مقدمات نشرات الأخبار المسائية

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد في 16/8/2020

 

* مقدمة نشرة أخبار “تلفزيون لبنان”

يومان فاصلان عن النطق بقرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005. وأسبوعان فاصلان عن مناسبة مئوية قيام دولة لبنان الكبير، المنتظر أن يشارك فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الموعود ضمنا وعلنا بانفتاح مسار الاصلاحات الحقيقية في لبنان، وبقيام حكومة على قدر المرحلة القاهرة التي يمر بها لبنان، والتي زاد من صعوبتها وحدتها وشدتها “انفجار- زلزال 4 آب” في مرفأ بيروت، ما أسفر عن مئة وسبعة وسبعين شهيدا- ضحية وستة آلاف جريح، وما يناهز الخمسة عشر مليار دولار خسائر في بقعة الانفجار والأحياء المحيطة، ناهيك بالجراح الوجدانية والمعنوية والكيانية في لبنان ككل، وعلى المستويات الشعبية والمجتمعية والاقتصادية والحياتية والمعيشية والحكمية والسياسية القائمة، مضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية الجاثمة، والمضاعفات الكورونية المستمرة.

وفيما التحقيقات متواصلة في قضية انفجار مرفأ بيروت، ولا تأخير فيها، بحسب تأكيدات الرئيس عون في مقابلة تلفزيونية فرنسية، يبدو حتى الآن أن لا مؤشر يوائم أو يلائم تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة من أجل تسمية رئيس الحكومة العتيد. والسؤال القائم هو: هل المشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية العماد عون، والاتصالات التي يضطلع بها رئيس البرلمان نبيه بري، وتلك القائمة على الخطوط الفرنسية، الاقليمية فالمحلية، هل ستبلور الأجواء لتحديد موعد الاستشارات النيابية، بالتوازي مع تسهيل التفاهم على الحكومة شكلا ورئيسا، قبل أو بعد عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت في الأول من أيلول المقبل؟.

سؤال آخر مطروح، هل سيتمكن القادة السياسيون من القفز فوق السابع عشر من تشرين الأول 2019 تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبية، والرابع من آب 2020 تاريخ نشوب الانفجار- الزلزال في بيروت؟.

في الغضون، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، في مؤتمره الصحافي المسهب، أكد استعداده للعقوبات الأميركية المحتملة عليه. وبالنسبة إلى العلاقة مع “حزب الله”، أكد أنه لن يشارك في عزل فريق لبناني.

في هذا الوقت، كان رئيس حزب “القوات اللبنانية” د. سمير جعجع، يشير من الديمان إلى عريضة نيابية طويلة تحضر من أجل إرسالها إلى المنظمة الدولية، وتطالب بتحقيق دولي في انفجار 4 آب، ودعا العنتريين إلى التخفيف من العنتريات.

البطريرك الراعي من جهته في عظة الأحد في الديمان، كرر رفض أي تسوية محتملة تحصل على حساب لبنان وتركيبته ورسالته.

في أي حال، لبنان المحتضن عربيا ودوليا من خلال توفير دعم لوجستي إغاثي جوي وبحري وبري، رأى من على أرضه ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الأميركية في ختام زيارة استمرت ثلاثة أيام، أنها لحظة الحقيقة في لبنان. وأما ديفيد تشينكر فإن زيارته لبنان مرتقبة منتصف الأسبوع، علما أن أول اهتمامات هذا الديبلوماسي الأميركي هو الترسيم الحدودي البحري.

تفاصيل النشرة نبدأها من كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مقابلة مع محطة تلفزيونية فرنسية، أكد خلالها أن لا تأخير في التحقيق في انفجار المرفأ، وانه لا يقف متفرجا” على الشعب.

ردا على سؤال: هل فكر بأن يستقيل بعد الذي حصل من انفجار في 4 آب، أجاب: ولنفرض أنني استقلت فمن يؤمن الاستمرارية في الحكم؟.

