افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الإثنين 1 آذار 2021

 

افتتاحية صحيفة النهار

“عاصفة البطريرك”… هل تسقط التعطيل؟

مع ان ذهاب بعض الأوساط الى إدراج يوم الدعم الشعبي ل#بكركي السبت الماضي وخطاب البطريرك الماروني الكاردينال #مار بشارة بطرس الراعي امام الحشد في اطار “الاستقلال الثالث” قد ينطوي على مغالاة الى حد معين، فان ذلك لا يقلل الأهمية المفصلية والاستثنائية لدلالات هذا الحدث وما سيليه من تفاعلات داخلية معه سواء عند الضفة المؤيدة او المعارضة لطروحات البطريرك.

 

والواقع ان “عاصفة البطريرك” التي حملت مواقفه في الخطاب سواء منها التي استفاض فيها في شرح موجبات طرحيه للحياد الناشط او عقد مؤتمر دولي من اجل لبنان، او المواقف الأخرى البارزة والتي اتسمت بصراحة تامة حيال واقع الدولتين والسلاحين والمحاولة الانقلابية التي تهدف الى السيطرة الكاملة على السلطة لم تكن حدثا عابرا او تطورا يمكن القفز فوقه غدا وتجاهله وطمسه لمجرد مرور الزمن. اذ ان ترددات هذه المواقف بدت بأهمية مضمونها ولن يسع العهد ولا السلطة برمتها ولا “حزب الله ” المضي بعد يوم 27 شباط كما لو ان شيئا لم يكن لان المفاعيل المتدحرجة لهذا الحدث لن تقف عند حدود موعده الزمني فقط. فثمة مناخ ضاغط الى اقصى الحدود انطلق مع هذا اليوم من خلال اجتذاب جمهور معارض بقوة لاستمرار الامر الواقع القسري الذي يمنع أي محاولة انقاذية للبلاد من الانهيارات الكبيرة الماثلة بقوة مفزعة في الفترة القصيرة الاتية.

 

ويجزم عارفون ومطلعون بان عاصفة بكركي لن تكون الا الانطلاقة لاعادة تظهير شكل جديد من أشكال الاعتراضات وتصعيد موجات الاحتجاج بعدما تعمد البطريرك الراعي مجددا تثبيت رعاية بكركي لفعل الانتفاضة والثورة كحق طبيعي بديهي للشعب اللبناني. فلم يكن امرا يقل أهمية عن طرحي الحياد والمؤتمر الدولي ان يطلق البطريرك نفير الانتفاضة مجددا من خلال تكراره عبارة “لا تسكتوا” 17 مرة وهو يحض اللبنانيين على مناهضة الامر الواقع القاهر لحقوقهم. لذا يعتقد المطلعون ان محاولات تمييع هذا الحدث او الرهان على عودة رتابة الواقع وطمس كل الترددات التي اثارها وسيثيرها تباعا سيكون بمثابة مضي عبثي في سياسة الانكار وطمر الرؤوس في الرمال كما لن تجدي نفعا سياسة المناهضة الانفعالية لمواقف البطريرك من خلال النفخ بالنزعة الطائفية واستغلالها كما بدأ يحصل مساء امس بتسيير تظاهرة مناهضة للبطريرك في الضاحية الجنوبية او من خلال مضي المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في رفع شعارات التخوين المستهلكة والتي تثير في وجهه الاستغراب عن سكوته على تبعية فريقه لإيران. ويضيف هؤلاء ان الاحراج الكبير الذي يستشعر الافرقاء الذين طاولتهم حقائق “المحاولة الانقلابية” التي تحدث عنها البطريرك يحمل على الاعتقاد بان الطريق الوحيد الذي يمكن سلوكه للحؤول دون تحول عاصفة بكركي الى واقع تصاعدي يهدد بتداعيات كبيرة هو استعجال تأليف الحكومة الجديدة وإزالة المعطلات والتعقيدات التي تمنع ولادتها. اذ ان الكلفة التي ستترتب على التحالف الحاكم والسلطوي عن وضع حد نهائي لتعطيل الحكومة ستكون اقل خطورة من تفلت الوضع وسط التحفز لمحاولات تدويل الازمة من جهة واشتعال الانتفاضة الاحتجاجية على نطاق أوسع هذه المرة من جهة أخرى.

 

 

تحرك متواصل

وفي السياق نقل عن مصادر قريبة من بكركي انها لن تقف فقط عند مستوى الكلام والمواقف بل تتحضّر لتحرّك ناشط مواكب لمبادرة البطريرك الماروني ويبدأ التحرك محلياً من خلال شرح مبادرة الراعي للمرجعيات السياسية، للوصول الى أكبر تأييد داخلي ممكن لطرح البطريرك. أما في المرحلة الثانية فبكركي ستنظّم مجموعات لبنانية من بين المغتربين لتفسير المبادرة البطريركية في الخارج. ولفتت الى أن البطريرك الراعي لم يكن أبداً مكتوفا في قضية تشكيل الحكومة بل زار معظم السياسيين، لكن تبين له أن فئة معينة اتخذت قرارا بمقاطعة الصرح. وقالت المصادر انه بعد 27 شباط ليس كما قبله والبطريرك سائر الى النهاية في طرحه ومبادرته على الرغم من الضغوط على أمل أن يوصل هذا الحراك إلى خواتيم مرضية للخروج من الأزمات الخانقة التي تعصف بلبنان .

 

وغداة السبت الكبير في بكركي تحدث البطريرك الراعي عن “إحتشاد خمسة عشر ألف شخص لدعم موقف البطريركيّة المطالبة المجتمع الدولي بإعلان حياد لبنان الإيجابيّ الناشط، لكي ينقيّ هويّته ممّا إنتابها من تشويهات، كما إحتشدوا لدعم المطالبة بعقد مؤتمر دوليّ خاص بلبنان برعاية الأمم المتّحدة، بسبب عجز الجماعة السياسيّة عندنا عن اللقاء والتفاهم والحوار وتشخيص المرض الذي شلّ الدولة بمؤسّساتها الدستوريّة وخزينتها واقتصادها وماليتها، فتفكّكت أوصالها، ووقع الشعب الضحيّة جوعًا وفقرًا وبطالة وقهرًا وحرمانًا. فكان لا بدّ للمجتمع اللبنانيّ الراقي والمستنير من أن يشخّص هو بنفسه أسباب هذا الإنهيار وطرق معالجته، بالإستناد إلى ثلاثة: وثيقة الوفاق الوطنيّ والدستور وميثاق العيش معًا، استعدادًا لهذا المؤتمر”.

 

“الحالة الانقلابية”

وكان ابرز ما تضمنته مواقف البطريرك الراعي في كلمته أمام الوفود الداعمة لمواقفه تشديده على “اننا طالبنا بمؤتمر دولي لأن كل الطروحات رفضت حتى تسقط الدولة ويتم الإستيلاء على مقاليد السلطة”. واعلن “اننا نواجه حالة إنقلابية بكل معنى الكلمة على كل ومختلف الميادين الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وعلى ما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق”، وقال” نريد من المؤتمر الدولي أن يثبت الكيان اللبناني المعرض جدياً للخطر وأن يعيد تثبيت حدوده الدولية، وأن يجدد دعم النظام الديموقراطي الذي يعبر عن تمسك اللبنانيين بالحرية والعدالة والمساواة،وإعلان حياد لبنان كي لا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرض الإنقسامات ويتأسس على قوة التوازن لا على موازين القوى التي تنذر دائما بالحروب. حررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأدائها، والدولة هي الكيان الأسمى ولذلك لا تتقبل الإلتباس والإزدواجية والإستضعاف، فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا يوجد جيشان أو جيوش على أرض واحدة ولا يوجد شعبان أو شعوب في وطن واحد، أن أي تلاعب بهذه الثوابت يهدد وحدة الدولة، ونحن هنا نطرح مشاريع حلول لا مشاريع مشاكل، وهي لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لأن الحل الحقيقي هو حل لكل الشعب لا لفئة دون سواها “. وإذ اكد تفهمه “لصرختكم وغضبكم وإنتفاضتكم وثورتكم” قال ” لا تسكتوا عن تعدد الولاءات ولا تسكتوا عن الفساد ولا تسكتوا عن سلب أموالكم ولا تسكتوا عن الحدود السائبة ولا تسكتوا عن خرق أجواء لبنان ولا تسكتوا عن فشل الطبقة السياسية ولا تسكتوا عن الخيارات الخاطئة ولا تسكتوا عن الانحياز وفوضى التحقيق في جريمة المرفأ ولا تسكتوا عن تسييس القضاء ولا تسكتوا عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني ولا تسكتوا عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين ولا تسكتوا عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين أو عن مصادرة القرار …”.

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

مصادر الإليزيه: على باسيل وقف التعطيل

ردّ “حزب الله” على الراعي: تخوين وتهويل و”مسيّرات”!

 

من خطابه السيادي السبت، مروراً بإعادة التوكيد على مضامينه أمس، وصولاً إلى الإسهاب في شرحه على قناة “الحرّة” اليوم… يبدي البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عزمه على السير في طريق “الاستقلال الثالث” بخطى وطنية ثابتة تترفّع عن الخوض في دهاليز السياسة والطائفة والمذهب، لينطلق على قاعدة “قلنا ما قلناه” التي كرّسها بطريرك “الاستقلال الثاني” نصرالله بطرس صفير في مقاربة “تابو” الوصاية السورية، نحو فصل جديد من تحرير الدولة من الوصايات والقيود وكسر “تابو” مقاربة وصاية السلاح على دورة الحياة المؤسساتية والدستورية في لبنان.

