افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الإثنين 24 آب 2020

 

افتتاحية صحيفة النهار

التكليف “رهينة” والفيتوات تطوق المسعى الفرنسي!

الاستحقاق الحكومي في دوامة أين منها تلك التي سبقت تكليف حسان دياب تأليف حكومة تصريف الاعمال الحالية، بل ان الدوافع التي تغلف مخاض الاستحقاق الراهن والتي تضغط بقوة استثنائية لاستعجال التكليف والتأليف، تبدو كأنها حوصرت بمناورات وتعقيدات مثيرة للريبة تقف وراءها في المقام الأول قوى سلطوية معروفة كما تؤازرها ضمنا تعقيدات من قوى المعارضة بل “المعارضات”. واذا كان الأسبوع الحالي سيشكل محكاً حاسماً نهائياً للدفع نحو تحريك الاستحقاق اقله في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف تأليف الحكومة الجديدة قبل الموعد المبدئي للزيارة الثانية بعد انفجار الرابع من آب في مرفأ بيروت التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت، فلم يعد سرا ان هذه الزيارة قد تكون أصبحت مهددة فعلا وجديا اذا مضت الأيام القليلة المقبلة على وتيرة دوامة المماطلة والعرقلة والمناورات والتعقيدات التي تطبع الاستحقاق الحكومي منذ استقالة حكومة حسان دياب. ولم يكن ينقص المشهد المأزوم والآخذ في اثارة المخاوف من افتعالات يراد منها الزج بالاستحقاق الحكومي في لعبة استرهان الكارثة اللبنانية في التجاذبات الإقليمية والدولية، سوى ان يطل هاجس التفلت الأمني برأسه من جديد من خلال الجريمة الثلاثية المروعة التي حصلت في كفتون التي ذهب ضحيتها ثلاثة شبان من البلدة، وبدأت التحقيقات تشير الى القتلة من أصحاب السوابق الإرهابية بما يضيء على تحد خطير جديد يواكب الاخطار الأخرى التي تضج بها البلاد. ولم يكن غريبا والحال هذه ان يسجل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس موقفا جديدا بارزا فتح عبره ملف مخازن الأسلحة والمتفجرات في كل البلاد. هذا الموقف اتخذ بعدا مهما للغاية اذ اثاره البطريرك على خلفية انتقاداته الحادة “لبعض المسؤولين في الدولة لتعاطيهم مع كارثة الانفجار في مرفأ بيروت من زاوية سياسية ويحولون دون تحقيق دولي”. كما انتقد مقاربة المعنيين بتأليف حكومة جديدة من منظار انتخابي ومصلحي متخوفا من التسويف في تأليف الحكومة. ودعا الراعي السلطة الى “اعتبار كارثة المرفأ بمثابة جرس انذار فتبادر الى دهم كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي في المدن والبلدات والقرى”.

والحال ان الاستحقاق الحكومي بدا في غيبوبة سياسية شاملة وسط الجمود الذي طبع الحركة والاتصالات السياسية في الأيام الأخيرة بما يعكس الخطورة التصاعدية للتمادي في تحديد مواعيد الاستشارات والتلاعب مجددا بهذا العامل وإخضاع الاستشارات لشروط ضمنية بمعزل عن البعد الدستوري الذي يخشى ان يغدو امتهانه وسيلة اشعال للحساسيات الطائفية والمذهبية بما يخدم الدافعين نحو تعطيل الاستحقاق الحكومي وقد بات بعض الافرقاء يلهجون علنا بالدفع نحو تعطيله حتى تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وعلمت “النهار” من مصادر معنية بالإتصالات والمشاورات المتصلة بالاستحقاق الحكومي ان كل الاتصالات كانت مجمدة في الأيام الأخيرة وتحديدا عقب ابلاغ الوزير السابق جبران باسيل حليفيه في الثنائي الشيعي رفض العهد و”التيار الوطني الحر” إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الجديدة. كما ان الصورة الدولية لم تتبلور بعد حيال الاتجاهات الحكومية التفصيلية تكليفا وتأليفاً التي ستؤيدها الدول المعنية بدعم لبنان ولو ان كل الدول تردد موقفا واحدا هو اشتراط الإصلاحات لدعم أي حكومة ولكن لا موقف موحدا بعد حيال طبيعة الحكومة. وكشفت المصادر نفسها لـ”النهار” ان الجانب الفرنسي وحده بقي متحركا في اتجاه الواقع الداخلي اذ سجلت اتصالات من الجانب الفرنسي في اليومين الأخيرين مع عدد من القوى الداخلية ولو انها لم تؤد الى نتائج في تبديل صورة الجمود. ولوحظ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري اعترف امس بتعليق مساعيه في انتظار الآخرين اذ قال ردا على سؤال عن صحة إيقافه لمحركاته العاملة على تشكيل الحكومة الجديدة فقال “انا بذلت كل ما في وسعي بما يخص موضوع تشكيل الحكومة لكن تبين ان يدا واحدة تصفق (بضم الفاء) ولا تصفق وانا انتظر الآن ما سيفعله غيري في هذا الشأن”.

المهلة الحاسمة

وأشارت أوساط مطلعة على تعقيدات الاستحقاق الحكومي الى ان الأسبوع الحالي يفترض ان يشهد بلورة الاتجاهات الواضحة لمجموعة لاعبين أساسيين قبل ان يتفاقم المأزق وينزلق الوضع برمته الى متاهات شديدة الخطورة ماليا واقتصاديا في المقام الأول لان البلاد تعاني تراكمات منذ انفجار بيروت تحتاج الى جرعات تنفس عاجلة وهو ما تعيه الدول التي تبادر الى ارسال مساعداتها العاجلة والإغاثية للبنان فيما يتمهل الطاقم السياسي ويتباطأ الحكم ويناور الكثيرون كما لو ان البلاد في وضع طبيعي. كما ان التحدي الأكثر الحاحا في الضغط لاستعجال التكليف والتأليف يتمثل في الاتساع المخيف للانتشار الوبائي لفيروس كورونا في لبنان الذي لم يعد لديه الا القليل من الوقت لاستدراك سقوطه في السيناريو الكارثي الذي مرت به دول أوروبية وسواها. واذا كانت الضجة بدأت تتصاعد من مواقع سياسية وحزبية حيال التمادي في عدم تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف فان الجانب الاخر من التعقيدات يتصل بمواقف بعض القوى السياسية التي تتقاطع عند نقطة التحفظ او الرفض لترؤس الرئيس سعد الحريري للحكومة الجديدة. وإذ برز تقاطع ضمني لافت على التحفظ او الرفض لعودة الحريري على راس الحكومة بين كل من “التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية ” تفيد المعطيات المتوافرة في هذا السياق الى ان الحريري الذي قد لا يبقى صامتا لوقت طويل وربما يفصح عن موقف بارز له هذا الاسبوع، لا يزال رغم التناقضات القائمة حيال عودته المرشح الوحيد حتى الآن. وهو ابلغ وفق هذه المعلومات الرئيس بري انه لن يسير الا ببرنامجه الحكومي ولن يقبل بشروط مسبقة من احد كما لن يدعم ترشيح احد. الا ان بري لم يتوصل في اتصالاته مع الوزير السابق جبران باسيل الى بت هذا الامر وربما تعقد جلسة مشاورات جديدة اليوم بين بري وباسيل والخليلين لاستكمال البحث وحسم الموقف.

وفيما يسود انطباع واسع عن رفض “القوات اللبنانية ” ترشيح الحريري خصوصا بعد اعلان نائبها بيار بو عاصي ان “الحريري لم يعد المنقذ ” نفت مصادرها امس ان يكون لرئيس حزب “القوات” موقف شخصي من ترشيح الحريري لافتة الى ان جعجع والحريري التقيا في قصر الصنوبر لنصف ساعة كما تواصلا ثلاث مرات عند البحث سابقا في موضوع الاستقالة من مجلس النواب. وقالت ان ليس للقوات مرشحا بل تشترط تعهدا مسبقا بانتخابات نيابية مبكرة وبإصلاحات تبدأ بالكهرباء وتصل الى المعابر غير الشرعية والا فانها غير معنية بتكليف وتأليف حكومة مكبلة بشروط “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. كما ان الموقف الاشتراكي يبدو متناغما مع الموقف القواتي.

