من قبل حتى اكثر الدول ديكتاتورية وقهراً وتخلّفاً.

هذه السقطات والخطايا المتمادية ألقت بلبنان في الوحل، وها هو اليوم يقبع على مثلث بارود متفجّر، ينذر اشتعاله بمخاطر هي الأشد عليه، تحقق ما سبق ان حذّر منه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، حينما قال في بداية الأزمة ما حرفيّته «ان يصل لبنان مع تفاقم أزمته، الى وضع لا يفقد فيه صفته كدولة فحسب، بل كوطن».

على انّ ما هو اخطر من كل ذلك، هي الصواريخ المجهولة والمريبة والمشبوهة، التي دأب على اطلاقها من يُسمّون بالأشباح العابثة بالأمن، من خلال سعيهم الى ان تُمدّد النار المشتعلة في فلسطين المحتلة الى لبنان عبر اطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية في اتجاه المستوطنات الاسرائيلية، وآخرها امس، حيث أحدث ذلك حالة من التوتر على الحدود الجنوبية، وهو الامر الذي يرسم اكثر من علامة استفهام حول معنى هذا الاستهداف، وحول الجهات التي تقف خلفه ومراميها، خصوصاً وانّ هذه الجهات المجهولة الهوية لا تجرؤ ان تعلن عن نفسها.

 

المثلث المتفجّر

في الضلع الاول لهذا المثلث المتفجّر، أزمة اقتصادية ومالية حارقة، واختناق معيشي واجتماعي تذكّي ناره مجموعة من الفاشلين، تجاهلوا نكبة البلد ولطّخوه بأوساخهم وموبقاتهم وضيّعوه في مجاهلهم السياسية والشخصية، واثبتت التجربة المريرة مع نهجهم التخريبي، ان ليس من بينهم من هو أهل للتربّع على عرش المسؤولية والقرار، وليس منهم من يفلت من العقاب والحساب والسجن.

 

وفي الضلع الثاني، تتبدّى مراهقة سياسية متخلّفة قاصرة في ادارة شؤون الدولة، ولعلّ احد أمثلتها الرديئة يكمن في العبوة التي فجّرها شربل وهبة في علاقات لبنان الخارجية، وأهان فيها الاصدقاء والاشقاء وأصابهم في الصميم، ولا يبدو انّ الجروح العميقة التي سبّبها من النوع الذي يُمحّى بسهولة، ويُدمَل بتقزيم هذه الإهانة الى مجرّد اعتبارها خطأ عفوياً وغير مقصود في التعبير، او زلّة لسان!

 

واما في الضلع الثالث لهذا المثلث، فتتربّع الرسالة الرئاسيّة إلى مجلس النوّاب، غير المسبوقة في مضمونها، الذي «يضع النواب امام مسؤولياتهم حيال تكليف الرئيس سعد الحريري»، بما جعله عبوة سياسية موقوتة توحي الأجواء المحيطة بها انّها ستنفجر حتماً في الجلسة النيابية العامة التي حدّدها رئيس المجلس النيابي نبيه بري غداً الجمعة، لتبليغ الرسالة الرئاسية الى النواب واجراء المقتضى حولها. ويحوّلها الى ما يشبه جلسة تصفية حساب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.

 

مجموعة الدعم

الى ذلك، في ملف الأزمة، لم يطرأ جديد يبشّر بانفراج فيها، خصوصاً في ظل قرار اهل السلطة الاستمرار في ركنها على رصيف التجاهل، وعدم مقاربتها بما تستلزم من خطوات تخفّف من وطأتها وعبئها على المواطن اللبناني. يتوازى ذلك مع الإمعان في تعطيل تشكيل حكومة دون اي اكتراث بما تسبّب به هذا التعطيل من انهيارات على كل المستويات وتحلّل على مستوى الدولة ومؤسساتها.

 

وقد برز في هذا السياق، بيان مجموعة الدعم الدولية امس، الذي لحظت فيه تزايد معاناة الشعب اللبناني، وهي إذ اكّدت «موقفها الموحّد في دعمها الثابت والمستمر للبنان ولشعبه»، اعربت عن «الأسى إزاء استمرار الجمود السياسي في عملية تشكيل الحكومة»، ودعت القادة اللبنانيين الى «تنحية خلافاتهم جانباً من اجل المصلحة الوطنية، والّا يتأخّروا في تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، قادرة على تلبية الاحتياجات الملحّة للبلاد، وعلى تنفيذ الاصلاحات الجوهرية التي طال انتظارها»، وشدّدت على انّ «مسؤولية تفادي ازمة تقع على عاتق القادة اللبنانيين».

 

كذلك دعت مجموعة الدعم الى «اجراء الانتخابات في مواعيدها، حفاظاً على ديموقراطية لبنان في سياق ازمته المستمرة. وحثت جميع السلطات اللبنانية المعنية على البدء بالاعمال التحضيرية في الوقت المناسب، وفقاً للجدول الزمني المحدّد للانتخابات. كما حثت على اتخاذ كل الخطوات اللازمة لتخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأي تغييرات تطرأ على برنامج الدعم الوطني».

 

تضامن مع المملكة

على صعيد آخر، ظلّت تداعيات الإهانة التي وجّهها وزير تصريف الاعمال شربل وهبة الى السعودية وسائر دول الخليج متصدّرة المشهد الداخلي، حيث تنحّى وهبة نهائياً، وأُسندت وزارة الخارجية وكالة الى الوزيرة زينة عكر، فيما تحوّلت دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري مقصداً للمتضامنين مع المملكة، والمندّدين بما ذهب اليه وهبة، والرافضين للإساءة اليها والى أي من الدول الشقيقة للبنان، مع تأكيد الحرص على افضل علاقات الصداقة والاخوة مع دول الخليج التي لطالما وقفت الى جانب لبنان.

 

وفي هذا الاطار، قال السفير السعودي: «يجب ان يطمئن الجميع، فكل ما يُحكى عن سعي المملكة الى ترحيل اللبنانيين عن اراضيها لا اساس له من الصحة».

 

وأشار إلى أنّه «في خضم حرب الخليج لم ترحّل بلاده احداً عن اراضيها، لأنّ المملكة بُنيت على اسس انسانية. وإنّ ما أكسب المملكة احترام المجتمع الدولي، انّ لديها لغة وخطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر». وقال انّ «اخلاقيات المملكة لا تسمح بالتعرّض لأي مقيم على ارضها، فكيف اذا كانوا من اخواننا اللبنانيين».

 

ولفت الى انّ «العلاقات بين لبنان والمملكة علاقات بين شعبين وعلاقة وجدانية تربطها روابط العروبة والدم والاخوة والاسلام وعلاقات النسب، وما يُشاع في الاعلام من اكاذيب وتضليل لا يعكس سياسات المملكة».

 

واشار الى «انّ المملكة تعتبر انّ التصاريح التي صدرت عن وزير الخارجية لا تعبّر عن موقف الشعب اللبناني، واليوم ما حصل من تضامن في السفارة اكبر دليل على ذلك».

 

وكشف السفير البخاري انّه تلقّى مكالمة هاتفية بالأمس من الوزير وهبة، أعرب فيها عن اعتذاره الشديد، وقدّم كل عبارات التقدير لدول مجلس التعاون الخليجي.

 

ووجّه البخاري الشكر «من المملكة للكتل النيابية والشخصيات والأحزاب والوفود التي تضامنت مع السعودية، لأنّها تعكس وجه لبنان الحقيقي».

 

بن فرحان

هذا وأكّد وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، أنّ تصريحات وزير خارجية لبنان «أقل ما يُقال عنها إنّها غير ديبلوماسية، وهي لا تعبّر عن الشعب اللبناني». مؤكّداً في الوقت عينه أنّ «هيمنة حزب الله على القرار السياسي تعطّل أي إصلاح حقيقي».

 

ابو الغيط

واعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أسفه البالغ إزاء ما صدر عن وزير خارجية لبنان وحمل تجاوزاً في حق دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، واصفاً تلك التصريحات «بالبعيدة عن اللياقة الديبلوماسية».

 

ونقل مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة عن ابو الغيط، اعتباره أنّ «لغة الحوار المستخدم من جانب كبار مسؤولي الدول العربية، يتعيّن أن تعكس دائماً مشاعر الأخوة والاحترام المتبادل بين الشعوب العربية، وأن تتجنّب ما يهيّج الخواطر أو يثير البغضاء ويذكّي الفتن». وأعرب المصدر عن «الأسف الشديد لأن تأتي هذه التصريحات في توقيت دقيق للغاية يمرّ فيه لبنان، وفي وقت يحتاج فيه الى كل الدعم من أصدقائه وأشقائه، والتي أسهمت في توتير العلاقة اللبنانية- الخليجية بدلاً من تصحيح مسارها بالشكل المطلوب».

