شكراً بيار رفول

حسمها الاستاذ بيار رفول فكشف صراحة موقع التيار الذي ينتمي اليه وانتماء قيادته وعلى رأسها رئيس الدولة الى محور “الممانعة والمقاومة” وموافقته على نهج هذا المحور الذي تقوده ايران، وعلى سلوك ميليشياته وتنظيماته في العراق واليمن ولبنان وسوريا.

وفي الحقيقة يُشكر رفول على صراحته. فقد كان التحاق فخامة الرئيس وتياره بالمحور المذكور قابلاً للأخذ والرد، للشدّ والجذب والتوضيح والتوضيح المضاد. وهذا ما كان ليرضي القوة الفاعلة محلياً في المحور، وما كان ليضمن استمرار دعمها في المحطات المقبلة، ومنها محطات حاسمة، بدءاً من طبيعة الحكومة مروراً بمصير الانتخابات النيابية وصولاً الى تعيين الرئيس المقبل للجمهورية المقاومة.

ولم تأت توضيحات المسؤول الكبير في التيار صدفةً أو انزلاقاً. فالرجل درس الواقع الجيوسياسي جيداً وتوصل الى خلاصة حاسمة، ما زال المحور يتردد في إعلانها، ومفادها أن الولايات المتحدة الأميركية قد هُزِمت، والدليل الأقرب سحب تصنيفها للحوثيين كتنظيم إرهابي ومدِّها يد التفاوض إلى ايران. وبما ان الهزيمة أمام طرف في المحور تعني استسلاماً للأطراف الأخرى فيه، فإن واشنطن ستأتي صاغرة للتفاوض مع العونيين، فلا فرق بين الحوثيين والعونيين الا بالتقوى في محراب الممانعة!

هذا الالتزام وتلك الثقة المتينة بالخيارات الحاسمة يجعلان الصورة أوضح بما لا يُقاس. لا مجال للرمادي في الألوان ولا ضرورة للبحث في مقتضيات المرحلة خارج حاجات الاستعداد للتفاوض من الند الى الند مع العدو الأميركي. واستطراداً ما من حاجة الى حكومة إختصاصيين تتولى تنفيذ برنامج الإصلاحات والنهوض، ولا حاجة لكل تلك القوى السياسية اللبنانية المعارضة بمن فيها من يتحرك في الشارع منذ 17 تشرين، وبالتأكيد لن تكون مواقف بكركي ودعواتها لتحييد لبنان واستعادة الدولة الشرعية، سوى وضعٍ للعصي في دواليب المسيرة الظافرة التي بدأت معالمها بالإرتسام على شاطئ الحديدة.

يُشكر رفول على صراحته واجتهاداته، لأنه جعل الصورة أكثر وضوحاً، ولأنه وضع اللبنانيين بمن فيهم جمهور التيار الذي يتحدث باسمه، أمام خيارات مصيرية تجعلهم يفكرون للمرة الألف بما يمكن أن تقودهم إليه المغامرات المصلحية الخاصة النقيضة للأسس التي قام عليها لبنان. تلك الأسس التي تضمن استقلاله وسيادته واستقراره في كنف الشرعيتين العربية والدولية. وللأسف، لم يتعلم كثيرون من تجارب الإلتحاق والاستقواء، ومن أشخاص مرّوا، إعتقدوا يوماً انهم يتحدثون باسم دول ومحاور فاذا بهم كميات مهملة ومنسية على مفارق الثوابت وتحولاتها.

طوني فرنسيس-نداء الوطن