بالنسبة إلى مسار اتفاق التطبيع والسلام بين دولة الامارات واسرائيل، لفت الرئيس عون إلى أن الامارات بلد مستقل وله الحق بالقيام بما يريده.

هل لبنان على استعداد للتوقيع على السلام مع اسرائيل؟ أجاب: نحن لدينا مشكلات معها يتوجب حلها”.

*****************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أن بي أن”

تحت غطاء دخان الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، يتسلل وباء كورونا ضاربا أطنابه في كل مدينة وقرية وحي وشارع. وليس أدل على هذا التوسع المتوحش، من ملامسة الحصيلة اليومية للإصابات الأربعمئة والوفيات حاجز المئة.

هذه الأرقام مرعبة من دون شك، وتستدعي دق ناقوس الخطر من جديد، والتشدد في اتخاذ الإجراءات الوقائية تفاديا للسيناريو الأسوأ إذا ما استمر حبل التفلت على غاربه. بعض هذه الإجراءات انطلق قطارها، ولا سيما لناحية البدء في عزل أحياء في عدد من المناطق.

أما قطار المسار القضائي للانفجار في المرفأ، فينطلق فعليا غدا مع مباشرة المحقق العدلي استجواباته، تأسيسا على الملف الذي تسلمه من النائب العام التمييزي، متضمنا ادعاءات على خمسة وعشرين متهما بينهم تسعة عشر موقوفا.

وبينما تتواصل عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض، تتكشف يوميا معلومات مروعة عن حجم الانفجار الذي هز بيروت بل كل لبنان. في هذا الشأن، أدرجت وكالة “رويترز” في تقرير لها، الانفجار في المركز الرابع في سلسلة أكبر الانفجارات في العالم.

في السياسة، الاتصالات على الخط الحكومي “ماشية” في الكواليس، لكن لم تتبلور بعد الاتجاهات المتعلقة بالتوافق على الرئيس المكلف. بالانتظار شدد رئيس الجمهورية ميشال عون، على ضرورة التشكيل سريعا، رافضا التوجه نحو انتخابات نيابية مبكرة.

وقد خالفه الرأي في ذلك البطريرك الماروني، الذي نادى بمثل هذه الانتخابات، قائلا ألا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة فعلية. أما سمير جعجع فطالب من الديمان بتشكيل حكومة مستقلين بالفعل.

وبالنسبة لرئيس “التيار الوطني الحر” فإن المطلوب حكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية، والتسميات غير مهمة. وفي كلام النائب جبران باسيل أيضا، أنه مستعد لتحمل العقوبات الخارجية كثمن لعدم المس بمكون لبناني، لكنه قال: “وقت القصة بتكون داخلية، منخانق حزب الله لحد الفراق على مسألة بناء الدولة”.

*****************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المنار”

إثنا عشر يوما مرت على انفجار مرفأ بيروت، ولكن الأوجاع المهولة في استمرار، ليس تلك التي خلفتها الكارثة المفجعة فحسب، بل ما ينجم عن تفنن البعض في تجييش الآلام فوق النعوش، وزرع الشقاق في النفوس، على مستوى الوطن، استثمارا للأحزان التي جمعت كل الطوائف دون استثناء تحت قبة التضحية.

ببساطة يتكشف هدف هؤلاء، حين تتكثف شروط محركيهم بعد سقوط مؤامرة إسقاط الدولة في لبنان، فلا يبقى إلا التحريض ووضع العراقيل أمام محاولة التحضير لمرحلة النهوض من الكارثة، والتشويش على مسار التحقيق المحلي الذي أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه لن يسقط أيا من الفرضيات.

أما الإصلاحات، فهي من أصل مهام الحكومة المقبلة، وكذلك السير بها فور التشكيل، وفق الرئيس عون. وبحسب النائب جبران باسيل، فإن مشاركة “التيار الوطني الحر” في الحكومة مشروطة بفاعلية وانتاجية وإصلاحية رئيسها وأعضائها وبرنامجها.

