5 أشهر… مراوحة


استبعدت مصادر سياسية مسؤولة حصول خَرق حكومي في المدى المنظور، في ظلّ الهوة الواسعة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وكذلك في ظل حال الانتظار التي يفرضها البعض ربطاً باستحقاقات خارجيّة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: لبنان دخل في فراغ حكومي منذ استقالة الرئيس حسان دياب في 10 آب الماضي، وبعد أيام قليلة يتم شهره الخامس، وكلّ الأجواء المحيطة بملف التأليف تؤشّر الى استمرار هذا الفراغ ربما لـ5 أشهر أخرى، تُعزّز ذلك الطروحات التعقيدية المتبادلة بين عون والحريري، وصراعهما على حكومة يريدها كلّ منهما أن تكون انعكاساً له، وطَيّعة في يده. وتَبدّى ذلك في إحباطهما كل المساعي والمبادرات وعدم استجابتهما لكل الوساطات التي سَعت الى تقريبهما الى التفاهم على قواسم مشتركة، سواء من الجانب الفرنسي، او من بعض الأصدقاء المشتركين في الداخل، او من قبل حلفاء هذا الطرف او ذاك، او من قبل بعض الوسطاء، كالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. (كان ابراهيم قد قام بزيارة الى بكركي أمس والتقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، حيث طمأنَ بعد اللقاء الى «انّ الأمن مضبوط، ولا أرى أنّ الأمر سيصل الى مرحلة الفلتان». إلّا انه أشار الى «انّ الفقر كافر، لذا لا يجب أن نستغرب نزول الناس الى الشارع للمطالبة بلقمة عيشها»، مؤكداً أنّ «الأمور لن تخرج عن السيطرة». وقال رداً على سؤال حول وساطته: «هناك دائماً أمل ورجاء، والحركة هي دائماً دليل بركة، وغبطته يقوم بالدور الأكبر في هذا الاطار، ونحن نعوّل على ما يقوم به صاحب الغبطة للوصول بالأمور الى خواتيمها السعيدة).

وجَزمت المصادر انّ الجانب الأساس من تعطيل التأليف هو ربط الحكومة بالاستحقاق الاميركي وانتقال السلطة من الادارة الاميركية الحالية الى الادارة الجديدة في الـ20 من الشهر الجاري، وهو في رأي المصادر انتظار فارغ لأنّ الاميركيين غير عابئين أصلاً بلبنان. وبالتالي، لا مكان له في أجندة الادارة الاميركية، أقلّه في المدى المنظور، والتي حدّد الرئيس الاميركي المنتخب أولويّات إدارته، بالعمل على إعادة لملمة آثار إدارة دونالد ترامب، والعمل الفوري على تحدّي وباء كورونا، وعلى ما سمّاها استعادة أميركا لدورها الريادي العالمي، وإعادة الوحدة الاميركية بعد الفرز الذي قال بايدن انّ سياسات ترامب قد أحدثتها، إضافة الى الملفين الصيني والروسي، ومعالجة الكارثة الانسانية على الحدود الجنوبية مع المكسيك، ومعالجة ملفات اللجوء وللاجئين الى أميركا. ولم يُشر الى لبنان لا من قريب أو من بعيد.

وتِبعاً لذلك، تؤكد المصادر «انّ انتظار إدارة بايدن ما هو سوى تضييع للوقت، ناجِم عن قراءات قاصِرة للمشهد الاميركي وموقع لبنان فيه. وعلى اللبنانيين، أمام هذا الواقع، أن يدركوا أن لا أحد يُقيم وزناً للبنان أو يحسب له حساباً، وهذا يُحَتّم نزول المراهنين على متغيّرات، مع تَسلّم الادارة الاميركية الجديدة، الى أرض الواقع، و«تَقليع» شوك تعطيل الحكومة من أيديهم، لعلهم بذلك يتمكنون من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في بلد صارَ في قعر الهاوية.