افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الإثنين 14 أيلول 2020

 

صحيفة النهار

 

ولادة الحكومة “غير المسبوقة” أم الانتكاسة الخطيرة؟

مع ان المعطيات الشديدة التناقض والالتباس الذي سادت الوضع الداخلي في الساعات الأخيرة وعشية تقديم الرئيس المكلف مصطفى أديب قبل ظهر اليوم تشكيلة حكومته الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا تحمل على الجزم باي اتجاه سيسلكه مسار تشكيل الحكومة في الساعات المقبلة فان اقرب الاحتمالات ترجيحا تمثل في تريث الرئيس عون بت موقفه قبولا او رفضا او طلبا لتعديل بعض الحقائب والاسماء لفترة لا تتجاوز ال48 ساعة. ذلك ان المعطيات المتوافرة ل”النهار” تشير الى ان أديب انجز تشكيلته الحكومية من 14 وزيرا كما تمسك بذلك من البداية وهذه التشكيلة قد تكون بمثابة حكومة غير مسبوقة لجهة توزيع حقائبها على وزراء اختصاصيين مستقلين غير سياسيين وغير حزبيين ولا وجود فيها لاي نواب او وزراء سابقين او مرشحين خسروا في الانتخابات، وبعض الأسماء فيها هم من المجلين في قطاعات اختصاصاتهم خارج لبنان وتردد مثلا اسم سمير عساف لوزارة المال وعمر دارغوث لوزارة الطاقة. وأفادت المعلومات ان هذه التشكيلة في حال أبصارها النور ستكون مطابقة تماما للمعايير المبدئية التي تضمنتها المبادرة الفرنسية بحيث تمكن الحكومة من التفرغ لمهماتها المحددة لترجمة البرنامج الإصلاحي المتفق عليه في الورقة الفرنسية ومشروع البيان الوزاري للحكومة. وقد اعتمد الرئيس المكلف في تشكيلته مبدأ المداورة الشاملة في التوزيع الطائفي في كل الحقائب السيادية والخدماتية الأساسية.

ولكن المشهد السياسي عشية تقديم التشكيلة الحكومية بدا على كثير من التلبد خصوصا وسط تصاعد معالم رفض الثنائي الشيعي “لنزع” حقيبة المال من الطائفة ومن حركة “امل” تحديدا خصوصا بعد قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الوزير السابق علي حسن خليل علما ان الذرائع التي قدمت لاعتراض الثنائي الشيعي حصرته بامور ميثاقية ومحلية وأظهرت حرص الثنائي على عدم الاصطدام بفرنسا. ولكن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري امس وغداة الاتصال الذي تلقاه من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وأبلغه خلاله عدم الموافقة على التخلي عن حقيبة المال كما غداة لقائه والرئيس سعد الحريري في عين التينة، بدا حمال أوجه وملتبسا اذ جمع بين الإعلان عن عدم المشاركة في الحكومة والاستعداد لتسهيل مهمتها وتعداد الملاحظات على عملية تشكيلها. وما زاد غموض الموقف من احتمالات تأجيل الولادة الحكومية ان رئيس “التيار الوطني الحر”النائب جبران باسيل أيضا ذهب في اتجاهات ملتبسة من الحكومة اذ اعلن بدوره عدم المشاركة فيها مع اعلان حرصه على الدعم الكامل للمبادرة الفرنسية ولكنه وجه انتقادات حادة الى عملية تشكيلها. ولعل اكثر ما ميز موقف باسيل امس ما اعتبره المراقبون استدارة واسعة وجه من خلالها انتقادات الى حلفائه ولا سيما منهم “حزب الله” والثنائي الشيعي اذ رفض تكريس أي حقيبة لطائفة معتبرا ذلك تكريسا للمثالثة كما هاجم بحدة زيارة إسماعيل هنية للبنان وذهب الى الحديث عن تشجيع عودة “حزب الله” من سوريا الى لبنان كما على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل. وإذ فهم ان مواقف باسيل اثارت استياء الثنائي الشيعي وعدت بمثابة استرضاء للفرنسيين والأميركيين بدا لافتا ان باسيل تلقى مساء امس اتصالا من الرئيس الفرنسي ثم تلقى الاتصال الأول من الرئيس المكلف منذ تكليفه.

 

عون يتريث؟

وتوقعت مصادر واسعة الاطلاع ان يتريث رئيس الجمهورية في اتخاذ موقفه من التشكيلة التي سيعرضها عليه الرئيس المكلف ريثما يتم إيجاد مخارج لعقدة حقيبة المال خصوصا اذا كان أديب قد ناطها بوزير غير شيعي وكذلك لعقد محتملة أخرى قد تبرز من خلال التشكيلة التي وصفت بانها استثنائية وغير تقليدية اطلاقا. وبرزت معالم الرفض الشيعي لاي مشاركة في الحكومة من خلال البيان الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر ان “المشكلة ليست مع الفرنسيين بل داخلية ” وإذ اشار الى ملاحظات عدة على عملية تشكيل الحكومة قال “ابلغنا رئيس الحكومة المكلف من عندياتنا ومن تلقائنا عدم رغبتنا في المشاركة في الحكومة وأبلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لاستقرار لبنان وماليته والقيام بالإصلاحات وإنقاذ الاقتصاد “. ونقل زوار عين التينة ان من ملاحظاته الأساسية انه يعتبر المداورة “اختراعا” محليا وليس شرطا او مطلبا فرنسيا او اميركيا لانتزاع المال من الشيعة كما يأخذ بقوة على الرئيس المكلف انه عمد الى تأليف الحكومة داخل جدران منزله من دون تشاور مع أي فريق. ويبدو من أجواء الثنائي الشيعي انه يتوقع ان يتريث رئيس الجمهورية اليوم في بت هذه التشكيلة ريثما يصار الى تدوير بعض الزوايا بالتوافق مع الفرنسيين.

وتداولت الأوساط المعنية سيناريوات عدة للمأزق في حال عدم التوصل الى مخارج متوافق عليها مع الفرنسيين ومن ابرزها ان يوافق رئيس الجمهورية على تشكيلة أديب لإزاحة عبء أي عرقلة للولادة عن عاتقه ورمي الكرة في مرمى الكتل النيابية والقوى السياسية بحيث تصبح مشكلة الحكومة الجديدة مع المجلس والكتل التي قد تحجب الثقة عن الحكومة بعدما وافقت على تكليف أديب على أساس معايير الوساطة الفرنسية كاملة. اما السيناريو الاخر فيتمثل في تريث عون في القبول او الرفض والاتكاء الى التعقيدات الناشئة لمحاولة تمديد المهلة الفرنسية بضعة أيام فقط للبحث عن مخرج. اما ما طرح عن سيناريو اعتذار او اعتكاف الرئيس المكلف فبدا مفتقرا للحقيقة بحسب ما أفضى به مطلعون.

 

الراعي

وفي موقف جازم ولافت جديد من الاستحقاق الحكومي اعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته امس خلال ترؤسه قداسا حاشدا في بازيليك سيدة حريصا لمناسبة مرور أربعين يوما على انفجار مرفأ بيروت في حضور عدد من ذوي ضحايا الانفجار انه ” لا يمكن بعد الآن القبول بحكومة على شاكلة سابقاتها التي أوصلت الدولة الى ما هي عليه من انهيار، حكومة يكون فيها استملاك لحقائب وزارية لاي طرف او طائفة باسم الميثاقية. ” وأضاف :” ما هي الميثاقية سوى المناصفة في توزيع الحقائب بين المسيحيين والمسلمين وعلى قاعدة المداورة الديموقراطية ومقياس الإنتاجية والإصلاح ؟ ثم اين تبخرت وعود الكتل النيابية عند الاستشارات بانها لا تريد شيئا ولا تضع شروطا؟”.

*******************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

إجماع مسيحي ضدّ “التوقيع الثالث”… وباسيل “نفض يده” من الثنائي الشيعي

حكومة “إيمانويل أديب”… شروط اللعبة تغيّرت!

 

بمعزل عن “استمهال” رئيس الجمهورية من عدمه، ما كُتب قد كُتب، ومراسيم التأليف صدرت في قصر الإليزيه وأصبحت مصادقة قصر بعبدا عليها “تحصيل حاصل”، لتتنقل الأضواء تالياً إلى جلسة الثقة النيابية وما ستشهده من “دراما ميثاقية” بسيناريو وحوار مضبوط تحت سقف ما رسمه المُخرج الفرنسي لمشهدية الخاتمة الحكومية. فعلها إيمانويل ماكرون وفرض على الجميع ولادة تشكيلته لحكومة “المهمة” الاختصاصية برئاسة مصطفى أديب، ضمن حدود المهلة التي وضعها أمام الأفرقاء الرئاسيين والسياسيين، غير أنّ الحدث الجلل لم يقتصر على فعل الولادة بحد ذاته إنما انسحب في دلالاته وأبعاده ليشكل منعطفاً مفصلياً في المشهد السياسي اللبناني بشكل أحدث تغييراً جوهرياً في “شروط اللعبة” تحت وطأة الضغط الدولي المهول الذي مورس على جبابرة النظام اللبناني فجعلهم بين ليلة وضحاها يؤثرون دفن الرؤوس الحامية في الرمال الفرنسية خشية أن تستأصلها مقصلة العقوبات… أما بعد مرور العاصفة “فلكل حادث حديث”!

 

إذاً، قضي الأمر وسيسلّم الرئيس المكلف اليوم الرئيس ميشال عون تشكيلة اختصاصية مصغرة تمكّن من خلالها “ضرب سرب عصافير بحجر تأليف واحد”، وفق تعبير مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن”، مشيرةً إلى أنّ “هذه التشكيلة أعادت من جهة الحياة إلى اتفاق الطائف بوصفه نظاماً دستورياً ناظماً لسير الاستحقاقات الدستورية في لبنان، ومن ناحية ثانية أطاحت بكل الأعراف والبدع الخارجة عن منطوق الدستور في عملية تشكيل الحكومات في لبنان، حيث لا تأليف قبل التكليف ولا ثلث معطل ولا حقيبة حكر على طائفة دون سواها”، ولفتت إلى أنّ “الكاسحة الفرنسية التي واكبت خطوات أديب، استطاعت أن تفكك كل التعقيدات التي لطالما كانت تزنّر الخاصرة الحكومية وتفخخ الدستور بألغام تستقوي تارةً بالسلاح وطوراً بالسطوة الحزبية والطائفية”.

