افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الأربعاء 12 آب 2020

 

افتتاحية صحيفة النهار

هل السماسرة يشترون البيوت التراثيّة المهدّمة في الجمّيزة ومار مخايل والمدوّر والكرنتينا والأشرفيّة؟

عقل العويط

هذا المقال هو بمثابة تنبيه وإنذار، لإجراء اللازم قبل فوات الأوان. فقد قيل لي إنّ “السماسرة” الكبار جدًّا يملأون المدينة، وهم يرسلون عملاءهم منذ ثلاثة أيّام إلى المناطق المنكوبة في الجمّيزة، مار مخايل، المدوّر، الكرنتينا، والأشرفيّة، كما إلى الخندق الغميق، والباشورة، وزقاق البلاط، والقنطاري، ولا سيّما منها الأحياء التي لا تزال تحتضن البيوت التراثيّة ذات السقوف العالية، والصالونات المطرّزة، والواجهات الزجاجية المعشّقة والقناطر المعقودة، والحدائق الأماميّة والخلفيّة المتّصلة بهذه البيوت، والأدراج، والأزقّة الضيّقة الملحقة بها، لحضّ أصحابها المشرّدين، البلا سقوف وشرفات، على بيع هذه البيوت والممتلكات والعقارات، بالأثمان الملائمة، وبالعملات الاجنبيّة على وجه التحديد، إمعانًا في الترغيب.

مَن هم هؤلاء “السماسرة”؟

إنّهم السماسرة المعروفون وغير المعروفين. بعضهم بالأسماء، أفرادًا، وشخصيّاتٍ متخفّيةً وراء واجهاتٍ زائفة، ومتموّلين، وبعضهم شركات، ومؤسّسات. بعضهم محلّيّون، وبعضهم الآخر “أجانب”. وقد تلقّيتُ هذا الصباح، فضلًا عن الأيّام الثلاثة السابقة، رسائل عدّة، آخرها إشعارٌ مفاده أنّ زوجة أحد كبار المسؤولين في الجمهوريّة (سأتفادى ذكر الإسم) باشرت مهمّتها في هذا الصدد، وبثّت عيونها، وحصلت، هي وغيرها، ومن حيث يجب، أي من الدوائر العقاريّة، ومن بعض المخاتير، ومن بعض الدوائر البلديّة، ومن وثائق وزارة الثقافة، على سجلّاتٍ وافية بالإفادات العقاريّة لهذه البيوت، وبأسماء أصحابها، والورثة، وبأرقام الهواتف، تحضيرًا لإنجاز المهمّة التي لا تبتغي بالطبع، لا الاحتفاظ بهذا الإرث المعماريّ، ولا ترميمه، بل برمجة سبل تغيير معالم المدينة، والجغرافيا، وتحويل الأمكنة إلى مقابر سكنيّةٍ خاليةٍ من الروح والذوق والدماثة، فضلًا عن تهجير أصحابها وسكّانها الأصليّين.

هذا المشروع، مشروع السمسرة الكبير هذا، يشمل – أكرّر – أحياءً سكنيّةً، وبيوتًا تراثيّةً، في مناطق الخندق الغميق، والباشورة، وزقاق البلاط، والقنطاري، وسواها.

الغاية منه، هنا وهنا وهناك وهنالك، تدمير بيروت تدميرًا موازيًا للتدمير الزلزاليّ الذي حصل، وإفقادها ما بقي من هوّيتها المعماريّة والسكنيّة والمجتمعيّة والشعبيّة الأصيلة.

أرجو أنْ تكون معلوماتي خاطئة. أرجو ذلك من كلّ عقلي وقلبي. لكنّي متوجّسٌ للغاية. بل أكثر. بل أكثر. على كلّ حال، ربّ معلومةٍ ضارّة (خاطئة) نافعة.

ما هي الغاية الخفيّة من وراء هذا الجانب “السمساريّ” من الاهتمام بنكبة هذه المدينة؟

لا أريد أنْ أكون سيئ النيّة، أو شرّيرًا، ولا أيضًا وخصوصًا (أكرّر: ولا أيضًا وخصوصًا) أنْ أكون أسير هواجس “وجوديّة” و”ديموغرافيّة”، ممّا لا أرغب في أنْ أوليه من الاهتمام أكثر ممّا يجب. لكنّ الشيء المؤكّد أنّ الفرصة “الموضوعيّة” المتاحة الآن، بفعل النكبة، هي الفرصة الذهبيّة لدفن تلك البيوت دفنًا نهائيًّا، بذريعة استحالة إعادة ترميمها وإعمارها بصورتها الأصليّة، بغية تحويلها عماراتٍ شاهقة حديثة، أو مشاريع سكنيّة وناطحات سحاب عملاقة، تنزع عن هذه المناطق روحها العمرانيّة، وهندساتها، وإيقاعاتها المكانيّة، وميزاتها المشهديّة، وخصائصها المجتمعيّة، يحقّق من جرّائها أصحابُ المشاريع أرباحًا طائلة تفوق أرقامها كلّ تصوّر واحتمال.

ما المطلوب؟

يجب أوّلًا بأوّل، استصدار ما يلزم من قراراتٍ فوريّة، لجعل هذه المناطق المشار إليها، أرضًا منكوبةً غير قابلة للمسّ، تحت أيّ ذريعةٍ من الذرائع، والعمل على وضعها ضمن لائحة التراث العالميّ، بما لا يترك أيّ مجالٍ، لأيّ جهةٍ، أو شخصٍ، أو سلطة، أو سمسارٍ، لتغيير معالم هذا الإرث المنكوب، وتحويله إلى صفقاتٍ للسمسرة والمقايضة والبيع والشراء.

المطلوب، في خلال ذلك، الحؤول الفوريّ دون تهدّم هذه البيوت، من طريق التدعيم الهندسيّ الأوّليّ الذي يراعي أمان الأمكنة والأحياء والشوارع، وأمان الناس على السواء، قبل حلول فصل العواصف والأمطار.

هذه مهمّةٌ مدينيّةٌ – بيروتيّةٌ – حضاريّةٌ – ثقافيّةٌ – معماريّةٌ – هندسيّةٌ – وجدانيّةٌ – إنسانيّةٌ – أخلاقيّةٌ، بل هي مهمّةٌ وطنيّةً لا تقلّ شأنًا عن المهامّ المتشابكة والمعقّدة، في أبعاد المأساة الزلزاليّة، ووجوهها المتنوّعة الأخرى.

إنّي أوجّه نداء استغاثةٍ عاجلًا إلى كلّ مَن يعنيه هذا الأمر في الداخل اللبنانيّ وفي الخارج، وأحضّ أهالي هذه المناطق بشكلٍ خاصّ، والثوّار، والناشطين، والمثقّفين، والهيئات المدنيّة، وجمعيّات البيئة والتراث، والحرصاء الذوّاقة من أبناء هذه المناطق، ليكونوا حرّاس هذا الإرث النادر، المهدّد بالزوال، والاندثار، ولا سيّما على أبواب فصلَي الخريف والشتاء.

هو نداء استغاثة، صحّ. لكنّه تنبيهٌ وإنذار. فالندم في ما بعد، لا يعود ينفع.

هذه المسألة لا تتحمّل تأجيلًا لنهارٍ واحد. السماسرة في كلّ مكان. وهم يدقّون الأبواب، ويعرضون المال العينيّ نقدًا، وبالعملات الأجنبيّة.

فهل، حقًّا، سيشتري السماسرة البيوت التراثيّة المهدّمة في الجمّيزة ومار مخايل والمدوّر والكرنتينا والأشرفيّة، كما في الخندق الغميق والباشورة وزقاق البلاط والقنطاري، لتغيير معالم المدينة تغييرًا نهائيًّا، في الشكل، وفي المضمون؟

مَن يقرأ هذا السؤال، فليطرحه على نفسه، ولينشره على السطوح، ليسمعه القاصي والداني.

ومَن له أذنان سامعتان فليسمع!

***************************************

تعبئة الفراغ بتعزيز المواقع في انتظار هيل

الساعة السادسة وست دقائق من مساء امس توقف لبنان كله بوجوم ورهبة وحزن عارم امام ذكرى نحو 171 شهيدا واكثر من ستة الاف جريح شكلوا قبل أسبوع تماما في 4 آب الحصيلة الصادمة لاحد اكبر الانفجارات المزلزلة التي عرفها العالم والذي ضرب مرفأ بيروت وتشظى مدمرا عشرات الاف المباني في العاصمة وضواحيها. على وقع أجراس الكنائس وآذان المساجد التي ارتفعت متزامنة في بيروت، احيا ألوف اللبنانيين الذكرى من ساحات بيروت الى المرفأ وساحة تمثال المغتربين وسط أجواء الحزن والأسى والذهول الذي لا يزال يطبق على البلاد ويرخي بثقله حتى على مجمل المشهد السياسي الذي عاد يتحرك بسرعة قبل يومين مع انهيار حكومة حسان دياب واستقالتها ودخول البلاد مناخ الاستحقاق الحكومي الجديد وما يثيره من احتمالات واتجاهات لا تزال تتسم بكثير من الغموض. ولعل المفارقة اللافتة التي يتعين التوقف عندها في هذا السياق هي ان الحركة الاحتجاجية والانتفاضة الشعبية تجاوزت كل ما جرى على صعيد استقالة الحكومة وأبدت عدم تأثرها اطلاقا بالاستقالة، بل مضت في تصعيد احتجاجاتها منادية باسقاط رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. وهو امر لم يكن مفاجئا او مستغربا خصوصا مع التمادي المكتشف في جريمة اهمال المكامن المتفجرة سواء في معمل الذوق الكهربائي قبل أيام او حتى في المرفأ نفسه بعد الكارثة التي ضربته. اذ ان معلومات أفادت أمس ان خبراء كيماويات ورجال إطفاء عملوا على تأمين ما لا يقل عن 20 حاوية كيميائية محتملة الخطورة في مرفأ بيروت بعد العثور على حاوية كانت تسرب بعض المواد وفقا لاحد أعضاء فريق التنظيف الفرنسي .