المساعدات الإيطالية

في غضون ذلك تتواصل المساعدات الخارجية للبنان للأسبوع الثالث بعد انفجار مرفأ بيروت وكان أضخمها وأبرزها في الساعات الأخيرة بدء تدفق المساعدات الإيطالية عبر سفينة تابعة للجيش الإيطالي تحمل مستشفى ميداني جرى تركيبه في الحدث ومساعدات هندسية كبيرة كما تصل سفينة أخرى تحمل تجهيزات طبية سيخصص ابرزها لمستشفى القديس جاورجيوس في الأشرفية الذي تضرر على نطاق واسع. وسيقوم وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني اليوم بجولة على المسؤولين كما يتفقد المستشفى الميداني الإيطالي ويزور السفينة “سان دجوستو” الراسية في مرفأ بيروت. كذلك يصل الى بيروت الأربعاء المقبل وزير الخارجية الكندي.

******************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

الراعي يحشر السلطة: داهموا مخابئ السلاح والمتفجرات بين الأحياء السكنية

عون يسعى لحوار “بمعيّة” ماكرون وبري “لن يستسلم”

بوقاحتها المعهودة وخبثها المشهود، مسحت السلطة دموع التماسيح التي ذرفتها على مآسي الناس وقفزت من فوق الدماء والدمار مباشرةً إلى حلبة تناتش الحصص الحكومية وكأنّ انهياراً لم يقع في لبنان وانفجاراً لم يهدم بيروت فوق رؤوس قاطنيها…. التاريخ يعيد نفسه على روزنامة تأليف الحكومات، وسياسة التعطيل والتنكيل عادت لتحاصر الاستحقاقات وتقوّض الدستور وعاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى وضع العصي في دواليب الاستشارات النيابية حتى إشعار آخر تتحقق فيه شروطه ومطالبه على طاولة مفاوضات التكليف والتأليف، وسط معلومات عن اتجاه رؤساء الحكومات السابقين بإسناد مباشر من دار الإفتاء والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى تصعيد اللهجة بمواجهة إمعان عون في مصادرة صلاحية الرئيس المكلف في تشكيل حكومته وتطويق هذه الصلاحيات عبر بدعة حجب الاستشارات النيابية وتقييدها بشروط خارجة عن منطوق الدستور.

أما رئيس الجمهورية فيبدو غير مستعجل لاستيلاد أي حلول لا تتوافق مع بيدر حساباته الوزارية والتي يتصدر أولوياتها شطب إسم سعد الحريري عن مراسيم التكليف والتأليف بأي ثمن، حتى ولو كان هذا الثمن إجهاض مبادرة الرئيس الفرنسي والمخاطرة بعودة لبنان إلى مربع الاختناق تحت كماشة العزلة الدولية والعربية. وفي هذا المجال، ترى مصادر مواكبة أنّ ما يحصل من مراوحة في الملف الحكومي يُشتمّ منه روائح “هجمة مضادة” يقودها عون وتهدف إلى تغيير قواعد المبادرة الفرنسية – الدولية باتجاه لبنان عبر تحويلها من مبادرة حكومية إلى مبادرة حوارية، كاشفةً في هذا السياق لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الجمهورية يسعى إلى عقد طاولة حوار “بمعية” الرئيس الفرنسي شبيهة باللقاء الذي عقده في قصر الصنوبر مع القادة السياسيين، على أن تكون الطاولة هذه المرة برئاسة مشتركة بين عون وماكرون لدى عودته إلى بيروت.

وإذ أكدت أنّ “هذا الطرح لم ينضج بعد”، لفتت المصادر إلى كون “تعمّد تأخير الاستشارات النيابية وإغراق ملف التكليف في لعبة شد الحبال والشروط والشروط المضادة إنما يهدف في أحد دوافعه إلى إضاعة الوقت ريثما يعود الرئيس الفرنسي إلى بيروت في الأول من أيلول ومحاولة وضعه حينها أمام أمر واقع قد يقوده إلى تبني خيار رعاية حوار وطني تجنباً لإعلان فشل مبادرته”، مشيرةً إلى أنّ “عون يسعى إلى أن يحقق من خلال هذا الطرح ما عجزت دعواته السابقة إلى الحوار عن تحقيقه، لجهة دفع جميع الفرقاء السياسيين إلى الجلوس معه على طاولة حوارية “خجلاً” من ماكرون”.

وفي المقابل، لا يبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري في وارد رفع “الراية البيضاء” أمام محاولات تطويق جهوده وإجهاض مسعاه الحكومي، بحيث نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنّ بري وبخلاف ما فهمه البعض أمس من حديثه عن “اليد الواحدة التي لا تصفّق” فإنه عازم على مواصلة الدفع قدماً باتجاه بلورة صيغة اتفاق حكومي قبل موعد عودة الرئيس الفرنسي وهو “لن يستسلم” أمام العراقيل المفتعلة، لافتةً إلى أن إشارته إلى انتظار ما سيقدم عليه غيره “لا تعني إطفاء محركاته نهائياً بل تبريدها آنياً فقط بانتظار اتضاح مدى تجاوب الأفرقاء مع مساعيه، وإذا ما استمرّت أجواء العرقلة فإنه سيعود إلى إدارة المحركات وبزخم أكبر هذه المرة لوضع كل مسؤول أمام مسؤولياته في تعطيل الحلول وإدخال البلد في المجهول”.

وفي الغضون، يواصل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي قرع أجراس الإنذار والتحذير من مغبة استمرار المسؤولين على أدائهم الهدّام لمصالح الوطن وأبنائه، فندد بالأمس بتعاطيهم مع كارثة انفجار المرفأ “من زاوية سياسية” وحؤولهم دون إجراء تحقيق دولي “يكشف أسبابَ التفجير ويُحدّد المسؤوليات”، مستنكراً في الوقت عينه مقاربتهم عملية تأليف الحكومة “من منظار انتخابي ومصلحي بحيث يضعون الشروط والشروطَ المضادة كأنْ لا البلاد انهارت ولا الجوع عمَّ ولا الكيان ترنّح ولا انفجار المرفأ حصل، ولا سقط مائتا شهيد وألوف الجرحى، ولا مئات ألوف بدون مأوى، ولا بيروت تدمّرت، ولا عقوبات قديمة وجديدة، ولا وباء كورونا يكسح البلاد”.

على أنّ تصدي البطريرك الماروني لتخاذل الدولة بلغ بالأمس سقفاً جديداً حشر فيه أهل السلطة في خانة وجوب تحمّل مسؤوليتهم عن تهديد أرواح الناس الآمنين في منازلهم كما حصل في انفجار المرفأ، فأثار من هذا المنطلق قضية مخازن السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية ودعا بشكل واضح الدولة إلى “المبادرة لمداهمة كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى”، محذراً من أنّ “بعض المناطق اللّبنانيّة تحوّلت حقول متفجّرات لا نعلم متى تنفجر ومن سيفجرّها”.

وفي هذا الإطار، رأت مصادر نيابية أنّ إثارة الراعي لهذه القضية ستؤسس لمرحلة جديدة في مقاربة البلديات لموضوع الهواجس الشعبية من وجود مخازن أسلحة وصواريخ ضمن نطاق أحيائهم السكنية، مشيرةً إلى أنّ العديد من البلديات والاتحادات البلدية في المناطق المسيحية كانت قد نقلت هذه الهواجس إلى بكركي ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحركات بلدية شبيهة لما جرى في بلدية بعبدا – اللويزة، لناحية المطالبة بتحمل الدولة مسؤولياتها بالكشف على الأماكن التي يشتبه بتخزين أسلحة أو متفجرات فيها بين الأحياء السكنية حفاظاً على أرواح المواطنين وتجنباً لتكرار سيناريو انفجار المرفأ في مناطق مأهولة أخرى.

******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

الراعي يدعو إلى مداهمة مخازن السلاح «غير الشرعي»

تنامي التباعد مع «حزب الله» ولا اتصالات معلنة منذ طرحه ملف الحياد

بيروت: نذير رضا

صعّد البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس (الأحد)، من حدة مواقفه تجاه سلاح «حزب الله» من غير أن يسميه، بدعوته السلطات اللبنانية إلى «دهم كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية» في لبنان، وسط تنامي التباعد بين «بكركي» (المقرّ البطريركي) و«الحزب»، وفي غياب أي اتصالات معلنة بين الطرفين، على الأقل منذ دعوة الراعي إلى حياد لبنان في الشهر الماضي.

ويعدّ «حزب الله» الفريق الأبرز الذي يحتفظ بترسانة كبيرة من السلاح يستخدمها في الصراع مع إسرائيل. وينظر بعض الأطراف اللبنانية إلى ملف السلاح على أنه ملف إشكالي، وعقدت طاولات حوار منذ عام 2006 بهدف التوصل إلى استراتيجية دفاعية لردّ الاعتداءات الإسرائيلية، لكنها لم تسفر عن أي تطور بهذا الصدد. وأنتجت النقاشات حول حصرية السلاح توتراً سياسياً بين الحزب وأطراف سياسية لبنانية تدعو إلى حصرية امتلاك السلاح بيد الجيش اللبناني.

