الثلاثي الوقح

مخيف، بكل ما للخوف من معنى، كيف التفّ ثلاثي “الشيعية السياسية”، نصرالله وبري وعون، ومن لفّ لفّهم، كيف التفوا على الحدث الجلل، وكيف عكسوا مجرى الأحداث. ما حدث بعد أيام من الإنفجار الكبير، في المواقف السياسية، لا يقل ضرراً عن الانفجار بذاته. بعد مواقف “الشيعية السياسية” برؤوسها، نصرالله وبري وعون، يستحق هذا النظام ثلاث رصاصات في رأسه، حتى نتأكد أن لا رجوع إليه. باختصار، رضي القتيل ولم يرضَ القاتل.

حتى عبد الناصر، المستبد، قام بمسرحية الاستقالة بعد حرب ١٩٦٧ قبل ان يرجع عنها “تحت ضغط الجماهير”.

ماذا قال ثلاثي “الشيعية السياسية”؟

عن سمير جعجع بشكل خاص، رأس الحربة كما وصفوه. ماذا قالوا عندما طالب، وسعى الى أقل الإيمان؟

تقصير ولاية البرلمان، وانتخابات مبكرة، وحكومة مستقلين. قالوا أنهم أفشلوا مؤامرة جعجع لإسقاط الدولة! قالوا لا انتخابات مبكرة، ولا حكومة مستقلين. بمعنى آخر تعاملوا مع هذا الحدث التاريخي، كأن قارورة غاز انفجرت. ووصلت الوقاحة بأحدهم بأن هدد بانقلاب، وبآخر بأن حاضر بالعفة السياسية. بعد ما قالوا وفعلوا، يريدون أن يكون ما بعد ٤ آب كما كان ما قبله. وهنا الجريمة الكبرى.

جريمة كبرى إذا مشينا في لعبتهم المؤدية الى الجحيم. كيف يمكن أن نصبر على نظام، ورموزه يريدون ختم الجريمة، بكلمات عزاء، وكيس أدوية، وبلوح زجاج؟

ثلاثي “الشيعية السياسية”، الذي أصابنا بالطاعون، وعزَلنا عن العالم، والذي أصابنا بالإفقار، والذي أصاب مؤسسات الدولة بسرطان العجز والفساد، يقف على أنقاض منازلنا، ويهدد! هذا الثلاثي يريد من جعجع والأحرار من اللبنانيين، أن يقفوا مكتوفي الأيادي، أمام ثلاثي يمسك بعقارب الساعة، ولا يريد أن نتقدم إلى المسقبل، والأوقح يريد إعادة عقارب الساعة، الى عصور التخلف والظلام. يرفع البطريرك الراعي لواء الحياد، واللامركزية، فيُتهم.

يقول العالم الدولة مصابة بالطاعون وسنعطي المساعدات مباشرة للناس، ولا يخجل الثلاثي ومن لفّ لفّه من أنفسهم. بالعبارة الصريحة: لقد أسقطتم الشراكة الوطنية، ولسنا من طينة من يقبل بشراكة الإذعان. لم تصلوا بإنجازاتكم الى خصر “المارونية السياسية” على ما شابها من أخطاء. أنتم لا تعرفون بناء الدولة. مفهوم الدولة المعاصرة غريب عن ثقافتكم، عن عقيدتكم، عن ممارساتكم. نموذجكم دولة ايران الأسلامية، والشعب الإيراني يكرهكم.

أنتم أغبى من حارب إسرائيل، يكفي لطالب مستقل، سنة أولى في العلوم السياسية، أن يسمع ويقرأ تحليلاتكم في تكديس الانتصارات، حتى يستنتج أنكم تحتاجون الى “الحجر” في سجن أو مصحة! تحالفكم مع “الحالة العونية”، تحالفٌ مع “مدّعي صفة”. أما أنتم يا “مدّعي الصفة”، حاولتم تدنيس دماء شهداء المقاومة اللبنانية، في نضالهم ضد الفلسطينيين والنظام السوري، فانتقم لهم التاريخ، بأن ألقاكم في شباك نظام الأسد، و”المقاومة الإسلامية في لبنان”. لقد تاجرتم “بربطة خبز” الناس، فجاع الناس، وهدمتم أهراءات القمح وبيوت بيروت على رؤوسنا. أنتم يا “مدعي الصفة”، يا من تقولون إن حرباً كونية تُشن ضدكم، وجيوش إلكترونية تهاجمكم، أولاً متى كان الكون مهتماً بمدعي الصفة؟

مجرد تكراركم هذا الكلام يؤكد لطالب مستقل، سنة أولى علم نفس اجتماعي، أنكم في مصابون بالبارانويا. ثانياً لا تتذمروا من الجيوش الإلكترونية، فتشويه السمعة مهنتكم، الآن تنتقم منكم ” الجثث الخيالية” على أتوستراد حالات، الآن تُرمى في وجوهكم “ربطة الخبز الوهمية” التي طالب وزير الإقتصاد حينها من رئيسكم أن يوقف تهريبها، حيث حاجز الجيش هو الحاجز الأخير على خطوط التماس القديمة. الآن ترفسكم “الأقدام التهجيرية” بعدما لم يتحرك قائد الجيش لينتشر بعد انسحاب إسرائيل من الجبل، يومها تذرع أن الأمر السياسي لم يصدر ليتحرك، يومها ارتضى أن يكون العبد المأمور، بعدما تواصل مع السوريين، ولكن يوم جرت الرياح بعكس ما اشتهى فتح حرباً ولم يسأل أحداً. حرب هجّرت الى الخارج أضعاف من تهجروا في حرب الجبل الى الداخل. واليوم وبعد انفجار بيروت الذي قال عون أن مستشاره العسكري عرف به وأحاله الى ميشال عون، رئيس مجلس الدفاع الأعلى! هل تعرفون عدد العائلات التي تنتظر تأشيرات لهجرة طويلة؟

ثم بكل وقاحة، رئيسكم، الثالث في ثلاثي الشيعية السياسية، يشرح لنا كيف أنه ينتظر الإتصالات الداخلية والخارجية، ليدعو الى استشارات نيابية ملزمة تأتي برئيس حكومة، يكمل عهده الميمون. وكفى الله المؤمنين شر القتال!

أمجد اسكندر