 

الرسالة المتفجّرة

من جهة ثانية، وفي الجانب المتعلق بالرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب، والتي يلقي فيها مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الرئيس المكلّف سعد الحريري، ويدعو النواب الى تحمّل مسؤولياتهم، فقد سلكت هذه الرسالة مسارها الطبيعي، وحدّد رئيس المجلس جلسة لتلاوة الرسالة غداً الجمعة في قصر الاونيسكو.

 

على انّ الثابت في المشهد المرتبط بهذه الرسالة، انّها اربكت الداخل حولها باعتبارها سابقة من نوعها، وراكمت كمّاً هائلاً من علامات الاستفهام والاستهجان حول القصد منها، وخصوصاً انّ مجلس النواب، وان استجاب لها من حيث الشكل وأجرى المقتضى الفوري حيالها بتحديد موعد لجلسة لتلاوتها، فهو لا يملك أن يستجيب لها، ولا أن يماشي الرغبات الشخصية التي صاغتها بمضمون يقفز فوق الدستور والصلاحيات. فما تقرّر في الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، قد تقرّر وانتهى الامر، ولا صلاحية للمجلس ولا لغيره في ان يبدّل او يعدّل في هذا القرار.

 

الوقوع في المحظور

على انّ السؤال الكبير دار حول إصرار رئيس الجمهورية على توجيه هذه الرسالة الى مجلس النواب، برغم انه تلقّى في الايام الاخيرة نصائح مباشرة بالعدول عن هذا الامر المحرج للرئاسة قبل اي طرف آخر، وثمة كلام مباشر ابلغ الى الرئاسة مفاده انه من الضروري صرف النظر عن مثل هذه الرسالة، اذ لا طائل من توجيهها على الاطلاق، فضلاً عن انها قد تشعل فتيلاً لاشتباك سياسي يُربك الداخل اكثر مما هو مربَك، وقد تفتح الوضع على منزلقات خطيرة سياسية ومذهبية خصوصاً ان الرسالة تتناول ما تسمّى «المحرمات» المرتبطة بصلاحيات احدى الطوائف الاساسية في لبنان، فهذا الامر يعدّ محاولة فرض اعراف جديدة تتجاوز الدستور وتستفزّ العصب السني، وقد تفتح باباً يصبح من الصعب إغلاقه.

 

وبحسب مصادر سياسية موثوقة فإنّ رئيس المجلس نبيه بري كان في مقدمة الناصحين، وجرى حديث مطوّل بينه وبين رئيس الجمهورية حول تلك الرسالة قبل إرسالها، الا انّ رأي «مستشاري القصر» كان الغالب في النهاية ووجهت الرسالة، وأوقعت معها رئيس الجمهورية في المحظور… وبالتالي تعاطى الرئيس بري مع الرسالة على قاعدة أن رئيس الجمهورية مارس حقه الدستوري في توجيه رسالة الى مجلس النواب، ولمجلس النواب حقه في ان يمارس دوره الدستوري والقانوني في اجراء المقتضى حيالها، ومن هنا جاء تعيينه لجلسة يوم الجمعة».

 

مصير الرسالة

وعشية الجلسة، شرحت مصادر مجلسية الرسالة الرئاسية، وسجلت عليها الملاحظات التالية:

– اولاً، من حيث الشكل، هي رسالة تندرج في سياق حق رئيس الجمهورية الدستوري في مراسلة مجلس النواب

– ثانيا، من حيث المضمون، لا تنسجم مع الدستور، ولا مع ما انتهت اليه الاستشارات النيابية الملزمة التي كُلّف الرئيس سعد الحريري بناء عليها.

– ثالثا، مجلس النواب وحتى ولو كان مُجمعاً على تبني مضمون رسالة عون، لا يملك صلاحية ان يبدل في واقع التكليف شيئاً، ولا ان يعلن سحب التكليف من الرئيس المكلف. وحتى ولو انه فعل ذلك وبإجماع اصوات النواب فلا قيمة قانونية او دستورية لذلك. فلا قيود على الرئيس المكلّف، ومصير التكليف يحدده فقط الرئيس المكلف سواء بالتمسك به طالما انه ليس مقيّدا بسقف زمني، او التخلي عنه ساعة يشاء هو بالاعتذار. ومن دون ذلك لا يستقيم ابداً.

– رابعا، اذا كان القصد منها دعوة النواب الى سحب التكليف من الحريري، فهذه هرطقة قانونية ودستورية، من شأنها ان تفتح الباب في المقابل على هرطقة مماثلة بأن تعمد جهات سياسية الى مطالبة النواب الذين انتخبوا رئيس الجمهورية بسحب اصواتهم وانتزاع الرئاسة منه. وبالتالي، لا يستطيع رئيس الجمهورية ان يكرّس سابقة من هذا النوع لم يسبقه اليها اي من رؤساء الجمهورية السابقين.

 

فاول رئاسي

امّا في السياسة، فإنّ التقييم السياسي للرسالة الرئاسية يتقاطع عند الملاحظات التالية:

– اولا، انّ الرسالة جاءت بمثابة «فاول» رئاسي كبير يعكس جهلاً مُدقعاً لدى مستشاري القصر بالدستور والقانون وصلاحيات الرئاسات.

– ثانيا، ان هذه الرسالة لا تعدو كونها محاولة واضحة من رئيس الجمهورية للنأي بنفسه عن تعطيل تأليف الحكومة، وتحميل الرئيس المكلف وحده مسؤولية التعطيل، فيما كل الوقائع المرتبطة بعملية التأليف منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة تظهر بشكل لا يقبل أدنى شك الادوار التعطيلية لكل طرف وتعليق الحكومة على حبل من الشروط التعجيزية ليس اقلها المطالبة بالثلث المعطل وبوازارات معينة.

– ثالثا، ان هذه الرسالة جاءت على طبق من ذهب للرئيس المكلف، اذ ان عدم استجابة المجلس النيابي لها، وهذا امر اكيد، يأتي بمثابة ثقة متجددة بالحريري وتجديداً لتكليفه. بما يعد كسرة معنوية كبيرة لرئيس الجمهورية.

– رابعا، ان الواضح من الاصرار على الرسالة وارسالها الى مجلس النواب، هو الاعلان بصورة مباشرة من قبل رئيس الجمهورية عن رفضه التعايش الحكومي نهائياً مع الرئيس الحريري. وثمة من قرأ في هذا الاصرار محاولة رئاسية لفتح اشتباك سياسي عنيف مع الرئيس المكلف وفريقه السياسي.

 

نشر الغسيل

كل هذه الاجواء تسبق جلسة الجمعة، فيما انصبّت الجهود في الساعات الماضية على محاولة احتواء تلك الجلسة ومنع انزلاق النقاش فيها الى حد يهدد الاستقرار الداخلي. والرئيس نبيه بري يشد في اتجاه التبريد وعدم جعل المجلس منبراً للقصف السياسي العنيف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، خصوصاً ان الاجواء المحيطة برئيس الجمهورية وبالرئيس المكلف تَشي باستنفار سياسي من قبل الطرفين واستعدادات للمواجهة المحتملة يوم الجمعة، والتي إن سارت في هذا الاتجاه فستكون جلسة فضائح ونشر غسيل وسخ فوق كل السطوح السياسية، ولن تبقى ارتداداتها محصورة داخل الجلسة بل قد تشمل الشارع مع ما يترتّب على ذلك من احتمالات وتطورات غير محسوبة.

 

إحتمالات

وتحدثت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات التي تكثفت أمس عن 3 احتمالات:

– الأول، ان يترك رئيس المجلس الامور في الجلسة تأخذ مداها، وليَقل كل طرف ما يريده بحق الآخر على قاعدة «بطيخ يكسّر بعضو». لكن هذا الامر لا يحل المشكلة اذ نكون في مشكلة معقدة فنصبح في مشكلة اكثر تعقيداً ومفتوحة على سلبيات خطيرة سياسية وطائفية.