 

وحتى ليل الأمس، كان الرئيس الفرنسي يواصل الضغط والدفع باتجاه ضمان “وفاء الساسة اللبنانيين بوعودهم” ويطاردهم بسلسلة من الاتصالات والرسائل للتشديد على وجوب ولادة حكومة أديب هذا الأسبوع، حسبما نقلت مصادر الإليزيه. وما مسارعة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تصويب بوصلة التسريبات الإعلامية التي واكبت مضمون محادثته الهاتفية مع ماكرون ورأى فيها على ما يبدو ترجمة غير محمودة العواقب دولياً لحقيقة موقفه، سوى مؤشر إلى حجم الضغوط الفرنسية التي جعلت رئيس المجلس يعلن “الفراق حبياً” مع التشكيلة الوزراية المرتقبة وينفي وجود أي “مشكلة مع الفرنسيين” مقابل إبدائه استعداد الثنائي الشيعي “للتعاون إلى أقصى الحدود في كل ما يلزم لاستقرار لبنان وماليته وإنقاذ اقتصاده”.

 

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية متابعة للملف اللبناني أنّ “كل ما حصل يوم الأحد من أحداث وأحاديث ومؤتمرات صحافية وبيانات ومواقف إنما هو ضمن المرسوم وتحت سقف المقبول دولياً، فالمبادرة الفرنسية لم تلغ حق القيادات اللبنانية في التعبير عن موقفها ورفع سقف التحدي، لكن يبقى المهم في نهاية المطاف أنّ الضغوط الخارجية أتت ثمارها وستنتج ولادة حكومة مصغرة مستقلة من الاختصاصيين وهذا هو بحد ذاته جوهر مبادرة الرئيس ماكرون في سبيل استنهاض لبنان”، مؤكدةً أنّ “وهج العقوبات ساهم بشكل فاعل في دفع الجميع إلى السير بالخطة المرسومة والمنسقة بشكل تام بين الفرنسيين والأميركيين”.

 

أما في ما خصّ مسألة المداورة في الحقائب، فرجحت أوساط متابعة لـ”نداء الوطن” أن تشمل مختلف الوزارات السيادية، بحيث يتولى على سبيل المعطيات الأولية، شخصية سنية حقيبة المالية، وأخرى شيعية الداخلية، ومارونية الدفاع، وروم أرثوذكس الخارجية، غير أنها أكدت في الوقت عينه أنّ “الإشكالية التي حصلت حول وزارة المالية لم تكن إشكالية شيعية بحتة بمعنى أنّ الرئيس المكلف لم يهدف إلى إقصاء الشيعة عن هذه الحقيبة، إنما المسألة كانت متصلة بمبدأ رفض فرض أي احتكار طائفي لأي من الحقائب الوزارية”، كاشفةً أنّ “الترشيحات التي برزت خلال الساعات الأخيرة للشخصيات الشيعية التي ستتولى حقيبة الداخلية تراوحت بين تسمية ضابط متقاعد من آل شحيتلي غير منتم وغير مستفز للثنائي الشيعي، وبين ذهاب البعض إلى الحديث عن إمكانية ترشيح اللواء عباس ابراهيم لتولي وزارة الداخلية”.

 

وتوازياً، استرعى الانتباه أمس تشكّل جبهة مسيحية رعوية وسياسية رافضة لتكريس “التوقيع الشيعي الثالث” في وزارة المالية باعتباره يشكل مدخلاً لتطبيق “المثالثة” في نظام الحكم اللبناني، وهذا ما أكد عليه صراحة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس خلال قداس إحياء ذكرى أربعين ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، مشدداً على أنه “لا يمكن القبول بحكومة يكون فيها استملاك لحقائب وزارية لأي طرف أو طائفة باسم الميثاقية” التي تؤمنها المناصفة لا المثالثة.

 

وإذا كانت مروحة المواقف السياسية في أغلبها على المستوى المسيحي تعلن رفضها الصريح لفرض أي “مثالثة مقنّعة” عبر الإصرار على التوقيع الشيعي في وزارة المالية، فإنّ دخول “التيار الوطني الحر” بشخص رئيسه جبران باسيل على خط هذه الجبهة والانضمام إليها عكس إجماعاً مسيحياً على التصدي لتطييف الحقائب الوزارية بخلاف منطوق الدستور، ولوحظ من هذا المنطلق أنّ باسيل حرص خلال إطلالته المتلفزة أمس على التأكيد أمام الأميركيين خصوصاً والمجتمع الدولي عموماً أنه “نفض يده” من محاذير الالتصاق بالثنائي الشيعي تحت وطأة الهواجس المتصلة بحزم العقوبات الأميركية المقبلة، وفق ما رأت مصادر سياسية لـ”نداء الوطن”، مؤكدةً أنّ جملة من العناوين التي طرحها رئيس “التيار الوطني الحر” في كلمته كرست هذا الانطباع داخلياً وخارجياً، سواءً من خلال تطرقه إلى رفض “التوقيع الشيعي الثالث” باعتباره يجسد المثالثة، أو عبر إشارته إلى كون مبادرة تياره التي قدمها إلى الرئيس الفرنسي تشمل وضع الاستراتيجية الدفاعية وحياد لبنان على طاولة الحوار، وصولاً إلى ملامسته نقاطاً حساسة بالنسبة للثنائي الشيعي من بينها مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية وحل “المشاكل العالقة مع إسرائيل” ووضع الأمن والاستقرار على الجبهة الجنوبية بعهدة اليونيفل وتطبيقات القرار 1701، وذلك بموازاة انتقاده الصريح لزيارة اسماعيل هنية وتصريحاته التي تنتقص من سيادة لبنان، والتأكيد في ما يتصل بوجود “حزب الله” المسلح في سوريا على ضرورة عودة الحزب إلى لبنان.

 

أمنياً، برز بُعيد منتصف الليلة الماضية استشهاد 3 عسكريين وإصابة عسكري آخر بجروح خطرة أثناء مداهمة دورية من مخابرات الجيش منزل أحد الإرهابيين المطلوبين في جبل البداوي في منطقة المنية، وذلك إثر تعرض عناصر الدورية إلى “إطلاق نار وتفجير رمانة يدوية” وفق ما أعلنت قيادة الجيش، في حين أفادت المعلومات الأولية أنّ الإرهابيين الذين تجري مطاردتهم هم على صلة بجريمة كفتون التي أودت بحياة 3 لبنانيين.

 

*******************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

“الجمهورية”: التأليف في عين “الثنائي” و”التيار”.. وأديـب بين الإعتكاف والإعتذار.. إلّا إذا!

بلغت الاتصالات في شأن التأليف الحكومي ذروتها أمس، وبدا «الدّق حشر» بين جميع المعنيين به، مع الاعلان عن زيارة الرئيس المكلّف مصطفى أديب لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر اليوم، وسط معلومات متضاربة عن انّه سيحمل في جعبته تشكيلة وزارية من 14 وزيراً من عدمه، في ظلّ اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري «من عندياتنا» عدم المشاركة في الحكومة، وكذلك ابداء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الموقف نفسه، ليتلقّى الاخير مساء أمس، اتصالين هاتفيين من كل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس المكلّف، من دون ان يرشح اي شيء عن مضمونهما.

 

وقد بدا للمراقبين، أنّ جو التأليف ما زال يراوح بين التفاؤل والتشاؤم، نتيجة عقدة وزارة المال، واصرار الرئيس المكلّف على التشكيلة المصغّرة، واختيار اسمائها بنفسه، متشاوراً فيها فقط مع من رشحوه للموقع الثالث في هرم السلطة، من دون الوقوف عند رأي الكتل النيابية والسياسية التي ايّدته في الاستشارات الملزمة، مستقوياً بالمبادرة الفرنسية.

 

وقد أكّد مكتب ماكرون أمس، أنّ الرئيس الفرنسي، الذي بدا وكأنّه يمارس دور كاسحة الالغام التي تعوق الولادة الحكومية، «يضغط على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع، والعمل على انتشال البلاد من أسوأ أزمة تشهدها». وقال الإليزيه: «الرئيس ماكرون يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين في لبنان».

وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ أديب «إذا عرض تشكيلة الأمر الواقع على رئيس الجمهورية اليوم، كما هو متوقع، مستنداً الى زخم المبادرة الفرنسية وسيف مهلة الـ15 يوماً، فإنّ عون سيكون أمام الخيارات الآتية: رفض التشكيلة والطلب من الرئيس المكلّف إعادة البحث فيها حتى تنال موافقة الكتل الاساسية، التمهّل بعض الوقت قبل البتّ بها، او الموافقة عليها، وبالتالي تسديد الكرة الى ملعب مجلس النواب.

 

واضافت المصادر: «اذا اعتمد عون السيناريو الاخير وتدحرجت الكرة الى المجلس، فإنّ «الثنائي الشيعي» سيكون بدوره أمام الاحتمالات الآتية: الانسحاب من جلسة الثقة، وبالتالي الدفع نحو إلغائها نتيجة النقص في ميثاقيتها، حضور الجلسة مع حجب الثقة عن الحكومة وترك اللعبة السياسية تأخذ مجراها، أو حضور الجلسة النيابية ومنح الثقة».

 

وهناك من يلفت الى انّ «الثنائي» قد يتجّه، اذا جرت محاولة احراجه، نحو اتباع الخيار الذي يجمع بين الاعتراض على طريقة تشكيل الحكومة وبين عدم تحمّل مسؤولية نسف المبادرة الفرنسية، خصوصاً انّ بري اعطى إشارة لافتة في بيان مكتبه الاعلامي امس، عندما أوضح انّه تمّ ابلاغ رئيس الحكومة المكلّف، من «عندياتنا» ومن تلقائنا، عدم رغبتنا بالمشاركة في الحكومة، «وابلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وانقاذ اقتصاده».