 

فتحت شعار “لا تسكتوا” الذي ردّده على مسامع اللبنانيين المؤمنين بنهائية الكيان والهوية، حثّ الراعي على خرق جدار الصمت في مواجهة “الحالة الانقلابية” الهادفة إلى “الاستيلاء على مقاليد السلطة”، داعياً إلى إعلاء الصوت الوطني في تأييد الحياد والتدويل، ونبذ كل أشكال “تعدد الولاءات، والانحياز، والفساد، وتسييس القضاء، والسلاح غير الشرعي ومصادرة القرار الوطني”… الأمر الذي أغضب على ما يبدو “حزب الله”، فسارع إلى التخندق على الضفة المعادية لخطاب الراعي، مستهدفاً إياه بصليات من الردود الأولية التي تراوحت بين تخوين وتهويل على المنابر، وبين “مسيّرات” ورسائل ميدانية على الأرض، سواء تلك التي أطلقها مناصروه على متن الدراجات النارية في الضاحية الجنوبية مساءً، أو تلك التي اتخذت شكل “القسم العسكري” الذي أطلقه محازبوه باللباس العسكري رفضاً لحياد لبنان.

 

ورغم محاولة إعطاء صبغة غير طائفية للرد على البطريرك الماروني عبر استنفار النائب طلال أرسلان لإبداء رفض طرح التدويل، وبموازاة التهويل “المنمّق” على لسان النائب حسن فضل الله بأنّ هذا الطرح يشكل تهديداً “للوجود المسيحي” في لبنان “كما حصل في العراق وليبيا”، مع تشديده على أنّ “وجهة نظر بكركي لا تمثل وجهة نظر كل الشعب” في ظلّ العلاقة “الممتازة” التي تجمع “الحزب” و”التيار الوطني الحر”… غير أنّ الرد الأعنف أتى من منطلق مذهبي تخويني على خطاب الراعي، على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي شدد على “شرعية السلاح” واعتبر أنّ مطلب الحياد فعل “خيانة”، نابشاً في المقابل “مجازر صبرا وشاتيلا والدبابات الإسرائيلية”، وملوّحاً بورقة “إلغاء الطائفية السياسية وإجراء انتخابات نيابية شعبية” في مواجهة مطالب البطريرك الماروني، باعتبار أنّ “قوة التوازن تمرّ جبراً” بهذا المسار.

 

وعلى الأثر، كان ردّ قواتي مباشر على كلام قبلان، فلفت انتباهه النائب عماد واكيم إلى أنّ “دولة المواطنة” التي تحدث عنها “تستدعي أول ما تستدعيه حلّ الأحزاب الدينية، فهل يريد أن يبدأ مثلاً بحل “حزب الله” للوصول إلى هذه الدولة؟ مذكراً إياه بأنّ “من دفن وثيقة الوفاق الوطني هو من انقلب عليها برفض تسليم سلاحه (…) والخيانة هي في الانقلاب على الطائف، وضرب الدستور والقوانين، والاغتيالات والتصفيات، وعزل لبنان عن محيطه العربي وعمقه الغربي، وتجويع اللبنانيين وتفقيرهم، وتحويل الدولة إلى فاشلة وصورية”.

 

دولياً، لاقى خطاب البطريرك الماروني استحساناً فرنسياً تجسّد بما نقلته الزميلة رندة تقي الدين عن مصادر الرئاسة في الإليزيه لـ”نداء الوطن” قائلةً: “موقف البطريرك الراعي يتطابق مع رؤية فرنسا الحريصة على السيادة اللبنانية”، وشددت في هذا السياق على أولوية تشكيل الحكومة اللبنانية ووجوب أن يوقف رئيس “التيار الوطني الحر” تعطيل التشكيل.

 

وأضافت مصادر الإليزيه: “المؤتمر الدولي لا يقدم جواباً واضحاً للمشكلة اللبنانية القائمة، ويبقى الآن على جبران باسيل أن يفعل ما هو ضروري في هذه المرحلة، أي السماح بتأليف حكومة المهمة في لبنان”.

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية التدويل قد يستعجل التأليف.. وبعبدا للحريري: في أي عاصمة ستؤلف؟

كان الأسبوع المنصرم أسبوع بكركي بامتياز، فهل سيكون الأسبوع الطالع أسبوع تردّدات مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، أم انّ التأليف الذي يدور في حلقة مفرغة سيتصدّر المشهد السياسي مجدّداً إن من باب تفعيل الوساطات، او من زاوية الكلام الذي يتردّد عن احتمال دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الكتل النيابية إلى الاستئناس برأيها في سبل إخراج التأليف من عنق الزجاجة، وتحميلها مسؤولية خياراتها وقراراتها، لأنّ السؤال الذي لا إجابة عنه بعد: ماذا ينتظر المسؤولون لتأليف الحكومة؟ وهل ينتظرون مثلاً خراب البصرة؟

إستقطب التجمُّع الشعبي في بكركي السبت المنصرم كل التركيز السياسي والإعلامي والشعبي، ونجح البطريرك الراعي في تقديم خطاب سياسي جاء مرناً في الشكل، وصلباً في المضمون، شرح فيه الأسباب الموجبة التي دفعته إلى الدعوة لمؤتمر دولي، عازياً السبب الرئيس إلى الفشل الذي أصاب البلاد وغياب النية والسعي لإخراجها من النفق المظلم الذي دخلت إليه، خصوصاً انّ الدولة وصلت إلى الحائط المسدود، فحتى الحكومة لم تبصر النور بعد، والناس جائعة وبلا أفق، والنظرة الدولية إلى لبنان على انّه تحوّل فعلاً الى دولة فاشلة.

 

فبعد كل المحاولات الفرنسية والمساعي لمساعدة لبنان، اصطدمت بجدار مصالح القوى السياسية السميك، ولا يوجد اي مؤشر حتى اللحظة الى انّ باريس ما زالت مهتمة بتشكيل الحكومة، لأنّ لا مصلحة لها في تبديد رصيدها في لبنان والظهور في مظهر العاجزة عن تأليف الحكومة، فهي على أهبة الاستعداد لتسهيل ما يمكن تسهيله، وتقديم المساعدة اللازمة، ولكن بعد تأليف الحكومة لا قبله، حيث زار رئيسها ايمانويل ماكرون لبنان مرتين من دون نتيجة، وبالتالي لن يجازف بزيارة ثالثة قبل صدور مراسيم التأليف.

 

ولا شك في انّ البطريرك نقل النقاش من أروقة الحكومة والفراغ والتعطيل، إلى النقاش السياسي العريض الذي يذكِّر بحقبة 8 و 14 آذار عندما كان الانقسام السياسي بين مشروعين سياسيين، فأخرج البطريرك النقاش من التفاصيل ودوامة الفراغ ودائرة التعطيل، إلى التقدُّم بمبادرة تبدأ من لبنان ومن بكركي تحديداً وتنتهي في أروقة الأمم المتحدة، ويلقى الراعي بمبادرته دعماً فاتيكانياً وتفهماً دولياً ودعماً شعبياً، حيث انّ الناس تريد الخلاص من واقع اجتماعي أوصلها إلى خط الفقر والمجاعة.

 

ولكن السؤال الأساس الذي يطرح نفسه: ماذا بعد مبادرة البطريرك؟ وما هي الخطوة التالية التي سيلجأ إليها؟ وكيف سيتعامل معها الوسط السياسي المؤيّد والمعترض عليها؟ وهل ستحظى بتأييد خارجي؟ وهل سيضع خطة عملية لتنفيذ مبادرته، خصوصاً انّه كان قد دعا القوى السياسية التي زارته إلى تقديم الاقتراحات التي تراها مناسبة لإخراج مبادرته من الأفكار المكتوبة إلى الترجمة العملية؟

 

موفدون لبكركي

في هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة، انّ موفدين للبطريرك من علمانيين ورجال دين، سيتحركون في اكثر من اتجاه استكمالاً لحملة سياسية وديبلوماسية بدأت قبل 27 شباط، وستُستكمل، بحثاً في سبل الخروج من الأزمة في ظلّ الظروف المتحكمة بغياب الحكومة والشلل الذي اصاب معظم المؤسسات السياسية والدستورية والحكومية.

 

وبعد «سبت بكركي» سيبقى الصرح البطريركي محجة لمجموعة من القيادات السياسية والحزبية والوطنية، بغية تقويم ما بعد خطاب الراعي ومناقشة صاحبه في خلفيات ما قصد وما يمكن القيام به في قابل الايام.

 

وسيزور وفد من تيار «المستقبل» برئاسة النائب بهية الحريري بكركي قبل ظهر اليوم، للتشاور مع الراعي في مضمون خطابه والتطورات المتصلة بالأجواء الحكومية، وذلك في إطار جولة بدأها الوفد قبل ايام بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على ان يلتقي لاحقاً شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، وتُستكمل الجولة بزيارة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

 

بكركي و»حزب الله»

تزامناً، كشفت مصادر مطلعة، انّ الاتصالات تجدّدت في الساعات الماضية بين اعضاء اللجنة المشتركة ما بين بكركي و»حزب الله»، والتي يترأسها من جانب الحزب عضو المكتب السياسي محمد الخنسا. وفي الوقت الذي لم تشأ مصادر قريبة من الحزب تأكيد الخبر او نفيه، رغم اعتقادها انّ الإتصالات لم تتوقف بين الطرفين في اكثر من محطة، عدا عن حركة اصدقاء مشتركين يتولون حمل الرسائل المتبادلة بينهما. وفي المقابل، لم تستغرب مصادر قريبة من بكركي وجود مثل هذه الإتصالات الروتينية، لكنها لم تشر الى اي معلومات تفصيلية حول توقيت التواصل ومضمونه.

