هل يعتذر أديب عن تشكيل الحكومة


لا يزال الجمود يسيطر على عملية تأليف الحكومة اللبنانية، مع دخول موقف «الثنائي الشيعي» المتشدّد بالتمسك بوزارة المالية في بازار جديد.
تؤكّد مصادر متابعة لل”الأنباء” أنه “لا خيار لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلا ان يوقع مرسوم تشكيل الحكومة، بعد الموجة الأولى من العقوبات الأميركية التي ضربت “سور حديقتي” نبيه بري وسليمان فرنجية، من خلال المعاون السياسي للأول علي حسن خليل وضابط الاتصال بين الثاني وحزب الله الوزير السابق يوسف فنيانوس. ويتوقع البعض ان يوقع الرئيس عون مرسوم حكومة الرئيس مصطفى أديب، رغم شعوره بأنها مفروضة عليه، ولا تشبهه أو تشبه عهده المثخن بالانهيارات، مع إحجام تياره عن المشاركة بها،كما يمكن ان يعلن النائب جبران باسيل اليوم، وبالتالي تركها تسقط في مجلس النواب، بحكم التقائه مع الرئيس نبيه بري عند هذا المنعطف”.
وكشفت مصادر سياسية متابعة، أمس، لل”الجريدة” أن «ضغطاً خارجياً كبيراً يمارس على القوى السياسية، لحملها على تليين مواقفها وسيف العقوبات في يدها»، مضيفة أن «أي رهان يبقى غير واقعي ما دامت المعطيات لم تكتمل في هذا المجال، علما أن المهلة المعطاة للتشكيل وفق الاتفاق الفرنسي – اللبناني تنتهي خلال 48 ساعة».
وأشارت المصادر إلى أن «الرئيس المكلف مصطفى أديب يتعاطى بسرّية تامة في عملية تشكيل الحكومة»،مضيفة أن «التشكيلة الحكومية شبه منجزة، ومن المتوقع أن يعرضها أديب على رئيس الجمهورية ميشال عون خلال ساعات».
وتابعت: «يدرك الرئيس المكلف أنه الآن الورقة الفرنسية الرابحة في الميدان اللبناني، وأن الرئيس إيمانويل ماكرون لن يترك مبادرة بحجم تلك التي يقترحها لحل المعضلة اللبنانية تفشل». وقالت: «تبعا لهذه الوقائع التي ما عادت محل جدال، نسب إلى الرئيس المكلف كلام يفيد بأن هذا الأخير قد يقدم على الاعتذار عن المهمة الدقيقة، التي كلف بها، ما لم تجر الرياح الحكومية بما تشتهي سفنه». وختمت المصادر: «تلويح أديب بالانسحاب المبكر والاعتكاف عن أداء المهمة يعد رسالة مباشرة إلى الثنائي الشيعي، على رأسهم حركة أمل،التي أطلقت معركة الاحتفاظ بوزارة المال، تحت ستار ميثاقية الرد على استهداف احد ابرز قادتها بالعقوبات الاميركية». ويتمسك الرئيس المكلف بمبدأ المداورة في الوزارات، ويعتبر ذلك شرطاً أساسياً لإنجاح المبادرة الفرنسية.
وتشير معلومات جريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن المساعي المبذولة مع الرئيس المكلّف، مصطفى أديب، للتريّث في تقديم تشكيلته الحكومية يوم الإثنين لم تُفلح بعد، فهو مصرّ على تشكيلها مصغرةً مع مداورةٍ في الحقائب. وعليه فإنه من المتوقّع أن يرفضها عون، فتكون إما أمام خيار اعتذار أديب، والعودة إلى مربع الاستشارات، أو اعتكافه وبالتالي بقاء حكومة حسان دياب في مهام تصريف الأعمال.