وعن الدور الأميركي في التشكيل، طرحت الأسئلة عما حمله ديفيد هيل في هذا الإطار إلى لبنان، تحت ظلال المساعدة والحضور إلى جانب اللبنانيين في كارثة المرفأ؟. وفي معلومات “المنار”، فإن المسؤول الأميركي أبلغ حلفاءه بما تريده واشنطن في هذا الملف، من اسم رئيس الحكومة إلى شكلها، وكيف يجب أن تكون طريقة التمثيل السياسي فيها.

مساعي الأميركيين لتعويد اللبنانيين على حضورهم بالأصالة في ملفاتهم، لا تنفصل عن مشهد عملياتهم في المنطقة، حيث تقود الأهواء الانتخابية لدونالد ترامب دولا عربية بالدور إلى تل أبيب، وما إعلان الامارات وكيان الاحتلال التطبيع بينهما إلا حلقة في سلسلة تصفية القضية الفلسطينية بأياد عربية،…هو المثال الحي للخيانة والغدر الذي يحتاجه بنيامين نتياهو للتغطية على فساده، كما أكد الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي يطل عبر شاشة “المنار” عند الثامنة والنصف من مساء غد الاثنين مع اقتراب شهر محرم الحرام وذكرى عاشوراء.

*****************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في”

الحالة العونية ليست تفصيلا في هذا البلد. فهي، شأنها كشأن سائر الحالات الممثلة للشعب اللبناني، القديمة أو الحديثة العهد، أو تلك التي في طور النشوء، عبارة عن مجموعة كبيرة من الناس، تجمع بينهم جملة من المبادئ والتطلعات، ويفكرون بطريقة فيها تشابه إلى حد التطابق في الرؤية والأهداف.

أول ما عبرت الحالة العونية عن نفسها، كان في ساحات بعبدا، ثم في ساحات النضال الشبابي والطالبي، وصولا إلى الساحات البرلمانية والحكومية والرئاسية، الممهورة بتوقيع اللبنانيين في صناديق الاقتراع خلال ثلاث دورات متتالية، في الأعوام 2005 و2009 و2018.

منذ اللحظة الأولى لبدء تبلورها، لم تمض لحظة لم تكن فيها الحالة العونية عرضة للنار: نار الرصاص والقذائف بين عامي 1988 و1990، ونار التخوين وأعقاب البنادق بين سنتي 1990 و2005، ونار الاغتيال السياسي وتشويه الصورة من ال2005 إلى اليوم.

نار الرصاص والقذائف، كانت نتيجتها 13 تشرين الأول 1990،…و13 تشرين لم يشكل صفعة قوية للحالة العونية، بقدر ما كان ضربة كادت تقضي على الوطن. وإذا كانت نار التخوين وأعقاب البنادق، نالت من العونيين قبل غيرهم، ليتخطى عدد التوقيفات على مر السنوات الآلاف، إلا أن الثمن الغالي للوصاية دفعه كل اللبنانيين من دون تمييز. أما نار الاغتيال السياسي وتشوية الصورة، المستعرة باستمرار في حق رمز الحالة العونية رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر”، فليس المطلوب في مواجهتها اليوم أكثر من التزام مضمون عبارة واحدة قالها جبران باسيل: الحل الكبير آت وحتى نكون موجودين ليس مطلوبا منا الا الصمود.

“المهم نحنا نكون حاضرين وباقيين، بوجودنا وبدورنا”، قال باسيل، “وعملية الاستهداف يلي عم تطالنا هيي لإضعافنا وإيصالنا منهكين أو مغيبين عن الحل، بس نحنا يلي تحملنا 13 تشرين و7 آب و15 سنة نضال من خارج الحكم و15 سنة عذاب من داخل الحكم، مش اليوم منضعف ومنخاف”.