– الثاني، ان يكتفي رئيس مجلس النواب بإطلاع المجلس على مضمون الرسالة، وان يفتح النقاش لعدد محدود جدا من نواب الطرفين، ولا شيء يمنعه من ذلك. مع محاولة احتواء اي تفلت بالكلام وهذا امر صعب، اذ ان كلمة واحدة قد تشعل الاجواء والنفوس المحتقنة.

– الثالث، ان تُتلى رسالة رئيس الجمهورية، ويرجّح الا تتلى لأنها اعلنت عبر وسائل الاعلام، على ان يصار بعدها الى تمرير توصية سريعة تفيد بأن المجلس النيابي أخذ علماً بالرسالة الرئاسية، وتدعو المعنيين بملف التأليف الى التفاهم على تشكيل الحكومة وفق ما هو منصوص عليه في الدستور. وبهذه التوصية يؤكد المجلس انه لا يستطيع ان يتجاوز النص الدستوري الذي يرعى التكليف وآلية تسمية رئيس الحكومة.

 

كل ذلك يؤكد في رأي المصادر المذكورة ان الرسالة الرئاسية لا تحقق المرتجى منها، وكان في الامكان الاستغناء عنها.

 

بري والدستور

الى ذلك، اكدت مصادر نيابية بارزة لـ»الجمهورية» ان الاتصالات نشطت أمس لتجنيب مجلس النواب اي انقسام داخلي حول مسألة لا دور لمجلس النواب فيها.

 

وقالت المصادر: انّ الرئيس بري يحرص على عدم نقل الازمة السياسية وتعثر تشكيل الحكومة الى مجلس النواب، لأن الدستور واضح وضوح الشمس في هذا الشأن فهو لن يسجل في ولايته اي تدبير او اجراء يخالف مواد الدستور، ولا سيما في خص المادتين ٥٣ و٦٤ منه، الاولى المتعلقة بالاستشارات وصلاحيات رئيس الجمهورية بتكليف رئيس الحكومة، والثانية المتعلقة بصلاحيات الرئيس المكلف تشكيل الحكومة من دون تحديد مهلة زمنية. وطالما الدستور لم يحدد فالمجلس لا صلاحية له بهذا التحديد او بسحب التكليف، والا فليعدّلوا الدستور وهذا الامر غير مطروح حالياً على الاطلاق ولا مصلحة لأحد بالدخول فيه. وبالتالي، فإنّ التوجه حاليا هو لإصدار توصية تعمل على حل توافقي متوازن لا يمس بمبدأ التكليف ويحث على الاسراع بتشكيل الحكومة بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.

 

امّا عن مسار الجلسة فأكدت المصادر ان المجلس النيابي هو ملعب الرئيس بري الذي احترف الحفاظ على التوازنات فيه، وبالتأكيد سيجنّبه اي شرخ يمكن ان تمتد تداعياته الى البلد برمته في هذا الظرف الدقيق، والمخرج سيوازي ما بين احترام الطائف والدستور والحَث على إيجاد حل وعدم فتح البلاد على زوبعة جدل لتفسير الدستور والصلاحيات ستزيد الطين بلة وتضيف الى الازمات المتراكمة ازمة دستورية جديدة.

 

رؤساء الحكومات

الى ذلك، اعتبر الرؤساء السابقون للحكومات: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام ان رسالة رئيس الجمهورية مليئة بالمغالطات واكدوا وقوفهم الى جالنب الرئيس المكلف، واتهموا رئيس الجمهورية بالعرقلة، واستغربوا ان يعطي رئيس الجمهورية نفسه دور الوصي على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته وجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية».

 

واعتبر الرؤساء انّ ما احتوته الرسالة يشكل انقلابا حقيقيا على الدستور، ويطيح مبدأ الفصل بين السلطات والأسس التي يقوم عليها النظام الديموقراطي البرلماني… وأعلنوا: «إننا نقدّر لرئيس الجمهورية حرصه على المصلحة العامة وغيرته على منفعة الشعب، تبريراً للرسالة التي وجهها الى مجلس النواب. وكان يمكن أن يكون تقديرنا أكبر بكثير لو سهَّل تشكيل الحكومة، ولو أراد فعلاً التخفيف من معاناة الشعب وعدم إقحام مجلس النواب والكتل والأحزاب السياسية في النقاشات التي تزيد النار اشتعالا، ولكان من الأسهل سلوك المسلك الدستوري الآمن، وارتضى بالاحتكام الى مجلس النواب بدل توريط البلاد كلها في لحظة مفصلية خطيرة، في جدل سياسي ودستوري بل وطائفي، يمكن أن يطيح ما تبقّى من قواعد العيش المشترك في الوطن اللبناني، وذلك بالعمل على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة وفقاً للصيغة التي قدمها اليه رئيس الحكومة المكلف، ويرسلها إلى مجلس النواب المُناط به إعطاء الحكومة الثقة أو حجبها عنها، وهكذا يكون رئيس الجمهورية قد حوّل جهنم إلى برد وسلام على الشعب اللبناني».

 

حَظر 3 جمعيات

من جهة ثانية، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، امس الاربعاء، أنها حَظرت 3 جمعيات متهمة بالتبرع لـ»حزب الله»، هي: (دويتشه ليبنانيش فاميليا) و(مينشين فور مينشين) إضافة إلى (جيب فريدين) التي حُظرت بالفعل في 15 نيسان.

 

وقال متحدث باسم الوزارة على «تويتر»: إنّ الشرطة نفّذت مداهمات في الصباح الباكر لعدة مواقع في 7 ولايات.

 

وأضاف المتحدث: «أولئك الذين يدعمون الإرهاب لن يكونوا آمنين في ألمانيا. بغضّ النظر عن الصورة التي يكون عليها أولئك الداعمون فإنهم لن يجدوا لهم مأوى في بلادنا».

 

واتهمت السلطات الالمانية هذه الجمعيات بجمع تبرعات «لأسَر شهداء» حزب الله في لبنان، تحت ستار أغراض دينية وإنسانية في ألمانيا بما يؤول في نهاية المطاف إلى شن هجمات على إسرائيل.

 

 

*************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

لبنان: «التصريحات المسيئة» تفرض تعديلاً حكومياً

فرضت أزمة التصريحات المسيئة التي أطلقها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة بحق دول الخليج، تعديلاً في حكومة لبنان المستقيلة، بعد أن اضطر وهبة إلى الاستقالة، وتم تكليف وزيرة الدفاع زينة عكر تصريف أعمال وزارة الخارجية.

 

وسلّم وهبة صباح أمس رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كتاباً يطلب إعفاءه من مسؤولياته الوزارية، مؤكداً أنّه أقدم على هذه الخطوة «في ضوء التطورات الأخيرة والملابسات التي رافقت الحديث الذي أدلى به إلى إحدى المحطات التلفزيونية، وحرصاً منه على عدم استغلال ما صدر للإساءة إلى لبنان واللبنانيين».

 

وكان وهبة اتهم في مقابلة تلفزيونية دول الخليج بتمويل تنظيم «داعش» ليعود بعدها ويصدر بياناً يعتذر فيه عن «العبارات غير المناسبة التي صدرت عنه في معرض الانفعال»، مؤكداً أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى أي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة.

 

وتمنى وهبة بعد لقائه دياب «إقفال هذا الموضوع بالكامل، وأن يصبح من الماضي لتقوم العلاقات اللبنانية مع الدول العربية والدول الصديقة والشقيقة على أساس الاحترام المتبادل».

 

وكان رئيس الجمهورية توافق مع دياب بداية على تسليم الوزارة لوزيرة المهجرين غادة شريم المقربة من «التيار الوطني الحر»، لكنهما اصطدما بتحفظ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أصر على تسليمها لشخصية مقبولة لا تخلق حساسيات.

 

ويأتي إعلان وهبة طلب اعفائه بعد تنديدات واسعة، بالإضافة إلى بيان صادر عن مجلس التعاون الخليجي طالب فيه وهبه «بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق».

 

كما كانت وزارة الخارجية السعودية قد استنكرت بشدة ما تضمنته تصريحات الوزير اللبناني التي وصفتها بأنها تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين.

 

وكانت رئاسة الجمهورية اللبنانية أكّدت، أن ما قاله وهبة (المقرّب من عون) هو رأي شخصي ولا يعكس موقف الدولة اللبنانية، ورئيسها الحريص على رفض ما يسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والسعودية ودول الخليج خصوصاً.

 

من جهة أخرى، تقدم عدد من المحامين اللبنانيين بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية ضد وهبة بجرم مخالفة المسؤوليات الوظيفية، إضافة إلى الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية وتعكر صفو علاقات لبنان مع الدول العربية.

