افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الخميس 31 كانون الأول 2020

 

صحيفة النهار

2021 وراثة الكوارث ام قبس الانفراج؟

 

ليس السؤال ماذا تراهم اللبنانيون يقولون في وداع هذه السنة وكيف سيودعونها وباي انطباعات سيستقبلون السنة الجديدة ، بل الأصح هل تركت السنة الآفلة أنفاسا كافية بعد لدى اللبنانيين للتطلع ببقايا امل الى السنة الجديدة ؟ عند منتصف هذه الليلة تطوي السنة 2020 صفحتها الأخيرة في سجل عالمي وكوني تاريخي كاحدى أسوأ الأعوام التي عرفتها البشرية قاطبة نظرا الى الحدث الأحادي الذي وحد العالم في تداعياته الكارثية المشؤومة وهو انتشار جائحة كورونا في كل العالم مخلفة تداعيات إنسانية وبشرية واقتصادية مخيفة . واذا كانت السنة الآفلة ستسجل في خانة أسوأ الاحداث التي عرفتها البشرية فان ذلك سيضاف الاف المرات حجم الامال المعلقة على السنة الوافدة #2021 خصوصا وسط احتدام صراع وسباق خيالي لا يصدق بين اتساع الانتشار الوبائي في كل العالم مع تسجيل سلالات متطورة جديدة للفيروس وبدء عمليات التلقيح ضد كورونا في الكثير من الدول .

 

هذا الجانب العالمي الذي سيواكب احتفالات كل بلدان العالم بحلول السنة الجديدة ،على بعده ودلالاته التاريخية ، لن يقف حائلا دون الخصوصية الكبيرة والمعبرة والمؤثرة للغاية للحظة اللبنانية التي يقف عندها اللبنانيون عند حافة وداع أسوأ ما عرفوه من كوارث وازمات وانهيارات ومآسي في هذه السنة التي سيحطمون منتصف هذه الليلة كل ما تطاله اياديهم من صحون وزجاج وراءها في مقابل تضخم أمال وتمنيات بل واحلام مشروعة وطبيعية وبديهية في ان ينقلب مع حلول السنة الجديدة قدر لبنان ويبدأ العبور الى نقطة ضؤ علها تحمل فجر الإنقاذ وتطلق مسار الخروج من الكوارث والأزمات والانهيارات . هذه السنة الآفلة الخيالية في مستويات الشؤم والكوارث والتراجعات على كل المستويات ابت الا ان تلفح لبنان بأقسى الاقدار حتى الثانية الأخيرة منها بدليل هذا المشهد الدراماتيكي الذي كان عليه لبنان بين عيدي الميلاد ورأس السنة كأنه اختصار خالص لمجمل ما حل عليه من مصائب ونكبات وكوارث وازمات كانت ذروة تتويجها المشؤومة في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 .

 

سنة شهدت من بداياتها الى نهايتها أسوأ عقاب مصيري ووجودي لشعب قاسى ويقاسي الويلات لانه ابتلي بسلطة حاكمة وطبقة سياسية بات يستحيل إيجاد الاوصاف الكافية التي “تحظيان بجلالها “ في مستويات قياسية من الفشل والقصور والعجز والفساد وحتى التآمر . ولعله لن تكون ثمة حاجة باللبنانيين الى إعادة رمي مسؤوليهم بسيل الشتائم هذه الليلة اذ يكفي استذكار جانب من سجل السنة الآفلة يتعلق بنظرة المجتمع الدولي الى الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لتشكل في ذاتها احدى العلامات الفارقة جدا في احداث السنة . فما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في توصيف الطبقة السياسية بعد عرقلة مبادرته والزيارتين اللتين قام بهما للبنان في آب وأيلول الماضيين يكفي وحده كشهادة معيبة في عدم احترام الوسط الرسمي والسياسي اللبناني لتعهدات تتعلق بانقاذ بلادهم أولا وأخيرا ، فاذا برئيس دولة اجنبية يثبت لهفته على لبنان اكثر من حكامه ومسؤوليه ومعظم سياسييه وقادته . وما لم يقله ماكرون يكمله مسؤولون دوليون وأمميون وخليجيون وغربيون بما يشكل واقعا السقوط الكبير المدوي لهذا العهد وهذا الحكم وهذه الطبقة بمعظم رموزها وقواها .

مسار الانهيارات

مع انصرام السنة الآفلة التي تلفظ أنفاسها بترحيب عميم عارم منتصف هذه الليلة يكون لبنان قد سجل للتاريخ انه شهد الانهيار الأشد قسوة منذ نشأته لان الانهيار وان كان بدأ في العام 2019 وأورث طلائعه للسنة 2020 الا ان مجريات الانهيارات هذه السنة تفاقمت على نحو دراماتيكي على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وجاءت جائحة كورونا لتتوج المسار الكارثي وتدفع بلبنان الى مصاف الدول المدمرة تماما في مستوى تراجعاتها وانهياراتها في هذه السنة .

واذا كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة وبعد تكليف الرئيس سعد الحريري تاليف الحكومة الجديدة أقفلت عشية الميلاد على انتكاسة انهيارية سياسية كرست الانسداد الحاصل في مسار تشكيل الحكومة فان هذا التطور السلبي الذي يظلل المشهد اللبناني مع اطلالة السنة الجديدة يطلق زخات الأسئلة الحائرة والقلقة حيال مستقبل قريب ومتوسط وبعيد المدى سواء بسواء يخشى معه اللبنانيون ان يذهبوا بعيدا في توسل الامال بنقطة ضؤ في نهاية النفق ولو عند مناسبة حلول السنة الجديدة التي ترث من السنة الراحلة اضعاف ما ورثته الأخيرة . ولذا تتحجم الامال وتتواضع وتتضاءل خشية مزيد بل فائض من الصدمات مع انعدام وجود أي رهان بعد الان على استفاقة او يقظة سياسية من شانها ان تحرر اللبنانيين من سياسات التعطيل والفراغ التي باتت بمثابة آلة اغتيال منهجية للنظام الدستوري كما لإنقاذ لبنان من خلال اسقاط دوامة الشروط التعجيزية المتعمدة لمنع تاليف الحكومة قبل اضاءة الإشارة الخضراء الإقليمية المعروفة التي يهيمن محورها على لبنان وسلطته ومعظم مفاصله المؤسساتية . أسابيع قليلة في مطلع السنة الجديدة وتنكشف كل الخطة وكل الارتباطات التي لا تحتاج أصلا الى اثبات ، ولكن صراع لبنان مع قدر الازمات لن يستريح حتى في منتصف هذه الليلة .

 

وفي دلالة غير مشجعة على الحصيلة السياسية التي وصل اليها البلد في نهاية السنة 2020 اختصر رئيس مجلس النواب نبيه بري الوضع في نهاية السنة بقوله مساء امس ل”النهار” بانه “ساكت “ ، وأضاف باقتضاب ان “ أي كلام يردد لا يعبر عن حقيقة الحال التي وصلنا اليها “. واصل البطريرك الأرثوذكسي يوحنا العاشر امس برئيس الجمهورية العماد ميشال عون معايدا ودعا الى الإسراع في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة وتذليل كل الصعوبات التي تعترض ذلك .

 

تحقيقات المرفأ

وسط هذه المناخات المأزومة بدا ملف انفجار مرفأ بيروت الذي يعتبر أسوأ احداث السنة الراحلة كأنه عاد الى التوهج بقوة في الأيام الأخيرة خصوصا مع اطلاق رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تصريحات ومواقف لم يعلنها سابقا ولم يتم تداول معطياتها في التحقيقات او المواقف المعنية . وآخر ما سجل امس تمثل في تسليم المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي فادي صوان ملف التحقيقات التي اجراها كاملا الى محكمة التمييز الجزائية التي باشرت دراسته. وكانت هذه المحكمة أرسلت الى المحقق العدلي كتابا تأكيديا للحصول على ملف التحقيقات في انفجار المرفأ بعدما تمنع صوان عن تزويد المحكمة بالملف .

 

وفي سياق اخر ابلغ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى وكالة رويترز ان لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار من احتياطات متبقية للدعم لستة اشهر أخرى . وقال انه علم بمبلغ الملياري دولار من تعليقات ادلى بها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة . وقال ان المبلغ اكبر مما كان متوقعا وسيستمر ستة اشهر اذا طبق نظام البطاقات كما عبر عن امله في التوصل الى اتفاق بحلول شباط في شأن خطة لوقف الاتفاق على الدعم وتوفير المساعدة للفقراء في الوقت نفسه .

 

وسط كل هذه الأجواء سيكون لبنان امام مزيد من المخاوف حيال ارتفاع الإصابات بكورونا مع الخشية من تفاقم الاعداد بسبب احتفالات رأس السنة . وفي قفزة قياسية جديدة سجلت وزارة الصحة امس 2878 إصابة بكورونا و13 حالة وفاة .