 

وفيما علمت «الجمهورية»، انّه لم يكن هناك ارتياح لدى اوساط قريبة من عين التينة الى ما حصل في بكركي امس الاول لجهة بعض الهتافات والرسائل السياسية، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله: «لغبطة البطريرك أراؤه، ونحن لدينا آراؤنا، هو يرى في التدويل حلاً لمشكلة لبنان، ونحن نرى في هذا الطرح تعقيداً للمشكلة، لأنّ ما يهمّ الدول مصالحها ولها حساباتها، فالولايات المتحدة هي المؤثر الأساسي في الأمم المتحدة، ولا تنظر الى الأمور إلّا من زاوية المصالح والأطماع الاسرائيلية. فالبطريرك له توصيفه للوقائع والأزمة الحالية وأسبابها وطرق معالجتها، ونحن نختلف معه في هذا التوصيف. فلا يمكن تجاهل العامل الاسرائيلي عند الحديث عن التدويل الذي هو خطر على لبنان، ورأينا ما حلَّ في ليبيا والعراق وسوريا بسبب التدويل، فهل حمى المسيحيين، أين هم المسيحيون في هذه الدول؟ فلو لم تدافع عنهم الدولة السورية والمقاومة لما بقي منهم أحد هناك». وأضاف: «البطريرك يعبّر عن وجهة نظر مجموعة من الناس الذين اجتمعوا عنده، بينما هناك فئات واسعة من الشعب اللبناني لا تؤيّد وضع لبنان تحت وصاية دولية، ولا أحد يستطيع اختصار الشعب اللبناني بموقفه من أي قضية، فهو يمثل مرجعية لفئة من اللبنانيين، وهناك مرجعيات أخرى لها تمثيلها ولكل منها دورها، ونحن نحترم هذه المرجعيات، وكل جهة تعطي المجد لمن ترى أنه أعطى المجد للبنان، وهناك طرق لمعرفة رأي اللبنانيين منها الاستفتاء والانتخابات، ونحن لا نناقش في موقع بكركي ودورها ومن تمثل، بل في الطرح السياسي الذي قدّمته وهو التدويل، الذي بيَّنت التجارب أنّ دخول الدول على لبنان سيؤدي إلى تهديد وجوده».

 

وقال فضل الله: «يجب التفريق بين التدويل والمؤتمر الدولي من جهة وطلب المساعدة، وعدم الخلط بينهما. فنحن لا نمانع في تقديم يد العون للبنان، وتجاوبنا مع المبادرة الفرنسية، وهذا يختلف عن دعوة الدول لتفرض وصايتها على لبنان. فعدم اتفاق اللبنانيين على حلول داخلية لا يعني استدعاء الدول الأخرى لتفرض وصايتها». وأضاف: «ما شهدناه في بكركي على مرأى ومسمع البطريرك، هو تجمّع لشتم فئة واسعة من اللبنانيين، وتهجمّ على فخامة رئيس الجمهورية. فهل يُناسب بكركي والبطريرك ما جرى أمامه من تعرّض لرئيس الجمهورية الذي هو رئيس البلاد وبحسب العرف يمثل المسيحيين في السلطة، وكذلك إطلاق الشتائم ضدّ فئة واسعة من اللبنانيين تمثلهم المقاومة، وهذا لا يختص فقط بجمهور «حزب الله»، كنا نتوقع تصرفاً مختلفاً حول ما حصل أمام البطريرك ولم نر أي ردّة فعل». وتابع: «اللعبة مكشوفة في لبنان. هناك محاولة استهداف لرئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» في الشارع المسيحي لتحقيق مكاسب انتخابية، ولذلك يتمّ التصويب عليه تارة بشكل مباشر، وتارة أخرى على سلاح المقاومة لتحميله مسؤولية الأزمة المالية والاقتصادية، وللقول للمسيحيين إنّ حليف التيار هو المسؤول عن معاناتكم». واشار الى «انّ سياستنا لا تقوم على المقاطعة نتيجة الإختلاف في الرّأي، نحن أهل الحوار والتلاقي والوصول إلى تفاهمات وطنية، فهذا هو الأساس لحل المشاكل الداخلية وليس استدعاء الدول الأخرى للتدخّل، بل يمكن الإستعانة بها لتقديم العون والمساعدة لا أن تحلّ محل اللبنانيين. وعندما يقول البطريرك إننا نقاطعه منذ زيارته للقدس فهذه شبهة لديه او ربما نسي، نحن كنا معترضين على هذه الزيارة، لكن لم يكن ذلك سبباً لأي قطيعة، فهناك عدة زيارات علنية حصلت بعد تلك الزيارة، ويفترض بدوائر بكركي أن تذكّره بها».

 

الراعي

وكان الراعي قال في عظة الاحد، انّ الذين احتشدوا في باحة البطريركية المارونية «لدعم موقف البطريركية المطالب المجتمع الدولي بالوقوف الى جانب لبنان لكي يتمكن ان يكون ارضاً للتلاقي والعيش معاً والاحترام بين المسيحيين والمسلمين ودولة للصداقة والسلام المنفتحة على بلدان الشرق والغرب». واشار الى أنّ «الحياد يمكنه تجنيب لبنان النزاعات والحروب ويمكنه ان يحصّن سيادته بقواه العسكرية الذاتية»، ومؤكّداً أنّ «الجموع احتشدت للمطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص للبنان بسبب عجز الجماعة السياسية عن الحوار».

 

الاستحقاق الحكومي

على الصعيد الحكومي، وفيما تشتد وطأة الأزمات الاجتماعية والخدماتية، لا تزال مساعي تشكيل الحكومة تراوح مكانها، من دون أن يبدي المعنيون اي استعداد لتبادل التنازلات حتى الآن.

 

وابلغت مصادر سياسية الى «الجمهورية»، انّه اذا صحّ انّ الحريري يستعد لرحلة جديدة الى الخارج تشمل موسكو وبرلين وربما لندن، فإنّ هذا يعني انّ ولادة الحكومة غير واردة قريباً، بل هي مرشحة الى مزيد من التأخير المكلف. واعتبرت «انّ الضغط الأميركي المستجد على السعودية من باب ملف مقتل جمال الخاشقجي، كان يجب ان يشكّل فرصة أمام الحريري للتعجيل في تشكيل الحكومة».

 

بعبدا

ولم يُسجّل امس اي تحرّك على خط الاستحقاق الحكومي بين القصر الجمهوري و»بيت الوسط» يوحي باستئناف البحث بين المعنيين في سبيل انجازه.

 

ولخّص زوار قصر بعبدا لـ «الجمهورية» اجواء الرئاسة من ازمة تأليف الحكومة على النحو الآتي:

1- «لو كان الرئيس المكلّف يريد فعلاً ان يشكّل حكومة، لكنا رأيناه في بعبدا يومياً، يناقش ويعرض ويستمع ويقرّر مع فخامة الرئيس. بعبدا اقرب من اي عاصمة زارها ويزورها. ففي اي عاصمة سيشكّل حكومة لبنان؟».

2- «لو كان الحريري يريد تشكيل حكومة لكان تواصل مع جميع الكتل النيابية بلا استثناء، وحتى ولو كانت حكومة اختصاصيين، فهي ايضاً تحتاج الى غطاء سياسي وثقة الكتل».

3- «لو كان يريد تشكيل حكومة لكان احترم الميثاق، أي الشراكة الكاملة بين المسيحيين والمسلمين، واحترم الدستور لجهة صلاحية رئيس الجمهورية وهي صلاحية كاملة وتشاركية مع صلاحية رئيس الحكومة في موضوع التشكيل، وإلّا لما كان المشرّع الدستوري أعطى الرئيس صلاحية اصدار مرسوم التشكيل».

4- «لو كان يريد تشكيل حكومة كان على الاقل أخذ من لائحة رئيس الجمهورية التي سرّبها الحريري بنفسه. والواقع انّه لم يأخذ».

5- «لو كان الحريري يريد تشكيل حكومة لكان رفع عدد اعضاء الحكومة الى 22 او 24، لكي لا يعطي رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط حصرية التمثيل المذهبي، فيصبح مالكاً مثل الشيعة حق «الفيتو»، إلّا اذا كان المقصود ان تملك الطوائف الاسلامية وحدها (سنّة وشيعة ودروز) القدرة على التعطيل ويمنع على المسيحيين ان يمتلكوا اي ضمان داخل مجلس الوزراء. ثم ان يرفع العدد الى 22 واكثر، يسمح بالالتزام بقاعدة الاختصاص، فلا يحصل اي وزير على حقيبتين لا علاقة لهما ببعضهما».

 

في «بيت الوسط»

وفي المقابل، ظلّ الجمود مسيطراً في «بيت الوسط»، ولم تُسجّل اي مواقف بارزة إزاء اي حدث، وخصوصاً ازاء اي جديد يتصل بعملية تأليف الحكومة. ولم يُسجّل للرئيس المكلّف سعد الحريري اي نشاط معلن، في وقت افادت معلومات لـ «الجمهورية» انّ الحريري يعقد إجتماعات سياسية وديبلوماسية بعيداً من الاضواء، لرصد المواقف من عملية التأليف، بعدما تحولت هذه المحطة مفتاحاً لمرحلة الإعمار والتعافي فور تشكيل الحكومة، لتنطلق برامج الدعم الخارجية عن طريق الهبات او العقود والقروض المخصّصة لقطاعات مختلفة، ولا سيما منها تلك التي تعني حياة اللبنانيين اليومية، وخصوصاً في قطاع الطاقة والخدمات الطبية والتربوية.

 

وعلى رغم هذه التحضيرات الجارية، فإنّ اوساط تيار «المستقبل» قالت لـ«الجمهورية»، انّ عقبات كبيرة لا تزال تحول دون التوافق على التشكيلة الحكومية وتعوق ولادتها، بالصيغة التي تحدثت عنها المبادرة الفرنسية التي ما زالت مطروحة على الساحة الدولية، وهي تحظى بالإجماع ولم تتقدّم عليها اي مبادرة اخرى.

 

كورونا

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 2258 إصابة جديدة (2252 محلية و6 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات الى 375033 اصابة، وكذلك تسجيل 40 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 4692 حالة منذ تفشي الوباء في شباط 2020.

 

وتمّ أمس تحديث جدول مراحل التخفيف التدريجي لقيود الإغلاق، مع الإبقاء على تدبير الخروج والولوج المعمول به إعتباراً من الساعة الثامنة وحتى الخامسة، مع إلزامية إرتداء الكمامةعند التنقل والتجول.

 

مع الإشارة الى أنّ المؤسسات التي يستوجب على المواطنين الاستحصال على اذن من المنصّة للذهاب اليها، هي الميني ماركت، والمصارف (50% من العاملين)، والمتاجر الكبرى، والسوبرماركت، ومراكز التزلج، إضافة الى المجمعات التجارية (malls).

