افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الأربعاء 2 أيلول 2020

 

صحيفة النهار

حكومة إختصاصيين على وقع مهلة ماكرون

لم يكن غريباً ان يتميز يوم إحياء الذكرى المئوية الأولى لاعلان لبنان الكبير بطابع استثنائي خالص حتى ولو ألغي الاحتفال المركزي بالذكرى بسبب جائحة كورونا. فكيف وقد أمضى لبنان يوما ماراتونيا غير مسبوق من خلال المحطات المتعاقبة لزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته الثانية للبنان في اقل من شهر مع كل المواقف الحارة التي اطلقها في مختلف المحطات؟ وكيف وقد تزامن اليوم “المئوي” مع استنهاض قوي حاد للشارع المحتج الذي استعاد زخم التظاهرات والاعتصامات والمواجهات العنيفة في وسط بيروت؟ وكيف أيضا وأيضا وقد تزامنت الذكرى مع الاستعدادات الجارية لانطلاق استحقاق تأليف الحكومة الجديدة مع اجراء الرئيس المكلف مصطفى أديب اليوم استشارات التأليف في عين التينة مع امال متعاظمة بتأليف سريع؟

 

كل هذه التطورات اللاهثة تلاحقت امس مع الحضور الحيوي للرئيس الفرنسي الذي سجل رقما قياسيا برنامج تحركاته المتعاقبة منذ الصباح وحتى ساعات الليل المتقدمة بحيث امتزجت في اليوم الفرنسي الماراتوني في لبنان الدلالات الرمزية المتصلة باحياء الذكرى المئوية لاعلان لبنان الكبير مع المواقف العملية والسياسية ذات النبرة الضاغطة على نحو تصاعدي للرئيس ماكرون. ويمكن القول استنادا الى الإيحاءات المباشرة للرعاية الفرنسية الضاغطة بقوة غير مسبوقة نحو متابعة دؤوبة للمسارات اللبنانية كما استنادا الى المعلومات المتوافرة عن الأجواء التي تسبق الاستشارات النيابية التي سيجريها اليوم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة مصطفى أديب ان ثمة اتجاها قويا للغاية يحظى مبدئيا بتغطية سياسية ونيابية واسعة لاستعجال تأليف الحكومة وإعلانها في فترة قصيرة جدا تختلف تماما عن فترات التأليف السابقة ولا تتجاوز الأسابيع الثلاثة وربما اقل بعدما اعلن الرئيس الفرنسي عن التزام الافرقاء مهلة أسبوعين لتشكيل حكومة اختصاصيين ومهنيين. ويقترن هذا الاتجاه أيضا، وهنا الأهم، بتنامي مناخ يقال انه سيتبلور بوضوح في الأيام القليلة المقبلة لتكريس مبدأ تشكيل حكومة مصغرة لا يتجاوز عدد أعضائها الـ12 او الـ14 وان يكون الوزراء من الاختصاصيين غير الحزبيين او المرتبطين بقوى حزبية وسياسية. اما السمة الأخرى التي يتردد ان العمل جار على تظهيرها فهي اسقاط تقاسم الحقائب الوزارية الأساسية كما جرى اتباعه منذ مدة طويلة بحيث لا تبقى أي حقيبة مع أي فريق سياسي بعينه خصوصا اذا جرى التسليم بحكومة اختصاصيين لا وجود لممثلين حزبيين بينهم. ولا تنكر جهات عاملة على تعبيد طريق الرئيس المكلف وتسهيلها باختصار المماحكات التقليدية بان الدفع الكبير والاستثنائي الذي يتولاه الرئيس الفرنسي كقاطرة قوية ودافعاً نحو حل داخلي ترعاه فرنسا بقوة سيكون رافعة حقيقية لاستعجال تأليف الحكومة، والا فان أي عرقلة او تعطيل او تعثر سيثير تساؤلات وشكوكا مقلقة عن أدوار خارجية ربما لا يرضيها الدفع التصاعدي للدور الفرنسي في مساعدة لبنان على تجاوز ازماته وتتهيأ لارسال المؤشرات السلبية حيال عدم ترك هذا الدور يحقق أهدافه في دعم لبنان ومساعدته.

 

والواقع ان تحرك ماكرون امس راكم مزيدا من الحقائق المتصلة بالدور الذي يتولاه شخصيا ومباشرة في التدقيق في كل ما يتعلق بوجوه الدعم الذي تقدمه فرنسا للبنان سواء على المستوى الإنساني الإغاثي بعد انفجار مرفأ بيروت او على صعيد الدفع نحو الإصلاحات الكفيلة باستقطاب الدعم الدولي للبنان في ازمته المالية والاقتصادية او أخيرا في الجانب السياسي الواسع المتعلق باستعجال الحكومة الجديدة حاليا ومن ثم تكريس اطار الحل الذي يمتد حتى آفاق التغيير السياسي الواسع من خلال انتخابات نيابية مبكرة وكذلك احياء النقاش حول عقد سياسي جديد. هذه الوقائع والاقتراحات بمجملها كانت محور اللقاء السياسي الموسع الذي عقده ماكرون مساء امس في قصر الصنوبر مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأبدى امامه تأييده بلا تحفظ لطرح الحياد خصوصا في مناسبة مئوية لبنان الكبير. ثم طرحت بين ماكرون وممثلي الأحزاب والقوى السياسية الأساسية في لقاءات ثنائية مع كل من الزعماء والأقطاب والمشاركين في اللقاء الذين قدم قسم منهم مذكرات الى ماكرون حول رؤيتهم الى الأوضاع والحلول وسبقت هذه اللقاءات اجتماع ماكرون مع المشاركين جميعا الى طاولة مستديرة. وكان ماكرون استبق هذه اللقاءات بإعلان مواقف متقدمة جديدة من الوضع اللبناني اقترنت بإعلان قصر الاليزيه ان ماكرون سيقوم بزيارة ثالثة للبنان في كانون الأول المقبل. واتخذ هذا التطور دلالات بارزة في ظل اعلان ماكرون نفسه في احاديث ادلى بها من بيروت الى وسائل إعلام فرنسية بانه حدد مهلة ثلاثة اشهر “للتغيير الحقيقي في لبنان واذا لم يحدث تغيير فقد يترتب على ذلك فرض إجراءات عقابية يمكن ان تراوح بين تعليق مساعدات انقاذ مالي وعقوبات على الطبقة الحاكمة “. وقال في مكان آخر انه لا يعرف الرجل الذي تم تكليفه اثر الاستشارات النيابية )الرئيس المكلف مصطفى أديب) وامل ان يتحلى بالكفاءة المطلوبة. وإذ شدد على تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة قال انه اقترح آلية متابعة للأشهر القليلة المقبلة “لأننا لن نحرر أموال مؤتمر سيدر طالما لم تنفذ الإصلاحات ولن أتساهل مع هذه الطبقة السياسية ..” كما اعلن استعداده لتنظيم مؤتمر دولي جديد للبنان الشهر المقبل بالتعاون مع الأمم المتحدة . كما انه في كلمة القاها خلال الغداء الرسمي الذي أقامه على شرفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا اكد “الاستعداد للمساعدة في تحقيق النهوض المطلوب ضمن خطة واضحة تقوم على الإصلاحات” وأبدى ارتياحه الى ما اعلنه عون عن أهمية قيام الدولة المدنية في لبنان مؤكدا ان فرنسا تدعم كل الخيارات التي يلتقي عليها اللبنانيون .

 

في قصر الصنوبر

وبدا لافتا ان اللقاء الموسع مع القيادات السياسية في قصر الصنوبر استمر اكثر من ثلاث ساعات وتأخر معه المؤتمر الصحافي لماكرون الى ما بعد العاشرة ليلا والذي اعلن خلاله انه ليس هنا ليأخذ موقفا بين القوى السياسية بل انه متطوع للمساعدة. وابرز أهمية تشكيل حكومة جديدة وقال ان اسم رئيس الحكومة والحكومة هما من مسؤولية السلطات اللبنانية وامل في تشكيل حكومة جديدة في الأيام القليلة المقبلة مع أشخاص كفوئين ومدعومين من كل القوى الأخرى. واعلن انه حصل على التزام الشخصيات التي اجتمع اليها على استجابة طلبه بإلحاح الا يستلزم تشكيل الحكومة اكثر من 15 يوما. وشدد على ان ما هو مهم خريطة الطريق التي أكدها كل الافرقاء والتي وضعها الرئيسان عون وبري ووافق عليها الأطراف. وكشف انه وجه دعوات الى الرؤساء الثلاثة الى مؤتمر الدعم الدولي الذي سينظم في تشرين الأول. وكشف ماكرون ان ثمة اربع أولويات تعتمد الان هي المساعدة الصحية واعلن عن مساعدة لمستشفى الحريري بـ7 ملايين أورو والأولوية الغذائية والتربية والتعليم لتأمين عودة التلامذة الى المدارس والجامعات وتعزيز قدرات مرفأ بيروت وإعادة اعمار المباني المتضررة بانفجار مرفأ بيروت. وقال انه يمنح الثقة الان لكن في نهاية تشرين الأول اذا لم يحققوا ما التزموا به فسيسمي من عرقل. وكشف ان الانتخابات النيابية المبكرة لم تحصل على اتفاق من القوى السياسية. وقال انه “لن يتحدث عن حزب الله بتشكيلته الإرهابية بل بتشكيلته السياسية والبرلمانية وهو قوة موجودة في مجلس النواب”.

 

موفد فاتيكاني

 

الى ذلك أفادت معلومات امس ان امين سر الدولة في الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين سيزور يوم الجمعة المقبل بيروت وهو ارفع مسؤول في الكرسي الرسولي بعد البابا ومن المتوقع ان يلتقي عددا من كبار المسؤولين الرسميين والروحيين.