 

 

 

*************************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

خيمة التضامن مع المملكة تثبّت العلاقات المميزة ودور اللبنانيين

رؤساء الحكومات: رسالة عون تطيح بالنظام البرلماني.. وعكر للخارجية بعد إبعاد وهبة

 

مع التصريحات الودية والمسؤولة لسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، من أن بلاده حريصة على اللبنانيين العاملين لديها، وتكذيب ما يُحكى عن السعي لترحيلهم، امام الوفود الروحية والسياسية والنيابية والاقتصادية والشعبية التي زارته في دارته في اليرزة، معربة عن الدعم والتنصل من الإساءات المشينة التي تضمنتها تصريحات وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المعفي من مهامه، بمرسوم، والذي أُبعد نهائياً عن الوزارة، وحلت مكانه وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر.

تزامن ذلك، مع تأكيد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، من ان بلاده حريصة على «مستقبل لبنان، لكن عليه ان يجد السبيل لإنقاذ نفسه».

وأكد الأمير بن فرحان ان «هيمنة حزب الله على القرار السياسي تعطل أي إصلاح حقيقي، وتمنع تحقيق مستقبل واعد لهذا البلد».

وحول تصريحات وهبة، قال فرحان: تصريحاته عنصرية، ولا تعبّر عن الشعب اللبناني، وأقل ما يقال فيها انها غير دبلوماسية.

وفي السياق العربي، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أسفه البالغ إزاء ما صدر عن وزير خارجية لبنان، شربل وهبة أول أمس وحمل تجاوزاً في حق دول الخليج، لا سيما السعودية، واصفاً تلك التصريحات بالبعيدة عن اللياقة الدبلوماسية. كما اعتبر أن تلك التصريحات أسهمت في توتير العلاقة اللبنانية الخليجية بدلا من تصحيح مسارها بالشكل المطلوب.

وعلى امل ان تكون نهاية الازمة «الدبلوماسية» التي تسبب بها وهبة، وضعت أوزارها مع تنحية وزير الخارجية شربل وهبه من منصبه بناء لطلبه، وصدور مرسوم تعيين نائبة رئيس حكومة تصريف الاعمال وزيرة الدفاع زينة عكر عدرا وزيرة للخارجية بالوكالة. فيما امت دارة السفير السعودي وليد البخاري ودار السفارة عشرات الشخصيات الوزارية والنيابية والسياسية مستنكرة مواقف وهبه المسيئة للمملكة ولدول الخليج.

وعلمت «اللواء» انه تم امس تعديل مرسوم تعيين الوزراء بالوكالة حيث كان حسب المرسوم القديم يفترض ان يكون الوزير دميانوس قطار وزيرا للخارجية بالوكالة وعكر وزيرة داخلية بالوكالة. لكن قطار استقال من الحكومة قبل تقديم رئيسها استقالتها بعد انفجار المرفأ واعتكف وانقطع عن مزاولة علمه كوزير للبيئة، ومع ذلك تم تعيينه بموجب المرسوم الجديد امس الذي حمل رقم 7770 وزيرا للداخلية بالوكالة. وحسب المعلومات فقد وافق الرئيس حسان دياب على تعديل المرسوم بتكيلف الوزير عدرا، مع ان بعض المعلومات اشارت الى رفضها المنصب وان النائب جبران باسيل اقترح تعيين وزيرة المهجرين غادة شريم، لكن تردد ان الرئيس نبيه بري رفض، الى ان تمت موافقة الوزيرة عكر.

وكان الوزير وهبه قد زار امس الرئيس عون وسلمه كتاباً بطلب اعفائه من مسؤولياته الوزارية. وقال وهبة: طلبت إعفائي من مهامي ومسؤولياتي كوزير خارجية في حكومة تصريف الأعمال، كما زار رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وقال من السرايا: بعد أن التقيت الرئيس عون أبلغته عدم الاستمرار بمهامي وخطوتي من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين، أتمنى إقفال هذا الموضوع بالكامل لتقوم العلاقات مع الدول العربية والشقيقة مبنية على الاحترام. واتمنى التوفيق لمن سيتولّى وزارة الخارجية في المستقبل لخدمة هذا البلد.

ومع هذه النتيجة تحوّلت دارة السفير السعودي وليد بخاري محجة لوفود وشخصيات اتت متضامنة ومدينة كلام وهبة. ففي خيمة تؤكد افتخاره بأصول الشعب السعودي «البدوية»، استقبل بخاري في حديقة دارته في اليرزة زواره. كلماتٌ قليلة تفوّه بها الدبلوماسي السعودي، فقال في دردشة مع الصحافيين «ما أكسب احترام المملكة للخصوم والحلفاء في المجتمع الدولي أن لديها خطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر». وفي موقف يدل الى فصل المملكة بين لبنان الشعب ولبنان الرسمي، طمأن بخاري الى ان «ما يحكى عن سعي المملكة لترحيل اللبنانيين لا أساس له من الصحة».

وأول الوافدين الى اليرزة كان مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان الذي أكد «أننا قمنا بزيارة الأخ العزيز سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري تعبيراً عن تضامننا مع المملكة وسائر الدول الخليجية التي ما تخلت أبداً عن لبنان وما صدر أخيراً من كلام فيه إساءة لا يشكل إساءة لدول شقيقة فقط بل إساءة لنا كلبنانيين أيضاً».

واعتبر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، بعد لقائه بخاري، أن «ما صدر بحق المملكة كلام مدان والمملكة صمام امان لكل الدول العربية ومن بينها لبنان»، لافتاً إلى أنني «جئت بصفة شخصيّة ولم أترك التضامن الحكومي». كذلك، استقبل سفير السعودية شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن على رأس وفد من مشايخ الطائفة.

كما زار بخاري النائبان عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي (راجع ص 3-4)

الجلسة النيابية

حكومياً، وبانتظار ما ستنجلي عنه الجلسة النيابية التي دعا إلى عقدها الرئيس نبيه برّي عند الثانية من بعد ظهر غد الجمعة في قصر الأونيسكو، ضمن مهلة الـ3 أيام لتلاوة رسالة الرئيس ميشال عون في ما خص تأخير تأليف الحكومة، ولدعوة المجلس لاتخاذ القرار الذي يراه مناسباً، أعربت مصادر سياسية لـ«اللواء» عن ان مرحلة مجهولة المصير تتصل بالملف الحكومي وانعكاسات ذلك على الوضع في لبنان. وأوضحت المصادر أن الصورة قد تتظهر أكثر فأكثر في المجلس النيابي عند تلاوة رسالة رئيس الجمهورية وما إذا كانت هناك رغبة في مناقشتها علما انه يتم استمهال مهلة ٢٤ ساعة قبل المناقشة.

ورأت أنه في كل الأحوال ليس هناك من أي مجال لاحداث أي تغيير لا بل ربما يكون التصعيد سيد الموقف.

وكشفت مصادر نيابية النقاب عن ان الاتصالات والمشاورات التي تسبق جلسة مجلس النواب الجمعة المقبل تتركز على احد احتمالين، اما ان تشمل الجلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون وتتم مناقشتها او تقتصر على تلاوة الرسالة، على ان تحدد جلسة لمناقشتها لاحقا خلال بحر الاسبوع المقبل.

واكدت المصادر ان الاتصالات الجارية حاليا قد خلصت بمجملها الى إعتماد التوجه الثاني وهو ما يعمل على تحقيقه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتباره الخيار الانسب، لتبريد الاجواء السياسية الساخنة مرحليا، على ان تتم مناقشة الرسالة في اجتماع يعقد لاحقا، وخلال هذه المدة تتكثف الاتصالات لتحضير اجواء مؤاتية يتم من خلالها تبريد الاجواء السياسية مسبقا، كي تنعقد الجلسة في اجواء هادئة بمعزل عن الخلافات القائمة حاليا وباقل الاضرار الممكنة.

وكشفت المصادر ان بري يجري اتصالات مع منسقي الكتل النيابية للتفاهم على تخريجة مقبولة لدى المعنيين جميعا، للخروج من هذه الورطة.

ويشارك في الجلسة الرئيس المكلف، المتوقع عودته إلى بيروت في الساعات المقبلة.

وتوقع نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي أن ترفع الجلسة 24 ساعة بعد تلاوة الرسالة، مرجحا ان تكون جلسة المناقشة مطلع الأسبوع المقبل.