 

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

مطالبة الراعي بإحياء مشروع الدولة تحرج الثنائي عون و«حزب الله»

بيروت: محمد شقير

شدد قطب سياسي لبناني على أنه «من غير الجائز» اعتبار أن ما أورده البطريرك الماروني بشارة الراعي في خطابه أمام الحشود التي زحفت إلى الصرح البطريركي في بكركي تضامناً مع دعوته إلى حياد لبنان ومطالبته بعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، سيبقى في حدود تسجيل المواقف ولن تكون له من تداعيات سياسية على مجمل الوضع في البلد.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما طرحه الراعي «سيبقى على الطاولة وإن كان يتعذّر حالياً تدويل الأزمة اللبنانية لاعتبارات تتعلق بتفاوت المواقف في مجلس الأمن الدولي، وتحديداً بين الدول ذات العضوية الدائمة».

ولفت القطب السياسي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن العنوان الكبير لخطاب الراعي «يكمن في ضرورة استرداد مشروع الدولة الذي يشكّل نقطة ارتكاز للبحث عن الحلول للمشكلات والشوائب التي تعيق استرداده»، لافتاً إلى أن ما أورده «يلقى تأييداً عربياً ودولياً ويمكن توظيفه كورقة ضغط تُستخدم لرفع الشروط التي لا تزال تؤخر تشكيل الحكومة من جهة ووقف الاستقواء بالخارج من جهة ثانية، خصوصاً أن الرهان على المبادرة الفرنسية كممر إجباري لإنقاذ لبنان وانتشاله من قعر الانهيار الشامل ما هو إلا وجه من وجوه التدويل».

ورأى أن المبادرة الفرنسية تحظى بتأييد أوروبي ولا تتعارض مع الولايات المتحدة بعد أن أعادت النظر في موقفها منها فور انتخاب جو بايدن. وقال إنها تتناغم مع موقف الفاتيكان بخلاف ما يشيعه من حين لآخر الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وإلا لم يكن الراعي مضطراً لتوجيه الشكر مراراً إلى البابا فرنسيس على موقفه الداعم للجهود الرامية لإنقاذ لبنان.

واعتبر القطب السياسي أن الراعي في مطالعته التي ركّز فيها على الأسباب التي تعيق استرداد مشروع الدولة على حساب الدويلات ووقف الانقلاب عليه «لم يخرج عن صمته لأنه سبق أن قال الكثير في هذا السياق في عظاته وهو أراد تجميعها في لائحة اتهامية واحدة وضعها بتصرف اللبنانيين، ولم يتردد في تسمية من يصادرون الدولة بأسمائهم ولو بطريقة غير مباشرة».

وتوقف أمام تذكير الراعي بإعلان بعبدا الذي صدر في اجتماع للمكوّنات السياسية الرئيسة أثناء تولّي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية، وقال إنه غمز بطريقة غير مباشرة من قناة الثنائي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» اللذين انقلبا على موافقتهما على حياد لبنان والنأي به عن الصراعات الدائرة في المنطقة. وأشار إلى أن الجديد في طرحه «يكمن في مطالبته بتقوية الجيش اللبناني لاستيعاب الطاقات العسكرية للبنانيين في وضع الاستراتيجية الدفاعية ليتولى وحده الدفاع ويبقى قرار السلم والحرب بيد الدولة».

وحذّر من «الالتفاف على الثوابت» التي طرحها الراعي «الذي نطق باسم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين والتعامل معها وكأنها لم تكن»، معتبراً أن البطريرك «حشر عون في الزاوية»، مع أنه تجنّب تسميته أسوة بعدم تسميته لـ«حزب الله». ورأى أن «هناك أكثر من معنى لغياب المسلمين وعدم مشاركتهم في مناسبة خُصّصت للتضامن مع بكركي».

وعزا الحضور الإسلامي الرمزي والمحدود الذي غابت عنه قيادات من الصف الأول أو من يمثلهم إلى وجود قرار بعدم المشاركة لقطع الطريق على من يحاول بأن يتذرّع بحضورهم للتقليل من الأهمية السياسية للحشد المسيحي الذي غابت عنه قيادات من الصف الأول، «وإن كانت بعض الأطراف استغلّت المناسبة وأطلقت هتافات سياسية لم تكن في محلها».

وأكد أن «الغياب الإسلامي لا يعني أبداً أن هناك من يعترض على المضامين السياسية التي أوردها الراعي في خطابه بمقدار ما أنه ينم عن رغبة بإخلاء الساحة للمسيحيين ومعهم الحراك المدني ليكون في مقدورهم وبملء إرادتهم تحميل مسؤولية العبث بمشروع الدولة لعون وباسيل وإن كان تجنّب تسميتهما بالاسم».

وقال إن عدم الحضور الإسلامي «من العيار الثقيل» كان «في محله لئلا يقال لاحقاً بأن المسلمين يخططون لانتزاع الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية وإضعاف موقعه في التركيبة السياسية، وإنما بواجهة مسيحية». ورأى أن القرار الذي اتخذه «تيار المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» بعدم المشاركة كان صائباً، «وهما يلتقيان في هذا السياق مع القيادات الإسلامية وأبرزهم رؤساء الحكومات السابقة من دون أن ينقطع جميعهم عن التواصل مع الراعي» الذي يلتقي اليوم وفداً من كتلة «المستقبل» النيابية بالنيابة عن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بعد أن التقى سابقاً موفد رئيس «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أن الحشود المسيحية التي حضرت إلى بكركي للتضامن مع الراعي «أرادت تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية توفير الغطاء السياسي لـ(حزب الله)، وبالتالي فإن المشهد السياسي بعد خطاب الراعي لم يعد كما كان من قبل لأنه فتح الباب على مصراعيه أمام احتمال حصول تحوّل في الشارع المسيحي في مواجهة محور الممانعة، وهذا ما يؤدي إلى حشر عون ووريثه السياسي باسيل، خصوصاً أن الصراع بينهما إلى تفاعل يمكن أن يتطوّر باتجاه تكريس انقسام عمودي بين ساحتين: الأولى يرعاها الراعي والثانية بإشراف مباشر من عون وحلفائه، إلا إذا ارتأوا عدم الدخول في سجال يرفع من منسوب التأزّم بين الساحتين».

لذلك، فإن «المستقبل» يحتفظ لنفسه بربط نزاعه بـ«حزب الله»، فيما علاقة الأخير بـ«التقدمي» تأخذ بعين الاعتبار تنظيم الاختلاف من دون أن يلوح في الأفق ما يمهّد للخروج عن هذه الثوابت والشروع في تبادل الحملات حرصاً على ضبط الخطاب السياسي لتطويق إمكانية العودة إلى الاحتقان المذهبي والطائفي، فيما الأبواب ما زالت مفتوحة أمام إخراج عملية تأليف الحكومة من التأزُّم السياسي الذي يحاصرها بقرار من عون وباسيل اللذين يدرسان الآن الخطوات الواجب اعتمادها للرد على بكركي في ضوء ما تردّد بأن «التيار الوطني» يميل إلى تنظيم مهرجان مضاد للمهرجان التضامني مع الراعي.

كما تردّد أن «حزب الله» يميل إلى حصر الرد حتى إشعار آخر بفريق رئيس الجمهورية وتياره السياسي، لأن مجرد دخوله كطرف على خط بعبدا – بكركي يمكن ألا يخدم حليفه بعد أن بلغ الفرز في الشارع المسيحي ذروته، ولم يعد ممكناً اللعب على الوتر الطائفي في مواصلة التحريض على الحريري باتهامه بمصادرة ما تبقى من صلاحيات لرئيس الجمهورية بعد أن ارتدّت كرة التعطيل إلى مرماه وبات يفتقد إلى رافعة مسيحية لاسترداد زمام المبادرة.

 

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

بكركي – حزب الله: هاتف الحارة لم يوقف تداعيات حشد السبت!

القطاع التجاري إلى العمل.. وقرارات للمركزي حول المصارف والكهرباء اليوم

 

ما خلا الأجندة السياسية، والانفراج السياسي، وحتى الحكومي، يحفل الأسبوع الأوّل من آذار بعدة استحقاقات، منها التلقائي، ومنها المبرمج، مثل ملاءة المصارف، وفقاً لتعاميم مصرف لبنان، لا سيما التعميمين رقم 567 و154 والذي صدر في 26/27 آب الماضي، والمتعلقة بإلزام المصارف بتوفير 3 مليارات و375 مليون دولار، لـ3٪ من ميزانيتها بالعملة الصعبة، والتي انتهى أمس 28 شباط، ومنها أيضاً مآل الانتقال إلى المرحلة الثالثة من التخفيف من الإجراءات المؤدية الى الانتقال التدريجي لإعادة فتح البلد، فضلاً عن مآل تعويل صفقة شراء الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، بعد عدم وفاء المؤسسة بتعهداتها بالعودة الى الانتظام بالتقنين بدءً من بعد ظهر السبت الماضي، لكن التقنين زاد، وخرج المواطنون إلى الشارع للمطالبة بعودة الكهرباء، وترقب، من جهة أخرى، كيفية توزيع اللقاحات، والطعوم التي يتعين ان يتناولها اللبنانيون، مع إعادة فتح البد، إذ بلغت منصة اللقاحات، تلقح أكثر من 50 ألفاً تناولوا الطعوم، حسب وزارة الصحة.

 

وفي هذه الأجواء، رسمت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة صورة تشاؤمية عن مصير الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة، ووصفت الوضع الحالي بالمغلق داخليا في الوقت الحاضر. وحددت المصادر النقطة التي توقفت عندها المشاورات بتسلم رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلة الوزارية من الرئيس المكلف سعد الحريري من دون ان يعطي رده النهائي عليها، سلبا أو إيجابا حسب الدستور في حين تمحورت المشاورات التي تلتها على محاولة التملص من التفاهمات السابقة، ان لجهة حجم الوزارة او توزيع الحقائب او تسمية الوزراء.

 

بينما كانت مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المباشرة وغير المباشرة هي التي تتحكم من وراء الكواليس كما هو معلوم في اعاقة حسم ملف التشكيل بكل امكانياته ووضع ما يمكن من عراقيل مفتعلة ومطالب تعجيزية بهدف ابتزاز الرئيس المكلف والالتفاف على صيغة تأليف حكومة مهمة من الأخصائيين استنادا للمبادرة الفرنسية لفرض حكومة محاصصة مستنسخة عن الحكومات السابقة، يستحصل فيها على حصة الثلث المعطل مع الاحتفاظ بالوزارات الوازنة كوزارة الطاقة وغيرها.

