افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الثلاثاء 21 تموز 2020

افتتاحية صحيفة النهار

رداء “مذهبي” في مواجهة “الحياد” والحكومة تعدّل أرقامها

اذا كان الملف المالي المثقل بتعقيدات أزمة الخطة المالية للحكومة سيحط رحاله مجدداً اليوم في جلسة مجلس الوزراء، فإن ذلك لن يحجب الانشداد الى تداعيات بدأت تتخذ طابعاً مفتعلاً في سلبيته حيال طرح حياد لبنان الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعدما بدأ يستقطب مروحة واسعة وعابرة للطوائف من التأييد. وبدا واضحاً أن المؤشرات السلبية الأولية لمواقف بعض الفئات من هذا الطرح راحت تتطور في الساعات الأخيرة في اتجاه تصعيد الحملة على الراعي وطرحه، خصوصاً بعدما مضى البطريرك الماروني في تأكيد تمسّكه بهذا الطرح منادياً بالتعامل معه من منطلق مبدئي وتاريخي أولاً ومؤيداً بقوة فكرة إطلاق الحوار حوله.

لكن بعض التطورات التي سجّلت في الأيام الأخيرة على صعيد تنظيم حملات احتواء للطرح أولاً ومن ثم تصعيد حملات استهداف البطريرك شخصياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ثانياً ومن ثم انبراء مرجعيات دينية معروفة للتصدّي المباشر وبمواقف حادة جداً للطرح كأنه استهداف لمذهب بعينه ثالثاً، كل هذه المؤشرات رسمت لوحة تصعيدية وسلبية يُخشى أن تتسبّب بمناخات انقسامية واسعة من شأنها أن تزيد متاعب البلاد.

في هذا السياق، اكتسب الموقف الهجومي الحاد الذي شنّه أمس المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان باسم “الشيعة كأكثرية مكوّنة” دلالات خطيرة إذ اتسم بنبرة مذهبية خالصة من دون تحفّظ، كما أوحى بأنه “الرد البديل” للفريق النافذ المعروف. ففي موقف أشدّ تصلباً من الدعوة البطريركية الى حياد لبنان، قال الشيخ أحمد قبلان، “إن الحقيقة الوحيدة التي نؤمن بها هي: لبنان بلد لأهله وناسه وكل مكوّنيه، لكنه بلد مقاوم لا يقبل أن يكون فريسة للصهاينة أو الأميركيين أو أقنعتهم”، معتبراً “أن المئة سنة الماضية لم تكن صحية للبنان واللبنانيين الذين كانوا يتوقون الى لبنان الوطن والدولة والمواطن، ولم ينفعنا في يوم من الأيام مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة، وخصوصاً عندما كنا نُقتل أمام أعينهم وأعينكم، فلا تتكلّفوا العناء في الذهاب والإياب”.

وأضاف: “ان هذا البلد لا يقبل البيع، وعلى البعض أن يدرك حقيقة أننا كشيعة، أكثرية مكوّنة في هذا الوطن، ثم الشريك الأول والرئيسي لكل من طرأ عليه، وتشاركنا معه الخبز والملح رغماً عن زيف ألاعيب العثماني والانتداب الفرنسي،

كنا ولانزال ولن نقبل أي رشوة أو تهديد أو صفقة أو “لقاء” عنوانه بيع البلد أو تقديمه هدية سياسية تحت أي اسم كان، ونحن أمّ الصبي وتاريخنا من القرون الماضية من علمائنا وشهدائنا أكبر دليل على بذلنا في سبيل هذا البلد. ولذلك نحن مستعدّون أن ننحت من الصخر قوتاً ولن نمرّر صفقة بيع البلد. وعلى البعض أن يتذكر أن زمن عودة المارد للقمقم صار في خبر كان”.

وكان البطريرك الراعي قال أمس أمام زواره في الديمان إن “نظام الحياد أكبر ترجمة للكلام الوارد في مقدمة الدستور والذي يقول: لبنان وطن نهائي لكل أبنائه”. ولاحظ أن “دخولنا في أحلاف سبّب لنا عزلة تامّة والحياد وحده مصدر الاستقرار والازدهار ونظام الحياد الفاعل والناشط يعيد للبنان دور الجسر بين الشرق والغرب”. وشدد على “أننا لم نخترع شيئاً جديداً هذا تاريخنا وهذه ثقافتنا وحضارتنا وقد عشناها أربعين سنة، لبنان يعتمد الحياد ويلتزم القضايا العامة والسلام وحقوق الانسان وثقافة الحوار والحضارات”.

وأكدت مصادر معنية بالتحضيرات الجارية لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان لبيروت أن اللقاء الذي سيجمعه والبطريرك الراعي سيتسم بأهمية خاصة نظراً الى توافق وجهات النظر تماماً بين فرنسا وبكركي في شأن تحييد لبنان أو نأيه بنفسه عن الصراعات الاقليمية كأحدى ركائز المعالجات الأكثر إلحاحاً للأزمة اللبنانية الخانقة. ومعلوم أن لودريان يصل غداً الى بيروت على أن يبدأ لقاءاته الرسمية الخميس في جولة على رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية ناصيف حتي، كما يزور في اليوم التالي بكركي للقاء البطريرك الراعي الذي سينتقل من الديمان الى بكركي خصيصا لهذا الغرض. كما سيعقد وزير الخارجية الفرنسي مروحة من اللقاءات مع سياسيين ونواب وووجوه اقتصادية ومالية في قصر الصنوبر.

