افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الثلاثاء 18 آب 2020

 

افتتاحية صحيفة النهار

18 آب: العدالة الدولية تهزم الترهيب

تشاء المفارقات والمصادفات والظروف ان يتزامن تاريخ 18 آب 2020 مع حقبة خيالية في التأزم الخانق الذي يعيشه لبنان على كل المستويات والصعد خصوصا بعد أسبوعين تحديدا من الانفجار المزلزل الذي صنف كرابع اقوى انفجار عرفه العالم في مرفأ بيروت في الرابع من آب الحالي والذي تسبب بإرجاء جلسة النطق بالحكم النهائي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى اليوم. ومع ان لبنان يقيم اليوم على واقع كارثي بكل ما للكلمة من معنى ودلالات سواء في ما يتصل بالتداعيات المدمرة لانفجار 4 آب او في ما يتصل بالموروث الهائل لانهياراته المالية والاقتصادية والاجتماعية او في ما يتصل أيضا وأيضا في الانفجار الوبائي المتدحرج لفيروس كورونا الذي تحول اجتياحا مخيفا لمدن لبنان وبلداته وقراه في كل المناطق. مع كل هذا فان الساعات الاتية ستضع لبنان امام منقلب تاريخي غير مسبوق سواء اعترف بذلك المكابرون من هنا وهناك، ام ظلوا على سياسات النعامة يغطون رؤوسهم بالرمال الحارقة. الآتي هذا اليوم من مدينة لاهاي، عاصمة ومركز المحاكم الدولية او ذات الطابع الدولي، هو الحكم الذي طال انتظاره في قضية العصر التي اطلقت اشرس حرب اغتيالات عرفها لبنان في حروبه الداخلية او الحروب الخارجية عليه والتي حصدت نخب الحركة السيادية والاستقلالية بمنهجية إجرامية قلما عرفها بلد في العالم الا حيث الأنظمة الديكتاتورية العاتية تحت حكم الطغاة الدمويين. اليوم هو يوم احكام العدالة الدولية في قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الذين سحقوا وحرقوا وقتلوا بأبشع الصور الاجرامية التي عرفتها جريمة اغتيال جماعية في العالم بل هي كانت مجزرة إجرامية بكل معايير المجازر الوحشية. منذ مطالع الحرب في لبنان، كاد اللبنانيون يقعون في لجة اليأس من العدالة المحلية بعدما فقدوا نخبا سياسية وزعماء ورجال سياسة وفكر واعلام في حقبات مختلفة وأحيلت عشرات الجرائم على المجلس العدلي وعبثا ونادرا ما انكشفت حقيقة او اعتقل قاتل او اقتيد مجرم الى السجن. لم تنكسر هذه الحلقة القاتمة في تاريخ الجرائم السياسية والإغتيالات والتصفيات السوداء واستباحة دماء الخصوم والمناضلين الا في تلك المعركة الطويلة المضنية التي خاضها المعسكر السيادي المتمثل بثورة الأرز وانتفاضة 14 آذار عقب انطلاق حرب الاغتيالات ومحاولات الاغتيال وزلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري بحيث صار انشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الحدث المنقلب الأكبر في مجريات الحدث اللبناني داخليا وامميا بانتزاع حق وإنجاز انشاء هذه المحكمة الدولية الأولى ذات الاختصاص الحصري بجرائم الإرهاب وإحالة جريمة اغتيال الحريري عليها والجرائم المترابطة ضمن اطار زمني يبدأ بمحاولة اغتيال مروان حمادة ويمتد حتى جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني. بين 14 شباط 2005 تاريخ اغتيال الحريري الى 18 آب 2020 سيقيم الحكم الذي ستلفظه المحكمة الخاصة بلبنان اليوم جدارا فاصلا بكل المعايير التاريخية بين عصر الإفلات من العقاب وفجر عصر المحاسبة والعقاب المشروع والعدالة التي ستلف حقائقها الساطعة الحاسمة غير الخاضعة لاي معيار غير معيار الحقائق العلمية مهما شكك المدانون ومن حركهم ومن دفعهم ومن امرهم ومن تواطؤ على السلم الأهلي والاستقرار والاعمار والتطور اللبناني عبرهم سواء لأهداف ذاتية ام تبعا لاهداف تآمرية خارجية. اليوم ومهما تفنن المشككون في حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وزعموا انه صناعة عدوة سيكون تاريخ نهاية عصر الترهيب الذي يتوسل التصفية الجسدية والشخصية الاجرامية وسيلة لفض النزاعات السياسية واثارة الفتن النائمة واشعال الحساسيات الطائفية والمذهبية بلوغا الى تقويض الأمان الاجتماعي والأمني.. كل ذلك تحت ستار لغة مزدوجة تزعم الحرص على السلم الأهلي والاستقرار وتجنب كل ما من شأنه اثارة الفتن! أيا تكن ردود الفعل الداخلية والخارجية المرحبة او الرافضة او المتحفظة او الـ “ما بين بين ” على الحكم الذي ستصدره “محكمة الحريري” كما صارت موصوفة في الاعلام العالمي منذ إنشائها فليس هذا حدثا يتكرر ان يصدر حكم بأعلى مواصفات التحقيقات والمحاكمات الأعرق في الاحتراف القضائي في هذه القضية بما يفتح الباب على الغارب امام الامال المعلقة على استكمال سلسلة المحاكمات في القضايا المترابطة. لذا سيكون لبنان بأسره مشدودا اليوم الى متابعة وقائع لفظ الحكم في قضية اغتيال الحريري باعتباره يوم العدالة الدولية التي لا نقول انها ستثأر لدماء الحريري ورفاقه الشهداء الذين سقطوا بتفجير طن ونصف الطن من المتفجرات بل ستحقق حكم العدالة في الجناة والمدانين وترفع هذا الحكم علامة بدء العد العكسي لتسوأ عصور الاستباحة الدموية في فض النزاعات.

المحكمة والتحقيق الدولي

يصادف ان يصدر حكم الحريري اليوم في عز الجدل الصاعد في لبنان وخارجه حول المطالبة اللبنانية المتسعة والكاسحة بتحقيق دولي أيضا في زلزال 4 آب الذي قضى على نحو 200 شهيد لبناني وحول ايام لبنان في الأسبوعين الأخيرين مأتما قاتما لعشرات الشهداء والشباب الامر الذي سيحتم اكثر فاكثر إلحاح المضي في هذا المطلب نظرا للانهيار التام الناجز النهائي للثقة بالسلطات المحلية مهما تفننت الان في محاولة احتواء اكبر غضبة لبنانية حيال مسؤولية هذه السلطة عن الانفجار المخيف وما تركه من خسائر مرعبة بشرية ومادية ومعنوية. ولم يكن ينقص اهل السلطة من إدانات متراكمة سوى تغريدة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش مساء امس اذ كتب كاشفا انه “بقلق شديد بحث اليوم (امس) سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان الازمة المتفاقمة في البلاد والتحذيرات الصارمة التي وجهها زوار رفيعو المستوى للسلطات والقادة السياسيين الذين جاءت اغلب ردود افعالهم مخيبة للآمال “.

بين الحريري والحزب

اما من الناحية السياسية والوطنية وأيضا من زاوية الحق الشخصي الشرعي في تحصيل العدالة واحقاق الحق ولو بعد 15 عاما من الجريمة المجزرة فان الأنظار ستتجه الى مضمون البيان المهم الذي سيلقيه الرئيس سعد الحريري عقب صدور الحكم والذي سيتضمن موقف الحريري الابن من نتائج الحكم على المتهمين الأربعة من “حزب الله” باغتيال والده علما ان الحريري وصل امس الى لاهاي مع وفد يضم عددا من الأصدقاء والمستشارين وأقرباء بعض الضحايا. واذا كان موقف “حزب الله” معروفا بتشكيكه بالحكم سلفا بل بعدم اعترافه بالمحكمة فان ذلك لا يعني اطلاقا تجاهل الزلزال الذي سيفتحه الحكم في وجه الحزب اذا جاء بإدانة عناصره الأربعة وسط ظروف تضعه في عين العاصفة القضائية الدولية كما في عين عواصف أخرى. ومع ان الثابت عشية صدور الحكم ان لا الحريري ولا الحزب يذهبان في اتجاه اذكاء مناخ فتنوي فان ذلك لن يقلل اطلاقا الأهمية الكبيرة لتأثير صدور الحكم على مجريات الوقائع الصعبة التي يجتازها لبنان بدءا باستحقاق تلقي الحكم وتردداته ومرور كل ذلك باستحقاق تشكيل الحكومة الجديدة وما بعدها.

*********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

حكمت المحكمة

منذ 186 شهراً ولبنان ينتظر يد الحقيقة لتنتشله من “حفرة السان جورج”… أيادٍ كثيرة امتدت للعبث بساحة الجريمة لكنها بقيت قاصرة عن طمس معالمها. مسار دم ودمار مستمرّ منذ 15 عاماً لم يترك خلاله قتلة رفيق الحريري قنبلة دموية أو دخانية إلا واستخدموها لوأد الحقائق وتفخيخها والتعمية عنها، لكنّ قنابل العدالة المضيئة ظلت متوهجة في الأفق تخطّ خطى اللبنانيين على طريق الأمل بالوصول إلى خاتمة تروي دماء الشهداء وتفضح المجرمين. ساعة الحقيقة دقّت واليوم موعدها. الشك سيقطعه اليقين والقاتل “سيُحكم” ولو بعد حين… ولا شيء يوازي دوي انفجار 14 شباط 2005 سوى دويّ مطرقة “حكمت المحكمة” التي ستدل بالإصبع والأدلة والوقائع على من خطط وموّل ونفّذ الجريمة… أحياءً كانوا أم أمواتا.