كل الأبواق تهتف اليوم ضد جبران باسيل. تماما كما هتفت سابقا، ولا تزال إلى اليوم ضد ميشال عون. فهل نرد على الشتيمة بالشتيمة؟، ممكن. وهذا هو الحل الأسهل. ولكن، ماذا نستفيد؟، هل نتوقف عند تغريدة معتوهة من هنا، وتعليق مسعور من هناك، وتصريح سخيف ما بين الإثنين؟.

فلنفكر معا بطريقة أخرى: لو لم يصبهم كلام باسيل بالصميم، هل كانوا جميعا فاعوا كالأفاعي في لحظة؟، ولو كان أصلا كما يزعمون، أي لو كان جيران باسيل حقا فاسدا ومرتكبا ومذنبا كما يسوقون بلا دليل إلا الحقد، أما كانت النتيجة الطبيعية، أن يصادقوه ويحالفوه ويدافعوا عنه ويتملقوا له، تماما كما يفعلون مع جميع الفاسدين والمتورطين والراشين المعروفين بالاسم في كل البلاد؟.

وإذا قاطعت وسائلهم الإعلامية الرأي الآخر، هل نرد بغير الصمود على ما نحن عليه من حرية وصدق والتزام؟.

في النهاية، إذا صرنا مثلهم، لا معنى لوجودنا. فنحن مع ميشال عون لأنه ليس كالآخرين، وتياره لن يكون. أكاذيبكم ندوس عليها فنرتفع، وشتائمكم لا نخسر عليها لحظة من وقتنا، وقلة أخلاقكم لا تستحق منا حتى بصقة. استحلينا شخص واحد يناقش بالمضمون. كلو تهجم بالشخصي وتجريح بالناس، ربما للتغطية على فراغ. فراغ في بعض العقول، وفي مخططات البعض التي أفشلها الصمود قبل أيام. الحالة العونية ليست تفصيلا في هذا البلد. أما سائر الأخبار، ففي سياق الأخبار.

******************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أم تي في”

نهاية الأسبوع مرت هادئة، لكنه قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة. فالأسبوع الطالع يحمل استحقاقا كبيرا للبنانيين يتعلق بالحكم البدائي الصادر عن المحكمة الدولية. ويتزامن الحكم المنتظر مع تحول لبنان قاعدة عسكرية، بكل ما في الكلمة من معنى. ففي مرفأ بيروت المنكوب أساطيل وجيوش وفرق تحقيق أجنبية، وفي مطار رفيق الحريري الدولي جسور جوية بشكل شبه دائم.

إنه مشهد ذكر كثيرين بما حصل في العام 1982 مع مجيء القوة المتعددة الجنسية إلى لبنان، وكانت مهمتها الأساسية الإشراف على انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من الاراضي اللبنانية، ما فتح الواقع المحلي على أفق جديد، إذ أن لبنان ما بعد العام 1982 اختلف جذريا عما قبله. فهل نحن حاليا أمام تحول جذري في لبنان؟، وبأي اتجاه؟، وهل كل هذه القوى التي جاءت لبنان تحت ستار إنساني ستبقى مهمتها محددة بالإطار الإنساني البحت، أم أنها ستتحول قوة بمهمات ووظائف اخرى؟.

الإجابة متروكة للأسابيع المقبلة، علما أن كل المؤشرات تنبىء أن لبنان ما بعد الرابع من آب لن يعود كما قبله، وهو أمر يتزامن مع تغيرات تحصل على صعيد الإقليم والمنطقة.

غياب الحركة السياسية في نهاية الأسبوع لم يحجب المواقف السياسية البارزة. فرئيس الجمهورية ميشال عون، سئل في مقابلة أجراها مع تلفزيون فرنسي عما إذا كان يمكن لبنان ان يحذو حذو الامارات وتوقيع اتفاق مع إسرائيل، فأجاب: ca depend، وهو جواب ملتبس ويحتمل أكثر من تفسير.