وللمرة الأولى منذ وصوله إلى سدة البطريركية المارونية، فتح الراعي ملف مداهمة مخازن الأسلحة؛ إذ قال في عظته أمس إن «أوجاع ودموع ضحايا الانفجار، هي صرخة تصل إلى كل صاحب مسؤولية في قطاعه، وبخاصة إلى السلطة اللبنانية لتعتبر كارثة مرفأ بيروت بمثابة جرس إنذار، فتبادر إلى دهم كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى».

وقال الراعي إن «بعض المناطق اللبنانية تحولت حقول متفجرات لا نعلم متى تنفجر ومن سيفجرها»، عادّاً أن «وجود هذه المخابئ يشكل تهديداً جدياً وخطيراً لحياة المواطنين التي ليست ملكاً لأي شخص أو فئة أو حزب أو منظمة». وقال: «حان الوقت لأن تسحب هذه الأسلحة والمتفجرات من الأيدي، لكي يشعر المواطنون أنهم بأمان، على الأقل، في بيوتهم».

ووسط صمت الحزب عن دعوة الراعي، وقبلها ما ورد في «مذكرة الحياد الناشط» التي أعلنها في الأسبوع الماضي، لجهة المطالبة بـ«تعزيز الدولة اللبنانية لتكون دولة قويّة عسكرياَ وبجيشها ومؤسساتها وقانونها وعدالتها ووحدتها الداخليّة، لكي تضمن أمنها الداخلي من جهة، وتدافع عن نفسها بوجه أي اعتداء بري أو بحري أو جوّي يأتيها، سواء من إسرائيل أو من غيرها من جهة أخرى»، يتحدث كثيرون عن تصعيد من جهة «بكركي» تجاه الحزب.

لكن مصادر مارونية مطلعة على موقف «بكركي»، تنفي أن يكون هناك توجه لدى «بكركي» لكسر العلاقة مع الحزب، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن البطريرك الراعي «لا ينهي العلاقة مع أحد، ويهمه التواصل مع جميع المكونات ضمن ثوابت احترام السيادة والاستقلال والدولة التي تنظم شؤون البلاد وتعدّ المرجعية الأولى والأخيرة لكل اللبنانيين». وقالت المصادر إن ما يقوله الراعي «هو صرخة يطلقها في سبيل تحسين الوضع الداخلي بالنظر إلى الظروف المتوترة في لبنان والمنطقة». وإذ لم تنف المصادر أن هناك «اختلافاً على ملف السلاح»، أضافت: «إننا وصلنا إلى مرحلة دقيقة تمسّ بمصير لبنان». وأوضحت أن ملف السلاح «إشكالي، لكنه يتخطى التركيبة اللبنانية»، مضيفة: «في ظل التطورات في المنطقة، والتبدل في التوازنات الدولية، يريد البطريرك أن نسحب الذرائع التي يمثلها ملف السلاح، وتحييد أنفسنا حفاظاً على الكيان والصيغة»، مشددة على أنه «عندما شعر أن لبنان بات بخطر، وبعد المشاورات التي قام بها، بدأ بإطلاق الصرخات».

ويتعاطى «الحزب» مع ملف سلاحه بحساسية مطلقة، ويعدّه ضرورة للمواجهة مع إسرائيل، ويواظب على القول إنه سلاح دفاعي «لرد الاعتداءات الإسرائيلية». وكان الحزب رفض في وقت سابق في الشهر الماضي مقترحات أميركية لتعديل ولاية قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» تتيح لها تفتيش منازل المدنيين في الجنوب. ومن شأن الطرح البطريركي أن يضفي توتراً على علاقة الطرفين، حسبما يقدّر سياسيون.

لكن المصادر المارونية المطلعة على موقف «بكركي»، أكدت أن البطريرك «لا يتعاطى السياسة»، وعليه؛ «لا يمكن أن يحدث موقفه فراقاً مع (حزب الله)، كون (بكركي) تعدّ الحزب مكوناً أساسياً في التركيبة اللبنانية، أما ضغطها فهو يشبه ضغط الأب على ابنه، وفي المقابل لطالما أبقى (الحزب) رابطاً مع (بكركي)»، مشددة على أن «أبواب (بكركي) مفتوحة على الدوام للجميع». ولم تنفِ المصادر أنه لم تُسجل اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين الطرفين منذ طرح الراعي موضوع الحياد في الشهر الماضي على الأقل. وقالت إن الحوار حول هذا الملف «يعود للمؤسسات اللبنانية الرسمية مثل رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، وإذا احتاجت تفاهمات جانبية تنخرط فيها (بكركي)، فذلك سيكون متاحاً بالتأكيد».

في غضون ذلك، استغرب رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن في تصريح، «الزج السياسي بمواقف البطريرك الراعي الكنسية»، وقال: «من المستغرب أن يلجأ البعض إلى تفسير مواقف (بكركي) الوطنية المنزهة عن أي غرضية سياسية باجتهادات بعيدة عن حقيقتها». وأكد أن «دور (بكركي) محوري على الصعيد الوطني، وهمها ترميم التصدع الداخلي الذي وصل إلى حافة الهاوية، وكاد ينزلق إلى مهب الصراعات الإقليمية بين معسكرين يتعاركان في ساحات اللهيب المشتعل في الدول المجاورة». وقال: «في الوقت الذي تتزاحم فيه القوى السياسية على اقتسام ما هو مقسم داخلياً، يبرز دور الراعي على كل الأصعدة كصمام أمان وطني لتعطيل ما يفرق في لقاءاته مع كل الأفرقاء بوضوح وحزم، لأن مصير الوطن على المحك».

ورد على مهاجمي الراعي، قائلاً إن «بكركي» «التي كانت حصناً حصيناً لاحتضان كل مكونات الوطن، لا يمكن أن تحيد، تحت أي ظرف، عن مسلماتها التاريخية»، مضيفاً: «كفى اتجاراً بهذا الموقع وما تبثه إشاعات وأضاليل بعيدة كل البعد عن الوجدان الذي يتحكم في مواقف الراعي».

******************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

مبادرات التكليف والتأليف في دائرة التعـقيد… ولقاء لباسيل و”الخليلين” اليوم

يدخل لبنان اليوم اسبوعاً جديداً سيكون أسبوع الحكومة العتيدة بامتياز، في اعتباره الفاصل عن 1 أيلول، الذي يصادف مطلع الأسبوع المقبل، وهو مبدئياً موعد عودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، ما يعني انّ مشاورات التكليف ستتكثّف هذا الأسبوع، في محاولة لخرق جداره وإستقبال الرئيس الفرنسي بخطوة على طريق التأليف، فيكون الرئيس المكلّف جزءاً لا يتجزأ من مشاورات ماكرون لتسريع ولادة حكومة أصيلة لمواجهة التحدّيات وما أكثرها. ولكن تساؤلات كثيرة تسود الاوساط السياسية في هذا الصدد ومنها: هل ستتمكن مشاورات التكليف من الوصول إلى تفاهم حول اسم الرئيس المكلّف؟ وهل تسمية هذه الشخصية ستقتصر على فريق 8 آذار على غرار الحكومة المستقيلة، أم ستنجح المساعي في توسيع التفاهمات الوطنية حول الحكومة المقبلة؟ وهل يبحث أصحاب الحلّ والربط في السلطة في الأسباب التي أدّت إلى فشل الحكومة المستقيلة وتجنّبها، من أجل تأليف حكومة قادرة على إخراج لبنان من أزمته؟ وهل أنّ فريق 8 آذار في وارد تقديم التنازلات التي تفسح في المجال أمام إجراء الإصلاحات المطلوبة التي تعذّر تحقيقها، كمدخل للمساعدات التي وحدها تفرمل الانهيار؟

لا مؤشرات حتى اللحظة الى انّ مهمة فكفكة العِقد التي تعوق التكليف والتأليف الحكوميين قد سلكت طريقها، بل على العكس من ذلك، لا توافق بعد داخل الصفّ الواحد على طبيعة الحكومة ورئيسها، وهذا لا يعني انّ تجاوز الصعوبات غير ممكن بقدرة قادر، ولكن المعطيات المتوافرة تدلّ الى انّ مشوار التكليف ما زال في بداياته ولم يصل إلى نهاياته.

في هذه الأجواء، كشفت مصادرمطلعة لـ «الجمهورية»، انّ عطلة نهاية الأسبوع لم تشهد أي جديد على مستوى التحضيرات الجارية لتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، وكذلك لم تشهد الساعات المنصرمة أي معلومات عن مناقشات في هذا الإطار أو أي اجتماع أو اتصال يدفع في اتجاه تحضير الأجواء التي تسمح بتطبيق الاقتراحات الفرنسية التي حدّدت «مهمة» الحكومة على مرحلتي التكليف والتأليف، في اعتبار أنّ أي اتفاق من هذا النوع يسهّل المرحلتين معاً.