إذاً، عيون بيروت والعالم ستكون شاخصة اليوم إلى لاهاي، حيث ستنطق المحكمة الخاصة بلبنان بحكمها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه على امتداد ثلاث جلسات تعقدها هيئة المحكمة ابتداءً من الساعة 12 ظهراً بتوقيت بيروت لتنتهي إلى إصدار الحكم عند الرابعة والتصف عصراً. وتلقائياً بعدها ستتجه الأنظار إلى رصد مضامين الموقف الذي سيطلقه الرئيس سعد الحريري من أمام مقر المحكمة الدولية ربطاً بما أظهرته الحقيقة ووثقته العدالة الدولية في قضية استشهاد والده، بينما البوصلة السياسية والأمنية ستكون متمحورة حول تطويق مفاعيل الحكم في الشارع اللبناني لا سيما على محوريه السني والشيعي، إذا ما ثبتت إدانة عناصر من “حزب الله” في اغتيال الحريري.

ومن هذا المنطلق، كشف مصدر أمني رفيع لـ”نداء الوطن” أنّ أوامر أعطيت لكافة الأجهزة الأمنية بالاستنفار في بيروت وفي المناطق ذات الغالبية السنية كطرابلس وعكار وصيدا والبقاع تحسباً لأي تداعيات ميدانية تعقب النطق بحكم المحكمة الدولية، موضحاً أنّ “وحدات من كافة الأجهزة الأمنية تم استنفارها ليس بهدف قمع حرية التعبير وإنما بسبب وجود معلومات تفيد بأنّ بعض الجهات ستعمل على استغلال مشاعر الناس في الشارع السني عبر زج بعض المندسين بين صفوفهم لحضهم على إحداث أعمال شغب قد تؤدي في مناطق تقع على تماس مع الجمهور الشيعي، كبيروت مثلاً، إلى إشكالات يُخشى أن تتطوّر وتتحوّل في مرحلة لاحقة إلى اشتباكات”.

أما على المقلب الآخر، فتؤكد مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” لـ”نداء الوطن” أنّ “قيادة الحزب أوعزت إلى كوادرها الميدانية بالعمل على ضبط الشارع في مختلف مناطق نفوذ “حزب الله” انضباطاً تاماً ومنع الانجرار إلى أي ردات فعل شعبية قد تؤدي إلى الصدام مع الشوارع الأخرى”، لافتةً إلى أنّ “الحزب يعلم أنّ الحملة ستكون ضده شرسة بعد صدور حكم المحكمة الدولية وهناك محاولات حثيثة ستبذل لزج جمهوره في إشكالات وصدامات ميدانية، لكنه مصمم في المقابل على منع حدوث ذلك، وهو سيكون خلال الساعات المقبلة في أعلى مستويات التأهب ولو بشكل غير مرئي وعلني على الأرض لمحاولة تطويق أي إشكال ومنع تطوره”، مع إشارة المصادر في الوقت نفسه إلى أنّ “أحداً لا يمكنه في نهاية المطاف تقدير الحجم الذي سيبلغه الاستفزاز في الشارع، ولذلك فإنّ خطر وقوع الإشكالات سيبقى قائماً ولا يستطيع أي طرف التكهن مسبقاً بما ستؤول إليه الأمور”.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

وأخيراً .. ستسطع الحقيقة من لاهاي … وكورونا: الوقاية أو الإنتحار

إن بقينا على هذا المنوال من التراخي والاستلشاء واللامسؤولية، فلن يتأخّر الفيروس الخبيث في ان يطرق باب كل بيت، وأيّ ندم ينفع بعد ذلك؟

الوباء يتفشّى اكثر فأكثر، وها هو يحصد المئات يوميًّا، والتحذيرات تأتي من كل حدب وصوب وتنذر بأنّه يقترب، او هو اقترب فعلاً من ان يشكّل تسونامي وبائياً، ويصبح خارج السيطرة نهائياً إن لم تُعتمد الإجراءات الوقائية الكابحة لانتشاره المريع. اما الأخطر من الوباء نفسه، هو المواطن اللبناني الممعن في فقدانه الحسّ بالمسؤولية، ويرتكب عن سابق تصوّر وتصميم واهمال ومكابرة وجهل وغباء، الجريمة الكبرى بحق نفسه وابنائه وعائلته، من دون ان يدرك بأنه يمهّد الطريق لفيروس «كورونا» للفتك بكلّ المجتمع اللبناني.

السكوت على هذه الجريمة، لم يعد جائزاً على الاطلاق، فالبلد المخنوق أصلاً، بأزمات في كلّ مفاصله الاقتصادية والمالية لم تبق لديه ولو نسبة ضئيلة من القدرة على النهوض، ناهيك عن آثار الكارثة التي احدثها انفجار «نيترات الموت» في مرفأ بيروت، التي اضافت الى اهتراء الوضع اللبناني اهتراء اكبر واشدّ. وبالتالي امام هذا الواقع الاسود، صار لا بدّ من وسيلة رادعة، أقلّها إعلان حالة الطوارئ الصحيّة الجديّة، والصارمة والالزاميّة، أسوة بدول العالم، حتى ولو اقتضى «أحكاماً عرفية» بحق المكابرين، تحجز الناس في بيوتهم وتمنع تجولهم، وتفرض عليهم عدم الاختلاط ولو بالقوة.

ليس في هذا الطرح اعتداء على الحرّيات، بل هو امام ما وصل اليه الوضع، يشكّل السبيل الأوحد والمتبقّي لحماية البلد واهله من الاندثار والسقوط النهائي امام الوباء الخبيث.

وزير الصحة

الى ذلك، وفيما بحث رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب مع السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين امكان حصول لبنان على كمية من اللقاح الروسي الجديد ضد فيروس كورونا، شدّد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن على «أنّنا وصلنا إلى شفير الهاوية فعلًا، ولم يعد لدينا ترف الوقت ولا مزاجيّة الإلتزام من قِبل المواطنين».

واذ اكّد حسن في مؤتمر صحافي، بعد اجتماع اللجنة العلميّة الطبيّة، أنّه «أصبح لدينا تفشٍّ لوباء «كورونا» في معظم المناطق اللبنانية ولم تعد هناك أي منطقة أو قرية خالية من «كورونا»، شدّد على «وجوب احترام الإجراءات والتوصيات من قِبل الجميع. ففي هذه المرحلة بالذات، لا مجال للمناورة أو الاستخفاف بالإجراءات».

وأعلن حسن، أنّ «التوصية الأولى هي الإقفال العام لمدّة أسبوعين»، مفسّرًا أنّ «توصية الإقفال لمدّة أسبوعين هي أقل فترة زمنيّة تسمح لأطقم الصحّة والفرق الميدانيّة، أن تتتبّع المخالطين وتسعفهم، وتخفّض عدد المصابين بـ»كورونا»، إلى حدّ يستطيع النظام الصحّي استيعاب عدد الإصابات. لدينا أكثر من منطقة فيها إصابات، وحالات تعاني من عوارض، ولم يتمّ تأمين أسرّة لهم بعد».

ولفت الى انّه بات من الصعب على المستشفيات الخاصة والحكوميّة في العاصمة بيروت خصوصًا، أن تستقبل حالات إضافيّة مصابة بـ»كورونا»، ويجب إنشاء مستشفيات ميدانيّة وتخصيص البعض المجهّز منها والّتي وُضعت حيّز العمل، لعلاج المرضى المصابين بـ»كورونا». موضحًا أنّه «سيُصار إلى دفع علاج وتغطية فواتير «كوفيد- 19» على نفقة وزارة الصحة العامة في المستشفيات الخاصة، بحسب القرض المخصّص من «البنك الدولي».

«نيترات الموت»

قضائياً، باشر المحقق العدلي في انفجار «نيترات الموت» في مرفأ بيروت القاضي فادي صوان تحقيقاته، حيث استجوب امس، وعلى مدى 4 ساعات ونصف الساعة، المدير العام للجمارك بدري ضاهر، في حضور وكيلي الدفاع عنه المحاميين منيف حمدان وجورج خوري. وفي نهاية الاستجواب أصدر القاضي صوان مذكرة توقيف وجاهية بحق ضاهر، لينتقل القاضي صوان بعد ذلك الى مرفأ بيروت لتفقد موقع التفجير ومعاينة الأضرار الناجمة عنه.

يأتي ذلك في وقت استمر فيه عمل الخبراء المحليين والاجانب في موقع التفجير لتبيان ملابساته وتحديد اسبابه ما اذا كانت نتيجة اهمال، او نتيجة عمل مقصود بفعل فاعل، وذلك بالتوازي مع استمرار وصول المساعدات الانسانية الدولية، وحطّت لهذه الغاية مجموعة من الطائرات، الى جانب بعض السفن المحمّلة بمواد طبية وغذائية. فيما اعلنت الخزانة الاميركية انّ وزراء مالية مجموعة السبع بحثوا تقديم الدعم للشعب اللبناني.