 

الى ذلك، يستغرب قريبون من الثنائي الشيعي، كيف أنّ الرئيس سعد الحريري الذي يُسجّل له اعتماده خيارات مسؤولة في المرحلة السابقة لمنع اي نزاع سنّي – شيعي، يجازف حالياً باحتمال اعادة تأجيج الجمر المذهبي، وبتوتير العلاقة مع احد اكثر الحرصاء عليه وهو الرئيس نبيه بري، فقط من أجل العبث بـ«ستاتيكو» وزارة المال في توقيت غير مناسب بتاتاً.

 

وأشدّ ما يزعج «الثنائي» ويقلقه، استقواء البعض بالمبادرة الفرنسية ومِهَلها، لمحاولة فرض أعراف غير مألوفة في التأليف، من نوع وضع «فيتوات» على حقائب معينة، واحتكار تسمية الوزراء من دون التشاور مع احد، والمبالغة المفرطة في التحسس حيال وجود طيف حزبي في الحكومة.

 

وتبعاً لمقاربة «الثنائي» فإنّ الآلية التوافقية التي تمّ اتباعها لتسمية الرئيس المكلّف يجب أن تُعتمَد في تشكيل الحكومة، مع تأكيد حق الرئيس المكلّف مصطفى أديب في تحديد معايير او ضوابط مقبولة لاختيار الوزراء.

 

لكن الثنائي يعتبر ان ليس من حق أديب بتاتاً ان يفرض على الآخرين الأسماء من دون التفاهم معهم، «لانّ الوزراء هم بحكم النظام اللبناني ودستوره ممثلون لطوائفهم، وبالتالي من غير الجائز عند التأليف تجاهل رأي القوى الاساسية في تلك الطوائف والغاء نتائج الانتخابات النيابية، خصوصاً انّ ولادة الحكومة تحتاج في نهاية المطاف إلى ثقة الأكثرية النيابية».

 

ليس محسوماً

 

لكن مصادر واسعة الاطلاع قالت لـ«الجمهورية»، انّه ليس محسوماً انّ الرئيس المكلّف سيحمل الى عون اليوم صيغة اولية للتشكيلة الحكومية، نتيجة للمشاورات التي اجراها مع اطراف داخلية، بقيت مجهولة، في ظلّ عدم وجود اي معلومات تشير الى نوعية اتصالاته التي يحوطها بسرّية مطلقة.

 

فلولا زيارة الحريري لبري السبت الماضي، والتي قيل انّها مساهمة منه في تذليل بعض العِقد من امام الرئيس المكلّف ومنها حقيبة وزارة المال، والسعي الى مخرج لمرحلة البت بتوزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب، في ضوء اصرار بري على ابقاء وزارة المال من حصّة الطائفة الشيعية.

 

واضافت المصادر، انّ فشل الحريري في احداث اي خرق لجهة تجاوز عقدة وزارة المال، استدعى على ما يبدو مبادرة ماكرون الى الاتصال ببري السبت، من اجل تذليل هذه العقدة، التي قيل انّها الأخيرة لجهة الحسم في هوية من سيتولاها، بالإضافة الى إجراء اعادة نظر شاملة في توزيعة الحقائب.

 

وقالت مصادر قريبة من قصر بعبدا لـ «الجمهورية»، انّ عون ينتظر أديب ليطلّع منه على حصيلة اتصالاته، وما اذا كانت لديه اي صيغة نهائية لتوزيعة الحقائب والأسماء ليقول كلمته في الحالتين. ولفتت الى انّ لدى رئيس الجمهورية كثيراً من الملاحظات التي سبق له ان وضع الرئيس المكلّف في اجوائها، خلال الاجتماعين السابقين بينهما في 3 و8 ايلول الجاري، وهي تتصل بمختلف جوانب التشكيلة في شكلها وتوزيعة الحقائب، واذا حمل اديب أسماء فسيكون للرئيس رأي فيها ايضاً.

 

الى ذلك، وغداة لقائه بالحريري واتصال ماكرون به، اصدر بري عبر مكتبه الاعلامي امس البيان الآتي: «المشكلة ليست مع الفرنسيين، المشكلة داخلية ومن الداخل. أطلق عنوان واحد للحكومة الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي و»فيتوات» على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم إطلاق مشاورات. لذا أبلغنا الى رئيس الحكومة المكلّف من عندياتنا ومن تلقائنا، عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة، وأبلغناه استعدادنا للتعاون الى أقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وإنقاذ اقتصاده».

 

في غضون ذلك، وصل الى باريس امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في زيارة قالت مصادرالحزب لـ«الجمهورية»، انّها «خاصة وشخصية ولا صفة رسمية لها، حيث سيمضي اياماً في العاصمة الفرنسية، وما لم يطرأ اي جديد ليس هناك اي موعد مسبق له مع اي مسؤول فرنسي يرتبط بالمبادرة الفرنسية او غيرها».

 

دوكان في بيروت

 

وفي الوقت الذي تردّدت فيه معلومات عن وصول السفير بيار دوكان، المكلّف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» والملف الاقتصادي والمالي الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري، كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ فريقاً مالياً وإقتصادياً واكب ماكرون في زيارته الثانية للبنان، التقى عدداً من الخبراء الإقتصاديين اللبنانيين وممثلين عن وزارة المال ومصرف لبنان، للبحث في موضوع توحيد ارقام الخسائر الخاصة بالقطاع المصرفي، وهي خدمة فرنسية تسهّل التقدّم المتوقع في المفاوضات التي ستُستأنف مع صندوق النقد الدولي فور تشكيل الحكومة الجديدة.

 

خطر على المبادرة

 

والى ذلك، قال النائب جبران باسيل، في مؤتمر صحافي أمس، أنّ «هناك جهات خارجية تريد إحباط المبادرة الفرنسية، لأنّ لديها أجندة سياسية تتركّز على زرع الفوضى أو التوسّع في المنطقة. مشيراً الى أنّ «هناك خطراً على المبادرة الفرنسية ممّن يرفضونها بحجة السيادة، أو ممن يريدون الاستقواء وفرض حكومة ومشروع على كل اللبنانيين بإسم فرنسا، هم يريدون أن يكسروا الدستور والتوازنات وأن يتذاكوا ويقوموا بنكايات، ويحققوا مصالح صغيرة بحجّة إنجاح المبادرة الفرنسية، أمّا نحن فلا يعنينا كل هذا، لأننا نعتبر أنّ المبادرة هي وليدة حاجة لبنان وتحقق إنقاذه واستقراره، خصوصاً أنها لَبّت مطالب اللبنانيين بالإصلاح».

 

ورأى انّ «الأولوية الآن هي لحكومة مهمة، وأن تكون الحكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية، برئيسها ووزرائها وبرنامجها. نحن ليست لدينا رغبة في المشاركة في الحكومة». وسأل: «لماذا الإصرار على إسناد أكثر من حقيبة للوزير، في الوقت التي هي وصفة فشل للوزير وحمل كبير وليست رشاقة، إذ بالكاد يستطيع ان يلبّي عمل وزارة، فكيف سيلبّي عمل اثنتين»؟

 

وفي اشارة غير مباشرة الى اعتراضه على تمسّك الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال، قال باسيل: «نحن مع المداورة، ولكن لو حصلت طائفة على وزارة مرات عدة، بما فيها هذه المرة، فإنّ ذلك لا يخلق عرفاً دائماً، فالعرف يكون بقبول الجميع، والدستور واضح بعدم تكريس وزارة لطائفة، اما إذا كان الهدف تكريس التوقيع الثالث فهذه مثالثة ونحن نرفضها حتماً. لن أفتح جدلاً في الموضوع. نحن نسير بما سيتمّ الاتفاق عليه من دون ان نعترف بتكريس عرف».

 

حكومة انقاذية

 

وفي المواقف الداخلية، تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة القاها في ذكرى اربعين ضحايا انفجار مرفأ بيروت: «لماذا يتعثر تأليف حكومة إنقاذية مصغّرة مستقلة، توحي بالثقة والحياد في اختيار شخصياتها المعروفة بماضيها وحاضرها الناصعين، أشخاص غير ملوثين بالفساد؟ أليس لأنّ المنظومة السياسية غارقة في وباء الأنانية والفساد المالي والمحاصصة على حساب المال العام وشعب لبنان؟».

 

وقال: «لا يمكن بعد الآن القبول بحكومة على شاكلة سابقاتها، التي أوصلت الدولة إلى ما هي عليه من انهيار، حكومة يكون فيها استملاك لحقائب وزارية لأي طرف أو طائفة بإسم الميثاقية». وتساءل: «ما هي هذه الميثاقية سوى المناصفة في توزيع الحقائب بين المسيحيين والمسلمين، وعلى قاعدة المداورة الديموقراطية، ومقياس الانتاجية والاصلاح؟ ثم أين تبخّرت وعود الكتل النيابية، عند الاستشارات، بأنّها لا تريد شيئاً ولا تضع شروطاً؟ هل تبخّرت كلها بقوة الاعتداد بالسلطة والنفوذ والمال والسلاح والاستقواء بالخارج؟».

 

وقال: «إنّا نذكّرهم بمصير ذاك الجمل الذي كان يحتقر رمال الصحراء ويدوسها بأخفافه العريضة مستقوياً عليها بضخامة جثته وثقله. وكيف ذات يوم عصفت الريح وقالت لحبات الرمل: «تجمعوا وتوحّدوا وتعالوا نسحق الجمل معاً». فكانت عاصفة من الرمال شديدة طمرت ذاك الجمل ولم تترك له أثراً ينظر».

 

وطالب الراعي بـ«تحقيق دولي محايد ومستقل» بانفجار المرفأ «فالعدالة لا تتعارض مع السيادة، ولا سيادة من دون عدالة. وما معنى سيادة تُنتهك يومياً داخلياً وخارجياً؟ وإذا كانت السلطات اللبنانية، لأسباب سياسية، ترفض التحقيق الدولي، فواجب الأمم المتحدة أن تفرض ذلك، لأنّ ما حصل يقارب جريمة ضد الإنسانية».