*********************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

ابراهيم على خط مبادرة الراعي… وعون يوفد جريصاتي إلى بكركي

تشكيلة الـ 18 “طارت”: “حزب الله” يريدها عشرينية!

 

محمّلة بأثقال وأهوال لا تُعدّ ولا تُحصى، تدخل الـ2021 على اللبنانيين من باب التأزم العريض، لتسلك مسالك سوداوية مرعبة تبدو فيها الآفاق مسدودة، صحياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً. فعلى المستوى الصحي، تشتد وطأة انتشار الوباء في لبنان حيث بلغ عدد المصابين عتبة الـ3000 إصابة يومياً، وسط تأكيد أوساط طبية لـ”نداء الوطن” تسجيل حالات إيجابية مثبتة مخبرياً بنسبة 20% من أصل أعداد الحالات التي خضعت لفحوصات PCR خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وهي نسبة مرتفعة بالمعيار العالمي قياساً على التعداد السكاني للدول. أما على مستوى أبعاد الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فلا يشي انعدام الحسّ بالمسؤولية لدى الطبقة الحاكمة سوى بمزيد من التعقيد والتأزم في أحوال البلد، سيّما وأنّ مصادر مواكبة لمستجدات الملف الحكومي كشفت لـ”نداء الوطن” أنّ قوى 8 آذار انقلبت على صيغة الـ 18 وزيراً، ما يعني عملياً أنّ التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري “طارت”، والاتجاه مطلع العام الجديد هو نحو ممارسة رئيس الجمهورية ميشال عون الضغط لتوسعة مروحة الحقائب الوزارية، مدعوماً من “حزب الله” الذي يريدها تشكيلة “عشرينية”.

 

ولفتت المصادر إلى أنّ كلام النائب طلال أرسلان أمس من قصر بعبدا عن ضرورة أن يعمد الرئيس المكلف إلى رفع عدد مقاعد تشكيلته الوزارية من 18 إلى 20 وزيراً، كان “خير معبّر عن توجه “حزب الله” الحكومي بالتكافل والتضامن مع رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل الذي تولى بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن الحزب إجهاض تشكيلة الحريري المصغرة”، مشيرةً إلى أنّ أرسلان “أكد المؤكد” بكلامه هذا، لناحية الاتجاه نحو “إعادة خلط الأوراق الحكومية بشكل يطيح بالطابع الاختصاصي للتشكيلة المرتقبة، لتكون أقرب إلى تشكيلة تكنو – سياسية موسّعة”. ورأت المصادر أنّ إشارة السيد حسن نصرالله في مقابلته الأخيرة الى “عقدة العدد” في الحكومة، اندرجت ضمن هذا التوجه، وربما على هذا الأساس أتى استشعار رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالمتغيرات الحكومية فسارع إلى “حجز مقاعده باكراً عبر انتقاد صفة الاختصاصيين في الحكومة العتيدة”.

 

في الغضون، لا يزال البطريرك الماروني بشارة الراعي على أمله بإحداث كوة في جدار التصلب الحكومي، وبرز أمس استقباله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم معوّلاً على “الدور الكبير الذي يقوم به غبطته للوصول بالأمور إلى خواتيمها السعيدة”. ووضعت مصادر بكركي اللقاء مع ابراهيم في إطار “الإصرار على نجاح المبادرة الحكومية”، وقالت لـ”نداء الوطن”: “اللقاء كان جيداً جداً وأكّد خلاله اللواء ابراهيم للبطريرك الراعي أن مبادرته تشكل قوة دفع أساس لحلّ الأزمة وكل التحركات الأخرى لا بد وأن تأتي في سياق دعمها”.

 

وكشفت المصادر أن إبراهيم سيقوم بجولة إتصالات داخلية وخارجية تشمل جميع الأطراف دعماً لمبادرة بكركي، بالتوازي مع استكمال الراعي ضغطه على القوى الأساسية من أجل تسهيل التأليف، داعية كلاً من الرئيسين عون والحريري وبقية القوى المعنية إلى تقديم تنازلات وعدم التشبث بالمواقف “لأنّ الوضع وصل إلى مكان غير مقبول لم يعد يحتمل المكابرة”.

 

وإذ يعتزم الراعي مواصلة إتصالاته مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، علمت “نداء الوطن” أنّ التواصل سيُستأنف بين بكركي وبعبدا، من خلال زيارة الوزير السابق سليم جريصاتي إلى بكركي اليوم موفداً من عون للقاء الراعي واستكمال البحث معه في الملف الحكومي والمساعي الهادفة لمعالجة النقاط العالقة.

 

ورداً على سؤال، أكدت مصادر بكركي عدم وجود تواصل مباشر بين البطريرك الماروني و”حزب الله”، بل مجرد تواصل في الملف الحكومي عبر بعض الوسطاء، معربةً عن أملها بأن يساهم الضغط في حث المسؤولين على الإسراع في التأليف مطلع العام، خصوصاً أن “التنسيق في الملف الحكومي مستمر بين بكركي والإليزيه، والتواصل مباشر ومفتوح مع الرئيس ايمانويل ماكرون”.

 

 

*********************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

«حزب الله» يتلطى خلف عون لتأخير تشكيل حكومة الحريري

بيروت: محمد شقير

قال مصدر سياسي قريب من مشاورات التأليف المتعثرة للحكومة الجديدة في لبنان، إن رئيس الجمهورية ميشال عون، لم يتقبل تسمية الأكثرية النيابية الرئيس سعد الحريري لتشكيلها، لكنه اضطر للرضوخ لقرارها بعدما استحال عليه إقناع «الثنائي الشيعي» – «حزب الله» و«حركة أمل» – بعدم تسميته، اقتناعاً من هذا الثنائي بضرورة قطع الطريق على من يحاول رفع منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي في البلد.

ومعلوم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو زعيم حركة «أمل»، كان أول من رشح الحريري لتولي رئاسة الحكومة، رافضاً الخضوع لشتى الإغراءات للامتناع عن هذه الخطوة.

وقال المصدر السياسي، إن هذا الثنائي هو من قاد الضغط لتسريع إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بعد أن كان عون قد تمهل في تحديد موعدها، بذريعة أن الدستور يخلو من أي نص يُلزمه بإنجازها فور استقالة حكومة الرئيس حسان دياب.

وأكد المصدر ذاته لـ«الشرق الأوسط»، أن عون، وإن استجاب لخيار الأكثرية النيابية بتسمية الحريري بتشكيل الحكومة، فإنه في المقابل يصر على وضع العراقيل أمام تأليفها. وأضاف أن البطريرك الماروني بشارة الراعي، لم ينجح في مبادرته لرأب الصدع السياسي بين عون والحريري، وتبديد علاقتهما من الشوائب التي تحاصرها، ومن تداعياتها المتمثلة بانعدام الثقة بينهما، رغم أنه كان يراهن في ضوء لقاءاته بهما على أن الحكومة سترى النور قبل حلول عيد الميلاد.

ولفت إلى أن الراعي لم يقرر العزوف عن استئناف مبادرته، وسيحاول مجدداً، لكنه سيكتشف بأن الأيام المقبلة، فور انتهاء عطلة الأعياد، لن تحمل مفاجأة تدفع باتجاه حلحلة العقد التي لا تزال تؤخر ولادة الحكومة، خصوصاً أن المشاورات بين عون والحريري اصطدمت بحائط مسدود، علماً بأنه لم يتم تحديد موعد لجولة المشاورات الخامسة عشرة بينهما.

ورأى المصدر أن الفريق السياسي المحسوب على عون، الذي يتلقى تعليماته من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (صهر عون)، بدأ يخطط لدفع الحريري إلى الاعتذار عن عدم قدرته على تشكيل الحكومة، مع أن هذا الفريق يدرك سلفاً أنه «يخوض معركة خاسرة»، وأن دوره يقتصر على توفير الغطاء السياسي الذي يسمح لـ«حزب الله» بأن يتلطى خلفه لترحيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، لسلطاته الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ومع أن المصدر يؤكد أن الحريري ليس في وارد تعطيل الحكومة، كما يشيع الفريق السياسي المحسوب على عون ووريثه باسيل لأسباب خارجية، وينقل عنه أنه لم يعطل انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وبالتالي فإن البلد يمر اليوم في وضع متأزم غير مسبوق بعد الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت، وهذا ما يتطلب من الجميع الالتزام بالمبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان من الانهيار المالي والاقتصادي، فإنه يعتقد بأن المراوحة في تشكيل الحكومة تخضع لتوزيع الأدوار بين عون – باسيل وبين حليفهما «حزب الله».