فلتمان لتحقيق شفّاف

وطالب السفير السابق للولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان جيفري فلتمان بتحقيق شامل شفاف وموثوق لإنفجار مرفأ بيروت.

وقال في حديث تلفزيوني: يجب أن يكون هناك نوع من الخبرات الشرعية ونوع من الخبرات الشرعية المحايدة التي ستكون قادرة على النظر في كيف كان هذا المرفأ يعمل بالتفاصيل، ولا أعتقد أن مَن هم خارج المرفأ يدركون كيف تسير العمليات في المرفأ نظراً لغياب الشفافية لدى «حزب الله» الموجود هناك مع غيره، لذلك، يجب ألّا يتمحور التحقيق فقط حول ما أطلق شرارة الإنفجار، ولكن أيضاً يجب أن يتمحور حول كيفية عمل المرفأ وكيفية عمل الدولة بطريقة سمحت لهذه الكميات من المواد المتفجرة في البقاء بوضع غير آمن طوال 7 سنوات.

وتوقّع فلتمان أن يؤثر إنفجار بيروت بشكل أكبر مما شهدناه بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي جرى في 14 شباط 2005.

النطق بالحكم

سياسياً، اليوم الثلثاء 18 آب 2020، هو يوم المحكمة الدولية للنطق بالحكم في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، و21 شخصاً استشهدوا معه.

وعشية اصدار هذا الحكم، المنتظَر منذ يوم الجريمة في 14 شباط 2005، اي منذ ما يزيد عن 15 عاماً، لإنزال العقاب بالقتلة، تزدحم الاجواء اللبنانية بالاسئلة وعلامات الاستفهام حول ماهية الحكم، وما اذا كان سيحمل جديداً عمّا بات معلوماً حول هويات المتهمين، وما اذا كان هذا الحكم سيكتفي بحصر الجريمة بأشخاص محدّدين، ام أنّه سيأتي بصيغة اشمل، لا تتوقف عند الاشخاص المتهمين، بل تتوسع الى مرجعيتهم الحزبية؟

ما بات مؤكّداً، هو انّ الحكم سيطال اشخاصاً مرتبطين بـ»حزب الله»، وهو سليم عياش، حسن مرعي، حسين عنيسي وأسد صبرا، والحزب، عبر امينه العام السيد حسن نصرالله، استبق النطق به قبل يومين، بقوله: «انّ حزب الله ليس معنياً بهذا الحكم، واذا حُكم على اي من اخواننا بحكم ظالم كما هو متوقع، نحن متمسكون ببراءة اخواننا، وبأنّهم ابناؤنا وافرادنا، وهذا هو موقفنا، وهو قرار كأنّه لم يصدر، لأنّه قرار صدر منذ سنوات بعيدة بالنسبة الينا».

الّا انّ السؤال الذي يفرض نفسه، امام هذا الحدث، يدور حول تداعيات هذا الحكم، وكيف سيتلقفه الشارع اللبناني، وكيف سيقاربه الأطراف المعنيون به، وعلى وجه الخصوص البيئة الحريرية السياسية والعائلية؟ وكيف سيتلقفه لبنان الرسمي، وكيف ستتلقفه القوى السياسية المنقسمة اصلاً حول المحكمة الدولية؟

حبس انفاس

يسود الوضع العام عشية صدور الحكم، حال اقرب الى حبس الانفاس، وخصوصا انّ لحظة النطق به، تشكّل نقطة فاصلة بين مرحلة امتدت على 15 عاماً من التحقيقات والبحث عن القتلة، ومرحلة جديدة بعده، من الصعب التكهن مسبقاً بالوقائع التي قد تتدحرج فيها، علماً انّ اجواء ما قبل صدور الحكم عابقة بسيناريوهات سلبية، خلاصتها انّ الحكم ستترتب عليه تداعيات تهزّ لبنان، ليس اقلّها تضييق الخناق على «حزب الله».

امين عام «حزب الله»، نبّه في اطلالته قبل نهاية الاسبوع الماضي، مما سمّاها «محاولة استغلال المحكمة» لدفع الامور في اتجاه الاستفزاز والشتائم والسباب. فيما اكتفى الرئيس سعد الحريري بالاعلان قبل ايام، عن انّه سيكون له موقف بعد صدور الحكم، من دون ان يحدّد وجهة هذا الموقف. وفي موازاة ما قيل عن انّ موقف الحريري سيكون عقلانياً واستيعابياً، اكتفى مقرّبون منه بالاشارة الى انّ موقف الرئيس الحريري سيكون موضوعياً ومسؤولاً، لأنّه يريد فقط ظهور الحقيقة وتحقيق العدالة». فيما ذهب آخرون الى القول بأنّه لا يريد الانتقام.

الموقف السعودي

على انّ التطوّر البارز في هذا السياق، تمثل في الزيارة المفاجئة التي قام بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى بيت الوسط، ولقائه الرئيس الحريري، وهي الزيارة الاولى له منذ فترة ، واعلانه «اننا جميعاً نترقب ساعة النطق بالحق والحقيقة، من محكمة دولية بحجم الشهيد رفيق الحريري، العدالة الالهية ستنتصر لدم الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وتضع لبنان على خارطة تحقيق السلم الدولي». واللافت اكثر من زيارة السفير السعودي الى بيت الوسط، انّها تأتي غداة تغريدتين للبخاري تنطويان على دلالة، حيث قال في الاولى «السعودية ترحّب بتصنيف جمهورية ليتوانيا لـ»حزب الله» منظمة ارهابية، ومنع دخول افراد المنظمة الى اراضيها»، وكتب في التغريدة الثانية: «الخارجية الاميركية: نرحّب بتصنيف «حزب الله» اللبناني كمنظمة ارهابية».

وفيما غادر الرئيس سعد الحريري الى لاهاي ليكون حاضراً في لحظة النطق بالحكم، ومعه النائبان السابقان مروان حمادة وباسم السبع، وعدد من ذوي الشهداء، راجت معلومات عن انّ تيار «المستقبل»، وبتوجيهات من الحريري، طلب الى مناصريه ضبط النفس وعدم القيام بأي ردود فعل بعد صدور الحكم.

لا استشارات

في المقلب السياسي الآخر، فإنّ الدخان الحكومي ما زال داكناً، وعدم التوافق على اسم الشخصية التي ستشكّل الحكومة الجديدة، يبدو انّه سيمنح الحكومة المستقيلة فترة مديدة من تصريف الاعمال، ليس في الامكان تحديد سقفها الزمني، إذ لا حركة المشاورات الخارجية التي تتمّ برعاية فرنسية مباشرة مع الاميركيين والسعوديين، وصلت الى حسم اسم تلك الشخصية، وثمة مواكبون لحركة المشاورات هذه يرجحون صعوبة حسم الاسم في المدى المنظور، ولا حركة المشاورات الداخلية، وعلى محدوديتها، تقاطعت حول اسم معيّن، ولا نجحت حتى الآن في اختراق جدران الشروط التي يضعها الرئيس سعد الحريري لعودته من جديد الى رئاسة الحكومة.

على انّ البارز في هذا السياق، هو انّ المشاورات الداخلية، هي اقرب الى تقطيع الوقت، اذ انّ اطرافها على اختلافهم، وإن كان لكل منهم مرشحه الذي يراه مناسباً لترؤس الحكومة الجديدة، متيقنون من انّهم لا يمتلكون قدرة حسم اسم رئيس الحكومة، وخصوصاً انّ هذه المهمة منوطة هذه المرة، وبالكامل بالطباخ الخارجي.

مزيد من الوقت

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ التواصل استمر بين رعاة حركة المشاورات الخارجية، وجهات لبنانية مسؤولة، حيث تبلّغت هذه الجهات انّ الامور ليست مقفلة، وانّ «الطبخة الحكومية» بدءاً بحسم اسم رئيس الحكومة، ما زالت تحتاج الى انضاج، والى مزيد من الوقت. وانّ الفرنسيين ما زالوا يدفعون في اتجاه الانضاج السريع لهذه الطبخة، ولكن ثمة في المقابل برودة ملحوظة في الموقف الاميركي، ومن خلاله الموقف السعودي، حيث لم تتوفر حتى الآن التغطية المطلوبة والكاملة لأي من الاسماء المحدودة جداً التي تمّ التداول بها، الّا انّ الميل ما زال ملحوظاً نحو اسم الرئيس سعد الحريري، ولكن من دون ان يُحسم ذلك حتى الآن، فيما تراجعت حظوظ السفير نواف سلام، بعدما ثبت انّ اسمه لا يشكّل نقطة توافق عليه، بل انّ اعتراضات شديدة عليه وردت الى الراعي الخارجي للمشاورات، من قِبل فرقاء لبنانيين.