وفي هذه الاثناء، قالت مصادر معنية لـ «الجمهورية»، أنّ اللقاء الثلاثي المقرّر اليوم بين المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» حسين خليل ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، سيعكس المرحلة التي بلغتها المشاورات الجارية في شأن الاستحقاق الحكومي.

وتخوفت مصادر معنية، من انّ تمسّك بعض الافرقاء بشروطهم قد يدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اطفاء محرّكات مبادرته، تاركاً الافرقاء يقلعون اشواكهم بأيديهم، وستكون له مواقف لافتة حيال التطورات الجارية في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر الأحد المقبل.

المعارضة

وفي المقابل، قالت مصادر المعارضة لـ«الجمهورية»، انّ فريق 8 آذار يبدو أنّه سيكون أمام خيارين: إما تفعيل حكومة تصريف الأعمال إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، لأنّ هذا الفريق لا يريد تقديم أي تنازلات قبل هذه الانتخابات، وإما تأليف حكومة تكون «نسخة طبق الأصل» عن الحكومة المستقيلة، والهدف منها الإيحاء للفرنسيين وغيرهم بالانفتاح والتجاوب.

وتساءلت هذه المصادر، هل ستكون باريس في وارد تغطية حكومة من لون واحد؟ وهل ستتمكن حكومة من هذا النوع من كسر المقاطعة الدولية والعربية؟ وماذا عن الموقف الأميركي، وهل من تعديل في هذا الموقف بعد الكلام الأميركي عن انّ وجود «حزب الله» في الحكومة من عدمها لم يشكّل عائقاً أمام المساعدات الأميركية؟ أم أنّ المقصود هو أنّ المساعدات للجيش حصراً لم ولن تتوقف؟ وماذا عن الموقف السعودي الذي لا يبدي اي اهتمام بوضعية يعتبرها خاضعة لنفوذ الحزب؟

وهل سيتمكن بري من إقناع رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط بدعم تكليف الرئيس سعد الحريري؟ وهل الحريري أساساً في وارد الدخول في مغامرة غير مضمونة مع فريق جرّبه على مدى سنوات؟ وهل هذا الفريق يستطيع السير بشروط الحريري؟ وماذا عن حزب «القوات اللبنانية» الذي يعتبر انّ اي حكومة مصيرها الفشل في ظل إمساك فريق 8 آذار بمفاصل السلطة؟

ورأت المصادر، انّه «حيال كل ما تقدّم من مؤشرات وعوامل ومعطيات، يظهر مدى حجم التعقيدات التي يصعب حلّها قبل مطلع أيلول». وسألت: «في ظل غياب التوافق الداخلي على طبيعة الحكومة ودورها، هل ستتمكن قوة الدفع الفرنسية من تجاوز العراقيل والمطبات وتشكيل الحكومة التي تجسّد طبيعة المرحلة؟».

وزير الدفاع الايطالي

وفيما استمرّت عملية إزالة الركام من موقع الإنفجار في مرفأ بيروت ومن الاحياء المتضررة من العاصمة، متزامنة مع اعمال مسح الاضرار واغاثة المنكوبين، يتواصل الحراك الديبلوماسي العربي والاجنبي ناشطاً في اتجاه لبنان،. وفي هذا الاطار وصل الى بيروت في الساعات الماضية وزير الدفاع الايطالي لورينزو غيريني على رأس وفد عسكري رفيع المستوى من قيادة الجيش الايطالي وكبار مساعديه الكبار. وتأتي الزيارة على وقع اكبر برنامج مساعدات تقدّمه ايطاليا للبنان، مجنّدة له مجموعة من السفن والبوارج والطائرات، والتي تشمل تجهيز اطفائية بيروت بـ10 سيارات متطورة ومجموعة سيارات اسعاف ومعدات متخصصة، كذلك يتضمن دعماً استشفائياً بنقلها مستشفى ميدانياً عسكرياً بحرياً تربطه باليابسة مجموعة طائرات مروحية وزوارق متعدّدة الاستخدامات، عدا عن المساعدات العينية والادوية التي شاركت فيها بلديات من مدن ايطالية عدة ومؤسسات رسمية وحكومية.

وفي المعلومات، انّ الضيف الايطالي سيلتقي اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيل حسان دياب ونظيرته نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر. كذلك سيزور مقر قيادة القوات الدولية (اليونيفيل) العاملة في الجنوب ويلتقي قائدها وضباطها الكبار.

وأعلنت سفارة إيطاليا في لبنان وصول سفينة San Giusto العسكرية الإيطالية أمس إلى مرفأ بيروت، ضمن إطار «عملية طوارئ الأرز» التي أطلقتها إيطاليا لمساعدة لبنان.

كندا

وفي الاطار عينه يصل وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباين الى بيروت مساء بعد غد الاربعاء، في زيارة تمتد ليومين يتفقّد في بدايتها، قبل اي لقاء مع مسؤول رسمي، المنطقة المنكوبة في بيروت ومحيطها جراء انفجار المرفأ، ويلتقي مجموعة من ممثلي هيئات المجتمع المدني، وفق برنامج خاص يتناول لقاءات مع اصدقاء لبلاده.

وفي برنامج الزيارة سيلتقي شامباين رئيس الجمهورية عون قبل ظهر الخميس، ثم نظيره اللبناني شربل وهبة. واللافت انّ زيارته لبنان تشكّل اول رحلة خارجية له بعد تفشي وباء «كورونا». وهو سيبلغ الى المسؤولين اللبنانيين استعداد بلاده للمساهمة في إعمار مرفأ بيروت، ولا سيما الاقسام المهدّمة منه. كذلك سيستمع الى حاجات لبنان التقنية والعمل على تلبيتها فور عودته الى كندا.

وفي المعلومات، انّ شامباين استعجل زيارته لبيروت قبل ان يجول اوروبياً، رغبة منه في إثارة الوضع في لبنان مع المسؤولين البريطانيين والايطاليين والسويسريين الكبار، لأنّ جولته ستشمل هذه الدول الاوروبية الثلاث في طريق عودته الى بلاده.

قطر

وعلمت «الجمهورية»، أنّ وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سيزور لبنان خلال اليومين المقبلين للقاء المسؤولين الكبار، ونقل استعداد بلاده لتقديم مزيد من المساعادات للبنان، بعد الكارثة التي حلّت ببيروت ومرفئها.

وكانت الكويت تعهّدت السبت إعادة بناء صومعة الحبوب الكبيرة الوحيدة في لبنان، التي دمّرها الانفجار في مرفأ بيروت، وقال سفيرها في لبنان عبد العال القناعي، في تصريحات إذاعية، إنّ هذه الصومعة بُنيت للمرة الاولى عام 1969 بقرض تنمية كويتي، وإنّ الكويت ستعيد بناءها الآن، بحيث تظل رمزاً لـ «كيفية إدارة العلاقات بين دولتين شقيقتين تحترم كل منهما الأخرى».

وطمأن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمة، اللبنانيين الى أنّه لن تكون هناك أزمة خبز في لبنان الذي يشتري معظم قمحه من الخارج.

التدقيق الجنائي

على صعيد آخر وفي تطور لافت، كُشف النقاب امس عن نية وزير المال غازي وزني توقيع العقد الخاص بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي، مع الشركة التي رست عليها المهمة مطلع الصيف الجاري، اليوم أو غداً على ابعد تقدير.

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ وزني ابلغ الى رئيس الجمهورية خلال الايام المنصرمة، عند مراجعته بمصير تنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص بهذا الملف، الذي قالت به المبادرة الفرنسية، انّه سيستدعي ممثلي الشركة التي ستتولّى هذه المهمة مطلع الأسبوع الجاري لتوقيع العقد معها والمباشرة بالعمل المطلوب منها بالسرعة القصوى، في رسالة قوية الى المجتمع الدولي مفادها انّ اولى خطوات الإصلاح ستنطلق.

ومعلوم انّ البحث سيتناول توسيع هذه المهمة لتشمل مؤسسات عدة ابرزها الضمان الاجتماعي ومجلس الإنماء والاعمار وهيئة «اوجيرو» ومرفأ بيروت ومؤسسات أُخرى مختلفة، لتوسيع رقعة التحقيقات في كل المؤسسات التي يدور الشك حولها. وعمّا إذا كانت المهمة ستكون على عاتق المؤسسة عينها، فليس هناك ما يؤكّد ذلك، فهناك شركات عدة يمكن ان تقوم بالمهمة في وقت واحد ان أُقرّت الترتيبات الضرورية.

