قرطبا تودع شهداءها الثلاثة بـ “عرس أبيض”…


ودعت بلدة قرطبا وبلاد جبيل في مأتم مهيب شهداءها الثلاثة من فوج اطفاء بيروت شربل ونجيب حتي وشربل كرم الذين قضوا في انفجار المرفأ،

وترأس راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صلاة وضع البخور لراحة انفسهم خلال قداس اقيم في كنيسة سيدة الحرزمانية في البلدة عاونه فيه المونسنيور بول كرم وكاهن الرعية الخوري شربل شليطا ولفيف من الآباء والكهنة، في حضور النائبين زياد الحواط وسيمون ابي رميا، فراس الحسيني ممثلا النائب مصطفى الحسيني، الوزير السابق سليم الصايغ ممثلا رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب السابق سامي الجميل، النائب السابق فارس سعيد والنائبة السابقة مهى الخوري اسعد، رئيس مركز امن عام قرطبا الرائد روجيه الخوري ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، المحامي عماد مارتينوس ممثلا نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف، رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل رئيس بلدية قرطبا فادي مارتينوس واعضاء المجلس البلدي ومخاتير البلدة، الملازم اول ريمون فرح ممثلا قائد فوج اطفاء بيروت، رئيس اقليم جبيل الكتائبي رستم صعيبي، منسق قضاء جبيل في القوات اللبنانية هادي مرهج، المدير الاقليمي لقضاء جبيل في المديرية العامة للدفاع المدني شكيب غانم عائلات الشهداء واقاربهم ورفاقهم ووفود شعبية من قرى بلاد جبيل وفاعليات.


بعد الانجيل المقدس القى عون عظة نقل في مستهلها تعازي البطريرك الراعي لاهالي الشهداء والحاضرين وقال: “هؤلاء الشباب التي ابتسمت لهم الدنيا، تبتسم لهم السماء اليوم، انا معكم اليوم كأب روحي لهذه الابرشية اودع معكم اولادا لي وفي الوقت ذاته انقل لعائلات الشهداء تعازي البطريرك الراعي الذي كلفني بترؤس الصلاة لراحة انفسهم فهو يصلي ويبكي معنا على فقدان هؤلاء الابطال”.
اضاف: “ليست قرطبا وحدها تبكي اليوم على فقدانها خيرة شبابها ولكن لبنان بأسره يبكي ويشارك في وداع الابطال منذ انطلاق موكب الجثامين من فوج الاطفاء في بيروت وصولا الى بلدتهم”.
وتابع: “هؤلاء الابطال ماتوا مع رفاق لهم والعديد من الضحايا بينما كانوا يقومون بواجباتهم، ولكن في الوقت عينه، ماتوا نتيجة الاهمال وعدم الاهتمام بالانسان وعدم تحمل المسؤولية بالمطلق نتيجة الفساد في وطننا حيث نحن مدعوون جميعا لمحاربته، فعندما نعود ونضع قيمة الانسان في الاولوية، الذي من اجله تجسد ابن الله على ارضنا واخذ طبيعتنا البشرية ليقول لنا كم ان قيمة الانسان المخلوق على صورة الله ومثاله كبيرة جدا، واي اهمال او اجحاف بحق الانسان هو بحق الله بالذات لانه شاركنا بانسانيتنا وبشريتنا لكي يقول لنا مجددا كم ان قيمة الانسان كبيرة، وخطيئتنا تكون كبيرة ايضا في كل مرة نهمل الانسان ونفكر بمصالحنا الشخصية”.