استحقاق التكليف

وسط هذه الأجواء المشدودة بدا الاستحقاق الحكومي في يومه الأول غداة استقالة حكومة حسان دياب وبدء مرحلة تصريف الاعمال كأنه لا يزال يتلمس خريطة طريق سياسية مفقودة نظرا الى التصدع الهائل الذي اصاب العلاقات السياسية بين العهد والكثير من الكتل النيابية والقوى السياسية التي لن يكون التشاور معها حول اسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سهلا ومرنا هذه المرة . واذا كانت المشاورات انطلقت واقعيا بين الكواليس السياسية في سبيل بلورة الاتجاهات الجدية نحو اختيار الرئيس المكلف، فان المعطيات المتوافرة في هذا السياق تشير الى أجواء ضاغطة للغاية داخليا وخارجيا هذه المرة لن تسمح لرئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه باستسهال ترف التلاعب بعامل الوقت وتوظيفه واستغلاله من خلال تأخير مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة على غرار ما حصل في المرة السابقة عندما أخذ عون مدة طويلة نسبيا تجاوزت المفهوم المنطقي لإمساكه دستوريا بورقة تحديد المواعيد بحيث سبق التكليف الواقعي التكليف الدستوري وافرغ الاستشارات من مضمونها. وتشير المعطيات في هذا السياق الى ان هامش المناورات امام الحكم وحلفائه في محاولات فرض امر واقع في التكليف ولاحقا في التأليف ضاق جدا بين تجربة تأليف حكومة دياب والاستحقاق الحكومي الحالي اذ انه امام واقع انهياري بهذه الضخامة والخطورة الخيالية لن يكون متاحا او ممكنا تمرير إطالة تحديد مواعيد الاستشارات النيابية ابعد من مطلع الأسبوع المقبل مهما كانت الحجج والذرائع .

الحريري ونواف سلام

ولكن المعطيات الأكثر اثارة للاهتمام في ملف الاستحقاق الحكومي بدأت تبرز امس تباعا من خلال معادلة مختلفة تماما عن الاستحقاقات الحكومية السابقة بحيث يمكن القول ان التكليف لن يكون نزهة سهلة وسريعة لمجرد تداول اسمين لمرشحين أساسيين مطروحين للتكليف هما الرئيس سعد الحريري والقاضي في محكمة العدل الدولية في لاهاي السفير السابق نواف سلام علما ان طرح اسميهما جاء عبر الموجة الأولى من قوى سياسية داخلية استعجلت لعبة المناورات سواء لتزكية اسم او استبعاد آخر والعكس بالعكس . ففي حين ترشح معالم تأييد الثنائي الشيعي لعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، يبرز تاييد الوزير السابق جبران باسيل وأطراف من خصومه للسفير السابق نواف سلام كما ان باسيل يسعى الى احداث شرخ بين رؤساء الحكومات السابقين.

ولكن المفارقة البارزة في هذا السياق ووفق المعطيات الجدية والموثوقة المتوافرة لـ”النهار” تؤكد ان لا الرئيس الحريري يهرول نحو العودة الى رئاسة الحكومة من دون توافر الشروط الصارمة التي تتيح إنجاح حكومة نوعية بمواصفات قادرة على اجتراح استراتيجية انقاذية حقيقية والتي منع من الحصول عليها في المرة السابقة خصوصا انه يحاذر تماما الا يكون في يده الأوراق المقنعة للشارع . كما يبدو السفير السابق نواف سلام بدوره حذرا جدا حيال الشروط والضمانات الحاسمة التي تكفل له تشكيل حكومة قادرة فعلا على ان تواكب خطورة الازمات التي تضرب البلاد. بذلك يكون ملف الضمانات الحاسمة لجعل الرئيس المكلف يقدم على مغامرة محفوفة بالمحاذير الهائلة قد سبق مناورات وحسابات القوى السياسية على اختلافها علما ان أي معطيات جدية لا تحسم حتى الان لا اسم الحريري ولا اسم نواف سلام ولو كانا المتقدمين في الأسماء بل ان أي أسماء ثالثة سواهما لم تطرح بعد . كما ان ما يثار عن الأجواء الفرنسية والأميركية والسعودية وسواها تبدو حتى الان في اطار التوظيف الداخلي ولو ان الموقف الفرنسي معروف ويدفع نحو توافق سياسي عريض على حكومة فعالة فيما سيستمع المسؤولون الرسميون وبعض القادة السياسيين الجمعة المقبل الى الرؤية الأميركية حيال الواقع اللبناني من مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل الخبير في الملف اللبناني خلال زيارته السريعة لبيروت. وتوقعت الأوساط المعنية بالحركة الجارية الا تتبلور الاتجاهات والأمور قبل الاطلاع على المواقف التي سينقلها هيل في زيارته لبيروت .

بعبدا

وكانت مصادر بعبدا وزعت امس معطيات عن موقف الرئيس عون فأفادت ان الحديث في موضوع الحكومة بدأ ضمن اطار المشاورات الجانبية بين كل القوى وان عون يفضّل تشكيل حكومة بأسرع وقت . وأكدت ضرورة قيام المشاورات قبل الاستشارات النيابية الملزمة لكي يكون رؤساء الكتل النيابية خياراتهم معتبرة انه من المبكر الحديث عن اسم رئيس الحكومة المقبل . وعما اذا كان عون موافقا على تكليف نواف سلام قالت المصادر ان الجو العام يتجه نحو حكومة وحدة وطنية ولكن لا يمكن حسم التوجه نحو نوعية الحكومة ومهمتها قبل جس نبض الكتل النيابية . ونفت ان يكون اسم نواف سلام او أي أسماء قد طرحت خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقصر بعبدا . وعما اذا عون يمانع في عودة الحريري الى رئاسة الحكومة قالت ان رئيس الجمهورية يحترم الدستور وينتظر نتائج الاستشارات النيابية .

وفيما لا يزال التريث يطبع مواقف القوى السياسية من استحقاق التكليف اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عقب زيارته ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة مساء امس ان لا مرشح لديه. وقال ان الأمور تقتضي تشكيل حكومة سموها كما شئتم تعالج أولا الوضع الاقتصادي وإعمار بيروت وقبل كل شيء حيث عجزت كل الحكومات السابقة الإصلاح “. واعتبر ان حسان دياب “هو من احرق بيروت وهو من اسقط نفسه بنفسه “. وإذ شدد على انه لا يضع شروطا على الحكومة المقبلة قال “ليس لدي مرشح لرئاسة الحكومة وتحدثنا طويلا مع الرئيس بري وسأنسق معه كالعادة في كل خطوة لكن الوقت الحاضر ليس وقت التسمية “.

***************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: التكليف والتأليف في مدار الصعوبات… ورهان على الخارج لتظهير الحكومة

إنتقلت الأولوية بين ليلة وضحاها من الاستقالة من مجلس النواب والانتخابات النيابية المبكرة إلى استقالة الحكومة وما يستتبعها من مسار تكليف وتأليف، وكأنّ هناك من قرر التضحية بالحكومة فجأة في محاولة لفرملة مفاعيل زلزال 4 آب، أي أن تقف عند حدود الحكومة وألّا تلامس حدود البرلمان في ظل خشية هذا الفريق من انتخابات نيابية مبكرة قد تجرّ إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وتؤدي إلى قلب النتائج النيابية من ضفة إلى أخرى بسبب الغضب الشعبي العارم الذي يحمِّل السلطة مسؤولية الأزمة الحالية ومتفرعاتها.

ومجرد التضحية بالحكومة عوضاً من مجلس النواب يعني انّ الفريق المُمسك بالأكثرية أيقنَ خسارته واستحالة ان يواصل سياسة «business as usual» وكأنّ شيئاً لم يحدث مع الانفجار الذي هَزّ عواصم العالم التي كسرت حظرها وحصارها على بيروت، ولكنّ استقالة الحكومة لا تعني انّ مسار التكليف ومن ثم التأليف سيكون سهلاً وميسّراً لسببين أساسيين:

ـ السبب الأول، كون الفريق الذي شكّل الحاضنة للحكومة المستقيلة لن يقبل بحكومة لا يمسك بمفاصلها الأساسية على رغم حاجته إلى الإسراع في تشكيلها، خصوصاً انّ الدخول الدولي على خط الأزمة اللبنانية يزيد من هواجسه وقلقه.

– السبب الثاني، كون الفريق المعارض لن يقبل بتغطية حكومة تكون نسخة طبق الأصل عن الحكومة المستقيلة، ما يعني انّ مصيرها لن يختلف عن مصير هذه الحكومة، وبالتالي لن يجد نفسه معنيّاً بتغطية فريق السلطة.

ولكن هل يمكن ان ينجح التدخل الدولي، وتحديداً الفرنسي المفوّض دولياً، بتقريب المسافة بين الفريقين من أجل الوصول إلى حكومة لا تثير قلق الفريق الأوّل وتُرضي الفريق الثاني؟ وهل سينجح الفرنسي في تسريع مسار التكليف والتأليف كما دعت وزارة الخارجية الفرنسية؟ وما هو سقف التنازلات الذي يقبل به فريق السلطة، مقابل سقف المطالب الذي يضعه الفريق المعارض؟ وكيف سيتعامل العهد مع واقع انّ مرشّحه لرئاسة الحكومة لن يدخل نادي رؤساء الحكومات، وانه مضطر للتعاون مجدداً مع الرئيس سعد الحريري الذي تتوجّه الأنظار في اتجاهه، ليس فقط كرئيس حكومة محتمل، إنما لكونه يشكّل المعبر الى السرايا الحكومية؟

وقد رصدت في الساعات الأخيرة محاولة لتسويق فكرة العودة إلى الحكومة السياسية بحجّة انّ حكومة التكنوقراط فشلت فشلاً ذريعاً، وانّ حِدة الأزمة تستدعي حكومة سياسية لا تكنوقراطية. ولكن هذا النوع من الحكومات ما زال يواجه رفضاً مطلقاً لدى المعارضة التي تعتبر أنّ طبيعة المرحلة تتطلّب حكومة اختصاصيين مستقلين وليس على شاكلة الحكومة الحالية.

وقد بَدا واضحاً أمس انّ رئيس الجمهورية لن يدعو إلى استشارات تكليف، على غرار المرة السابقة، قبل ان تبلغ الاستشارات السياسية مداها، وهذه الاستشارات كانت قد بدأت إثر الاستقالة، حيث فتحت خطوط التواصل، ليس بين القوى السياسية حصراً، إنما أيضاً مع الفرنسيين وغيرهم، في محاولة لتقصير مرحلة الفراغ التي تفاقم الوضع المالي تأزّماً.