 

وفي اعتقاد المصادر ان التعطيل المتعمد من قبل الفريق الرئاسي لعملية تشكيل الحكومة الجديدة لم يعد محصورا به، بل تجاوزه بشكل واضح الى حزب الله الذي يوجه مواقف مسايرة وحمالة أوجه لتاليف الحكومة، ولكنها لا تقدم او تؤخر،بل تزيد في الشكوك حول النوايا الحقيقية للحزب، والتي تؤشر في مكان ما الى تأجيل البت بالتشكيل حاليا، والاستمرار بسياسة المماطلة وابقاء الملف اللبناني رهينة واستغلال من قبل ايران لتقايض عليه في المفاوضات المرتقبة حول الملف النووي الايراني مع الولايات المتحدة الأميركية لصالحها على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين.

 

وازاء الانشغال، بما حدث السبت في بكركي، قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الفرقاء المعنيين قالوا رأيهم في تحرك بكركي وما جرى يوم السبت، لكن الأنظار تبقى مشدودة إلى خطوات البطريرك الماروني بعد موقفه الأخير والأصداء الدولية حوله مع العلم ان البطريرك الراعي فسر لعدد من المسؤولين والسفراء العرب والأجانب طرحه من الحياد.

 

وتوقعت المصادر أن تستمر مفاعيل خطاب البطريرك. دون معرفة ما إذا كان هناك من لقاء قريب سيجمعه مع رئيس الجمهورية بعد التحرك الأخير.

 

إلى ذلك أوضحت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن للحياد شروطه ولا بد معرفة من يحايد من ومع من سيصار إلى ممارسة الحياد ولفتت إلى أن ما من أحد ضد الحياد في لبنان لكن السؤال المطروح هل من قدرة على حماية الحياد وفرض هذا الأمر على الدول المجاورة وجعلها تحترم الحياد.

 

انقسام داخل التيار العوني

 

بالمقابل، تفاعلت الأحداث الاخيرة داخل التيار الوطني الحر، لاسيما منها التعثر بتشكيل الحكومة الجديدة، والموقف السلبي من دعوات البطريرك الماروني بشارة الراعي لرئيس الجمهورية وفريقه لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة وتكريس حياد لبنان واخيرا مطالبته بعقد مؤتمر دولي لحل الأزمةاللبنانية. وظهر انقسام واضح داخل التيار وخلاف في طريقة الادارة السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.

 

ويعتبر فريق من المخضرمين داخل التيار ان النهج المتفرد الذي يقوده رئيس التيار جبران باسيل وقلة من مؤيديه في تقرير السياسية المتبعة واتخاذ القرارات منذ تولي رئيس الجمهورية ميشال عون لمهاماته، لم يكن موفقا ويتعارض مع المبادىء والمسلمات الأساسية للتيار، ما ادى الى تعثر في الاداء الرئاسي وفشلا في تنفيذ الوعود والمطالب الشعبية واساء لسمعة التيار لدى اللبنانيين وخصوصا بين مؤيديه.

 

وبدلا من الإستفادة من الاخطاء السابقة وتصويبها نحو الاحسن، استمر النهج ذاته وكأن شيئا لم يحصل، ان كان بالتعاطي السلبي لتشكيل الحكومة بطابع يغلب عليه الشخصانية والتفرد ولا يراعي لانقضاء ولاية الرئيس بغياب اي من الانجازات الموعودة.بل بات ينذر بمؤشرات تفكك الدولة ومؤسساتها اذا استمر النهج السائد على حاله.

 

ويضيف هذا الفريق المعترض على الاداء السلبي لباسيل، أن النهج المتبع تجاوز كل الحدود، ليس بالخلاف السياسي مع معظم الاطراف السياسيين والدول الشقيقة والصديقة، بل شمل كذلك البطريركية المارونية لاسباب غير منطقية لا تعود بالفائدة على الرئاسة اوالتيار، بل تضر بمصلحة التيار والمسيحيين على حد سواء.

 

ويتساءل هذا الفريق لماذا تجهض وساطة بكركي لانجاح مساعي تشكيل الحكومة والخروج من الازمة الحالية ولاي هدف يتم تجاوز دور وموقع البطريرك ومخاطبة الفاتيكان مباشرة من وراء ظهره، في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ لبنان؟ وهذا التصرف في رأي هذا الفريق لا يمكن تبريره او السكوت عنه ولا بد من بذل كل الجهود لتصحيح ماحصل لانه من غير المعقول تظهير الخلاف مع البطريرك الماروني على هذا النحو لانه في مكان ما يطالب بتسريع تشكيل الحكومة العتيدة حفاظا على مصلحة الوطن واللبنانيين.

 

العقد الحكومية

 

حكومياً، يبدو أن المساعي التي قام بها اكثرمن طرف محلي وخارجي لم تسفر عن حلحلة العقد المستحكمة بتشكيل الحكومة، بسبب بقاء مواقف الرئيسين عون والحريري على حالها، حول حقيبتي العدل والداخلية وتوسيع الحكومة الى عشرين وزيراً. وذكرت مصادر مطلعة على موقف الحريري انه وافق على مبادرة الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم ومن ثم البطريرك بشارة الراعي، بأن يختار الرئيسان وزيري حقيبتي العدل والداخلية واحد لكل منهما بالتوافق، بينما يرفضها عون ويصر على تسمية احد الوزيرين والتوافق على الآخر. فيما عدد وزراء الحكومة والثلث المعطل غير قابلين للبحث.

 

واوضحت المصادر ان الحريري لن يرضى بما يحاول ان يفرضه عون، لذلك هناك تباعد كبير بين طرحي الرئيسين.

 

ورأى رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان ان أمر الحكومة هو بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية وطالب الحريري بوتيرة أسرع للتواصل مع الرئيس ميشال عون..

 

ودعا للخروج من الأزمة بإعادة بناء الثقة، مطالباً بالتفاهم على مشروع الحكومة..

 

حشد بكركي والتأثير على الداخل

 

وعلى الصعيد السياسي، سيتأثر الوضع الداخلي سلباً او إيجاباً بما حصل يوم السبت، من تجمع سياسي حزبي في بكركي وكلمة البطريرك بشارة الراعي، التي استهدف فيها مكونات سياسية كثيرة، لحثها على تلبية مطالب الناس وتشكيل الحكومة ومعالجة الوضع المعيشي، عدا كلامه عن «الدويلة والسلاح غير الشرعي» الذي يقصد به حزب الله. وعن التدويل الذي يرفضه اكثرمن طرف سياسي وازن وفاعل. وبدأت التساؤلات عن مصير العلاقة بين بكركي وحزب الله. لكن المعلومات افادت انه حصل اتصال قبل يومين اي قبل تجمع يوم السبت وكلمة البطريرك الراعي، من قبل اللجنة المشتركة ما بين اعضائها وكان كلام عن اجتماع مرتقب قريبا والاجواء لا تبشر الا بصفحة حوارية قريبة. لكن بعد كلمة الراعي وتقصده الحديث عن سلاح حزب الله ولومواربة لم يعرف ما إذا كان اللقاء سيحصل ام يتم تأجيله.

 

واليوم يزور وفد من تيّار المستقبل بكركي، ناقلاً رسالة من الرئيس الحريري، تتعلق بمواقفه والشأن الحكومي، كما يزور الوفد مطرانية بيروت للروم الارثوذكس للقاء المطران الياس عودة.

 

وبلغ مسار الافتراق عمّا يجري، في عظة الحياد في 5 تموز، تصاعداً إلى «سبت الحشد» والكلام النوعي في التحوّل البطريركي إلى المطالبة الملحة بعقد مؤتمر دولي لبحث وضع لبنان.

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سيذهب إلى ما هو أبعد، من خلال خطة تبدأ بشرح المبادرة محلياً، ثم الانتقال إلى عواصم القرار، والعواصم المعنية، فضلاً عن تحرك مجموعات قريبة من بكركي لشرح الصورة السياسية والمبادرة في بلاد الاغتراب في أميركا واوستراليا وأوروبا.

 

وردة الفعل، لدى فريق حزب الله، تمثلت بجملة رسائل، سياسية وميدانية، وروحية، بكلام للمفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان، وصف فيه الأزمة الوطنية بأنها بلغت حدّ الاشتباك الخطأ، والتوصيف الخطأ، مشيراً إلى ان سيادة لبنان تمر بدولة مواطنة لا دولة طوائف، لافتاً إلى ان شرعية السلاح مصدره التحرير ومنع العدوان وليس الشعارات. ونحن مع مؤتمر دولي بنسخة الصين.

 

ثم للنائب في كتلة الوفاء للمقاومة، الذي وصف التدويل بأنه يُشكّل خطراً وجودياً على لبنان، واعتبر ان هناك من يتلطى خلف بكركي، وقال: من يريد التمسك بالطائف يجب ألا يدعو الدول إلى لبنان لحل ازمتنا، مؤكداً بأن المعالجة تبدأ من الداخل.

 

وقال: التواصل مع بكركي لم ينقطع، ولفت إلى انه كان هناك تواصل مباشر مع بكركي حتى مرحلة كورونا، واليوم هناك تواصل هاتفي، وقبل ما حصل امس في بكركي بيومين كان هناك اتصال مباشر من قيادة حزب الله.

 

وكان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وصف الوضع في لبنان، في لقاء السبت بـ»إننا نواجه حالة انقلابية في كل الميادين في لبنان»، مؤكدا أن هدف دعوته إلى عقد مؤتمر الدولي هو إعلان حياد لبنان.

 

وقال الراعي أمام حشد من اللبنانيين أمام دارة البطريركية المارونية في بكركي كسروان، وفي حضور عدد من رجال الدين المسيحيين والمسلمين، إن خروج لبنان عن الحياد تسبب دائما بانقسام اللبنانيين، معتبرا أن اختيار نظام الحياد هدفه الحفاظ على الكيان اللبناني.

 

ولفت إلى أن كل الحلول الأخرى في لبنان بلغت حائطا مسدودا، وبعدما تأكدنا أن كل ما طرح رفض لكي تبقى الفوضى وتسقط الدولة ويتم الاستلاء على السلطة، لذلك طلبنا عقد مؤتمر دولي حول لبنان.

