نحن رأس حربة الثورة منذ العام 1975

في قراءة سريعة لخطاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، في الذكرى السنوية لشهداء المقاومة اللبنانية، وجدت مصادر قواتية رفيعة، أن القداس السنوي هذا العام، قد شكّل محطة أساسية، أعاد فيها الدكتور جعجع تأكيد ثوابته لهذه المرحلة التي تحكم سياسات «القوات» بمجموعة محاور أساسية:

ـ المحور الأول: انتقاد شديد اللهجة للحال العونية لما وصلت إليه، في ظل إدارة سيئة أدّت إلى انفجار 4 آب، الذي لم يحصل إلا نتيجة الإستهتار وغياب الرقابة المطلوبة، وتلهّي المسؤولين في الدولة بالحصص والمكاسب بدلاً من الإدارة الرشيدة للمؤسّسات العامة، فضلاً عن أن الأزمة المالية وصلت إلى فصول غير مسبوقة في التاريخ اللبناني، وبالتالي، فهو ركّز على سوء الإدارة الناتج من غياب الدولة وتغييبها، مؤكداً أنه لا يمكن الخروج بهذا الواقع إلا من خلال إدارة جديدة ونُخب سياسية جديدة، ذلك أن الإدارة الفاسدة والمفسدة من غير الممكن التخلّص منها إلا من خلال انتخابات نيابية مبكرة، وخصوصاً بعد انتفاضة الشعب على كل الواقع القائم وإدراك الرأي العام أن التغيير غير ممكن إلا من خلال تحمله لمسؤولياته في الإنتخابات.

ـ المحور الثاني: ركّز جعجع على حزب الله، ودعاه للعودة إلى لبنان والإنخراط في مشروع الدولة وترك المنطقة، بعدما شكّل تدخله فيها أثراً سلبياً في الواقع السياسي في لبنان، وضرورة أن يسلّم سلاحه، لأنه لا يمكن أن تقوم دولة في ظل الدويلة، وبالتالي، فهو تحدّث عن هذا التكامل السلبي ما بين السلاح خارج الدولة الذي أبقى لبنان ساحة مستباحة للقوى الإقليمية، وبين الفساد المستشري بسبب هذه التغطية المتبادلة داخل المنظومة الواحدة التي تتشارك في السلاح والفساد الذي أوصل لبنان إلى ما وصل إليه من كوارث.

ـ المحور الثالث: جاء تركيز الدكتور جعجع على أهمية «الحياد» الذي طرحه البطريريك الماروني بشارة الراعي، لأن «الحياد» يشكل مدخلاً إنقاذياً للبنان، وحدّد كيفية تطبيقه والشروع في هذا التطبيق، كما أنه وجّه التحية للبطريرك الراعي في وجه الحملات التي يتعرّض لها.

ـ المحور الرابع: وهو الموقف القواتي عن الدولة المدنية في ظل الكلام المتنامي حولها، وقد أتى الموقف واضحاً لجهة أنها قد تكون من المرّات القليلة التي تحدّد فيها «القوات» نظرتها للدولة المدنية، فقال جعجع، أن الدولة اليوم هي دولة مدنية في لبنان، وطبعاً انفتاح «القوات» على أي تطوير وتحديث من ضمن الثوابت والمسلّمات الوطنية اللبنانية التي تزاوج ما بين طمأنة الجماعات ومنح العدالة والمساواة على مستوى الأفراد، وكذلك، فهو أكد على أن المطلوب تطبيق الدستور للردّ على طروحات العقد الجديد أو المؤتمر التأسيسي، لأن تطبيق الدستور في الشقّ المتعلّق بالسيادة لم يتم، كما أنه، وفي حال وجود من يريد أن يذهب باتجاه المثالثة أو غيرها، فهنالك طبعاً اللامركزية الموسّعة التي يجب تطبيقها، وبالتالي، فهو ذهب بهذا الإتجاه بشكل واضح وأكيد، لعدم الإعتقاد بأن «القوات» في موقع ردّ الفعل أو موقع الخائف، بل على العكس، فهي ستذهب قدماً إلى الأمام من أجل أن يكون هنالك طرح مقابل لهذا الطرح.

