خاص: ربيعٌ مزَّيف و عقدٌ مشؤوم!

خاص: ربيعٌ مزَّيف و عقدٌ مشؤوم!

محمد ناصرالدين

فالأوطان التي جفَّ دمُها، ماذا ستنزف بعد اليوم؟!

عام جديد قد تتكفل أيامه بالإجابة على هذا السؤال. وإن كان التشاؤم يحلق عالياً وشعاره “تنكفئ الأعوام ولا تنكفئ الآلام!”
عقد كثُر دمه وقل سلامه عاشته خيرة الأوطان العربية، فالعرب الذين اختلفوا في السياسة اجتمعوا في درب الهلاك والحرب… وكانت شعوبهم مسرحاً لإستعراض الآلة التدميرية لجيوش وميليشيات تشتهي الدم والحُطام.
مع نهاية الحرب الباردة، استبشر كثيرون بفترة قياسية من السلام في العالم، وبالفعل عاشت شعوب العالم هذا السلام.. أما العرب فما سمعوا عنه سوى في ندوات ومؤتمرات عقيمة واستُبدِلَت التنمية المستدامة بحروب مستدامة وعنف مقيت ! وكأن العالم اجتمع على جعل الساحة العربية حلبة لتصفية الحسابات وإغلاق الملفات وتمرير الصفقات.

نسائم الربيع العربي التي انطلقت من تونس الخضراء وصلت ليبيا رياحاً حارة، فسقوط القذافي معمر ما كان بداية الإصلاح بل العودة للسلاح وقيام صراعات قبائلية دموية غذتها الايادي الخارجية، صراع أعاد البلاد للقاع وأنذر بدوامة قد تدوم طويلاً مع استمرار انهمار السلاح والمرتزقة من كل حدب وصوب… فأصبحت الصحراء الهادئة ساحة لا بأس بها لتصفية الحسابات الخليجية_التركية_الفرنسية!

أما صنعاء التي تغفو على منحدر جبال السروات، لم تشفع لها عزلتها من الشر المتربص في المنطقة، فتسللت إليها سوسة الحرب الأهلية الطائفية، فمشاهد الجياع والبطون المتقوقعة التي أدمت القلوب، فتحت شهية رياض وطهران للإستمرار في حرب درامية عنوانها “اجعلوا النار تدوم طويلاً!”

إلى دمشق الياسمين، وأيُّ ياسمين ولا رائحة تعلو فوق رائحة الجثث! فالحرب الأهلية الكونية التي دخلت عامها العاشر كانت أفضل اختبار لفعالية الأسلحة الروسية الجديدة على غرار “مقاتلات سوخوي ٥٧ ومروحية التمساح و”الدبابة الذكية BMPT-72 ” وكانت السماء السورية مسرحاً لإستعراضات عملاقة المقاتلات الأميركية” شبح إف-117″، فيما كانت الساحات تغص بعشرات الجيوش والميليشيات التي لكل منها مبتغاها. ولا شك يشوب أن الشعب السوري هو الخاسر الأكيد في هذه المأساة.
للرافدين ذات النصيب الأكبر من الألم ، ١٧ عاماً مضت وبغداد لم تعرف الطريق للسلام، فالحرب والتفجيرات أصبحت من روتينيات الحياة في العراق، وسنة الحياة هناك هي “الشهادة”.
أما بيروت التي سلمت من الحرب، ما سلمت من الدمار. فلبنان الذي هو من أكثر الدول استقبالاً للاجئين نسبة لعدد سكانه، بدأ يدفع ثمن إنسانيته بأزمات إقتصادية حادة تكَللت بمعدلات مُخيفة من الجوع والبطالة، وكأنه قُدِّرَ للعواصم العربية أن تسقط توالياً!

بأمنياتٍ متواضعة نستقبل ال٢٠٢١، علَّه يكون أقل سوءاً وأكثر سلاماً على بلاد خانها السلام.