على وقع استمرار الغضب الشعبي، انطلقت أمس مشاورات سياسية على كل المستويات تمهيداً للإستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو رئيس الجمهورية إليها لتسمية رئيس حكومة جديد، في وقتٍ لم تجف بعد دماء الشهداء ودموع أمهاتهم التي غَطّت أرض بيروت وشوارعها، جرّاء الانفجار الذي دمّر المرفأ ومحيطه. وقد دفعت استقالة حكومة الرئيس حسان دياب كلّ الاتجاهات السياسية الى البحث في شكل الحكومة المُقبلة.

وقد اعترفت مصادر مطلعة على اجواء المشاورات الجارية بأنّ مهمة التكليف والتأليف الحكوميين صعبة، وانّ المعنيين ما زالوا في طور البحث في اسم الشخصية التي ستتولى تأليف الحكومة العتيدة.

وقالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا «انّ البحث في الملف الحكومي بدأ ضمن إطار المشاورات الجانبية بين كل القوى، ولا نستطيع تحديد المدة التي ستستغرقها تمهيداً لتحديد موعد استشارات التكليف، ولكن رئيس الجمهورية يفضّل تشكيل الحكومة في أسرع وقت، وهذا مرهون بموقف الكتل النيابية والقوى السياسية والشخص الذي سيكلّف تشكيل الحكومة».

وأكدت «ضرورة» إجراء المشاورات قبل الاستشارات الملزمة لكي يحدد رؤساء الكتل النيابية خياراتهم، معتبرة انه «من المبكر الحديث عن رئيس الحكومة المقبل».

وحول حديث البعض عن وجود «مانع» يحول دون التعاون مع الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة، لفتت المصادر الى «أنّ الرئيس عون يحترم الدستور وينتظر نتائج الاستشارات النيابية».

وحول الكلام عن أنّ عون موافق على تكليف السفير السابق نواف سلام تأليف الحكومة، أشارت المصادر إلى «أنّ الجو العام يتجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنّ تحديد نوعية الحكومة ودورها ومهمتها لا يمكن أن يحسم إلّا بعد جَس نبض الكتل النيابية».

وعمّا اذا كان اسم نواف سلام قد طُرح خلال محادثات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع عون، أوضحت المصادر «أنّ الجانبين شددا على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن لم تُطرح أسماء خلال المحادثات».

أولوية الحريري

في غضون ذلك، أكدت مصادر تيار «المستقبل» انّ «الهَم الوحيد للحريري حالياً هو مساعدة أهالي بيروت على تجاوز تداعيات الكارثة التي أصابت العاصمة جرّاء انفجار المرفأ»، لافتة الى «انّ هذا الملف يشكل أولوية لديه في هذه المرحلة انطلاقاً من كونه رئيس تيار «المستقبل» ونائباً عن بيروت».

وفيما فضّلت مصادر «المستقبل» عدم التعليق على احتمال تكليف الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، موضحة أنّ «هناك توجهاً لتجنّب الخوض في هذه المسألة»، أبلغت أوساط قريبة من «بيت الوسط» الى «الجمهورية» انها «لا تجد انّ هناك أي مصلحة للحريري في تولّي رئاسة الحكومة وسط الظروف السائدة»، معتبرة انّ «ما من جدوى لعودته الى السرايا الحكومية، ولا فرصة للإنقاذ الحقيقي ما لم تتغيّر كل المنهجية المعتمدة في تشكيل الحكومات وفي التعامل مع الازمات التي يمرّ فيها لبنان».

ولم يسجّل أمس في «بيت الوسط» أي تحضير لعودة الحريري الى السرايا الحكومية حتى الآن. وقد غرّد مستشاره الإعلامي حسين الوجه، عبر «تويتر»، كاتباً: «انّ ‏الرئيس الحريري يؤكّد أنّه غير معني بالتحليلات والأخبار التي يتداولها الاعلام في شأن عودته الى رئاسة الحكومة، وانّ جهده وجهد الكتلة والتيّار ينصَبّ الآن على وسائل رفع الكارثة عن بيروت وأهلها».

وأكدت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» أنّه «حتى الآن لا حديث عن الحكومة في انتظار الاستشارات النيابية».

الى ذلك، قالت مصادر تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية»: «هناك تفاصيل مهمة حول الحكومة، ممّن ستتألف؟ وفي أي ملفات ستغوص؟…»، مؤكدةً «أننا سنؤيّد أي حكومة لديها بَشائر قبول لدى المجتمع الدولي والواقع اللبناني».

«القوات»

وعلى صعيد موقف «القوات اللبنانية»، قالت مصادرها لـ«الجمهورية» انّ تكتل «الجمهورية القوية» يجتمع اليوم من أجل تحديد معالم المرحلة الجديدة، في ظل إصراره على تقصير ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، لأنه لا يمكن تحقيق الإصلاحات المطلوبة ونقل لبنان إلى شاطئ الأمان في ظل الأكثرية القائمة، وتحديداً «حزب الله» و»التيار الوطني الحر». وبالتالي، قبل كَفّ يَد هذا الفريق عن السلطة لا أمل في إصلاح ولا تغيير.

وأضافت هذه المصادر انّ «كلّ الكلام عن حكومة وحدة وطنية وأقطاب وسياسيين هو مجرّد تأليف وفَبركة مطابخ فريق سياسي معيّن يريد أخذ الأمور في هذا المنحى والاتجاه. لكن هذا التوجّه غير مطروح إطلاقاً، ولا يقبل به أحد في الشارع، فبتنا في زمنٍ آخر». واعتبرت «انّ فريق السُلطة مغامر وسلطوي ومكابر ويتفرّد بالقرار، ولا يريد الإصلاح ويريد الاستمرار في الإمساك بزمام السلطة، وقد أوصَل البلد الى الحضيض والى مزيد من الانهيارات لأنّه فريق فاشل، أحبطَ لبنان وزادَ من فشله».

ورأت «أنّ هذا الفريق لا يستطيع أن يحكم ويتحكّم، لأنّ المجتمع الدولي لا يمكن أن يساعد لبنان إذا كان هذا الفريق في مقدّمة السلطة، وبالتالي يجب كَف يده بغية تأليف حكومة تستطيع مخاطبة المجتمع الدولي».

هيل في بيروت

وفي إطار الحركة الدولية في اتجاه لبنان، يصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد هيل الى لبنان بعد ظهر غد الخميس، في زيارة رسمية تمتد ليومين.

وفي المعلومات انّ هيل يبدأ محادثاته الرسمية بلقاء عون قبل ظهر الجمعة، قبل ان يجول على كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ثم يزور الحريري في «بيت الوسط» ويتناول طعام الغداء الى مائدته.

وعلمت «الجمهورية» انّ هيل سيلتقي، إثر وصوله، عدداً من القيادات السياسية ورؤساء الأحزاب، ومن بينهم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل، فرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض، إضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والإجتماعية.

وفي المعلومات انّ هيل لن يقدم أي طرح يناقض مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل التي تتناول شكل الحكومة المقبلة، وان كانت بلاده تؤكد أهمية تأليف حكومة مستقلة.

وكشفت المصادر انّه سيتناول في زيارته مجمل التطورات، وسيضع امكانات بلاده في تصّرف الفريق المكلف التحقيقات في مرفأ بيروت والمنطقة التي تضررت بفِعل الإنفجار، وحصيلة ما يسمّيه «النكبة» التي حلّت بالعاصمة اللبنانية وأهاليها ومرفق بأهمية مرفأ بيروت.

وقالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ»الجمهورية» انّ تحديد موعد لقاء عون مع هيل سبقَ استقالة الحكومة، متوقعة أن تتطرّق المحادثات إلى موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.

وزير خارجية المانيا

على صعيد آخر يصل الى بيروت في ساعات الصباح الأولى وزير خارجية المانيا هايكو ماس، للمشاركة في جنازة الموظفة في السفارة الالمانية في بيروت غابريال كوهنال رادتكي التي قضت في انفجار المرفأ.

وفي معلومات «الجمهورية» انّ المسؤول الالماني لن يلتقي ايّاً من المسؤولين الرسميين ما عدا رئيس الجمهورية، وسيعود الى بلاده عصراً بعد لقاءات محدودة نظّمتها السفارة الالمانية وتتعلق بالدعم الالماني للبنان.

وكان ماس قد تحدث الى وسائل إعلام المانية عن الكارثة التي حلت ببيروت، مشدداً على اهمية ان «تقدم الحكومة على الاصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي»، والسعي الى «إنهاء مظاهر الفساد في لبنان، وتقديم ادارة رشيدة تخفف من معاناة اللبنانيين». ولفت الى أنّ المساعدات المالية الطارئة التي أُقرّت للبنان في مؤتمر باريس الأحد، «لن تكون مرتبطة بشروط لأنها مساعدات إغاثية»، وهي «لن تقدّم للحكومة، بل إلى المتضررين مباشرة عبر منظمات الأمم المتحدة». ولكنه أشار إلى أنّ هناك «كثيراً من المساعدات الاقتصادية الأوروبية الإضافية التي يمكن تحريرها، في حال طَبّق لبنان الإصلاحات المطلوبة». وأضاف أنّ «الإصلاحات ضرورية لكي تعود الثقة بين الشعب والحكّام، وإلّا فإنّ الأزمات ستتكرر في لبنان». ورفض الحديث من الآن عن عقوبات محتملة ضد المسؤولين اللبنانيين، وقال: «يجب منحهم الوقت لصَوغ مقاربة سياسية جديدة، قبل اتخاذ خطوات تصعيدية».

وإزاء تفجير مرفأ بيروت عَبَّر ماس عن قلقه من أن يؤدي ذلك إلى «عدم استقرار سياسي في لبنان»، مشدداً على «ضرورة عدم السماح لذلك بالحصول». وربط البعض مخاوف ألمانيا من تدهور الوضع في لبنان بمخاوفها من أزمة لجوء جديدة إلى أوروبا؛ خصوصاً أنّ لبنان يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري.