وبحسب المعلومات، فإنّ ما تبلغته الجهات اللبنانية من المطبخ الخارجي ايضاً، يفيد بأنّ اسم رئيس الحكومة يأتي في الدرجة الثانية من حيث الأهمية، بالنسبة الى الطباخ الخارجي، ذلك انّ ما هو اهم من اسم الرئيس، مواصفات الحكومة الجديدة، وشكل التمثيل فيها، مع اعطاء الافضلية لحكومة «تكنو – سياسية»، ذات تمثيل ومحتضنة شعبياً وتحمي الاستقرار الداخلي وتعبّر عن ارادة الناس وتطلعاتهم في التغيير، واجراء الاصلاحات التي عبّروا عنها منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، ومع رغبة اميركية شديدة في ان يكون «حزب الله» خارج هذه الحكومة، والّا يتمثل فيها بشكل مباشر.

وتضيف المعلومات، انّ الحال نفسه ينطبق على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حيث قيل صراحة في المطبخ الخارجي، انّ عودته الى الحكومة ستشكّل تحدّياً كبيراً جداً للشريحة الواسعة من اللبنانيين التي نزلت الى الشارع في 17 تشرين وما بعده. وثمة اشارة بالغة الدلالة مرتبطة بالموقف الاميركي من باسيل، تجلّت خلال زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل الى بيروت، واستبعاده باسيل من برنامج لقاءاته، علماً انّ ثمة من سعى حثيثاً الى اتمام هذا اللقاء، لكنه فشل في ذلك.

خلاصة المشاورات الداخلية

الى ذلك، قدّمت مصادر سياسية معنية بحركة المشاورات الداخلية لـ»الجمهورية»، خلاصة بما بلغته هذه المشاورات حتى الآن:

– اولاً، كل الاطراف المعنية بالملف الحكومي، متقاطعة عند مسلّمة اكيدة، وهي حماية الاستقرار الداخلي والحفاظ على السلم الاهلي وتجنّب كل ما يمكن ان يمس بهما، او يجر البلد الى توترات من اي نوع كانت، وهذا ما يؤكّد عليه المجتمع الدولي بشكل عام. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد شدّد على هذا الامر خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، وكذلك فعل وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل، الذي اكّد على اولوية الاستقرار.

– ثانياً، كل هذه الاطراف، مدركة حجم الأزمة الاقتصادية والمالية التي وصل اليها لبنان، وحجم الكارثة الكبرى التي احدثها انفجار «نيترات الامونيوم» في مرفأ بيروت، وبالتالي هي متيقنة انّ ما كان يصلح قبل انفجار «نيترات الموت» في 4 آب لم يعد ممكناً ما بعده، وبالتالي هي ملتزمة بشكل قاطع بوجوب سلوك مسار الاصلاحات في شتى المجالات، بوصفها خشبة الخلاص والمعبر الالزامي والوحيد للخروج من هذه الازمة.

– ثالثاً، لا يوجد في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، اي اسم متداول سوى اسم الرئيس سعد الحريري، وبالتالي كل الاسماء التي يتمّ التداول بها، هي اسماء اعلامية لا أكثر، وتأتي خارج المشاورات الجارية، اي انّها غير جدّية. ( جدير ذكره هنا، انّه برغم عدم جدّية الاسماء المطروحة غير اسم الحريري، فإنّ «حزب الله» عبّر عن رفض قاطع ونهائي لإسم السفير نواف سلام، وهذا ما تمّ ابلاغه لمعنيين بحركة المشاورات).

– رابعاً، لا حكومة حيادية، ولا حكومة مستقلة، ولا حكومة تكنوقراط على شاكلة الحكومة المستقيلة، بل حكومة تكنو – سياسية، اكثريتها من الاختصاصيين، توحي بالثقة للبنانيين، وتحظى بغطاء اقليمي ودولي، وتؤمّن من خلال برنامجها الاصلاحي، مفتاح الدعم الدولي للبنان.

– خامساً، الأولوية لحكومة جامعة تتمثل فيها كل الاطراف، ولا «فيتو» على مشاركة اي طرف، الّا من يضع هو نفسه «فيتو» على مشاركته، فهذا شأنه، وسيُحترم قراره، ولن يقاتل احد لاقناعه بالمشاركة.

– سادساً، الاولوية لحكومة تتشكّل سريعاً، وتنهي حال تصريف الاعمال، الذي كلما طال امده، تراكمت اضرار اضافية على البلد، وتنفذ برنامج عمل حثيثاً لإزالة آثار انفجار المرفأ، ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبوتيرة مختلفة عمّا كانت سائدة مع الحكومة السابقة، وفضيحة الاشتباك على الارقام وتقدير حجم الخسائر، على ان تستمر في عملها الحثيث هذا حتى نهاية ولايتها مع الانتخابات النيابية المقبلة، ومعنى ذلك لا انتخابات مبكّرة على الاطلاق. (اشارة هنا الى انّ تكتل «الجمهورية القوية» قدّم امس اقتراح قانون معجلاً مكرّرا لتقصير ولاية المجلس النيابي، لتنتهي في تاريخ 9 ايار 2021، على ان تجري الانتخابات لانتخاب مجلس جديد قبل هذا التاريخ).

– سابعاً، بالنسبة الى التمثيل في الحكومة، فكل شيء مرتبط فيه قابل للبحث، موقف «حزب الله» يتسم بالليونة، وليس هناك اصرار لديه على المشاركة في الحكومة عبر حزبيين.

لا شيء محسوماً

وعندما تُسأل المصادر عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس الحكومة، تؤكّد استحالة تحديد موعد لاجراء هذه الاستشارات قبل معرفة هوية رئيس الحكومة، وحتى الآن لا شيء محسوماً، ولكن من المؤكّد انّ تكليف رئيس الحكومة سيتم قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت المحدّدة مطلع ايلول المقبل.

ما ذكرته هذه المصادر السياسية ينطوي على شيء من التفاؤل بحسم التكليف في غضون ايام قليلة (الحريري الاوفر حظاً)، وبأنّ مسألة مشاركة «حزب الله» في الحكومة لن تشكّل عقدة مستعصية على الحل (اذ يمكن استنساخ تمثيل الحزب في حكومة حسان دياب). الاّ انّ ما تخشى منه هذه المصادر، هو ان نصل بعد التكليف الى السقوط في عقدة او عِقد مستعصية في مرحلة التأليف، حيث قد تكمن في توزيع الحقائب الوزارية، في ظلّ طروحات بدأت تظهر من الآن عن تمسّك بعض الاطراف بذات الحقائب الوزارية التي كان يمسكها، في مقابل طروحات بإعادة خلط الوزارات السيادية، وكذلك اعادة خلط الوزارات الخدماتية الاساسية، وخصوصا تلك التي كانت محسوبة على جهات معينة واسنادها الى جهات اخرى، ومن بينها على وجه التحديد وزارة الطاقة ووزارة الاتصالات.

وكان موضوع الإستشارات الملزمة محور اتصال أجراه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تبيّن أن لا موعد للإستشارات خلال هذا الأسبوع، واتفقا على استمرار التواصل بينهما.

بري: اسمّي الحريري

الى ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، انه يسمّي الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لافتاً الى انّ لا شروط لدى الحريري. مشيرًا الى انّه ابلغ هذا الامر الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف ووكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل.

ورداً على سؤال حول الشروط التي يضعها الرئيس الحريري قال: «ليس لديه اي شروط، وهنا اقول من لديه غير سعد الحريري حاليا فليقدّمه».

وقال بري: «لا حل ولا خلاص للبنان الّا بأن يمتلك الجميع جرأة وشجاعة الذهاب نحو الدولة المدنية. فخلاص لبنان لا يكون الّا بالإقدام على هذه العملية الجراحية الدستورية».

وسأل بري : «اذا كان ذلك مستنداً على قاعدتين اساسيتين هما الحفاظ على الدستور وحفظ حقوق الاديان والطوائف، فما الذي يمنعنا من القيام بهذا الامر؟»، وقال: «من الخطا ان يعتقد احد ما انّ هذا الطرح ليس اوانه اليوم، بالعكس هذا كان يجب ان يحصل قبل عشرين عاماً». مشيراً الى انّ كل ذلك منسجم مع الدستور وخاصه المادة 22 منه، والتي تتحدث عن انتخاب مجلس للنواب وطني، وعن مجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحيه وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية.

ورداً على سؤال حول ما طلبه المبعوث الأميركي دايفيد هيل، أكّد بري أنّ «المطلوب كان حكومة جامعة وقوية وقادرة على اتخاذ القرارات والإصلاح، تراعي شروط اليوم وتراعي كذلك الإصلاحات المطلوبة دولياً» مؤكّداً انّ «الاصلاحات مطلوب السير فيها بسرعة وأي مضيعة للوقت هي خسارة للمصير».

وعن المحكمة الدولية، اعتبر بري أنّ «كل الأجواء التي صدرت عن نجلي الرئيس الشهيد سعد وبهاء، هي إيجابية وتبعد شبح الفتنة والمزيد من التأجيج».

وحول التحقيق في انفجار المرفأ قال بري: «الخوف من انتهاء ملف التحقيقات برؤوس صغيرة، بل يجب أن تطال كل من له علاقة بهذه الفاجعة مهما كانت الرؤوس كبيرة، لا غطاء على أي أحد يثبت تورطه بالموضوع، وإن احتاج الأمر تعديلات دستورية أنا جاهز لأقوم بها ولا أغطي أحداً».