 

مواقف دولية

 

وفي المواقف الدولية، دعا المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، بعد زيارته الرئيس المكلّف مساء السبت إلى الإسراع في تشكيل حكومة «ذات صدقية تتمتع بثقة اللبنانيين ومصممة على قيادة البلاد في الاتجاه الصحيح». وقال إنّ «المرحلة المقبلة ستكون لإعادة الإعمار التي يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الإصلاحات، لأنّ المجتمع الدولي ليس على استعداد لدعم الممارسات التي أدّت إلى الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية».

 

ورأى، «أنّ على الطبقة السياسية أن تستجيب لمطالب الناس، وهذا أيضاً ما يتوقعه المجتمع الدولي»، مضيفاً: «أتحدث عن الحوكمة وليس فقط عن الإصلاحات الاقتصادية. يجب أن يكون هناك تغيير في الطريقة التي يُدار بها» هذا البلد. ونبّه إلى أنّ «السرعة مهمة ولا وقت لدى لبنان لإضاعته» آملاً أن «تنجح الحكومة المقبلة في كسب ثقة الشعب اللبناني، بوصفها المكسب الأكثر أهمية».

 

وشدّد على «ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وربما يكون ذلك إحدى الأولويات المبكّرة للحكومة المقبلة». وقال إنّ الاتحاد الأوروبي يدعم التوصل الى الاتفاق، لأنّ من شأنه أن يفتح الباب أمام «موارد أساسية يحتاجها لبنان بشدة لإنعاش اقتصاده». وقال: «حزب الله هو واقع في لبنان، ونود أن نرى الطبقة السياسية اللبنانية بأكملها متحدة وراء هذه المهمة الهائلة»، معرباً عن اعتقاده أنّ حزب الله «يجب أن يلعب دوره في هذا الجهد» أيضاً.

 

بومبيو

 

في المقابل، قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، إنّ إعلان صربيا عزمها إدراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب «خطوة عظيمة».

 

وأضاف بومبيو عبر « تويتر»، إنّ «قطع الدومينو على عمليات «حزب الله» تتساقط في أوروبا». وشدّد على أنّ «حزب الله استمر في التخطيط لهجمات إرهابية وجمع التمويل في أوروبا، ويجب على أوروبا عدم التفرقة بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي»، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى «تصنيف حزب الله منظمة إرهابية».

 

وأضاف، أنّ إعلان صربيا إدراج «حزب الله» ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، سيُساهِم في تقييد قدرة المنظمة على جمع الأموال والعمل في المنطقة، وهي خطوة عظيمة من الرئيس الصربي».

 

وأكّدت وزارة الخارجية الاميركية في بيان، إنّ «واشنطن مستمرة في دعوة الاتحاد الأوروبي لتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، وعدم التفريق بين الذراعين السياسي والعسكري للميليشيا الإرهابية». ودعت كل الدول الى «اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حزب الله من ممارسة أنشطته ووقف وكلائه وداعميه في لبنان وخارجها».

 

كورونا

 

وفي ما خصّ التطورات «الكورونية»، أعلنت وزارة الصحة أمس، تسجيل 641 إصابة جديدة، ليرتفع عدد الإصابات في البلاد إلى 24310 إصابة. أمّا بالنسبة للوفيات، فسُجّلت حالتا وفاة جديدة ليصبح عدد الوفيات التراكمي 241.

 

وفي السياق، أعلن الناطق الرسمي بإسم قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب أندريا تيننتي، «إصابة 90 جندياً من هذه القوات بفيروس كورونا، 88 منهم من الوحدة نفسها واثنان من بلد آخر، وهم في عزلة تامة، وتمّ اتباع جميع الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس». وتمّ نقل المصابين إلى منطقة محدّدة تابعة لليونيفيل مجهّزة لهذه الغاية.

 

في سجن رومية

 

أمنياً، عمد عدد من النزلاء في سجن رومية، مساء أمس إلى الضرب على أبواب الزنزانات لدقائق اعتراضاً على أوضاعهم، وما لبث الوضع أن عاد إلى طبيعته بعد تهدئتهم.

 

إستشهاد ٣ عسكريين

 

وليلاً، نفّذ الجيش عملية دهم في محلة جبل البداوي، بحثاً عن مطلوبين مشتبه بتورطهم في جريمة بلدة كفتون – الكورة التي وقعت الشهر الماضي، وتخلل المداهمة اطلاق نار بين عناصر الجيش والمطلوبين، الذين ألقى احدهم قنبلة.

 

ولاحقا؛ اصدر الجيش بيانا أعلن فيه: «‏أثناء مداهمة دورية من مديرية المخابرات منزل أحد الإرهابيين المطلوبين في محلة جبل البداوي- المنية، تعرضت لإطلاق نار ورمانة يدوية ما أدى إلى استشهاد ٣ عسكريين وإصابة عسكري آخر بجروح خطرة».

 

 

*******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

عون وبري في مواجهة تداعيات عدم تشكيل الحكومة

الرئيس اللبناني أمام خيارين لا ثالث لهما

 

بيروت: محمد شقير

يواجه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون خيارين لا ثالث لهما مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بموافقة أركان الدولة والقيادات السياسية التي التقاها في قصر الصنوبر بداية سبتمبر الجاري، لولادة الحكومة الجديدة: الأول أن يبارك التشكيلة الوزارية التي يحملها معه الرئيس المكلّف بتشكيلها السفير مصطفى أديب إلى القصر الجمهوري في بعبدا بعد إخضاعها إلى تنقيح وتعديلات طفيفة لا تطيح بالإطار العام الذي رسمه ماكرون، وبذلك يكون قد أنقذ الثلث الأخير من ولايته الرئاسية.

أما الخيار الثاني فيكمن في رفض عون التشكيلة بذريعة أنها مفروضة عليه كأمر واقع، لغياب التشاور في الأسماء معه، وبذلك يكون قد أغضب صاحب المبادرة، أي الرئيس ماكرون، وفتح الباب بملء إرادته أمام بداية نهاية «العهد القوي»، إلا إذا ارتأى سلوك طريق الخيار الثالث من خلال موافقته على مضض على التشكيلة الوزارية لوضع الرئيس أديب في مواجهة مع البرلمان، رغم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري باقٍ على موقفه بإسناد وزارة المال إلى شخصية شيعية، ولم يفلح الرئيس الفرنسي في إقناعه بتعديل موقفه والسير قدماً إلى الأمام في تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن ماكرون اتصل ببري في أعقاب إصراره على أن تكون وزارة المال من حصة الشيعة، وهذا ما أبلغه لزعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، في اجتماعهما الذي عُقد ظهر أول من أمس (السبت)، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.

وكشفت المصادر نفسها أن المعاون السياسي للرئيس بري، النائب علي حسن خليل، وقبل شموله بالعقوبات الأميركية، كان قد زار مع حسين خليل، المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وبناءً على طلبهما، الرئيس أديب، وسلّماه لائحة تضم أسماء عدة من المرشّحين الشيعة لتولّي وزارة المال من دون أن يكون هؤلاء من المنتمين حزبياً مباشرةً أو بصورة غير مباشرة إلى «الثنائي الشيعي».

وقالت إن هذه الأسماء من وجهة نظر «الثنائي الشيعي» تنطبق عليهم المواصفات والمعايير التي تؤكد أن صفتهم الحزبية منزوعة عنهم ويعود لأديب اختيار أحدهم، ورأت أن هذا الثنائي مع تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة لتفادي الصدام السياسي مع ماكرون باعتبار أنه يقف وراء المبادرة الإنقاذية لوقف الانهيار المالي والاقتصادي.

واعتبرت هذه المصادر أن «الثنائي الشيعي» لم يقفل الباب في وجه أديب وأبدى كل مرونة، لكنه سرعان ما اضطر إلى تبديل موقفه على خلفية رفضه للعقوبات الأميركية على النائب خليل وبالتالي تمسكه بموقفه في وجه هذه العقوبات، وصولاً إلى شد العصب الشيعي وعدم الرضوخ للإملاءات الأميركية.

وبكلام آخر، فإن الموقف الشيعي قبل شمول النائب خليل بالعقوبات الأميركية لم يعد قائماً كما كان بعد صدورها، خصوصاً أن بري أكد لماكرون الذي اتصل به إصراره على إسناد وزارة المال إلى شخصية شيعية وإلا ينأى بنفسه عن التدخل في تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها من دون أن يعيق إقرار التشريعات الإصلاحية في حال إحالتها على البرلمان.

ولم يكتفِ ماكرون بالاتصال ببري وإنما أوعز إلى فريقه الذي اختاره لمساعدته في الملف اللبناني بضرورة التواصل مع قيادة «حزب الله» من خلال السفير الفرنسي في بيروت فورنو فوشيه، للوقوف على رأيها، مع أنها كانت قد اتخذت قرارها بالتموضع تحت عباءة رئيس المجلس لينوب عنها في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة.

كما أن ماكرون كلّف مستشاره الخاص سفير فرنسا السابق في لبنان إيمانويل بون، بالتواصل مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، رغم أن الأخير كان اتخذ قراره بعدم المشاركة في الحكومة، محذّراً من تفويت الفرصة التي قد تكون الأخيرة لإنقاذ لبنان، لأن عدم الالتزام بها سيواصل انزلاق البلد نحو الهاوية لغياب من ينوب عن ماكرون لتولّي الجهود لوقف الانهيار.

لذلك تسأل مصادر مواكبة للمشاورات الجارية في اللحظة الأخيرة لإنقاذ المبادرة الفرنسية وترجمتها بتشكيل حكومة مُهمّة لتنفيذ الإصلاحات التي تتيح للبنان الإفادة من دعم المؤتمر الدولي الذي يتولى ماكرون التحضير له، تسأل عما إذا كان موقف «الثنائي الشيعي» غير قابل للتعديل مع أنه يدخله في اشتباك سياسي مع ماكرون في ظل غياب البديل، وبالتالي التفريط بعلاقته مع فرنسا والإطاحة بعودة الاهتمام الدولي بلبنان؟

إلا أن بري، كما تقول المصادر، لن يدخل بالنيابة عن «الثنائي الشيعي» في مواجهة مع ماكرون، وتعزو السبب إلى أن المشكلة داخلية وليست فرنسية، وأنه أول من أيّد ودعم التحرك الفرنسي باعتبار أنه يشكّل الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان من أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية والتي بلغت ذروتها بعد الانفجار المدمّر في مرفأ بيروت والذي أملى على البلد والحكومة مهام جديدة أولاها إعادة إعمار ما أصاب بيروت من دمار، ناهيك بأن بري الذي تربطه علاقة وطيدة بفرنسا لن يوفّر الذرائع لمن يخطط للإطاحة بهذه المبادرة لوأدها في مهدها قبل أن تُترجم إلى خطوات عملية تكون بمثابة برنامج للانتقال بلبنان إلى مرحلة تؤشر ببدء الانفراج والتعافي.