واردف: “اردنا في وداع احبائنا ان نحتفل بعيد انتقال امنا مريم العذراء بالنفس والجسد الى السماء، لان في كل سنة كان هؤلاء الشهداء يأخذون اجازاتهمم السنوية من عملهم للتحضير روحيا واجتماعيا وايمانيا للاحتفال بهذا العيد في بلدتهم، لانهم كانوا يعتبرون “سيدة الحرزمانية” بيتهم، وهذه السنة وللمرة الاخيرة نحتفل معهم بالعيد بصلاة وداعية ونودعهم برجاء كبير وايمان اكبر ليرقدوا في تراب بلدتهم قرطبا التي احبوها، لان ايماننا بيسوع المسيح المنتصر على الموت يعطينا رجاء اكبر من الموت”.
وقال: “مهما كان حزننا كبيرا فجواب الرب انه مات على الصليب مذلولا ومظلوما حاملا خطايا العالم لكي يحقق الخلاص، وهؤلاء الشهداء حملوا خطايا لبنان والمسؤولين فيه لذلك يليق بهم ان نودعهم يإيماننا بيسوع، لاننا نؤمن انهم يعبرون اليوم الى الحياة الحقيقية ليكونوا مع المسيح المنتصر على الموت”.
واضاف: “هذا العيد ايضا، هو سبب رجاء كبير، لان العذراء التي هي من طيفنا والتي عاشت الايمان وكانت امينة لدعوتها منذ ان دعاها الملاك وقال لها “الرب اختارك لكي تكونين أما لابنه المتجسد على ارضنا واملأها من النعم” مريم الخائفة والتي لم تفهم هذا الكلام قالت ” ها انا امة الرب فليكن لي بحسب قولك” وهذه النعم التي قالتها حافظت عليها في حياة من الايمان والتواضع والصلاة وبقيت امينة حتى عند اقدام الصليب وحي تودع ابنها الذي مات معلقا على الصليب من اجل خلاص العالم ، ولطهارتها وايمانها وامانتها استحقت هذه النعمة بأن لا يعرف جسدها الفساد، ولكن تعبر عند ساعة موتها عن هذا العالم لتكون الى جانب ابنها في المجد، لذلك هذا العيد هو سبب الرجاء لكل مؤمن لاننا نحن ايضا من خلال المعمودية امتلأنا من النعم وعدنا واصبحنا ابناء للآب السماوي، ودعوة الله لنا انه اذا عشنا على مثال العذراء بهذا الايمان الذي من خلاله يسعى كل يوم للعمل بارادة الرب يكون نصيبنا مع العذراء، وصحيح انه في القيامة الاخيرة بسبب الخطيئة الاصلية ولكن نصيب المجد هو معد لكل واحد منا”.
وتابع: “اليوم نصيب هذا المجد معد لشهدائنا الذين نودعهم لانهم بدمائهم التي قدموها وبمحبتهم للوطن وللانسان فيه، ولاندفاعهم ووجودهم الدائم للخدمة قرب الانسان المتألم، فهذه كلها علامات ايمانية، لذلك جسدهم الذي مزقه الانفجار سيكون ممجدا في السماء، هذا هو ايماننا وهذا يعطينا العزاء الايماني امام هذه المأساة الكبيرة، وامام هول المأساة وحزن الاهل والاقارب والمحبين لاسيما لزوجة وطفلي شربل كرم اللذين ما زالا بحاجة الى حنان الاب ، وحده الايمان يدفعنا لان نرفع رأسنا مجددا، ويعطينا الرجاء الحقيقي لوطننا لبنان”.
واردف:”نحن اليوم لا نبكي فقط شهداءنا وكل الابرياء الذين سقطوا جراء الانفجار، والجرحى، والذين دمرت ممتلكاتهم، ولكن مع هؤلاء الابطال نبكي لبنان الذي يستأهل شعبه وطننا افضل مما هو عليه، وهذا الشعب الذي وضع ثقته بالمسؤولين الذين اختارهم يستأهل ان يتحملوا المسؤولية كل من موقعه، وان يحاسب كل من قصر وتسبب بهذه المأساة الكارثة التي وقعت، لانه من دون محاسبة لا تبنى الاوطان وكذلك العائلة، لذلك نحن مدعوون للتكاتف مع بعضنا البعض وان تبقى ثقتنا كبيرة بوطننا لبنان، فالاستسلام ممنوع، وبيع الوطن ممنوع والتخلي عنه ايضا ممنوع، لذلك سنبقى متمسكين به وسنسائل دوما المسؤولين لكي يتحملوا مسؤولياتهم بدءا بأصغر مسؤول الى قمة الهرم فخامة رئيس الجمهورية مرورا بالوزراء والنواب والمدراء العامين والمسؤولين العسكريين والامنيين، فان لم يتحمل كل واحد منا مسؤوليته ويقوم بفحص ضمير من اجل انقاذ وطن الارز وطن الله المذكور 75 مرة في الكتاب المقدس لن يبقى لنا وطن انما يبقى بهمة ابنائه جميعا، لذلك امام هول المأساة نبكي لكننا لا ولن نركع ونستسلم، ستبقى عزيمتنا كبيرة بأننا سننقذ وطننا وسنبنيه بتضامننا ومسؤوليتنا ومحبتنا جميعا، وعندها ترتاح نفوس شهدائنا والضحايا وكل الابرياء لانهم يعرفون عندها ان دماءهم لم تذهب سدى، وكما كان دعم المسيح البريء اصبح كفارا عن كل خطايا العالم، نحن نأمل ان تكون دماء الضحايا البريئة فداء عن لبنان وثمنها عودة بناء الوطن على العدالة والامانة والمسؤولية واحترام الانسان والمؤسسات والدستور، فنطمئن عندها ان دماء الشهداء لم تذهب سدى”.
وختم: “نصلي جميعا مع اهل هذه البلدة التي قدمت 4 شهداء من افضل شبابها بعد ان ودعت في الايام الماضية ابنها الشهيد جوزف روكز الذي استشهد ايضا جراء الانفجار، نصلي الى الرب طالبين منه النعم التي نحن بحاجة لها على المستوى الفردي والوطني والعائلي وان تكون المأساة التي نمر بها مناسبة لاعادة بناء الوطن والانسان فيه، وليعطينا الرب الصبر والايمان لانه امام هول المأساة وفقدان المعنى، وحده الرب عندما يعطينا نعمته هي التي تعمل الفرق، فتعود وتعطينا الثقة والقوة ليتابع كل واحدا منا المسيرة في زرع المحبة في المكان الموجود هو فيه، ونصلي ايضا الى أمنا العذراء لتبلسم قلوبنا ولقيامة شهدائنا في الملكوت السماوي وقيامة وطننا من كبوته”.

وبعد القداس القيت كلمة شكر باسم اهالي الشهداء لكل من “واساهم في مصابهم الاليم”، ثم القى الشاعر حبيب بو انطون قصيدة رثاء وووري الشهداء في مدافن العائلة. وكان موكب جثامين الشهداء انطلق صباحا من مقر فوج الاطفاء في بيروت وتوقف في بلدات جل الديب، جونية، غادير، نهر ابراهيم، فتري، عين الدلبة، علمات، وصولا الى قرطبا حيث انزلت النعوش المغطاة بالعلم اللبناني على وقع التراتيل والصلاوات ونثر الورود والارز والقيت الكلمات والقصائد في وداعهم عبرت عن معاني الحزن والاسى لاستشادهم.