واعتبر أن عون وباسيل يعطلان داخلياً تشكيل الحكومة بذريعة استردادهما لحقوق المسيحيين، فيما يتلطى بهما «حزب الله» لترحيل عملية التأليف إلى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب. وقال إن هذا القرار بترحيل تشكيل الحكومة اللبنانية إلى فترة لاحقة يعكس ضمنياً رغبة طهران التي تحرص على تقطيع الوقت إلى حين تسلم بايدن صلاحياته، وهي تحاول الآن استيعاب الضغوط الأميركية، وهذا ما ظهر جلياً من خلال تأكيدها عدم علاقتها بالعمليات التي تستهدف المقرات الدبلوماسية في بغداد، تحديداً الأميركية منها، وذلك بهدف إسقاط ذرائع ترمب وتفويت الفرصة عليه للقيام بعمل عسكري ضدها.

وقال المصدر ذاته إن طهران تراهن على أن وصول بايدن إلى البيت الأبيض يمكن أن يؤدي إلى معاودة المفاوضات رغبة منها بفتح صفحة جديدة مع الإدارة الأميركية العتيدة بخلاف الحروب العسكرية والاقتصادية القائمة مع سلفه ترمب الذي فرض عليها سلسلة عقوبات أميركية، وعلى أذرعها في المنطقة. وأكد أن القيادة الإيرانية تأمل في التعاون مع الرئيس الأميركي المنتخب كما تعاونت مع الرئيس السابق باراك أوباما (كان بايدن نائبه آنذاك).

وقال المصدر السياسي ذاته إن خصوم الحريري يرون أن جر البلد إلى مزيد من التدهور سيدفع بايدن للالتفات إلى طهران طلباً لمساعدتها في مقابل إعادته النظر في رزمة العقوبات الأميركية المفروضة عليها انطلاقاً من تقديرهم بأن لا مانع من تعويم المفاوضات الأميركية – الإيرانية بذريعة أنه ليس في مقدور الحزب الجمهوري استغلالها وتوظيفها ضد بايدن، طالما أن ترمب يتفاوض مع حركة «طالبان». وفي هذا السياق، سأل المصدر عن الجدوى من الرهان على استئناف المفاوضات بين إدارة بايدن وإيران، وهل يمكن للبنان الصمود إلى حين انطلاقتها، هذا في حال وافق بايدن على استئنافها بسرعة؟ وتابع متسائلاً عن الضمانة للتسليم بشروط خصوم الحريري للاستغناء عنه في تشكيل الحكومة. وأشار إلى أن «حزب الله» يتناغم مع عون وباسيل في ترحيل تشكيل الحكومة، إلا أنه قد لا يكمل المشوار السياسي معهما في حال استحصلت طهران على بعض ما تريده من المفاوضات مع بايدن.

معيداً بالذاكرة إلى قرار الحزب بالإفراج عن تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، بعد تعطيل استمر عشرة أشهر وعشرة أيام، الذي جاء فور التوقيع على الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن إبان تولي أوباما الرئاسة الأميركية.

لذلك، فإن المصدر يعتبر أن ما يخطط له عون – باسيل سيرتب على الأول إقحام «عهده القوي» في أزمة حكم من شأنها أن تدفع بالمجتمع الدولي إلى التدخل، وربما بموازاة التدخل الفرنسي في حال أصر الرئيس إيمانويل ماكرون على تعويم مبادرته وعدم تجميدها.

أما بالنسبة إلى وصف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في مقابلته الأخيرة، لعلاقته بالحريري، بأنها إيجابية، وأن تعاونهما مستمر، وأن انعدام الثقة بين عون والحريري يعيق تشكيل الحكومة، فإن خصومه يسألونه كيف يوفق بين موقفه من الحريري وبين حملته المستمرة على عدد من دول الخليج العربي؟ وهل يمكن لحكومة الحريري في حال تشكلت، وإن كانت مستحيلة حتى الساعة، أن تتوجه طلباً للمساعدات، فيما يرفع نصر الله عنها الغطاء العربي؟

 

 

*********************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

الأزمة الى الـ 2021: لا حكومة ولا حلول.. ومخاوف من احتمالات مرعبة

الـ2021: بداية متعثرة وأجواء مسمومة

منتصف ليل هذا اليوم، يلتقي عقربا الساعة ليعلنا خط النهاية لسنة لئيمة ذاق فيها اللبنانيون كلّ المرارات، خطفت أنفاسهم الأزمات وحوّلتهم جميعاً الى أشباه أموات، آمالهم مكسورة، وأحلامهم مخطوفة، وأمانهم مفقود؛ عُراة مكشوفون بالكامل بلا مظلة أمان، خاضعون رغماً عنهم لطبقة كريهة من الحكام، قطعت عنهم الهواء، وقدمت أسوأ نموذج في تاريخ البشريّة في إدارة شؤون البلاد والعباد.

منتصف ليل هذا اليوم، ينزع اللبنانيون آخر ورقة من روزنامة السنة المشؤومة، ويستقبلون سنة جديدة، بلا فرح ولا ابتسام، ولا احتفال، بل بخوف كبير ممّا هو آت، فأيّ معنى للفرح والاحتفال طالما أنّ الغد هو امتداد للأمس بكلّ أثقاله الموروثة من السنة الراحلة؟

وأيّ معنى للفرح والاحتفال، والبلد صار عنوانه الفقر، وانعدام الأساسيات؟ والمواطن فيه مسلوب الإرادة، ومسروق تعبه وجنى عمره والمدّخرات، ولم يعد يملك لأيامه السود التي يعيشها لا قرشاً أبيض ولا أسود؟

 

وأيّ معنى للفرح والاحتفال، والبلد تقوده العصبيات، وشهوات حكام ضحّوا به على مذبح مصالحهم، وأضاعوا فرصة مُتاحة لتشكيل حكومة تضع البلد على سكة تغيير الحال، فحَبسوه في سجن مُحكم الاقفال:

– خلف قضبان صراع الحكام وانعدام ثقتهم ببعضهم البعض ورغبة كل منهم في قهر الآخر، ودفعه الى الرضوخ والاستسلام لمشيئة خارج الدستور والقانون وكل الاعراف.

 

– خلف قضبان «ثلث معطّل»، سَمّوه ثلثاً ضامناً لمصالحهم ومعزّزاً لقدرتهم على التسلّط والتحكّم بالقرار. وليس ما يضمن في المقابل للبنانيين مصيرهم، وحلمهم في أن يكملوا يومهم بسلام!

 

– خلف قضبان خلق أعراف جديدة تطيح كل المبادرات، أساسها الرغبة القاتلة في إرضاء بعض المحظوظين الذين حَملتهم الصدفة لأن يكونوا من الأقرباء أو المقرّبين، على حساب وطن بأسره وشعب بكامله، ولسان السجّان لا يخجل من القول: يرضى المحظوظ أولاً، ومن بعده الطوفان فحرام أن يعدّم طموحة في مقتبل عمره السياسي!

 

– في حقيبة وزارية باتت معتبَرة حقّاً حصريّاً ممنوع أن يُقارَب من هذا الطرف او ذاك، على ما هو الحال في الإصرار على وزارة الداخلية، فيما الداخل كلّه صار في منحنى رهيب، فارغاً وخاوياً حتى لا يكاد يَحظى بنسمةِ هواءٍ يتنفّسها! وكذلك في الاصرار على وزارة العدل، فيما العدل في البلد صار عملة نادرة، والعدالة المنشودة صارت عنواناً للثأر والانتقام! وأيضاً في الإصرار على وزارة الطاقة، فيما لا طاقة للبلد وأهله على مزيد من الاهتراء والاحتمال.

 

– في تَنازع الصلاحيات، وعقليّات التفرّد

 

المتشابكة والمتصارعة على ما يُسمّى الحقّ في تسمية الوزراء. وعلى شكليّات سَطحية جَعلوها جوهريّة بالاختلاف على شكل الحكومة بين مُصِرّ على حكومة من 18 وزيراً، ومصرّ على حكومة من 20 وزيراً فقط لإرضاء بعض الحلفاء!

 

سنة مُذخّرة!

على هذه الصورة تبدأ السنة الجديدة مُذخّرة بكلّ أسباب التفجير السياسي، بالتوازي مع الطامة الكبرى الكامنة في السيناريوهات السوداء التي تُنذر باقتراب البلد من واقعٍ اقتصادي ومالي واجتماعي أكثر مرارة ممّا هو عليه الآن، مرير إذا استمرّ الحال على ما هو عليه، من تَورّم واحتقان وانهيار في كلّ القطاعات، ومن استهتار مُفجع وفقدان المسؤولية والاحساس لدى طبقة الحكام.