وقال الفرزلي: إذا حسنت النوايا وكان الهدف من الرسالة الوصول الى مخرج للجمود الحكومي، فستشكل رسالة الرئيس مخرجا للأزمة، وإلا فإن البلاد أمام أزمة مفتوحة.

رؤساء الحكومات: استغراب من رسالة عون

ولم يخفِ رؤساء الحكومات السابقون: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام استغرابهم الشديد من الرسالة التي وجهها عون إلى برّي.

ولاحظ الرؤساء في بيان صادر عنهم ان الرسالة مليئة بالمغالطات وتحوير للوقائع التي حصلت في تكليف الحريري بمهمة تشكيل الحكومة حتى اللحظة.

فخلافاً للحقيقة تحميل الرئيس المكلف مغبَّة التأخير في تشكيل الحكومة وامتناعه عن القيام بهذه المهمة وفقا للأصول. فالحقيقة التي يعلمها الرأي العام انه فور صدور قرار التكليف بدأ الرئيس الحريري، ووفقاً لأحكام الدستور بإجراء الاستشارات النيابية مع الكتل المختلفة دون استثناء، وعكف على وضع مشروع لتشكيل الحكومة ووضعه بين يدي رئيس الجمهورية دون تأخير. وصرح أكثر من مرة انه على استعداد للحوار مع رئيس الجمهورية بشأن التفاهم معه على هذا الامر. إلاّ أن ما جرى وما قد أصبح معروفاً لدى جميع اللبنانيين، هو خلاف ما قاله الرئيس في رسالته تماماً. إذ إنّ الرئيس المكلّف لم يلق تجاوباً ولا تعاوناً بل وُضعت العراقيل في طريقه والتي حاول رئيس الجمهورية فرضها، ومنها مسألة الثلث المعطل، وأعراف جديدة أخرى متعارضة مع أحكام الدستور.

وأكد البيان أنه يهم رؤساء الحكومة السابقون التوضيح ان البند 10 من المادة 53 من الدستور وإن كان يعطي رئيس الجمهورية الحق بتوجيه رسائل الى مجلس النواب في قضايا وطنية عامة، إلاّ أنه وفيما خصّ موضوع تشكيل الحكومة فإنّ الدستور قد أوضح أحكامه وقواعده بشكل واضح وصريح، وبما ينسجم مع مبادئ النظام البرلماني القائم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات وبما يلزم كل سلطة أن تلتزم حدود صلاحياتها وأن لا تتجاوز حدود هذه الصلاحيات أو تطغى على صلاحية سلطة أخرى.

وأكّد رؤساء الحكومات إنّ رئيس الحكومة المكلف قد راعى القواعد والأصول والتزم بالأعراف الدستورية ولم يخرج عنها، وأبدى كل تجاوب وتعاون ممكن ولكنه كان يواجه في كل مرة بعقبات وبمطالبات تخرج عن الدستور وتجنح إلى إدخال من لا شأن له بمسألة تشكيل الحكومة، لإعطائه دوراً خلافاً لأحكام الدستور.

واستغرب رؤساء الحكومات إعطاء رئيس الجمهورية نفسه دور الوصي على مهمة ودور الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته، سواءً لجهة إلزامه بمعايير يحددها له في تشكيل الحكومة او وضع قيود او شكليات يجب اتباعها بما يجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية، وبما ينزع عن رئيس الحكومة دوره الدستوري المبادر والمسؤول، عن عملية تشكيل الحكومة.

إنّ ما احتوته رسالة رئيس الجمهورية في هذا الشأن يطيح بأحكام الدستور الواضحة والصريحة وبمبدأ الفصل بين السلطات وبالأسس التي يقوم عليها النظام الديمقراطي البرلماني. ويشكل انقلاباً حقيقياً على الدستور، وهي الممارسات عينها التي عطلت تطبيق احكام الدستور، كما عطلت تطبيق احكام الدستور، وتشكيل الحكومة ووضعت البلاد على حافة الانهيار.

وجاء في البيان: كان الاحرى عدم إقحام مجلس النواب والكتل والأحزاب السياسية في النقاشات التي تزيد النار اشتعالاً، ولكان من الأسهل سلوك المسلك الدستوري الآمن، وارتضى بالاحتكام الى مجلس النواب بدل توريط البلاد كلها في لحظة مفصلية خطيرة، في جدل سياسي ودستوري بل وطائفي، يمكن أن يطيح بما تبقى من قواعد العيش المشترك في الوطن اللبناني، وذلك بالعمل على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة وفقاً للصيغة التي قدمها اليه رئيس الحكومة المكلّف، ويرسلها إلى مجلس النواب المناط به إعطاء الحكومة الثقة أو حجبها عنها، وهكذا يكون رئيس الجمهورية قد حوّل جهنم إلى برد وسلام على الشعب اللبناني.

جنبلاط ووهاب

وفي تطور سياسي مفاجئ، استقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، وجرى خلال اللقاء حسب بيان للتقدمي، «استعراض التطورات العامة، والتأكيد على أهمية التواصل تحديداً في هذه المرحلة الصعبة على كل المستويات، التي تتطلّب تضافر الجهود من أجل تحصين المجتمع والحدّ قدر الإمكانات المتاحة من تداعيات الانهيار المعيشي والاقتصادي والاجتماعي، وترسيخ الاستقرار في الجبل كما في كل لبنان.

مجموعة الدعم

دولياً، ازاء الانسداد السياسي، اعربت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان عن أسفها إزاء استمرار الجمود السياسي في عملية تشكيل الحكومة من اجل لبنان، مؤكدة موقفها الموحد في دعمها الثابت والمستمر للبنان ولشعبه. وقالت في بيان «اجتمعت مجموعة الدعم اليوم في بيروت لتقويم الأوضاع في البلاد، آخذة في الاعتبار استمرار التدهور الاقتصادي والاجتماعي والمالي في لبنان منذ انعقاد آخر اجتماع للمجموعة في آذار 2021 والتحديات المتزايدة التي تواجه المؤسسات اللبنانية في معالجة الازمات المتعددة فضلا عن تزايد معاناة الشعب اللبناني، واعربت عن الأسى إزاء استمرار الجمود السياسي في عملية تشكيل الحكومة لا سيما في ظل مرور تسعة أشهر على استقالة الحكومة الأخيرة وأكثر من ستة أشهر على موافقة مجلس النواب على تكليف رئيس لمجلس الوزراء». ودعت المجموعة مجددا، القادة اللبنانيين الى تنحية خلافاتهم جانباً من أجل المصلحة الوطنية وألا يتأخروا أكثر من ذلك في تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تلبية الاحتياجات الملحة للبلاد وعلى تنفيذ الإصلاحات الجوهرية التي طال انتظارها. إن مسؤولية تفادي أزمة أعمق تقع على عاتق القادة اللبنانيين. وشددت على اجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديموقراطية لبنان في سياق أزمته المستمرة، وحثت جميع السلطات اللبنانية المعنية على البدء بالأعمال التحضيرية في الوقت المناسب وفقًا للجدول الزمني المحدد للانتخابات.

غموض حول البطاقة

مالياً، وفي وقت تنفذ فيه نقابة الصيادلة اضراباً احتجاجياً على عدم توفير المصرف المركزي المال لاستيراد الدواء، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان البطاقة التمويلية تواجه مصيراً غامضاً، وإن كانت إمكانية ان تبصر النور في المرحلة المقبلة ليست معدومة.

وعلى صعيد مالي متصل،

قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إنه لم يكن يعلم بالمعلومات الواردة في تقرير وزارة الخزانة الأميركية عن اختراق القطاع المصرفي من قبل جمعية القرض الحسن التابعة لحزب الله.

وأشار سلامة إلى أن الجمعية غير مرخصة من البنك المركزي كمؤسسة مالية.

وجاء في تصريحات سلامة: نتحقق من المعلومات عن اختراق «القرض الحسن» للقطاع المصرفي اللبناني.