 

********************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

أمهل السلطة “أسابيع”… و”نقزة” سيادية من مفاعيل التسوية

ماكرون يرفع “السوط”: العقوبات تنتظركم

 

“ليس لبنان من فشل بل الطبقة السياسية هي التي استمرت في خذلان البلاد وشعبها”… كعادته وبتعابيره الفجّة والواقعية وضع المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش الإصبع على الجرح مشخّصاً مكمن العلة في “الأزمة الوجودية الحالية” التي يمرّ بها البلد. شهادة جديدة تضاف إلى سجل الطبقة الحاكمة التي أذلّت “لبنان الكبير” في مئويته الأولى بعدما حوّلته دولةً فاشلة مفلسة تستعطي العون وتستجدي الغوث باسم الشعب اللبناني. هذا اللبنان الكبير الذي انتزع الأسلاف كيانه برأس مرفوع قبل مئة عام من الفرنسيين، أعاده حكامه بالأمس إلى منصة لطأطأة الرؤوس أمام الرئيس الفرنسي يستمعون صاغرين إلى تعليماته وبهدلاته، يصول ويجول منفرداً في أرجاء البلاد متفقداً أحوال الرعايا اللبنانيين، ويضع جدول مواعيد وما على أفراد الطبقة الحاكمة الرئاسية والسياسية سوى التزامها، أمهلهم أسبوعين لتأليف الحكومة و8 أسابيع لتنفيذ خارطة الطريق التي رسمها أمامهم، ورفع الصوت “والسوط” في وجههم: “إذا لم يحدث تغيير فإجراءات عقابية تنتظركم”.

 

فما ألمح إليه صراحةً لصحيفة “بوليتيكو”، عاد الرئيس إيمانويل ماكرون ليلاً للتأكيد عليه من دون أي مواربة من “قصر الصنوبر” مانحاً الرؤساء الثلاثة والأفرقاء السياسيين فترة سماح قصيرة حتى تشرين الأول المقبل لإثبات جدية التزامهم بتنفيذ “خارطة الطريق” المتفق عليها لإحداث التغيير المطلوب والشروع في تنفيذ الإصلاحات المنشودة، وإلا فإنّ عقوبات فرنسية وأوروبية ستفرض على الفاسدين في الطبقة الحاكمة. وإذا كانت هذه الطبقة وجدت ضالتها في مبادرة ماكرون باعتبارها رأت فيها مطية جديدة لإعادة تعويم سلطتها، فإنّ التسوية الفرنسية في بعض جوانبها أثارت “نقزة” سيادية وثورية من زاوية الهواجس المتصلة بالغطاء الدولي الذي منحه الرئيس الفرنسي للطبقة الفاسدة نفسها التي انهار البلد تحت حكمها، وصولاً إلى اعتباره أمّن في طروحاته مظلة اعتراف فرنسية بسطوة “حزب الله” على الحياة السياسية اللبنانية، عبر تركيزه على الجانب التمثيلي للحزب، برلمانياً وشعبياً، مقابل تهميش حقيقة أنه فصيل مسلّح يؤثّر بسلاحه أو أقله بوهج سلاحه على ميزان القوى ومسار الأحداث والاستحقاقات في البلد، الأمر الذي حرصت مصادر مواكبة لزيارة ماكرون على المسارعة إلى تصويبه، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ الرئيس الفرنسي “تحدث بواقعية عن مسألة “حزب الله” لجهة حتمية أن يكون شريكاً على طاولة الحل السياسي، لكنه كان في المقابل صريحاً ومباشراً في الإضاءة على مناهضة “الوجه الإرهابي للحزب” كما وصفه حرفياً في حديثه لقناة “BRUT” مع تشديده من هذا المنطلق على أن باريس لا تشارك “حزب الله” قيمه ولا تدعمه لكنها مضطرة إلى التعامل مع الواقع والوقائع لإنقاذ الكيان اللبناني من خطر الزوال والوقوع نهائياً تحت قبضة الحزب وسلاحه”.

 

وإذ يغادر ماكرون بيروت تاركاً وراءه أجندة مطلوب تنفيذها “بحذافيرها” من قبل مختلف الأطراف السياسية تحت طائل التهديد بسحب فرنسا يدها من الحل اللبناني وترك زعمائه الفاسدين يواجهون مصيرهم تحت مقصلة عقوبات أميركية – أوروبية مشتركة، تنطلق الاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس المكلف مصطفى أديب في عين التينة اليوم لرصد مؤشرات التزام الكتل بمضامين الأجندة الفرنسية الناظمة لتشكيل حكومة “مهمات” محررة من أثقال الودائع والحسابات الحزبية والشخصية خلال “أسبوعين كحد أقصى” تمهيداً للمسارعة في تنفيذ باقي بنود هذه الأجندة بين مجلسي الوزراء والنواب قبل انتهاء مهلة “الأسابيع الثمانية” التي أعلن عنها ماكرون للبدء في تطبيق الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء والنظام المصرفي والمالي والتعاقدي بغية تحرير مساعدات “سيدر” وتنظيم مؤتمر دولي جديد الشهر المقبل في باريس برعاية أممية لحشد دعم متجدد لاستنهاض لبنان، على وعد منه بأن يعود في كانون الأول إلى بيروت لمعاينة التقدم الحاصل ميدانياً.

 

وبينما ستكون استشارات اليوم مجرد إجراء “فولكلوري” كان من الأجدى تجاوزه أو اختصاره بالاستناد إلى مواقف الكتل المعلنة من عملية التأليف وتأكيداتها المتكررة على عدم وجود مطالب أو شروط مسبقة لديها لتشكيل الحكومة العتيدة تسهيلاً لمهمة الرئيس المكلف، تأتي مشاركة “اللقاء الديمقراطي” في الاستشارات على مضض بعدما تأرجح التوجه بين المشاركة وعدمها خلال المناقشات التي دارت على طاولة الكتلة مساءً، حسبما كشفت مصادرها لـ”نداء الوطن”، موضحةً أن الأرجحية كانت في نهاية المطاف إلى مشاركة “اللقاء” في الاستشارات من باب احترام إلزاميتها “وإن كان التوجه العام بدا ميالاً أكثر نحو اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الاستشارات النيابية اليوم باعتبار “اللقاء الديمقراطي” أعلن صراحةً أنه لا يريد المشاركة في الحكومة المنوي تشكيلها، وبالتالي لا يرى داعي للحديث مع الرئيس المكلف حول مسألة الحقائب وغيرها”. وجددت المصادر التشديد في المقابل على أنّ “موقف اللقاء والحزب الاشتراكي من الحكومة المرتقبة معروف وتم التعبير عنه علناً، أما في ما خصّ مطالبه فتم تجسيدها من خلال المذكرة التي قدمها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أمس إلى الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر وأكدت في عناوينها على الأفكار والاقتراحات الإنقاذية التي يجب أن تنبري الحكومة الجديدة لمعالجتها”.

 

********************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

ماكرون: ملف السلاح بعد 3 أشهر.. وإستشارات التأليف تنطلق اليوم

حدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 3 أشهر للتغيير الحقيقي في لبنان، ملوّحاً بالتشدد والعقوبات وحجب المساعدات في حال لم تقدم الحكومة العتيدة على الإصلاحات المطلوبة، وهو يسعى لحكومة غير تقليدية تكون قادرة على مواجهة الأزمة الاستثنائية من خلال تشكيلة تضمّ اختصاصيين وأصحاب خبرات وأسماء سِيَرهم الذاتية ناصعة، وذلك بعيداً عن المحاصصة المعهودة، ولكن هل سيتمكن من ذلك؟

والإجابة طبعاً رهن الأيام المقبلة خصوصاً في ظل الحديث عن تشكيل سريع للحكومة، يشكّل بدوره مطلباً فرنسياً إلى جانب كونه حاجة لبنانية لمواجهة تحديات المرحلة الحالية، وبالتالي فإنّ استشارات التأليف التي ستبدأ اليوم ستُظهر مدى قدرة الرئيس المكلف مصطفى أديب على تأليف حكومة من دون تدخُّل القوى السياسية وتأثيرها على مجريات التأليف، خصوصاً انّ هذه القوى اعتادت على حجز مقاعدها وحقائبها التي حوّلتها حقاً مكتسباً وموروثاً.

 

ومن الواضح حتى اللحظة انّ الرئيس الفرنسي، الذي كان نجم المشهد السياسي أمس بتنقلاته ولقاءاته ومواقفه، لا يريد لمهمته اللبنانية أن تفشل، ويستخدم الجزرة والعصا في آن معاً، فيُبدي كل تفهّم وتعاون وإيجابية من جهة، ويحذِّر من مغبة التمييع والإصرار على النهج القديم من جهة أخرى، ملوّحاً بسحب يده ومبادرته ووساطته وترك لبنان لمصيره في حال لم تتعاون القوى السياسية على إخراج لبنان من ورطته.

 

ولا شك انّ لبنان دخل في مرحلة جديدة مع تكليف مصطفى أديب الذي يتوقف عليه اختيار فريق العمل القادر على نقل البلد من مرحلة إلى أخرى، مُتكئاً على الرئيس الفرنسي، الذي أعلن عن زيارة جديدة في كانون الأول المقبل، لتذليل العقبات التي تواجهه، وهذا ما يميِّز حكومته عن حكومة الرئيس حسان دياب الذي اختاره فريق واحد فرضَ عليه شروطه في التأليف والممارسة، فيما يحظى أديب بدعم فرنسي استثنائي وحاضنة سياسية تستطيع مساعدته في تعطيل محاولات وضعه أمام سياسة الأمر الواقع.

 

ولكن يبقى انّ الأمور تُقاس بنتائجها، والتجربة قياساً على الواقع مريرة جداً، والشياطين تكمن في التفاصيل. ولذلك، يستحسن الامتناع عن التفاؤل الأعمى والتشاؤم المفرط، ومواكبة مسار التأليف الذي يبدأ اليوم مع استشارات التأليف.

 

وكان ماكرون قد أنهى نهاره اللبناني الطويل بلقاء مع رؤساء الكتل النيابية والاحزاب السياسية في قصر الصنوبر، وأوجز خلال مؤتمر صحافي نتائج محادثاته، فأكد «أننا لن نغضّ الطرف عن ضرورة تقديم الدعم للشعب». وقال: «بحثنا في أجندة الإصلاح، وعلى اللبنانيين والمسؤولين أن يأخذوا عبرة من المأساة التي وقعت في بيروت، وأنا لم آت لأجلب إنذاراً إنما عدت لمساعدة لبنان ومرافقته إلى مستقبله». وأوضح أنّ «القوى السياسية أكدت أنّ تشكيل الحكومة لن يتجاوز 15 يوماً، وتم الالتزام بخريطة طريق تتضمن الإصلاحات في القطاعين الكهربائي والمصرفي والتدقيق الحسابي في مصرف لبنان المركزي ومكافحة التهريب، وحصلنا على مواقفة الجميع، وخريطة الطريق هذه ستحملها الحكومة الجديدة».

 

وقال: «اجتمعتُ بالرئيس المكلّف، وتبيّن أنه على الصعيد السياسي يتمتع بدعم كبير، وأنّ سيرته الذاتية تُظهر مهنية واعدة». وأوضح أنه «إذا لم تَف السلطات اللبنانية بوعودها فلن يفرج المجتمع الدولي عن المساعدات المالية، ولن نقدم للبنان شيكاً على بياض».

