ما يجمع بين بكركي والقوات لا يُفرِّقه انسان


العلاقة بين الكنيسة المارونية والقوات اللبنانية منذ نشأتها وانطلاقتها كانت تتباين في اليوميات السياسية وتتطابق في الثوابت الوطنية، وفي كل مرة كانت فيها العناوين التكتية هي الطاغية كان التباين المنّظم وغير المعلن سيد الموقف، وفي كل مرة تقدمّت فيها القضايا الوجودية والسيادية والميثاقية والاستراتيجية كانت تنظر الكنيسة إلى نفسها بالمرآة فلا ترى سوى القوات اللبنانية.
وهذا التكامل في المسائل الكيانية بين الكنيسة والقوات مرده إلى ان جذور الكنيسة ضاربة في أعماق التاريخ وتحمل رسالة وقضية ولديها ثوابت ومسلمات وطنية، فيما القوات قدمّت نفسها منذ البدايات بكونها قوة جدية ولديها مشروع وقضية وفلسفة في رؤيتها اللبنانية بأبعادها الكيانية والميثاقية والسيادية والحيادية، وبالتالي ثوابت الكنيسة وثوابت القوات هي نفسها في كل زمان ومكان.
وعندما تقاطعت بكركي والقوات في العام 2000 بهدف إخراج الجيش السوري من لبنان، كان تقاطعا في الشكل والمضمون، فكانت بكركي صوت القوات التي كان قائدها معتقلا، وكانت القوات جيش بكركي في ساحات النضال تحقيقا لنداء أيلول التاريخي، وهذا التكامل بين بكركي والقوات أثمر تحريرا في 26 نيسان 2005.
وتطابق موقف القوات مع موقف بكركي-صفير لإنهاء الاحتلال السوري، عاد ليتكرر اليوم بين بكركي-الراعي والقوات تطبيقا للحياد كمشروع خلاصي للبنان، وهذا التطابق ليس وليد الصدفة ولا غب الطلب، إنما ينم عن قناعة مشتركة وقراءة موحدة في كتيِّب القضية اللبنانية الذي ينص على مبدأ الحياد الملازم للعيش المشترك، إذ في كل مرة سقط فيها الحياد سقط العيش المشترك الذي يستحيل ان يستقيم من دون الحياد.
فلا عيش مشترك حقيقي وفعلي ومتوازن ومسالم من دون حياد، والعيش المشترك الحالي هو صوري وكاذب في ظل وجود طائفة مسلحة تحت عنوان كاذب مسمى مقاومة وتستقوي على الآخرين، وما لم يعاد العمل بالحياد فلا أمل بالعيش معا، وبالتالي النضال من أجل الحياد هو نضال في سبيل العيش المشترك، ومن يرفض الحياد يرفض العيش المشترك.
فبكركي والقوات بهذا المعنى هما في طليعة المدافعين عن العيش المشترك القائم على الشراكة لا الغلبة في مواجهة القوى الرافضة للحياد واستطرادا للعيش المشترك الحقيقي، والتجربة دلت انه في كل مرة تقاطعت فيها بكركي والقوات كانت الغلبة للوطن والدستور والمؤسسات، وهذا ما حصل في اتفاق الطائف، وهذا ما تحقق مع إخراج الجيش السوري، وهذا ما سيثمر مع إحياء الحياد، وأما من يراهن على الفصل بين القوات وبكركي، فنقول له:

ما يجمع بين بكركي والقوات لا يفرِّقه انسان.