وعن ترسيم الحدود، أوضح بري: «أننا على بعد أيام أو أسابيع للإعلان لوضع آلية ترسيم الحدود، وبعد الكشف عنها، يُحال الملف للسلطة التنفيذية، وإن أتى شينكر نهاية الشهر يمكن أن يحمل رداً إسرائيلياً- أميركياً حول الموضوع».

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

التكليف والتأليف يترقبان ردود الفعل على الحكم في اغتيال الحريري اليوم

القوى الأمنية اللبنانية تتخذ تدابير لمنع إحداث فتنة شيعية ـ سنّية

محمد شقير

ينتقل المشهد السياسي اللبناني اليوم من بيروت المنكوبة إلى لاهاي اليوم (الثلاثاء) مع استعداد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإصدار حكمها البدائي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه وعشرات الضحايا الذين سقطوا من جراء الانفجار الذي استهدفه في 14 فبراير (شباط) العام 2005 في حضور زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والنائب المستقيل مروان حمادة وعدد من المحامين من وكلاء الدفاع عن الضحايا.

ويأتي صدور الحكم البدائي القابل للاستئناف بالتلازم مع تريُّث رئيس الجمهورية ميشال عون في تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا ما يفرض على جميع الأطراف ترقُّب ما سيصدر من ردود الفعل على الحكم بعد طول انتظار استمر لأكثر من 15 عاماً، بدءاً بالحريري الابن، مروراً بالأطراف السياسية وإن كان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الذي كرّر قوله في إطلالته السبت الماضي بأن «الحزب ليس معنياً بالحكم»، وانتهاءً بمن يحاول المزايدة شعبوياً على الموقف الذي سيتخذه رئيس الحكومة السابق.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية بارزة بأن الحريري كان التقى على التوالي قائد الجيش العماد جوزيف عون والمديرين العامين لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والأمن العام اللواء عباس إبراهيم قبل ساعات من حصول الانفجار في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الجاري.

وكشفت المصادر الأمنية أن هذه اللقاءات عُقدت بطلب من الحريري وخُصّصت للبحث في الإجراءات والتدابير التي يُفترض أن تتخذها القوى الأمنية عشية صدور الحكم الذي كان متوقعاً يوم الجمعة في 7 أغسطس الماضي قبل أن يتم ترحيله إلى اليوم بسبب الانفجار المدمّر الذي أصاب بيروت.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن الحريري شدّد في لقاءاته على ضرورة ضبط إيقاع ردود الفعل حفاظاً على السلم الأهلي والاستقرار ومنع إحداث فتنة مذهبية شيعية – سنّية، انطلاقاً من تقديره بأن المتهمين في جريمة اغتياله وإن كانوا ينتمون إلى طائفة معينة من غير الجائز تحميلها وزر هذه الجريمة.

وقالت إن القوى الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني، أتمّت جاهزيتها استعداداً للبدء بتنفيذ يوم أمني، خصوصاً في المناطق المتداخلة لمنع أي احتكاك يُفترض أن يبدأ قبل ساعات من موعد صدور الحكم.

وأضافت أن الحريري كما تقول أوساط سياسية واسعة الاطلاع، كان أول من قال فور تشكيل المحكمة الدولية بأنه يعترف بالحكم الذي سيصدر عنها ولا يشكك فيه لأنه يؤمن بالعدالة الدولية.

وأكدت هذه الأوساط أن من يحاول الخروج عن الثوابت الوطنية التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري سواء لجهة الدور الذي لعبه لوقف الحرب المدمّرة في لبنان وإعادة إعماره وتكريس حياته للحفاظ على السلم الأهلي وحماية العيش المشترك، يمعن ثانية في اغتياله سياسيا لأنه لا يدرك بأنه كان النموذج اللبناني لإنقاذ بلده وإعادته إلى خريطة الاهتمام الدولي، إضافة إلى دوره في التوصُّل إلى اتفاق الطائف.

وسألت عن رد فعل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي حيال هذا الحكم ومدى استعدادهما لاتخاذ موقف غير تلك المواقف التي صدرت عنهما بعد وقبل التوصُّل إلى إبرام ورقة التفاهم التي توافق عليها عون أثناء وجوده على رأس «التيار الوطني الحر» مع نصر الله.

وقالت بأن لا مصلحة لعون في تكرار مواقفه السابقة قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، إلا إذا أراد باسيل الذهاب بعيداً في مراعاته لحليفه «حزب الله» ظنّاً منه بأن وضع كل أوراقه في سلة الحزب يمكن أن يشكل له رافعة سياسية لإعادة تعويمه، خصوصا أنه كان لمح بأن هناك من يلوّح بفرض عقوبات عليه بسبب دفاعه عن الحزب رغم ما لديه من ملاحظات على أدائه في الداخل.

لذلك، فإن الحكم البدائي في حال وجّه الاتهامات إلى عناصر تنتمي إلى «حزب الله»، رغم أن نصر الله دافع عن براءتهم، يمكن أن يترتب عليه تداعيات في الخارج بصرف النظر عن ارتداداته في الداخل، وقد يبادر بعض الأطراف في المجتمع الدولي وأولهم الولايات المتحدة إلى ضم الملف الخاص بالحكم إلى ملف العقوبات المفروضة على «حزب الله»، ناهيك عن موقف مجلس الأمن الدولي وما إذا كان سيترك رد فعله إلى ما بعد النظر في طلب الاستئناف على الحكم البدائي.

وعليه فإن «حزب الله» سيتفرّغ منذ اليوم لرصد ما سيقوله الحريري بعد صدور الحكم، وبالتالي يحصر اهتمامه بوقائع الجلسة لأن عينه ستراقب من بيروت ما سيجري في لاهاي. فيما الجميع يسأل ما إذا كان تشكيل الحكومة سيكون محكوماً بمفاعيل الحكم ما يعقّد التكليف والتأليف أكثر مما هي معقدة الآن.

*********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

محكمة الحريري اليوم: مَنْ يلاقي أولياء الدم عند منتصف الطريق؟

الراعي: الحياد ينقذ وحدة الأرض والشعب.. فيلتمان:كان بإمكان حزب الله تفادي انفجار المرفأ

اليوم 18 آب 2020، تنطق المحكمة الخاصة بلبنان بعد ظهر اليوم، الحكم المتعلق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي اغتيل في 14 شباط 2005.

وفي البرنامج تعقد المحكمة جلستها الاولى عند الثانية عشرة من ظهر اليوم، على ان تعقد جلستها الثانية عند الثانية والنصف من بعد الظهر والثالثة والاخيرة عند الرابعة والنصف عصراً.

ويشارك في الجلسات الرئيس سعد الحريري، الذي وصل مساء أمس إلى لاهاي، برفقة النائب السابق مروان حمادة والوزير السابق باسم السبع، على ان يدلي الحريري ببيان صحفي مباشرة بعد النطق بالحكم.

ونقلت وكالة «رويترز» عن باسم الشاب المستشار الدبلوماسي للرئيس الحريري قوله: «كثيرون ينتظرون هذا القرار لإغلاق القضية. هذه المحكمة لم تتكلف بالمال فقط بل بالدماء ايضاً».

اضاف: «الحكم سيكون له تداعيات، انا لا اتوقع اضطرابات في الشوارع، اعتقد ان الرئيس الحريري حكيم بما يكفي لضمان الا يتحوّل الامر إلى مسألة طائفية».

ويرى البعض الآخر ان احتمال تصاعد التوتر وارد، مع العلم ان تيّار المستقبل وحزب الله في حالة تأهب، ويحاولان تجنّب أية تداعيات، لكن لاعبين آخرين قد يتدخلون ويظهرون ردود فعل في ظل التوتر القائم.

والاهم، على هذا الصعيد، ان مسألة الامن، والحفاظ على الاستقرار تتقدّم على ما عداها، سواء من أهل الشهيد وتياره أو القوى السياسية المعنية لا سيما حزب الله، الذي اتخذ إجراءات لمنع الانجرار إلى أية محاولات في ضوء طبيعة الحكم الذي يصدر وصورته.

لكن مصادر سياسية اعتبرت ان على حزب الله ملاقاة اولياء الدم (الرئيس الحريري وعائلته وتياره) عند منتصف الطريق، والسعي إلى تسليم المحكوم عليهم إلى العدالة.

وفي الانتظار، يترقب الوسط السياسي اللقاء بين الرئيس ميشال عون والنائب السابق وليد جنبلاط بناء لطلب رئيس الجمهورية، حيث افادت مصادر الحزب الاشتراكي انه جاء لسبب معلن هو البحث في تثبيت الاستقرار في منطقة الجبل، بينما سيتم التطرق الى كل تفاصيل الوضع العام الحكومي والامني والاقتصادي وبخاصة الانفجار في المرفأ وكيفية متابعة ومعالجة نتائجه على كل المستويات. لكن حتى يوم امس، لم يكن قد تحدد موعد للقاء.

وجرى امس، اتصال بين الرئيسين عون ونبيه بري، تناول التطورات الحاصلة، ومن ضمنها الملف الحكومي والاستشارات النيابية.

