الحياد هو الحل


إستحضر غبطة البطريرك الراعي، من الماضي، قضيّة “الحياد”، ودفع بها إلى الحاضر والمستقبل. فقد توجّه إلى منظّمة الأمم المتحدة للعمل على إعادة تثبيت إستقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلان حياده. فحياد لبنان هو ضمان وحدته وتموضُعه التاريخي في هذه المرحلة المليئة بالتغييرات الجغرافية والدستورية. وحياد لبنان هو قوّته وضمانة دوره في إستقرار المنطقة والدفاع عن حقوق الدول العربية وقضية السلام، وفي العلاقة السليمة بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا بحكم موقعه على شاطىء المتوسّط.
أن تُطرَح قضيّة الحياد على الساحة اللبنانية ليس بالأمر الطارئ. إذ هي مطروحةٌ منذ إعلان لبنان الكبير، كما في الصيغة والميثاق: “لا شرق ولا غرب”. وأيضاً هي مطروحة ضمناً في شعار “النأي بالنفس” الشهير الذي بقيَ حبراً على ورق. ولكنّ نصّاً صريحاً على الحياد لم يرِد في الدستور وتعديلاته ولا في مُقرّرات إتّفاق الطائف. إنّما هو مطلبٌ مزمِن كان يقول به الفريق المسيحي وكان يتوجّس منه الفريق المسلم، وبالذات أهل السنّة، عندما كانت قضيّة فلسطين هي “القضيّة الأولى” والتي، من أسف، لم تعد كذلك في معظم البلدان العربية والإسلامية (…). فقد كان المُتحفّظون والمعارضون كذلك يخشون أن يؤدي الحياد إلى إنسحاب لبنان من الصراع العربي – الإسرائيلي.
إلا أنّ الواقع لم يكن كذلك، بدليل أنّ ما ورد في عظة غبطة البطريرك الراعي أمس، سبق أن أكّد عليه جميع الذين قالوا بالحياد، بل ذهبوا أبعد من قول رأس الكنيسة المارونية في لبنان والعالم بِـ”الدفاع عن حقوق الدول العربية”، إذ كانوا يؤكدون على الانخراط في مجالات دعم القضايا العربية عموماً وقضية فلسطين تحديداً “بالوسائل الممكنة كلّها”. علماً أنّ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قد “أعفى” لبنان من أن يكون “دولة مواجهة” وأعطاه دور “الدولة المُسانِدة”.
وفي تقرير ديبلوماسي غربي حديث أنّ “حياد لبنان لم يعد وقفاً على المسيحيين بل إنّ أكثرية الطيف المسلم تقول به أيضاً خصوصاً أهل السنّة”.
قديماً كان يُقال: لبنان سويسرا الشرق ولكن من دون حياد.