الموقف المذكور لا يلتقي البتة مع موقف رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي أكد في مؤتمر صحافي أنه يقف مع “حزب الله” ولو كان الثمن عقوبات تفرض عليه، ما يعني أنه في خط المقاومة في محاربة إسرئيل. فأي موقف من الموقفين نصدق؟، وهل يمكن الحديث هنا عن تناقض أم عن توزيع أدوار؟.

التناقض بين عون وباسيل قابله تناقض مماثل بين باسيل والبطريرك الراعي. ففي حين طالب البطريرك الراعي بإجراء انتخابات نيابية مبكرة من دون التلهي بسن قانون انتخابي جديد، فإن باسيل دعا إلى مجلس نواب بقانون جديد نسبي ويرتكز على دوائر أكبر، معتبرا أن الانتخابات بمثل هذا القانون ممكنة بعد سنة. وهو طرح غير واقعي، لأن فتح ملف قانون الانتخابات يعني فتح مشكلة جديدة قد يستغرق حلها سنوات طويلة.

صحيا، فيروس كورونا يواصل تمدده، وهو تخطى اليوم عتبة ال 400 إصابة، وعدد الإصابات مرشح مبدئيا للتصاعد في الأيام المقبلة. الواقع المذكور دفع وزارة الصحة، كما علمت ال “ام تي في”، إلى اتخاذ سلسلة قرارات قاسية للمواجهة، ستعلن عنها في الساعات المقبلة. وهي تدابير تبدأ بعزل أقضية أو محافظات معينة ومحددة، وصولا ربما إلى إعادة عزل البلد بأكمله. في الوقت عينه، فإن وزارة الصحة أوصت على مستشفى ميداني تحسبا للسيناريوالأسوأ. فهل نكون على قدر المسؤولية في المرحلة المقبلة، أم أن استلشاقنا ولا مبالاتنا سيؤديان بنا حكما إلى السيناريو الأسوأ والأسود؟.

*****************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أل بي سي آي”

جاؤوا جميعهم، غادروا جميعهم، واللبناني متروك لقدره. آخر المغادرين وكيل وزارة الخارجية الأميركي دايفيد هيل، بالتوازي مع مغادرة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ووزيرة الجيوش الفرنسية لورانس بارلي.

دايفيد هيل غادر، في انتظار مجيئ ديفيد شينكر آخر الشهر، وكان كلامه صارما لاسيما في الكلمة المكتوبة التي تلاها بعد لقائه البطريرك الماروني، فهل الجواب الذي ينتظره، سواء بالنسبة إلى الحكومة أو إلى ترسيم الحدود، يعطى لزميله ديفيد شينكر أواخر هذا الشهر؟.

بالتزامن مع وصول شينكر، سيكون في بيروت أواخر الشهر أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بدوره ينتظر موقف السلطة السياسية في ما يتعلق بالحكومة الجديدة.

وفيما غادر الجميع، بدأ السياسيون اللبنانيون والمراجع، مرحلة مراجعة:

رئيس “التيار الوطني الحر”، الذي استثناه ديفيد هيل من لقاءاته، كأنه يستشعر خطوة عقوبات أميركية عليه، استبق هذه الخطوة الفرضية ليسلم بها ويقول “يلوحون لنا بفرض عقوبات، أنا شخصيا من دون تردد مستعد لأتحمل الثمن”. في موضوع الحكومة، أبدى باسيل زهدا بالمشاركة فيها من خلال قوله: “ما حدا يتحجج فينا ليؤخر التشكيل، موقفنا واضح: أنا شخصيا من زمان بطلت معني بالوزارة وما عرفت كيف تحررت من عبئها الشخصي عليي”.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وضع حدا للمطالبين باستقالته، فجزم أنه ليس في وارد التفكير بمغادرة السلطة، لأن ذلك يحدث فراغا في الحكم.

