الجمر فوق الرماد


تتجدد مظاهر ومآثر السلاح المتفلت فصولاً على الساحة الوطنية، وبالأمس “لعلع” بقاعاً وساحلاً ليحصد مزيداً من الخسائر البشرية والمادية، بينما الدولة لا ينطبق عليها سوى القول المأثور: “يا غافل إلك ألله”.

فمنحي الشروانة في بعلبك حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة النارية والقذائف الصاروخية، إلى خلدة حيث كان المشهد دموياً على وقع معركة حقيقية بين مسلحي “حزب الله” وعشائر العرب أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وحرق ودمار، تبدو السلطة بأجهزتها الرسمية ملتزمة دور “شيخ الصلح” بين المتقاتلين ليقتصر حضورها على استحضار تعزيزات أمنية وعسكرية إلى مكان الاشتباك بعد أن يكون المسلحون قتلوا من قتلوا وحرقوا ما حرقوا وروّعوا الآمنين في منازلهم.
لكن أمام حدة الاقتتال المسلح في منطقة خلدة، بات اللبنانيون ليلتهم أمس على “كف عفريت” فتنوي، لاسيما وأنّ التوتر السني – الشيعي في المنطقة تمدد بتداعياته وهواجسه إلى أكثر من منطقة في بيروت وعكار وصولاً إلى المناطق الساحلية في السعديات والناعمة والدامور، ما اضطر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى تفعيل قنوات التواصل غير المباشر بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” لتطويق الوضع، بالتوازي مع فرض طوق أمني وعسكري ميداني عند محاور القتال.
وعلى الأثر، تسارعت الاتصالات السياسية والأمنية في أكثر من اتجاه لتبريد الأجواء، غير أنّ مصادر مواكبة عن كثب لإشكال خلدة أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ الإشكال الذي اندلع “على خلفية استفزازات ولافتات عاشورائية في المنطقة، بلغ مستويات بالغة الحساسية والخطورة بين عشائر العرب و”حزب الله” ولا بد بالتالي من بذل جهود جبارة لاحتواء التوتر السائد بينهما”، محذرةً من أنّ “الجمر أصبح فوق الرماد، وفي حال عدم مسارعة المعنيين إلى تطويق ذيول ما حصل (ليل الأمس) فإنّ هناك خوفاً حقيقياً من تجدد الاقتتال في أي لحظة وتمدد نيرانه على أكثر من محور”.