إرتفاع عدد الضحايا

وأعلنت وزارة الصحة، أمس، أنّ حصيلة ضحايا الانفجار ارتفعت إلى 171 قتيلاً، فيما تراوح عدد المفقودين بين 30 و40.

وقال وزير الصحة حمد حسن، خلال اجتماع مع مسؤول الطوارئ في منظمة الصحة العالمية ريك برينن، إنّ نحو 1500 جريح في حاجة لعلاجات دقيقة خاصة، علماً أنّ 120 جريحاً لا يزالون في العناية الفائقة.

على صعيد التحقيقات، طلبت النيابة العامة التمييزية في لبنان إيداعها الموقوفين بانفجار بيروت لكي يتم إحالتهم الى قاضي التحقيق العسكري الأول لإصدار مذكرات توقيف، في انتظار تعيين محقق عدلي يضع يده على الملف، على أن تتابع التحقيق الأولي مع بقية الأشخاص المشتبه فيهم والشهود، وإحالة الأوراق تباعاً الى المحقق العدلي.

نتنياهو يحذّر

وعلى صعيد الموقف الاسرائيلي، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال وجوده في قاعدة «حتسريم» الجوية في بئر السبع أمس، «حزب الله» من محاولة البحث عن مخرج من الأزمة في بلاده، عبر افتعال أزمة مع إسرائيل.

وقال: «للحيلولة دون وقع كوارث، كانفجار ميناء بيروت، فإنه على لبنان إبعاد المواد المتفجرة والصواريخ التي أخفاها «حزب الله» بعيداً عن كل التجمّعات المدنية».

وأوضح أنه تحدثَ هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأبدى «استعداد إسرائيل لتقديم مساعدات إنسانية إلى لبنان»، مشيراً إلى «وجوب وصولها إلى المدنيين اللبنانيين مباشرة».

من جهّة ثانية، خفّضَ الجيش الإسرائيلي حالة التأهب على الحدود مع لبنان، بعد 3 أسابيع من تأهبه لهجوم محتمل من قبل «حزب الله».

وتمهيداً لمناقشة مجلس الأمن الدولي قضية تمديد مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، أكد وزير الخارجية الاسرائيلية غابي أشكينازي «انّ إسرائيل لن تبقى مكتوفة اليدين إزاء محاولات «حزب الله» خرق سيادتها والمساس بمواطنيها».

وأوضح اشكينازي خلال جولة على الحدود الشمالية برفقة سفراء من الدول الأعضاء في المجلس «انّ «حزب الله» ينشط في مناطق مأهولة ويستخدم المواطنين اللبنانيين دروعاً بشرية». وضربَ مثالاً على ذلك «انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى مقتل كثير من المدنيين الأبرياء».

***************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

جلسة مغلقة في مجلس الأمن حول اليونيفل والأميركيون أصرّوا على “مطلبَين”

البازار الحكومي مفتوح… والتركيز على “الأجندة”!

راح حسّان وبقي “دياب” السلطة يسنّون أسنانهم لتناتش وليمة الحكومة المقبلة. عودٌ على بدء، العقلية التسلطية هي هي، ولن يغيّرها لا عصف كيماوي ولا ذرّي. تُركت بيروت لردمها وتُرك الناس على قارعة أنقاض بيوتهم، ليفتح أهل الحكم البازار الحكومي على وسعه وتبدأ المراهنات والمزايدات على الأسهم في بورصة تشكيل الحكومة… من سيترأسها؟ ما شكلها؟ ما لونها؟ سياسية؟ حيادية؟ من سيتمثل فيها؟ ما هي حصتنا؟ تكرار ممجوج للأسئلة الهدامة نفسها التي أوصلت اللبنانيين إلى الدرك الأسفل اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً وصحياً وبيئياً وجعلتهم أسرى دولة فاشلة مفلسة تتوسل المعونات الغذائية والطبية والإغاثية لشعبها.

حتى الآن لا أحد يملك توجهاً واضحاً لما ستؤول إليه الأمور حكومياً، والكل أخذ منذ لحظة إقالة حسان دياب وضعية الاستعداد والتأهب في خندقه متحصناً بمحور من هنا وآخر من هناك، بانتظار جلاء غبار معركة إسقاط الحكومة واتضاح آفاق المسعى الفرنسي الآيل إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، وسط تشديد مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” على أنّ جلّ ما يدور النقاش حوله، سواءً بشكل بينيّ داخل الفريق الواحد، أو متقاطع بين المقرّات السياسية والرئاسية، يتركز على نقطة محورية وحيدة: “أجندة الحكومة المقبلة وجدول أعمالها”.

وأوضحت المصادر أنّه “بغض النظر عن لعبة تسريب الأسماء وحرقها المعهودة إبان الشروع بتشكيل الحكومات، يبدو جميع الأطراف منكبين في كواليسهم اليوم على استشراف المهمة التي ستوكل إلى الحكومة الجديدة واستكشاف سقف الضمانات والتعهدات الدولية المتصلة برعايتها ومواكبتها ودعمها وما إذا كان تأليفها مقتصراً على تأمين خروج آمن للبنان من نفق أزمته الخانقة أم أنها ستكون مقرونة بسلة شروط سيادية وحيادية تؤسس لمرحلة جديدة تطيح بموازين القوى المفروضة على البلد”، مشيرةً في ضوء ذلك إلى أنّه “عند تبلور هوية الحكومة وأجندتها يسهل حينها الانتقال إلى البحث في رئاستها وفريق عملها”.

وإذ يجنح اعتقاد أغلبية أفرقاء الداخل على مقاربة المسعى الفرنسي، المدعوم أميركياً ودولياً، من زاوية كونه يرمي إلى الدفع باتجاه تشكيل حكومة لبنانية تتولى قيادة مرحلة انتقالية في البلد، وعلى رأس سلّم أولوياتها تنفيذ الإصلاحات الملحّة وتعبيد الطريق أمام التوصل إلى اتفاق على برنامج اقتصادي مالي إنقاذي مع صندوق النقد الدولي، فضلاً عن توليها إدارة عملية إعادة إعمار ما خلّفه انفجار الرابع من آب، لا تزال المعلومات المتواترة من الدوائر المقربة من الرئاسة الأولى تشي بأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يعبّد الطريق بسهولة أمام ولادة أي صيغة حكومية جديدة قبل التأكد من أنها لن تستهدف إقصاء رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وتحجيم دوره، حسبما لمست مصادر نيابية من المؤشرات التي برزت خلال الساعات الأخيرة وأبرزها عودة عون إلى لعبة “التأليف قبل التكليف” ورهن دعوته للاستشارات النيابية الملزمة بما ستتوصل إليه مسبقاً “نتائج المشاورات الجانبية بين كل القوى”، وفق ما جاء في التسريبات التي عمّمها قصر بعبدا على الإعلاميين أمس، متوقعةً في هذا السياق أن تشكل حقيبة الطاقة “أم المعارك” في التشكيلة الحكومية المقبلة بالنسبة لباسيل الذي “سيبذل أقصى جهده ويسخّر كل صلاحيات الرئاسة الأولى في سبيل الحؤول دون تحرير هذه الحقيبة من سطوته”، سيما وأنّ المصادر عينها كشفت عن وجود “قرار دولي يقضي بضرورة انتزاع ملف الكهرباء من يد “التيار الوطني الحر” بغية ضمان إصلاح هذا القطاع”.

أما في مستجدات ملف التمديد لولاية “اليونيفل”، فعقد مجلس الأمن أمس جلسة مغلقة خصصها لمناقشة الملف والبحث في تطبيقات القرار 1701، ونقلت مصادر ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” أنّ “الجانب الأميركي أصرّ خلال الجلسة على مطلبين، الأول يتمحور حول ضرورة تخفيض عديد “اليونيفل” في جنوب الليطاني، والثاني يشدد على وجوب خفض مدة ولايتها وتفويضها الزمني إلى 6 أشهر بدل 12 شهراً”، لافتةً في المقابل إلى أنّ معظم أعضاء مجلس الأمن كانوا يدفعون باتجاه إقرار التمديد لمهمة اليونيفل وفق الشروط المعتادة نفسها من دون أي تعديل في المهمة أو في العدد والمدة الزمنية، انطلاقاً من التأكيد على اعتبار وجود هذه القوات بمثابة عامل استقرار للبنان والمنطقة”.

وعليه، تؤكد المصادر الديبلوماسية أنّ “المعنيين في عواصم دول القرار سيكثّفون مفاوضاتهم ومباحثاتهم خلال الأيام المقبلة في محاولة للتوصل إلى توافق جامع حيال ملف التمديد لليونيفل قبل تاريخ الثامن والعشرين من آب الجاري موعد انعقاد مجلس الأمن للتصويت على الموضوع”، لافتةً الانتباه في الوقت نفسه إلى أنّ “هذا الملف لن يكون بعيداً عن جدول أعمال زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل المرتقبة إلى بيروت غداً الخميس، إذ من المتوقع أن يثير مع المسؤولين اللبنانيين المآخذ الأميركية على مسألة تقويض “حزب الله” لمهمة اليونيفل وعدم إتاحة المجال أمامها لتنفيذ كامل مندرجات وتطبيقات قرار مجلس الأمن رقم 1701″، وختمت بالقول: “إذا نجح اللبنانيون في إقناع هيل بوجوب الإبقاء على شروط التمديد نفسها لولاية اليونيفل، عليهم في المقابل أن يمنحوا الأميركيين ضمانات متصلة بالسماح للقوات الأممية بتفتيش أماكن لم يكن متاحاً لها دخولها في السابق في جنوب الليطاني، وقد يصار إلى إدخال فقرة في مشروع القانون الدولي تؤكد بوضوح الالتزام بهذا الأمر دون أدنى التباس”.

***************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

تأخير مشاورات تشكيل الحكومة سيصطدم بموقف سلبي من المجتمع الدولي

بيروت: محمد شقير

قال مصدر نيابي بارز بأنه ليس في مقدور رئيس الجمهورية ميشال عون أن يطالب لنفسه التمهُّل في تحديد موعد لإجراء استشارات نيابية مُلزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة بذريعة أنه في حاجة إلى مزيد من الوقت للقيام بمشاورات سياسية يراد منها – بحسب وجهة نظره – بأن تتلازم تسمية الرئيس مع تسهيل مهمته في تشكيل الحكومة.