في المقابل، وفيما وضع البعض ولاسيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، مطلب تقصير ولاية المجلس النيابي، في خانة المؤامرة، كان لافتا الموقف المتقدم للبطريرك الماروني بالمطالبة بالإسراع إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، من دون التلهي بسن قانون جديد، وإلى تأليف الحكومة الجديدة، كما يريدها الشعب، الذي هو مصدر السلطات ويحتاجها واقع لبنان اليوم، فالشعب يريد حكومة تنقض ولا تكمل.

تحدث كل هذه التطورات السياسية، في وقت سيكون الأسبوع الطالع من الأسابيع المفصلية لجهة تطوراته المرتقبة: فبعد غد الثلاثاء، تلفظ المحكمة الدولية حكمها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والجميع في حال انتظار ثقيل لما سيكون عليه رد فعل الرئيس سعد الحريري الذي توجه إلى لاهاي، كذلك رد فعل الشارع، وليس سرا أن مسار التسمية لرئاسة الحكومة وعملية التشكيل ستتأثر بشكل أو بآخر بطبيعة ردات الفعل.

الملف الثاني هو ملف التحقيق في انفجار المرفأ، ويفترض أن يستمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان تباعا إلى وزرء الأشغال المتعاقبين منذ دخول باخرة نيترات الأمونيوم مرفأ بيروت.

على مستوى المناطق المنكوبة، يخشى أن تبرد الهمة الدولية في تقديم المساعدات، في وقت تقف السلطات اللبنانية عاجزة، والمنكوبون على أحر من الجمر لمعرفة كيفية المساعدات، إذا توافرت، وآلية توزيعها.

الدول منهمكة بملفاتها واستحقاقاتها: من ملف الانتخابات الأميركية إلى ملف النزاع الفرنسي- التركي حول ليبيا، إلى ملف التطورات المتسارعة في تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وأحدث الخطوات اليوم أن مزودي خدمات الاتصالات في الإمارات رفعوا حظر الاتصالات الواردة من أرقام تحمل رمز الهاتف الدولي لإسرائيل. في وقت توقع وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين اليوم الأحد، أن تحذو البحرين وسلطنة عمان حذو الإمارات في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. كما لمح إلى اتفاقات سلام مع دول أخرى في أفريقيا وعلى رأسها السودان.

تحدث كل هذه التطورات فيما لبنان يفتش في لغز العنبر رقم 12، وفي تحول مناطق بكاملها إلى مناطق منكوبة، تتكاثر فيها الأسئلة الإنسانية والسياسية، وتقل فيها الأجوبة.

*****************

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”

ما بين مدينة أفلاطون الفاضلة وجمهورية الفارابي الأكثر تفضيلا، ظهر جبران باسيل ضمن سلسلة “لا.. ما غلطنا”. وبفرق دقائق عن الظهور الإشعاعي لرئيس “التيار”، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يدون توقيعه على سلسلة “لم أعلم” المشتقة من عنابر بيروت.

وفي مقابلته الفرنسية، رأى رئيس الجمهورية أن كل الفرضيات حيال الانفجار لا تزال قائمة، وأن الجميع كانوا على علم بوجود مواد النيرات في المرفأ، محملا إياهم المسؤولية، لكنه لم يحمل شخصه المسؤولية، كرئيس للبلاد أولا، ومترئس لمجلس الدفاع الأعلى ثانيا، وكمضيف يفتح أبواب قصر بعبدا يوميا لمدير عام الجمارك بدري ضاهر ثالثا.

ذكر عون مسوؤلي المرفأ وحيد مسؤولي الجمارك. وبدا أن كل هاجسه هو بدري المقيد “بكلبشة”، والظاهرة معالمه على جدران القصر غيابيا. وبتأكيده أنه حول التقارير التي وصلته في العشرين من تموز، لم يبادر رئيس الجمهورية بعد هذا التاريخ إلى السؤال عن قنبلة موقوته أحالها إلى روتين الإدارات العفنة. ولم يسأل عما إذا كانت ستنفجر وتدمر بيروت.