 

وقال البطريرك الراعي إنه لو تمكن السياسيون من إجراء حوار مسؤول لما طالبنا بعقد مؤتمر دولي برعاية أممية، ونحن لن نقبل أن يجوع الشعب ويعيش الفقر.

 

وأكد الراعي أننا نريد من المؤتمر الدولي إعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات، ويثبت الكيان اللبناني المعرض للخطر، وأضاف أننا نريد من المؤتمر الدولي منع توطين الفلسطينيين وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

 

وقال الراعي إن «عظمة حركات المقاومة أن تعمل بكنف الدولة.. فأين نحن من هذا؟»، وأضاف لا يوجد جيشان أو جيوش في دولة واحدة ولا شعبان في دولة واحدة.

 

ودعا اللبنانيين إلى عدم السكوت على السلاح غير الشرعي وعن فساد السياسيين وعن الانقلاب على الدولة والنظام وعدم تأليف الحكومة وعدم إجراء الإصلاحات.

 

وبينما أكد الراعي أن الشراكة المسيحية الإسلامية في لبنان غير قابلة للمس، قاطعه المشاركون بالفاعلية الذين بلغ عددهم المئات مع الحفاظ على قيود كورونا، بشعارات «الشعب يريد إسقاط النظام»، «ارحل ميشال عون»، و«حزب الله إرهابي».

 

وعلى الأرض سارت تظاهرات في بعض شوارع الضاحية، وحملت اعلام حزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي دفاعاً عن شرعية سلاح حزب الله.

 

وكشف وزير الإعلام السابق ملحم رياشي ان المتظاهرين اطلقوا شعارات معادية لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

 

المرحلة الثالثة

 

وتنطلق اليوم، الاثنين 1 آذار المرحلة الثالثة من إعادة فتح البلد تدريجياً، بعد اقفال تام دام نحو شهرين، وفقاً لإجراءات وشروط خاصة بملف مكافحة كورونا.

 

وأعلنت ​غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث​ عن إجراءات ​الفتح​ التدريجي الجديدة بدءا من اليوم، ويبقى تدبير حظر الخروج والولوج معمولا به اعتبارا من الساعة الثامنة مساءً للساعة 5 صباحا مع الزامية ارتداء ​الكمامة، وتمنع التجمعات على الشواطئ والأرصفة باستثناء ​الرياضة​ الفردية وتبقى ​الحدائق العامة​ مغلقة، وتمنع التجمعات والمناسبات الدينية والإجتماعية، ويتم التقيد بعدد 3 أشخاص ضمنهم السائق عند الإنتقال بواسطة ​السيارات العمومية​، و50 بالمئة من سعة باقي وسائل النقل، مع الزامية ارتداء الكمامة لجميع الركاب، وأوضحت الغرفة المؤسسات التي يجب على المواطنين الإستحصال على إذن من المنصة للذهاب إليها.

 

اجتماع في المركزي

 

مالياً، يعقد اليوم اجتماع مالي مصرفي مهم في مصرف لبنان برئاسة الحاكم رياض سلامة، وسيضم المجلس المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية، ويتناول شؤوناً مصرفية مهمة بما فيها ما رفعته المصارف في ما خص التزامها بالتعاميم المتعلقة بالملاءة بالدولار.

 

احتجاجات ضد التقنين القاسي للكهرباء

 

واحتجاجاً على قطع الكهرباء القاسي في بيروت والمناطق، خرج المواطنون إلى الشوارع، فقطعوا الطرقات على طريق سليم سلام بالاتجاهين، وكذلك على كورونيش المزرعة – تقاطع أبو شاكر، ومحلة بشارة الخوري، وصولاً إلى نقطة جسر المطار بالاطارات المشتعلة.

 

375033 إصابة

 

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي 2258 إصابة جديدة بفايروس كورونا، و40 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 375033 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.

 

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة الديار

مصارفٌ لبنانية مُهدّدة بالخروج من المشهد المصرفي… وأخطاء استراتيجية استثمارية

وقف التعامل بالدولار وإجراءاتٌ لإستعادة الودائع ضرورة كبيرة لاستعادة الثقة

شائعاتٌ عن وقف التعامل بالشيكات المصرفية والمطلوب مُلاحقة مافيا مُطلقيها

بروفسور جاسم عجاقة

 

تنصّ النظرية الاقتصادية على أن دور المصارف في اللعبة الاقتصادية هو تمويل الاقتصاد بشقّيه الاستثماري والاستهلاكي. ماذا فعلت المصارف التجارية في الحقبة الماضية؟ الجواب هو أن المصارف موّلت الإستهلاك، وموّلت الدولة اللبنانية بشكل أساسي وبشكل أقلّ الاستثمار. وبعد بدء الأزمة في أيلول من العام 2019، تحوّلت هذه المصارف إلى شبابيك للسحوبات النقدية (Counters) وأصبح دورها محصورًا بشكل خاص على إعطاء المودعين قسمًا من ودائعهم بالليرة اللبنانية، ودون السعر السوقي للدولار الأميركي. وهذا يعني في الواقع بالنسبة للمودع عملية مزدوجة من الكابيتال كونترول الإستنسابي والهيركات!!

 

من التبريرات الشائعة القول أن المصارف اللبنانية تعرضت لكمٍ هائل من الضغوطات على رأسها التراجع الإقتصادي الكبير، العجز في الموازنة العامة، جائحة كورونا، قرار وقف دفع سندات اليوروبوندز، الأزمة السياسية#0236 وغيرها. إلا أن جميع ذلك لا يعفيها من تحمّل قسم كبير من المسؤولية في الأزمة المصرفية، ولعل أبرزها وقوعها في مخاطر التركيز والطمع في الربح السريع.

 

فقد فضلت أكثر المصارف إقراض الدولة على تمويل القطاع الخاص بشقّيه الإستثماري والإستهلاكي، مُعتبرة أن المخاطر على القطاع الخاص كبيرة جدًا وبالتالي وعملاً بالنظرية المالية التي تنصّ على أن الدولة هي اللاعب الأكثر ملاءة، قامت بإقراضها بشكل مُفرط وغير مدروس! فبحسب أرقام كانون الأول 2017، أقرضت المصارف الدوّلة اللبنانية 14.18 مليار دولار أميركي على شكل سندات يوروبوندز. في المُقابل أقرضت هذه المصارف القطاع الخاص (بالدولار الأميركي) ما يُقارب الـ 41 مليار دولار أميركي من أصل 115.9 مليار دولار أميركي ودائع القطاع الخاص بالعمّلة الصعبة وإذا ما حسمّنا أيضًا الإحتياطي الإلزامي والبالغ 17.39 مليار دولار أميركي، فهذا يعني أن هناك 43.5 مليار دولار أميركي تمّ توظيفها خارج الماكينة الإقتصادية.

 

المُشكلة في التوزيع السابق هو الآتي: قيمة القروض إلى الشركات في نفس الفترة بلغ حدود الـ 20 مليار دولار أميركي بأحسن الأحوال (تقديراتنا) أي ما يوازي 41% من الناتج المحلي الإجمالي في حين أن إجمالي ما أقرضته هذه المصارف إلى الدوّلة بالعملة الصعبة يوازي 29% من الناتج المحلّي الإجمالي. بمعنى أخر، بلغت نسبة التركيز في القروض بالعملة الصعبة للدولة اللبنانية مستوى هائلاً جدًا في حين أن مبدأ التنويع والإحتراز يفرض أن لا يزيد هذا التركيز عن 5%. يضاف إلى ذلك، وعملاً بالنظرية المالية، أن ملاءة الدولة هي بعملتها وليس بالعملة الصعبة! فأين كانت المصارف من هذه المخاطر؟ وأين كانت لجنة الرقابة على المصارف من هذه النسبة من التركيز؟ هذه الأسئلة المشروعة تأتي في ظلّ عجز الموازنة والفساد المُستشري والذي جعل من العجز مرضًا خبيثاً منتشراً ومُزمنًا بحيث صارت العلاقة بين العجز والدين علاقة ميكانيكية!

 

وبالنظر إلى هيكلية الدين الإجمالي للبنان أي دين القطاع العام إضافة إلى دين القطاع الخاص، نرى أن دين القطاع العام بلغ 150% من الناتج المحلّي الإجمالي مقارنة بـ 116% للقطاع الخاص (أرقام العام 2017). والمعروف أن نصف دين القطاع الخاص (أقلّه) كان على شكل قروض إستهلاكية، وإذا ما وضعنا جانباً القروض الإستثمارية التي دعمها مصرف لبنان ضمن رزمه التحفيزية، نستنتج أن المصارف اللبنانية أقحمت نفسها في موقف صعب مع تعرضها للنشاط الإقتصادي المُتردّي أصلاً وذلك على صعيدين: القطاع الخاص الذي يقترض بهدف الإستهلاك ويُسدّد من نشاطه الإقتصادي (المبني على الإستيراد)، والقطاع العام الذي يستدين لسد عجزه ويُسدّد من ضرائب على النشاط الإقتصادي.

 

وإذا ما قارنا هيكلية الدين الإجمالي في لبنان مع بعض الدول الأجنبية (أرقام العام 2017) نرى أن حجم الدين الإجمالي كان موازيا تقريباً لحجم معظم الدول (لبنان: 257% من الناتج المحلّي الإجمالي، أميركا: 269%، المانيا: 258%، الصين: 283%، كوريا الجنوبية: 286%)، إلا أن هناك خللاً يُمكن ملاحظته في هيكلية الدين الإجمالي اللبناني. ففي حين أن الدين العام في هذه الدول السابقة الذكر هو تحت عتبة الـ 90% من الناتج المحلّي الإجمالي، نرى أن الدين العام في لبنان تخطى الـ 150%. كما أن قروض القطاع الخاص في هذه الدول تتخطى الـ 150% من الناتج المحلّي الإجمالي في حين أن هذه النسبة في لبنان هي 116% ومعظمها قروض إستهلاكية (أقلّه النصف) وليست إستثمارية للشركات. وعلى هذا الصعيد، يجدر الذكر أن مشكلة الصين الحالية هي مُشكلة معاكسة للبنان من ناحية أن دين الشركات الخاصة عالٍ جداً نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي ويبلغ ضعف دين الشركات الخاصة في الولايات المُتحدة الأميركية. وكخلاصة، يُمكن الإستنتاج أن المصارف اللبنانية كانت توظّف الأموال بشكل أساسي في الـ repo وسندات الخزينة (See the Income Statement of the Banks). وهذا الأمر أفقدها دورها الإقتصادي وجعلها رهينة الوضع المالي الحكومي السيئ.