أما على المقلب الآخر، فإن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قدّم نفسه في كلمته إلى المحازبين والمناصرين ومن وجهة نظر خصومه على أنه «الملاك الحارس» لدعم المبادرة الفرنسية، رغم أنه غمز من قناة الرئيس المكلف بعدم التشاور كما يجب مع رئيس الجمهورية حول تشكيل الحكومة، وسأل: لماذا يراد حشره؟ وأيضاً لماذا تغييب الكتل النيابية عن المشاورات وهي وحدها المعنية بمنح الحكومة الثقة؟

وفي هذا السياق علمت «الشرق الأوسط» أن أديب تشاور مع معظم الكتل النيابية بناءً على طلبها وأن مشكلة باسيل تكمن في أنه يطلب منه بدعوته بذريعة أنه يتزعّم أكبر كتلة نيابية، إضافة إلى أن توسيع المشاورات يمكن أن يُكثِر من يشارك فيها الطلبات التي من غير الجائز التسليم بها، خصوصاً إذا ما تجاوزت الخطوط الحمر التي رسمها ماكرون لإنجاح مبادرته.

وعليه، يبقى السؤال: كيف سيتعاطى عون مع أديب الذي يُفترض أن يلتقيه في أي لحظة؟ هل سيتجاوب بلا أي تحفّظ مع المبادرة الفرنسية أو أنه سيطلب تمديد المشاورات لعله يتمكن من تحسين شروطه في التشكيلة الوزارية؟ وإن كان يعلم سلفاً أن محاولةً كهذه سترتدّ عليه ولا يملك ما يسمح له بتسديد الكلفة السياسية المترتبة على تأجيل ولادة الحكومة، وأيضاً كيف ستتعاطى طهران مع ماكرون؟ وهل تتدخل لدى «حزب الله» لتسهيل مهمته لأن لا علاقة له بالعقوبات الأميركية؟

 

 

*******************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

«الخيار المر» أمام عون اليوم: إنقاذ البلد أم تحالف 8 آذار؟

ماكرون لن يرضى بتعديل المبادرة.. إلغاء 4 وزارات وصدي وزيراً للمالية

 

الترقب هو البوصلة، والانتظار ثقيل، لكن لا مفر منه، في ضوء معطيات التأليف، ما ظهر منها، وما بطن، فالامور، لم تعد محكومة بمسار ما تيسَّر من معلومات بل بمسار ما يكمن في ما وراء المواقف من مضمرات، وخيارات، فعلية، تتعدّى ما يتعلق «بالمناورة» بعدما سقطت المداورة، ومعهما اشكال قديمة، مملّة، خطرة، كانت تعتمد في تأليف الحكومات، وتوزيع الحصص والحقائب على المكوّنات الطائفية، من زاوية الكتل النيابية ورؤسائها.

 

والسؤال الاساسي: ماذا سيكون موقف الرئيس ميشال عون عندما يقدم له، الرئيس المكلف مصطفى اديب تشكيلته الوزارية من 14 وزيراً؟ هل يتريث من اجل انقاذ لبنان، ام يكون تريثه لانقاذ تحالف 8 آذار الهائج بوجه المبادرة الفرنسية، التي اعلن الرئيس ايمانويل ماكرون انه ليس بوارد تعديلها أو تجزئتها.

 

وفي هذا الاطار، علمت «اللواء» ان الاتجاه الآن هو لإلغاء اربع وزارات، هي: الاعلام، الثقافة، المهجرين والتنمية الادارية.

 

وفي معلومات «اللواء» ايضا ان السيد جو صدي، وهو خبير مالي يعمل في لبنان، اقترح اسمه ليشغل نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية وهو من الطائفة الارثوذكسية.

 

ومع هبوط المساء، وعشية الزيارة المرتقبة اليوم للرئيس المكلف مصطفى اديب عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الى بعبدا، لتقديم تشكيلته الى الرئيس ميشال عون، بالتزامن مع بقاء يوم أو يومين من مهلة الرئيس ايمانويل ماكرون، والتي تنتهي غداً الثلاثاء، وربما تمتد الى الاربعاء، على ابعد تقدير، في ظل حسم فرنسي، واوروبي تجاه مسألة المبادرة، التي يتعامل معها الاليزية ككل واحدة، أو حزمة واحدة، في وقت تتصرف الاطراف اللبنانية، المعنية «كالثنائي الشيعي» والتيار الوطني الحر، وبعض مكونات 8 آذار، وكأن الحزمة محاصصة فتأخذ ما تريد، وتترك ما تريد!

 

الابرز في الحركة الفرنسية، بعد ان كسب الرئيس ماكرون جولة على انقرة في الحوض الشرقي للمتوسط، يحمل البحرية التركية على سحب بارجة حربية من بحر ايجه، قبالة جزيرة يونانية، انه ليس في وارد التساهل أو التراخي، إزاء المكونات اللبنانية، التي تظهر انها معرقلة للمبادرة التي تضم: حكومة اخصائيين، مصغرة، أو غير ذلك، ليس مهماً، خالية من الاحزاب أو المستقلين الموالين لهذه التيارات والاحزاب، تعمل ضمن خطة عاجلة، تبدأ بأعداد المشاريع والقوانين، امتداداً الى تنظيم مؤتمر اقتصادي في باريس لتقديم ما يلزم من مساعدات واعانات، وخارطة طريق لوقف الانهيار المالي والاقتصادي في هذا البلد.

 

من هذه الوجهة، افيد مساء ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تلقى اتصالات من كل من الرئيس ماكرون واخر من الرئيس المكلف مصطفى اديب.

 

وكان الرئيس نبيه بري تلقى اتصالا من الرئيس ماكرون، ليشرح له حقيقة الموقف من بقاء وزارة المال مع الفريق الشيعي للمضي في المشاركة في الحكومة.

 

ولخّص بري موقفه من الوضع الحكومي بالقول: المشكلة ليست مع الفرنسيين المشكلة داخلية ومن الداخل. أطلق عنوان واحد للحكومة الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي وفيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم اطلاق مشاورات.

 

لذا ابلغنا رئيس الحكومة المكلف من «عندياتنا» ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة، وابلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وانقاذ اقتصاده.

 

وكان بري قد ردّ على التسريبات الصحافية حول ما جرى في الاتصال الهاتفي الذي اجراه مع الرئيس ماكرون، قائلاًّ: «لا تعليق»، فيما قالت مصادر اخرى ان ما تم تسريبه غير دقيق. وتضمنت المعلومات المسربةعن الاتصال، لم يكن ايجابيا، وبحسب المعلومات فإن بري كان حاسما لجهة موضوع وزارة المالية، وقد نقل هذا الامر لماكرون الذي قال ما معناه انه «بات بامكاننا تأليف حكومة من دون رئيس مجلس النواب وتاليا من دون الثنائي الشيعي»، فرد بري بالقول: «اذا فيكن تشكلوا من دوننا روحوا شكلوا».

 

وكان الرئيس بري استقبل الرئيس سعد الحريري في عين التينة السبت الماضي للتباحث في حلحلة العقد الحكومية.

 

واوضح باسيل: عندما نقول ليس لدينا شرط فهذا يعني ان مشاركتنا في الحكومة ليست شرطاً لدعمها، بل اكثر من هذا، فنحن ليست لدينا رغبة بالمشارك بالحكومة و «مش حابين نشارك».

 

وقال: كثيرون يتكلمون من لضرورة مشاركتنا، وان لا حكومة تشكل من دوننا، ونحن نجيبهم ان رئيس الجمهورية بتمثيله، وميثاقيته يغطينا ويغطي الحكومة، ويعوض عنا في هذه الظروف الاستثنائية.

 

وقال قصر الإليزيه دون أن يورد تفاصيل عن أي مناقشات «الرئيس (الفرنسي) يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين في لبنان للوفاء بتعهداتهم».

 

وأجرى ماكرون اتصالا هاتفيا بالرئيس بري، في محاولة لتذليل عقبة تتعلق بتعيين وزير للمالية.

 

وقال مكتب ماكرون ان الضغط على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة هذا الاسبوع، والعمل على انتشال البلاد من اسوأ تشهدها منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

 

و كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية أن كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المباشر مع الاطراف السياسيين خلال الايام الماضية وتحديدا في اليومين الماضيين، فعل فعله بوقف محاولات البعض بفرض الشروط أو التشبث بوزارات معينة لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة كما حصل في موضوع مطالبة الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحت شعارات وحجج غير دستورية وقالت: ان الرئيس الفرنسي كان صريحا وجادا في مخاطبة الذين تحادث معهم من السياسيين اللبنانيين مشددا على ضرورة بذل كل ما يمكن لتسهيل وتسريع عملية تشكيل الحكومة، لا يمكن للبنان ان يبقى بلا حكومة اصيلة تتولى مهماتها لانتشاله من سلسلة الازمات المتراكمة والضاغطة التي يواجهها منذ شهور متعددة.

 

واشارت الى ان الرئيس ماكرون لفت بصراحة الى انه زار لبنان مرتين وفي غضون وقت قصير جدا للدلالة على اهتمامه الشديد لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل مشاكله ولاسيما بعد التفجير المدمر الذي استهدف مرفا بيروت واضراره البليغة على العاصمة وأهلها ووضع كل ثقله وصدقية فرنسا في المبادرة التي قدمها للاطراف السياسيين أخذا بعين الاعتبار ظروف وحساسية الوضع الداخلي اللبناني من جميع النواحي .