 

عون: الأولوية للمعايير

في السياسة، يبدو الملف الحكومي في المنطقة الميتة؛ جمود كامل، ولا حراك نهائياً، وكلّ شيء معطّل، وكل المعنيين بهذا الملف منصرفون الى إعداد أوراقهم للنزال المقبل ما بعد العطلة. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى ما يقول المقرّبون من القصر الجمهوري، ينتظر أن يحسم الرئيس المكلّف سعد الحريري موقفه وخياره، ويأتي الى اللقاء المقبل مع رئيس الجمهورية بمقاربة جديدة لملف التأليف تُراعي كلّ المعايير التي يؤكّد عليها الرئيس عون.

 

ولفت هؤلاء المقرّبون، عبر «الجمهورية»، الى انّ الإصرار على المواقف نفسها، وكذلك الاصرار على تجاوز تلك المعايير، ومحاولة فرض معايير تؤدي الى خلل في التوازنات وفي التركيبة الحكومية، كل هذه الأمور لن تغيّر في واقع الحال شيئاً بالنسبة الى رئيس الجمهوريّة، الذي عَبّر من اللحظات الاولى عن رغبة كبيرة في التعاون مع الرئيس المكلّف وصولاً الى حكومة مُنتجة وفاعلة، ولو أنّ المعايير التي أكد عليها رئيس الجمهورية قد تمّت مراعاتها لما تأخّرت ولادة الحكومة حتى الآن.

 

وعمّا اذا كانت حرب البيانات الأخيرة بين بعبدا وبيت الوسط قد تم تجاوزها وأنّ التوافق ما زال ممكناً على تأليف الحكومة، أشار المقرّبون من القصر الجمهوري إلى أنّ الرئيس عون كان واضحاً من البداية لجهة بلوغ التفاهم على حكومة تضع البلاد على سكة الانفراج، وهو مصرّ على بلوغ هذا الهدف، وعدم تضييع الوقت في طروحات غير واقعية تحول دون تشكيل الحكومة. واللقاء الاخير بينهما عرضت فيه بعض الافكار والطروحات، تنتظر إجابة الرئيس المكلّف حيالها، وبالتالي إنّ المبادرة في يده.

 

الحريري: لا تبديل

أمّا في المقابل، فلا يبدو انّ ثمّة تبديلاً في موقف الرئيس المكلّف، وهذا ما تؤكده مصادر قريبة منه لـ»الجمهورية» بقولها انّ الامور ما زالت جامدة عند النقطة التي انتهى إليها اللقاء الأخير بين عون والحريري.

 

وأكدت المصادر انها تستبعِد أن يُبادر الرئيس المكلّف الى التراجع عن ثوابته التي اكد عليها منذ تكليفه تشكيل الحكومة لِجهة الوصول الى حكومة اختصاصيين لا سياسيين ولا حزبيين، ولن يتأثر بأيّ مداخلات أو محاولات للتشويش على توجّهاته ولقَلب الوقائع والحقائب، ولا بأيّ محاولات تسعى إلى فرض أعراف جديدة في تأليف الحكومة تتجاوز صلاحيّاته المنصوص عليها في الدستور.

 

وسَخرت المصادر ممّا يُشاع عن انّ الرئيس المكلّف قد يُبادِر، وسط انسداد أفق التأليف حالياً، الى الاعتذار. وقالت: كلّ ما يُشاع معروف مصدره، والغرف التي تبثّه، والرئيس المكلّف لا يلتفت الى هذه الشائعات، ولا يقف عندها لأنها بلا أي معنى. وبالتالي، هو أكد التزامه الكلّي بالمبادرة الفرنسية ومندرجاتها الانقاذية والاصلاحية، وهو على التزامه، وصولاً الى تشكيل حكومة تُنقذ لبنان وتعيد إعمار بيروت، وعلى هذا الأساس سيتابع مهمّته.

 

وعمّا اذا كان التواصل سيعود بين الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية في الايام المقبلة، قالت المصادر: من البداية أكد الرئيس المكلف على التعاون مع رئيس الجمهورية وفق الدستور، وعلى الجميع ان يدركوا انّ تشكيل الحكومة ينبغي ان يتم في القريب العاجل، وانّ التأخير فيه ضَرر فادِح على البلد، وهذا يفترض بالدرجة الاولى الكَفّ عن وضع العصي في الدواليب، وتعطيل التأليف بشروط غير مقبولة.

 

وعن الثلث المعطّل، وإمكان رفع عدد الحكومة الى 20 وزيراً، قالت المصادر: موضوع حجم الحكومة قد تمّ حَسمه لناحية الذهاب الى حكومة من 18 وزيراً، والرئيس المكلّف مُصرّ على هذا الامر. أمّا ما يتعلق بالثلث المعطّل فلا مجال للقبول به على الاطلاق، لأنّه يهدف بشكل أساس الى وضع الحكومة رَهن مزاجيّة البعض، ومن شأنه أن يفشل الحكومة لا بل ينسفها قبل أن تولَد.

 

بري مستاء

في موازاة ذلك، تبدو الصورة في عين التينة ملبّدة بتساؤلات حول موجبات تعطيل تأليف الحكومة، بعد المناخ الايجابي الذي أُشيع قبل آخر لقاء بين الرئيسين عون والحريري.

 

وتعكس هذه الصورة استياءً بالغاً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري من بلوغ الملف الحكومي الحائط المسدود، في ظرفٍ أصبح فيه لبنان في سباق خطير مع الأزمات التي تُنذر بالتفاقم على أكثر من مستوى، وزيادة الاعباء والمصاعب على اللبنانيين.

 

وبحسب هذه الأجواء، فإنّ الجمود، أو بالأحرى تجميد الملف الحكومي في مدار السلبيات والتعقيدات غير المبرّرة، من أي طرف كان، يزيدان من المخاطر واحتمالاتها التي لا تحمد عقباها، فمِن غير المقبول الاستمرار على هذا المنحى، ومن غير المعقول ان يَتعطّل الكلام في التأليف وإنضاجه بالتفاهم على حكومة تُباشِر مهامها الاصلاحية والانقاذية، خصوصاً انّ الجميع قدموا التسهيلات لتحقيق هذا الهدف.

 

وهناك تخوّف شديد تعكسه هذه الاجواء من «أنّ استمرار الحال على ما هو عليه سيوصِل حتماً الى الكارثة الكبرى. ذلك أنّ لبنان، وسط هذا الكمّ الهائل من الأزمات التي تضربه من كل جانب، باتّ على وشك ان يفقد قدرته على البقاء والاستمرار. ولذلك، فإنّ أقلّ الإيمان والمسؤوليّة أن يُعمل على تَجنّبنها رحمةً بلبنان، وان يتنازل المؤلّفون للبنان قبل فوات الاوان».

 

5 أشهر… مراوحة

الى ذلك، استبعدت مصادر سياسية مسؤولة حصول خَرق حكومي في المدى المنظور، في ظلّ الهوة الواسعة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وكذلك في ظل حال الانتظار التي يفرضها البعض ربطاً باستحقاقات خارجيّة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: لبنان دخل في فراغ حكومي منذ استقالة الرئيس حسان دياب في 10 آب الماضي، وبعد أيام قليلة يتم شهره الخامس، وكلّ الأجواء المحيطة بملف التأليف تؤشّر الى استمرار هذا الفراغ ربما لـ5 أشهر أخرى، تُعزّز ذلك الطروحات التعقيدية المتبادلة بين عون والحريري، وصراعهما على حكومة يريدها كلّ منهما أن تكون انعكاساً له، وطَيّعة في يده. وتَبدّى ذلك في إحباطهما كل المساعي والمبادرات وعدم استجابتهما لكل الوساطات التي سَعت الى تقريبهما الى التفاهم على قواسم مشتركة، سواء من الجانب الفرنسي، او من بعض الأصدقاء المشتركين في الداخل، او من قبل حلفاء هذا الطرف او ذاك، او من قبل بعض الوسطاء، كالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. (كان ابراهيم قد قام بزيارة الى بكركي أمس والتقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، حيث طمأنَ بعد اللقاء الى «انّ الأمن مضبوط، ولا أرى أنّ الأمر سيصل الى مرحلة الفلتان». إلّا انه أشار الى «انّ الفقر كافر، لذا لا يجب أن نستغرب نزول الناس الى الشارع للمطالبة بلقمة عيشها»، مؤكداً أنّ «الأمور لن تخرج عن السيطرة». وقال رداً على سؤال حول وساطته: «هناك دائماً أمل ورجاء، والحركة هي دائماً دليل بركة، وغبطته يقوم بالدور الأكبر في هذا الاطار، ونحن نعوّل على ما يقوم به صاحب الغبطة للوصول بالأمور الى خواتيمها السعيدة).

