ما خلفية التعاطي الامني المتروي مع الاحتجاجات؟


ابعد من ثورة الشارع التي اشتعلت مجددا امس، على خلفية الازمة الاقتصادية المعيشية وملامسة سعر صرف الدولار الاميركي عتبة العشرة الاف ليرة، باعتبارها اكثر من طبيعية في ظروف مماثلة، بدا لافتا التعاطي الامني الهادئ والرصين مع الثوار والشعب الغاضب المنتفض جراء بلوغ الحضيض وانعدام القدرة على تأمين لقمة العيش. مظاهر المواجهات غابت عن المشهد على رغم قطع الطرق الرئيسية التي شهدت في حقبات الثورة سابقا جولات عنفية مع العسكر ورجال الامن ما زالت ماثلة في الاذهان، فيما اعيد فتح الطرق بسلاسة. فهل ان التعاطي الامني المسؤول مع الثوار هو نتيجة قرار قيادي حاسم، بعدما بلغت الامور حدها وباتت تهدد كل اللبنانيين، بمن فيهم العسكر الذي يعيش المعاناة نفسها وقد سجلت حالات فرار فردية اخيرا تردد انها على خلفيات اقتصادية، ام ثمة قطبة مخفية في مكان ما؟
اوساط امنية مسؤولة تبدي مخاوف من تدحرج الاوضاع نحو حوادث امنية قد تتخذ تدريجيا الطابع الطائفي من خلال ربطها بمواقف بكركي وبمبادرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي دعا اللبنانيين الى عدم السكوت عن ممارسات المنظومة الحاكمة، بهدف تشويهها وتجويفها من مضمونها الانقاذي واعتبارها تحركا فئويا طائفيا لا حركة وطنية جامعة، بما يدفع الراعي آنذاك الى التراجع وفرملة اندفاعته التحريرية والكف عن التمسك بمطلب المؤتمر الدولي حقنا للدماء وتحصينا للاستقرار. من هنا يمكن فهم طريقة التعاطي الامني المتروي لمنع انزلاق الاوضاع الى مواجهات، قد يسعى اليها البعض لنقل لبنان الى مرحلة جديدة تلبي طموحاته، خصوصا ان الضغط المعيشي متجه تصاعديا مع كل يوم يمر.
وتفيد اوساط سياسية متابعة للتطورات الميدانية “المركزية” ان تقارير امنية وصلت الى المسؤولين المعنيين اخيرا، تحذر من خضة كبيرة في الشارع مع انطلاق ثورة الجياع بقوة وقد بدأت طلائعها امس، وسط توقعات ببلوغها مرحلة جد متقدمة تصعب مواجهتها بالطرق التقليدية التي تم استخدامها في الامس القريب، او حتى بتظاهرات “شيعة شيعة” التي اظهرت الشارع اللبناني منقسماً، فهؤلاء انفسهم قد يصبحون مرغمين على الانضمام الى الثوار تحت شعار تأمين لقمة العيش، آنذاك قد تفلت الامور من عقالها وتتجه في منحى جد خطير.
التقارير، تضيف الاوساط، تضمنت تحذيرات جدية مما قد تؤول اليه الاوضاع خلال الاسابيع المقبلة، وتدعو الى ارساء حل سياسي سريع بتشكيل حكومة وتنفيذ المبادرة الفرنسية قبل ان تقضي “ثورة الجياع” على ما تبقى من هيكل الدولة وتأخذها الى مكان آخر.