الثلاثاء الأسود … هل أيقظ الضمائر؟!

محمد ناصرالدين

هل تُصدق أن انفجاراً في بيروت أيقظ النائمين في قبرص لكنه لم يستطع إيقاظ ضمائر النائمين في قصر بعبدا؟!

في الرابع من أغسطس الماضي، كانت الكارثة. انفجار هشَّم بيروت و مرفأها. ساعات رمادية عاشتها العاصمة المُنهكة و هي تستوعب ما جرى. هذا يحمل صديقه المحطّم على متن دراجته و تلك تبحث عن ذويها و هذه الأم أتى بها قلبها إلى المكان فابنها ربما كان يعمل هنا. تعددت دوافع البحث لكن من المؤكد حينها أن جميعنا كان يبحث عن وطن!

كارثة أودت بأحلام و حياة اكثر من 200 شخص من كادحي الوطن و أيقونته… و السؤال الأكثر شيوعاً في القلوب حينها: ما ذنب هذا الشعب ليُحرم مأكله و مسكنه… و ما تبقى من عُمُرِه؟!

و كالعادة و مع كل كارثة يُطِلُ المسؤولون بجماجمٍ فارغة وربطات عنق باهتة… لينهمر علينا وابل من الاستنكارات والوعود المبللة بأكاذيبِهِم!

أهم الإطلالات البهية، كانت لرئيس العهد القوي، القوي بمصائبه و القوي بأزماتِه، الذي توعد بصدور نتائج ما اقترفوه في 5 أيام… و ها هو يمر اليوم الخامس ما بعد المئة و لا جديد يُذكر و لا قديم يُعاد!

ورغم إدعاء توقيف العديد من مسؤولي المرفأ، الذين شاءت الصُدف أن يكونوا لحظة ألانفجار خارج مكاتبهم! و كم من صُدفة ما كانت صُدفة!
ابرز الموقوفين هو بدري ضاهر، مدير عام الجمارك، اشد المقربين من العهد. لكن السؤال المطروح، هل أوقِف الضاهر لدى الأمن اللبناني أو في إحدى النَظَارات ذات النجوم الخمسة كتلك التي حظِيَ بها أمير الكابتاغون؟!

و لأن الكارثة أصابت الإنسانية قبل المرفأ. طالب كثيرون باعتبار ما حدث جريمة ضد الإنسانية على أن تتولى التحقيق بها محكمة دولية مختصة على غرار محكمتي رواندا و يوغسلافيا. إلاّ أن سيادة لبنان المحفوظة، المحفوظة بشدة، رأت أن الأمر شأن داخلي! و ما أكثر الملفات الداخلية التي جفّ حِبرُها و هي تنتظر في أدراج إحدى المحاكم المشبوهة… و هذا ما نخشاه على ملف بهذا الحجم!

لأن الحق أسمى من أن يموت و لأن الأمهات وصلت دعواتهن عنان السماء… ننتظر قصاصاً مريراً من مسببي المأساة.
و ننتظر يوماً يعود الوطن لأهله و تعود السلطة لمُستَحِقِيها… أما آن الأوان لذلك؟!