 

وجَزمت المصادر انّ الجانب الأساس من تعطيل التأليف هو ربط الحكومة بالاستحقاق الاميركي وانتقال السلطة من الادارة الاميركية الحالية الى الادارة الجديدة في الـ20 من الشهر الجاري، وهو في رأي المصادر انتظار فارغ لأنّ الاميركيين غير عابئين أصلاً بلبنان. وبالتالي، لا مكان له في أجندة الادارة الاميركية، أقلّه في المدى المنظور، والتي حدّد الرئيس الاميركي المنتخب أولويّات إدارته، بالعمل على إعادة لملمة آثار إدارة دونالد ترامب، والعمل الفوري على تحدّي وباء كورونا، وعلى ما سمّاها استعادة أميركا لدورها الريادي العالمي، وإعادة الوحدة الاميركية بعد الفرز الذي قال بايدن انّ سياسات ترامب قد أحدثتها، إضافة الى الملفين الصيني والروسي، ومعالجة الكارثة الانسانية على الحدود الجنوبية مع المكسيك، ومعالجة ملفات اللجوء وللاجئين الى أميركا. ولم يُشر الى لبنان لا من قريب أو من بعيد.

 

وتِبعاً لذلك، تؤكد المصادر «انّ انتظار إدارة بايدن ما هو سوى تضييع للوقت، ناجِم عن قراءات قاصِرة للمشهد الاميركي وموقع لبنان فيه. وعلى اللبنانيين، أمام هذا الواقع، أن يدركوا أن لا أحد يُقيم وزناً للبنان أو يحسب له حساباً، وهذا يُحَتّم نزول المراهنين على متغيّرات، مع تَسلّم الادارة الاميركية الجديدة، الى أرض الواقع، و«تَقليع» شوك تعطيل الحكومة من أيديهم، لعلهم بذلك يتمكنون من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في بلد صارَ في قعر الهاوية.

 

إحتمالات مرعبة

في سياق متصل، أعربَ مرجع مسؤول عن تخوف شديد من التطورات المتسارعة في المنطقة التي حصلت في الايام الاخيرة، بدءاً بالغارات الاسرائيلية الصاروخية المكثّفة ضد سوريا، مع التحليق الاسرائيلي المكثّف في الاجواء اللبنانية وما جرى قبل ايام قليلة على الحدود الجنوبيّة، اضافة الى التطوّرَين اللذين ينبغي ألّا يتم القفز فوقهما: الأول، ما ورد في تقرير الكونغرس الاميركي حول انفجار مرفأ بيروت. والثاني، القرصنة التي تعرضت لها «مؤسسة القرض الحسن» التي أحدثت إرباكاً كبيراً على المستوى المصرفي، حيث يخشى ان يكون ذلك مقدمة لِما هو أخطر وأوسع، ولا سيما على المستوى المالي والنقدي.

 

وقال المرجع لـ«الجمهورية»: إنّ هذه التطورات، يُضاف اليها ما يُحكى عن خطوات تعدّ لها إدارة ترامب قبل انتهاء ولايته، وتحديداً ضد ايران، تجعل الفترة الفاصلة من الآن وحتى 20 كانون الثاني المقبل حُبلى بالاحتمالات الخطيرة، التي يُخشى ان تكون مرعبة وتَتمدّد تفاعلاتها على طول المنطقة، بدءاً من إيران وصولاً الى لبنان. وأضاف: كلّ ذلك يوجِب ألّا يخرج من حسبان لبنان العامل الاسرائيلي من دائرة الاحتمالات والخطوات العدوانية. أفلا يستدعي ذلك أن نسعى الى شيء من التحصين لوضعنا، ونُسارع الى تشكيل حكومة خارج إطار الحسابات والمصالح الضيقة؟

 

 

*********************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

مَنْ يعمل على «عسكرة الأزمة» وفتح باب جهنم؟

إلى الإقفال در: الإصابات تلامس سقف الثلاثة آلاف.. وبعبدا تتبنى «العقدة الارسلانية»

 

الـ2020 تلفظ انفاسها قبل الساعة صفر من ليلة اليوم الأوّل من السنة الجديدة، وغداً الجمعة 1 ك2 (2021)، ومع هذا التاريخ يلفظ النظام الصحي اللبناني قدرته على احتواء التفشي المجتمعي لوباء كورونا، قبل ان تنتشر الفيروسات المتحورة عنه أو المتحولة، أو تكاد، ان تجهز على الأخضر واليابس، مع بروز مؤشرات، إذا مضت وقائعها إلى التحقق على الأرض، لبلغ المأزق مداه الخطر، وتحورت الأزمة السياسية، من أزمة تأليف حكومة إلى أزمة نظام، عاجز عن مداواة جراحاته، مما يُهدّد «بعسكرة الوضع» أو عسكرة الأزمة، وهذا يعني ان باب جهنم فتح على لبنان ليدخل مرحلة بالغة الاضطراب والخطورة من المؤشرات: 1- صحياً، اقتراب الجسم الطبي والصحي، الرسمي والخاص من رفع العشرةامام استفحال اعداد المصابين بالفايروس، إلى درجة ملامسة العدد يوم أمس الثلاثة آلاف، في سابقة خطرة ومرعبة بلسان نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، الذي أطلق النداء الأخير التحذيري لهذا العام من خطورة الوباء، وتداعيات عدم الالتزام بالاجراءات، مطالباً بإغلاق النوادي والملاهي الليلية ليلة رأس السنة، تداركاً لكارثة الوباء الذي يشل الحياة في لبنان والعالم، مع الإصابات التي لحقت بالجسم الطبي (200 طبيب حجر صحي، و15 بالعناية المركزة، ووفاة 10 اطباء)، معتبرا أن تجربة عيد الميلاد لم تكن جيدة، مطالباً بالتزام التباعد الاجتماعي للاشهر المقبلة، واتخاذ الإجراءات الوقائية بانتظار العلاج (اللقاح).

 

ورأى عضو لجنة متابعة تدابير وباء كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري لـ«اللواء» أن آخر الدواء هو الأقفال مجددا وانه قد يتخذ هذا القرار اضطراريا في حال فقدت المستشفيات قدرتها الاستيعابية وهي الآن في حالة حرجة لأن أعداد المصابين تتزايد كما أن غرف العناية الفائقة ممتلئة

 

وأضاف: لا نريد الأقفال لكن قد نضطر إلى ذلك من أجل المستشفيات فقط لأننا ندرك أننا أمام تفش مجتمعي لا يمكن ضبطه بفعل الخرق المستمر لإجراءات الوقاية. وأشار الدكتور خوري إلى أنه لا بد للمواطن أن يساعد الدولة في مكافحة الوباء والتخفيف من الإصابات المرشحة للارتفاع بفعل الاختلاط في الاعياد.

 

2 – في الأمن الاستباقي، إعلان شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عن توقيف شخص (مواليد 2000، سوري الجنسية) اعترف بالانتماء إلى تنظيم داعش الارهابي، ولديه نية بتنفيذ عمل إرهابي في لبنان، بأوامر من قيادات داعشية مقيمة في سوريا.

 

وتزامن هذا الكشف الأمني «المشكور» مع ترويج فيديو على مواقع التواصل (O.T.V) يتضمن (حسب المحطة) «دعوة مشبوهة إلى النازحين السوريين كي يتسلحوا، في ردة فعل على قضية حرق المخيم في بحنين- المنية قبل ايام».

 

وعكست الحركة الاحتجاجية للنازحين امام مفوضية الأمم المتحدة في وسط بيروت بعضاً من المخاوف، على الرغم من ان الجيش اللبناني، والقضاء تحركا وألقي القبض على الذين نفذوا الحريق، وسط استنكار شعبي حزبي وسياسي ورسمي واسع.

 

وجاءت هذه الحركة تحت عنوان «تسليط الضوء على التطورات المأساوية الصعبة التي يعيشها النازحون، ولمطالبة الأمم بالحقوق المشروعة كلاجئين».

 

والوضع الأمني، حضر خلال زيارة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى بكركي لمعايدة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بالاعياد المجيدة، إذ قال رداً على سؤال عن احتمال الانهيار الأمني في ظل الانهيار السياسي والاجتماعي: «الأمن الى حد بعيد مضبوط، صحيح أنه يتأثر بالسياسة إنما نحن كأجهزة وعلى رأسنا الجيش اللبناني نعمل على ضبط الأمن بصورة تامة، ولكن من المؤكد أن الوضع الاجتماعي الضاغط لا بد أن ينعكس على الأمن في بعض التفلتات، ولكني لا أرى أن الأمر سيصل الى مرحلة الفلتان».

 

أما عن مدى امكان استغلال الجماعات الارهابية للوضع الكارثي الذي يمر فيه لبنان، أشار اللواء ابراهيم الى «أن الموضوع ليس مسألة ارهاب انما الأمر يتعلق بالفقر، والفقر كافر لذا لا يجب أن نستغرب نزول الناس الى الشارع للمطالبة بلقمة عيشها»، مؤكدا «أن الأمور لن تخرج عن السيطرة».