جريمة كفتون

وفي مستجدّات جريمة كفتون الكورانية التي أودت بحياة 3 شبان، وهم علاء فارس وجورج سركيس وفادي سركيس، بعد تعرّضهم لإطلاق نار على يد مجهولين أثناء حمايتهم البلدة ليل الجمعة-السبت، سلّمت القوة الامنية المشتركة في مخيم البداوي المدعو «أ.ش» المشتبه بضلوعه في الجريمة الى شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، التي اقتادته للتحقيق معه في المديرية العامة للامن الداخلي في بيروت. وكان «أ. ش.» قد سلّم نفسه فجر أمس إلى القوة الأمنية المشتركة في المخيم، قبل تسليمه للسلطات اللبنانية.

وتفيد المعلومات الأولية غير الرسمية حول الجريمة، انّ السيارة التي استخدمها المسلحون شكّ بها حراس البلدية فتمّ طردها، إلّا انّها عادت بعد نحو 45 دقيقة ودخلت إلى الأحياء الداخلية للبلدة، وهذا يعني أنّ هناك أمراً مقصوداً من العودة، فاصطدم بها حراس البلدية.

واظهرت الكاميرات انّ سيارة الجناة كانت مواكبة بسيارتين، واحدة من نوع «رابيد» وأخرى من نوع «مرسيدس» بيضاء. وإحدى هاتين السيارتين هرّبت من أرتكبوا الجريمة لحظة فرارهم وتركهم سيارتهم.

ولاحظت مصادر امنية، أنّ اطلاق النار كان جامداً، بمعنى أنّ العملية هي من صنع محترفين، وهناك احترافية في القتل، والواضح انّه كان لديهم هدف محدّد، خصوصاً أنّ الهدف لم يكن السرقة وبالتالي الاحتمال الأكبر هو ان تكون عملية ارهابية، وأحد الاحتمالات قد يكون استهداف النائب الكتائبي نديم بشير الجميل الذي كان موجوداً في زيارة الى بلدة كفرحاتا المجاورة.

وعلم انّ المشتبه فيه الذي قُبِضَ عليه هو «داعشي» سابق وصادرة في حقه احكام مسبقة لارتباطه بتنظيم «داعش»، وقد أقرّ بدوره عن شريك له من بلدة عكار هو أيضاً «داعشي» سابق.

كورونا

وعلى الصعيد «الكوروني»، أعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل 507 إصابات جديدة بفيروس كورونا، بينها 7 من الوافدين، ما رفع العدد التراكمي منذ شباط الماضي الى 12698. فيما سُجّلت حالتا وفاة ليرتفع عدد الوفيات التراكمي إلى 123.

وغرّد وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن، عبر «تويتر»: «من يتوفّى بكورونا لا يتقاضى عنه أي تعويض بعكس كل الشائعات أو مساعدة اجتماعية لعائلته، وكل ما يسوّق قد تكون الغاية منه إحباط الجهود المضنية لمحاربة الوباء والاستخفاف به أو تبرير تقصير طبّي معين أو لغاية ما»، وأكّد أنّ «الموضوع لا يحتمل مزاحاً ومزاجية، الوباء في مرحلة خطرة… اليقظة». وأرفق التغريدة بهاشتاغ «الحكمة_نجاة».

وقالت مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الطبية بترا خوري في تغريدة حول «كورونا»، أنّ «الفيروس حقيقي وينتشر… وعدد الوفيات في لبنان جرّاءه يتضاعف كل 23 يوماً… هذا الرقم أسرع بـ3.3 مرات من المتوسط العالمي للوفيات بمضاعفة الوقت 76 يوماً». وأشارت إلى أنّ «التغيير السلوكي الفردي هو المفتاح لإنقاذ الأرواح: إرتدِ قناعًا، وتجنّب الحشود، واغسل يديك، والتزم التباعد الاجتماعي».

******************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

نحو قوة ضغط لإعادة إستشارات التسمية إلى سكة الدستور

بري يخرج نفسه من «شرنقة العهد» وحكومة التصريف تتجه للإنعقاد!

مرّة جديدة، يقود التعنت إلى التعثر وكلاهما يقودان إلى تعطيل المساعي للاتفاق على مسار التأليف الحكومي: مواعيد استشارات نيابية ملزمة، تسمية الرئيس المكلف بمرسوم، تحديد مواعيد الاستشارات النيابية مع الكتل ورؤساء الكتل.. وهكذا..

اليوم 24 آب، والاثنين المقبل 31 آب ذكرى إخفاء الامام السيّد موسى الصدر، وفي اليوم التالي 1 أيلول، حيث تحل الذكرى المئوية لولادة لبنان الكبير، ويفترض ان يكون الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقدمة المحتفلين بهذه المناسبة اللبنانية الدولية الكبيرة..

أمَّا في الوقائع والمعلومات عشية هذه الاستحقاقات، فهي لا تنطبق على المسار الدستوري- السياسي، استناداً إلى الفقرة 2 من المادة 53 من الدستور، والمادة 64/ الفقرة 2 أيضاً:

1 – الرئيس نبيه برّي يعلن: «أنا انتظر الآن ما سيفعله غيري بهذا الشأن»، ويمضي عاتباً وشاكياً: «يد واحدة لا تصفّق، بل فقط تصفُق (بضم الفاء)»

موقف برّي نقله موقع «الانتشار»: «بذلت كل ما في وسعي بما يخص تشكيل الحكومة». وفسّرت مصادر سياسية ان الرئيس برّي أراد إخراج نفسه من «شرنقة العهد» وتبعات التأخير في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة.

2 – تأخر تشكيل الحكومة، أو بأقل احتمال عدم تحديد موعد الاستشارات الملزمة، تراجعت المعلومات عن احتمال ارجاء ماكرون مجيئه إلى بيروت، مطلع الشهر المقبل.. لئلا تترتب نتائج لغير مصلحة التقاط الفرصة الدولية لانتشال البلد من أزمته القاتلة بعد التصنيفات الحاصلة، وسط اتجاه رسمي لعقد جلسة لمجلس الوزراء، سواء في ما خصّ اتخاذ القرار بشأن مسار التعبئة العامة، أو ما يتعين القيام به لتحصين الوضع.

أجواء بعبدا

وفي السياق، اكدت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ«اللواء» ان لا جديدا في الملف الحكومي وان رئاسة الجمهورية تترك التشاور يأخذ مداه منعا لأي كلام.

واوضحت المصادر ان رئيس مجلس النواب اطفأ محركاته وهناك انتظار لكن ذلك لا يعني ان التشاور ليس قائما والمجتمع الدولي متأهب ولديه برنامج اصلاحي يقترحه وهذا ما يتقاطع مع طرح رئيس الجمهورية الاصلاحي وهناك تأهب لذلك وقالت: ألم يأت التدقيق المركز والجنائي من مقر الرئاسة الأولى.

واشارت الى ان هذا التدقيق سيكشف الجميع ولفتت الى ان المحاسبة ستحصل.

وعلى صعيد اخر لفتت الى ان المجتمع المدني سيمثل في الحكومة ورئيس الجمهورية يرغب في ذلك.

وفي سياق متصل اوضحت ان الصورة ضبابية لأن لا اسماء مرشحة بعد في ما خص رئاسة الحكومة ولا يزال الرئيس سعد الحريري هو المرشح الظاهر وبالتالي هناك ترقب لهوية الشخصية التي يصار الى تسويقها في الخفاء قبل العلن على ان التركيز على تحضير برنامج الحكومة والاتفاق على النقاط فيه قد يكون هو المطلوب لتحديد هوية رئيس الحكومة.

لكن مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة معاودة التحركات والاتصالات بين مختلف الاطراف السياسيين لتحقيق اختراق ملموس في جدار الازمة بعد مايقارب الأسبوعين من استقالة حكومة حسان دياب ولملاقاة زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مطلع أيلول المقبل بخطوات إيجابية ومؤاتية تنم عن التحسس بخطورة الأوضاع التي يواجهها لبنان والتجاوب مع المساعي والجهود التي يبذلها شخصيا لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المتعددة الاوجه وعدم تفويت هذه الفرصة الفريدة التي طرحها الرئيس الفرنسي بهذا الخصوص. واشارت المصادر إلى انه بالرغم من تعثر الجهود التي يبذلها الرئيس نبيه بري مع رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل لاخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة الشروط العونية المعهودة وحرصه على تضييق شقة الخلافات القائمة لتسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، الا ان هذه الجهود ماتزال تدور في حلقة شبه مفرغة، بسبب الخلافات الشخصية التي تحكم العلاقات بين الطرفين منذ استقالة حكومة الرئيس الحريري السابقة من جهة ومحاولة صهر رئيس الجمهورية تكرار استنساخ حكومة حسان دياب بحكومة مشابهة ليسهل عليه الهيمنة عليها رغم فشلها الذريع بمهمتها او الحصول على ضمانات بأعادة احياء التفاهم الثنائي السابق مع الحريري وكأن ماحصل من تطورات وترد فظيع في مجمل الأوضاع بالبلد لايستوجب اعادة النظر بماكان سائدا من قبل وتغيير النهج الحاصل بأفضل منه لمنع المزيد من التدهور نحو الأسوأ.