كما يترقب لبنان وصول الموفد الاميركي الخاص بتحديد الحدود البحرية معاون وير الخارجية ديفيد شنكر، وما سيحمله من مقترحات بعد لقاء وكيل وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية والشرق الاوسط ديفيد هيل الاسبوع الماضي برئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تسربت معلومات ان الاتصالات بشان تحديد الحدود قطعت شوطا كبيراً، وباقي بعض التفاصيل التقنية التي سيبحثها شنكر.

ويأتي الحكم في مرحلة بالغة الحساسية والخطورة، مع المطالبة بإحالة انفجار مرفأ بيروت إلى لجنة تحقيق دولية، والسعي للاتفاق على رئيس جديد للحكومة، تلعب الكتل النيابية على حبال الوقت، والمصالح، في سياق تسمية رئيس جديد يُشكّل الحكومة، حيث لن يتحدد موعد الاستشارات الملزمة هذا الاسبوع، مع العد التنازلي، لانتهاء المهلة التي منحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمسؤولين، للشروع بالاصلاحات بعد تأليف حكومة جديدة، وهذا الامر بحثه أمس الرئيس الفرنسي مع الرئيس عون.

واليوم، كما هو مقرر لدى مجموعات الحراك، تتحرك تظاهرة باتجاه قصر بعبدا، لنقل مواقف ضاغط على بعبدا باتجاه التحقيق الدولي، والانتخابات المبكرة، وهما امران لا يقبل الرئيس عون السير بهما في هذه الفترة.

وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة ان الاتصال بين عون وبري يندرج في اطار التشاور في الملف الحكومي وفي حين افيد أن الرئيس بري ابدى رغبة في عودة الرئيس سعد الحريري الى سدة رئاسة الحكومة تردد ان الرئيس عون ملتزم بما يخرج عن نتائج الاستشارات النيابية الملزمة وفق الدستور. واشارت مصادر سياسية مطلعة الى ان هناك ثلاثة امور لا بد من التفاهم عليها:

اولا: هوية رئيس الحكومة

ثانيا: شكل الحكومة

ثالثا: برنامج الحكومة

ورأت انه ما لم يتم الجواب على هذه الاسئلة فهناك مشكلة.

واوضحت المصادر ان كل الاطراف تجري مشاوراتها في العلن وفي الكواليس لكن المصادر ركزت على ملف الإصلاحات وهو مطلب داخلي وخارجي.

واشارت الى ان رئيس الجمهورية مصر على حكومة تجري اصلاحات وتواصل عملية مكافحة الفساد، ورأت ان المرحلة دقيقة بحيث صار التوافق مسبقا هو اساسي اليوم. وعلم من المصادر نفسها ان الاتصالات مستمرة في الساعات الثماني والاربعين المقبلة ويمكن حصول اختصار للمراحل. واشارت الى ان الاسماء المطروحة هي نفسها ولا اسماء جديدة بالافق.

وتحدثت مصادر قريبة من 8 آذار ان ترشيح الرئيس حسان دياب، لم يستبعد تماماً، إذا ما تعطلت المشاورات مع الرئيس الحريري، والتي لا يمكن ان تنطلق بزخم قبل 25 آب الجاري.

وأشارت مصادر سياسية الى ان الإتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة لم تتوقف خلال الايام الماضية على صعيد ثنائي او أكثر بل تواصلت على نطاق ضيق في محاولة للتفاهم على تضييق شقة الخلافات والتفاهم على صيغة تشكيلة تلبي متطلبات المرحلة وتقلص حيز الشروط والشروط المضادة، لافتة الى ان التباينات لا تزال صعبة وتتطلب مروحة اوسع من المشاورات يرتقب ان تستانف بشكل نشط بعد استيعاب نتائج صدور حكم المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. واعتبرت المصادر مواقف الوزير جبران باسيل الاخيرة ومحاولته بتصوير نفسه بالضحية والمظلوم بانها لا تحقق له اي مكاسب ولا تنقذه والعهد من الهاوية التي اوصل نفسه بنفسه اليها جراء سلسلة الممارسات والسلوكية التعطيلية التي طبع ممارساته طوال السنوات الماضية لافتة الى ان مواقفه تضمنت رسائل لحزب الله ومفادها ان ما وصل اليه العهد وباسيل وما يمكن ان بتعرض له من عقوبات هو بسبب تاييده الواسع للحزب في حين بدا يلمس ان الحزب لم يلاقيه في منع استقالة حكومة حسان دياب وكان هذا الامر مستغربا في حين تضمن الشق الثاني من مواقفه محاولة مكشوفة لاستدراج الرئيس سعد الحريري لردة فعل لاجل معاودة اعادة حرارة العلاقات المغلقة معه ولكنه لم ينجح بذلك.

مذكرة الحياد

على ان الحدث أمس، كان إعلان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «مذكرة لبنان والحياد الناشط» والتي تتضمن وفقاً للراعي 3 أبعاد مترابطة ببعضها متكاملة: المكون الاول عدم دخول لبنان قطعياً في تحالفات وصراعات سياسية وحروب اقليمياً ودولياً وامتناع اي دولة عن التدخل في شؤونه أو الهيمنة عليه أو احتلاله، والثاني تعاطف لبنان مع قضاياحقوق الانسان وحرية الشعوب وبخاصة الشؤون العربية التي يوجد حولها إجماع دولي وفي الامم المتحدة وبهذه الطريقة يواصل لبنان الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني والفلسطينيين في لبنان، والثالث تعزيز الدولة اللبنانية لتكون دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وعدالتها ووحدتها الداخلية كي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها تجاه اي اعتداء يأتي سواء من اسرائيل أو غيرها»، مشدداً على «أن لبنان يستفيد من نظام الحياد فهو ينقذ وحدة لبنان ارضاً وشعباً وتستعيد طوائفه الثماني عشر أمنها واستقرارها وتثق بعضها ببعض والحياد يجعل مشاركة جميع المكونات اللبنانية أكثر مرونة وأكثر إيجابية».

وفي إطار الطروحات، أكد الرئيس بري في دردشة مع الاعلاميين، ان «لا حل ولا خلاص للبنان إلا بأن يمتلك الجميع جرأة وشجاعة الذهاب نحو الدولة المدنية، فخلاص لبنان لا يكون إلا بالإقدام على هذه العملية الجراحية الدستورية». وسأل: إذا كان ذلك مستندا على قاعدتين اساسيتين هما الحفاظ على الدستور وحفظ حقوق الاديان والطوائف، فما الذي يمنعنا من القيام بهذا الامر؟

أضاف: كل ذلك منسجم مع الدستور وخاصة المادة 22 منه، والتي تتحدث عن انتخاب مجلس للنواب وطني، وعن مجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية».

فيلتمان

دبلوماسياً، رأى سفير الولايات المتحدة الاميركية أثناء جريمة الاغتيال، جيفري فيلتمان عن توقعه ان يؤثر انفجار بيروت بشكل أكبر مما شهدناه بعد الاغتيال الذي وقع في 14 شباط، مشدداً على تحقيق موثوق وشامل للانفجار الذي أظهر الاهتراء المتجذر في النظام اللبناني وواقع غياب الشفافية في عمليات المرفأ.

وقال بعض المسؤولين كان يعلمون بالمواد المخزنة الخطرة طوال 7 سنوات، ولكن لا أحد يعلم كيف تسير العمليات في المرفأ، وهناك حزب الله بحضوره القوي الذي كان من الممكن ان يتفادى حصول ما حدث..

وقال: من الضروري ان يكون للحكومة اللبنانية مصداقية، وهذا ما يبدو انه مطلب الشارع اللبناني، وهو أمر ضروري من أجل الدعم على المدى الطويل.

وأشار إلى ان التحقيق يجب ان يتمحور حول من أطلق شرارة الانفجار، وكيفية عمل المرفأ، وعمل الدولة، بطريقة سمحت للمواد المتفجرة في البقاء بوضع آمن طوال 7 سنوات.

وقال: لا أحد يريد ان يرى حرباً جديدة بين لبنان وإسرائيل، أو بين حزب الله وإسرائيل، ويجب القيام بكل ما هو ممكن للحد من التوتر، ولكن لا يزال هناك حقيقة تتمثل بوجود أسلحة جمعها حزب الله في لبنان.

واعرب عن تمنيه ان يكون هناك صفقة قيد الصنع، في ما خص ترسيم الحدود البحرية، لأن التفاهم على الترسيم يسمح للبنان بجذب اهتمام تجاري أكثر في الهيدروكربونات البحرية التي يملكها.

اسبوعان اقفال

وفي حين يدخل لبنان الخميس عطلة رأس السنة الهجرية، المرجح ان تمتد الى الاسبوع المقبل، تقرر الاتجاه لإعادة إقفال البلاد اسبوعين متتاليين اعتبارا من الخميس على الارجح بناء لتوصية وزير الصحة حمد حسن، بسب تفشي فيروس كورونا، بعد تسجيل اكثر من 900 اصابة يومي الاحد والاثنين(450 اصابة رسميا امس)، ما رفع العدد الاجمالي للحالات المثبتة إلى 9337.وحيث تقرر عزل عدد كبير من الاحياء في بيروت والضاحية الجنوبية وبعض القرى والبلدات، بسبب ارتفاع الاصابات فيها.