 

وعن لقائه برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد قال: «تعهّد (رعد) بالإصلاحات وعارض الانتخابات المبكرة، وقلت له بوضوح انّ هناك اختلافاً في الوجود العسكري وهذا لن يكون ضمن الإصلاحات في الأشهر الثلاثة المقبلة، لكن سيأتي في وقت لاحق». وتابع: «لستُ هنا لأملي أي شيء على أيّ فريق، وأقول إنّ الإصلاحات مطلوبة خلال فترة 4 أشهر، والرئيس المكلّف تعهّد بتوزير أشخاص كفوئين ويجب أن نثق بخريطة الطريق، فهناك موعد محدّد في النصف الأول من تشرين الأول، وسأعود في كانون الأول».

 

ورداً على سؤال، قال ماكرون: «حزب الله» السياسي انتخب من الناس، وأستطيع القول انه يجب تسليم سلاح «حزب الله» وأعود الى بلدي، لكن كيف نخرج من هذا الوضع من دون الاحتكام الى النقاش؟ وقد أثرتُ هذا الموضوع اليوم».

 

وكان ماكرون قال لموقع «بوليتيكو» الأميركي في الطائرة التي أقلّته إلى بيروت: «لا تطلبوا من فرنسا أن تشنّ حرباً على قوة سياسية لبنانية»، قاصداً «حزب الله»، معتبراً أنّ ذلك «سيكون عبثياً ومجنوناً». واعتبر أنّ مساعيه في لبنان هي «الفرصة الأخيرة لهذا النظام». وقال: «أضع الشيء الوحيد الذي أملكه على الطاولة وهو رأسمالي السياسي».

 

بين ماكرون وعون وبري

الى ذلك، لم تخرج المعلومات التي تسربت من لقاء القمة اللبنانية – الفرنسية بما هو غير مألوف، فقد تنوّعت الملفات التي عرضت في الخلوة التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وماكرون، وبقيت في العموميات بعدما استعرضا مختلف أوجه التعاون الممكنة بين البلدين ووجوه الدعم الفرنسي المتمثّلة بما يتصل بنتائج انفجار المرفأ وبرامج الإغاثة، كما المساعدات الطبية في مواجهة جائحة كورونا وتلك الناجمة عن انفجار المرفا.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ أجواء اللقاء الثنائي بين عون وماكرون كانت جيدة جداً، بدأه عون بشكر نظيره الفرنسي على المساهمة الفرنسية في تنظيف المرفأ والمساعدات العينية التي قدمتها الى مختلف الجهات المختصة، كذلك مساعدة فرنسا في التحقيقات في انفجار المرفأ. وقد أخذ الشق السياسي الحيّز الأكبر من النقاش، حيث وضعه عون في أجواء تشكيل الحكومة بعد تكليف مصطفى اديب، واكد له انّ مدة التشكيل لن تستغرق وقتاً طويلاً، والهدف هو تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة مع تَمنّيه من كافة القيادات السياسية التجاوب بمسار تشكيل الحكومة لضمان ثقة المجتمع الدولي، خصوصاً انه سيكون من أبرز مسؤولياته ومهماته إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد وتصحيح الخلل في القطاع المصرفي».

 

ورد ماكرون على عون قائلاً: «كن على ثقة انّ فرنسا ستبقى الى جانب لبنان ولن تترك اللبنانيين في هذا الظرف الصعب، وهذا هو الخيار الدائم وسيبقى كذلك، واذا اقتضى الأمر ان ازور لبنان مرة اخرى للمساهمة فأنا جاهز وبلادي جاهزة للمساعدة في تحقيق خطط النهوض المطلوبة ضمن الاصلاحات في كافة المجالات، والتي سبق ان تحددت». وشدد على المساعدة في إزالة آثار الانفجار، مؤكداً انها مستمرة حتى إنجاز الفرق المعنية مهمتها بالتعاون مع الجيش اللبناني.

 

وتمّ التطرق الى المجال التربوي، حيث تحدث ماكرون عن الخطة لمساعدة المدارس والتخفيف من معاناة الطلاب، وخصوصاً الصغار منهم.

 

وفي ما يتعلق بطرح «الدولة المدنية»، قال ماكرون «انّ هذا الطرح هو عامل مهم يساهم في الحدّ من المناكفات التي تحصل دائماً بين القوى السياسية في لبنان عند طرح اي ملف للمعالجة». واضاف: «انّ فرنسا تدعم الخيارات التي يلتقي عليها اللبنانيون». وتحدث ايضاً عن «الدور الانساني الذي لعبه الفرنسيون، خصوصاً المهمة التي جاءت من اجلها «لو تونير» الى لبنان.

 

وبعدما انضَمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اللقاء، أعلن ماكرون عن نية فرنسا عقد مؤتمر اقتصادي يخصّص لدعم لبنان تشارك فيه دول عربية واجنبية، وهو يندرج ضمن خطة النهوض الاقتصادي وسيكون مكمّلاً لمؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس، خصوصاً انّ دولاً عدة شاركت فيه وتشارك فرنسا بهذه المهمة، وقد انعكس هذا الاهتمام في مؤتمر المساعدة الذي عقده ماكرون في باريس في 9 آب. وقال ماكرون: «انّ موعد هذا المؤتمر سيحدد في اواخر تشرين الثاني او بداية كانون الاول، أما المكان فيحدد لاحقاً». واكد انه «جاهز للتدخّل عند الضرورة للمساهمة بإزالة العقبات امام اي حل سياسي في لبنان بين القوى السياسية، من دون ان يعني ذلك تدخلاً بالشؤون اللبنانية»، مكرراً اكثر من مرة الحديث عن الاصلاحات. وخاطب عون قائلاً: «يمكنك الاتكال على فرنسا، لبنان سيتعافى لأنه مميز ويجب ان نحافظ على خصوصيته، وهذا لسان المجتمع الدولي كله وشركائنا وشركاء فرنسا».

 

وطلب ماكرون من بري ان يكون هناك دور فعّال للمجلس النيابي في المرحلة المقبلة، خصوصاً لجهة إعداد قوانين للاصلاحات عند الانتقال من مرحلة الى اخرى، فأكد له بري «انّ المجلس مُستنفر لكل ما يرسل اليه من الحكومة بما خَصّ الاصلاحات، وهو سيتعاون الى أقصى الحدود من اجل الاسراع بها».

 

وأطلق ماكرون خلال الغداء مواقف بارزة، خصوصاً ما يتعلّق بتشكيل «حكومة بمهمة محددة في أسرع وقت»، داعياً الى منح الرئيس المكلف «كل وسائل النجاح»، بعد أن أكد أنه «لا يعود لي أن أوافق عليه أو أن أبارك اختياره».

 

إلّا أنه اعتبر أنّ تسميته السريعة بعد 3 أسابيع من استقالة حكومة حسان دياب، بدلاً من «6 أشهر»، هي «إشارة أولى» الى «تغيير أكثر سرعة» ربطه بالضغط القائم على الطبقة السياسية.

 

وقال ماكرون، لموقع «بروت» الفرنسي من مرفأ بيروت الذي تفقده ظهراً، إنه «سيضع ثقله» ليتمكن أديب، الذي التقاه ليل الإثنين ومجدداً في غداء بعبدا امس، من تشكيل حكومة سريعاً قادرة على «إطلاق إصلاحات» بنيوية..

 

وغرّد ماكرون لاحقاً: «سيتمكّن لبنان من التعافي من الأزمة التي يمرّ بها».

 

إستشارات التأليف

في غضون ذلك وفيما غادر ماكرون لبنان، ينطلق الرئيس المكلف تأليف الحكومة مصطفى أديب اليوم في استشاراته لتأليف حكومته بدءاً بالكتل النيابية. ونقل عنه قوله، أمام بعض مَن التقاهم، انه يأمل في تشكيل حكومة تشبهه، مؤكداً السعي الى ان تضمّ اختصاصيين أكفياء، على قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب.

 

وشدد أديب على أن لا طموحات سياسية شخصية لديه، وانه لا يريد أن يصبح زعيماً او نائباً، مشيراً الى انّ همّه الوحيد هو ان يساهم مع وزراء حكومته والمخلصين في تحقيق الإنقاذ، ولا شيء آخر.

 

وأوضح أديب، وفق ما نُقل عنه، انّ من بين الامور التي تشغل باله منذ الآن احتمال ان يتم قريباً وقف الدعم لبعض السلع الحيوية التي يغطيها مصرف لبنان على اساس سعر الدولار 1515 ليرة.

 

شينكر

على صعيد آخر يصل الى بيروت مساء اليوم مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر، في زيارة تستمر حتى السبت المقبل.

 

وفي معلومات «الجمهورية» انّ شينكر خصّص يوم غد للقاء المسؤولين الرسميين، وبعد غد للمسؤولين الحزبيين الذين سيجول عليهم في منازلهم ومقارهم الحزبية.

 

وعلى المستوى الرسمي سيستهلّ شينكر جولته بزيارة صباحية لعون غداً، ثم يزور بري، ولم يعرف ما اذا كان برنامجه يشمل رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب او الرئيس المكلف اديب الذي يكون قد أنهى استشاراته النيابية اليوم في عين التينة، لتعذّر استخدام اي من صالونات مجلس النواب المتضررة في ساحة النجمة.

 

كونتي

وفي اطار الحراك الاوروبي في اتجاه بيروت، يصل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الى بيروت في 8 ايلول الجاري في زيارة رسمية تستمر يومين، يلتقي خلالها رئيس الجمهورية والمسؤولين اللبنانيين الكبار قبل ان يتفقد القوات الإيطالية العاملة في اطار قوات «اليونيفيل» في الجنوب، والتي تتولى ايطاليا قيادتها. كذلك سيتفقد مرفأ بيروت حيث رَست احدى البواخر الإيطالية ناقلة مساعدات ضخمة ومتطورة لإطفائية بيروت، واخرى طبية واستشفائية وادوية ومساعدات غذائية مختلفة.

 

وتأتي زيارة كونتي للبنان بعد اقل من اسبوعين على زيارة وزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني الذي التقى المسؤولين الكبار وأشرفَ على برامج الدعم الإيطالية العاجلة للشعب اللبناني، بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب.

 

وفي المواقف الدولية أكد الاتحاد الأوروبي أنه ينظر بإيجابية لتسمية مصطفى أديب لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، واصفاً الأمر بـ»الخطوة الإيجابية».