 

وفي السياق الأمني، تتحدث مصادر دبلوماسية عن مخاوف من ان يؤدي الاحتقان الداخلي والانسداد الحكومي، وارتفاع منسوب الكراهية، على خلفية احداث، السرقة والتعديات، والقتل، وتكسير الصيدليات، وتحويل الحياة في بعض القرى والبلدات في مختلف المناطق اللبنانية إلى حياة جحيم لا يطاق.

 

ومن وجهة هذا الوضع الخطير، تتجه كتل وبلديات وجهات حزبية ونافذة إلى تعميم تجربة «الحراسة الذاتية» أو الأمن المحلي.. وهذا مدخل إلى تحويل المحافظات والمناطق، إلى «كانتونات امنية»، على طريق «عسكرة الأزمة» وسط كلام يتردد عن أسلحة تأتي إلى أطراف معروفة..

 

الحكومة: العقدة الدرزية مجدداً

 

3 – حكومياً، يمضي «التباعد السياسي» إلى غايته، لتعميم ثقافة اليأس، من إمكان تحقيق خرق ما في الأوضاع العامة.

 

وقالت مصادر مطلعة انه من المفترض ان يعاد تحريك الملف الحكومي، بعد عودة الرئيس المكلف من «اجازة خاصة» يمضيها مع عائلته، من دون تحديد موعد لذلك.

 

وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مطالبة بعض الأفرقاء برفع عدد الحكومة من أجل تمثيلها قد يبحث مجددا عند عودة المشاورات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لكن هذا لا يعني أنه سيبت بها لأن حتى الآن قام الاتفاق على الـ ١٨ وزيرا وأي رفع للعدد قد يؤدي إلى إعادة النظر بالتشكيلة برمتها مشيرة إلى أن المسألة من شأنها أن تعقد الملف الحكومي المعقد اصلا ولذلك لا بد من انتظار ما تحمله هذه المشاورات من اتفاق نهائي حتى وإن كان مؤجلا.

 

واستبعدت مصادر سياسية ان تتحرك عملية تشكيل الحكومة قريبا بعد انقضاء الاعياد بسبب التباعد الحاصل بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعدالحريري وعدم وجود جهة فاعلة وقادرة على التوسط بينهما لاعادة الحرارة لعملية التشكيل. وقالت المصادر ان الاشتباك السياسي الاخير اظهر استحالة تقريب وجهات النظر بين الطرفين نحو قواسم مشتركة تدفع عملية التشكيل قدما إلى الأمام اذا بقيت الاوضاع والظروف السائدة اقليميا ودوليا على حالها دون تبدل مؤات ومساعد على تشكيل الحكومة العتيدة. واشارت المصادر إلى انه كان يؤمل ان تساعد حركة مشاورات واتصالات البطريرك الماروني بشارة الراعي في اعطاء قوة دفع لاختراق عملية التشكيل، الا انها تبددت سريعا بعد تملص الفريق الرئاسي من الوعود والالتزامات التي قطعها لتسهيل عملية التشكيل، فيما زادت مشاعر الاحباط اكثر لدى اللبنانيين بعد إلغاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زبارته التي كانت مقررة عشية عيد الميلاد لاصابته بفيروس كورونا وكان يؤمل منها ان تساعد ولو بشكل محدود تحقيق اختراق في عملية التشكيل.

 

عقدة جديدة

 

وقبل عودة الرئيس المكلف سعد الحريري وإستكمال مشاوراته مع الرئيس ميشال عون حول تشكيل الحكومة، عادت ما سُميت «العقدة الدرزية» الى الظهور من خلال مطالبة رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال إرسلان بتمثيل الطائفة بوزيرين عبر رفع عدد وراء الحكومة الى 20 وزيراً، وهو ما نقله ارسلان الى الرئيس عون امس، حيث زاره مع وفد ضم وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية والوزير السابق صالح الغريب، حيث بدأ ان بعبدا تبنت فكرة توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً أو انقاضها الى 16 وزيراً لتمثيل الفريق الدرزي الارسلاني.

 

وقال ارسلان بعد اللقاء: أبلغنا الرئيس عون نظرتنا لمقاربة الموضوع الحكومي الذي يتم التداول به، ورفضنا المطلق تحت أي عذر او حجة غير مقنعة بحكومة ال 18، التي تعني إجحافا وظلماً وتعدياً على حقوق طائفة أساسية في لبنان، ساهمت بشكل أساسي في تأسيس هذا الكيان والوصول الى استقلال هذا البلد. من هنا لا يجوز تحت أي اعتبار او ظرف او عذر ان يتم التعاطي مع الطائفة الدرزية بخلفية الانتقاص من حقوقها لاكتساب مصالح خاصة للبعض على حساب المصلحة الوطنية العامة، وكل المقاربات التي حاول البعض مقاربتها بموضوع الحكومة هي مغلوطة، وكأن المطلوب هو استهداف معين للطائفة الدرزية. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن لا احد مدعو ان يجعل منه قضية كبرى، وكأنه بين الـ18 والـ20 سيخرب البلد، مع محاولة تصوير المسألة وكأنها تجاوز للمهل والوقت والتلاعب بهما.

 

وأضاف: من 18 الى 20 يزداد العدد بوزيرين فقط لا غير: واحد درزي، والآخر من إخواننا في الطائفة الكاثوليكية، وبالتالي تكون هذه الزيادة داعمة للحكومة التي نتمنى ان تبصر النور في أقرب فرصة ممكنة. وقد لمسنا من الرئيس كل الجدية والمقاربة الجدية بأن ينجز تأليف الحكومة العتيدة في وقت قريب مع الأخذ بعين الاعتبار صحة التمثيل فيها.

 

وذكرت مصادر رسمية متابعة للموضوع، ان الرئيس عون وعد ارسلان بإثارة الموضوع مجدداً مع الرئيس الحريري عندما يلتقيه بعد عودته، مشيراً الى انه سبق وأثار موضوع رفع عدد الوزراء الى 20 لكن الحريري رفض وأصر على موقفه.

 

وقالت المصادر: ان المشكلة ليست عند الرئيس عون بل عند الرئيس الحريري الذي لديه مقاربته الخاصة لتشكيل الحكومة. مشيرة ايضاً الى إمتعاض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من مقاربة الحريري لتشكيل الحكومة وتسجيل إعتراض عليها.

 

وعلى هذا بقي الجمود مسيطراً على الملف الحكومي إلى حين عودة الحريري وترقب اللقاء مع عون لمعالجة المسائل العالقة حول توزيع بعض الحقائب. وسط معلومات تكررت امس، عن مساعٍ خارجية لم تعرف طبيعتها لمعالجة الازمة الحكومية.

 

وافادت مصادر المعلومات ان البطريرك الراعي لن يوقف محاولاته للدفع نحو تسريع تشكيل الحكومة، بالتوازي مع إستمرار التحرك الفرنسي بهذا الاتجاه أيضاً.

 

ويستقبل الراعي صباح اليوم مستشار الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي في زيارة معايدة موفداً من رئيس الجمهورية.

 

الى ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عبر قناة المنار، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإغتيال الحاج قاسم سليماني والحاج ابومهدي المهندس، وذلك عند الساعة السادسة من مساء يوم الاحد الواقع في 3 كانون الثاني المقبل، ويتطرق الى عدد من الملفات السياسية في لبنان والمنطقة.

 

تحركات لأهداف مالية

 

على الأرض، نفذ أهالي الطلاب في الخارج اعتصاما امام مصرف لبنان في الحمراء، وقطعوا الطريق وسط حضور مُكثّف للقوى الأمنية.

 

وطالب المعتصمون بـ «تطبيق قانون الدولار الطالبي والافراج عن أموال المودعين في المصارف ليتمكنوا من إرسال الأموال إلى ابنائهم لأن مستقبلهم العلمي مهدد. ونددوا بالسياسات المالية، التي اوصلتنا إلى ما نحن عليه».

 

وفي الإطار توعدت «جمعية المودعين» بافتراش الطرقات «ليلاً نهاراً». تحت عنوان «نريد أموالنا» داعياً (رئيس الجمعية) الطبقة السياسية لتتحمل مسؤوليتها وتقوم بما يصب بمصلحة الشعب دون تقاعس.

 

وفي تطوّر قضائي انفراجي، سلم المحقق العدلي في ملف إنفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان محكمة التمييز الجزائية ملف المرفأ كاملاً. وبدأت الأخيرة بدراسته، بعد وصول كتاب ثانٍ تأكيدي من المحكمة لصوان بضرورة تزويدها بملف تحقيقات المرفأ كاملة.