وعلى الصعيد المعيشي، وبينما ارتفعت اسعار المحروقات مجددا أمس، التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر على رأس وفد. وقال الأسمر بعد اللقاء: أكدنا على تفاهمات حصلت في كانون الأول حول عدم رفع الدعم إلا مقابل خطة بديلة من حجم بطاقة تمويلية. وأكد لنا رئيس الحكومة أن لا رفع للدعم أو ترشيد إلا بوجود خطة بديلة أي بطاقة تمويلية التي تشمل 750 ألف عائلة لبنانية أو أكثر، إذ أن رفع الدعم بالمطلق سيؤدي إلى كارثة اجتماعية محتمة. فنحن أمام رفع دعم مقنَّع على المواد الغذائية واللحوم والدواء أدى إلى فوضى عارمة في الأسواق وإلى فلتان اقتصادي مريب. وما صدر من تعميم من مصرف لبنان حول طلب فواتير مسبقة للموافقة ساهم في رفع الدعم المقنَّع. أضاف: نحن كاتحاد عمالي عام نكرّر رفضنا لترشيد الدعم من دون وجود البطاقة التمويلية.

توتر جنوبي

تجددت محاولات التوتير عند الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، حيث أُطلقت عصر امس، أربعة صواريخ، من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل. وأفاد مصدر أمني أنّ إطلاق الصواريخ جرى من محيط قرية صديقين في منطقة صور. وانطلقت صفارات الإنذار للتحذير من الصواريخ في شمال إسرائيل، في حين دوّت اصوات الانفجارات في الجليل الأسفل شرقي مدينة حيفا الساحلية.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ اربع قذائف صاروخية أطلقت من لبنان نحو عكا وحيفا يشتبه أنّ معظمها سقط داخل الأراضي اللبنانية.

وأفاد المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، عبر «تويتر»، عن «إطلاق 4 صواريخ من داخل لبنان باتجاه إسرائيل، حيث اعترضت الدفاعات الجوية صاروخاً واحداً، بينما سقط صاروخ آخر في منطقة مفتوحة، واثنين في البحر».

وأضاف: «المدفعية تردّ على أهداف داخل الأراضي اللبنانية».

واعلنت قيادة اليونيفيل» عبر «تويتر»: أن قائد القوات الدولية على اتصال بالأطراف لحضّهم على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في هذا الوقت الحرج.

ولم تتبنَ اي جهة اطلاق الصواريخ فيما اعلنت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية عدم مسؤوليتها.

وتعليقاً على إطلاق الصواريخ من لبنان، قال البنتاغون: واشنطن لا تريد أي تصعيد.

إلى ذلك، كشف ان رسالة رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي إلى لبنان تدعو إلى تحقيق دولي مستقل في انفجار بيروت.

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 489 إصابة جديدة بفايروس كورونا و10 حالات وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 587043 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

 

 

*************************************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

حرب الرسائل تؤجج نار الازمة الحكومية… والحريري يحضر الرد على عون في المجلس – محمد بلوط

احتواء تداعيات تصريح وهبة : التنحي وحسم الخلاف على البديل بتكليف عكر

صواريخ على الجليل والمستوطنون الاسرائيليون الى الملجأ وصفارات انذار في حيفا

 

تسارعت التطورات في الساعات الماضية على غير صعيد، وبدا المشهد اللبناني ملبدا في الداخل على وقع تزايد التوترات السياسية المتعلقة بالخلافات حول الحكومة وتداعيات تصريح الوزير شربل وهبة الاخير الذي اضطر الى التنحي كمخرج لاحتواء ردود الافعال الخارجية والداخلية.

 

اما على الحدود الجنوبية مع الاراضي الفلسطينية المحتلة، فقد بقي التوتر مخيما في ظل استمرار المجازر والعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في كل الاراضي الفلسطينية المحررة والمحتلة، وتداعياته الخطرة على المنطقة ومنها لبنان.

 

ووفقا للمعلومات التي توافرت للديار، فان جلسة مجلس النواب التي دعا الرئيس بري الى انعقادها بعد ظهر الغد لتلاوة رسالة الرئيس عون حول تاخر تشكيل الحكومة مرشحة ان تكون ساخنة وان تشهد سجالات حادة حول الازمة الحكومية وقضايا اخرى.

 

وتؤكد المعلومات التي توافرت للديار ان الرئيس الحريري الذي سيعود الى بيروت، سيقدم في الجلسة، اكان تقرر النقاش الجمعة ام الاثنين، مداخلة مفصلة ردا على رسالة عون التي اعتبرت اوساطه ان مضمونها غير دستوري وحافل بالمغالطات وتحريف الحقائق.

 

وتضيف المعلومات ان الحريري بدأ اعداد مداخلته التي ستكون كرسالة مضادة لرسالة رئيس الجمهورية.

 

اما اوساط بعبدا فتقول ان رسالة رئيس الجمهورية هي حق دستوري واضح وصريح وانه يريد منها ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه التأخير المتعمد لتاليف الحكومة وعجز الرئيس الحريري عن القيام بمهمته او تلكؤه في ذلك.

 

والمعلوم ان عون طلب في رسالته للمجلس مناقشة تاخير الحكومة « واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب بشأنها».

 

وحمل الحريري مسؤولية تاخير تاليف الحكومة، ملاحظا انه « اصبح من الثابت ان الرئيس المكلف عاجز عن تاليف حكومة قادرة على الانقاذ».

 

ورد الحريري بتغريدة مقتضبة وصف فيها الرسالة بانها « امعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الامام، والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الاشقاء في الخليج العربي… وللحديث صلة في البرلمان».

 

من جهة اخرى، كشفت قضية وتداعيات تصريح الوزير وهبة هشاشة الوضع السياسي في البلاد، لا سيما في ضوء مظاهر الاصطفافات التي ظهرت. لكن الجهود المكثفة التي بذلت نجحت في فرملة هذه الاجواء المحمومة بشكل نسبي من خلال تنحي وهبة وتعيين الوزيرة زينة عكر وزيرة للخارجية بالتكليف، وباحتواء ردود الافعال الخليجية والمحلية.

 

توتر على الحدود

 

اما على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، فقد خيم بعد ظهر ومساء امس التوتر اثر اعلان العدو الاسرائيلي عن اطلاق ٤ صواريخ من الحنوب اللبناني نحو شمال فلسطين المحتلة.

 

وذكرت مصادر اعلامية ان الصواريخ اطلقت من منطقة قريبة من قرية صديقين، لكن المصادر الامنية لم تؤكد هذه المعلومات.

 

وسيرت قوات اليونيفيل دوريات في البلدة ومحيطها. واجرى قائدها اتصالات مع الاطراف المعنية للتحاي باقصى درجات صبط النفس في هذا الوقت الحرج.

 

وقال الناطق باسم جيش العدو الاسرائيلي افيخاي ادرعي ان اربعة صواريخ اطلقت من داخل الاراضي اللبنانية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، حيث اعترضت الدفاعات الجوية الاسرائيلية صاروخا واحدا فوق الجليل وسقط آخر في منطقة مفتوحة واثنان في البحر.

 

واضاف ان الجيش الاسرائيلي رد بقصف مدفعي على عدة اهداف داخل الاراضي اللبنانية.

 

وذكرت المعلومات ان قذائف العدو طاولت اراض مفتوحة قرب قريتي شمع والناقورة دون حصول اصابات.

 

كما ذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان صفارات الانذار دوت في حيف وعكا وفي الجليل، وان المستوطنين في المستوطنات القريبة من الحدود الجنوبية هرعوا الى الملاجىء.

 

وذكرت معلومات ان رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو الغى اجتماعا وزاريا مصغرا بعد اطلاق الصواريخ.

 

ومساء اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني انه قرابة الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر استهدفت مدفعية العدو الاسرائيلي منطقة وادي حامول قرب صديقين واحصي سقوط ١٧ قذيفة، ولم يسفر القصف عن وقوع اضرار او اصابات، كما عثرت وحدة من الجيش في المكان عينه على اربع منصات فارغة لاطلاق الصواريخ ومنصة مجهزة بصاروخ كان معدا للاطلاق وتعمل الوحدات المختصة على تفكيكه.

 

جلسة رسالة عون والحريري للرد

 

وعشية الجلسة العامة لمجلس النواب التي دعا الرئيس بري الى انعقادها عند الثانية من بعد ظهر غد الجمعة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية، تكثفت الاتصالات من اجل العبور بالجلسة الى نتائج لا تزيد البلاد توترا وشرخا، مع العلم ان الاجواء السياسية بلغت مؤخرا درجة كبيرة من السخونة ما يؤشر الى ان الوضع سيبقى في دائرة التجاذبات والخلافات التي تحول حتى الآن دون تاليف الحكومة.