وكشفت المصادر بعض تفاصيل مادار في اللقاء المطول الذي حصل في عين التينه الاسبوع الماضي بالقول ان باسيل حاول الالتفاف على طرح بري بتسمية الحريري بالهروب الى مطلب التفاهم المسبق على البيان الوزاري للحكومة الجديدة طالبا ضمانات الحاضرين على مطلبه،ولكنه ووجه بان مايطلبه مخالف للدستور وآلية تشكيل الحكومة، و لن يقبل به اي رئيس حكومة ذي حيثية وازنة او الاطراف السياسيين الداعمين هذا المنحى وبالتالي يجب صرف النظر عنه. وفي حين برر باسيل طلبه هذا بحرص رئيس الجمهورية وحرصه على التزام الحكومة بالشروط الاصلاحية المطلوبة محليا وخارجيا، قال للحاضرين ان مطلبه بان يتضمن البيان الوزاري المرتقب تنفيذ سلة الاصلاحات ولاسيما الكهرباء انطلاقا من الخطة التي وضعها شخصيا عندما كان وزيرا للطاقة وان لايمس بها تحت اي ظرف كان وهذا الامر لن يكون سهلا في حال كان رئيس الحكومة المقبل غير ملتزم بذلك مسبقا. واعربت المصادر عن استيائها من تصرفات باسيل على هذا النحو بينما كانت تراهن على ان يلتقط فحوى الاشارات والرسائل التي تضمنتها مبادرة رئيس مجلس النواب التي عرضها لرئيس الجمهورية لكي يلاقوها في منتصف الطريق للخروج من حالة الجمود والمباشرة بخطوات سريعة لتشكيل الحكومة الجديدة لانها باتت ملحة أكثر من اي وقت مضى ولكن يبدو أنه فوت الفرصة التي اتيحت له،لان الوضع لايحتمل اضاعة المزيد من الوقت سدى. وقالت المصادر ان تحرك بري ليس منفصلا عن تأييد حزب الله وبالتالي فإن عدم تجاوب عون مع هذا التحرك والامعان في طرح الشروط والتمسك بالمطالب التعجيزية وكأن الظروف عادية ولم يحصل شيء، وبالتالي فان هذا يستوجب توسعة مروحة المشاورات وتشكيل قوة ضغط سياسية تستوعب الشروط الموضوعة لتسريع عملية تشكيل الحكومة، لانه لم يعد بالامكان هدر الوقت بلا طائل. وتوقعت المصادر ان يقابل موقف عون بتأخير موعد الاستشارات الملزمة ومحاولته الالتفاف على استباقها بالتفاوض على اسم وشكل الحكومة الجديدة خلافا للدستور ومحاولة للالتفاف على صلاحيات الرئيس المكلف ايا كان،بتحركات وموقف عن رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى يرفض ويستنكرمايحصل من هذا القبيل ويشدد على وجوب إلتزام الدستور ويؤكد على الموقف الموحد للسنة من هذه المسألة. واكدت المصادر ان كل مايقال عن توجه لإلغاء زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان غير صحيح، لانه التزم بها وسيأتي بالموعد المحدد ليؤكد صدقية إلتزاماته ويضع جميع الاطراف امام مسؤولياتها ويطلع على ما تحقق منذ زيارته السابقة.

وقال النائب سيمون أبي رميا ان المهم الاتفاق على برنامج الحكومة، بما في ذلك الإصلاحات، ثم يتم إسقاط الأسماء على الوزارات.. انطلاقاً من المبادرة الفرنسية التي حملها الرئيس ماكرون.

وكشف ان النائب جبران باسيل لن يكون وزيراً بالحكومة الجديدة..

التقدمي

ورأى النائب بلال عبد الله عضو اللقاء الديمقراطي: «انه لا بدّ من إلى الدستور»، غامزاً من قناة المشاورات قبل الاستشارات. وقال: «نحن في ظرف استثنائي، والسلطة الحاكمة تتعاطى بطريقة غير ملائمة»، داعياً الي توجيه رسالة إلى أصدقاء لبنان للخارج من أصدقاء دوليين وأشقاء عرب.

ووصف المشاورات بأنها قلة احترام للاستشارات النيابية الملزمة، وموقفنا خلالها إذا شاركنا فيها.

ودعا إلى عدم تكرار التجربة السابقة.. التي لا يوافق على إعادة استنساخها الرئيس الحريري.

الانتخابات الفرعية

على ان الأنكى، توجه حكومة تصريف الأعمال لاجراء انتخابات فرعية، إذ تبدأ اليوم مسيرة التحضير للانتخابات الفرعية في الدوائر الست التي استقال بعض نوابها، حيث يُرتقب ان يرفع وزير الداخلية محمد فهمي الى رئاسة مجلس الوزراء اليوم صباحاً، مشروع مرسوم لإجراء الانتخابات الفرعية، والتي ستجري في ست دوائر على أساس القانون الأكثري لا النسبي، على أن يتم تحديد موعد الانتخابات الفرعية قبل الثالث عشر من شهر تشرين الأول المقبل، أي خلال مهلة الشهرين التي تنص عليها المادة 41 من الدستور. لكن يبقى القرار بيد رئيسي الحكومة والجمهورية للتوقيع على المرسوم مع وزير المالية، أو تأجيل التوقيع، بانتظار ظروف افضل لإجراء الانتخابات، لا سيما وان هناك عقبات أساسية قد تؤثر على إجراء الانتخابات، اولها توسع انتشار فيروس كورونا، وثانيها الوضع المالي للخزينة والاجراءات اللوجستية للانتخابات، من تحضير ونشر لوائح الشطب ومن ثم تصحيحها الى تحديد مراكز واقلام الاقتراع ولجان القيد والمراقبة وسواها من إجراءات.

وعليه فإن الانتخابات يجب أن تحصل قبل تاريخ 13 تشرين أول  المقبل، ويجب أن تكون المهلة بين تاريخ نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتاريخ الانتخاب ثلاثين يوماً على الأقل. ويقفل باب الترشيح للانتخابات النيابية الفرعية قبل 15 يوماً على الأقل من موعد الانتخاب.

ويوقع اليوم أو غداً وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني عقد التدقيق الجنائي في المصرف المركزي.. في إشارة تفيد ان لبنان عازم على توسعة التدقيق ليشمل كل الإدارات الرسمية.

وأعلن وزير التربية طارق المجذوب الالتزام بإلزام المدارس بدفع الأقساط بالليرة اللبنانية، بدل «Fresh money» أي الدفع بالدولار، مشيرا إلى إمكانية عقد اجتماع للحكومة المستقيلة.. وأكّد ان هذا غير مقبول، مشيرا إلى ان النتيجة ستكون وبالاً.. داعياً مراجعة قاضي الأمور المستعجلة ومصلحة التعليم الخاص.

وبالنسبة للجامعات، وضعت ايضا توصية بدفع الأقساط بالدولار على أساس سعر صرف الدولار بـ1515ل.ل.

12698

صحياً، سجلت وزارة الصحة 507 اصابات جديدة بكورونا، ليرتفع العدد إلى 12698 حالة، مشيرة إلى ان عدد حالات الشفاء من الفايروس بلغ عدد 3561، وسجلت حالتا وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية.

وتجتمع لجنة كورونا في 8 أيلول لتقييم الوضع في ما خص فتح المدارس، بعد يوم واحد من انتهاء قرار اقفال البلد، على ان يبدأ العام الدراسي في 28 أيلول، وفقا لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب.

ورأت الدكتورة بترا الخوري ان نسبة الإصابات ما تزال مكانها لجهة 13 و14٪ من مجموع الفحوصات التي تجري يومياً، موضحة ان المرض انتشر بما في ذلك سرعة الوفيات، مشيرة إلى ان 17 وفاة حصلت هذا الأسبوع.

وقال الدكتور فراس الأبيض مدير مستشفى الحريري الجامعي ان النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية 5٪، وفوقها تكون المرحلة الخطرة، مشيرا إلى ان الهدف من أن يكون المرض تحت السيطرة.. معتبرا ان الحكم على الاقفال يحتاج إلى أسبوعين..

وكشف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي ان 70٪ من أسرّة مستشفيات ملأى بالمرضى في مستشفيات بيروت وجبيل في 17 آب، ودعا إلى تطبيق التباعد ووضع الكمامة والمطهر المعتمد لإعادة العافية إلى الاقتصاد.