 

المستشفيات فُلْ

 

صحياً، بلغت نسبة اشغال العناية الفائقة في بيروت 92٪، وفي جبل لبنان 94٪، وفي عكار 100٪ وفي بعلبك90٪، مع الإشارة إلى ان مجموع غرف العناية الفائقة في لبنان كلّه 515 غرفة فقط.

 

وأعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2878 إصابة جديدة بالكورونا و13 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى177996 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.

 

*********************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

أزمة الحكومة: المخارج مفقودة… وبكركي تستأنف مسعاها بعد عودة الحريري

هل تبادر الفاتيكان الى تدعيم مسار المبادرة الفرنسية مطلع العام الجديد؟

ماذا قالت الكتل النيابية لـ«الديــار» عن الاولويات بعد رأس السنة؟

 

هل سيتجاوز المسؤولون خلافاتهم ويسارعوا الى تشكيل الحكومة مع مطلع العام الجديد ام يواصلوا مسلسل الاستهتار بحق اللبنانيين ومصيرهم؟ هذا السؤال يتكرر منذ بدء الازمة الى اليوم، وهو مطروح الآن بقوة في ظل التطورات والاحداث المتسارعة داخليا واقليميا الضاغطة على لبنان واللبنانيين.

 

ففي الداخل يستمر الانهيار الاقتصادي والمالي منذرا بمزيد من التداعيات الخطيرة على الوضعين الاجتماعي والمعيشي واستتباعا على الوضع الامني الذي يشهد مؤخرا ارتفاعا في نسبة الجرائم والحوادث التي من شأنها ان تزعزع الاستقرار العام في البلاد. وتتواصل ايضا موجة ارتفاع عدد الوفيات والاصابات بفيروس كورونا ما يزيد الضغوط ايضا على الجسم الطبي والصحي وعلى القطاع الصحي بشكل عام الامر الذي ينذر بكارثة كما عبر نقيب الاطباء شرف ابو شرف امس.

 

والى جانب هذه المخاطر الداخلية يبرز المناخ المتوتر والمشحون في ظل ممارسات العدو الاسرائيلي والهستيريا التي تسود صفوف جيشه والمناورات المتتالية التي يجريها على الحدود الجنوبية، والمترافقة مع تصعيد الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا وآخرها فجر امس من الجليل على مواقع سورية في الزبداني بين دمشق والحدود اللبنانية. يضاف الى ذلك التوتر المتصاعد في العراق على وقع التهديدات الاخيرة للرئيس الاميركي المنصرف ترامب ضد ايران والصراع المفتوح على كل الاحتمالات. وكذلك تشهد اليمن تصعيدا ايضا تميز امس بالتفجير الكبير الذي حصل في مطار عدن لدى وصول اعضاء الحكومة اليمنية الجديدة المدعومة من السعودية والذي ادى الى مقتل واصابة العشرات، وتلاه انفجار اخر قرب قصر المعاشيق حيث مقر الحكومة الجديدة.

 

كل هذا المشهد الداخلي والخارجي المتوتر والساخن لم يدفع المسؤولين والقوى السياسية في لبنان حتى الآن الى اتخاذ مواقف مسؤولة والخروج من لعبة عض الاصابع والمماحكات ولكي يحفّزهم لتشكيل الحكومة، بل بقوا اسرى للحسابات الضيقة وللرهانات على تطورات الخارج وفق حسابات كل فريق.

 

ووفقا لمراجع مطلعة فإن الوضع الحكومي الذي اقفل في نهاية العام على مزيد من الخلافات بين الرئيسين عون والحريري حول التشكيلة الحكومية لم يشهد في الايام الاخيرة اي تطور يؤشر الى امكانية ولادة الحكومة قريبا، لا بل ان ما جرى في لقاء بعبدا الاخير اكد استمرار الهوّة بين الطرفين.

 

وقالت المراجع ان هناك عقبة اساسية غير الخلاف على الاسماء والحصص هي مشكلة فقدان الثقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وكذلك بين القوى السياسية المؤثرة والفاعلة، مشيرة الى ان هناك حاجة ملحة للشغل على معالجة هذه المشكلة التي ربما تشكل مفتاح الحلول نحو تشكيل الحكومة.

 

وفي هذا المجال كشفت مصادر مطلعة لـ«الديار» ان بكركي في صدد استئناف مبادرتها مع عودة الرئيس الحريري من الخارج، وان البطريرك الراعي عازم على القيام بمزيد من الجهود للدفع باتجاه الخلاص، وانه سيجدد ابلاغ المسؤولين المعنيين انه حاضر لاي تدخل مباشر من اجل تقريب وجهات النظر واخراج الحكومة من عنق الزجاجة.

 

وبرزت في هذا الاطار زيارة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لبكركي حيث شكلت مناسبة للبحث في الوضع الحكومي والاوضاع الامنية.

 

وتوقعت المصادر ان يكون للواء ابراهيم مع مطلع العام الجديد تحرك ايضا في اطار السعي الى اعادة تحريك عملية تشكيل الحكومة انطلاقا من عودة اللقاءات بين عون والحريري. وقالت المصادر ان تحرك ابراهيم مع استمرار مسعى البطريرك الماروني المدعم بكلام قداسة البابا فرنسيس الاخير حول لبنان بالاضافة الى الجهود والضغوط الفرنسية يمكن ان تفتح ثغرة في جدار الازمة الحكومية وتعيد النقاش الى سكة الحلول.

 

وامس قال سفير لبنان في الفاتيكان فريد الياس الخازن ان كلام قداسة البابا الاخير عن لبنان له وقع على الاوساط الدولية المعنية بالشأن اللبناني وان الرسالة التي وجهها قداسته الى اللبنانيين عبر البطريرك الماروني هي تعبير صادق عن اهتمام مميز بلبنان.

 

واكد ان الفاتيكان كما الفرنسيين تدعو اللبنانيين الى مساعدة انفسهم لكي ينالوا المساعدة والدعم الدوليين.

 

ولفت الى ان التشاور بين الفاتيكان وفرنسا حول لبنان ليس بالامر الجديد، لكنه قال ان لا مبادرات فاتيكانية منفصلة عن المبادرة الفرنسية.

 

وفي الشأن الحكومي والوضع السياسي العام قال مصدر نيابي مطلع امس للديار انه لم يحصل شيء منذ لقاء بعبدا الاخير بين عون والحريري وان الامور تبدو مجمدة حتى اشعار آخر.

 

وعبر عن قلقه من استمرار ازمة فقدان الثقة بين الرئيسين، مشيرا الى ان لا احد يستطيع التكهن حول التطورات المتوقعة في بداية العام الجديد.

 

وردا على سؤال قال انه لم تطرح بعد لقاء بعبدا اية اقتراحات او مخارج لتقريب المسافة بين عون والحريري، لكن الابواب مفتوحة مع مطلع السنة الجديدة لاستئناف الحركة التي تمهد لعودة اللقاءات بينهما.

 

خطر كورونا وصرخة الجسم الصحي

 

على صعيد اخر يبرز التحدي الخطير المتمثل بازدياد عدد الوفيات والاصابات بفيروس كورونا في ظل الفوضى في الاجراءات الوقائية، وترتفع الاصوات من جهات معنية مختلفة محذرة من الوضع السيىء والخطير الناجم عن هذه الموجة المستمرة منذ اسابيع.

 

ووجه نقيب الاطباء شرف ابو شرف امس نداء وتحذيرا للاطباء وللبنانيين لتدارك كارثة وباء كورونا مع الصعود المضطرد لعدد الوفيات والاصابات وللاكتظاظ في المستشفيات ومختلف القطاعات الصحية، مشيرا الى ان من بين الذين توفوا من كورونا عشرة اطباء وهناك 15 في العناية الفائقة و200طبيب في الحجر الصحي.

 

ودعا الى التشدد في تنفيذ الاجراءات الوقائية واقفال النوادي والملاهي الليلية والمقاهي والمطاعم التي لا تتقيد بهذه الاجراءات.

 

ولم تستبعد مصادر مطلعة ان تقرر لجنة كورونا بعد راس السنة الاقفال العام لاسبوعين على الاقل مع الابقاء على حركة المطار.

 

«الديار» تسأل الكتل عن اولويات مطلع العام

 

ومع وداع سنة 2020 واطلالة العام الجديد سألت الديار اعضاء في الكتل النيابية عن الاولويات في مطلع العام الجديد، فاجمعوا على الاسراع في تشكيل الحكومة لكنهم تباينوا في مقاربة الوضع العام، وفي معالجة الازمة.