 

وقال مصدر نيابي مطلع لـ» الديار» امس انه من المرجح ان يلي تلاوة رسالة رئيس الجمهورية نقاش لا يخلو من الحدة والسخونة حول مضمونها الذي تعتبره اوساط نيابية وسياسية غير دستوري ويتناقض مع مبدأ فصل السلطات ويثير الانقسامات والفتنة.

 

وبرأي هذه الاوساط انه اذا كان من حق رئيس الجمهورية ان يبعث برسالة الى المجلس دستوريا، فان مضمون الرسالة غير دستوري لانه يتجاوز فصل السلطات ويطلب من المجلس امورا ليست من صلاحياته. عدا ان ما تضمنته الرسالة يعتبر مطلبا سياسيا يفتح الباب امام خلق اجواء انقسامية ذات بعد طائفي.

 

ووفقا للمصادر النيابية فان ألرئيس بري، الذي حرص على التعامل مع الرسالة وفق الاصول، سيفتح المجال امام الكتل النيابية كما فعل في جلسة الرسالة السابقة للادلاء بمواقفها قبل ان تتخذ الهيئة العامة الموقف المناسب منها.

 

وعلمت الديار ان الاتصالات ستستمر اليوم، وان الرئيس بري لم يحسم مسألة المباشرة بالمناقشة بعد تلاوة الرسالة مباشرة ام انه سيترك النقاش الى جلسة تعقد يوم الاثنين المقبل.

 

ووفقا للمعلومات، فان سيناريوهات عديدة طرحت نفسها، لكن المرجح ان يحضر الرئيس الحريري وكتلته النيابية الجلسة، وان يدلي بمداخلة مفصلة ردا على رسالة عون بحيث تشكل هذه المداخلة جوابا على طريقة رسالة برسالة.

 

واضافت المعلومات ان الحريري عكف على اعداد الرد المفصل، وان هذا التوجه عززته العبارة التي ختم بها تغريدته المقتضبة ردا على رسالة عون بقوله « وللحديث صلة في البرلمان».

 

وذكرت المعلومات ايضا ان طروحات وتوجهات عديدة طرحت ردا على رسالة عون والموقف من الجلسة لكنها تبددت وصرف النظر عنها، ومنها مقاطعة كتلة المستقبل الجلسة مستتبعة بمقاطعة كتلة اللقاء الديمقراطي. وتردد ايضا انه جرى البحث في اتخاذ كتلة اللقاء التشاوري السنية المحسوبة على ٨ اذار موقفا مماثلا لكنه لقي خلافات داخل الكتلة قبل صرف النظر عن مثل هذا الخيار.

 

والجدير بالذكر ان الرئيس بري حرص على عقد الجلسة والتعامل مع رسالة رئيس الجمهورية وفق الاصول رغم ملاحظاته العديدة على ارساله الى المجلس وعلى مضمونها.

 

وحسب المعلومات ايضا، فان طرحا اخر لم يحظ بالقبول كان يقضي بان تحضر هذه الكتل وتؤكد عدم دستورية الرسالة قبل مغادرة الجلسة.

 

وفي ضوء المداولات، بات مرجحا بل مؤكدا انعقاد الجلسة بنصاب كبير، ومناقشة رسالة عون والرد عليها.

 

واستباقا لاجواء هذه الجلسة، قال مصدر نيابي بارز لـ» الديار» امس انه لا يتوقع ان تؤدي رسالة ألرئيس عون الى اي نتائج ايجابية او الى اي تطور ملموس، لا بل انها ستؤكد واقع التأزم الحاصل في شأن الحكومة، معتبرا ان المشكلة ليست عند المجلس بل عند عون والحريري.

 

واضاف ان رمي هذه الكرة الى ملعب مجلس النواب هو في غير محله، فالمجلس قام بواجبه وسمى الحريري بالاكثرية لتشكيل الحكومة والكرة اليوم عند رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.

 

واضاف المصدر «ان رسالة ألرئيس عون لن تقدم شيئا، لكنها ربما ستزيد الوضع تأزما اذا ما تجاوزت السجالات في الاونسكو ما شهدناه من سجالات سابقة، خصوصا في ظل التوتر الاخير بعد تصريحات الوزير شربل وهبة».

 

مصدر في التيار

 

من جهة اخرى، قال مصدر نيابي في التيار الوطني الحر للديار إن رئيس الجمهورية استخدم حقه الدستوري في رسالته الى المجلس، وانه يريد ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه استمرار تاخير تاليف الحكومة ومخاطره. واضاف ان الهدف من الرسالة ليس تسجيل مواقف على الآخرين او رمي الكرة الى المجلس بقدر ما هو محاولة جادة وصادقة للدفع باتجاه الخروج من هذا الوضع الذي لم يعد مقبولا.

 

واشار الى ان اتصالات جرت وتجري يمكن ان تنتهي الى أجواء قد تساعد على خروج الجلسة بنتائج محفزة على تسريع الحل وحسم الازمة الحكومية، وبالتالي يمكن الذهاب بالجلسة الى الجانب الايجابي بدلا من تتحول الى محطة خلافية.

 

ورأى ان ما قام به الرئيس عون يعبر عن رغبة جادة وصادقة في العمل للخروج من الازمة وانقاذ البلد، فلماذا التعامل معها بسلبية بدلا من التعاطي معها بموضوعية وايجابية لتحقيق الهدف المطلوب وهو حسم خيار تاليف الحكومة؟

 

رؤساء الحكومات السابقة

 

وامس اصدر رؤساء الحكومات السابقة بيانا اعربوا فيه عن استغرابهم من رسالة رئيس الجمهورية، واكدوا ان الرسالة « مليئة بالمغالطات، وفيها تحوير للوقائع التي حصلت في تكليف الرئيس الحريري بمهمة تشكيل الحكومة»، رافضين تحميله مغبة التأخير في التاليف.

 

ورأوا ان الحريري «لم يلق تعاونا، بل وضعت العراقيل في طريقه والتي حاول رئيس الجمهورية فرضها، ومنها مسألة الثلث المعطل واعراف جديدة اخرى متعارضة مع احكام الدستور».

 

تنحي وهبة وعكر البديل

 

على صعيد آخر، تسارعت الجهود والاتصالات لاحتواء تداعيات تصريح الوزير وهبة، وقر الرأي على ان الاعتذار الذي ادلى به غير كاف وأنه يجب ان يتوقف عن مهامه لاحتواء ردود افعال دول الخليج التي لوحت باجراءات بعد استدعاء السفراء اللبنانيين في السعودية والكويت والامارات والبحرين واتخاذ مصر موقفا مماثلا وداعما لهذه الدول.

 

وبنتيجة هذه الجهود والاتصالات اتخذ قرار تنحي وهبة واعفائه من مهمته، وان يترافق ذلك مع تخفيف التوتر وعدم حصول ردود افعال في الشارع بعد ان جرى تسويق هذه الاخبار.

 

وبالفعل قام وهبة كما هو مرسوم بزيارة الرئيس عون والرئيس دياب وقدم لهما كتابا لاعفائه من مهمته. واعلن ان هذا التنحي هو لمصلحة لبنان، متمنيا اقفال الموضوع ليصبح من الماضي.

 

وعلمت الديار انه جرى ليل اول امس البحث في الاسم البديل وجرى نقاش وخلاف حيث لم يوافق الرئيس عون على تعيين الوزير دميانوس قطار المكلف بمرسوم الحكومة ان يكون بديلا الوزير ناصيف حتي الذي كان استقال قبل استقالة الحكومة وعين مكانه وهبة.

 

وذكرت المعلومات ان عون ابدى ميلا لتعيين الوزيرة غادة شريم بحماس من النائب جبران باسيل، لكن هذه الرغبة واجهت معارضة من الرئيس بري واعتراضا من دياب وجهات اخرى.

 

وفي المحصلة، قر الرأي على تعيين الوزيرة زينة عكر وتوقيع الرئيس عون مرسوم تعديل التكليف بعد ساعات قليلة من تنحي وهبة.

 

من جهة اخرى، فتح السفير السعودي وليد بخاري خيمة في حديقة منزله في اليرزة لاستقبال القوى السياسية والوفود التي قصدت الخيمة للتعبير عن تاييدها للمملكة واستنكارها لموقف الوزير وهبة بحق السعودية والخليج.

 

ونفى السفير بخاري في دردشة مع الاعلاميين ما سربته بعض وسائل الاعلام والمواقع الاخبارية عن نية السعودية ترحيل اللبنانيين من المملكة، وقال « ان كل ما يحكى عن سعي السعودية لترحيل اللبنانيين عن اراضيها لا اساس له من الصحة».

