دريان يرفض الحياد


قال مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في رسالة وجهها الى اللبنانيين لمناسبة حلول رأس السنة الهجرية، ان “اليأس بلغ باللبنانيين مبلغه إلى حدّ البحث اليائس عن حل لمأساتهم أو صيغة أو نظام أو تأمين الحد الأدنى من الاستقرار والأمان والعيش الكريم، ويتساءلون: أين الدولة؟ أين المفر؟ ونحن لم نبن وطنا ولا دولة، فكيف يكون حياد وما من ولاء للوطن؟ وكيف يكون حياد في غياب دولة ونظام عام واحترام للدستور وتطبيق للقوانين، واحترام للسيادة، وتمسّك بالاستقلال؟ أنبني من الخوف سياجاً، ومن القهر حصناً، أو نرجو من الضعف قوة؟ إنها مسالة إيمان بالحق والعدالة حق الإنسان أن يعيش حراً كريما، وحق الشعب بالأمان والاستقلال وتقرير المصير” .
وأضاف: “قد لا نحتاج إلى الحياد إذا بنينا دولة قوية وعادلة ومعززة بالوحدة والتماسك الداخلي، وبالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومتوجة بالعيش المشترك الآمن، فهذه الدولة تغنينا عن كل حياد، لأنها تشكّل سياجا وطنيا قوياً وحماية كافية. أما إذا بقينا على انقسامنا ولم نبن دولة، فلن يُفيدنا أي حياد حتماً ولن نخرج من نفق التمزق والتشرذم والحقد والعداء” .
وسأل “ما قيمة الحياد إذا كان المسؤول لا يقيم وزنا لمفهوم الاستقلال والسيادة، ولا يدرك معنى أو مضمونا لمفهوم الدولة والحكم الرشيد والحرية ولا يعرف كيف يجنّب بلاده وشعبه التورط في الحروب والانقسامات والنزاعات، والصراعات الفئوية، والمحلية، والإقليمية والدولية، فيستدرج الدول إلى ساحاته ومدنه ومؤسساته، ويستجدي القوى الإقليمية والكبرى، التدخل في شؤونه، بدل أن يعمل على التزام دستور بلاده، واحترام القوانين، والقيام بكل ما يؤدي إلى تعزيز وحدة الشعب، وأمن المواطنين، واحترام المؤسسات وإغناء الوفاق الداخلي، وتدعيم قواعد العيش المشترك وبناء الدولة واحترام قيم الحق والعدالة والمساواة، وتأكيد أهمية الولاء الوطني . حتى مبدأ النأي بالنفس وهو الوجه السياسي لنظام الحياد القانوني الذي تم التوافق عليه وتحوّل التزاماً في البيان الوزاري للحكومة، انقلبنا عليه ولم نحسّن التعامل معه، فعدنا لنطرح الحياد بديلا، حيث ضاقت الخيارات تحت ضغط المآسي والنكبات والانفجار الكبير”.