وكان عون ضنينا على الفراغ الرئاسي من بعده إذا استقال. ولم يخبر المذيعة الفرنسية أن هذا الفراغ إنما تسبب به شخصيا، عندما رهنت الرئاسة سنتين ونصف السنة في انتظار وصوله إليها.

أقل من نصف ساعة من وقت الرئيس، رفع فيها المسؤوليات داخليا، لكنه تمسك بأدبيات دبلوماسية خارجيا، وبالسلام المشروط بثابتة استرجاع الأرض من إسرائيل. أما ساعة باسيل فقد تعطلت داخليا وتمايزت إقليميا ودوليا، إذ قدم مطالعة دقيقة “ولم يغلط” في ملفات النزوح السوري والموقف من إسرائيل ومفهوم السلام ومسألة الإرهاب، بما فيها من تهديم للكيان اللبناني والنظرة إلى المحكمة الدولية والتعاطي مع الشرق والغرب، قائلا: “الحرية ما بيحبوها في الخارج، بدهن زلم ونحنا مش زلم لحدا”، فمصالح الخارج الكبير لا تكفيها الصداقات، وهي بحاجة إلى شيء مطواع يغلب المصالح الخارجية على المصلحة الوطنية، “وساعتها بتصير الصداقة شي بيشبه العمالة”.

وكشف أن المطلوب منا اليوم المشاركة في الحصار الخارجي والداخلي على “حزب الله”، وعزل مكون لبناني “ما بنمشي فيه حتى لو كلفنا غالي”. وأضاف: يلوحون بفرض عقوبات “وأنا شخصيا مستعد إتحمل الثمن”، وعندما تكون القصة داخلية “منتخانق مع حزب الله لحد الفراق على مسألة بناء الدولة”، أما في الخارج فلا أحد يراهن على أن نكون عملاء.

استراتيجية باسيل الدفاعية، أحكم فيها السيطرة على ترسيم المواقف الوطنية. لكن باسيل زرع عبوات ناسفة في الملفات المحلية التي تشارك فيها السلطة خمسة عشر عاما. وجبران كما العم “بي الشعب”، مسؤولان عن بلد لا يعرفان عنه قنبلة موقوتة، يتدخلان ولا يتدخلان، وهما مع المحاسبة إلا تجاه بدري.

الإهمال معروف وموثق ويتطلب تحقيقات سريعة بالنسبة إلى رئيس “التيار”، لكن “التيار” نفسه عطل تعيين محقق عدلي عبر وزيرة العدل لأسبوع، اسم يطرح وآخر يطير، الكل يجب أن يكون تحت سقف التحقيق، لكن باسيل يفرق بين “يلي اكتشف ونبه وراسل ويلي عارف وسكت وأهمل”، كما قال. ما يعني أن جبران يقدم تمييزا حيال المتهمين، مرفقا بعبارة “نحن لا نحمي أحدا” ولا نتدخل.

تدخلتم وأشرفتم، وقبلها عطلتم تشكيلات قضائية لا تزال حتى هذه الساعة في أدراج الرئيس تحيطها فلسفة سليم جريصاتي. تدخلتم ولم تقصروا في الإعلام، كما ادعى رئيس “التيار”، لا بل إن نواب تكتل “لبنان القوي” ينتشرون يوميا على الشاشات “حبة ظهرا حبة مساء”. قصرتم في كل الملفات إلا الإعلام، “غلطتوا” بكل شيء إلا الإعلام الذي أصبح اليوم بالنسبة إليكم إعلاما مأجورا يستهدفكم، فإذا كانت خلافاتكم مع “القوات” قد بلغت مراحل اللاعودة، لا تحملوا المؤسسات الإعلامية وزر فشلكما معا، إذ أن الإعلام ينقل وجع الناس ومعاناتها وغضبها، وهذه هي المساحة الوحيدة التي بقيت للبنانيين بعدما سقطت مؤسسات الدولة.

=====================