 

وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو إنّ «تمثيل الحكومة اللبنانية المقبلة كل أطياف الشعب وأن تشرع في إجراء الإصلاحات المطلوبة، سيفتحان الباب أمام ضَخ المساعدات الدولية الموعودة للبلاد».

 

وغرّد المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش عبر حسابه على «تويتر»، كاتباً: «بعد مرور 100 عام على إنشائه، عاش لبنان خلالها تاريخاً غنياً ومضطرباً، متشابكاً بشكل قاتل مع تاريخ المنطقة الأوسع، وحقق كثيراً من الإنجازات المذهلة ولكن أيضاً مع خيبات أمل وأزمات عميقة. ومع ذلك فهو لا يزال يبرز بنسيجه الاجتماعي الفريد من نوعه كنموذج للتعايش والثقافة وللشعب المنفتح والصامد على رغم من أزمته الوجودية الحالية، ليس لبنان هو من فشل، بل الطبقة السياسية هي التي استمرت في خذلان البلاد وشعبها».

 

الراعي ومئوية لبنان

من جهة ثانية شدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في احتفال بمناسبة ذكرى مئوية لبنان الكبير في الديمان، على أنّ «أهمية لبنان بتعدديته ورسالته يجب ان يحافظ عليها، ولبنان وطن للجميع ولقد تمّكن من ان يكون سويسرا الشرق بفضل حياده وصداقاته وانفتاحه على الشرق والغرب». وشدد على أنّ «لبنان تألم آلاماً كبيرة، وكان البطريرك الحويك خلاص الآلام الكبير، وهذا الوطن بقي صامداً وقوياً بشعبه». وقال: «هذا المخاض الذي نعيشه اليوم سيولد منه لبنان الجديد، لا تخافوا، الانسان الذي لا يختبر الصعوبة يبقى صغيراً ولا ينضج، ولننضج أكثر بولائنا للبنان وثقتنا ببعضنا البعض».

 

واعتبر أنّ «البطاركة لم يطلبوا يوماً شيئاً لأنفسهم انما طلبوا كل شيء للبنان، لم يناضلوا من اجل الموارنة إنما أرادوا الموارنة لأجل لبنان».

 

ورحّب بزيارة ماكرون للبنان، مشدداً على أنّ «علاقة فرنسا مع لبنان كانت علاقة فرنسا مع الموارنة، والموارنة حولوها لتصبح مع لبنان».

 

التدقيق الجنائي

من جهة ثانية، وقّع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء تاريخ 28/7/2020، ثلاثة عقود تتعلّق بالتدقيق الجنائي مع شركة Alvarez& Marsal والتدقيق المالي والحسابي مع شركتي Oliver Wyman و KPMG.

 

********************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

ماكرون يعتمد سياسة العصا والجزرة… وعود بدعم اقتصادي وتهديد بعقوبات

ميشال أبو نجم

يمكن تلخيص نهج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التعامل مع الطبقة السياسية اللبنانية بأنه «يد من حديد في قفاز من حرير» أو أنه يلجأ لسياسة «العصا والجزرة» لدفعها للتحرك والخروج من المراوحة مكانها. ولم ينتظر ماكرون وصوله إلى بيروت ليخرج إلى العلن ما يريده منها أي السير في عملية إنقاذية عنوانها الإصلاحات التي نقلت إلى بيروت في إطار ما سمته مصادر الإليزيه «خريطة طريق» تتضمن 6 نقاط لم تعد سرا. ماكرون حذر من أن ترك لبنان لحاله والامتناع عن مساعدته «يعني الذهاب إلى حرب أهلية». وسبقه وزير الخارجية الأسبوع الماضي بالتنبيه إلى أن لبنان ويعني على الأرجح الدولة اللبنانية «ذاهبة إلى الزوال» من غير هذه العملية الإصلاحية.

يعي الرئيس الفرنسي أنه يضع مصداقيته ومصداقية بلاده في الميزان في حال فشل في مهمته وعجز عن دفع المسؤولين اللبنانيين للتعاون. فقد قال لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية، في رحلته الثانية إلى بيروت، إنه يقوم بـ«رهان محفوف بالمخاطر» وإنه «يضع الشيء الوحيد الذي يملكه على الطاولة وهو رأسماله السياسي». لكن ماكرون سعى إلى تجميع كافة الأوراق التي يستطيع إخراجها تباعا وتندرج كلها في إطار الترغيب والترهيب مع استغلال كل مناسبة للتأكيد على أنه «لا يتدخل» في الشؤون اللبنانية، وأنه يريد فقط مساعدة لبنان وأنه «يوفر للنظام الفرصة الأخيرة» لإنقاذ نفسه وإنقاذ لبنان وليس العودة إلى مرحلة الانتداب.

تندرج في باب الترغيب بادرات ماكرون في مساعدة لبنان وإنقاذه ووعوده بالقيام بالمزيد. ماكرون كان أول رئيس دولة «بل رئيس الدولة الوحيد» الذي سارع في الوصول إلى بيروت بعد أقل من 48 ساعة على انفجار المرفأ. وبعده كرت سبحة الزيارات والمساعدات. ولم يصل ماكرون فارغ اليدين إذ تدفقت المساعدات الفرنسية ووصل إلى لبنان فريق من 750 شخصا بينهم نحو 500 عسكري مع معداتهم الثقيلة للبدء بإزالة الأنقاض وفريق آخر لمد يد العون في التحقيق في الكارثة الأخيرة. ثم بادر ماكرون إلى الدعوة إلى اجتماع دولي لجمع المساعدات أسفر عن التزامات بـ250 مليون يورو. وبالنظر إلى تعقيدات الملف اللبناني، جند ماكرون الدبلوماسية الفرنسية لحملة واسعة لتمهيد الطريق السياسي وتوفير الظروف من أجل ملء الفراغ المؤسساتي والمجيء بحكومة جديدة. ولهذا الغرض، وسع مروحة اتصالاته خليجيا وعربيا وإقليميا ودوليا ساعيا للحصول على ما يشبه «التفويض»، وحاول رسم طريق تلتف على الأضداد التي تستخدم لبنان ساحة لتصفية الحسابات، ومن ذلك التواصل مع طهران وواشنطن والتعامل مع «حزب الله» الذي «له ممثلون في البرلمان» مع تأكيده، في الوقت عينه، أنه لا يوافقه على عدد من سياساته. ورغم صعوبات بلاده المالية والاقتصادية والصحية، فقد زار ماكرون لبنان مرتين في أقل من 4 أسابيع وأرسل إليه وزراء الخارجية والدفاع والصحة، ووعد بالقيام بزيارة ثالثة في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

أكثر من ذلك، عملت باريس على بلورة مقترحات إصلاحية تراها ضرورية لإقناع «مجموعة الدعم للبنان» والمؤسسات المالية الدولية بالوقوف إلى جانب لبنان وربطت أي بادرة إيجابية إزاءه بالسير بها وهو ما لم يفعله لبنان رغم التزاماته في إطار مؤتمر «سيدر» الذي عقد ربيع عام 2018، وأسفر عن وعود بمساعدات وقروض تصل إلى 11 مليار دولار لم يحصل منها على دولار واحد بسبب الخلافات اللبنانية الداخلية والإخلال بالوعود. وآخر ما صدر عن الرئيس الفرنسي في هذا السياق إشارته، بمناسبة لقائه في مرفأ بيروت، أمس مع ممثلين عن المجتمع المدني والأمم المتحدة، إلى استعداد باريس للدعوة إلى مؤتمر دولي جديد أواسط أو نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم برعاية الأمم المتحدة لـ«حشد المجتمع الدولي» من أجل توفير الدعم للبنان.

المقابل الذي يريده ماكرون، وفق تصريحاته في بيروت وتصريحات مصادر الإليزيه في باريس «حكومة مهمات» تتبنى برنامجا إصلاحيا تحصل بموجبه على ثقة مجلس النواب وتعمل على تنفيذه. ويريد أيضا التزامات ذات مصداقية من قادة الأحزاب السياسية بأنهم سينفذون هذه المرة الإصلاحات المطلوبة مع جدول زمني محدد وآلية متابعة للتأكد من تنفيذ التعهدات. ولدفع تهمة الوصاية، فإن ماكرون كرر في بيروت أن «موقفه ثابت لا يتغير وهو التشبث بالمطالب ولكن من غير التدخل (المباشر)» في الشؤون اللبنانية الداخلية.

لا يمكن اتهام ماكرون بـ«السذاجة». لذا، فإنه حرص على إيصال عدة رسائل إلى المسؤولين والسياسيين اللبنانيين بأنه مستعد لضغوط أكثر إيلاما ضد المسؤولين والطبقة السياسية في حال تبين له وجود تقاعس أو مراوغة في الأشهر الـ3 الأولى. وجاء التحذير عبر المطبوعة الأميركية التي أسر لها أنه، من غير حصول تغيير حقيقي، فإنه مستعد لتغيير مساره وطريقة تعامله واتخاذ إجراءات عقابية تتراوح بين حجب خطة إنقاذ مالية دولية حيوية وفرض عقوبات على الطبقة اللبنانية الحاكمة. وحتى اليوم، وقبل الوصول إلى العقوبات، نجح الرئيس الفرنسي بفعل إلحاحه واتصالاته في الداخل والخارج على وضع حد للمراوحة في تكليف رئيس حكومة جديد وتليين مواقف الأطراف الداخلية المتصارعة. وقد اعتبر أن طريقته في العمل والمتابعة قد فعلت فعلها ما يذكر بقوله من بين ركام مرفأ بيروت في 6 أغسطس (آب) إنه «سيعود» ليتأكد من التقدم الحاصل. لكنه اليوم، ذهب أبعد من ذلك إذ رفع سيف التهديد بالتخلي عن الجهود لمساعدة لبنان، وخصوصا استهداف المسؤولين والسياسيين اللبنانيين.

وأول من أمس، أشارت صحيفة «لو فيغارو» إلى أن ماكرون لمح إلى العقوبات في رحلة العودة من بيروت بعد الزيارة الأولى. ونقلت الصحيفة المذكورة عن ماكرون قوله: «نعم- نحن نفكر بالعقوبات ولكن يتعين أن نقوم بها مع الأميركيين حتى تكون ناجعة». وبحسب مصدر آخر للصحيفة، فإن ماكرون «بدأ بالعمل على خطة فرض نظام عقوبات مع تحديد الأسماء» وإن اللائحة يتعين أن تشمل شخصيات من كافة الطوائف ومن الذين جاء مصدر الصحيفة على ذكرهم نبيه بري وسعد الحريري وجبران باسيل وابنتا الرئيس عون ومستشاره سليم جريصاتي وبنك «سيدروس» الذي وصفته بأنه مصرف «التيار الوطني الحر»… ومن العقوبات التي يمكن تبنيها منع هذه الشخصيات وغيرها من السفر إلى بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تضم 37 بلدا متقدما عبر العالم وتجميد أموالهم وأصولهم.