 

ولاحقا قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ان تصريحات الوزير وهبة «غير دبلوماسية وعنصرية ولا تعبر عن الشعب اللبناني، ونحن حريصون على مستقبل لبنان لكن عليه ان يجد السبيل لانقاذ نفسه».

 

وسبق ذلك اعلان السفير السعودي بخاري انه تلقى اول امس اتصالا من الوزير وهبة الذي اعتذر عن التصريح الذي ادلى به.

 

*************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

بخاري يكذب الشائعات:لا ترحيل للبنانيين

 

زارت أمس وفود سياسية وروحية ونقابية وحزبية دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري في اليرزة متضامنة ومستنكرة التصريحات الاخيرة للوزير المستقيل شربل وهبه.

 

في خيمة تؤكد افتخاره بأصول الشعب السعودي «البدوية»، استقبل بخاري زواره، وقال في كلمات قليلة في دردشة مع الصحافيين: «ما أكسب احترام المملكة للخصوم والحلفاء في المجتمع الدولي أن لديها خطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر»، وفي موقف يدل على فصل المملكة بين لبنان الشعب ولبنان الرسمي.

 

وطمأن بخاري الى ان»ما يحكى عن سعي المملكة لترحيل اللبنانيين لا أساس له من الصحة».

 

المفتي دريان:أول الوافدين الى اليرزة كان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أكد «أننا قمنا بزيارة الأخ العزيز سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري تعبيراً عن تضامننا مع المملكة وسائر الدول الخليجية التي ما تخلت أبداً عن لبنان وما صدر أخيراً من كلام فيه إساءة لا يشكل إساءة لدول شقيقة فقط بل إساءة لنا كلبنانيين أيضاً».

 

وقال دريان، «ننتظر خلال الساعات المقبلة الإجراءات الحاسمة التي بإمكانها تصحيح ما صدر من إساءات لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى اللبنانيين المسارعة لرأب هذا الصدع ونحن مؤتمنون على الوفاء للسعودية».

 

وأضاف: «ما صدر من إساءة مرفوض ومدان ومستهجن كما نأمل اجتياز هذه الأزمة معولين على حكمة الدول الشقيقة ونؤكد للسفير أننا باقون معاً في مسيرة الإسلام والأخوة».

 

فهمي: واعتبر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، بعد لقائه بخاري، أن «ما صدر بحق المملكة هو كلام مدان (…)». وقال إن «الخيمة تعني ‏القوة والعزة والكرامة ‏والشهامة»، لافتاً إلى أنني «جئت بصفة شخصيّة ولم أترك التضامن الحكومي».

 

نعيم حسن: كذلك، استقبل سفير المملكة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن على رأس وفد من مشايخ الطائفة.

 

واعتبر «ان ما حصل خارج عن عاداتنا وتقاليدنا وآدابنا وانها اعتباطية»، مؤكدا «صلابة العلاقة بين لبنان ودول الخليج والمملكة».

 

جنبلاط: وزار وفد من كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب تيمور جنبلاط الذي قال: «كل التقدير والمحبة الى إخواننا في الخليج العربي».

 

المشنوق: وحضر النائب نهاد المشنوق متضامنا، وقال بعد اللقاء: «إنها زيارة لتأكيد المؤكد، والغيمة السوداء أمس انقشعت اليوم وأظهرت محبة الشعب اللبناني واحترامه وتقديره للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التي كان دورها دائما خيرا وبناء وصادقا وايجابيا تجاه اللبنانيين». أضاف «أتمنى ألا تتكرر هذه الغيمة السوداء ونحن لن نسمح بتكرارها أيا كان الثمن او الضغوط والمتغيرات. هذه دار الخير والصدق والاهتمام بشؤون اللبنانيين والسفير بخاري لديه تجربة تؤكد ما أقول». وتابع: «أتمنى على كل دول مجلس التعاون الخليجي أن تستقبل هذا التعاطف والتأييد اللبناني الشامل وان تتعامل معنا على هذا الاساس باعتبار ان الماضي بيننا كله خير وكذلك ان يكون المستقبل كله دعم وتأييد للشعب اللبناني ولوقف هذا الانهيار بكل المعايير الاخلاقية والسياسية والاقتصادية، لأن وزير الخارجية ذكر أمرا مخجلا بأن الاقتصاد يذهب ويأتي، وهذا يعني فقدان أي مشاعر جدية تجاه الانهيار الذي يعيشه اللبنانيون».

 

واردف «الزيارة اكثر من واجب وقد أبلغت السفير بكل ما سمعته وما وردني من رسائل تأييد للمملكة تعبر عن مشاعر اللبنانيين تجاهها».

 

وطمأن المشنوق إلى أن «لا تطور يتعلق باللبنانيين في المملكة، فهم معززون مكرمون».

 

الجمهورية القوية: واستقبل بخاري وفد من تكتل الجمهورية القوية موفدا من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في زيارة تضامنية. وقال النائب بو عاصي: «في هكذا لحظة يجب ان نضع الامور في نصابها ونحن كنواب نعد الهيئة الرقابية الاولى على العمل الحكومي في لبنان، لذا لن نسمح بهذه الخفة والاستمرار بضرب صورة لبنان اولا وعلاقته العربية والدولية (…)».

 

كتلة المستقبل: والتقى بخاري وفدا من كتلة المستقبل برئاسة النائب بهية الحريري التي وقالت: «زيارتنا اليوم لسعادة السفير السعودي في السفارة هي زيارة وفاء لمملكة الخير ومملكة الوفاء على وقوفها الى جانب لبنان، عبر عقود طويلة وليس من اليوم فقط»، ولفتت الى ان «المملكة ودول الخليج لم يتركوا لبنان ولم يميزوا بين اللبنانيين مطلقا».

 

اضافت: «في الحقيقة ان الاستنكار لا يكفي ونحن جئنا لنحمل سعادة السفير الاعتذار من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وحكومة المملكة والشعب السعودي كله وشعب الخليج على الذي صدر، وهذا لا يمثل رأي اللبنانيين. فاللبنانيون اهل وفاء، وما نمثل نحن ككتلة تيار المستقبل على الارض كلها وعموم اللبنانيين لا يحمل للمملكة الا كل خير، وهذا ليس بجديد. فالمملكة وقفت الى جانب لبنان في محنته في خلال الحرب الاهلية والاجتياحات الإسرائيلية، وفي اعادة الاعمار كانت في المقدمة لحفظ استقرار لبنان وانتظامه، الى فرص العمل التي اتاحتها لكل الشعب اللبناني من دون استثناء ومن دون اي تمييز. انها فعلا لحظة وفاء واعتذار مما حصل، ونحن لا يمكننا ان ننسى اتفاق الطائف الذي اوقف الحرب اللبنانية، ونحن حرصاء عليه ولا يمكننا ان ننسى هذه البادرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله بكل الوسائل لعملية وقف الحرب الأهلية التي كانت واعادة بناء ما تهدم وكانت المملكة في المقدمة».

 

وتابعت «هذه وقفة وفاء واعتذار ونتمنى منكم سعادة السفير ان توصلها الى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ولكل شعب الخليج واعتقد انه حال كل اللبنانيين».

 

وردا على سؤال قالت «في الحقيقة لم تعودنا المملكة على ردات الفعل والمملكة هي اعلى من القضايا الشخصية وتنظر الى لبنان كمكان استقرار وانتظام، ونحن نراهن على حكمة القيمين على مجلس التعاون وفي مقدمها المملكة العربية السعودية».

 

الكعكي: واستقبل سفير المملكة نقيب الصحافة عوني الكعكي على رأس وفد. وقال الكعكي بعد اللقاء: «تشرفنا بزيارة السفير بخاري. إن العلاقة التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية أكبر من سفارة، لأن أهلنا في السعودية يبلغ عددهم نصف مليون لبناني، يساهمون في معيشة اهلهم في لبنان من خلال التحويلات الشهرية». أضاف: «إن الاساءة التي حصلت للمملكة لا يمكن لأي انسان تقبلها خصوصا من قبل اليد التي تمتد بالخير الى لبنان منذ الحرب واتفاق الطائف. وليس هكذا تكافأ المملكة».

 

وختم: «أقل ما يمكن فعله الاعتذار من القيادة والشعب السعودي».

 

زوار: كما زار اليرزة الرئيسان السابقان امين الجميل وميشال سليمان ونواب ووفود عشائرية مناطقية جاءت مستنكرة ومتضامنة.