تعبئة الحسابات الخارجية «تنهك» بنوك لبنان و«تشعل» الدولار

بَلَغَ السباقُ المصرفي اللبناني لزيادة الرساميل وتمتين المراكز المالية الخطَّ الزمني المحدّد أول الأسبوع الجاري، من دون تبيان هويات البنوك التي ستحوز شهادة الاستجابة لكامل التعليمات المطلوبة، ريثما تضع السلطة النقدية علامات كل مصرف على حدة وتبتّ بنجاعة الخطط والضمانات التي تكفل اكتمال التقيد بالموجبات، وهو ما يتطلب وقتاً إضافياً قد يمتد الى نهاية الشهر الجاري.

وتحت وطأة إحالة المصارف التي لا تتقيّد بالتعاميم وتعليماتها على الهيئة المصرفيّة العليا أو إخضاعها لغرامات، رصدت «الراي» انهماكاً استثنائياً من قبل الإدارات العليا للمصارف في متابعة أدق التفاصيل ذات الصلة بالخطوات التنفيذية لالتزام تعاميم البنك المركزي ذات الصلة، مع ترجيح الاهتمام صوب بند إعادة تعبئة الحسابات لدى بنك خارجي مُراسِل بما يماثل 3 في المئة من اجمالي الودائع لدى هذه المصارف المحرّرة بالدولار الأميركي. وهي العملية الأكثر صعوبة بين البنود المُصاحِبة، حيث ستفضي بالنتيجة الى ضخ تقديمات نقدية طازجة ( Fresh Money ) بإجمالي يناهز 3.3 مليارات دولار.

ولم يكن من المصادفة أن يتزامن قرب انتهاء المهلة المتاحة من قبل البنك المركزي لالتزام المصارف بحزمة من التعليمات الخاصة بالرساميل، مع فورة كبيرة في حجم الطلب على الدولار النقدي في الأسواق الموازية وصعود سعار التداول بحدود 1500 ليرة للدولار في غضون أيام قليلة، ليصل سعر التداول سريعاً الى «السقف النفسي» المُرْعب في الساعات الماضية بمستوى 10 آلاف ليرة لكل دولار.

وقد ضاقت هذه السوق التي لا يتعدى حجمها بضعة ملايين من الدولارات يومياً بكثافة الطلب الطارئ من بعض المصارف التي عجزت عن تغطية الالتزام المطلوب لإعادة تكوين حساباتها في الخارج عبر بيع وحدات خارجية تملكها أو من خلال أصول مالية خارجية تعود لمساهميها. كما ساهم الطلب «الاستثنائي» في تأجيج المضاربات التي تحدد الجزء الأكبر من مسار العمليات في ظل انحسار دور البنك المركزي وتقلُّص قدراته على التدخل لكبح انهيار سعر صرف النقد الوطني.

وأكدت مصادر مصرفية معنية لـ «الراي» ان الأجواء النقدية المحمومة مرشحة للتمدّد إلى أيام مقبلة رَبْطاً بتواصل الطلب من قبل بعض المصارف على الدولار استكمالاً لضخ السيولة المطلوبة في حساباتها الخارجية. بينما تبيّن، في المقابل، أن الالتزام بزيادة الأموال الخاصة باجمالي 4 مليارات دولار يتم بشكل انسيابي في غالبية البنوك ومن غير عقبات جدية، تبعاً لإمكان استخدام احتياطات «الدولار المحلي» وإعادة تخمين عقارات مملوكة وإقناع مودعين كبار بتحويل مدخرات إلى أسهم.

وتوجب الاستجابة لطلبات البنك المركزي إجراء تقييم عادل من قبل المصارف العاملة لموجوداتها ومطلوباتها وتحضير خطّة تساعد على التقّيد بكافّة القوانين المرعيّة الإجراء، وخصوصاً تلك المتعلّقة بنسب السيولة والملاءة كما وإعادة مستوى خدماتها إلى ما كان سائداً قبل شهر نوفمبر 2019.

وبحسب التعميم (الرقم 154) فإنّ على المصارف زيادة رأسمالها بنسبة 20 في المئة وتكوين سيولة بنسبة 3 في المئة لدى المصارف المراسلة من مجموع الودائع بالدولار، وتحفيز المودعين الذين حوّلوا أكثر من نصف مليون دولار (أو ما يعادلها بالعملات الأجنبيّة) إلى خارج لبنان منذ 1 يوليو 2017 على تحويل 15 في المئة من هذه المبالغ إلى لبنان، مع تطبيق نسبة 30 في المئة على رؤساء وأعضاء مجلس إدارة وكبار مساهمي والإدارات العليا التنفيذيّة في المصارف كما وعلى الأشخاص المعرّضين سياسياً. وتفرض التعليمات على المصارف ايداع المبالغ التي يتمّ إسترجاعها في حسابات توفير خاصّة مجمّدة على خمس سنوات ولا تخضع لمتطلبات الإحتياطي الإلزامي.

كما طلب مصرف لبنان من المصارف إعتماد إطار قانوني يطمئن المودعين حول إمكان إستعادة ودائعهم بعد إنتهاء مدّة الخمس سنوات. وحضّ المصارف على إستعمال الأموال التي تمّ تحويلها لتسهيل العمليّات الخارجيّة التي تدعم الإقتصاد اللبناني. كذلك يمكن للمصارف العرض على مودعيها إمكان تحويل جزء ودائعهم إلى أسهم أو سندات دين دائمة قابلة للإسترداد، يمكن أن تعطي الحق لحامليها أفضليّة بالإكتتاب في زيادة رأسمال المصرف بشروط شرح تفاصيل العمليّة للمودع وتزويد المودعين الراغبين بتقرير دوري يظهر القيمة العادلة لهذه الأسهم وإدراج كامل أسهم المصرف على بورصة بيروت وفصل رئاسة مجلس الإدارة عن إدارة المصرف وفقاً للمادّة 153 من قانون التجارة. بالإضافة إلى ذلك، وفي حال تمّ بيع الأسهم أو سندات الدين الدائمة القابلة للإسترداد بأموال جديدة، يمكن تحويل أرصدة البيع إلى خارج لبنان.

 

موقع الراي