 

القرار الأساسي رقم 6939 وموضوعه الإطار التنظيمي لكفاية رساميل المصارف العاملة في لبنان، وبالتحديد المادة الحادية عشرة تفرض على كل مصرف وضع خِطّة شاملة لإعادة التقيّد بالمتطلبات الرأسمالية وبالأنظمة المفروضة من مصرف لبنان وتحوي هذه الخطّة على إستراتيجية المصرف، والفترة التي يحتاجها المصرف لتنفيذ هذه الخطّة، والأخذ بعين الإعتبار المؤونات المطلوبة من قبل السلطات النقدية والمصرفية وما قد يترتّب على ذلك من مخاطر قد تتعرّض لها المصارف. هذا التعميم صدر في 2020/8/26 أي بعد جريمة مرفأ بيروت!

 

القرار الأساسي رقم 154 هو قرار يذهب بإتجاه إستعادة المصارف دورها الذي أنيط بها من قبل النظرية الإقتصادية أي تمويل الإستهلاك والإستثمارات، وهذا ممرّ إلزامي! القرار يحوي على العديد من النقاط، ومنها (1) رفع رأسمال المصرف بنسبة 20% و(2) إمتلاك حساب خارجي حرّ من أي إلتزامات لدى المصارف المراسلة لا يقلّ عن 3% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية، و(3) حثّ الزبائن الذين حوّلوا مبالغ تفوق الـ 500 ألف دولار أميركي على إعادة 15% أو 30% للأشخاص المعرّضين سياسيًا.

 

فيما يخصّ شرط رفع رأس المال، تُشير المعلومات المتوافرة إلى أن مُعظم المصارف تقريبًا إستوفت هذا الشرط، إلا أن المُشكلة هي بزيادة السيولة لدى المصارف المراسلة وهو أمر صعب التحقيق بالنسبة للعديد من المصارف. هذا الأمر هو نتيجة طبيعية لنموذج عمل العديد من المصارف الموجودة عن غير جدارة أي أنها أمّنت أرباحها من الفوائد على القروض للدولة اللبنانية من أموال المودعين. لذلك من الطبيعي القول أن المصارف غير القادرة على إستيفاء شروط القرار الأساسي 154، يتوجّب عليها تغيير مهنتها! وبحسب تقديراتنا، فإن أكثر من العديد من المصارف سيتمّ دمجها أو إستحواذها من قبل مصرف لبنان وبالتالي فإن المشهد المصرفي لن يكون كالسابق.

 

بالنسبة لحثّ الزبائن الذين حوّلوا أكثر من 500 ألف دولار في الفترة المُمتدّة ما بعد 2017/7/1، على إعادة 15% أو 30% (للمعرّضين سياسيًا)، يجب معرفة أن الإقتصاد اللبناني هو إقتصاد حرّ وبالتالي لا يوجد أي قانون يُلزم هؤلاء بإرجاع أموالهم أو قسم منها. من هذا المُنطلق، يحوي القرار الأساسي 154 على تهديد وتحفيز في نفس الوقت لحثّ هؤلاء على إعادة الأموال:

 

– على صعيد التهديد، هناك قانون رقم 44/2015 المُتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والذي يسمح لهيئة التحقيق الخاصّة وهي هيئة لا تسري عليها السريّة المصرفية، أن تقوم بالبحث عن مصدر الأموال غير المشروعة كما حدّدتها المادة الأولى من القانون 44/2015 والتي تصنّف الأموال غير المشروعة ومن بينها الفساد، التهريب، التهرّب الضريبي، الإثراء غير المشروع وغير ذلك من النقاط التي تنصّ عليها شرعة حقوق الإنسان. لذا فإن المودع الذي يستطيع إثبات مصدر أمواله وشرعيتها، يُمكنه تجاهل هذا الطلب، لكن في حال كان مصدر الأموال غير شرعي، فيحق في هذه الحالة لهيئة التحقيق الخاصة عملاً بالمادّة السادسة من القانون 44/2015 أن تُجمّد أموال الشخص المعني سواء في لبنان أو في الخارج.

 

– على صعيد الحثّ، المادّة الثانية من القرار الأساسي رقم 154، تنصّ بكل وضوح على دفع فوائد على هذه الأموال المُجمّدة دون التقيّد بسقوف الفوائد المعمول بها. أيضًا في نفس المادّة، هناك إلزام للمصارف بإعادة هذه الأموال إلى أصحابها بعد إنقضاء فترة الخمس سنوات بنفس الطريقة التي إستلمتها بها مهما كانت الظروف.

 

ويبقى السؤال: هل يُمدّد مصرف لبنان مهلة تطبيق القرار الأساسي 154 أو أنه سيعمد إلى تطبيقه مع علمه المُسبق أن العديد من المصارف لا تستوفي الشروط؟

 

من الناحية العملية، أولاً هناك مخاوف لدى المصارف اللبنانية من ناحية إلزامها تمويل الإستيراد في ظّل إستمرار التهريب، خاصة أن المادّة الثانية من القرار الأساسي رقم 154، تنصّ على إستعمال الأموال لتسهيل العمليات الخارجية المُحفّزة للإقتصاد. وبالتالي يتساءل القيمون على المصارف اللبنانية عن جدوى الإلتزام بهذا التعميم في ظل غياب أفق سياسية لحلحة الوضع.

 

وثانياً، إبتداءً من نهار الإثنين ـ أي اليوم ـ ، ستقوم المصارف بإرسال ملفّاتها إلى المصرف المركزي لكي تقوم لجنة الرقابة على المصارف بدراسة هذه الملفات ومن ثم ترفع توصياتها إلى المجلس المركزي الذي سيأخذ القرار المُناسب. في الواقع، الوضع السياسي، قد يضغط لصالح تمديد الشق المُتعلّق بزيادة السيولة لدى المصارف المراسلة لبعض المصارف التي تُظهر جدّية في قدرتها على تأمين السيولة.

 

تطبيق هذا القرار الأساسي يضع مصرف لبنان أمام إمتحان مصداقية أمام الأسواق المالية خصوصًا أن فشل تطبيق هذا القرار يعني نهاية القطاع المصرفي الذي تدخل المحافظة عليه ضمن نطاق مهام مصرف لبنان التي نصّت عليها المادة 70 من قانون النقد والتسليف. هذه المصداقية تنصّ على مُعالجة الثغرات التي شابت عمل المصارف في المرحلة السابقة خصوصًا من ناحية السياسة الإقراضية التي إتبعتها هذه المصارف ولكن أيضًا إخراج المصارف التي لا تستطيع حماية الودائع الموجودة عندها، من القطاع المصرفي. وبالتالي فإن مصداقية مصرف لبنان تنصّ على إلزام المصارف وضع خارطة طريق واضحة لإعادة الودائع إلى أصحابها. وإذا كانت المصارف اللبنانية تأخذ الوضع السياسي القائم على أنه عذر شرعي لها في عملية النهوض، إلا أن الأخذ بعين الإعتبار هذا العامل قد لا يشكل عاملاً أساسياً بالنسبة للنظرة الخارجية بحكم أن هذه النظرة صنّفت وستُصنّف المصارف اللبنانية على أنها معرضة بقوة، أي أكثر مما يجب للمخاطر السياسية. وهذا قد لا يساعدها في النهوض في المستقبل بحكم إن العامل السياسي المتقلب والضاغط في لبنان لا يتوقع زواله لا قريباً ولا مستقبلاً، لذا، برأينا يجب أن تنأى المصارف في خططها عن إعطاء هذا العامل وزناً ثقيلاً…

 

في هذا الوقت، أخذ بعض الصرافين الرئيسيين في بعض المناطق (نتحفظ عن ذكرها) بتعميم شائعات عن قرب وقف العمل بالشيكات المصرفية وبالتالي فإن نسبة الكاش إلى قيمة المبلغ ستُصبح 20% بعد أن كانت سابقًا 30% مما يعني زيادة أرباح بعض المضاربين! هذا الأمر يعني خلق فوضى في السوق خصوصًا أن بعض المودعين سيعمد إلى الإستعجال بسحب أمواله عبر شيكات مصرفية وبالتالي سيؤدي ذلك الى إرتفاع بسعر صرف الدولار في المرحلة المُقبلة وتسجيل خسارة كبيرة على المودعين!

 

إن وقف العمل بالشيكات هو قتل للقطاع المصرفي ومن خلفه الإقتصاد ومن بعده ضرب معيشة الناس! من هذا المُنطلق، المطلوب من الأجهزة الرقابية ملاحقة مُطلقي هذه الشائعات إضافة إلى تجّار الشيكات التي خلقت Arbitrage بحكم القيود على السحب. هذا الأمر يفرض إقرار قانون الكابيتال كنترول ولكن أيضًا وقف التعامل بالدولار الأميركي بكل أشكاله في التعاملات التجارية الداخلية ووقف التجارة بالشيكات المصرفية لأن الحلقة الأضعف في كل هذه اللعبة القذرة، والضحية من وراء كل ذلك سيبقى بدون أدنى شكّ المواطن اللبناني.

 

ومن هنا لا بد للنظام المصرفي إذا ما أراد النهوض من جديد في ظل التعاميم التي تحاول جاهدة أن تحيي من جديد روح الثقة، ليس فقط أن تؤكد على أحقية قبض التحويلات الخارجية نقدًا، فهذا أضعف الإيمان، ولكن أن ترسم النظرة المستقبلية للودائع المحجوزة لديها، وإلا فما أدرانا أن الحساب «لفريش» الآن لن يتحول مع أي أزمة جديدة إلى فئة دولارية جديدة.

