كلما صار إحتمال فوز ترامب أضعف صار إحتمال الحرب أقوى


مع التبدُّل في مسار الانتخابات الأميركية واحتمالاتها، بحیث لم تعد فرص إعادة إنتخاب ترامب لولایة ثانیة مؤكدة، لا بل بدأت تضعف وتتراجع لعدة أسباب داخلیة أبرزھا ما یتصل بأزمة “كورونا” وطریقة إدارتھا وتداعیاتھا الكبیرة على الاقتصاد الأمیركي الذي كان یشكل نقطة قوة ترامب وورقته الرابحة… وبالمقابل، تعززت فرص منافسه الدیمقراطي جو بایدن رغم ضعف شخصیته وعدم تمتع حملته الانتخابیة حتى الآن بعناصر الجذب والتأثیر على الرأي العام.
ھذا التبّدل في مسار المعركة الرئاسیة الأمیركیة أدى الى تبّدل في حسابات واحتمالات المواجھة المفتوحة بین الطرفین في المنطقة: الرئیس ترامب الذي كان أظھر حرصا شدیدا عندما كان متأكدا من الفوز، على تمریر المرحلة الفاصلة عن الانتخابات من دون خسائر ومفاجآت، تخلى عن ھذا الحرص…
والقیادة الإیرانیة التي كانت اكتفت باستراتیجیة إنتظار وعدم الدخول في أي حوار وتفاوض مع واشنطن قبل الانتخابات، لم تعد تكتفي بذلك بعد بروز مكانیة خسارة ترامب، وترید التحول الى خیار آخر ھو الإسھام في تعقید ظروف ترامب وإسقاطه.
وھذا ما یفسر صعود أجواء التوتر والمواجھة بین الطرفین في الآونة الأخیرة، وتدافع المؤشرات الدالة على ذلك من داخل إیران، حیث توجه إتھامات لأمیركا بتحریك عملیات تخریب واستھداف لمنشآت حیویة، الى الخلیج حیث تجري إیران مناورات وتدریبات، الى العراق حیث استؤنفت عملیات إستھداف مواقع أمیركیة، بما في ذلك المنطقة الخضراء، مترافقة مع عملیة إجتذاب لرئیس الحكومة مصطفى الكاظمي، الى سوریا التي شھدت في أجوائھا عملیة تحرش طائرة أمیركیة بطائرة إیرانیة مدنیة، وتشھد على أرضھا ھجمات إسرائیلیة ضد مواقع إیرانیة، وصولا الى الحدود اللبنانیة ـ الإسرائیلیة التي تشھد إرتفاعا في درجة التوتر.
التغییر الآخر ھو في الحسابات الإسرائیلیة، عند رئیس الوزراء بنیامین نتنیاھو القلق جدا على وضعه، في ضوء التراجع المثیر في حظوظ حلیفه ترامب وھاجس رد الإعتبار الى الإتفاق النووي مع إیران مع بایدن، والقلق من أزمته الداخلیة التي تضیّق الخناق علیه، إن لجھة الخلاف السیاسي مع شریكه غانتس أو ضغوط الأزمة الاقتصادیة المالیة، أو تنامي ضغوط الرأي العام ضده، في وقت ما زال سیف المحاكمة القضائیة بتھم الفساد مسلطا فوق رأسه… نتنیاھو المأزوم داخلیا ربما تراوده فكرة الحرب ضد حزب الله، لیس فقط بھدف تصدیر أزمته الداخلیة والھروب الى الأمام، وإنما للإفادة من فرصة أمیركیة ما زالت سانحة في الفترة المتبقیة من ولایة ترامب ولا تتكرر مع غیره.