******************************************

افتتاحية صحيفة الديار

تعقيدات في تشكيل الحكومة… وتوقعات بالترحيل الى ما بعد الانتخابات الأميركية

«الاسكوا» تدقّ ناقوس الخطر: أكثر من نصف الشعب اللبناني يعيش تحت خطّ الفقر

لبنان يحتاج الى ضخّ سيولة وإلا الكارثة ستحلّ… وشرط «الصندوق» الإصلاحات

بروفسور جاسم عجاقة

لم تنّجح مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي بعد في حلّ عقدة تشكيل الحكومة وتكليف رئيس جديد لتشكيلها. فالمعلومات تُشير إلى رفض ثلاثة مكونات وازنة إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري الذي يشترط تشكيل حكومة يختار وزراءها بمعزل عن القوى السياسية. هذا الرفض دفع الرئيس برّي إلى إطفاء المحركات بانتظار تبلور مواقف الفرقاء السياسيين وبالتالي، إعادة المحاولة قبل عودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الأول من أيلول للمشاركة في مئوية لبنان الكبير.

وبحسب المعلومات، فإن رفض القوات، والإشتراكي والتيار إعادة تسمية الحريري لتشكيل الحكومة تزامن مع محاولة إقناع الحريري تسمية شخصية مُقرّبة منه للقيام بهذه المُهمّة أو إعادة تكليفه، على أن يتمّ تشكيل الحكومة لاحقًا. إلا أن الحريري وبحسب تسريبات مُقرّبين منه، مُصرّ على حكومة من خارج الإطار الحزبي.

تعقيدات اختيار إسم شخصية لتكليفها مهام تشكيل الحكومة، قوبل بطرح الإشتراكي الذهاب إلى الإستشارات النيابية المُلزمة والتي ستُؤدّي حكمًا إلى اختيار اسم مع التركيز على برنامج الحكومة والذي وضعت أسسه السلطات الفرنسية وهو عبارة عن ورقة تحوي على عدد من الإلتزامات التي على الحكومة العتيدة أن تبدأ بتنفيذها فور حصولها على الثقة في المجلس النيابي.

على هذا الصعيد، تتكثف الإجتماعات بين القوى السياسية لإيجاد مخرج للأزمة، وذلك قبل يوم الأربعاء القادم الموعد المُتوقّع لتحديد الإستشارات النيابية المُلزمة. إلا أنه وبحسب بعض المراقبين، فإن الخلافات المُستجدّة بين القوى السياسية إضافة إلى التشرذم الحاصل بين أهل البيت الواحد، يُعقّد الأمور ويجعل التأليف بعد الإنتخابات الاميركية أقرب الى الواقع.

الوقت الضائع مُكلف! مُكلف إقتصاديًا، وماليًا، ونقديًا وبالتالي إجتماعيًا. فمنظّمة «الاسكوا» دقت ناقوس الخطر في تقرير أشارت فيه إلى أن أكثر من نصف سكان لبنان باتوا تحت خطّ الفقر، وبالتالي فإن عدم القيام بإصلاحات لتحرير المساعدات المالية، سيؤدّي حكمًا إلى زيادة هذه النسبة وبالتالي، زيادة التصدّع الإجتماعي.

هذه الإصلاحات لا يُمكن القيام بها نظريًا إلا من خلال حكومة أصيلة يكون قرارها الإقتصادي ـ الإصلاحي معزولاً عن تأثير القوى السياسية. لكن من الظاهر أن هذه الحكومة الأصيلة بعيدة المنال في الوقت الحالي نظرًا إلى الإنقسام العمودي والأفقي بين اللبنانيين على كل شيء تقريباً. ولم تستطع نكبة مرفأ بيروت تجميع اللبنانيين فيما بينهم، بل على العكس زاد هذا الإنقسام إلى مستويات لم نشهد لها مثيلاً خصوصًا على مواقع التواصل الإجتماعي التي أصبحت منصّات للإهانات والإهانات المضادّة.

مُجتمع مُنقسم عموديًا وأفقيًا

توزيع البشر على مجموعات، هو مُشكلة تُعاني منها كل مجتمعات العالم. هذا الواقع التاريخي له بُعدان: ثباته مع الوقت وشموليته (مُشكلة تاريخية)، أما سبب وآلية هذا التوزيع فتبقى مُشكلة فلسفية انكبّ العلماء على دراستها من دون إيجاد حلول عملية لتفادي الإنقسامات في المجتمعات.

مُشكلة التوزيع البشري على مجموعات ليست خصوصية لبلد مُعين، بل هي تشمل كل دول العالم بما فيها الدول المُتطوّرة، إلا أن غياب قوانين أو عدم تطبيقها حال وجودها، يجعل من هذه المُشكلة خطراً داهماً على كيان الدول كما هي الحال في لبنان حيث إن التوزيع الطائفي، والمذهبي، والمناطقي، والعقائدي، والحزبي… أدّى الى انحلال مؤسسات الدولة وتفككها أمام قوّة التوزيع.

يقول أفلاطون ان انتماء شخص إلى مجموعة مُعيّنة هو انتماء صادق ونابع من عاطفة وإدراك. لكن هذا الإنتماء يُصبح أقلّ صدقًا عند معرفة الكمّ الهائل من المصالح التي قد يستفيد منها هذا الشخص جرّاء انتمائه للمجموعة. وبالتالي، تصير أفعال الشخص ترجمة طبيعية ومباشرة لمصالحه الشخصية كما ولمصالح مجموعته ولكن على حساب مصلحة الوطن.

التوزيع البشري في لبنان تعدّى المجتمع ليشمل كل النواحي الحياتية، والفكرية، والإقتصادية، والجغرافية، والتاريخية، والتربوية… وبالتالي، نتجت عن ذلك ثلاث ظواهر: الفساد، وتضارب المصالح، وعدم كفاءة أصحاب القرار؛ وهذه مجموعة أدت برأينا إلى ضرب الكيان اللبناني وزعزعة أسس الانتماء الوطني الجامع، فوصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم.

الفساد

إن للفساد عدة تعريفات في الكتب والأبحاث وتجتمع كلها على إساءة إستعمال السلطة المعطاة بوكالة الشعب للنخبة (إنتخابات مثلا)، لأغراض الإثراء الشخصي أو إثراء المجموعة، وهي التي تعرف في المفهوم القانوني بـ«التعسف في استعمال الحق» في أحسن أحوالها إن لم تكن ضمن «خيانة الأمانة». ويُمكن وضع هذا التعريف ضمن معادلة حسابية (روبرت كليتغارت) والتي تنصّ على أن الفساد = إحتكار + سلطة ـ شفافية.

أسباب الفساد عديدة منها ما هو إقتصادي، ومنها ما هو نفسي، ومنها هو تربوي…وهذا الفساد يتفشّى بسرعة في ظل غياب الإدارة الرشيدة، وضعف مؤسسات الدولة وخسارتها هيبتها، وغياب سياسة محاربة الفساد، والأجور المُنخفضة لبعض المراكز الحساسة، ثقافة البلد إلى غير ذلك من العوامل. ويظهر الفساد أيضاً عند تلاشي الحدود بين منطق المصلحة العامة ومنطق المصلحة الخاصة.

إقتصاديًا كلفة الفساد على الإقتصاد اللبناني في العام 2019 فاقت الـ 13 مليار دولار أميركي (راجع مقالنا في الديار العدد 10829 تاريخ 24/06/2019). هذه الكلفة حرمت لبنان من اقتصاد كان ليفوق حجمه الـ 150 مليار دولار أميركي لولا الفساد المستشري الذي خلق منطق اللاعدالة وعدم توازن في توزيع الثروات في لبنان مما يفسر وجود نسبة عالية من الفقر.

تضارب المصالح

تضارب المصالح هو نتيجة للتوزيع البشري على مجموعات ويتجّلى هذا التضارب في حال وجود أكثر من مصلحة للشخص الموجود في مركز القرار مما يؤثّر سلبًا في رأيه وبالتالي فإن خياره هو نحو تحقيق المصلحة الشخصية ومصلحة مجموعته وهو ما يُعرف بالإقتصاد بالمصلحة الذاتية العقلانية (Rational Self Interest).

ولتفادي مُشكلة التأثير في الشخص في القطاع العام، قام الفرنسيون بإقرار قانون ينصّ على منع كل من يتعاطى الشأن العام بتعاطي الشأن الخاص مما يُعطي للشخص حرية في تقييم الوضع بكل موضوعية وبالتالي تفضيل المصلحة العامّة على المصلحة الخاصة ليعم النفع المجتمع فيستفيد بالتالي منه الفرد.