 

 

*****************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

الراعي:لا لدولتين في دولة واحده..”لا تسكتوا عن السلاح”

 

استهل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، كلمته اول امس السبت أمام الوفود الداعمة لمواقفه، بالدعوة الى الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء انفجار مرفأ بيروت، وشدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في كلمة له أمام الحشود التي تجمعت في الصرح البطريركي في بكركي دعماً لمواقفه، على أننا «سننقذ لبنان. وتوجه إلى الحاضرين بالقول: «حضرتم من كل لبنان رغم أخطار كورونا، من أجل دعم طرح الحياد وطرح مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، ومن أجل المطالبة بإنقاذ لبنان»، لافتاً إلى أننا «كلنا سننقذ معاً لبنان وأشكركم على محبتكم وعلى هذا التنظيم».

 

الحياد

 

ولفت الراعي الى ان «خروج الدولة أو قوى عن سياسة الحياد هو السبب الرئيسي لكل أزمانتنا والحروب التي وقعت في لبنان»، مشيراً الى ان «التجارب اثبتت أن كل مرة انحاز البعض إلى محور إقليمي أو دولي انقسم الشعب وعلق الدستور وتعطلت الدولة وانتكست الصيغة واندلعت الحروب، فجوهر الكيان اللبناني المستقل هو الحياد بل الهدف من إنشاء دولة لبنان هو خلق كيان لبناني حيادي في هذا الشرق يشكل صلة وصل بين شعوب المنطقة وحضاراتها وجسر تواصل بين الشرق والغرب».

 

المؤتمر الدولي

 

وبيّن الراعي ان «اختيار نظام الحياد هو للمحالفظة على دولة لبنان في كيانها الحالي الذي أساسه الإنتماء اليه بالمواطنة وليس بالدين وميزته التعددية الثقافية والدينية والإنفتاح على كل الدول وعدم الإنحياز»، مؤكداً ان «الدعوة إلى إقرار حياد لبنان نسعى إلى إعطائه صفة دستورية ثابتة بعد ورود ذكره في أشكال شتى وتعابير مختلفة في وثيقة انشاء لبنان وفي بيان حكومة الإستقلال وفي بيانات كل الحكومة المتتالية وصولا إلى إعلان بعبدا في العام 2012، ونحن مع المؤتمر الدولي لإنقاذ لبنان وطالبنا بذلك لأن كل الحلول الأخرى وصلت إلى حائط مسدود ولم نتمكن في ما بيننا من الإتفاق على مصير وطننا، حتى أن السياسيين المعنيين لم يتمكنوا من الجلوس على طاولة واحدة للحوار بشأن الوطن، ونحن مع المعالجة الداخلية فليتفضلوا إلى ذلك».

 

حالة انقلابية

 

وأكد الراعي ان «طالبنا بمؤتمر دولي لأن كل الطروحات رفضت حتى تسقط الدولة ويتم الإستلاء على مقاليد السلطة، ونحن نواجه حالة إنقلابية بكل معنى الكلمة على كل ومختلف الميادين الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وعلى ما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق»، مشدداً على ان «الإنقلاب الأول كان على وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها مؤتمر الطائف الذي عقد برعاية دولية وعربية ولم يطبق حتى اليوم بكامل نصه وبروحه، وعدل الدستور على أساسه فظهرت ثغارات أثرت بالعمق على حياة الدولة حتى أصيب بالشلل»، مشدداً على انه «لو تمكنت الجماعة السياسية من إجراء حوار لتحصين الوثيقة ومعالجة الثغرات في الدستور لما طالبنا بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يساعدنا على معالجة العقد التي تشل المؤسسات الدستورية، ونحن نريد من المؤتمر الدولي أن يثبت الكيان اللبناني المعارض جدياً للخطر وأن يعيد تثبيت حدوده الدولية، وأن يجدد دعم النظام الديمقراطي الذي يعبر عن تمسك اللبنانيين بالحرية والعدالة والمساواة، وإعلان حياد لبنان كي لا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرض الإنقسامات ويتأسس على قوة التوازن لا على موزاين القوى التي تنذر دائما بالحروب، وأن يتخذ جميع الإجراءات لتنفيذ القرارات الدولية المعنية بلبنان التي لم تنفذ أو نفذت جزئياً، لأن تنفيذها من شأنه أن ينقذ إستقلال لبنان وسيادته ويسمح للدولة أن تبسط سلطتها الشرعية على كامل أراضيها من دون أي شراكة أو منافسة».

 

الجيش وحده

 

واعلن الراعي انه «نريد من المؤتمر الدولي أن يوفر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان والقادر على إستعداد القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب من خلال نظام دفاعي شرعي يمسك بقرار الحرب والسلم، ونحن نريد من المؤتمر الدولي أن يحسم وضع خطة تنفيذية سريعة لمنع توطين الفلسطينيين وإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم ولا نريد منه جيوشاً ومعسكرات أو المس بكيان لبنان فهو غير قابل لإعادة النظر وحدود لبنان غير قابلة للتعديل وشركته المسيحية – الإسلامية غير قابلة للمس وديموقراطيته غير قابلة للنقض ودوره غير قابل للتشويش وهويته غير قابلة للتزوير».

 

تطوير النظام

 

وأوضح ان «اي تطوير للنظام اللبناني لا يجوز أن يكون على حساب ما تم الإتفاق عليه منذ تأسيس دولة لبنان، والتطوير لا يعني إلغاء المواثيق الدستورية بل توضيح الملتبس بها كي تتكامل السلطات الدستورية، وهو لا يعني محو الماضي بل تحصين الثوابات، ومن حقنا العيش حياة كريمة في وطننا، لقد ولدنا لنعيش في مروج السلام الدائم لا في ساحات القتال الدائم، وجميع مشاكل الشعوب باتت قابلة للحل بالحوار والتفاوض والعلاقات السلمية»، مشيراً الى ان «كل ما نطرحه اليوم هو لتجديد وجودنا الحر والسيد والمستقل وهو لإحياء الدولة اللبنانية المعطلة والمصادرة، فحررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأدائها، فعظمة حركات التحرر والمقاومة في العالم هي أن تصب في كنف الدولة وشرعيتها وعظمة الدولة أن تخدم شعبها، فاين نحن ودولتنا من هذه العظمة»؟، والدولة هي الكيان الأسمى ولذلك لا تتقبل الإلتباس والإزدواجية والإستضعاف، فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا يوجد جيشان أو جيوش على أرض واحدة ولا يوجد شعبان أو شعوب في وطن واحد، أن أي تلاعب بهذه الثوابت يهدد وحدة الدولة، ونحن هنا نطرح مشاريع حلول لا مشاريع مشاكل، وهي لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لأن الحل الحقيقي هو حل لكل الشعب لا لفئة دون سواها».

 

مستقبل لبنان

 

وأعلن الراعي ان «الدم اللبناني الساري في عروقكم هو الذي قادكم اليوم عفويا بالرغم من كل الأخطاء إلى هذا الصرح البطريركي بالذات ولن تخيب آمالكم، فأنتم الذين هنا وأنتم الذين هناك وتشاركون في هذه اللقاء عبر شاشات التلفاز تشكلون مصدر ثقتنا بالمستقبل، وأنتم مستقبل لبنان ولبنان مستقبلكم، لبنان للجميع أو لا يكون والجميع للبنان أو لن يكونوا، وأفهم صرختكم وغضبكم وإنتفاضتكم وثورتكم، فلا تسكتوا عن تعدد الولاءات أو عن الفساد أو عن سلب أموالكم أو عن الحدود السائبة أو عن خرق أجواء لبنان أو عن فشل الطبقة السياسية أو عن الخيارات الخاطئة والإنحياز وفوضى التحقيق في جريمة المرفأ أو عن تسييس القضاء أو عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني أو عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين أو عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين أو عن مصادرة القرار الوطني أو عن الإنقلاب على الدولة والنظام أو عن عدم تأليف الحكومة أو على عدم إجراء الإصلاحات أو عن نسيان الشهداء الذين هم ذخيرة وجودنا الروحي والوطني».

 

كلمة المنظمين

 

ماري أنج نهرا دعت في كلمة ألقتها باسم منظمي تجمع بكركي، الى «الالتفاف حول دولة نزيهة تفرض ثقتها على المجتمع الدولي، كون لبنان عضوا فيه كما في جامعة الدول العربية».

 

وإذ أكدت أنه «واجب علينا أن نصوب ونحاسب كل من استلم السلطة في لبنان»، قالت: «انتفضنا في 17 تشرين وافترشنا الارض كما اليوم تماما واظهرنا كل رقي وحضارة. نحن شعب منفتح نحب الحياة والعيش المشترك يسعى للتطور والانماء في مواكبة لدول العالم المتحضر، وطرحكم خشبة خلاص لكل لبناني مؤمن بوطنه ولكل شعب لبنان».

 

الوفود

 

وكانت الوفود تقاطرت الى ساحة الصرح البطريركي في بكركي للمشاركة في التحرك الداعم لطروحات سيده البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وسطة مواكبة امنية كبيرة وانتشار للعناصر على طول الطرق المؤدية الى الصرح. ورفعت في الباحة الخارجية 3 لافتات «لبنان اولا واخيرا»، «حياد – سيادة – استقرار»، و»بكركي لكل لبنان». وصدحت في الصرح «أناشيد وطنية ودينية». وحضر الى الصرح لبنانيون من كل المناطق والمذاهب والطوائف، مؤيدين حياد لبنان والذهاب نحو مؤتمر دولي لاخراجه من أزمته.

 

لقاء روحي

 

وشارك وفد من اللقاء الروحي في لبنان الذي يضم مسلمين ومسيحيين في التحرك وعلى رأسه السيد حسن الامين الشيخ عامر زين الدين والشيخ احمد المصري والاب ايلي كيوان. كما سجلت مشاركة شعبية واسعة من مؤسسات مارونية، خصوصا «الانتشار الماروني» و»موارنة من أجل لبنان» اضافة الى عدد كبير من الكهنة والاخويات والروابط المسيحية في القرى، الى جانب وفود درزية من الجبل ووفود سنية من طرابلس والضنية.

 

وقرابة الثالثة والنصف امتلأت الساحة بالمؤيدين واستمر توافد الحافلات والسيارات.