هل ستصل الأمور إلى هذا الحد؟ السؤال مطروح والجواب عليه رهن التطورات التي سيأتي بها القادم من الأيام.

 

********************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

مظلة فرنسية فوق لبنان: خارطة للإصلاحات السياسية والمصرفية.. وإلا فالعقوبات

ماكرون العائد في ك1: 15 يوماً للحكومة ودعوة الرؤساء إلى مؤتمر ت1 .. و لا شيك على بياض

 

بعد مائة عام (1/9/1920- 1/9/2020) من إعلان لبنان الكبير من قبل فخامة المفوض السامي هنري غورو الي إعلان ان لبنان الكبير غير آيل للانهيار، بقوة الإلزام الذي أعلنه الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي يزور لبنان في كانون المقبل، أي في غضون ثلاثة أشهر ونيف، لإعادة وضع البلد على سكة الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، في الأمن والاقتصاد والنقد، مع تحييد سلاح حزب الله عن الاشتباك الداخلي، ضمن سلم أولويات، ظرفية تعطي الأولوية للاصلاح والتغيير، وانتاج طبقة سياسية جديدة، بعد وضع قانون جديد للانتخاب وتشكيل مجلس الشيوخ، أي ما يعرف بالمظلة الفرنسية، لإعادة تعافي الوضع اللباني، بانتظار الحلول الكبرى، بعد الانتخابات الأميركية، في شرق المتوسط، وبلدان الشرق الأدنى وشمال افريقيا.

 

والثابت، ان ماكرون يخوض رهانا صعبا، فهو يمارس ضغطاً، غير مسبوق، على القوى السياسية والكتل ورؤساء التيارات والأحزاب والسلطات للإسراع بتأليف «حكومة مهمات» تجري «إصلاحات جذرية». وسيعمل جهده لمنع انهيار لبنان. من دون ان ينسى اللمسات الإنسانية، من الوسام الذي منحه للسيدة فيروز ليل أمس الأوّل، إلى زرع شجرة أرز في بلدة جاج الجبلية، إلى تفقد مستشفى رفيق الحريري الجامعي.

 

وأعلن الرئيس ماكرون ليل أمس قبل مغادرته إلى العراق، ان الأطراف السياسية اللبنانية ابلغته التزامها بتشكيل حكومة خلال أسبوعين، مشيرة إلى انه دعا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي والقوى السياسية إلى مؤتمر يعقد في باريس في تشرين الأوّل لتقييم ما ستحققه السلطات اللبنانية.

 

وقال ماكرون في مؤتمر صحافي بعد لقائه عن أبرز القوى السياسية في مقر السفير الفرنسي في بيروت «الاطراف السياسية كافة من دون استثناء التزمت هذا المساء بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوماً، في وقت تكون عملية تشكيل الحكومات في لبنان صعبة عادة وتستغرق أسابيع أو أشهر.

 

وشدد ماكرون على ان «تشكيل الحكومة اساسي، وتم اقتراح اسم رئيس مكلف لتشكيل الحكومة واختيار الاسم والتشكيل هو من مسؤولية الحكومة، وتم تعيين مصطفى أديب من قبل الفرقاء السياسيين والجميع التزموا بأنه سيتم تشكيل حكومة تقوم بالخدمات الضرورية من شخصيات كفوءة ودعم الفرقاء الذي وقفوا وراء الرئيس المكلف، وما هو مهم هو خارطة الطريق التي أكد عنها مجمل الفرقاء السياسيين والتي وضعها الرئيس عون واتفق عليها مجمل الرؤساء من دون اي استثناء، وما هو مهم هو خارطة الطريق التي أكد عليها مجمل الافرقاء السياسيين، وانا تمنيت تنظيم مؤتمر دولي في باريس، ووجهت دعوة للرؤساء الثلاثة وسنقوم بتجنيد المجتمع الدولي والجميع لبناء هذا الدعم الدولي».

 

وأوضح ماكرون «إن نفذت القوى السياسية في لبنان التزاماتها فسنفي بالتزاماتنا ولن نقدم شيكاً على بياض، ونحن حصلنا على موافقة الجميع اليوم على خارطة طريق وعلى اللاعبين اللبنانيين الاتفاق على طريقة تنفيذ هذا البرنامج، وانا سررت وقد رأيت حماس الجميع للعمل والإنجاز وبعض المواعيد سيتم تأجيلها لحين تشكيل الحكومة وإعطائها مدة زمنية للبدء بالعمل وأتعهد بالبحث عن دعم دولي وهذا هو دور فرنسا، ولا بد من أن أذكر هذا الموعد 1 أيلول 2020 الذي يُسجل مناسبة مئوية لبنان الكبير وأشدد على الصداقة بين فرنسا ولبنان وهي ستستمر وتفرض نفسها علينا، والثقة هي مشكلة الآخر، وانا أمنح الثقة هذا المساء لكن قلت بوضوح إذا في نهاية شهر تشرين الأول لم يحققوا ما التزموا به سأقول للمجتمع الدولي انه لن نتمكن من تقديم المساعدة للبنان وسأسمي من عرقل ذلك، وسنلعب دور الحكومة ونقول انه وضعنا هذا العقد وتعهد مسؤولوكم على هذا العقد وانهم سينفذون ذلك لكن بالمقابل هناك مساعدات المجتمع الدولي وإذا لم تنفذ الوعود فلا مساعدات، وخارطة الطريق تشمل إصلاح البنك المركزي والنظام المصرفي ونطالب بإحراز تقدم خلال الأسابيع القليلة المقبلة والمجتمع الدولي سيدعم الإصلاحات في لبنان بتقديم مساعدات مالية، وانا اجتمعت مع الرئيس المكلف مرتين، وما أستطيع ان أقوله انه يتمتع بدعم كبير أوسع من الذي حصل عليه حسان دياب وسيرته تظهر مسيرة واعدة وهو يعي ما يحصل ويعرف انه ربما لا ينظر إليه انه الرسول بسبب تعيين هذه القوى السياسية وهو يعرف ذلك، والانتخابات النيابية المبكرة لم تحصل على توافق من القوى السياسية الموجودة وهذا ليس جزءاً من أجندة الإصلاحات ولكن قانون انتخاب جديد هو مدخل للإصلاحات التي قد تستمر لسنوات».

 

وكشف انه سيعود في كانون الأوّل وهناك موعد محدد في النصف الأوّل من تشرين الأوّل، موضحا ان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة تعهد بالاصلاحات وعارض الانتخابات المبكرة، لافتا ان حزب الله فاز بالانتخابات النيابية.

 

وقال: انا لم اتحدث عن العقوبات على المسؤولين.. وتحدثت عن الثقة انه ما لم يتحقق شيء سأشرح للشعب اللبناني ان المسؤولين عندكم لم يلتزموا. نحن وضعنا العقد، وإذا لم يتم، سأحاول ان افهم ما حصل، ومَن المسؤول صراحة.

 

ولوح إلى إطلاق عقوبات، في حال عدم معالجة الفساد، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي.

 

وقال: امنح الثقة هذا المساء (مساء امس) ولكن في نهاية شهر تشرين الأوّل، إذا لم يحقق المسؤولون التقدم سنأخذ النتائج، ونتحمل العواقب، وإذا لم تفعل السلطات شيئاً فلن يفرج المجتمع الدولي عن المساعدات المالية. مشيرا إلى ان القوى السياسية التي التقيت بها وافقت على تشكيل الحكومة الجديدة في اقل من 15 يوما، وتعهدت بخارطة طريق للاصلاح.

 

وقال: ان التحقيق في انفجار المرفأ، يجري بمساعدة تقنية دولية للتأكد من الشفافية، وهذا التعاون يجري بشكل جيد، وقد وحصلت اجتماعات، وتبادل للقدرات بين الأجهزة.

 

وأكّد ان الدعم يحصل ضمن الإطار الذي حددناه لمصلحة الشعب مباشرة.

 

وقال: نحتاج لتنسيق أفضل بين المنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني في مجال إيصال المساعدات للبنان، وسنستمر في إيصال المساعدة للمؤسسات الطبية، وسنقدم 7 ملايين يورو إلى مستشفى الحريري الذي يقوم بعمل استثنائي في مكافحة كورونا.

 

موضحاً أن «هناك 4 أولويات تجاه لبنان وهي المسائل الصحية، والغذائية، والتربية والتعليم، وإعادة البناء».

 

وقال: «التربية والتعليم هي أولية قصوى وعدد كبير من الشبان والتلاميذ الذين التقيتهم اليوم قالوا إنهم يخشون من المستقبل ونسعى إلى تعزيز دورنا على هذا الصعيد وتقديم الدعم إلى العائلات التي تأثرت في الانفجار، كذلك سنعزّز العمل لتقديم مساعدات مالية للمدارس والجامعات وأيضاً المدارس الفرنكوفونية».

 

والجديد في الدور الفرنسي ان الرئيس الفرنسي يتولى بنفسه، تقييم التقدّم ويزور مجدداً لبنان نهاية العام الجاري. وينطلق ماكرون الذي يزور بيروت للمرة الثانية خلال أقل من شهر، من أنّ مساعيه تعدّ «الفرصة الأخيرة» لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي في لبنان. ولم يتردد في إبداء استعداده لتنظيم مؤتمر دعم دولي جديد مع الأمم المتحدة الشهر المقبل. لكن حشدا من المتظاهرين الذين تجمعوا بعد الظهر في وسط بيروت دعوه الى عدم التعامل مع الطبقة السياسية التي يطالبون برحيلها.

