القوات رداً على منتقديها: الحل لا يكون إلا بعودة حزب الله إلى الدولة!

وجّهت بعض القوى السياسية انتقادات للمواقف التي أطلقها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مناسبة قداس شهداء المقاومة اللبنانية واصفةً كلمته بالسلبية، نتيجة تطرقه إلى مشكلات لا حلولاً بحسب رأيها.

لكن لـ”القوات اللبنانية” رأي واضح على هذا الصعيد، وتقول مصادرها:”أولاً أي حل لأي أزمة يستدعي تشخيصاً دقيقاً لها، وهذا ما نقوم به، وعندما نشخّص الأزمة على نحوٍ صحيح نستطيع الوصول إلى حلول سليمة. كذلك عندما نشخّص الأزمة نوجّه رسائل إلى المعنيين بالداخل والخارج.

وتوضح مصادر القوات:”بالمختصر المفيد ينقسم التشخيص الذي قام به جعجع إلى شقين أساسيين:
الشق الأول يتعلق بوجود دويلة في قلب الدولة، وبوجود سلاح خارج الدولة وهو سلاح حزب الله، لذلك تضمنت كلمته رسالة إلى الحزب بأنه لا يمكن حل الأزمة اللبنانية إلا من خلال عودة الحزب من دوره الخارجي، وتسليم سلاحه إلى الدولة في لبنان.

أما الشق الثاني فتكلم فيه عن منظومة الفساد المرتبطة بمنظومة السلاح، وكلاهما يغطيان بعضهما، وهي حلقة تكاملية أوصلت لبنان إلى الكارثة التي نعيشها. والحل يقضي بوضع السلاح بتصرف الدولة، وإعادة السلطة إلى القانون والدستور والقضاء والمؤسسات الرسمية، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية تعيد إنتاج سلطة سياسية بعيدة عن منظومة الفساد، تحترم القوانين والممارسة الشفافة في إطار المساءلة والمحاسبة المطلوبة، لذلك نقول عندما تطرح القوات الإشكاليات القائمة فهي تطرح في الوقت نفسه الحلول المرتجاة، أي أن الحل لا يمكن أن يكون إلا بالعودة إلى مرجعية الدولة، مما يقودنا إلى ممارسة سياسية مختلفة بعيدة من الفساد، وستحافظ القوات على هذا الموقف بانتظار أي تسوية يُتفق عليها”.

ويتساءل كثيرون عن توقعات القوات بما يتعلق بالمستقبل القريب، فهل يكون حرباً أو حلا سلمياً أو تسوية أو تقسيم أو استقرار؟

تجيب المصادر:”نتأمل أن تكون الحلول سلمية من خلال تسوية يتم الاتفاق عليها، لكن على أي تسوية ان تراعي المبادئ الأساسية المتفق عليها بين اللبنانيين، أي أن تكون هناك مساحة مشتركة يتفق عليها الجميع؛ وهي الدولة والانتماء إلى لبنان فقط. قد يكون هناك خلافات بين القوى السياسية حول رؤى اقتصادية وإنمائية، لكن لا يجوز أن تختلف حول الأساسيات والثوابت؛ أي مفهوم الدولة والقضاء والدستور والقانون والمؤسسات ومرجعية الدولة أولاً وأخيراً”.

وعن مصير علاقة القوات بحلفائها أي “المستقبل” و”الاشتراكي” تقول المصادر:”نعترف أنه لم يعد هناك شيء اسمه جبهة 14 آذار، صحيح أن روحيّتها باقية، أي لبنان أولاً، إلا أن مواقفنا منفردة، ونتمايز إلى حد كبير عن حليفينا، نلتقي معهما بمواقف وقرارات معينة ونختلف معهما بمواقف وقرارات أخرى. كل حزب يتصرف وفق قناعاته. ولا نخشى أن نواجه التطورات منفردين، وإذا عادت وتبلورت الأمور وفق تحالف معين سيكون في إطار ثوابت مشتركة، علماً أننا حاولنا مراراً وتكراراً المحافظة على التحالف. على سبيل المثال نحن لم نمشِ بتكليف رئيس الحكومة مصطفى أديب انطلاقاً من قناعة راسخة بأن الأساس ليس بالتكليف إنما بالتأليف، لأن المنظومة الحاكمة ستضع العراقيل والعصي في الدواليب من أجل تشكيل حكومة تكون نسخة طبق الأصل عن الحكومات الفاشلة. نحن اليوم بحاجة إلى ذهنية جديدة وممارسة جديدة، بل إلى نقلة نوعية لا تتم إلا من خلال كف يد هذه المنظومة، وهذا ما قاله جعجع للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وللموفدين الفرنسيين؛ بأن لا أمل في هذه المنظومة، ولا يمكن أن يحصل أي تغيير على مستوى الدولة في وجودها”.

