البطريرك يلاقي انتفاضة حشد بكركي

أيّاً تكن المواقف والتقويمات التي صدرت وستصدر تباعاً حيال ما شهدته بكركي، أمس، في “السبت الكبير”، فإنّ الواقع الموضوعي لمجريات هذا اليوم لا تقل عن إدراجه في مصاف الأيام التاريخية للصرح البطريركي الماروني. فليس أمراً عابراً وعادياً أن تشهد باحات بكركي احتشاداً بهذا الحجم على رغم زمن كورونا وعلى رغم الصعوبات الكبيرة لاجتذاب الناس بعد نحو الأفكار والتطلعات الكبيرة، فيما واقع اللبنانيين يضعهم على تماسٍ وحيد مع لقمة العيش والخوف من المرض. ولذا كانت للحشد رسائله المدوّية، والتي لم يتأخّر في الإفصاح عنها، سواء في إعلاء التأييد الحار لطروحات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول الحياد الإيجابي الفعّال للبنان والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة من أجل لبنان. كما أنّ الشعارات التي دوت ضد الهيمنة الإيرانية وضد تحالف السلطة المتحالف مع إيران لم تقل أهمية في دلالاتها عن التوافد من مناطق مختلفة للتعبير عما تعنيه مرجعية بكركي لدى فئات واسعة من اللبنانيين.

أمّا الجانب الاخر الأكثر أهمية في دلالات هذا الحدث، الذي اخترق ضحالة السلطة إلى اقصى الدرجات، فكان في المضامين البارزة والقوية والمعبّرة لخطاب البطريرك الراعي الذي يمكن تصنيفه في إطار الوثائق المتقدمة لإبراز موقف بكركي من أسوأ أزمة مصيرية تعتصر لبنان وتتهدده بكيانه وواقعه الاستراتيجي، فجاء الخطاب بمستوى الاخطار المصيرية وليس أقل من ذلك. وفي ظل الأصداء الفورية المتتابعة التي أثارها خطاب الراعي عبر ردود الفعل التقليدية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتجه الأنظار في الساعات المقبلة لرصد ردود جهات أساسية قد تكون تتخذ مواقف سلبية مما جرى ومن مواقف البطريرك التي اتسمت بنبرة قوية للغاية في إعلانه أنّنا نواجه حالة انقلابية بكل ما للكلمة من معنى، وأطلق سلسلة تحفيزات للشعب المتألم لرفض كل ما يتسبب بمآسيه وكأنّه يسوغ مرة أخرى الانتفاضة الشاملة.

وشدّد البطريرك الراعي، في كلمته أمام الحشد الداعم لمواقفه، على أنّنا “سننقذ لبنان”. وتوجه إلى الحاضرين بالقول: “حضرتم من كل لبنان رغم أخطار كورونا، من أجل دعم طرح الحياد وطرح مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، ومن أجل المطالبة بإنقاذ لبنان”، لافتاً إلى أنّنا “كلنا سننقذ معاً لبنان”.