البابا فرنسيس في زيارة تاريخية إلى العراق: كفى عنفا وتطرفا


وصف البابا فرنسيس، في كلمة ألقاها عقب وصوله الى العراق، الهجمات التي تعرضت لها الأقلية الأيزيدية على يد تنظيم “داعش” في العراق بـ”الهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية”.
ودعا البابا فرنسيس في مستهل زيارته التاريخية للعراق، اليوم، الى وقف “العنف والتطرف والتحزبات وعدم التسامح”، مشددا على ضرورة “التصدي لآية الفساد” و”تقوية المؤسسات”.

وقال البابا في القصر الرئاسي في بغداد حيث استقبله الرئيس برهم صالح: “إنني ممتن لإتاحة الفرصة لي لأن أقوم بهذه الزيارة الرسولية، التي طال انتظارها”، مضيفا “أنا ممتن لأنني استطعت أن آتي إلى هذه الأرض، مهد الحضارة، والمرتبطة ارتباطا وثيقا، عبر أبينا ابراهيم والعديد من الأنبياء، بتاريخ الخلاص والتقاليد الدينية الكبرى”.
وأضاف: “كفى عنفا وتطرفا وتحزبات وعدم تسامح! فلنعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معا هذا البلد، في الحوار، وفي مواجهة صريحة وصادقة وبناءة”.
وتوقف عند محاولة العراق خلال السنوات الأخيرة “إرساء الأسس لمجتمع ديموقراطي”، مشددا على أنه من أجل ذلك، “من الضروري أن نضمن مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نوفر الحقوق الأساسية لجميع المواطنين. يجب ألا يعتبر أحد مواطنا من الدرجة الثانية”.

ويشكل المسيحيون واحدا في المئة من العراقيين البالغ عددهم 4 مليونا، ويشكون من تمييز.

وتوقف البابا فرنسيس عند معاناة الأيزيديين، الأقلية التي تعرضت خلال سيطرة تنظيم “داعش” على أجزاء واسعة من العراق، لاضطهاد كبير، قائلا: “لا يسعني إلا أن أذكر الأيزيديين، بالضحايا الأبرياء للهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية”.

وأضاف: “لقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر”.

من جهة أخرى، دعا البابا إلى “التصدي لآفة الفساد” و “سوء استعمال السلطة وكل ما هو غير شرعي”.

وقال “لكن ذلك لا يكفي”، وتابع: “ينبغي، في الوقت نفسه، تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية، وتقوية المؤسسات المسؤولة عن ذلك”، بعد أكثر من سنة على خروج العراقيين بعشرات الآلاف الى الشارع محتجين على الطبقة السياسية في نهاية 2019.

وكان الرئيس العراقي رحب بالبابا قائلا: “فيما يحل بيننا قداسة البابا ضيفا عزيزا كريما”، هناك “فرصة تاريخية لجعلها مناسبة لإعادة التأكيد على قيم المحبة والسلام والعيش المشترك ودعم التنوع” الديني والاجتماعي، واصفا ذلك ب”قيم إنسانية يصل صداها الى العالم أجمع”.

وتابع: “مسيحيو الشرق أهل هذه الأرض وملحها، فلا يمكن تصور الشرق بلا المسيحيين”، مؤكدا أن “استمرار هجرة المسيحيين من بلدان الشرق ستكون له عواقب وخيمة على قدرة شعوب المنطقة نفسها في العيش المشترك”.

وقال: “لن يتأكد أي نجاح لمنطقتنا ما لم تتأكد عودة المسيحيين من دون إكراه”، داعيا الى العمل على توفير بيئة آمنة لذلك.

وبحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”، ادت سنوات العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليون في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم.

في كاتدرائية سيدة النجاة
وتوجه البابا فرنسيس من كاتدرائية سيدة النجاة في العراق التي استهدفت في 2010 باعتداء تخللته عملية احتجاز رهائن انتهت بمقتل 53 شخصا، إلى المسيحيين قائلا: “نجتمع اليوم في كاتدرائية سيدة النجاة هذه، ونتبارك فيها بدماء إخوتنا وأخواتنا الذين دفعوا هنا ثمن أمانتهم للرب غاليا”.

ويلتقي البابا في الكنيسة الواقعة في العاصمة العراقية أساقفة وكهنة ورهبانا وراهبات ومعلمي تعليم مسيحي ومسؤولين علمانيين في الكنيسة.
وكانت طائرة البابا فرنسيس حطت ، في الـ 10,55 بتوقيت غرينتش في مطار بغداد، في بداية زيارة تاريخية هي الأولى لحبر أعظم للعراق، حاملا رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرا في التاريخ في المنطقة والتي عانت لعقود ظلما واضطهادات، وساعيا الى تعزيز تواصله مع المسلمين، بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أول المستقبلين عند نزول البابا من الطائرة حيث أقيمت على أرض المطار مراسم رسمية تخللها أداء مجموعة تراتيل دينية وأغان عراقية ورقصات، تعبيرا عن الترحيب بالحبر الأعظم. وكان البابا والكاظمي يضعان كمامة، وأجريا محادثات وتوجها بعدها إلى القصر الجمهوري وسط انتشار أمني مكثف لتأمين موكبه.
وقال البابا لصحافيين على متن الطائرة: “أنا سعيد باستئناف السفر” بعد 15 شهرا لم يغادر خلالها الفاتيكان بسبب جائحة كوفيد-19، ” وهذه الرحلة جزء من واجب على أرض معذبة منذ أعوام”.
وقال أيضاً: “سأحاول اتباع التعليمات وعدم مصافحة الجميع، لكنني لا أريد البقاء بعيدا”.
بعد ترقب طويل لشعب عاني الامرّين، وصل قداسة البابا فرنسيس الى بلاد الرافدين في زيارة هي الأولى في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية تحت شعار جميعكم اخوة، في زيارة تستمر 3 أيام يزور خلالها الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي مناطق في شمال البلاد وجنوبها، بينها مدينة النجف الأشرف حيث سيلتقي المرجع الشيعي السيد علي السيستاني، وذي قار لزيارة مدينة أور التي انطلق منها النبي إبراهيم، وأربيل ونينوى لزيارة عدد من الكنائس والأماكن الدينية.
وبدا الامل على وجوه العراقيين ولا سيما انها زيارة لدحض الارهاب.