ورأى المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» بأن لا مبرر للتأخير في إجراء الاستشارات المُلزمة، وأن ما حصل من مشاورات قبل تكليف الرئيس حسان دياب بتشكيل الحكومة لا يمكن أن يتكرر لأن عامل الوقت لا يسمح بتكرار هذا السيناريو غير المسبوق الذي كان ابتدعه المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي.

وحذّر من أي محاولة يراد منها تأخير إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة مهما كانت الذرائع التي يمكن لعون أن يتسلّح بها، وقال إن مجرد التمهُّل سيدفع باتجاه اصطدامه بالموقف الفرنسي الذي عكسه الرئيس إيمانويل ماكرون في خلال زيارته للبنان، وشدّد فيه على ضرورة الإسراع بتهيئة الظروف لتسهيل ولادة الحكومة العتيدة التي يفترض أن ترى النور بالتلازم مع عودته في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل إلى بيروت.

واعتبر المصدر نفسه أن مجرد جنوح عون إلى التريُّث يترتّب عليه موقف سلبي من المجتمع الدولي، خصوصاً تلك التي شاركت في مؤتمر باريس بدعوة من ماكرون والذي خُصّص لتقديم مساعدات إنسانية وطبية عاجلة لدعم لبنان، وقال إن عون بات يفتقد إلى زمام المبادرة بعد أن تعذّر عليه تعويم حكومة دياب ما اضطر الأخير إلى تقديم استقالته.

ولفت إلى أنه من السابق لأوانه الدخول في بازار الترشيحات لتولي رئاسة الحكومة على الأقل في المدى المنظور لأن جميع الأطراف تنكبّ حالياً على مراجعة حساباتها من جهة والتبصُّر في أبرز العناوين التي يُفترض أن تؤسس لمرحلة سياسية جديدة، خصوصاً أن الاصطفاف السياسي الذي كان تشكّل مع ولادة حكومة دياب أُصيب بانتكاسة بعد أن تعذّر عليه توفير الحماية لها.

وشدد على أن من المعالم الرئيسية للمرحلة السياسية الراهنة تلك التي أخذت تدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق، وعزا السبب إلى أن تحالف قوى «8 آذار» و«التيار الوطني الحر» تعرّض إلى هزّة من داخله لأنه تعذّر عليه توفير خطوط الدفاع لحكومة دياب التي لم يسجّل لها أي إنجاز يُذكر، وقال: إن هذا لا يعني أن المعارضة التي كانت تُعرف سابقاً بقوى «14 آذار» هي في وضع متماسك وواجهت صعوبة في إعادة توحيدها ما اضطرت إلى معارضة الحكومة بالمفرّق وغالباً على القطعة.

وكشف المصدر نفسه عن أن الاجتهادات تضاربت في تفسير ما قصده ماكرون بدعوته إلى تشكيل حكومة جديدة تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني ورغبته في تحقيق الإصلاح، وقال إن بعض من شارك في لقاء قصر الصنوبر بدعوة من الرئيس الفرنسي أخذ يتصرّف وكأنه يؤيد تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري في مقابل البعض الآخر الذي أعتقد بأنه يدعو لقيام حكومة مستقلة تحاكي الحراك الشعبي.

وقال: بصرف النظر عن هذه الاجتهادات المتضاربة في تفسير ما قصده ماكرون بدعوته تشكيل حكومة جديدة فإن الصيغ التي اتُّبعت سابقاً كأساس لتشكيل الحكومات قد سقطت ولم تعد تصلح للمرحلة الراهنة التي تتطلب من الحكومة الجديدة أن تستعيد ثقة اللبنانيين كممر إلزامي لاستعادة ثقة المجتمع الدولي.

ورأى أن لا مكان لما يسمى بحكومة الأقوياء لأنها غير قادرة على ردم الهوّة بين السلطة وبين اللبنانيين وإن كان من السابق لأوانه الخوض في أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة. وسأل أين تقف إيران من الوضع المستجد في لبنان وما مدى صحة تواصلها مع باريس؟ وهل لديها استعداد بأن تعيد النظر في سياستها حيال لبنان؟

ورأى بأن السؤال عن موقف طهران في محله لاستقراء موقف «حزب الله» واستعداده للالتفاف إلى الوضع الداخلي والانكفاء عن تدخله في الشؤون الداخلية العربية؛ لأنه لا مجال لتسويق الحكومة الجديدة عربياً ومحلياً ما لم يبدّل سلوكه في الداخل، شرط أن يكون مقروناً بالتزامه بسياسة النأي بالنفس، خصوصاً أن الجميع يعترف بدوره الفاعل في الشأن الداخلي، وإنما مشكلته تكمن في أنه يشكل رأس حربة في لبنان لمحور الممانعة بقيادة إيران، وبالتالي فإنه يتوجب عليه اتخاذ قرار جريء يقضي بإفساح المجال أمام تشكيل حكومة مستقلة كشرط لإعادة إعمار بيروت.

وتوقف المصدر النيابي أمام الزيارة المرتقبة لوكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى بيروت، وقال إن أهمية هذه الزيارة تأتي للتأكد من وجود تفاهم بين واشنطن وباريس يدفع باتجاه تزخيم التحرك الفرنسي لإنقاذ لبنان.

***************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

أسبوع نكبة بيروت: تحذير أميركي من الكارثة قبل سنوات!

واشنطن تربط بين الحكومة العتيدة وسلاح حزب الله.. والحريري في عين التنية قبل الجلسة

على وقع حمل اللبنانيين، في ذكرى أسبوع على انفجار المرفأ في 4 آب الجاري، اوجاعهم إلى الموقع حيث وقعت الكارثة، مع صور وأسماء الضحايا الذين ذهبوا بفعل الإهمال، وربما التآمر، بانتظار التحقيقات، والوقوف دقيقة صمت على أرواح هؤلاء الذين قضوا وأصبح عددهم 171 شهيداً مع اختلاط أصوات الاذان مع اجراس الكنائس.. كانت الحركة السياسية والدبلوماسية في بيروت تمضي قدماً إلى الامام، من زوايا ثلاث: إبقاء الوضع المتفجر في الشارع تحت السيطرة، البحث عن مقاربة حكومية عاجلة، تملأ الفراغ، وتنتهي فترة تصريف الأعمال بسرعة، وتؤسس لإعادة احتضان البلد، والبدء بإعادة اعمار مرفأه، واقتصاده واعادته إلى الخريطة العربية والدولية.

وبصرف النظر عن المأمول من الحركة الجارية، والتي حدّد لها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نهاية آب الجاري، إذ سيعود في 1 أيلول للمشاركة في ذكرى مرور مائة عام على قيام لبنان الكبير، فإن تحولات مرتقبة، ممكنة الحدوث، لجهة السير باصلاحات محدودة، تقدّم ورقة اعتماد للمجتمع الدولي، قبل فوات الأوان.

وبينما يلتزم الرئيس سعد الحريري الذي يتصدر اسمه كل المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة الصمت بعد استقالة حكومة حسان دياب المهينة وهو الذي تركه حزب الله والتيار العوني يغرق وحيدا بلا منقذ بعدما استنفدت الغاية من تنصيبه رئيسا للحكومة الظرفية، بقي بيت الوسط محور الحركة السياسية، علانية من خلال زيارة وزير الخارجية المصرية سامح فهمي لبيت الوسط وقبله الامين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط وما تخلل هاتين الزيارتين من مباحثات تناولت تداعيات الانفجار المروع، سياسيا واقتصاديا، نشطت الاتصالات وراء الكواليس مع اكثر من طرف لرسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة وكيفية التعاطي معها ولاسيما موضوع تشكيل حكومة جديدة وتسمية الشخصية التي ستتولى رئاستها وتركيبتها في حين ان تكشف مسار هذه العملية واتجاهاتها ينتظر وصول مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل إلى بيروت مساء الخميس المقبل وما سينقله للفرقاء اللبنانيين عن موقف حكومته حول مختلف التطورات الاخيرة في لبنان بعد حادث تفجير المرفا وبالطبع سيكون موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة من ضمنها في حين ستشمل لقاءاته زيارة الرئيس الحريري في دارته الجمعة المقبل ويتناول طعام الغداء الى مائدته حيث سيكون موضوع مهمة هيل في ترسيم الحدود البحرية من ضمن المواضيع التي ستبحث خلالها وبالطبع تشكيل حكومة جديدة أيضا وبعدها يمكن تلمس مسار الامور عما اذا كان هناك تفاهم أميركي فرنسي مشترك لمساعدة لبنان في مواجهة تداعيات الانفجار الكبير ودعمه في عملية تشكيل الحكومة الجديدة ام ان هناك تبايناً او خلافاً معيناً قد يؤثر سلبا على مسار الأمور ويعقد عملية تشكيل الحكومة اللبنانية.

ويبدأ هيل لقاءاته صباح الجمعة من قصر بعبدا، حيث يستقبله الرئيس عون ثم يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من دون ان يشمل وزير الخارجية المستقيل شربل وهبه.

واليوم يزور وزير خارجية المانيا هايكو ماس بيروت للمشاركة في جنازة احدى موظفات السفارة التي قضت في انفجار المرفأ وتدعى غابريال كوهنال رادتكي. وبحسب معلومات «المركزية» فإن المسؤول الالماني لن يعقد لقاءات سياسية في بيروت سوى مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يستقبله في الثالثة بعد الظهر.

وزير الخارجية المصري سامح شكري، صرّح بعد لقائه الرئيس عون في بعبدا، «اننا مستعدون للوقوف الى جانب الشعب اللبناني الشقيق ولدينا ثقة بقدرته على تجاوز الأزمة ومواجهة التحديات التي فرضها تفجير المرفأ».

وقال: «هناك تراكمات سببت الكثير من المعاناة والتحدي، ومن الضروري العمل على الاولويات الخاصة للشعب اللبناني واعادة الإعمار».

وأعلن «اننا نكثف الجهود في المجالات كافة، ونوفر الجسر الجوي للمساعدات الاغاثية والانسانية كما الجسر البحري لإعادة الاعمار، ومستعدون للوقوف الى جانب الشعب اللبناني».