ماذا عن تواصل القوات مع المملكة العربية السعودية والتنسيق مع دول القرار؟ تؤكد مصادر القوات:”حتماً نحن على تواصل وتنسيق مع كل الدول في إطار الشرعيتين العربية والدولية، أي الولايات المتحدة وفرنسا وكل المجموعة الأوروبية والسعودية وكل الدول الخليجية، لكن هذا التواصل ليس لتفيذ إرادات أجنبية مفروضة علينا، إنما من باب تبادل الآراء والأفكار وحث هذه الدول على دعم منطق الدولة ودعم بقاء لبنان، وهذا الأمر من مسؤولية هذه الدول، لأن لبنان جزء من الشرعيتين العربية والدولية. أما تواصلنا مع الرياض فيهدف، كما أي تواصل مع دولة أخرى، إلى تطبيق القرارات الدولية والالتزام فيها، وتجنّب خروج لبنان عن الشرعية العربية، ومنع تحويله ساحة لإطلاق الصواريخ السياسية باتجاه الدول العربية، وخصوصاً الخليجية”.

من الواضح أن الإدارة الأمريكية داعمة للمبادرة الفرنسية، فما موقف القوات الحقيقي من المبادرة؟ ترد المصادر:”حتماً الإدارة الأمريكية داعمة للمبادرة الفرنسية، والقوات ليست بعيدة عنها، بل وَضَعنا الرئيس ماكرون بكامل تفاصيل المبادرة بشكل دقيق، إلا أن القوات صارحت ماكرون بشكوكها وهواجسها حيال الفريق السياسي الحاكم، لأنها عانت من هذا الفريق وممارساته، وبالتالي موقفنا يشكّل أداة ضغط إضافية باتجاه الوصول إلى حكومة حيادية اختصاصية مستقلة، وبإمكان الرئيس المكلف أن يدفع بهذا الاتجاه مستنداً إلى موقف القوات الواضح. موقفنا لبناني مئة في المئة ولسنا محسوبون على أي خط، بل نعتمد الخط اللبناني، ونريد أن تكون كل القوى الخارجية عربية وغربية داعمة لهذا الخط، أي لخط السيادة والاستقلال والحرية”.

خيار الحرب وارد في لبنان، لكن مصادر القوات تلفت إلى “أننا نعمل المستحيل لإبعاد شبح الحرب، لأننا من القوى السياسية التي شاركت في الحرب نتيجة انهيار وتفكك الدولة، ولم يكن هذا خيارنا بل كنا أمام أمر واقع، فدافعنا عن الدولة والناس والمجتمع. لكننا نستبعد هذا الخيار اليوم بشكل نهائي، لأننا اختبرناه سابقاً وكان خياراً كارثياً على لبنان، لذلك نأمل ألا يحصل ذلك، إلا أنه، لا سمح الله، إذا وقعت الحرب مجدداً وتكررت تجربة 1975، عندها لا حول ولا قوة، ستبحث القوات عن طريقة لحماية الناس والمحافظة على منطق الدولة قدر الإمكان، ومهما حصل سنبقى داعمين وحاضنين للناس والمجتمع، لكننا اليوم نعمل وندفع بأن لا يكون هذا الخيار مطروحاً. علماً أننا حذّرنا منذ عامين، مراراً وتكراراً، بأن الأزمة المالية ستؤدي إلى الفوضى، وكنا على حق، إذ تطورت الأحداث إلى تفكك الدولة، ولولا المبادرة الفرنسية لأصبحنا أمام واقع أسوأ. هذه المنظومة الفاسدة أوصلت لبنان إلى الفوضى نتيجة ممارساتها وفشلها ومقاربتها غير المسؤولة”.

وتأسف القوات في حال فشلت التسوية وتعتبر “أننا جاهزون لأي حوار لبناني حول مفهوم الحياد الذي طرحه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أو اللامركزية الموسعة التي طرحها جعجع. لا نخاف من أي مؤتمر تأسيسي، لأن أول بند سنطرحه في جدول الأعمال هو اللامركزية الموسّعة، والبند الثاني هو الحياد. كل ما نريده هو تطبيق اتفاق الطائف الذي لم يطبّق بالكامل على صعيد البند المتعلق بحل الميليشيات. من هنا نعتبر أنه لا يجوز أن تطرح تسويات على حساب لبنان، ونرى أن كل تسوية طُرحت منذ عام 1990 حتى اليوم دفع ثمنها ليس لبنان فحسب، إنما المجتمع الدولي أيضاً، لأن التخلي عن لبنان يؤدي إلى نشوء وضعية تشكّل خطراً على المجتمعين العربي والدولي. لذلك عليهما أن يتحمّلا مسؤوليتهما ليعود لبنان دولة قوية، هويتها الإنسان وعناوينها الأساسية الدولة القوية والدستور والقضاء والقانون”.

ترى مصادر القوات “أن لبنان وصل إلى مكان ستعود فيه الدويلة إلى الدولة، لأن الرأي العام اللبناني بات مقتنعاً بأن لا خيار أمامه إلا خيار الدولة، أما خلاف ذلك فيعني الانهيار وتغيير وجه لبنان، لذلك فالمواطنون مطالبون في المشاركة بكثافة في الانتخابات النيابية المقبلة، لأنه إذا تغيّر وجه لبنان سيتأثر المواطن بأسلوب عيشه من حيث الاستشفاء والطبابة والتعليم والمصاريف والاقتصاد وغيره،. ولذلك ليس أمامنا إلا إعادة الاعتبار لمنطق الدولة التي تشكّل حماية لجميع اللبنانيين”.

جورج حايك – وكالة أنباء آسيا