لكن، هل في وارد رئيس مجلس النواب نبيه بري إسقاط حكومة المبادرة الفرنسية المقبولة أميركيا؟ فمقابل«الجزرة» الفرنسية المتمثلة بالانفتاح على حزب الله وعبره على الأجواء الإيرانية، هناك «عصا» العقوبات الأميركية المتحفزة للعمل، وهناك ايقاع التحقيقات «الدولية» بانفجار وإحراق مرفأ بيروت، وفضلا عن ان اسقاط الحكومة في مجلس النواب لن يضير المبادرين لأنه بموجب مرسوم تشكيل الحكومة تصبح المتولية تلقائيا للسلطة، في اطار تصريف الأعمال، وفق “الأنباء” الكويتية.
رئيس المجلس بات أكثر ميلا للتشدد في تمسكه بحقيبة وزارة المالية لحركة أمل، أو للشيعة تحديدا، وان “كلما هو خارج وزارة المال يمكن التفاهم عليه”.
وتستبعد المصادر المتابعة لتحركات رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب أن يصل به الأمر إلى حد الاعتذار،وأنه في أسوأ الحالات يمكن أن يعتكف.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن المصادر المتابعة قرأت في نتائج زيارة اللواء عباس ابراهيم الخاطفة إلى باريس موفدا من عون ما يعني أنها مصممة على الالتزام بالجدول الزمني لمبادرتها التي توجب تشكيل الحكومة فيغضون اسبوعين اي اليوم او غدا.
على خط متصل أشارت أوساطٌ مطّلعة عبر صحيفة “الراي” الكويتية، إلى أنّ “سيناريوهَين بقيا يَسيران جنبًا إلى جنب على جبهة تأليف الحكومة، إمكانُ نجاح الرئيس المكلف مصطفى أديب على حافة “المهلة الفرنسيّة” في اجتراحِ مَخارج للتعقيدات الّتي مازالت تعترض ولادةً تَوافُقيّة لتشكيلة اختصاصيّين لا يلقون معارضة من ممثّلي الأحزاب، وفشل المساعي الرامية إلى إيصال هذا الملف لخواتيمه المذيَّلة بـ”الختم الفرنسي” وتاليًا فَتح الوضع على مرحلة حَرِجة يُلاقي معها لحظة الحلول في المنطقة أو الاصطدام الكبير بانكشافٍ كاملٍ يُخشى أن يرتّب مخاطر وجوديّة على الوطن الصغير”.
وقاربت هذه الأوساط بحذر شديد “احتمالًا ثالثًا جرى الترويج أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون ربّما يلجأ إليه، حين يقصده أديب ومعه تشكيلته الّتي وَضعها بمعزل عن التشاور مع الجهات الرئيسيّة وبما يُراعي الشروط الّتي يراها ضروريّة لفريق عمل متجانس، بعيدًا من لعبة المحاصصة التقليديّة وعلى قاعدة كفاءات لا ولاءات سياسيّة لهم، ومع كَسر “محرّماتِ” تدوير الحقائب الّتي تَحَوّل بعضها “محميّات” طائفيّة – حزبيّة،وهي المعايير الّتي تحظى برعاية فرنسيّة”.
وأوضحت أنّ “هذا الاحتمال يتمثّل في أن يعمد الرئيس عون إلى توقيع مرسوم تشكيلة الأمر الواقع وتَرك أمر إسقاطها إلى البرلمان عبر عدم نيلها الثقة النيابية، من باب الرغبة في تجنُّب أن يتحمّل في شخصه ومَن يمثّل سياسيًّا ( التيار الوطني الحر) مسؤولية إسقاط “الفرصة الأخيرة” الفرنسيّة، وتلافيًا لوقوفه وجهًا لوجه أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الّذي كان لوّح بعقوباتٍ على المسؤولين كـ”آخِر الكلام” بحال لم يفوا بالتزاماتهم تجاه حكومة الإصلاح الّتي يوازي فيها الشكلُ المضمونَ أهميّةً”.