ومن عين التينة، أعلن شكري ان المرحلة تتطلب من الأطراف وضع منهج جديد ليتمكن لبنان من مواجهة التحديات وتلبية طموحات الشعب اللبناني.. مضيفاً: نحن متضامنون مع لبنان وشعبه، وسوف نواصل التنسيق الوثيق والعمل من أجل رفعة الشعب اللبناني وتجاوز هذه المحنة.

وشملت لقاءات شكري كلاً من الرئيس سعد الحريري، الذي زاره في بيت الوسط بحضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، ثم زار النائب جنبلاط واستقبل النائب السابق سليمان فرنجية وموفد الدكتور سمير جعجع الوزير السابق ملحم رياشي، ثم التقى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.

وسلم وزير خارجية شؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي المسؤولين رسالة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين تؤكد ان لبنان لن يكون لوحده بمواجهة تداعيات إنفجار مرفأ بيروت. وجدّد وقوف الأردن إلى جانب لبنان وشعبه، لأن أمن لبنان وعافيته هو جزء من عافية المنطقة برمتها.

وعشية وصول هيل، أكدت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، كيلي كرافت انه على أي حكومة لبنانية منع «حزب الله» من حيازة الأسلحة، مشيرة إلى أن اليونيفيل ستواصل عملياتها في جنوب لبنان.

وقالت كرافت في مقابلة مع «العربية»: «نحن الدولة المانحة الكبرى ووقفنا دوما إلى جانب لبنان»، لافتة الى أن الشعب اللبناني يستحق مستقبلا أفضل.

واضافت ان «إيران ستلجأ إلى استخدام الأسلحة لزعزعة الاستقرار»، مشددة على ضرورة أن توقف إيران تسليح «حزب الله» الذي كان جزءا من الحكومة السابقة.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان المشاورات بشأن الملف الحكومي لا تزال في بداياته وما من شيء ملموس بعد وهناك اتصالات ومشاورات جانبية ولفتت الى ان تحديد موعد الأستشارات النيابية ينتظر هذه المشاورات التي انطلقت كي تقرر الكتل النيابية خياراتها.

ورأت المصادر ان لا صورة واضحة قبل معرفة الجو العام ولذلك امام هؤلاء رؤساء الكتل فسحة من الوقت لكن الثابت لدى رئيس الجمهورية احترام الدستور وما تفضي اليه الأستشارات النيابية من تسمية الشخصية التي تكلف تشكيل الحكومة.

وقالت ان الرئيس عون يريد قيام حكومة بأسرع وقت ممكن ولم يدخل في موضوع الأسماء سواء بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري او السفير نواف سلام مشيرة الى ان الرئيس الفرنسي لم يأت على ذكر اي شخصية خلال زيارته الأخيرة الى بيروت لافتة أن حكومة الوحدة الوطنية كانت في صلب تركيز ماكرون. وهنا اشارت المصادر نفسها الى انه ربما تكون هذه الحكومة هي التوجه العام لهذه المرحلة بسبب الظروف التي تفرض ذلك لكن المصادر رأت ان الأمر متروك للمشاورات التي يجريها الرئيس المكلف وكذلك الكتل النيابية حول شكل الحكومة ومضمونها ودورها.

الى ذلك ذكرت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية بما اكده عون في دردشته الأعلامية الأخيرة لجهة اطلاعه على تقرير عن المواد المتفجرة في مرفأ بيروت في 20 تموز الماضي واحالته له الى المجلس الأعلى للدفاع مع عبارة اجراء اللازم وهذه العبارة تعني القيام بالاجراءات لمعالجة الأمر.

الى ذلك افيد انه بعد انتهاء مهلة الأسبوعين بشإن حالة الطوارئ في بيروت قد يعقد مجلس الدفاع الأعلى جلسة لأتخاذ القرار المناسب.

وذكرت مصادر رسمية مواكبة للاتصالات لـ»اللواء»، انه من المبكر تحديد موعدالاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة الجديدة، او الحديث عن اسم معين قبل استكمال المشاورات السياسية للتوافق المسبق على الاسم وعلى برنامج الحكومة والضمانات المطلوبة لنجاحها، حتى لا تتكرر تجربة الحكومة المستقيلة، علماً ان كل الاطراف تدفع بإتجاه الاسراع في تسمية الرئيس المكلف وتشكيل الحكومة لتسريع اعمال الانقاذ والإعمار وتسيير مرفأ بيروت والتعويض على المتضررين، عدا استكمال ملفات عالقة مهمة كملف الاصلاحات البنيوية في الاقتصاد والمالية العامة والادارة. مايعني يجب الاتفاق على عناوين المرحلة المقبلة بكل تفاصيلها.

وكان اول الغيث في حركة الاتصالات فور استقالة الحكومة، الاجتماع الذي عقد في عين التينة بين الرئيس نبيه بري وجبران باسيل والحاج حسين الخليل في حضور النائب علي حسن خليل، والذي بحث بروية مشتركة لمرحلة ما بعد استقالة دياب وتأليف حكومة جديدة.

وفي كل الاحوال، بات على القوى السياسية اخذ مطالب الشارع المنتفض بالاعتبار خلال البحث في التركيبة الحكومية الجديدة، وإلا يبقى الوضع يراوح مكانه من توترات متنقلة وعدم استقرار سياسي وامني، خاصة ان الشارع يرفض كل التركيبة السياسية القائمة حالياً ويدعو الى تغييرها عبر انتخابات نيابية مبكرة، من الصعب اجراؤها ايضا قبل التوافق على اي قانون انتخابي!.

نيابياً، يعقد مجلس النواب جلسة الساعة 11 قبل ظهر غد في الأونيسكو لمناقشة المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ في بيروت.

جنبلاط: لا شروط

سياسياً، ومن عين التينة، أعلن جنبلاط بعد لقاء الرئيس بري: ليس لدي مرشّح لرئاسة الحكومة أو شروط للمشاركة وسأنسق مع برّي، داعياً إلى حكومة طوارئ، واتخاذ إجراءات في ما خص وباء كورونا.

واعتبر ان رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب هو من احرق بيروت، واسقط نفسه بنفسه.. مشدداً على حكومة جديدة كي لا تبقى تلك الحكومة الموجودة تصرف الأعمال.

باسيل: تسهيل

ودعا تكتل لبنان القوي الذي يرأسه النائب جبران باسيل إلى «تشكيل حكومة منتجة وفعالة تركز اهتمامها على توفير الحلول لمجموع الأزمات، مؤكداً انه «لن يوفّر جهداً لتسهيل ولادة الحكومة، وسيكون في طليعة المتعاونين لإنجاز هذا الاستحقاق».

وليلاً، نفى باسيل ان يكون وضع شروطاً لتأليف الحكومة.

المساعدات

على صعيد المساعدات، ذكر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنيسيق الشؤون الإنسانية أمس ان برنامج الأغذية العالمي سيرسل 50 ألف طن من طحين القمح إلى لبنان لتحقيق قدر من الاستقرار في امدادات البلاد.

وقال التقرير ان برنامج الأغذية سيرسل شحنة الطحين «لتعزيز الامدادات الوطنية وضمان عدم حدوث نقص في الغذاء بالبلاد».

على الأرض، بعد أسبوع من إنفجار ضخم ضرب بيروت ومدينتها، سار مئات اللبنانيين أمس فوق ركام عاصمتهم حاملين أوجاعهم إلى موقع الانفجار، وصور وأسماء ضحايا تغيّرت حياة عائلاتهم ووطنهم خلال دقائق.

وواصلت المدينة وأهلها لملمة جراحهم غداة استقالة حكومة حسان دياب.

وحوّل الانفجار الضخم بيروت عاصمة منكوبة، وعاث في أحيائها خراباً، متسبباً بمقتل 171 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف عدا عن مفقودين تضاربت التقديرات بشأن عددهم، وفق وزارة الصحة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن نحو الف طفل في عداد الجرحى.

وعند الساعة السادسة والدقيقة الثامنة قبالة المرفأ، كما في الأحياء المتضررة القريبة منه، وقف المئات دقيقة صمت على أرواح الضحايا، وأمام المرفأ الذي تحوّل ساحة خردة كبيرة، بُثّ على شاشة عملاقة شريط فيديو يُظهر الانفجار الضخم. وأدّى المشاركون تحية سلام لمدينتهم وضحايا الانفجار.

وفي شارع الجميزة المجاور، الأكثر تضرراً بالانفجار، جلس عشرات الشباب بلباس أبيض حاملين لافتات عليها أسماء ضحايا الانفجار، كما أضيئت الشموع. وقال أحد المشاركين في الوقفة قرب مرفأ بيروت أمام الحاضرين «لن نعلن الحداد ولن نرتدي الأسود قبل أن ندفن السلطة كلها».

وطلبت قوى الأمن الداخلي من المتظاهرين السلميين عدم التعرّض لعناصرها والخروج فوراً من أماكن التصعيد.

تحذير اميركي من نترات الأمونيوم

وفجرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قنبلة كبيرة أمس إذ إن متعاقداً أميركياً يعمل مع الجيش الأميركي، حذّر قبل أربع سنوات على الأقل من وجود مخبأ كبير للمواد الكيماوية القابلة للانفجار التي تم تخزينها في ميناء بيروت في ظروف غير آمنة.

وقالت إنه وفقاً لبرقية دبلوماسية غير سرّية أصدرتها السفارة الأميركية في لبنان وصنفتها بأنها «حساسة»، تمّ رصد وجود المواد الكيماوية والإبلاغ عنها من قبل خبير أمن الموانئ الأميركية خلال تفتيش حول سلامة الميناء. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين عملوا في الشرق الأوسط، أنه كان من المتوقع أن يقوم المقاول بإبلاغ السفارة الأميركية أو البنتاغون بالنتائج.

ونفى مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن يكون المسؤولون الأميركيون على علم بالنتائج التي توصّل إليها المقاول وقال إن البرقية «تُظهر أنه لم يتم إبلاغهم». وأضاف أن المقاول «قام بزيارة غير رسمية للموقع منذ حوالي أربع سنوات، ولم يكن في ذلك الوقت موظفًا في الحكومة الأميركية أو وزارة الخارجية». وقال المسؤول إن الوزارة ليس لديها سجل بإبلاغ المقاول بالنتائج التي توصل إليها حتى الأسبوع الماضي، بعد الانفجار المميت.