 

وإذ لفتت المصادر إلى ان ماكرون أبلغ المعنيين بانه لا يرى مبررا مقبولا لاعاقة وتأخير ولادة الحكومة الجديدة بالوقت المحدد باسبوعين منذ تكليف مصطفى اديب بتشكيلها ، بعدما التزم جميع الاطراف بتاييد تنفيذ المبادرة ودعمها ولم يطلب اي طرف تعديلها اومعارضتها،كما أنه لم يسمع من اي طرف مطالبته المسبقة بهذه الوزارة أو تلك أو ما يثار بخصوص الميثاقية أو المثالثة في التوقيع الشيعي على المراسيم وغيره، بل وجد كل تقبل وتجاوب مع ما طرحه. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الفرنسي شدد على هؤلاء الاطراف بانه تحمل شخصيا تبعة المجازفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما في ابقاء خطوط التواصل قائمة مع حزب الله والأخذ بهواجسه ومطالبه لاسيما منها معارضته لعدم إجراء انتخابات نيابة مبكرة كما تطالب بذلك شرائح عديدة من المتظاهرين والمجتمع المدني وعدم اثارة موضوع سلاح الحزب في الوقت الحاضر.

 

واضافت المصادر إلى ان ماكرون شدد أيضا على ان الوقت الضاغط لم يعد يسمح باهدار فرصة الالتزام الفعلي بتنفيذ بنود المبادرة الفرنسية ولاسيما تشكيل الحكومة الجديدة لان لبنان في وضع حساس جدا ومعرض للانهيار، وحذر بانه لن يسمح بفشل المبادرة الفرنسية ومستمر بدعمها حتى النهاية لانقاذ لبنان مما يتهدده من مخاطر غير محمودة.

 

وقالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان زيارة رئيس الحكومة المكلف اليوم الى قصر بعبدا ليست بالضرورة ان تكون فاصلة لجهة تأليف الحكومة انما في هذه الزيارة يطلع رئيس الجمهورية على التصور الذي يقدمه رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب.

 

واكدت ان الصورة تتضح اليوم بعد تقديم الدكتور اديب لائحة بالأسماء وبالتالي يمكن تبيان الخطوة المقبلة بعد كل المواقف التي صدرت في اليومين الماضيين مع العلم ان اي حديث عن مشاورات جديدة يجريها رئيس الجمهورية حول الوضع الحكومي مع رؤساء الكتل النيابية قد يكون واردا لكن لا بد من انتظار لقاء اليوم.

 

وعلمت «اللواء» ان هناك اشكالية تتصل بموضوع نيل الحكومة الثقة اي ما لم تكن هناك ضمانات بحصول حكومة اديب الثقة فلا تأليف، اما اذا كان هناك اتفاق فعلي على التسهيل فالحكومة تبصر النور وربما تكون بعض الحلحلة تمت على قاعدة دخول فرنسي واقتراح اديب اسماء محايدة لا تشكل اعتراضا وهو ما ينطبق على المداورة ولذلك كل ما يمكن تأكيده ان القرار الفاصل يظهر اليوم.

 

ولاحقاً أكدت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة العتيدة ان الرئيس المكلف سيحمل معه اليوم التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية ميشال عون وتوقعت ان يتريث عون بالتوقيع على مراسيم اصدارها بحجة انه بحاجة لبعض الوقت لدراستها وذلك استجابة لتمني الثنائي الشيعي بعد اتصال اجراه مع المستشار الرئاسي سليم جريصاتي بهذا الخصوص.

 

وذكرت المصادر ان التشكيلة الحكومية تضم ١٤ وزيرا من الاختصاصيين المستقلين، ويراعى مبدا المداورة في توزيع الحقائب في هذه التشكيلة المرتقبة في حين يفرض تكتم شديد على أسماء الشخصيات المطروحة للتوزير.

 

هذا الوقف ربما سبق أو تلا اتفاق الرئيس المكلف مع الرئيس ميشال عون على زيارة قصر بعبدا لتقديم مسودة تشكيلة حكومية والتشاور معه فيها، وإما يوافق عليها الرئيس عون وما يرفضها ويطلب بعض التعديلات عليها سواء لجهة عدد الوزراء أو الاسماء أو توزيع الحقائب أو الاثنين معا، وفي حال الرفض ماذا سيكون موقف اديب، هل يراجع حساباته ويقوم بالاتصالات بالقوى السياسية والكتل النيابية أم يعتكف أو يعتذر، وعندها تبقى حكومة الرئيس حسان دياب في مرحلة تصريف الاعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة؟

 

لكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا، قالت لـ «اللواء» ان الرئيس عون سيأخذ مهلة 24 ساعة على الاقل لدرس الصيغة التي تقدّم بها الرئيس اديب لجهة عدد الوزراء ونوعية الاسماء والاختصاصات وتوزيع الحقائب، وعلى هذا الاساس يستبعد ان يتم اليوم الاعلان عن تشكيل الحكومة، بعد كل التطورات التي حصلت.

 

وكشف النقاب عن ان وزارة المال قد تكون من حصة شخصية من آل البساط.

 

وجاء موقف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان ليدعم موقف بري، حيث قال في تغريدة على «تويتر»: بعدما رحبنا جميعا بالمبادرة الفرنسية، على اعتبار انها مبادرة جامعة لانقاذ الوضع الاقتصادي، اصبحنا اليوم امام معادلة واضحة، تأليف حكومة الامر الواقع عبر الاستقواء بالخارج واحتمال كسر الميثاقية في جلسة الثقة.

 

وفي تطوير متصل، وصل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الىباريس، في زيارة وصفت بالخاصة، لكن بتوقيتها، قد تكون مرتبطة بتطورات الوضع الحكومي.

 

ويرافق جنبلاط النائب وائل ابو فاعور في زيارة لبضعة ايام، حسب جريدة «الانباء» الالكترونية الناطقة بلسان الحزب.

 

دعا المفوض الاوروبي لادارة الأزمات يانيز لينارتشيتش إلى الإسراع في تشكيل حكومة «ذات صدقية» في لبنان، مؤكداً أنه شرط لا بدّ منه لاطلاق المرحلة الثانية من الدعم الدولي للبلد الغارق في أزماته.

 

وقال في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» ليل السبت بعد لقائه الرئيس أديب، «نحن بحاجة إلى حكومة ذات صدقية تتمتع بثقة اللبنانيين ومصممة على قيادة البلاد في الاتجاه الصحيح». ووصل المفوض الأوروبي إلى بيروت السبت على رأس شحنة مساعدات انسانية، هي الثالثة التي تكفّل الاتحاد الأوروبي بإيصالها إلى لبنان بعد انفجار المرفأ المروع في 4 آب. وتضمنت سيارات إسعاف، ومعدات حماية شخصية وأدوية. وخصّص الاتحاد الأوروبي 64 مليون يورو (79 مليون دولار) للاستجابة الطارئة للانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 190 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، عدا عن إلحاق أضرار جسيمة بعدد من أحياء العاصمة، ما شرّد نحو 300 ألف من سكانها. وقال لينارتشيتش إنّ «المرحلة المقبلة ستكون لإعادة الإعمار التي يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الإصلاحات لأن المجتمع الدولي ليس على استعداد لدعم الممارسات التي أدت إلى الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية».

 

ورأى أنه على الطبقة السياسية أن «تستجيب لمطالب الناس، وهذا أيضاً ما يتوقعه المجتمع الدولي» مضيفاً «أتحدث عن الحوكمة وليس فقط عن الإصلاحات الاقتصادية. يجب أن يكون هناك تغيير في الطريقة التي يُدار بها» هذا البلد.

 

ويشهد لبنان منذ العام الماضي انهياراً اقتصادياً متسارعاً، دفع بمئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشارع ناقمين على أداء الطبقة السياسية ومطالبين برحيلها مجتمعة.

 

وفاقمت تدابير الاغلاق جراء تفشي وباء كوفيد-19 الوضع سوءاً، قبل أن يشكل انفجار المرفأ ضربة قاصمة.

 

«لا وقت لإضاعته»

 

على وقع غضب الشارع المطالب بمحاسبة المسؤولين عن كارثة الانفجار، استقالت حكومة حسان دياب. وتحت ضغط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت لمرتين منذ الانفجار، تمّ تكليف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة.

 

وأعلن ماكرون في زيارته الثانية مطلع الشهر الحالي التوافق مع القوى السياسية على خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة بمهمة محددة خلال مهلة أسبوعين، تضمّ «شخصيات كفوءة» تلقى دعماً سياسياً وتنكب على اجراء اصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم دولي. ولا تزال مساعي التأليف مستمرة وتصطدم بمطالب بعض القوى السياسية، رغم قرب انتهاء المهلة المتفق عليها في بلد يستغرق فيه تشكيل الحكومة عادة أسابيع أو حتى أشهراً.

 

ونبّه لينارتشيتش إلى أن «السرعة مهمة ولا وقت لدى لبنان لإضاعته» آملاً أن «تنجح الحكومة المقبلة في كسب ثقة الشعب اللبناني، بوصفها المكسب الأكثر أهمية». وشدّد على «ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وربما يكون ذلك إحدى الأولويات المبكرة للحكومة المقبلة».

 

وقال إن الاتحاد الأوروبي يدعم التوصل الى الاتفاق لأن من شأنه أن يفتح الباب أمام «موارد أساسية يحتاجها لبنان بشدة لإنعاش اقتصاده».

 

وفي السياق المالي أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه سينحاز إلى الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

 

ونفى سلامة في حديث إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز» نيته «عرقلة العلاقة بين لبنان وصندوق النقد الدولي»، وقال «بالنسبة للمستقبل سنعمل على مواءمة موقفنا مع موقف الحكومة حتى لو كانت هناك خسائر».

 

ولفت سلامة إلى انه «لا يستطيع أن يقطع وعدا بأن مصرف لبنان سيسلم جميع المعلومات التي طلبها التدقيق الجنائي لأنه ملزم بقوانين السرية المصرفية»، مشددا على ان «مصرف لبنان ليس لديه ما يخفيه، ونحن سنقدم كل المعلومات التي يمكننا تقديمها بموجب القانون».