 

وأطلق ماكرون الذي عقد خلوة مع نظيره اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري في القصر الرئاسي حيث أقيم غداء رسمي على شرفه بحضور كبار المسؤولين ورؤساء كتل برلمانية وسفراء، مواقف بارزة، خصوصاً ما يتعلّق بتشكيل «حكومة بمهمة محددة في أسرع وقت». وفي ما يتعلّق بتسمية أديب التي جاءت ثمرة توافق سياسي بين أبرز القوى وتحديداً رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري وعون وحزب الله، قال ماكرون الثلاثاء «يجب منحه كل وسائل النجاح»، بعد أن أكد في وقت سابق أنه «لا يعود لي أن أوافق عليه أو أن أبارك اختياره». إلا أنه اعتبر أن تسميته السريعة بعد ثلاثة أسابيع من استقالة حكومة حسان دياب، بدلاً من «ستة أشهر»، هي «إشارة أولى» على «تغيير أكثر سرعة» ربطه بالضغط القائم على الطبقة السياسية.

 

وقال ماكرون، في تصريحات لموقع «بروت» الفرنسي من مرفأ بيروت الذي تفقده ظهراً، إنه «سيضع ثقله» ليتمكن أديب الذي التقاه ليل الإثنين ومجدداً في غداء بعبدا، من تشكيل حكومة سريعاً قادرة على «إطلاق إصلاحات» بنيوية. وغالباً ما يستغرق تأليف الحكومة في لبنان أسابيع عدّة أو حتى شهوراً. ولا يُعلم ما إذا كان وضع لبنان تحت المجهر الفرنسي هذه المرة وتداعيات الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه الانفجار، قد يسرّع مساعي التأليف. وغرّد ماكرون ظهراً «سيتمكّن لبنان من التعافي من الأزمة التي يمرّ بها».

 

وأعلن الرئيس عون في الغداء التكريمي على شرف الضيف الفرنسي أن الأمل يرتكز اليوم على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على اطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية، من اجل الخروج بالبلد من الأزمة الحالية. والامل يكمن أيضا في جعل آلامنا حافزا يدفعنا الى ان نغدو دولة مدنية، حيث الكفاءة هي المعيار، والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق. وقال: تحقيقا لهذه الغاية، التزمت الدعوة الى حوار وطني لكيما نبلغ الى صيغة تكون مقبولة من الجميع.

 

اجتماع مع الأحزاب

 

وأنهى الرئيس ماكرون نهاره الطويل باجتماع مسائي في قصر الصنوبر مع رؤساء الكتل والاحزاب السياسية، حضره الرئيس سعدالحريري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وممثل كتلة التنمية والتحرير النائب ابراهيم عازار، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان. وقد حمل كل واحدمنهم ورقة عمل حول رؤية حزبه اوكتلته لللاصلاحات والتغيير المطلوب في طبيعة النظام، وذلك بناء لطلب ماكرون، الذي طالب المجتمعين ايضا بالتعاون لتسهيل تشكيل حكومة الرئيس مصطفى اديب بسرعة من اكفاء واختصاصيين.

 

واعلن النائب جنلاط انه سلم ماكرون ورقة اصلاحية جاء فيها ان الحزب «التقدمي» يضعها في عهدة الحكومة الجديدة، كما في عهدة كل القوى السياسية والكتل النيابية والأحزاب والمجتمع المدني.ومما جاء في عناوينها العامة:

 

أولاً: تشكيل حكومة مستقلة يرتكز برنامجها على نقطتين أساسيتين، الإصلاحات وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد لا طائفي.

 

في موضوع الانتخابات المبكرة:

 

{ تغيير قانون الإنتخابات الحالي الذي يتعارض مع تطلعات الشباب اللبناني ويعيق عملية الاصلاح الحقيقي.

 

{ إقرار قانون للإنتخابات خارج القيد الطائفي.

 

{ إنشاء مجلس شيوخ يحفظ حقوق الأقليات وفق ما نص عليه إتفاق الطائف.

 

ثانياً: وقف الهدر وترشيد النفقات العامة عبر: اصلاح قطاع الكهرباء، تعزيز وتطوير القطاع الصحي، تعزيز و تطوير القطاع التربوي، اصلاح قطاع الاتصالات، إصلاح القطاع العام، اصلاح النظام الضريبي، الإصلاحات القانونية، تصحيح السياسة النقدية، تحفيز القطاعات الإنتاجية، إصلاح أنظمة التقاعد والتقديمات،الفقر والبطالة وشبكة الأمان الاجتماعي.

 

وذكرت المعلومات ان ماكرون عقد وباسيل في قصر الصنوبر لقاء ثنائياً دام 45 دقيقة، جرى في خلاله عرض شامل للوضع في لبنان والتعاون الفرنسي اللبناني. وسلمه ورؤساء الكتل المجتمعين في قصر الصنوبر، ورقة التيار الحر، والتي تتضمّن «خارطة طريق خلاصية للبنان على مسارين، واحد اقتصادي مالي يتضمّن برنامجاً اصلاحياً محدّداً يتم تنفيذه من خلال حكومة المهمّة المزمع تشكيلها، وآخر دستوري سياسي يتضمّن تطوير النظام للانتقال الى الدولة المدنية والاتفاق على المسائل الكيانية الخلافية من خلال طاولة حوار وطني يطلقها رئيس الجمهورية».

 

كما التقى ماكرون قبل لقاء الاحزاب، البطريرك بشارة الراعي الذي سلمه ايضا مذكرة لمناسبة مئوية لبنان الكبير، تضمنت شكر فرنسا على ما قدمته للبنان، وناشده العمل على توفير الدعم الدولي للبنان، والدعم للقطاع التربوي اللبناني، كما دعم طلب البطريرك في اقتراحه لحياد لبنان.

 

وسلّم النائب باسيل الرئيس عون النسخة الاولى من المبادرة التي قدّمها التيار الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والى رؤساء الكتل المجتمعين في قصر الصنوبر، والتي تتضمّن خارطة طريق خلاصية للبنان على مسارين واحد اقتصادي مالي يتضمّن برنامجاً اصلاحياً محدّداً يتم تنفيذه من خلال حكومة المهمّة المزمع تشكيلها، وآخر دستوري سياسي يتضمّن تطوير النظام للانتقال الى الدولة المدنية والاتفاق على المسائل الكيانية الخلافية من خلال طاولة حوار وطني يطلقها رئيس الجمهورية.

 

قالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء ان عبارة الأصلاحات تكررت اكثر من مرة في لقاءات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مشيرة الى انه قال صراحة في قصر بعبدا ان فرنسا لن تترك اللبنانيين وهكذا كان خيارها الدائم وسيبقى واذا اقتضى الأمر فإنه سيزور لبنان مرة اخرى للمساعدة دون تحديد الموعد والأرجح ان تكون في شهر كانون الأول المقبل وماهية المساعدات بإعتبار انه في السياسة كما في الأقتصاد حاضر انما لا بد من التزام محلي لأن يساعد اللبنانيون بعضهم البعض.

 

وجرت اللقاءات على وقع اعتصام مكرر لمجموعة من المتظاهرين امام قصر الصنوبر في بيروت، حيث مقر إقامة الرئيس الفرنسي، طالبت بإطلاق اللبناني السجين جورج إبراهيم عبدالله.

 

الى ذلك جرت اتصالات على نار هادئة بعد تكليف الرئيس أديب، من اجل البحث في معايير تشكيل الحكومة من دون التطرق الى التفاصيل بانتظار إجراء أديب الاستشارات غير الملزمة اليوم مع الكتل النيابية في عين التينة، لتحديد اتجاهات ومطالب هذه الكتل، المفروض انها هي التي يتعطي الثقة للحكومة او تحجبها بناء لتشكيلها وبرنامجها. فيما اشارت مصادر سياسية لـ«اللواء» الى ان بعض اسماء الوزراء ربما باتت جاهزة في جيب الرئيس المكلف بانتظار ان يستكمل البازل الحكومي ويعرضه على رئيس الجمهورية. وسط معلومات عن اتجاه لدى كل القوى لتسهيل تشكيل الحكومة وخلال فترة لا تتعدى الاسبوعين.

 

ومن الأسماء المقترحة لوزارة الصحة الدكتور غسّان سكاف (طبيب عظم)، ووزير الخارجية السفير السابق ناجي أبو عاصي أو السفير ادمون شديد.. فضلاً ترشيح رائد شرف الدين للمالية، واللواء المتقاعد مروان زين للداخلية.

 

وعند العاشرة من صباح اليوم، يبدأ الرئيس المكلف الدكتور مصطفى أديب استشارات تأليف الحكومة في عين التينة. واتخذت قوى الأمن الإجراءات المتعلقة بتعزيز الأمن في محيط قصر عين التينة، حيث هناك ستجري الانتخابات.

 

شنكر اليوم

 

ويزور لبنان اليوم مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شنكر حيث من المقرر ان يقابل العديد من ممثلي المجتمع المدني وللاطراف المنتفضين في الشارع ضد الأداء السياسي المتردي للسلطة ويعرض معهم مطالبهم وتطلعاتهم. وفي حين لم يكشف النقاب عن مواعيد محددة للمسؤول الاميركي مع أي من المسؤولين والزعماء السياسيين اللبنانيين في اشارة الى ان زيارة شنكر ليست للالتفاف أو الاعتراض على تحرك الرئيس الفرنسي ماكرون لمساعدة لبنان ليتمكن من حل ازمته،وانما تدعم هذا التحرك وترغب بنجاحه.الا أن ذلك لايعني بان شنكر قد يلتقي بعض المسؤولين لمناقشة موضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية في حال كان يحمل معه

 

أجوبة إسرائيلية نهائية حول هذا الموضوع.

 

إلى ذلك، أبدت مصادر ديبلوماسية اوروبية استياءها الشديد من تزامن وصول القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية الى لبنان بالتزامن للمشاركة في مؤتمر تعقده الفصائل الفلسطينية لمواجهة التطبيع مع إسرائيل، مع الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمساعدة اللبنانيين للخروج من سلسلة الازمات المعقدة التي يواجهها. وتساءلت عن اسباب عقد هذا المؤتمر في لبنان والجهات الرسميةالتي رخصت لانعقاده،في الوقت الذي كان بإمكان هذه الفصائل عقد المؤتمر المذكور في غزة أو أي بلد اخر، وعما اذا كان الهدف من وراءه التاثير سلبا على مهمة الرئيس الفرنسي التي تؤيد دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لتحييد لبنان والاساءة إلى العلاقات مع الإمارات العربية وغيرها.

 

سلامة: قرارات لاستقرار تسعير الصرف

 

نقدياً، قال رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي يوم امس إن قرارات جديدة متعلقة بمتطلبات للبنوك ستساهم في استقرار سعر صرف الليرة.