وأعلن حسن «حال النفير العام بسبب كورونا»، مشدداً على «الحاجة الى قرار شجاع بالاقفال أسبوعين.وحذر في تصريح من «اننا أمام تحد حقيقي، وأن الارقام التي تسجل في الآونة الاخيرة صادمة، والموضوع يحتاج إلى إجراءات صارمة، لأن الوضع لم يعد يحتمل».

وكشف عن «امتلاء أسرة العناية الفائقة في المستشفيات الحكومية والخاصة في بيروت، أما بالنسبة إلى المستشفيات التي لا تستقبل كورونا، فيمكن للجيش وضع يده عليها وإلزامها استقبال المصابين وفقاً لحال الطوارئ المفروضة في العاصمة».

وأشار حمد حسن ان انفجار بيروت اخرج أربع مستشفيات من الخدمة، كانت «مجهزة لاستيعاب حالات كورونا».

وحذّر مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي فراس أبيض في تغريدة من أنه «بدون اللجوء الى الإغلاق، ستستمر الارقام في الارتفاع، مما سيؤدي إلى تجاوز القدرة الاستيعابية للمستشفيات»، مضيفاً «حدث هذا بشكل كارثي في بلاد أخرى. اذا انتظرنا اكثر (…) سيكون الوقت قد فات». وكلفت وزارة الداخلية الإثنين المحافظين اتخاذ الاجراءات المناسبة للحدّ من تفشي الوباء كل في نطاقه في ظل «الارتفاع المتسارع» لأعداد الاصابات بالفيروس الذي «بات من المؤكد أن انتشاره في لبنان أصبح خارج السيطرة». وأعلنت وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الاحد ارتفاع حصيلة المتوفين في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من جراء فيروس كورونا إلى ثمانية منذ شباط الماضي.

صحياً، سجلت وزارة الصحة وقوع 456 إصابة بفايروس كورونا، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليصل العدد إلى 9337 مع تسجيل حالتي وفاة.

مذكرات توقيف

على صعيد التحقيقات، استجوب المحقق العدلي فادي صوان المدير العام للجمارك بدري ضاهر وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه، ومن المنتظر ان يكون أصدر مذكرة توقيف بحق المدير العام للمرفأ حسن قريطم.

ومن الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف: خالد محمد الخطيب – مخايل جرجس المر – ميشال جوزيف نحول – محمد زياد راتب العوف – مصطفى سليم فرشوخ – نايلة جورج الحاج – دجوني ناجي جرجس – وجدي يوسف القرقفي – سامر محمد رعد – سليم جورج شبلي – أحمد عمر الرجب – خضر علي الاحمد – رائد خضر الاحمد – عبد الحفيظ بشير القيسي – محمد رامح المولى – العميد انطوان سلوم سلوم – الرائد داوود منير فياض – الرائد شربل كمال فواز – جوزيف ميلاد النداف.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

الديار تكشف عن مواقف ماكرون وحزب الله والحريري حول «المحكمة» وتأليف الحكومة

اللواء ابراهيم أبلغ حزب الله رسالة من الحريري… والراعي يطلق مذكرة «الحياد الناشط»

«كورونا» يجتاح لبنان والإصابات تسجل 456 حالة… نصرالله: الوضع خرج عن السيطرة

حنا ايوب

فيما وباء كورونا يجتاح لبنان ويسجل إصابات مرتفعة ومتصاعدة يومياً، اذ وصل أمس عداد الإصابات إلى 456 إصابة وحالتي وفاة، حيث دعا وزير الصحة حمد حسن إلى النفير العام وأوصى بالإقفال التام، جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتؤكد الخطر الكبير الذي يواجهه لبنان حيث أكد أن الوضع الصحي خرج عن السيطرة والمستشفيات لم تعد تستوعب المصابين كما أكد أن هنالك نقصا بالأدوية.

سياسياً، ينتظر اليوم قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث توجه الرئيس سعد الحريري أمس إلى لاهاي لحضور جلسة النطق بالقرار وسط تخوف لبناني من إرتدادات القرار على الساحة اللبنانية، لكن المعلومات أكدت توجه الحريري إلى المطالبة بإحقاق العدالة دون السماح بتفلت الأمور في الشارع.

وفي هذا السياق، أكد مصدر رفيع المستوى في قوى الثامن من آذار أن الرئيس سعد الحريري ليس بوارد تحويل قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمرتقب اليوم في قضية إغتيال والده رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري إلى ورقة ضغط في الشارع السني، ويضيف المصدر للديار أن الرئيس سعد الحريري أبلغ حزب الله عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم أن القرار لن يتلازم مع تحريك الشارع في وجه حزب الله وأنه لن يسمح بأن يكون صدور قرار المحكمة منطلقاً لفتنة مذهبية في لبنان. كذلك أبلغ الحريري قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون بأن ضبط ردود الفعل في الشارع السني ومنع الفتنة تقع على عاتق الجيش والقوى الأمنية وبأنه، أي الحريري، لن يطلب من مناصريه أو محبي الرئيس الشهيد التحرك على الأرض، غير أنه سوف يتبنى بشكل كامل قرار المحكمة ويطالب بإحقاق العدالة وتسليم المطلوبين للعدالة الدولية.

إيجابية ماكرون واللاءات الثلاث

كان لزيارة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون إلى لبنان عقب الانفجار الكبير الذي ضرب مرفأ بيروت وأجزاء كبيرة من العاصمة الوقع الكبير على اللعبة السياسية الداخلية في لبنان، وكذلك على السياسات الإقليمية وإنعكاساتها على لبنان. ففي المعلومات التي توافرت أن ماكرون وخلال اجتماع قصر الصنوبر مع القوى السياسية اللبنانية وأثناء خلوته القصيرة ولكن الملفتة للأنظار محلياً ودولياً مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، شرح بإيجاز أن فرنسا لا تعامل حزب الله على انه خصم كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية، وتمنى على النائب رعد الطلب من قيادة حزب الله أن تقابل الإيجابية التي أبداها تجاهها بإيجابية أخرى عبر تسهيل ولادة الحكومة الجديدة. هذا وجاء رد حزب الله لاحقاً عبر خطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله كما عبر قنوات معتمدة مع الداخل والخارج ان الحزب يؤيد حكومة وحدة وطنية وهذا كان مطلبه منذ البداية، وحتى بعد استقالة الحريري من الحكومة عقب ثورة 17 تشرين الأول، كان يصر على عودة الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء ضمن تشكيلة وزارية تمثل كل الأطراف. غير أن الحزب كان واضحاً بما لا يمكن أن يقبله ضمن لاءات ثلاث: الأولى، لا يمكن أن يقبل حكومة حيادية أو مستقلة من خارج الأحزاب؛ الثانية، لن يقبل تكليف شخصيات لديه علامات استفهام كبيرة عليها كالقاضي نواف سلام ونائب حاكم مصرف لبنان السابق دكتور محمد بعاصيري؛ والثالثة، لن يقبل إنتخابات نيابية مبكرة.

بالمقابل، بادر الرئيس ماكرون إلى استكمال مبادرته في بيروت وانفتاحه على حزب الله عبر الاتصال بالرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتدعيم مبادرته. وفي المعلومات أن ماكرون طالب روحاني بتسهيل تشكيل حكومة جديدة في لبنان مقابل عمل الرئيس الفرنسي على خط واشنطن- طهران، وهذا الذي حصل، إذ اتصل ماكرون بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وخرج بعدذلك الأخير ليغرد على «تويتر» أنه مستعد للتسوية في الملف الإيراني في حال أعيد إنتخابه في تشرين الثاني المقبل.

هل بدأت الإتصالات الحكومية؟

تشير مصادر متابعة لملف «الحكومة الجديدة» الى أنه حتى مساء أمس، لم تنطلق مشاورات جدية بشان طبيعة وشكل الحكومة المقبلة كما أنه لم يتبن أي فريق سياسي أو جهة دولية حتى الان ترشيح شخصية سنية للتأليف، وان كل ما تم تداوله حتى الان يشكل نظرة كل فريق للحكومة الجديدة دون الدخول في تسمية «الرئيس المكلف». وفي هذا الاطار، تفيد المعلومات أن عقبات كثيرة لم تذلل حتى الان، وأهمها «الفيتو» السعودي-الأميركي على دخول حزب الله إلى الحكومة الجديدة ما يعني أن الحريري لم يٌعط الضوء الأخضر بعد للتفاوض مع الحزب. غير أن أوساطا ديبلوماسية أشارت للديار الى دور متوقع للرئيس الفرنسي ماكرون في حلحلة العقدة السعودية عبر إقناع المملكة بأن إدخال لبنان في الأزمات لا يؤدي إلى إضعاف حزب الله، خصوصاً أن التجارب أثبتت خروج الحزب كل مرة منتصراً على كل محاولة لإضعافه، وبالتالي يجب الفصل بين الموقف السياسي من الحزب والموقف من الدولة والمؤسسات اللبنانية.