 

وأشار إلى ان «احتياطيات مصرف لبنان من العملات الأجنبية منخفضة للغاية لدرجة أنه لا يمكنه توفير الدولارات إلا لدعم الواردات الحيوية مثل القمح ، حتى نهاية العام».

 

مبارزة في الشارع

 

وتمثلت هذه المبارزة بعد ظهر السبت الماضي أمام القصر الرئاسي في بعبدا.

 

فلمناسبة مرور 40 يوما على انفجار العنبر 12 في مرفأ بيروت فقد انطلق العشرات من المتظاهرين من أمام مبنى قصر العدل في بيروت في مسيرة سيراً على الاقدام الى طريق القصر الجمهوري في بعبدا، احتجاجا على ما وصلت اليه الاوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان, بالاضافة للتنديد بعدم وصول التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت لأي نتائج.

 

وسلك المتظاهرون الشارع الرئيسي في فرن الشباك، وسط تزايد ملحوظ في أعداد المشاركين مع انضمام المزيد من المحتجين الى المسيرة في النقاط التي تسلكها. ورفعوا اللافتات التي تدعو الى «إسقاط المنظومة السياسية برمتها ومحاسبة الفاسدين والسارقين ومحاكمة المسؤولين عن انفجار 4 آب».

 

وتلت إحدى الناشطات بيانا، اعتبرت فيه أن اختيارهم التجمع أمام قصر العدل هو «للتأكيد على أن لبنان وطن سيد حر مستقل وجمهورية برلمانية ديموقراطية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، وأن مقدمة الدستور تضمن حقوق الشعب والمطالبة بها»، متسائلة: «أين التحقيق وأين المتهمون ولماذا لم يدن أحد بتفجير المرفأ؟».

 

تظاهرة عونية

 

بالتزامن كان مناصرو «التيار الوطني الحر» قد بدأوا بالتجمع على طريق قصر الجمهوري قرب «شاركوتيه عون»، وفي ساحة السفارة الجزائرية عند مفرق بلدة بطشاي، رفضا للتعرض لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولموقع الرئاسة.

 

وقطع «العونيون» طريق القصر الجمهوري على التظاهرة المقابلة، بعدما تمكنوا من اجتياز حاجز الجيش اللبناني البشري، لمنعهم من الاحتكاك مع المجموعة الاخرى التي تتظاهر للمطالبة برحيل رئيس الجمهورية، ووصلوا إلى قرب مطعم «ماكدونالدز».

 

وبالفعل شهد الطريق تحت الجسر المؤدي الى بعبدا هرجاً ومرجاً، كما حصل تدافع بين قوات مكافحة الشغب ومناصري «التيار العوني» الذين نجحوا بالوصول الى أحد المداخل المؤدية الى القصر الجمهوري.

 

صحياً، سجل لبنان، حسب بيان وزارة الصحة 641 اصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالتي وفاة، ليرتفع العدد 24310 اصابة مثبتة مخبرياً.

*******************************************

افتتاحية صحيفة الديار

مسودّة حكومة أديب اليوم في بعبدا.. حكومة اختصاصيين مُستقّلة عن الأحزاب

الثنائي الشيعي والتيار لن يُشاركا في الحكومة.. ومخاوف من عدم قدرتها على العمل

الحكومة العتيدة بحاجة الى مواكبة دولية لتعبر برّ الإصلاحات الإقتصادية.. الكثيرة

من المتوقّع أن يقوم اليوم الرئيس المكلّف مصطفى أديب بزيارة إلى قصر بعبدا لتقديم التشكيلة الحكومية إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. هذه التشكيلة التي حافظت على سرّيتها منذ التكليف، تتميّز أيضًا بعدد من الصفات الإيجابية والتي قد تكون عائقًا أمامها للحصول على موافقة رئيس الجمهورية، وثقة المجلس النيابي، والقيام بالإصلاحات اللازمة.

 

لوائح كثيرة لأسماء تم نشرها على مواقع التواصل الإجتماعي على أنها التشكيلة الحكومية، إلا أن كل هذه اللوائح ما كانت إلا نتاج بعض المستوزرين الذي أرادوا وضع إسمائهم بالتداول أو حرق أسماء أشخاص آخرين. الرئيس أديب حافظ وبشكل شبه تام على أسماء الوزراء الذين إختارهم بمعزل عن أراء القوى السياسية التي قامت بتسميته وهو ما قد يكون شبه نادر في حياة لبنان السياسية منذ إنسحاب الجيش السوري في العام 2005.

 

حكومة من دون حزبيين!

 

عقدة الحكومة الأخيرة كانت حول وزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة والتي إستدعت إتصالا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برئيس مجلس النواب نبيه برّي من دون نتيجة إيجابية. وأصدر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس بيانا جاء فيه أن «المشكلة ليست مع الفرنسيين المشكلة داخلية ومن الداخل» محمّلا البعض مسؤولية الإستقواء بالخارج وعدم إجراء مشاورات مع القوى السياسية بحجّة حكومة إختصاص من دون ولاء حزبي أو نيابي. وأضاف البيان «لذا ابلغنا رئيس الحكومة المكلف من عندياتنا ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة، وابلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وانقاذ اقتصاده».

 

وكانت قد خرجت إلى العلن البارحة معلومات تقول أن الثنائي الشيعي لن يُشارك بحكومة الرئيس أديب إذ لم يُسمّ وزرائها الشيعة وإذا لم تكن وزارة المال من حصّة الثنائي. وهذا يعني أنه من المحتمل أن تواجه هذه الحكومة صعوبات لاحقا إن على صعيد الثقة أو على صعيد الإصلاحات الإقتصادية والتي تتطلب الكثير من القوانين التي لن تمرّ من دون رضى سيّد المجلس.

 

وكان النائب هادي حبيش قدّ صرّح سابقا أن تيار المستقبل لن يُشارك في هذه الحكومة، وكذلك فعلت القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي. وإذا كانت خلفيات عدم المشاركة في الحكومة تختلف في الجوهر والشكل عن خلفيات عدم مشاركة الثنائي الشيعي، إلا أن الأكيد أن هذه الأحزاب ستكون عنصر الدعّم الأساسي لحكومة الرئيس مصطفى أديب.

 

من جهته قال رئيس التيار الوطني الحر في معرض مؤتمره الصحفي البارحة، أن التيار غير مهتم بالمشاركة بالحكومة وسيُقدّم كل التسهيلات لعملها. إلا أن بعض المراقبين شكّكوا في نوايا التيار تسهيل عمل الحكومة خصوصا إذا ما كانت الإصلاحات التي ستقوم بها هذه الحكومة ستؤدّي إلى الإطاحة بخطّة الكهرباء التي جهد التيار في العمل على إقرارها وتطبيقها.

 

الطابة في ملعب الرئيس.. ورئيس المجلس

 

قطوعان أمام حكومة الرئيس مصطفى أديب، الأول عند رئيس الجمهورية ميشال عون والذي يملك خيارين: الأول، رفض التشكيلة بهدف الحصول على الثلث الضامن وهو ما قدّ يؤدّي إلى إعتكاف الرئيس المكلّف وهذا الأمر سيكون مُكلفا شعبيا ودولياً على الرئيس عون.

 

غير ان المعلومات تفيد ان رئيس الجمهورية ميشال عون قرر تسهيل تشكيل الحكومة. وانه سيوقع على المرسوم بناء على الاتفاق بينه وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، اضافة الى نيّة الرئيس عون بانقاذ الاقتصاد الوطني من الازمة التي يعاني منها، وتضيف المعلومات ان عون بخطوته هذه، يكون قد رمى الطابة في ملعب رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

ذهاب الحكومة إلى جلسة الثقة محفوف بمخاطر كثيرة! فالثنائي الشيعي والتيار الوطني الحرّ اللذين يمتلكان مع حلفائهما الأكثرية النيابية، لن يوقّعوا على شيك على بياض للرئيس أديب خصوصا أن هذا الأخير يحظى بدعم دولي وبالتالي يتوجّب عليه تقديم ضمانات خصوصا من باب البيان الوزاري الذي سيأخذ أهمّية كبرى هذه المرّة مع التغلّغل الدولي المتزايد في الشؤون اللبنانية وإستحالة إعطاء غطاء للمقاومة من خلال الثلاثية الذهبية.

 

عظة نارية للبطريرك الراعي

 

من جهته أطلق البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة البارحة بمناسبة أربعين شهداء إنفجار بيروت، أقلّ ما يُقال عنها أنها كانت نارية وتحوي على مواقف من الصعب التغاضي عنها! فالبطريرك الراعي شكّك بالتحقيق المحلّي بإنفجار المرفأ وطالب من جديد بتحقيق دولي نظرا إلى إنحلال الدولة وإهمال المسؤولين وتضارب المعلومات.

 

البطريرك إستخدم في عظته المدروسة بشكل دقيق منطقاً معيناً خدم هدف العظة إذ قال أن ما حصل في مرفأ بيروت هو جريمة ضدّ الإنسانية وبالتالي من واجب الأمم المتحدة أن تفرض تحقيقاً دولياً مُشدّدا على طرحه بالحياد الناشط الذي إعتبره ضرورة للبيئة المشرقية.

 

كما هاجم البطريرك المنظومة السياسية من خلال قوله أن سبب تعثّر تشكيل حكومة مُصغّرة ومستقلّة يعود إلى منظومة سياسية غارقة في وباء «الأنانية والفساد المالي والمحاصصة على حساب المال العام». وبالتالي رسم الخطوط العريضة للحكومة من خلال قوله «لا يُمكن القبول بحكومة على شاكلة سابقاتها التي أوصلت الدولة إلى ما هي عليه من إنهيار…»!

 

ملفات شائكة بإنتظار الحكومة

 

من المتوقّع أن ينتظر الحكومة ملفات إقتصادية ومالية ونقدية وإدارية شائكة بالإضافة إلى مكافحة الفساد. هذه الملفات تُعتبر أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي ولا ينفك يُذكّر أن أي مساعدة مالية بما فيها المساعدات الإنسانية مرهونة شكلا ومضمونا بالإصلاحات التي ستقوم بها الحكومة العتيدة. هذه الإصلاحات ستواجه حكمًا مقاومة من عدّة جهات هي القوى السياسية التي لها مصالح، القطاع الخاص الذي يُغذّي هذا الفساد، والموظفون في القطاع العام أنفسهم نظرًا إلى إنتمائهم الحزبي.

