هل قرر الحزب فتح جبهة الجنوب؟


دخل العامل الامني الى المسرح اللبناني مجددا مساء امس من البوابة الحدودية الجنوبية. الى القلق المعيشي والمالي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يقض مضاجع اللبنانيين، أُضيف همّ جديد: الخشية من توتير الجبهة الحدودية بين تل ابيب وحزب الله… منذ اسابيع قليلة، شهدت هذه المنطقة تصعيدا قبل ان يتبيّن ان الجيش الإسرائيلي “اشتبك مع أشباح”، وفق رواية الحزب، بعد ان اشتبه بتعرّضه لاعتداء من قبل عناصر المقاومة الاسلامية، فانتهت الجولة عند هذا الحد. ليل امس، عاد التوتر والانظار، الى هذه البقعة، بعد ان كانت حوادث 4 آب، أشاحت الانتباه المحلي والخارجي عن الوضع في الجنوب، بسبب الكارثة الانسانية والعمرانية التي تسبب بها انفجار المرفأ في قلب العاصمة.
حتى الساعة، لا تفاصيل واضحة حول ما جرى. في ظل غياب اي موقف من قبل حزب الله، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت مواقع لحزب الله في لبنان بعد إطلاق نار صوب قوات إسرائيلية، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ان “مروحيات حربية وطائرة أخرى أغارت على أهداف تابعة لحزب الله حيث تم استهداف مواقع استطلاع تابعة له في منطقة الحدود”. وقال أدرعي، عبر تويتر، ان “جيش الدفاع الاسرائيلي يعتبر الحكومة اللبنانية مسؤولة عما يحدث انطلاقًا من أراضيها”. وأضاف “متابعة للحادث الأمني في منطقة منارة على الحدود مع لبنان الذي وقع أمس في الساعة 22:40 مساءً فالحديث هو عن تعرض قوات جيش الدفاع التي كانت تهم في نشاط ميداني لاطلاق نار من داخل الأراضي اللبنانية دون وقوع إصابات. لقد قامت القوات باطلاق عشرات القنابل الضوئية والدخانية في المنطقة”… واليوم، اكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في تغريدة عبر تويتر أن “إسرائيل تنظر ببالغ الخطورة إلى قيام حزب الله باطلاق النار على قواتنا”، مشدداً على اننا “لن نقبل بشن أي عدوان على مواطنينا وسنرد بقوة على أي اعتداء كان”. وقال نتنياهو: “أنصح حزب الله بعدم تجربة قوة إسرائيل الضاربة. حزب الله يعرض الدولة اللبنانية مرة أخرى إلى خطر بسبب عدوانيته”.
وفي انتظار ما سيصدر عن الحزب في هذا الخصوص، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” ان الخشية جدية من ان تقرر الضاحية في هذا التوقيت بالذات تحريك الوضع على الحدود و”الانتقام” لعنصرها الذي قتل منذ قرابة شهر في سوريا بضربة اسرائيلية. ففيما يبدو “الحزب” اليوم محاصرا بجملة ملفات في الداخل منها دوره في تأليف الحكومة العتيدة، ودوره في معالجة الازمة المالية الراهنة، كونه صاحب الاكثرية النيابية، اضافة الى تحميله مسؤولية تخزين الامونيوم في المرفأ، وفي وقت ترفع بكركي لواء “حياد لبنان” وترتفع الاصوات المطالبة بضبط السلاح المتفلّت… وسط هذه المعطيات كلّها التي تحشره في الزاوية… قد يكون الحزب رأى ان إنعاش صورته كـ”مقاومة” ضد اسرائيل تفيده اليوم، فتخفف عنه الضغط المحلي وتعيد شد عصب جمهوره خاصة و”جمهور المقاومة” عموما، من حوله، كما ان عملية من هذا النوع قادرة على سرقة الاضواء من ملفات المرفأ والحياد المُزعجة للحزب…
غير ان المصادر لا تستبعد ان يكون الاسرائيليون من تلقاء أنفسهم، قرروا التصعيد جنوبا، وذلك عشية استحقاق التمديد لليونيفيل في مجلس الامن. ويريدون من سلوكهم هذا، دعم وجهة النظر الاميركية، القائلة بضرورة توسيع صلاحيات القوة الدولية ومهامهما لتتمكن من ضبط تحرّكات حزب الله جنوبي الليطاني في شكل أفعل. وترى المصادر ان النظرية هذه واردة بقوة، سيما وان حزب الله يدرك ان فتح حرب مع اسرائيل اليوم، فيما اللبنانيون جائعون، ليس ضربا من ضروب الذكاء من قبله…