وفي موازاة كل ذلك، قالت المصادر القواتية، أن كلمة الدكتور جعجع، شكّلت مضبطة اتهامية لثنائية عون وحزب الله بكل مراحلها من اتفاق مار مخايل وصولاً إلى ما وصلت إليه البلاد اليوم، ومن الواضح أنه لم يُشر في كلمته إلى أي تحالف مع أي فريق سياسي، مما يؤكد أن جعجع ماضٍ في مواجهة منفردة، في ظل تعويله على الإنتفاضة التي حيّاها في كلمته، ولكن طبعاً مع الحرص على تسليط الضوء على دور «القوات» التاريخي، لجهة أن «القوات» هي ثورة نشأت داخل البيئة الوطنية وضد الزبائنية وضد الإقطاع السياسي وضد التقليد السياسي، ثورة من أجل إعطاء المواطن حقه وتحقيق العدالة والمساواة والوصول إلى السيادة وقيام الدولة الحقيقية وتطبيق الميثاق، وبالتالي، عندما يقول البعض «كلّن يعني كلّن» فهذا لا يعني «القوات» لأنها ذهبت إلى ما ذهبت إليه الثورة اليوم منذ عقود، وعلى هذا المستوى، فإن «القوات» كانت السبّاقة بدلالة ما حصل في 2 أيلول من العام الماضي عندما طرح جعجع تشكيل حكومة اختصاصيين، كما أنه طرح الإنتخابات المبكرة لأن «القوات» ترى أن لا أمل بأي تغيير ممكن في ظل المنظومة القائمة، وأن صندوقة الإقتراع هي الفيصل من أجل إعادة إنتاج السلطة تمهيداً لوضع البلاد على السكة الصحيحة.

وختمت المصادر، أن كلمة جعجع شكّلت محطة تأسيسية للمرحلة الوطنية الجديدة التي تمضي فيها «القوات» بمواجهة المنظومة الحاكمة، وفي تحديد عناوينها السياسية، وهي تخوض هذه المواجهة بسقف عالٍ ونبرة حادة متّكئة على ثوابتها، لأنه بالنسبة إليها تبقى الأولوية للوطن.

اهم ما جاء في كلمة رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، «ان إنفجار بيروت جريمة ضد الإنسانية سواء كان حادثاً ناجماً عن إهمال أم عملاً مدبراً. ونواجه أزمة وجودية لا تشبه أيا من الأزمات التي مررنا بها منذ العام 1975».

وعن تفاهم مار مخايل، قال جعجع: «لا يلبث وصول العم للرئاسة حتى يسارع الصهر الى تمشيط ذقنه»، مضيفا «هنالك كلمة سحرية تختصر أسباب كل ما وصلنا إليه هي تفاهم مار مخايل.

وتوجه لحزب الله بالقول: «إلى أين تريد أن يصل الوضع في لبنان وهل تنتظر المجاعة، لا يمكن لحزب الله أن يستمر من دون أن يغير في توجهاته وسلوكه»، مضيفا «لا سبيل إلى محاربة الفساد على يد من كانوا سببا وصناعا له».

وتابع «لا نقبل أن يزايد أحد علينا لا بالوطنية ولا بالنزاهة ولا بالثورة»، مضيفا «لا نريد لبعض الحراك أن يبدو أحمق وأن يضعف المعركة مع أرانب السياسة. اما الداعون إلى قانون جديد للإنتخابات فيخدمون الذين لا يريدون أن تجرى الانتخابات».
وقال جعجع عن تفاهم معراب: «أردناه لبناء دولة المؤسسات وغيرنا استعمله لبسط سلطة الميليشيات. المحور الأساسي لأي مؤتمر تأسيسي جديد سيكون اللامركزية الموسعة. وحياد لبنان المطلوب هو الحياد تجاه سياسة

فادي عيد-الديار