الراعي أعلن «مذكرة لبنان والحياد»

وبالنسبة لما كان قد طرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي عن حياد لبنان، أعلن أمس في كلمة له عما أسماه «مذكرة لبنان والحياد الناشط»، وأكد أنه «كان من الضرورة ان نوضح مفهوم الحياد لأن ردة الفعل لم نكن بانتظارها. ردة فعل عارمة مع بعض التساؤلات وكتب الكثير عن هذا الحياد ورأينا انه من الضروري ان نوضح للجميع رأينا بالموضوع»، مبينا أن «المذكرة بسيطة وسريعة، وأبدأ بمعنى الحياد الناشط. هناك 3 أبعاد مترابطة ببعضها متكاملة: المكون الأول هو عدم دخول لبنان قطعيا في أحلاف وصراعات سياسية وحروب اقليمية ودولية وامتناع اي دولة عن التدخل في شؤونه أو الهيمنة عليه أو احتلاله».

وأوضح الراعي أن «المكون الثاني هو تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الانسان وحرية الشعوب، وبخاصة الشؤون العربية التي يوجد حولها إجماع دولي وفي الامم المتحدة وبهذه الطريقة يواصل لبنان الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني والفلسطينيين في لبنان»، مشددا على أن «لبنان المحايد يستطيع القيام برسالته في المحيط العربي».

وأشار الى أن «ميزة لبنان هي التعددية الدينية والثقافية التي تجعله حكما ارض التلاقي والحوار بين الديانات والثقافات عملا بقرارات الامم المتحدة. لبنان بموقعه دائما كان جسرا ثقافيا واقتصاديا وحضاريا بين الشرق والغرب»، لافتا الى أن «البعد الثالث هو تعزيز الدولة اللبنانية لنكون دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وعدالتها ووحدتها الداخلية كي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها تجاه اي اعتداء يأتي سواء من اسرائيل أو غيرها من جهة اخرى».

السيد نصرالله: الوضع الصحي خرج عن السيطرة

اعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمة له على شاشة المنار أمس، ان «الوضع الصحي في لبنان خرج عن السيطرة ووزير الصحة حمد حسن صرخ اليوم وكان واضحا بما يعنيه، ومعلوماتنا تقول انه لا توجد مبالغات في موضوع ارقام كورونا، والمستشفيات لم تعد تستوعب وهناك نقص بالادوية والناس لا تلتزم بالاجراءات، والأن دخلنا في الكارثة والوضع صعب جدا، ولو كل الدولة والمؤسسات الصحية في لبنان تظافرت من اجل كورونا والناس لم تلتزم كل الاجراءات لا تفيد».

حسن: نعلن حالة النفير العام

وعلى صعيد كورونا، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال إنه يجب فرض إجراءات العزل العام لمدة أسبوعين، بعد ارتفاع حاد في الإصابات.

وقال الوزير حمد حسن في حديث إذاعي «اليوم نعلن حالة النفير العام ونحتاج إلى قرار شجاع بالإقفال مدة أسبوعين».

وسجل لبنان أمس الإثنين 456 إصابة جديدة بالفيروس في قفزة قياسية، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 9337 إصابة. ولفتت وزارة الصحة الى أنه تم تسجيل حالتي وفاة ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 105 حالات.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

الحقيقة أخيراً.. المنفذون يدانون اليوم فمتى دور مَن قرروا وأمروا باغتيال الحريري؟

كتب عوني الكعكي:

منذ اللحظة الأولى للجريمة النكراء التي أودت بالرئيس رفيق الحريري فجعلته شهيد لبنان الأكبر، كنا نعلم تماماً من نفذ وأمر ودبّر عملية الإغتيال… وسبحان الله العلي العظيم الذي يمهل ولا يهمل… إذ كلما قتل مسؤول كبير من حزب عظيم، أو مسؤول سوري كبير، تبيّـن أنّ للمقتول يداً ودوراً في عملية اغتيال الشهيد الكبير. هذا الشهيد الذي لا تزال بصماته وأعماله متداولة في الأوساط اللبنانية الوفيّة كافة.

واليوم… يصدر قرار المحكمة، كاشفاً من قتل وحرّض ودبّر وخطط لعملية اغتيال رجل، كان عظيماً في حياته، وظل أعظم بعد استشهاده.

صحيح اننا كنا نعلم من وقف وراء العملية التي أصابت لبنان في الصميم. فالرئيس الشهيد لم يكن رئيساً عادياً لحكومة لبنان، بل كان قائداً للإنماء والإعمار.. هدفه الأوّل جعل لبنان منارة الشرق الأوسط، وعنوان الرقي والتقدم بين دول المنطقة كافة.

قام الشهيد الكبير بزيارة بلدان إقليمية وعالمية عدة، ورسم خارطة طريق سياحية وسياسية واقتصادية، جعلت من لبنان محوراً لهذه الخارطة.

استشهاد الرئيس رفيق الحريري، قتل للبنان الحضارة، هو خنجر غرس في قلب الوطن فأدماه… ألم يكن لبنان منارة العالم العربي: علمياً وسياحياً، ومستشفى العالم العربي من أدناه الى أقصاه…؟ ألم يتخرّج عدد كبير من زعماء العالم العربي من الجامعة الاميركية في بيروت، ومن اليسوعية..؟ بلد الإشعاع والمعرفة هذا، أصابه خنجر الغدر بمقتل.

بالتأكيد من أقدم على اغتيال الحريري، قتل لبنان المتقدّم والمزدهر والمتطوّر والمتميّز.

إنّ الذين غدروا به واغتالوه، لا يؤمنون إلاّ بثقافة الموت وسط عالم يتطلع الى ثقافة الحياة.

غريب أمر هؤلاء وأولئك… يبحثون عن ثقافة الموت ويفاخرون بارتكاب جرائمهم… إنهم أعداء الحياة…

نقول لأصحاب ثقافة الموت: لبنان شبع من كثرة الموتى… ملّ ثقافتكم… فأنتم سبب فقره و»تعتيره».

يا جماعة… عام 1970 كان سعر متر الأرض في بيروت 25 ألف ليرة لبنانية يعني عشرة آلاف دولار أميركي. في وقت كان سعر المتر المربع في نيويورك أقل من ذلك… فماذا حدث اليوم…؟ وكم هو سعر متر الأرض في بيروت؟

منذ الإنسحاب الاسرائيلي عام 2000، سقطت دولة «الحزب العظيم»، إذ لم يعد هناك مبرّر لوجود دويلة ضمن الدولة. من هنا نقول إنّ ما حدث عام 2006 كان كارثياً على لبنان، ولم يكن ما حدث «غلطة» كما قال أمين عام «الحزب العظيم» يومذاك «لو كنت أعلم ما حلّ بلبنان واللبنانيين وخسارة خمسة آلاف شهيد إضافة الى جنود وضباط من الجيش اللبناني وعناصر من «حزب الله»… لما أقدمت على ما أقدمت عليه».

حقاً ان خسائر عام 2006 كانت كارثية، إذ بلغت قيمتها أكثر من 15 مليار دولار، دفعها الشعب اللبناني… فهل نفعت كلمة «لو كنت أعلم» في تقليل الخسائر؟

لقد تحوّل لبنان من بلد غني الى بلد فقير، وتحوّل شعبه من شعب متعلم متميّز الى شعب فقير لا يتمكن من تأمين العِلم لأبنائه.. من بلد عاش شعبه بازدهار لافت وبحبوحة ظاهرة، الى شعب يتوسّل لقمة العيش فلا ينالها.

المصارف التي قدّمت أموال المودعين الى الدولة وحجبت عن هؤلاء أموالاً باتوا في أمسّ الحاجة إليها.

والدولة التي صرفت 47 مليار دولار على الكهرباء بسبب فساد القيّمين عليها «لعيون الصهر» الذي رفض البواخر وعاد وتبناها. فلِمَ رفضها أولاً؟ ولماذا تمسّك بها أخيراً؟ لا أحد يعرف السبب إلاّ الراسخون في العلم.

لقد وضع الصهر الأموال التي حصل عليها باسم صديق له في لندن، هذا الصديق الذي صار وزيراً وتسلم حقيبة لم يكن يحلم بها لولا «الصهر العظيم»، أما الأموال التي حصل عليها الصهر فوضع قسماً منها في لبنان باسم وزير ثانٍ له أعمال في الخليج.

ونشير بالتالي الى سلعاتا، وما أدراك ما سلعاتا. يا جماعة… نصف الدين (أي 47 مليار دولار) صرفها الصهر بين العام 2005 والـ2020. فالصهر عبقري فنان متمرّس بالسرقة، والأنكى انه يظن نفسه عبقري زمانه.

ولنحاول أخيراً الإشارة الى تفجير مرفأ بيروت… مَن أحضر ومَن خزّن ومَن أقفل العنبر، وكمّ أفواه العارفين، ولماذا تجاهلت الدولة، ما رفعته إليها مديرية أمن الدولة؟.. أليْس هذا التجاهل… والتساهل… وسياسة «شاهد ما شفشي حاجة» هي التي تسببت بمقتل ما يزيد على الـ174 بريئاً، وجرح أكثر من خمسة آلاف إنسان؟

صدّقوني… إنّ من اغتال الشهيد الكبير رفيق الحريري وإن كشف اسمه اليوم، وحتى ولو كشف من كان وراءه، لا يزال يمسك بخنجر الإغتيال هذا، يوجهه الى شعبنا اللبناني البريء، بغية ارتكاب عملية إغتيال أخرى… تقتل هذه المرة لبنان كله.