ماذا جرى ليلة وقف تظاهرة من الضاحية إلى بعبدا؟

لم تكن ليلة السبت – الاحد عادية في الضاحية الجنوبية لبيروت. ساعات عصيبة شهدتها مناطق عدة في الضاحية على وقع الغضب الشعبي المشروع بعد تجاوز سعر صرف الدولار العشرة آلاف ليرة لبنانية. فمَن يقف وراء اعمال الشغب، ومَن حاول تنظيم مسيرة الى القصر الجمهوري ذلك المساء؟

عندما بدأ سعر صرف الدولار بالارتفاع على نحو مطّرد الاسبوع الفائت وتجاوزه عتبة العشرة آلاف ليرة للمرة الاولى في تاريخ لبنان، شكلت مشاهد الاقتتال على كيلو حليب او ليتر زيت او كيلو سكر صدمة لشعب لم يعرف الاذلال في تاريخه الحديث منذ انتهاء الاحتلالات لاراضيه عام 2000.
وعندما بدأ قطع الطرق يوم الجمعة وتعاظم يوم السبت، كانت الضاحية الجنوبية لبيروت تشارك بخجل في تلك التحركات، وكان لافتاً ان مناطق غير تابعة لـ”حزب الله” شهدت احراق اطارات وحاويات للنفايات، ومن ثم تطورت الامور الى درجة احضار شاحنات محملة بالرمول لقطع بعض الطرق.

بيد ان ما شهدته منطقة الكفاءات كان الفيصل في تلك التحركات، وما مشهد اقتلاع الاشجار ورميها في الطرق سوى تعبير غير حضاري عن الوجع في منطقة تندر فيها الساحات والحدائق العامة.

الا ان التطور الاكثر خطورة تمثل في تحركات الدراجات النارية قرب غاليري سمعان والتحضير لتظاهرة الى بعبدا في سابقة لم تعتدها الضاحية الجنوبية حتى ابان سنوات حكم الرئيس السابق ميشال سليمان، على رغم الاختلاف الكبير في وجهات النظر بين بيئة “حزب الله” وتوجهات الرئيس السابق.

في تلك الليلة فُتحت خطوط التواصل الامني والسياسي على مصاريعها للملمة الامور ومن ثم تبيان حقيقة ما حصل ومن يقف خلف تلك التحركات الطارئة.
“حزب الله” سارع الى الاتصال بحليفته “امل”، وعقدت اجتماعات طويلة بين الطرفين افضت الى تأليف لجان مشتركة لمنع تكرار ما حدث ليلة السبت – الاحد.
لاحقاً اصدرت “امل” بيانات عدة نفت فيها المسؤولية عن تنظيم تظاهرات او مسيرات سواء في بيروت الغربية او الضاحية الجنوبية.

في السياق، يقول مصدر في قوى 8 آذار لـ”النهار”: “نحن نصدق قيادة الحركة وانها لا تقف خلف التحركات والفوضى في الضاحية”، ويضيف: “ربما هناك اشخاص غاضبون من تردي الاوضاع قرروا قطع الطرق، وربما كان من بينهم من يحمل في نفسه اكثر من عتب على الرئيس ميشال عون بسبب اجهاض تياره السياسي قانون العفو العام، وهذا ما يفسر التحركات على طريق المطار حيث دأب اهالي السجناء سابقاً على تنظيم اعتصامات، وكذلك قبالة مقر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على طريق المطار القديمة.

هذا التبرير لا يقنع القاعدة العريضة لـ”حزب الله” التي هالها انضمام الحليف الاقرب الى ترويكا “المستقبل – الاشتراكي – القوات”، وان التصويب على العهد كان هدف تلك الترويكا.
وتذهب أوساط متابعة الى تفنيد مناطق الاحتجاجات في بيروت والضاحية والجنوب، لتخلص الى انه لا يمكن لافراد ان ينظموا تلك التحركات، ولا يمكن ايضاً الصاق ذلك باليساريين والشيوعيين لان هناك مناطق مقفلة عليهم في الجنوب وبيروت، وبالتالي ان من يقف خلف تلك التحركات هي “امل” وان لم يكن هناك قرار تنظيمي او مركزي من قيادة الحركة بذلك.

وتوضح تلك الاوساط ان الهدف كان العهد وليس خفض سعر صرف الدولار، وان ما قام به “حزب الله” لاحتواء تبعات غضب السبت قد وصل الى خواتيمه، وما انتشار عناصر الحزب في الضاحية وعلى مداخلها بشكل دائم سوى تأكيد لمنع الفوضى والتخريب مع احترام حق المواطنين في التعبير عن غضبهم المشروع من تردي احوالهم.

وتختم: “لقد نجحت تلك الاتصالات ليلة السبت في منع انزلاق الامور الى الهاوية، في وقت كانت احزاب اخرى تسعى لاسقاط حليف الحزب”.

 

عباس صباغ – النهار