وتكشف البرقية أولاً، أسماء مسؤولين لبنانيين كانوا على دراية بـ«نيترات الأمونيوم» في المرفأ. ثمّ تشير بعد ذلك إلى أن مستشاراً أمنياً أميركياً عينه الجيش الأميركي اكتشف المواد الكيماوية أثناء فحص السلامة.

وبحسب البرقية، فإن المستشار، بموجب عقد مع الجيش الأميركي، كان مستشارً البحرية اللبنانية من 2013 إلى 2016. وقالت البرقية إن المستشار «نقل أنه أجرى عملية تفتيش على مرافق الميناء بشأن الإجراءات الأمنية، وأبلغ خلالها المسؤولين في الميناء عن التخزين غير الآمن لنترات الأمونيوم».

وتنقل الصحيفة عن العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين عملوا في الشرق الأوسط أن المستشار كان عادة ينقل نتائجه على الفور إلى المسؤولين الأميركيين الذين أشرفوا على العقد، وفي هذه الحالة السفارة أو وزارة الخارجية أو البنتاغون.

وقال دبلوماسيون من الدول المتضررة من الانفجار إنه ربما لم يكن هناك الكثير مما يمكن للولايات المتحدة فعله لإجبار الحكومة اللبنانية على نقل المواد. كما طلب مسؤولو الموانئ اللبنانية مراراً وتكراراً نقل المادة الكيماوية، ولكن دون جدوى.

وبيّنت البرقية شكوكاً أميركية في التفسير الأولي للحكومة اللبنانية حول سبب اشتعال نترات الأمونيوم والذي تحدث عن أن حريقاً اندلع في حظيرة مجاورة مليئة بالألعاب النارية ثم انتشر، مما تسبب في انفجار الأمونيوم. بدلاً من ذلك، تثير البرقية احتمال أن تكون الذخيرة المخزنة في المنفذ قد خلقت القوة اللازمة لتفجير نترات الأمونيوم.

7121

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 309 إصابة  كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 7121.

***************************************

افتتاحية صحيفة الديار

غضب عارم في الشارع يُعبّر عن عدم الثقة بالطبقة السياسية والحكام

فيتو من الثنائي الشيعي والوطني الحر على الإنتخابات النيابيّة المبكرة

التشاور لعمليّة التأليف بدأ … والقوات: سنعارض حكومة الوحدة الوطنية بقوة

نور نعمة

مر أسبوع على زلزال انفجار مرفأ بيروت والعاصمة لا تزال تلملم جراحها ولا يزال عمال الانقاذ يبحثون عن ناجين من الانفجار المهول، وسط غضب شديد في الشارع من مظاهرات واستقالات نواب من البرلمان وصولا الى اعلان الرئيس حسان دياب استقالة حكومته. والحال انه صحيح ان ما بعد 4 آب 2020 ليس كما قبل 4 آب 2020 ذلك ان التطورات على الارض تثبت ذلك يوما بعد يوم. ومن يعتبر ان بإمكانه تهدئة الناس بتغيير وجوه فقط وتشكيل حكومة تشبه سابقتها فهو مخطئ لان هذا الامر سيولد انفجارا شعبيا اكبر من الاحتجاجات التي تحصل في بيروت مؤخرا.

في غضون ذلك، طويت صفحة إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وأمس بدأت صفحة جديدة عنوانها تصريف اعمال ومنع الفراغ وتسيير امور البلاد للخروج من كارثة إنفجار المرفأ. وفي هذا السياق، قالت اوساط سياسية من فريق 8 آذار للديار ان الرئيسين عون وبري امتعضا من طرح دياب لانتخابات نيابية مبكرة لكونها «دعسة ناقصة» ولم تنسق معهما، ولكنهما ليسا وراء استقالة الحكومة انما مسارعة عدد من الوزراء لاسباب باتت معروفة الى تقديم استقالات فردية ومن ثم التلويح باستقالات فردية ليصبح عدد المستقيلين 7 وساعتئذ تطير الحكومة.

وفي هذا السياق، كشفت اوساط سياسية من فريق 8 آذار للديار انه ستكون هناك بضعة ايام ليتشاور كل طرف مع نفسه ومعاونيه وتتم جوجلة الافكار، وساعتئذ تعقد لقاءات ثنائية وثلاثية ومن ثم جماعية لمقاطعة المواقف في الاكثرية والاقلية النيابية وليس داخل فريقنا فقط.

وتشير الى ان مبدأ حكومة الوحدة الوطنية من الطبيعي ان تكون له الاولوية بالاضافة الى خيار تصريف الاعمال وبقاء حكومة تصريف الاعمال ومنع اي فراغ.

اما اللافت في هذا المجال فهو موقف القوات اللبنانية الرافض رفضا قاطعا لتشكيل حكومة وحدة وطنية واصفة اياها بأن التجربة اظهرت انها فشلت فشلا ذريعا، وبالتالي لماذا اعادة احياء تجربة فاشلة انهكت البلد ولم تأت بأي نتيجة ايجابية للبنان.

بموازاة ذلك، كشفت اوساط سياسية ان الرئيس بري وحزب الله والتيار الوطني الحر رفضوا تقصير ولاية المجلس النيابي في اللقاء الذي عقد منذ يومين في عين التينة وضم الخليلين . وبناء على ذلك، بات تقصير ولاية المجلس النيابي واجراء انتخابات مبكرة مطلبا صعب تحقيقه.

وتعقيبا على ذلك، اضحت الاستقالات التي حصلت من نواب حزب الكتائب ونواب مستقلين عبارة عن موقف سياسي من الفاجعة جراء انفجار مرفأ بيروت. ولكن من الواضح ان هذه الاستقالات لن تؤدي الى الهدف المرجو منه، وهو انتخابات نيابية مبكرة. وهذه المسألة مرتبطة ايضا بقرار الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل الذين يرون ان الاستقالة من البرلمان يجب ان لا تكون نابعة عن انفعال او موقف سياسي بل خطوة تليها خطوة اخرى، وهي الانتخابات المبكرة.

لا انتخابات فرعية

اكدت اوساط سياسية انه من الثابت ان لا انتخابات فرعية بعد تثبيت استقالة النواب التسعة بسبب الظروف الراهنة، كما لا استقالات جديدة راهناً، ولا تقصير لولاية مجلس النواب، ولا انتخابات مبكرة.

وتجزم هذه الاوساط ان الرئيس عون لن يدعو الى استشارات نيابية ملزمة قبل الاتفاق على اسم رئيس الحكومة العتيد، كما فعل مع دياب عندما لم يحدد الاستشارات لمدة 50 يوماً الى ان تم التوافق على دياب وتمت تسميته في هذه الاستشارات.

وعن طرح اسمي نواف سلام ومحمد بعاصيري في مقابل طرح بري والنائب السابق وليد جنبلاط ومعهما «حزب الله» اسم الرئيس سعد الحريري والقول ان «التيار الوطني الحر» والرئيس عون يتبنيان اسم سلام، تقول الاوساط ان «التيار الوطني الحر» نفى لنا كلياً تبنيه اي اسم كما لم يخبرنا اي طرف انه مصمم على اسم محدد او انه طرح اصلاً اسماء للتداول الحكومي. وتؤكد ان اي اختيار مسبق لاي اسم من اي طرف ومحاولة فرضه يعني ان لا حكومة من اساسه وليس هكذا تدار الامور. وتضع هذه الامور في سياق الشائعات ورمي الاخبار لجس النبض وربما التشويش بين الحلفاء قبل الخصوم.

الرئيس عون هدفه دوما حكومة وحدة وطنية

الى ذلك، قالت مصادر قريبة من قصر بعبدا ان الرئيس عون يريد دائما حكومة وحدة وطنية، ولكن الفريق الاخر هو من قاطع ورفض الانضمام سابقا مشيرة الى ان حكومة وحدة وطنية هي هدف الرئيس عون، خاصة في هذه الظروف التي تتطلب تعاون الجميع. ذلك ان في زمن المآساة تضع الاحزاب الخلافات السياسية جانبا وتعلن تضامنها من اجل خلاص البلد. ولفتت المصادر الى ان المشاورات بدأت للتو والملامح لم تتبلور بعد، علما ان الظرف يقتضي التكاتف والتضامن.

اما من سيكون رئيس الحكومة المقبلة، فقد قالت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان الاستشارات النيابية هي التي تحدد هوية رئيس الوزراء الجديد.

وحول استقالة النواب اعتبرت هذه المصادر ان بعض الكتل النيابية وبعض النواب عبروا عن مواقف سياسية وعن ملاحظاتهم وآرائهم وهذا امر مشروع، ولكن هذه الاستقالات لا تؤثر في مسار تأليف الحكومة، غير انه في الوقت ذاته شددت المصادر المقربة من قصر بعبدا على ان البحث الجاري واللقاءات والمشاورات لتشكيل حكومة تقتضي ان تساهم كل القوى السياسية في عملية التأليف.

وعن المظاهرات الشعبية التي تحصل في وسط بيروت، اوضحت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان الرئيس عون يميز بين المتظاهرين الذين يعبرون عن مشاعرهم وألمهم وشجونهم وحزنهم وبين عناصر شغب مندسين في قلب هذه التظاهرات يقومون بأعمال تخريبية وتحطيم وتكسير لمحلات تجارية ولفنادق، اضافة الى التعرض لقوى الامن. وفي هذا الاطار، كشفت هذه المصادر ان الاجهزة الامنية تملك معلومات واضحة عن الجهات التي تحرك المندسين وهم جهات داخلية وخارجية.