 

* عضو كتلة الجمهورية القوية النائب جورج عقيص: المطلوب في مطلع العام الجديد عنوان واحد هو التغيير لأنه لا يمكن ان نستمر على النحو الذي نسير عليه، لا بإدارة الدولة ولا بانقاذ ماليتنا ولا بانقاذ مجتمعنا. نتمنى ان يكون عام 2021 عام التغيير، واذا لم نستطع ان نغير بحكومة متجانسة بعيدا عن الحسابات السياسية فليكن التغيير بانتخابات مبكرة، واذا كان الأمران متعذرين اعتقد ان التغيير يجب ان يأتي من قبل الناس وان تستكمل ثورة 17 تشرين السلمية والتي غيّرت مفاهيم كثيرة في الدولة. هذه هي العناوين الثلاثة التي تركز عليها القوات اللبنانية : حكومة اختصاصيين، او انتخابات مبكرة، والا ان تستمر الثورة.

 

* عضو كتلة التنمية والتحرير غازي زعيتر : بعد ازمة كورونا صار المطلوب بالدرجة الاولى الانتهاء من هذا الوباء الخطير، والمطلوب ايضا ان نوحّد موقفنا جميعا رغم الاختلاف في وجهات النظر من اجل مصلحة البلد التي تقتضي منّا جميعا ان نذهب باتجاه ايجاد الحلول ولو بالحد الادنى لبناء البلد والنهوض من جديد.

 

* ايوب حميد عضو كتلة التنمية والتحرير توجه الى اللبنانيين الصابرين الصامدين متمنيا ان يكون العام الجديد «بداية بلسمة لاوجاعهم وجراحاتهم، وان يكون هناك فرصة حقيقية لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الثقة بين اللبنانيين كما بين الافرقاء السياسيين، وان يبقى لبنان رغم كل الواقع الاليم وهذا الحصار الكبير الذي نتعرض له مشعا بالحضارة التي تعطي للانسانية ما أعطته في مراحل سابقة من حيوية وتآلف في كل المجالات».

 

* عضو تكتل لبنان القوي سيمون ابي رميا : هناك سيارة اسمها لبنان، علينا ان نضعها على السكة الصحيحة وان نجعلها تنطلق جيدا. وفي السيارة القديمة هناك درجات لقيادتها واحد، اثنان، ثلاثة، اربعة. لذلك اولا مطلوب حكومة ثم اصلاحات، وبعدها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ثم انعاش سيدر من جديد لكي نوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي نعيشه. وفي حال لم نضع الـ«بريميير» اي ان نؤلف الحكومة فان السيارة لن تقلّع او تسير وتصل. اذن الاساس هو ان يكون لدينا سلطة تنفيذية تدير شؤون البلد وتفاوض المجتمع الدولي ليكون الى جانبنا من اجل وقف الانهيار، وغير ذلك كل شيء يكون مجرد تضييع وقت ومزيد من الانهيار والانتحار.

 

* عضو كتلة اللقاء الديموقراطي هادي ابو الحسن : المطلوب مصلحة لبنان واعلاء مصلحة الوطن والمواطن وان نوقف عملية الحاق لبنان بحسابات خارجية وان نعلي حسابات الشأن الوطني. المطلوب قليلا من الاحساس بمشاعر الناس ووجع اللبنانيين. والخطوة الاولى هي الافراج عن الحكومة سريعا وتبنّي الورقة الفرنسية للبدء بعملية الاصلاح والتفاوض مع صندوق النقد الدولي كي ننقذ ما تبقى. والمطلوب ان نبدأ بعملية ترشيد الدعم التي تأخرت وان نبدأ بحسم الملفات.

 

* عضو كتلة المستقبل نزيه نجم :المطلوب تنفيذ ما اتفق عليه في قصر الصنوبر لكي نرى كيف نؤمن مصلحة البلد وشعبه وغير ذلك هو كلام باطل. اذا لم نستطع ان نتفق على ابسط حقوق الشعب اللبناني وعلى ابسط المواضيع كيف نؤمن مصلحة البلد؟ لكن مع الاسف ما زلنا نسمع ان وزارة الداخلية لفلان ووزارة العدل لفلان والدفاع لفلان. لا، هذه الوزارات كلها للبلد وهي ليست لفلان او لفليتان. سعد الحريري مع حفظ الالقاب اتى لينفذ اتفاقا اتفقنا عليه جميعا في قصر الصنوبر واذا لم يكن لديه فريق عمل لا يستطيع ان يعمل.

 

 

*********************************

افتتاحية صحيفة الشرق

توزيع أدوار وتشدد لإدامة الفراغ..وإبراهيم يعوّل على دور الراعي

 

تطوي سنة 2020 المشؤومة بكل المقاييس آخر اوراقها اليوم من دون ان تقفل ايا من الازمات التي فتحتها في سجلات عذابات اللبنانيين ومعاناتهم المتفاقمة سياسيا واقتصاديا ومعيشيا وسط تعاظم المخاوف من ان تبلغ الامن. سنة شؤم وبؤس لم يشهدوا لها مثيلا حتى في احلك الظروف ايام الحرب الاهلية البغيضة، حينما كان الامل والرجاء بغد افضل ما زال قائما، خلافا لحال اليوم حيث لم يعد لهما من مكان في ظل انعدام افق الحلول كما رغبة المنظومة الحاكمة بفك ارتباط لبنان بصراعات الاقليم التي تزيد انغماسه في وحول التخبط بها ولا من يسأل او يحاسب.

 

وكما في السياسة كذلك في الصحة، مع استشراس جائحة كورونا وفتكها باللبنانيين قارعة جرس الانذار من سيناريو ايطالي لا قدرة للبلد المنهار المشلّع على تحمله.

 

اما المشهد الحكومي فيبدو متجها الى مزيد من التعقيد. وغداة اشتعال جبهة المستقبل – الاشتراكي، سُجّل امس توجّه لدى فريق 8 آذار نحو تصعيد في شروطه للتشكيل. فبعيد زيارة رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان، قصر بعبدا ولقائه الرئيس عون، قال ارسلان ” ابلغنا فخامة الرئيس نظرتنا لمقاربة الموضوع الحكومي الذي يتم التداول به، ورفضنا المطلق تحت أي عذر او حجة غير مقنعة بحكومة الـ18، التي تعني اجحافا وظلما وتعديا على حقوق طائفة أساسية في لبنان.

 

لا مبادرة فاتيكانية

 

وفي السياق اكد سفير لبنان في الفاتيكان الدكتور فريد الياس الخازن ان كلام البابا المحذر والمنبه بخصوص لبنان واضح بهذا الخصوص، والكلام الفرنسي أكثر وضوحا وحزما. فمنذ أسابيع قليلة، زار وزير خارجية فرنسا الفاتيكان واجتمع بكبار المسؤولين، ومن البديهي أنه تم تناول الشأن اللبناني. التشاور بين فرنسا والفاتيكان ليس بالأمر الجديد، ولا مبادرات فاتيكانية منفصلة عن المبادرة الفرنسية. فما من متابع مسؤول للأوضاع اللبنانية إلا ويدرك أن أزمات لبنان مصدرها الأساسي داخلي، لاسيما في المجالات الاقتصادية والمالية، وان كانت بعض مفاتيح الحلول، خصوصا الأبعد مدى منها، خارجية”.

 

تعويل على الراعي

 

وسط هذه الاجواء التي لا توحي بحلحلة قريبة، بل على العكس، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي قال بعد اللقاء عن الوساطة التي يقوم بها مع البطريرك والرئيس الفرنسي ومدى إمكانية نجاحها، “كما قال غبطته، دائما هناك أمل ورجاء، والحركة هي دائما دليل بركة، وغبطته يقوم بالدور الأكبر في هذا الاطار ونحن نعول على ما يقوم به للوصول بالأمور الى خواتيمها السعيدة”.

 

للاسراع في التشكيل

 

من جانبه، دعا البطريرك يوحنا العاشر إلى الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية وتذليل كافة الصعوبات التي تعرقل ذلك. وخلال اتصال معايدة أجراه مع الرئيس ميشال عون لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، تمنى الاستقرار للبنان وأن يحمل العام الجديد الخير للبنان وللشرق وللعالم أجمع.

 

صوان يسلّم

 

قضائيا، سلّم المحقق العدلي القاضي فادي صوان محكمة التمييز ملف المرفأ كاملا والاخيرة بدأت دراسته. وافيد ان محكمة التمييز الجزائية كانت أرسلت إلى صوان كتاباً تأكيدياً للحصول على ملف تحقيقات إنفجار المرفأ بعد تمنعه عن تزويدها بالملف.

 

أين ترشيد الدعم؟

 

في الاثناء، وفيما احتياطي “المركزي” يستنفد ويشارف على النضوب، نشر رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عبر “تويتر” فيديو لعمليات تهريب، أرفقه بالتعليق الآتي: “طريق اللبوة نحو سوريا خمسون شاحنة مازوت في النهار مع مواد غذائية.أين أصبح ترشيد الدعم”؟