 

وتابع لـ «سكاي نيوز» عربية أن احتياطيات لبنان تبلغ 19.5 مليار دولار علاوة على احتياطيات الذهب، وأنه يجب إعادة 30 بالمئة من الأموال التي خرجت من بنوك لبنان مضيفا أنه ليس منطقيا ألا يحتفظ أصحاب البنوك بأموالهم في البنوك المملوكة لهم.

 

وذكر أن البنوك التي لن تمتثل لأحدث توجيهات بشأن معدلات رأس المال سيتعين عليها الخروج من السوق بعد شباط.

 

وسط ذلك، وقع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وفقا لقرار مجلس الوزراء بتاريخ 28/7/2020، ثلاثة عقود تتعلق بالتدقيق الجنائي مع شركة Alvarez &Marsal والتدقيق المالي والحسابي مع شركتي Oliver Wyman وKPMG ولاحقاً، غرد رئيس الجمهورية على حسابه عبر «تويتر» قائلاً: «تم اليوم توقيع عقد التدقيق المالي الجنائي، الخطوة المفصلية المنتظرة على طريق الإصلاح ومكافحة الفساد. وكما سبق وتعهدت بمتابعتي له حتى يأخذ مجراه إلى التوقيع، اجدد التعهد الآن بمتابعتي له حتى يأخذ مجراه في التنفيذ».

 

في التحقيق حول انفجار المرفأ أصدر المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان مذكرات توقيف وجاهية بحق رؤساء أجهزة أمنية في مرفأبيروت، بعد الاستماع إليهم ثلاثة منهم برتبة رائد من جهازي الأمن العام وأمن الدولة، ورابع برتبة عميد في الجيش وهو مسؤول المخابرات في المرفأ. وتعمل الأجهزة الثلاثة في المرفأ وتشرف على أمنه بالتعاون مع جهاز الجمارك الذي تم توقيف مديره العام بدري ضاهر ورئيس مجلس إدارته، مديره العام، حسن قريطم في وقت سابق. وبذلك، بات المدعى عليهم في القضية والبالغ عددهم 25 شخصاً موقوفين جميعهم بموجب مذكرات وجاهية.

 

ورجحت مصادر أمنية أن قد يكون قد نتج من عمليات تلحيم فجوة في العنبر حيث جرى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم منذ ست سنوات. إلا أن مراقبين كثرا يشككون في صحة تلك الفرضية أو بأي رواية صادرة عن السلطات، المتهمة أساساً بالفساد والإهمال. ورفض لبنان اجراء تحقيق دولي في الانفجار، الذي أتى على أجزاء من المرفأ، إلا أن محققين فرنسيين وآخرين من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي يشاركون في التحقيقات. وطالب خبراء أمميّون في مجال حقوق الإنسان بعد الانفجار بإجراء تحقيق مستقلّ وسريع، معربين عن قلقهم من ثقافة «الإفلات من العقاب» السائدة لبنان. وحوّل انفجار المرفأ في 4 آب بيروت مدينة منكوبة بعدما تشرّد نحو 300 ألف من سكانها، ممن تدمرت منازلهم أو تضررت.

 

177777

 

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 4 وفيات و469 إصابة جديدة بكورونا، ليرتفع العددالتراكمي إلى 177777 إصابة مؤكدة.

********************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

معلومات تكشفها الديار : الادارة الفرنسية اقترحت اديب وماكرون وافق

مئوية لبنان الكبير : تطوير النظام السياسي … وحكومة تكنوقراط لانتشال لبنان من القعر

نور نعمة

 

مرت مئة سنة على ولادة لبنان الكبير وشهد محطات تاريخية عدة منها مأساوي دمر الدولة ومنها مزدهر وتأسيسي عزز اركانها.

 

امس احتفل لبنان بمئوية لبنان الكبير في حضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليؤكد الاخير للبنانيين ان فرنسا ستكون دوما الى جانب الشعب اللبناني خاصة بعد ان شهد اسوأ ازمة مالية وكارثة انفجار مرفأ بيروت. بعيدا عن الاشعار والكلام العاطفي في احتفال مناسبة مئوية لبنان الكبير يعود ماكرون الى بيروت ليساهم بشكل كبير في اعادة انتاج حياة سياسية سليمة في لبنان بعد ان شوه السياسيون العمل الديمقراطي وديمومة المؤسسات والرقابة فيها وعطلوا القضاء.

 

واذا كان النموذج اللبناني او بالاحرى النظام السياسي اظهر انه فاشل فالتغيير لا يعني هدم الموجود بل تحسين النظام والعمل على سد الثغرات التي خلقت ازمات سياسية عميقة. الحل الوسط هو خير الامور والنظام السياسي الذي من الضروري اضفاء عليه تغييرات ايجابية على المدى الطويل وليس لفترة قصيرة وآنية. ذلك ان الطائف كان اتفاقاً لانهاء الحرب ولكنه تبين ان بنوده لا يمكن ان تبني دولة علما ان اتفاق الطائف دفن مع استشهاد الرئيس الراحل رينيه معوض.

 

وعودة ماكرون في موعده المحدد يؤكد ان مبادرته تشق خطواتها الى الامام والتكليف الذي حصل من الكتل النيابية قبل ساعات من وصول ماكرون هي رسالة من القوى اللبنانية تشير الى التجاوب مع المبادرة الفرنسية والتعامل معها بايجابية. والمنحى الايجابي هو التلاقي بين فريقين متخاصمين على تسمية للرئيس المكلف بعكس ما حصل عند تسمية رئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب. واتى اعلان الاليزيه عن زيارة ثالثة للرئيس الفرنسي في اواخر كانون الاول لتعكس تصميم فرنسي على متابعة مبادرة الانقاذ وجدية من قبل ماكرون لتحقيق الحل المبني على الاصلاحات كمعبر ضروري للمساعدات المالية والاقتصادية. ويشار الى ان المبادرة الفرنسية منسقة مع الايرانيين والاميركيين وتنص على اجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال عام بعد تقصير ولاية مجلس النواب. وذلك تلبية لمطالب ثورة 17 تشرين الاول.

 

في غضون ذلك، واحتفالا بمئوية لبنان الكبير، بدأ الثوار بوقفة حاشدة أمام النصب التذكاري في نهر الكلب تحت شعار : «مئوية لبنان من الولادة الى السيادة» وبعدها انطلقوا نحو ساحة الشهداء للانضمام الى الثوار المتمركزين في بيروت. وطالب الثوار من نهر الكلب بالعمل الجدي على حياد لبنان والمساعدة على تطبيق الدستور لناحية احترام سيادة لبنان.

 

وتوجهوا للسلطة بالقول : «أينعت عروشكم وحان وقت قطفها وجلائها ولا ثقة لحكومة ترفض الاستماع لخيار الشعب بحكومة مستقلة وبصلاحيات استثنائية». أضافوا : «نحن رجال ونساء نحارب لغد أفضل بالعلم اللبناني وحده ونحن ادوات السلم وانتم ادوات الفتنة ونحن خلاص لبنان وانتم موته».

 

حكومة قادرة على اقرار الاصلاحات

 

بالعودة لزيارة الرئيس الفرنسي يشدد ماكرون على ان مهمة الحكومة العمل ضمن فريق واحد متجانس للتوصل الى وضع حلول للازمات الاقتصادية والمالية عبر اقرار الاصلاحات الاساسية التي عجزت الحكومات الماضية عن إنجازها والتي ستشكل مدخلاً لإعادة إحياء مؤتمر سيدر بدفع فرنسي لإنعاش لبنان ببضعة مليارات الدولارات ريثما يتم استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي للإفراج عن مساعدات الصندوق.

 

وتشير المعلومات في هذا الإطار إلى أن هناك إصراراً فرنسياً على وضع بعض الوزارات في عهدة اختصاصيين غير حزبيين، كالطاقة والاتصالات والأشغال العامة والعدل والصحة والمالية. وحتى اللحظة، يبدو أن التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل موافقون على فكرة التخلي عن حقائب الطاقة والخارجية والمالية.

 

اضف الى ذلك، يحرص الرئيس ماكرون على تشكيل حكومة انتقالية لمدة عام يكون وزراؤها اختصاصيين ومستقلين تضع اوليتها وقف الانهيار المالي وتطبيق الاصلاحات الحيوية ومن ثم تدعو الى انتخابات مبكرة حيث تكون كلمة الفصل للناس. وباختصار يريد الرئيس الفرنسي، أن يكون الوزراء شخصيات مقربة من الفرنسيين خصوصا ان الوفد الفرنسي ضم اكاديميين لبنانيين في مجال الطاقة والكهرباء والمياه والاشغال وحتى الصحة.

 

في السياق ذاته، شددت اوساط ديبلوماسية للديار بان الحكومة يجب ان تتالف في غضون اسابيع لان امام لبنان ثلاثة اشهر قبل الغرق الكبير واضمحلال لبنان ذلك اذا لم تشكل الحكومة بسرعة ولم تبدأ بتطبيق اصلاحات حيوية اساسية خلال هذه الاشهر الثلاثة المقبلة فهنا مصير لبنان مهدد بالزوال ولن ينفع بعد هذه المدة اي حل يساعد على انتشال لبنان من القعر العميق الذي وصل اليه. والواضح ان الحكومة اذا تألفت ستستفيد من عوامل عديدة بدءاً من تجارب الحكومتين السابقتين تجاه الاصلاح وانتهاء بتوسع الدعم السياسي حيث يحظى الرئيس المكلف بغطاء سني قوي.

 

لماذا وقع الاختيار على السفير مصطفى اديب ليكون الرئيس المكلف؟

 

في هذا النطاق، تؤكد معلومات خاصة لـ «الديار» ان الادارة الفرنسية اقترحت على ماكرون إسم مصطفى أديب مع تزكيته بوصفه شخصية دبلوماسية فاعلة ومقربة من الاقطاب في لبنان ويعرفه جيداً كل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وحزب الله ومعروف عند القوى الاساسية في الاكثرية بالاضافة الى كونه متزوجاً من فرنسية وسجله السياسي والدبلوماسي ناصع وخال من اي شبهة فساد او سوء استغلال للمنصب. وعليه، ذهب ماكرون في هذا الاتجاه وأبلغ الاقطاب في لبنان بالاسم وتمنى تسميته والتعاون معه شخصياً واصر على مهاتفتهم واحداً واحداً!

