أبي حيدر: الورقة الفرنسية تنسف خطة الكهرباء ولتسليم البلديات الإنتاج عبر المولدات


انحبست أنفاس اللبنانيين إثر تصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول رفع الدعم عن استيراد الفيول والقمح والأدوية بعد ثلاثة أشهر، غافلين أن ما ينتظرهم نهاية العام 2020 لا يبدو أقل سوءاً… بل سيكون مكمّلاً لما هو مرتقب من أزمة كهرباء ستبلغ ذروتها بدون أي حل يلوح في الأفق.
استحقاقات كانون الأول كثيرة، أوّلها إبلاغ شركة “سوناتراك” الدولة اللبنانية رسمياً بأنها غير مهتمة بتجديد العقد الذي ينتهي أواخر العام الجاري… فهل من بديل؟

ثاني تلك الاستحقاقات انتهاء امتيازَي “كهرباء جبيل” و”كهرباء زحلة”… فهل من مبادرات؟

الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر تجيب “الدولة في غيبوبة مطلقة، لا تحرّك ساكناً اتجاه استحقاقات داهمة… حتى أننا لم نرَ أي مبادرة إلى تشكيل خلية طوارئ لحل المشكلة بجديّة”. وقالت لـ”المركزية”: مشكلة الكهرباء الأساسية أن أحداً لم يَبُح بسبب الأزمة وهو شَحّ الدولار الأميركي الذي على أساسه يتم استيراد الفيول، كما في القطاعات الأخرى.
ونبّهت إلى أن “في حال دخل لبنان في العتمة بعد ثلاثة أشهر، سيصيب الشلل قطاعات كثيرة كالإنترنت والاتصالات وغيرهما… كل ذلك ومؤسسة كهرباء لبنان لا تزال تجبي بالليرة اللبنانية والتعرفة منخفضة أصلاً، بما يُفقد المؤسسة قدرتها على شراء الفيول بالدولار”.
ولفتت إلى أن “في حمأة تلك الأزمة المترافقة مع هدر مزمن في القطاع، جاءت الورقة الفرنسية التي حملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المسؤولين اللبنانيين، وفي طياتها دعوة صارمة إلى المباشرة بإصلاحات حقيقية، وأبرز تلك الورقة نقاطٌ أربع:
– أولاً: الاستغناء عن معمل سلعاتا بصيغته الحالية… إذ مع تحسين المعملين الحاليين نحقق تحسناً ملموساً في الكهرباء.
– ثانياً: تعيين “هيئة ناظمة” وفق القانون الأساسي الرقم 462 من دون تعديلات التي في حال أُدخلت، تًنسف استقلالية الهيئة وتعطي الصلاحيات للوزير، وتحوّلها هيئة إدارية، في حين أننا لا نملك ترف الوقت ولا ترف المال لتعيين مثل تلك الهيئة…
– ثالثاً: رفع معدل التعرفة على أن تطال، بحسب الورقة الفرنسية، الميسورين وذوي المدخول المرتفع. فكيف يمكن التمييز ما بينهم؟!
– رابعاً: إجراء مناقصات لبناء معملين بطرق شفافة ووفق القوانين المرعيّة.
وأضافت: في ظل النكبة التي ضربت القطاع بفعل انفجار 4 آب المشؤوم والذي طال بنيرانه مبنى “مؤسسة كهرباء لبنان” حتى باتت العمليات الإدارية معطّلة والمعاملات التقنية كلها مدمّرة، بادرت دول عديدة مشكورة إلى المساعدة ومنها دولة العراق التي تبرّعت بأطنان من الفيول لم يُعرف مصيرها ومسارها إلى الآن، فيما التقنين يفلت من عقاله ليصل إلى نحو ثلاث ساعات تغذية فقط في اليوم الواحد.
ولم تغفل أبي حيدر الإشارة إلى عرض شركة “سيمنز” بتقديم مولّدين بقدرة 80 ميغاوات، لكن سرعان ما استُبدل بتحسين القدرة الإنتاجية في معمليّ الزهراني ودير عمار!”.
وكرّرت القول إنه “في ظل هذه الأزمة من شحّ الدولار، ووقف الدعم، ستزيد حدّة التقنين وبالتالي نحن مقبلون على كارثة”.
وإذ سألت “لماذا لا تمضي الدولة في مشروع اللامركزية الإدارية؟”، اقترحت أبي حيدر “الترخيص للبلديات بإنتاج كهرباء عبر المولدات بدل أن يحتكرها الأفراد، على أن تعمل وفق مفهوم القطاع الخاص، حيث تدفع البلدية ثمن الفيول وتجبي التعرفة من المواطنين بما يغطي أكلاف تشغيل المولدات من فيول وتصليحات، بدون أن تبغي الربح، فتكون البلديات بذلك تموّل نفسها بنفسها”.