لبنان على ابواب كارثة معيشية – اجتماعية حقيقية..


يتوالى مسلسل الانهيار الاقتصادي – المالي، الذي دخله لبنان منذ قرابة العام، فصولا، ومفاعيله القاسية تشتد وطأة على اللبنانيين وحلقاته الكارثية مستمرة منبئة بالأسوأ، حاملة سيناريوهات جهنّمية، سيعيشها المواطن، خلال أسابيع او اشهر قليلة، لا أكثر، اذا لم تحسن الطبقة السياسية الاداء.
فاحتياطي المصرف المركزي، بدأ ينضب، ويلامس حدودا متدنية لم يبلغها من قبل، حتى كاد يقترب من ودائع الناس، التي يرفض حاكمه رياض سلامة المسّ بها. هذا الواقع يعني ان السلع الاساسية الاولية التي يدعم المركزي اسعارَها راهنا، سيرتفع سعرها في شكل جنوني بعد ان يصبح المصرف غير قادر على مواصلة سياسة الدعم. والسلع هذه، تشمل البنزين والمازوت والقمح وايضا.. الدواء! فهل يمكن تخيّل الوضع الذي سيكون فيه المريض عندما يدخل صيدلية ليشتري “حبّة” لمعالجة صداعه، ولن نقول دواء لداء مزمن كالسكري اوالسرطان، فيجد سعره تضاعف مرات ومرات وبات بمئات الآلاف؟
هي جهنّم حقيقية، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ستتسبب بمجزرة اجتماعية انسانية طبية دوائية غذائية في لبنان، ربما لم يعرف مثلها الا في حرب الـ1914… واذا كانت بوادر التقنين في صرف الاحتياطي بدأت تلمس اليوم في قطاع المحروقات، وقد أوضح ممثل موزعي المحروقات ومستشار نقابة المحطات فادي أبو شقرا أن “هناك شحاً في البنزين بسبب عدم فتح مصرف لبنان الاعتمادات، ولكن بمجرد توقيع الحاكم يمكن تعويم السوق لأن البواخر في الانتظار لتفرغ حمولتها”، مطمئنا في المقابل أنّ “هناك حلحلة متوقعة اليوم في هذا الخصوص” والى “اتصالات تجري مع مصرف لبنان لفتح اعتمادات”، كاشفاً أن “الأجواء إيجابية”، فان المصادر تقول ان العلاج بالمسكّنات وإبر البنج لا يمكن ان يستمر.
القطاعات كلّها اليوم تناشد “المركزي” التدخل، غير ان المصادر توضح ان ثمة ارقاما ووقائع نقدية مالية، لا يمكن تجاهلها او تجاوزها بعد اليوم، وبهذه الارقام، لا يمكن ان يستمر الدعم، هكذا يقول المنطق والحسابات التي “لا تأويل او مزاح فيها”، تتابع المصادر. هذا يعني ان الحل اليوم في مكان آخر، وان الدواء للمرض العضال ليس في “المركزي”، بل في “السياسة”.
فالمطلوب الآن قبل الغد، ومن دون اي تأخير، تسهيل تشكيل حكومة اختصاصيين حقيقيين مستقلّين، ينكبّون على معالجة الازمة القاتلة، حكومة قادرة على التواصل مع العرب والغرب، لا تتحدى او تستفز احدا في الداخل والخارج، حكومة تضم كفوئين يمكنهم بأدائهم ان يكسبوا سريعا ثقة الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، علما ان نواة هاتين المجموعتين، مؤلفة من واشنطن من جهة (ومعها اوروبا طبعا) والدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، من جهة ثانية.
فاذا لم تنجح الطبقة السياسية في تأليف مجلس وزراء من هذه القماشة، ولم تسهّل جهود الرئيس المكلف مصطفى أديب الراغب بحكومة اختصاصيين مستقلة تستعيد ثقة اللبنانيين والعالم، فإن القطيعة الخارجية العربية – الاوروبية – الاميركية، ستستمر، واي اموال او مساعدات لن تدخل لا الى بيروت ولا الى شرايين “المركزي” لمساعدة اللبنانيين في تجاوز المرحلة السوداء المقبلة، بأقل خسائر واوجاع.. حتى فرنسا، الام الحنون، ستدير ظهرها للدولة اللبنانية، وستترك اللبنانيين يتقلّبون وحيدين على نار الغلاء والالم والجوع.. فهل يدرك السياسيون خطورة الوضع ودقته، ام هم يمارسون هواية المحاصصة و”المداورة” والبيع والشراء في سوق التشكيل؟