العقوبات لن تتوقف حتى ينسلخ حزب الله عن لبنان

لا يبدو أن مسار العقوبات الأميركية سيتوقف أو سيقتصر على الوزيرين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل. بل يبدو أن الرسالة الأميركية ليست موجهة إلى حزب الله وحده بل ولكل من يعاونه، لأن مروحة العقوبات ستتسع على دفعات متتالية.

انسلاخ لبنان عن حزب الله
وتفيد معلومات عن رزم أسماء جديدة تصدر في المرحلة المقبلة، لتشمل مسؤولين لبنانيين من مختلف المكونات والطوائف، بسبب علاقاتهم بالحزب إياه أو لارتباطهم بملفات فساد. وهذا نوع جديد في النهج السياسي الأميركي مع لبنان وسياسييه. هناك أسماء كثيرة أُدرجت على لوائح الإرهاب الأميركية، وتضم سياسيين، رجال أعمال، مقاولين، ضباطاً سابقين في الجيش اللبناني، وربما في الأجهزة الأمنية الأخرى.

ويفترض بالعقوبات أن تؤسس مساراً أميركياً جديداً، ومتعدد الأهداف في لبنان: تحذير المستهدفين من مغبة التواصل مع حزب الله، باعتباره قوة أمر واقع لا يمكن تجاوزها. فيما تريد السياسة الأميركية تكريس الانسلاخ السياسي والشعبي اللبنانيين عن الحزب إياه.

ويعني هذا أن مسار العقوبات بدأ ولن ينتهي قريباً، ولم يعد متعلقاً بعملية تشكيل حكومة مصطفى أديب وبكيفية تشكيلها أو نوعها. لقد أصبحت شخصيات من القوى السياسية اللبنانية كلها إذاً، مشمولة بالعقوبات التي ستطاول نصف مكونات لبنان وقواه، التي تتشكل منها الحكومة والمجلس النيابي.

حكومة بلا القوى السياسية
وتشكيل الحكومة لن يلغي مفاعيل العقوبات والسياسة الأميركية. وهذا تترتب عليه مشكلة في تعاون الوزراء مع العالم الخاجي حول مسائل متعددة، وخصوصاً المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي لن يفاوض ممثلي مكونات سياسية لبنانية فرضت عليها عقوبات، بسبب تورطها بملفات فساد.

تتجلى الرسالة الأميركية الأكبر في قولها للجميع إنه لا يمكنهم الالتفاف على المطالب الأميركية الواضحة: لن نقبل بتشكيل حكومة سياسيين أو اختصاصيين تختارهم القوى السياسية. وفي حال تشبث هذه القوى بآرائها، ستستمر العقوبات وتتعقد الملفات أكثر فأكثر، وصولاً إلى أن الدولة اللبنانية تصبح كلها عرضة للعقوبات أو خاضعة لها.

هكذا يكرس الأميركيون ثوابتهم اللبنانية: تشكيل حكومة مستقلين تماماً عن القوى السياسية، ولا علاقة لهم بها. وإذا استمرت ممارسات القوى السياسية على حالها، يتعرض لبنان كدولة للعقوبات. والضغوط هذه هدفها إبعاد القوى السياسية عن عملية تشكيل الحكومة، والإتيان بفريق عمل متجانس يحظى بثقة دولية، وإلا ستتصاعد الضغوط وتسوء.

قلق الثنائي الشيعي
أما حزب الله فيعتبر العقوبات الأميركية إعلان حرب عليه، للفصل بينه وبين حلفائه. فهو يعتبر أن تيار المردة وحركة أمل يحتفظان بعلاقة استراتيجية وثيقة به. وقد تطال العقوبات مقربين من رئيس الجمهورية وصهره، اللذين تريد العقوبات إضعافهما وتلويث سمعتهما أكثر فأكثر في البيئة المسيحية، وتصديع تحالفهما مع حزب الله. وهكذا يجري تحميل الحزب وحده مسؤولية الأزمات كلها في لبنان. لذا، هو حتماً لن يتنازل عن تمثيله في الحكومة، ويقف خلف مضمون بيان حركة أمل بانه لا يمكن تسييرهما بأحرف الجر.

جانب كبير من التشدد الشيعي حيال العقوبات الأميركية، يحمل في طياته سؤالاً أساسياً: هل جاءت بتنسيق مع الفرنسيين، أم من دون علمهم؟ فإذا كانوا على علم بها لماذا يعمل بري وحزب الله على تسهيل مبادرتهم؟ وفي حال عدم علمهم بها، فليثبتوا ذلك في مراعاتهم آلية تشكيل الحكومة وعدم استثناء أي مكون لبناني منها، لأنه لا يمكن تشكيل الحكومات بهذه الطريقة في لبنان. هذا فيما لدى حزب الله الكثير من الملاحظات على عملية التشكيل، والتي يستشعر أنها محاولة لإقصائه أو استثنائه، وعدم إشراكه بقوة في عملية التشكيل، كما جرت العادة سابقاً.

 

منير الربيع-المدن