الحكومة الجديدة نهاية الأسبوع تحسمها معركة الثلث المعطّل


لا تزال التعقيدات تتحكم بمسار عملية تشكيل الحكومة. اللعبة واضحة في مثل هذه الظروف. كل طرف يلجأ إلى رفع سقوف مطالبه لتحقيق أكبر كمّ من المكاسب. في النهاية “ستتحلحل” العُقد، ويكون هناك حكومة أواخر هذا الأسبوع. وقد تُعلن يوم السبت المقبل.

استراتيجية “الثلث المعطِّل”
حتى ذلك الحين، الطروحات لا تزال متضاربة ومتناقضة. والحسابات السياسية قائمة على حالها. وهناك حروب حول الأثلاث المعطّلة ومن يطلبها. رئيس الجمهورية وفريقه يريدون ثلثاً معطّلاً، حزب الله وحلفاؤه أيضاً يريدون ثلثاً معطّلاً. أما على مقلب رئيس الحكومة ورؤساء الحكومة السابقين الذين سمّوه، فلن يكون بمقدورهم امتلاك ثلث معطّل، لكنهم يعتبرون أنفسهم مالكين لرئيس الحكومة، الذي قد يستقيل عندما تقتضي الحاجة.

كل ما جرى في لبنان، لم يدفع القوى السياسية إلى التنازل عن حساباتها أو تغيير سلوكها ونهجها. معركة الثلث المعطل أصبحت “استراتيجية” في كل الحكومات. إنها معركة فرضها حزب الله منذ ما بعد اتفاق الدوحة، لتستهوي التيار الوطني الحرّ وحده ما بعد التسوية الرئاسية. فأصبح التيار يطالب لنفسه بثلث معطّل، حققه في حكومة سعد الحريري وفي حكومة حسان دياب، والآن يسعى إلى تكراره في حكومة مصطفى أديب.

خلاف مع عون
لم يكن اللقاء بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية إيجابياً. كانت هناك خلافات عديدة. بدأ الخلاف من حجم التشكيلة وامتد إلى تفاصيلها. اعتمد عون اسلوبه المعتاد في “أكل رأس” الرئيس المكلف، كما فعل من قبل مع حسان دياب. فبدأ حديثه أنه يجب تطبيق القانون وما هو معمول به، قاصداً بذلك أنه قادر على عرقلة تشكيل الحكومة، ورفض أي تشكيلة، ما لم تكن وفق ما يريده وتتطابق مع رؤيته. قال عون في أوساطه إن أديب قد يتعبه في حال لم يحسن التعاطي معه بالسياسة، وأصر على التشبث بمواقفه. ولذلك “لا بد من إفهامه بقواعد اللعبة”!

يطرح عون حكومة من 24 وزيراً، لأهداف عديدة، أولها أن الفرنسيين يطالبون بتسمية أربعة وزراء يثقون بهم لإدارة ملفات أساسية في المرحلة المقبلة، ويتولون حقائب الأشغال والنقل، الطاقة، الاتصالات، والعدل. للأشغال العامة والنقل وظيفة أساسية تتعلق بالمرفأ وإعادة إعماره والمطار وغيرهما من المرافق العامة. وزارة الطاقة أساس في مسألة الكهرباء والنفط وما يجري في البحر الأبيض المتوسط، وحسابات فرنسا في هذا المجال. إضافة إلى حسابات مصلحية أخرى ترتبط بوزارة الاتصالات. أما وزارة العدل فالهدف منها إجراء إصلاح قضائي وإقرار التشكيلات. والمشروع الفرنسي الأساسي خلف هذه المطالب، هو مواكبة صرف المساعدات التي يفترض أن يتلقاها لبنان.

باريس و”الثنائي الشيعي”
كذلك تولي باريس اهتماماً بالتنسيق في وزارات أخرى كالمالية، خصوصاً في موضوع التدقيق المالي. وعلى الرغم من تمسك الرئيس نبيه برّي بوزارة المال، إلا أن الفرنسيين يريدون أن يكونوا شركاء في التسمية، أو لديهم موافقة على الأقل. لكن ذلك لن يمرّ بسهولة لدى الثنائي الشيعي. وفي وقت تصرّ فيه باريس على أن تكون الحكومة مصغّرة من أربعة عشر وزيراً، لتثبيت اختصاصيتها وحداً معقولاً من استقلاليتها، وعدم جرّها إلى التجاذبات السياسية.. يأتي رفع رئيس الجمهورية سقفه مطالباً بتشكيل حكومة من 24 وزيراً. وهو مطلب لغايات عديدة. أولاً، سيكون فيها 12 وزيراً مسيحياً، وبالحد الأدنى لدى التيار الوطني الحرّ 10 وزراء مسيحيين منهم، مقابل وزيرين لسليمان فرنجية. وبحال سمّت باريس وزيرين مسيحيين مثلاً يبقى لدى التيار 8 وزراء. أي الثلث المعطل. أيضاً يهدف عون من هذا الطرح إلى تحقيق أكبر مروحة تمثيل له في الساحة المسيحية، يتيح له يعيد تحسين وضعه داخل هذه الساحة.

على صعيد حزب الله أيضاً، هناك رغبة في توسيع حجم الحكومة، لأنه بحال كانت من 14 وزيراً، وسمت باريس 4 وزراء، لن يكون تمثيل الحزب وحلفائه موسعاً، خصوصاً ان الحزب في هذه المرحلة حريص على تمثيل أوسع مروحة من الحلفاء، وخصوصاً من الطائفة السنية، بعد موقف نواب “اللقاء التشاوري”. وأيضاً سيتمسك حزب الله بالثلث المعطل. فإذا كانت حكومة من 24 وزيراً، سيكون لدى حزب الله وأمل 5 وزراء شيعة، يضاف إليهم وزيران لسليمان فرنجية، ووزير لطلال أرسلان أو للقاء التشاوري. يعتبر البعض أن طرح 24 وزيراً سيكون فاقعاً جداً، وهو رفع للسقف في سبيل الوصول إلى حكومة من 20 وزيراً، على غرار حكومة حسان دياب، لتبقى التقسيمات والتوزيعات نفسها وعلى حالها.

منير الربيع-المدن