 

ماكرون وحزب الله

 

بموازاة ذلك، علمت «الديار» ان كلام ماكرون كان ايجابياً تجاه حزب الله وسيقابله الاخير بايجابية اكبر وسيسهل مهمة ماكرون الى اخر الحدود نتيجة وضع البلد الصعب لكن ذلك ليس على حساب تمثيل حزب الله في الحكومة. وقد تكلم الرئيس الفرنسي بصراحة تامة انه يريد اصلاحات مطلوبة في مجال الكهرباء وما يحمله ماكرون من مطالب اصلاحية حصلت على رضى حزب الله. وكان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أكد في كلمة له الى حاجة البلاد لحكومة قادرة على النهوض بالوضع الاقتصادي والحياتي واعادة الاعمار وانجاز الاصلاحات قائلا : «نحن نؤيد الذهاب بها الى ابعد مدى ممكن.» وكلام نصرالله يتطابق مع اهداف ماكرون وهذا مؤشر ايجابي يعكس وجود الارادة السياسية في لبنان لحل الازمة الاقتصادية وملحقاتها.

 

وعلى صعيد سياسة فرنسا الخارجية، ندد ماكرون في ندوة في فرنسا قبل مجيئه الى لبنان عن الدخول التركي على خط غاز المتوسط وكذلك الروسي والصراع على حدود النفط والغاز والذي يستهدف سيادة دول المنطقة. وفي ظل الصراع على الغاز يعلم الفرنسيون ان لبنان هو الورقة الاخيرة لديهم وفيه نفوذ فرنسي واذا خرجوا من لبنان اصبحوا خارج المنطقة كليا وهذا الامر لا يصب في مصلحة السياسية الخارجية الفرنسية التي تعرف ان الاستقرار في لبنان مدخله حزب الله وهي تريد ان تطبع مع حزب الله بضمان الاستقرار خلافا لما يفعله الاميركيون بحصار الحزب. فهل تعطي الادارة الاميركية فترة سماح لماكرون في لبنان لانجاز شيء ما في ظل الصراع على غاز المتوسط ؟

 

من جهته، يدرس حزب الله مشاركته في الحكومة وفقا لطبيعة الحكومة التي ستشكل والاتجاه السائد هو حكومة انتقالية تكنوقراط لمدة سنة تضع اولويتها انتشال لبنان من الانهيار المتسارع والحد من التدهور المالي والاقتصادي والنقدي. واذا تشكلت حكومة تكنوقراط، لا يرى حزب الله نفسه غير معني بها فيمكنه المشاركة بالحكومة عبر شخصية كفوءة ولكن قريبة من المقاومة على غرار وزير الصحة حمد حسن الذي كان اداؤه نموذجا مميزا في العمل الوزاري.

 

الدكتور جعجع لا يستمع الا للاميركيين

 

في المقابل، اظهرت جميع القوى السياسية تجاوبا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والذي اعرب عن تأييده للرئيس المكلف السفير مصطفى اديب بعد ان اختاره سعد الحريري ومعه رؤساء الحكومات السابقة كما تجاوب الوزير وليد جنبلاط مع طلب ماكرون بتسمية مصطفى اديب من ناحية العلاقة الوطيدة اللبنانية الفرنسية. الا ان القوات اللبنانية غردت خارج السرب وليس من باب التباين في الرؤية للحكومة بل لان القوات تصغي للكلام الاميركي وتوجهاته فقط في حين لا تعول كثيرا على الموقف الفرنسي اما على صعيد الداخل، فالقوات اللبنانية تعتبر ان الحكومة المرتقبة لن تختلف عن سابقاتها ولن تقوم بانجازات عظيمة بشأن الوضع الاقتصادي والمالي. اضف الى ذلك، حزب القوات اللبنانية يحرص على علاقته مع السعودية ويرى ان نقاطاً عدة وتوجهات سياسية كثيرة تجمعهما حيث ان السعودية تحت سلطة ولي العهد محمد بن سلمان تعتمد على السنة المشاغبين وقد اختارت المشاكل على الديبلوماسية والحلول لان الرياض ترى ان الشغب وافتعال الاحداث الامنية يضرب صورة حزب الله في لبنان ويضعفه من الداخل وان هذه هي الاستراتيجية الابرز لتطويق حزب الله في لبنان.

 

دعوة الرئيس عون لدولة مدنية

 

بعد ان طرح الرئيس ميشال عون لبنان دولة مدنية، تعددت الاراء بين مؤيد ومعارض حيث اعتبرت القوات اللبنانية ان تأسيس الدولة المدنية يسبقه شرط وهو ان لا يبقى فريق لبناني مسلحاً. واوضحت القوات انها غير مستعدة في الدخول في نقاشات طالما ان هناك حزباً يملك السلاح وقرار السلم والحرب في يده.

 

من جهته، أيد الحزب التقدمي الاشتراكي للدولة المدنية واشاد بها حيث اعتبر ان ذلك سيخرج اللبنانيين من القيود الطائفية المطروحة وانشاء مجلس الشيوخ ويتبع ذلك اصلاح في القضاء والحفاظ على استقلاليته. واضاف المصدر في الحزب التقدمي الاشتراكي انه يجب جعل الوظيفة العامة مبنية على الكفاءة وليس على التوزيع الطائفي. وشددت هذه المصادر في التقدمي الاشتراكي ان الدولة المدنية هي الحل للامراض المزمنة التي انهكت لبنان وشعبه.

 

الحزب التقدمي الاشتراكي : الاصلاحات هي بداية انقاذ لبنان

 

بدوره، قال امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر : «موقفنا ثابت لا بد من اصلاح جدي في لبنان يتطلب حكومة من نوعية خاصة وتمنينا على الحريري ان يسمي شخصية وبعد اختياره للسفير مصطفى اديب رئيسا مكلفا، بادر حزبنا ايضا الى تسمية اديب لرئاسة الحكومة». واكد ناصر ان التقدمي الاشتراكي لن يشارك بأي حكومة مقبلة ولكن موقفنا من الحكومة المرتقبة مرتبط بتشكيلة توحي بالثقة. بمعنى اخر قال ناصر نريد ان نرى ان تركيبة الحكومة من وزرائها قادرة على المضي قدما في عملية الاصلاح عندها سندعمها اما اذا تشكلت الحكومة الجديدة ومع الوقت اصبحت مشابهة لحكومة حسان دياب سنعارضها.

 

ورأى امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي انه اذا بدأت الخلافات والسجالات على الوزارات قبل ولادة الحكومة وعاد التقاسم على مبدأ المحاصصة عندها نكون لم نتلقف الفرصة الذهبية التي يقدمها ماكرون للبنان.

 

القوات اللبنانية : الشعب اللبناني ليس حقل تجارب

 

من جهتها، قالت مصادر في القوات اللبنانية انها اعترضت على الطريقة التي آلت اليها التسوية وقضت بتسمية السفير مصطفى أديب دون ان يتم اطلاع الرأي العام اللبناني على حيثيات هذه التسوية. لا يمكن ان نكلف شخصية لا نعرفها والتسوية على اسمه خلال 48 ساعة.

 

ونحن نعتبر ان الشعب اللبناني والقوات التي هي جزء لا يتجزأ من الشعب اننا اكتوينا من تجارب مع فريق شكل حكومة بمفرده من لون واحد ووصلت بنتيجتها الى فشل كبير على المستوى المالي والاقتصادي والمعيشي. وانطلاقا من ذلك، قال المصدر في حزب القوات اللبنانية ان الشعب اللبناني ليس حقل تجارب ويجب الذهاب الى عمق المشكلة وجوهرها وان يكون هنالك نوع من تسوية متكاملة تحد من تأثير الفريق الحاكم ونفوذه على السلطة. ذلك ان المشكلة تكمن في هذا الفريق بالذات.

 

من هنا اختارت القوات اللبنانية الديبلوماسي نواف سلام لان معه لا تجارب مجهولة وايضا لاستقلاليته وقراره الحر ونظرته السيادية وهذه المرحلة التي يمر بها لبنان بحاجة لاشخاص من امثال نواف سلام. ونفت المصادر القواتية ان يكون اختيارها لنواف سلام اتى جراء التأثير الاميركي عليها.

 

اما عن تسمية مصطفى اديب لرئاسة الحكومة فالحقيقة ان القوات لا تعرفه علما ان الحزب لا يعارض شخصاً بل نهجاً سياسياً وبالتالي لا مأخذ على شخصية السفير مصطفى اديب لا بل سننتظر كيفية تشكيل حكومته من اجل ان نبني على الشيء مقتضاه. وكما لم نكلف رئيس الحكومة السابق حسان دياب ولم نمنحه الثقة سنقوم بالامر ذاته مع مصطفى اديب من ناحية عدم التكليف اما الثقة فتنتظر كتلة الجمهورية القوية اختيار اديب لوزرائه وتوزيع الحقائب داخلها ووفقا للبيان الوزاري التي ستعتمده الحكومة المرتقبة، عندها تقرر القوات اللبنانية منح او شجب الثقة لحكومة اديب.

 

ماذا يجري في خلدة ؟ بهاء الحريري يتدخل مباشرة

 

تقول المعلومات ان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط دخل على خط المصالحة بتفويض من الرئيسين بري والحريري وحزب الله واتصل جنبلاط بعشائرعرب خلدة وقدم مبادرة شاملة للحل ارضت الجميع وعقد امس اجتماع بين قيادتي الاشتراكي وحزب الله في المنطقة للاتفاق على الحل.

 

من هنا، من هو المستفيد من تجدد الاشتباكات في خلدة واطلاق النار على مبادرة جنبلاط وترويع البلد وفي ظل وجود ماكرون في المرفأ وقطع طريق الجنوب. هل هناك قوى ثالثة ترفض الحل وتوجه رسائل الى الداخل اللبناني؟ تزامنا مع احداث خلدة، قال النجل الاكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري، بهاء الحريري مباشرة انه سيبقى يقطع طريق خلدة والناعمة وبرجا في ظل سياسة حزب الله. اذا من يفجر هذه المنطقة حيث تقع حوادث مذهبية وطائفية خطيرة وعمليات تهجير للعائلات الموجودة في خلدة وهذه الاحداث ما زالت بعيدة عن وسائل الاعلام لكنها تشكل تهديداً كبيراً للسلم الاهلي ذلك ان القوى السلفية اذا سيطرت على خلدة فتكون قد تحكمت بمداخل بيروت والشوف والجنوب. وهذا امر خطير جدا وينذر بحوادث اليمة ستتكرر علما ان ماكرون نفسه حذر ونبه من وجود مجموعات ارهابية على طريق بيروت – الجنوب وايضا في الشمال خلال الاجتماع الماضي في قصر الصنوبر مع ممثلي الاحزاب في زيارته السابقة الى لبنان.