لبنان بين مشهدين


يتوزّع الواقع السياسي بين مشهدين:

المشهد الأول يتصدّره البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان له أكثر من موقف ولقاء بين بشري والديمان، وتصبّ مواقفه في الخانة نفسها المتصلة بالحياد، فيما تنوعت لقاءاته بين من يؤيّد علناً وصراحة ما يطرحه، وبين من يرفضه ضمناً، من دون ان يعلن ذلك، تلافياً للصدام مع البطريرك، فيضع لائحة من الشروط تحت عنوان التوافق، فيما أكثر من ملف استراتيجي وحساس يتمّ التفرُّد به.

وقضية مثل الحياد شكّلت ركيزة ميثاق العام 1943 المطلوب التوافق حولها، خلافاً لكل منطق ودستور. ولا عجب في ذلك لانّ ما يحصل اليوم في لبنان يتجاوز كل عقل ومنطق.

امّا المشهد الثاني فيتصدّره الشارع المعترض على الغلاء وانقطاع الكهرباء وتكدُّس النفايات وتزايد البطالة وارتفاع منسوب النقمة. فعادت التحركات الى الشارع والاعتصامات والتظاهرات، وكل ذلك في غياب المؤشرات الى أي مساعدات او حلول للأزمة المالية، وسط تخبُّط الحكومة بالأرقام، والتي قال رئيسها إنّه لن يستقيل، خشية من فراغ طويل لا يتحمّله لبنان.

فيما الناس تسأل، ماذا يختلف الوضع اليوم عن الفراغ الذي تحدث عنه الرئيس حسان دياب؟

لأنّ العنوان الأساس للفراغ هو غياب المبادرات والحلول والخطوات العملية والدوران في الحلقة المفرغة نفسها، وهذا ما هو عليه الواقع اليوم تحديداً. بل قد يكون الفراغ فرصة للاتفاق على خطة إنقاذية حقيقية تشكّل جسر عبور لخلاص اللبنانيين من أزمة لم يشهدوا مثيلاً لها في تاريخهم.
وبين المشهدين، ينتظر لبنان زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان أيف لودريان، آملاً ان يكون حاملاً معه مبادرة او أفكاراً لحلول. وفي انتظار وصوله الى ما تبقّى من أرز في وطن الأرز، يكثر الحديث عن ترسيم الحدود وتعديل مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب والمحكمة الدولية التي ستصدر حكمها في 7 آب المقبل.