القوات اللبنانية: لن نقبل حكومة وحدة وطنية وسنعارضها بقوة

حول استقالة الحكومة والتوجه السائد نحو حكومة وحدة وطنية اكدت القوات اللبنانية انها ليست فقط غير معنية بأي حكومة وحدة وطنية، وهي لن تشارك في هكذا حكومة بل ستواجه اي حكومة من هذا النوع. وقالت المصادر القواتية انه بات واضحا لنا ان هذه الحكومات التي تشكل من كل واد عصا فشلت فشلا ذريعا وهي تتحمل مسؤولية ما وصل اليه لبنان اليوم. ولذا لا يجب التفكير بحكومة وحدة وطنية قبل ان يتعافى لبنان مستقبلا بل يجب الذهاب الى حكومة تتناسب مع طبيعة المرحلة، فحكومة وحدة وطنية مرفوضة وحكومة اقطاب مرفوضة. وتابعت المصادر القواتية ان هذه الحكومات جربت وظهرت انها غير فعالة، والحال ان الرأي العام اللبناني لا يريد ان يرى فقط هؤلاء السياسيين يجلسون حول الطاولة ويواصلون المحاصصات والمماحكات . وشددت على اننا في حالة انهيارية استثنائية ويجب تحويل لبنان الى ورشة عمل. في الوقت ذاته لفتت المصادر الى وجوب الاتعاظ من سبب فشل حكومة حسان دياب، ويعود ذلك لانها كانت مكبلة من فريق 8 آذار الذي شكلها ومما حال دون تحقيق اي من الإصلاحات المطلوبة وأصبحت حكومة معزولة عربيا . ولذلك من يجب ان يتحمل مسؤولية افشال حكومة دياب هو الفريق الممسك بمفاصل الحكم، ولذلك اي حكومة مقبلة يجب ان تتشكل دون مشاركة هذا الفريق في السلطة. وشددت المصادر على ان الحكومة المقبلة يجب ان تكون مستقلة فعلا وتضع برنامجا من اجل انقاذ لبنان.

وحول الاستقالات التي قدمت في المجلس النيابي، شددت القوات على ان الاستقالة يجب ألا تقتصر فقط على تسجيل موقف سياسي، علما انها تحترم حرية قرار اي نائب في البرلمان لان ذلك حق ديموقراطي والقوات تثمن ذلك . اما عن احتمال استقالة نوابها فالقوات تحرص ان لا تكون الاستقالة تعبر عن «فشة خلق» للناس بل ان تكون بداية لمسار جديد، اي بمعنى اخر ان تفرض مسارا جديدا لان دور المجلس النيابي مختلف عن دور الحكومة. وعلى سبيل المثال قالت المصادر القواتية انه في زمن الحرب الاهلية لم يستقل احد من البرلمان. وشددت القوات على انها لن تستقيل قبل فرض انتخابات مبكرة ولن نترك المؤسسات في اتجاه المجهول بل في اتجاه خطوة تفيد البلد.

وكشفت القوات اللبنانية ان مئات الشباب يقومون بمساعدة الناس التي تضررت وتساعد في اسعاف الجميع ضمن عمل جمعيات كثيرة كي لا يقال ان القوات تريد استثمارا سياسيا على مستوى كارثي يطال الناس.

وعن حالة الاهتراء في مؤسسات الدولة،, اوضحت المصادر القواتية ان الاهتراء لم يحصل حصرا في زمن حكومة الرئيس حسان دياب، ولكن المطلوب بعد وقوع انفجار مرفأ بيروت تحديد المسؤوليات الذي يجب ان يتم عبر المراسلات القائمة. ومن هذا المنطلق، نطالب بلجنة تحقيق دولية لانه لا يمكن لهذا التضارب في المصالح الموجود اليوم ان يتم تحقيق عادل بهدف التوصل الى الحقيقة.

اما السبب الرئيسي للاهتراء بالنسبة للقوات اللبنانية فهو عدم قيام دولة في لبنان وطالما ان المؤسسات في لبنان غير محترمة وطالما ان الدولة ليست المرجعية في القضايا الصغرى والكبرى فمن المتوقع ان يكون هذا الاهتراء موجودا وهو نتيجة المنظومة السياسية القائمة. وعليه الخروج من هذا الاهتراء لا يتم بمحاسبة فلان او علان بل بتغيير هذه المنظومة عبر العودة الى الدستور والقانون والمؤسسات.

الكتائب: استقالة نوابنا أتت احتراما لوجع الناس بعد انفجار المرفأ

من جهتها، كشفت مصادر في حزب الكتائب ان الحزب لا يبني كل خطوة يقوم بها على حسابات سياسية بل في بعض الاحيان يبنيها لاسباب انسانية نظرا للظروف. انطلاقا من ذلك اعتبرت المصادر الكتائبية ان استقالة نواب الكتائب من البرلمان كانت الخيار الامثل امام الفاجعة التي خلفها انفجار مرفأ بيروت واحتراما وتضامنا مع وجع وحزن وآلام الشعب اللبناني الذي سقط منه شهداء وجرحى، اضافة الى الاضرار الجسيمة التي اصابت الابنية. واضافت ان نواب الكتائب شعروا في الاونة الاخيرة انهم عاجزون عن احداث تغيير في البرلمان، وبالتالي في الحياة السياسية حيث لم يتمكنوا من تجميع عشرة نواب للتوقيع على عريضة لحياد لبنان كما ايضا لجلسة لمساءلة الحكومة، ولذلك اصبحت الاستقالة الخيار الافضل امام هذه الحالة السياسية العقيمة. وكشفت المصادر الكتائبية ان البعض يقول انه معارضة والبعض الاخر الذي شارك في حكومة دياب المستقيلة يقول انه من الموالاة في حين ان الواقع يشير الى انهم فريق واحد والمواقف المتمايزة بينهما ما هي الا مسرحية على الناس. ولفتت الى وجود تسوية بين معظم القوى السياسية تحكم البلد منذ عشرين سنة الى الان معتبرة ان وجود البعض خارج السلطة لا يعني بتاتا ان هؤلاء هم معارضة.

وفي اطار متصل، تساءلت المصادر عن مواقف الاحزاب التي تدعي المعارضة عما تنتظر لتقديم استقالة نوابها من المجلس مشيرة هل هناك فاجعة اكبر من انفجار مرفأ بيروت وما خلفه من ضحايا وجرحى ؟ ورأت ان الدكتور سمير جعجع يربط استقالة نوابه باستقالة نواب تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والوزير وليد جنبلاط يربط استقالة نوابه اذا استقال نواب الحريري والقوات اولا، وبالتالي الامر واضح انهم يبنون مواقفهم على حسابات سياسية. وقالت هذه المصادر : انظروا الشعب على الارض والثورة استعادت زخمها «. وتابعت «شهداء سقطوا ضحية انفجار مرفأ بيروت الى جانب آلاف الجرحى من الناس، فماذا تنتظرون بعد للاستقالة من المجلس النيابي؟

اما عن استقالة حكومة حسان دياب، فقد اعتبرت المصادر الكتائبية انه بعد انفجار مرفأ بيروت لا يمكن ان تستمر هذه الحكومة مشددة على ضرورة بروز وجوه جديدة مستقلة في البرلمان والحكومة معللة ان الدين الذي يوازي 120 مليار دولار لم يحصل بالصدفة، كما ان نيترات الامونيوم لم تدخل المرفأ وتبقى لمدة سبع سنوات بشكل عفوي وعشوائي. وهنا حملت المصادر كل وزراء الاشغال السابقين مسؤولية انفجار مرفأ بيروت، اضافة الى القضاء والاجهزة الامنية معتبرة ان جميعهم كانوا على دراية من وجود هذه المادة الخطرة والسريعة الانفجار والاشتعال.

ولفتت المصادر الكتائبية الى ان التيار الوطني الحر هو من عزز موقع مدير العام للجمارك بدري ضاهر وتيار المستقبل من دعم مدير المرفأ حسن قريطم، وبالتالي المحاصصة في المرفأ كانت واضحة.

وفي هذا السياق، كشفت ان اول خطوة هي اسقاط الحكومة وهذا الامر حصل، واليوم نريد حكومة مستقلة ومن ثم نريد الضغط لانتخابات نيابية مبكرة ومن ثم انتخابات رئاسية جديدة عبر المجلس النيابي الجديد تأتي برئيس جديد للجمهورية . وقالت ان الظروف مؤاتية اليوم حيث هناك تحرك دولي وهناك زلزال حصل بحجم اغتيال الحريري، وبالتالي يمكن تحقيق الحلم بإخراج السلطة السياسية الفاسدة من الحكم.

التقدمي الاشتراكي: نتشاور مع القوات والمستقبل حول قرار الاستقالة

بدوره، قال امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر للديار، ان مسألة استقالة نواب الحزب من البرلمان كانت خلال اليومين الماضيين قيد التشاور والبحث مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل حيث ندرس اذا كانت الاستقالة ستؤدي الى انتخابات مبكرة. اما في حال لم تحقق الاستقالة الهدف المطلوب فلن يكون هناك جدوى منها. ولفت ناصر الى حصول لقاء بين الحزب التقدمي الاشتراكي والرئيس نبيه بري حيث طالبنا بتقصير ولاية المجلس وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وأوضح أمين السر ظافر ناصر ان الحزب التقدمي الاشتراكي يرى ان المدخل للحل يكون بانتخابات مبكرة ضمن قانون انتخابي جديد وبحكومة حيادية وتحقيق دولي للتوصل الى الحقيقة حول انفجار مرفأ بيروت.

وفي النطاق ذاته أوضح ناصر ان حزبه لا يهوى المواقف الشعبوية لافتا الى ان الاستقالات الفردية لن تؤدي الى انتخابات مبكرة . وفي الوقت ذاته اشار الى ان الحزب التقدمي الاشتراكي عارض حكومة دياب قبل انفجار المرفأ مضيفا :«نحن في كباش مع العهد منذ ان اصبح العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية رغم اننا انتخبناه». وقال امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ان يوم الخميس كنا سنطرح الثقة بالحكومة في مجلس النواب، فلو كان نوابنا وغيرنا من الكتل قد استقالوا لكانت حكومة دياب جددت ثقتها. لذالا يزايد احد علينا لان هناك حدا ادنى من المنطق. واضاف ناصر ان نواب التقدمي الاشتراكي موجودون في البرلمان نتيجة اصوات الناس لهم داعيا الى التمييز في النظرة وفي التقييم للعمل السياسي بين المجلس النيابي وبين الحكومة لان السلطة التشريعية لها عملها وصلاحياتها وهي مختلفة تماما عن صلاحيات وعمل السلطة التنفيذية.