 

الورقة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسمت الخطوط العريضة للإصلاحات المطلوبة من الحكومة العتيدة. هذه الورقة تنقسم إلى أربعة محاور: جائحة كورونا، تداعيات إنفجار 4 آب، الإصلاحات، والإنتخابات. وبالتالي أي مساعدة مالية أو حتى إنسانية ستُصبح رهينة تنفيذ الإصلاحات في هذه الورقة.

 

لكن النقاط الساخنة تبقى من دون أدنى شكّ التي لها علاقة بالمواطن وبالتحديد رفع الدعم وجائحة كورونا. فرفع الدعم عن السلع والمواد الغذائية والمواد الأساسية أصبح يُشكّل كابوسًا على اللبناني حتى قبل الوصول إلى رفع الدعم. وإذا كان مصرف لبنان إقترح بطاقة تموينية يدعم من خلالها شراء هذه السلع والمواد، إلا أن القرار الأخير يبقى للحكومة العتيدة التي ستواجه تحدّيات تطبيقية خصوصًا أن الفساد المستشري سيؤدّي حكمًا إلى أضرار على الأكثر فقرًا على مثال ما حصل في الحكومة السابقة التي قرّرت توزيع 400 ألف ليرة على العائلات الفقيرة، فإذا بالأموات يأخذون المساعدات والفقراء محرومون منها!

 

عمليا دعم المواد الأساسية أي المحروقات، القمح والأدوية هو أساسي. إلا أننا لا نعلم لأي سبب من الأسباب قام وزير الإقتصاد والتجارة بوضع سلّة غذائية فضفاضة قسم كبير منها ليست من إستهلاك الفقير! من هذا المنطلق على وزير الإقتصاد والتجارة الجديد إعادة حصر هذه السلّة بالإستهلاك الأساسي للفقراء بإنتظار إجراء إصلاحات شاملة تسمح بإدخال العملة الصعبة إلى لبنان.

 

ومن المتوقّع أن يتمّ رفع الدعم عن الكهرباء في المرحلة الأولى على الشطور العالية كما سيتمّ إعادة تقديم مشروع قانون ضريبي تصاعدي يكون أكثر عدالة مع التشدّد في تطبيقه.

 

أمّا على الصعيد النقدي، فمن المتوقّع أن تعمد الحكومة إلى التعاون أكثر مع المصرف المركزي مما يسمح بتسهيل عمل التدقيق المالي في المصرف خصوصا أن لا غياب للكيمياء بين الرئيس المكلّف مصطفى أديب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة كما كانت الأمور بين سلامة ودياب. أيضا هناك تحدّ آخر وهو كيفية إعادة الثقة إلى القطاع المصرفي لكي يتمكّن هذا الأخير من زيادة رأسماله وتأمين السيولة المطلوبة في التعاميم. كما من المتوقّع أن تعمد الحكومة إلى تقديم خطّة مالية لمعرفة كيفية إعادة أموال المصارف إلى المصارف وبالتالي إلى المودعين. وبحسب توقّعاتنا من المفروض أن لا يكون هناك هيركت على الودائع بل على سندات الخزينة بالدولار الأميركي وبنسبة ضئيلة وليس 70 % كما ورد في خطّة الحكومة المستقيلة.

 

وعلى صعيد جائحة كورونا، يبقى التحدّي الأكبر في السيطرة على تفشي هذا الوباء خصوصًا أننا دخلنا موسم الأنفلونزا وبالتالي لن يكون من السهل التمييز بينها وبين الكورونا مما يُصعّب النشاط الإقتصادي ولكن أيضا النشاط التربوي الذي تُرجّح المصادر المختصّة أن يكون العام التربوي المقبل من خلال «الأونلاين».

 

مواكبة دولية

 

هذه الإصلاحات بحاجة إلى مواكبة دولية بدون أدنى شكّ وذلك على مستويين : الأول مالي ويتمثّل بضخّ السيولة سواءً في مالية الدولة أو في المشاريع الإقتصادية، والثاني ضغط على القوى السياسية التي قد تعارض أو تُعرقل إقرار القوانين المتعلّقة بالإصلاح المالي والإقتصادي وهي عديدة بدءا من الكابيتال كونترول وصولا إلى إستقلالية القضاء مرورا بالضرائب وإصلاح القطاع العام وإقفال المؤسسات غير المجدية وإقرار قطوعات الحساب… وغيرها من الملفات التي ستواجه تعقيدات فعلية لحظة إصلاحها من قبل الحكومة.

 

*******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

أديب يسلّم التشكيلة اليوم فماذا سيفعل الرئيس عون ؟

بري:المشكلة ليست مع الفرنسيين.. ولن نشارك في الحكومة

 

فيما تحول عقدة « المالية» دون انجاز الرئيس المكلف مصطفى اديب تشكيلته الحكومية حتى الساعة، وقد زيارته التي كانت متوقعة اول امس السبت الى قصر بعبدا، على ان تتم اليوم اكدت مصادر مطلعة ان خط تواصل فُتح بين باريس وبيروت عبر مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم والسفير برنار ايميه لحل « العقدة».

 

وكشفت المصادر عن حصول اتصال بين الرئيس ايمانويل ماكرون ورئيس مجلس النواب بري لحل العقدة الشيعية انطلاقا من اصرار اديب على المداورة. واشارت الى اقتراحين مطروحين:

 

تشكيلة مداورة بالكامل على ان تؤول «المالية» لماروني، او وزير شيعي يسميه اديب، تردد انها شخصية تعمل في الخارج في الحقل المالي.

 

الحريري حاول

 

وقد دخل الرئيس سعد الحريري على خط تسهيل التشكيل فزار الرئيس بري اول امس.

 

وجاء الرد حاسما من المكتب الاعلامي للرئيس بري في بيان اكد أن «المشكلة ليست مع الفرنسيين المشكلة داخلية ومن الداخل».

 

وتابع: « أطلق عنوان واحد للحكومة الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي وفيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم اطلاق مشاورات».

 

وأضاف: «لذا ابلغنا رئيس الحكومة المكلف من «عندياتنا» ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة، وابلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وانقاد اقتصاده».

 

لقاء بعبدا

 

لذلك تتجه الانظار اليوم الى قصر بعبدا اذ ذكرت قناة او تي في ان اديب سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، وقد يعرض التشكيلة الوزارية ، متحدثة عن ليونة ملحوظة في مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون عكسها امس رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لجهة عدم المشاركة في الحكومة وتأييد مبادرة ماكرون لانها ترتكز الى الاصلاح ومحاربة الفساد وهذا ما يعمل له العهد والتيار، مشيرة الى ان التيار سيمنح الثقة للحكومة لانها ثقة بالمبادرة الفرنسية.

 

الصورة ستتبلور اكثر في الساعات المقبلة. ولقاء اديب – عون سيساعد في تظهير الاتجاه الذي ستسلكه عربة التأليف وتبيان الخيط الابيض من الاسود. وبحسب المصادر، الرجل بات في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على التشكيلة الحكومية التي رسمها بنفسه – من دون استشارة اي من القوى السياسية، وهو ماض في طريقه هذا، بعزم، متسلّحا بصلاحياته وبدعم قوي من الاليزيه- وهو سيناقشها مع عون. ومع ان هذا الاحتمال وارد، الا ان المصادر تستبعد اعتراض بعبدا على التشكيلة او ردَّها، وذلك لتفادي «إجهاض» المبادرة الفرنسية وفتح ابواب الغضب الدولي و الاميركي على السلطة ورموزها. وسيّدُها قد يوافق عليها (إن لم يفعل فإن أديب سيعتكف او يعتذر)، ويرميها في حضن مجلس النواب لمنحها الثقة او لا.. وهنا، التحدي الكبير ، فاذا رفض الثنائي الشيعي التشكيلة التي وضعها أديب، خصوصا لناحية «المالية» وتفرّد الرئيس المكلّف في اختيار وزراء «مستقلّين»، فإن سقوط التشكيلة في البرلمان، بفعل هذا الكباش غير المباشر بين الرئاستين الثانية والثالثة، قد يصبح احتمالا واردا وبقوة، وعندها يكون لبنان دخل في المجهول الأسود، حيث سيترك وحيدا لمواجهة أزماته القاتلة.

 

40 يوما

 

ووسط شح قوي في المعلومات والمعطيات حول عملية التشكيل ومآلها، حلّت ذكرى مرور 40 يوما على مأساة تفجير المرفأ. وفيما التحقيقات كان يُفترض ان تكشف حقيقة ما جرى بعد 5 ايام من الكارثة فقط، حسب السلطة السياسية، لايزال غموض سميك يلفّ الحادثة. وقد غرّد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش عبر حسابه على «تويتر» كاتبا: بقلوب مليئة بالألم، نتذكر ضحايا الانفجار المدمر في بيروت بعد أربعين يومًا على وقوعه. وحدها التحقيقات الشفافة وذات الصدقية والمساءلة الشاملة والعدالة الكاملة يمكن أن تمنع تكرار مثل هذه المأساة، مثل هذه الجريمة.

 

تظاهرة القصر

 

وللمناسبة، انطلقت اول امس تظاهرة نحو بعبدا، دعت إليها مجموعات شعبية من الحراك المدني للمشاركة في مسيرة «باللباس الأسود» إلى القصر الجمهوري، تأكيداً على وجوب محاسبة كل المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت، خصوصا وان رئيس الجمهورية كان يعلم بوجود نيترات الامونيوم في العنبر 12، وعن التقصير المتمادي للسلطة واجهزتها والذي ادى الى اشتعال المنطقة الحرة في المرفأ منذ يومين ما اسفر عن خسائر فادحة تناهز قيمتها نحو 15 مليون دولار.. في المقابل، نظم انصار التيار الوطني الحر تظاهرة مضادة تأييدا للرئيس عون.وقد حصلت اشكالات بني التظاهريتين حال الجيش دون تفاقمها.