أمّا في القطاع الخاص، فقد تمّ تفادي هذه المُشكلة من خلال ما يُسمّى بـ «سور الصين» والذي يُستخدم كثيرًا في الشركات التي تتضارب مصالحها مع مصالح زبائنها مما يؤدّي إلى ضرب مصالح الزبائن. أيضًا درجت العادة في الشركات الكبيرة الحجم أن يقوم مجلس إدارة مُنفصل أصحاب الشركة بإدارة مصالح هذه الشركة.

أمّا في لبنان، فتضارب المصالح موجود على كل الأصعدة، إذ إن مُعظم المسؤولين يمتلكون مصالحهم الخاصة كما أن هناك تناغم كبير بين القطاع الخاص والمسؤولين عن الشأن العام! لا بل أبعد من ذلك، نرى أن الأداء السياسي في لبنان خلق دويلات طائفية داخل المُجتمع اللبناني أدخلت المحسوبيات إلى صميم القطاع العام والخاص حيث نجد شركات محسوبة بالكامل على أفرقاء سياسيين.

ولعل المثل الصارخ لتضارب المصالح تأليف السلطة التنفيذية من رحم السلطة التشريعية، وهذا الأمر داء لا علاج له إلا الكي.

عدم كفاءة أصحاب القرار

يعود وصف هذه المُشكلة إلى العام 1970 حين قام «لورانس بيتر» و«ريمون هول» بوضع نظرية حول ترقية الأفراد في الهرم الوظيفي. وتنص النظرية على أنه تتم ترقية الأفراد في الهرم الوظيفي طالما أنهم يعملون بكفاءة عالية، إلا أنه عاجلاً أم آجلاً ستتم ترقيتهم إلى مركز وظيفي لا يستطيعون فيه تحقيق الكفاءة نفسها. وتضيف النظرية إلى أن الأمر يستمرّ على هذا النحو إلى أن يأتي الوقت الذي سيكون فيه كل منصب وظيفي مشغولاً بموظف غير كُفْء. وبالتالي، وبحسب النظرية، «الأشخاص غير أكْفاء هم الذين يسيطرون في النهاية على المناصب المهمة برغم أنهم يفتقرون إلى الخبرة فيها».

كان للنظام السياسي في لبنان دور سلبي في تأمين ماكينة إقتصادية وأمن إجتماعي للمواطن. ويكفي النظر إلى ما وصلت إليه الأمور لمعرفة أن هذا الوضع لا يُمكن أن يستمر، وبالتالي من الضروري أن يتمّ العمل تشريعياً على نصّ قوانين وتطبيقها تتناول كلاً من منظومة الفساد، تضارُب المصالح، وعدم كفاءة الأشخاص المولجين بتولي مناصب عامة.

ضخ السيولة

أرقام الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي للدولة اللبنانية تُشير إلى أن لبنان ذاهب إلى كارثة إجتماعية سيكون أبرز نتائجها: الفوضى الأمنية. وهذا الأمر لم يعد ببعيد خاصة بعد قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان بوقف دعم المواد الأساسية بعد ثلاثة أشهر مع وصول إحتياطاته إلى مستوياتها الدنيا. من هذا المُنطلق أصبح من الضروري ضخّ السيولة بالعملة الصعبة في القطاع المصرفي ومن خلاله بالإقتصاد لتفادي الكارثة الإجتماعية. هذا الأمر (أي ضخ السيولة) لن يتمّ بحسب المجتمع الدولي إلا بعد القيام بإصلاحات التي على الحكومة القيام بها. هذه الأخيرة التي لم تتشكّل بعد، ونتوقع أن يطول أمر تشكيلها بحسب المعطيات الحالية، وهذا يُنذر بوضع إجتماعي كارثي في الأسابيع والأشهر القادمة، حيث إن الضربة القاضية قد تكون بعدول المجتمع الدولي عن دعم لبنان وهو ما سيُغيّر وجه لبنان الإقتصادي والإجتماعي. فهل يتمّ تفضيل المصلحة العامّة على المصلحة الشخصية، أم تحصل المعجزة الإلهية في لبنان؟

******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

الراعي: كفانا حروباً.. داهموا مخازن السلاح والمتفجرات

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسةالصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وألقى الراعي عظة تطرق فيها مجددا الى كارثة المرفأ فقال: ما يدمي القلب بالأكثر ويثير الغضب الشعبي هو أن بعض مسؤولي الدولة يتعاطون مع الكارثة من زاوية سياسية ويحولون دون تحقيق دولي يكشف بواسطة تقنياته وحياديته أسباب التفجير ويحدد المسؤوليات بتجرد ونزاهة. ويكاد الغضب الشعبي أن يتفجر عند رؤية المعنيين بتأليف حكومة جديدة، يقاربون عملية التأليف من منظار انتخابيٍ ومصلحيٍ ويضعون الشروط والشروط المضادة، كأن لا البلاد انهارت، ولا الجوع عم، ولا الكيان ترنح، ولا انفجار المرفأ حصل، ولا 200 شهيد سقطوا، ولا ألوفا من الجرحى، ولا مئات ألوف بدون مأوى، ولا بيروت تدمرت، ولا عقوبات قديمة وجديدة، ولا وباء كورونا يكسح البلاد.

إن الشعب والعالم يترقبان تأليف حكومة إنقاذ وطني واقتصادي سريعا دونما إبطاء، مهما كان السبب، شرط ان تتألف من رجالات إنقاذ. فلم مقاومة الإصلاح؟ ولم حصر السلطة بمنظومة أثبتت فشلها؟ إن ما نخشاه أن يكون أحد أهداف التسويف في تأليف الحكومة هو إعادة لبنان إلى عزلته التي كان يرزح تحتها قبل تفجير المرفأ، وعرقلة زيارات كبارِ مسؤولي العالم إليه، بغية تأكيد القرب من شعبه الأبي بما يقدمون من مساعدات.

اضاف: إن أوجاع ودموع ضحايا الانفجار، هي صرخة تصل إلى قلب الله، وتتحول كلمة منه إلى كل صاحب مسؤولية في قطاعه. خصوصا إلى السلطة اللبنانية لتعتبر كارثة مرفأ بيروت في مثابة جرس إنذار، فتبادر إلى دهم كل مخابىء السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى. إن بعض المناطق اللبنانية تحولت حقول متفجرات لا نعلم متى تنفجر ومن سيفجرها. وجود هذه المخابئ يشكل تهديدا جديا وخطيرا لحياة المواطنين التي ليست ملكا أي شخص أو فئة أو حزب أو منظمة. حان الوقت لأن تسحب هذه الأسلحة والمتفجرات من الأيدي لكي يشعر المواطنون أنهم بأمان، على الأقل، في بيوتهم.

لقد آلمتنا في هذا السياق حادثة مقتل 3 شبان بالأمس في بلدة كفتون بالكوره العزيزة، وهم علاء فارس وجورج وفادي سركيس، خلال تأديتهم واجبهم المكلفين به من قبل البلدية بصفتهم شرطة بلدية ومتطوعين للخدمة.

ولمناسبة صدور حكم المحكمة الخاصة بلبنان بشأن قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، نجدد التعازي إلى عائلاتهم. ونستذكر دوره في إعادة إعمار وسط بيروت، وتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية، وتعزيز علاقاته مع الدول العربية ودول العالم. هذا ما نحتاج إليه اليوم. نحتاج إلى شخصية تعيد، مع أصحاب الإرادات الحسنة، نسج هذه العلاقات العربية والدولية، وتخرج لبنان من عزلته الجبرية السياسية والديبلوماسية والاقتصادية التي تخنقه.

واعتبر الراعي إن وثيقة الحياد الناشط التي أعلناها في السابع عشر من آب الحالي، ولقيت شبه إجماع من التأييد، ليست مشروعا خاصا بالبطريرك أو بالبطريركية المارونية، بل هي عودة إلى صميم الكيان السياسي اللبناني، وطبيعة اللبنانيين على مر العصور، وباب خلاص للبنان وكل اللبنانيين. والحياد، كما أوضحت الوثيقة مفهومه، لا يقبل التجزئة في مكوناته الثلاث المتكاملة والمترابطة. وليس هو موضوع وفاق بل يسلتزم أولا وفاقا على الولاء للبنان، قبل الوفاق على الحياد. فمتى حصل الوفاق على الولاء للبنان، يصبح القبول بالحياد أمرا بديهيا.

لقد بات الحياد معيار قناعتنا بمفهوم لبنان الكبير ودوره التاريخي وصيغة الشراكة التي أرساها الميثاق الوطني وطورها اتفاق الطائف. إن بناء الدولة القوية مرهون باعتماد الحياد لا بالاستغناء عنه. وهذا ما نرجوه عشية الاحتفال بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير. صحيح أن لبنان صغير بمساحته، لكنه كبير بشعبه ورسالته.