الانتخابات الفرعية دونها عقبات… والكتائب أول المحرَجين

لم يكن النواب الثمانية الذين قدّموا استقالاتهم يتوقعون ان تلجأ الحكومة المستقيلة او خليفتها الى اجراء انتخابات فرعية في دوائرهم لأنهم كانوا يريدون او يطمحون الى ان تقدِم كتل كبرى في حجم “القوات اللبنانية” و”المستقبل” و”اللقاء الديموقراطي” على الفعل نفسه. ولو عملت الاخيرة على تقديم الاستقالات لا يعود البرلمان قادراً على الاستمرار. ولذلك عمد الرئيس نبيه بري الى احباط هذه المؤامرة وتعطيلها، والتي كانت ستقود بعد استقالة الحكومة و”تطيير” مجلس النواب الى صدور دعوات ايضاً الى الضغط على الرئيس ميشال عون واجباره على تقديم استقالته.

من جهته، وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي قام بواجباته التي توجب على وزارته اجراء انتخابات فرعية ولو في ظل حكومة مستقيلة، حيث تفيد اكثر الآراء الدستورية أن بامكان الحكومة في هذا الوضع اجراء انتخابات شاملة وليس الفرعية فحسب. وكان فهمي قد وقّع مرسوم الدعوة للانتخابات الفرعية ورفعه امس الى الرئيس حسان دياب. واستعدت دوائر الوزارة لهذه العملية وهي لا تخفي الصعوبات التي تعترضها، ليس على المستوى اللوجستي والتحضير لها فحسب، انما تحتاج الى اعتمادات مالية لابأس بأرقامها، اضافة الى طرح اسئلة عدة من نوع: هل الاجهزة الامنية قادرة في هذا الوقت على مواكبة عملية الانتخابات؟ من دون نسيان واقع وباء كورونا الذي لا يفارق مخيلات المواطنين مع طرح اسئلة: في أي ظروف سيتوجه الناخبون، أقله في بيروت الاولى (الأشرفية) على سبيل المثال، وبيوت اكثرية الناخبين متضررة، اضافة الى عشرات المدارس والمؤسسات الرسمية غير المؤهلة لاستقبال الناخبين في هذه الدائرة. ومن يتجرأ على وضع أصبعه في قارورة الحبر بعد الانتهاء من الادلاء بصوته؟ كل هذه الاسئلة تشغل الاحزاب وابناء الدوائر التي شغرت فيها هذه المقاعد، ولا سيما ان الانتخابات ستكون على اساس الاكثري وليس النسبي لعدم وجود ثلاثة مقاعد شاغرة في الدائرة الواحدة.

اما في السياسة فثمة حسابات اخرى عند كل طرف سواء أقدم فريقه على تقديم الاستقالات، او منافسيهم في الدائرة الواحدة الذين يفكرون بالحلول في هذه المقاعد. وستكون اكثر المعارك، اذا حصلت الانتخابات، على أرض مسيحية. ولم يعرف الى الان كيف سيتعاطى النواب المستقيلون مع هذه الانتخابات. ويستعد ناشطون في المجتمع المدني، رغم انقساماتهم، للظهور في هذه المواجهة واستغلال تعقيدات الاحزاب واحراجها امام الناخبين، ولا سيما بعد تفجير مرفأ بيروت.

وتميل النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان للترشح في “الفرعية”، وتؤيد المواجهة للذود عن مقعد الارمن الارثوذكس الذي لا تغادره عيون حزب الطاشناق، اضافة الى ان يعقوبيان لا تريد ترك الساحة امام السلطة. وترى ان مواجهتها لا تكون في الشارع فحسب بل في صندوق الاقتراع ايضاً، وهي مع اي استفتاء جديد يشكل للمواطنين فرصة لجبه هذه “السلطة وشياطينها”، وان لا مفر من مواجهتها وخوض المعارك ضدها أياً تكن التحديات. لكن ثمة من سيسأل المستقيلين في حال مشاركتهم في الانتخابات: لماذا أقدمتم على الاستقالة ما دامت التركيبة البرلمانية على حالها؟

أما على مستوى الحزب التقدمي الاشتراكي، فستكون معركتة الفرعية سهلة في دائرة الشوف – عاليه حيث من المرجح ان يرشّح المحامي حمادة حمادة في مقعد النائب المستقيل مروان حمادة، وراجي السعد عن المقعد الماروني الذي كان يشغله النائب المستقيل هنري حلو. ولا خوف هنا على مرشحي التقدمي على اساس الاكثري، لكن الاحراج الكبير سيكون عند حزب الكتائب الذي استقال نوابه الثلاثة في المتن والاشرفية، لأن ثمة من سيخرج من قواعده للقول: ما الفائدة من هذه الاستقالة من البرلمان ولماذا هذه العودة؟ ومن سيضمن له استعادة مقعديه في المتن الشمالي اذا اقدم “التيار الوطني الحر” على مواجهة الكتائبيين، فضلاً عن مقعد نديم الجميل في الاشرفية. ولم يحسم الكتائبيون خيارهم من هذه “الفرعية” بعد، لكان لسان حالهم يقول قبل ان تثبت الحكومة موعد الانتخابات: اذا كان الاستفتاء بين الثورة والسلطة فسيختارون الاولى بطبيعة الحال. وتتجه الأنظار هنا الى “القوات اللبنانية” المعنية بهاتين الدائرتين، اضافة الى كسروان – جبيل بعد استقالة نعمة افرام وميشال معوض في زغرتا والذي يقول لـ”النهار” انه مع خيار الاستقالة الذي اتخذه و”حكماً لن أترشح” انسجاماً مع مبادىء “حركة الاستقلال” التي ستتابع جوجلة الموقف النهائي من هذه الانتخابات مع المستقيلين من الكتائب وآخرين والمجتمع المدني للخروج بموقف موحد منها. كذلك لم تحسم” القوات” خيارها النهائي في هذا الشأن، لكنها لن تقف متفرجة على المعركة اقله في المتن والاشرفية، وسيحتاج الكتائب الى نجدة “القوات” خشية سيطرة العونيين على المقعدين المارونيين في المتن، من دون ان ينسى المقعد الماروني الشاغر في زغرتا مع التحسب للحضور الكبير لـ”تيار المردة” في هذه الدائرة الشمالية.

ويبقى العونيون اكثر المطمئنين، على رغم الضريبة التي يدفعونها بعد تفجير المرفأ، الى هذه الانتخابات سواء حصلت أم لا، خصوصاً في المتن، وهي موضع درس جدي في صفوفهم. وحين اتخاذ قرار باجرائها يرددون: عندها لكل مقام مقال.

رضوان عقيل – النهار