وفيما يرتقب أن يكون طرح الراعي موضع نقاش خلال زيارته للفاتيكان نهاية الشهر المقبل أو مطلع أيلول، اطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس من وزير الخارجية والمغتربين على نتائج زيارته لروما والفاتيكان والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين في الحكومة الإيطالية وفي الكرسي الرسولي. وأوضح الوزير حتي أن “المسؤولين الذين التقاهم جدّدوا دعم لبنان ورغبتهم في مساعدته ومواكبة ما يقوم به من إصلاحات يعوّل عليها المجتمع الدولي كثيراً”، مشيراً الى أن “المسؤولين الايطاليين جددوا تأكيدهم دعم القوات الدولية العاملة في الجنوب مع المحافظة على دورها وعديدها والمهمات الموكولة اليها. أما في الفاتيكان، فقد أكد المسؤولون أهمية لبنان وما يمثله من تنوع ودور في محيطه والعالم وضرورة توفير كل أنواع الدعم ومواكبته للخروج من الأزمة الراهنة التي يمر بها. كما شدّد الكرسي الرسولي على الرغبة في دعم المدارس الكاثوليكية في لبنان وفق المبادرة التي أعلنت أخيراً”.

الخطة معدّلة

الى ذلك، يعود الملف المالي الى الواجهة اليوم من خلال إعادة طرح تعديلات على الخطة المالية للحكومة في جلسة مجلس الوزراء التي أدرج على جدول أعمالها عدد كبير من البنود المالية. ويفترض أن تتركز المحاولة الحكومية الجديدة على تثبيت أرقام الخسائر المالية كمدخل اضطراري لاعادة تحريك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علما أن المواقف والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون في صندوق النقد الدولي، كشفت عمق المأزق الذي تواجهه الحكومة في إحياء المفاوضات.

ومن المتوقع أن يصل وفد من شركة “لازار” الاستشارية إلى بيروت خلال الأسبوع الجاري للمساعدة في إمكان إعادة النظر في خطة الحكومة والاتفاق على أرقامها.

وفي تطور لافت يتصل ببعض الاتجاهات التي برزت في صدد توزيع الخسائر المالية ومنها توسيع هامش الخصخصة، رأس رئيس الوزراء حسان دياب أمس اجتماعا للمجلس الأعلى للخصخصة عرضت خلاله مع الوزراء المعنيين المشاريع التي أعدّها سابقا المجلس الأعلى للخصخصة، وجرى البحث في وضع آليات لتنفيذها ضمن الامكانات المالية المتاحة.

وعرض القيمون “المشاريع المجمدة وجدواها وتكاليفها والعقبات المالية والقانونية والإدارية والسياسية التي تعرقل تنفيذها”.

واستوضح دياب “رأي الوزراء المختصين في كل مشروع ضمن اختصاصه”. كما أعطى توجيهاته للوزراء المعنيين لوضع اقتراحات الحلول لتسهيل تنفيذ المشاريع الملحّة في قطاعات الرياضة والنقل والاتصالات، وأبرزها: المجمع الأولمبي الرياضي، مطار القليعات، وطرق وجسور تصل بيروت بالجنوب والشمال.

ويُشار في هذا السياق أن وزير الطاقة ريمون غجر وعد أمس ببدء تحسن التغذية بالتيار الكهربائي وعودة الأمور الى طبيعتها غداً الأربعاء. وفي المقابل شهدت معظم مراكز “أوجيرو” في المناطق امس اعتصامات وعمليات إقفال لهذه المراكز احتجاجاً على الأوضاع السائدة في قطاع الاتصالات.

**********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

منشد “حزب الله” نقلَ “بأمانة” ما سمعه من “إنجازات دونكيشوتية”

الحجز على “الحاكم”… والقضاء يصرخ: “هرغلتونا”

“دير شبيغل” تستعرض “قصصاً مروعة” عن الإنهيار الذي “لا يمكن وقفه” في لبنان. “كورونا” على شفا انفجار فتيل الانتشار بين المقيمين وأصبح اللبنانيون أمام “أسبوع مفصلي” يحملهم إلى مرحلة التفشي “مجهول المصدر”. كرة الحياد اللبناني تشقّ طريقها بين أفخاخ التطييف والتخوين ولم تعد بعيدة عن طاولة مجلس الأمن، روائح الحرب تتصاعد ونيران الغارات الإسرائيلية في سوريا بدأت تلفح أكثر فأكثر الساحة اللبنانية مع ما تردد ليلاً عن استهداف مباشر لمواقع يتواجد فيها “حزب الله” في جنوب دمشق… لحظات مصيرية عصيبة يمر بها البلد، و”صالون الفن” يأخذ حيزاً كبيراً من نشاط السراي الكبير لتظهير لقطات رئيس الحكومة حسان دياب مع فنانين ومنشدين! أما خطط الإصلاح فإلى الصفوف الخلفية من الصورة وهي لن تخرج كما يبدو عن “بكائيات” الوقوف على أطلال الهيكل المتداعي بمختلف قطاعاته، وصولاً إلى إطلاق مصادر قضائية أمس صرخة مدوية عبر “نداء الوطن” بقولها للسياسيين: “هرغلتونا وهرغتلو القضاء”، تعليقاً على قرار إلقاء الحجز الاحتياطي على ممتلكات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.

فالمصادر القضائية التي نددت بالإمعان الحاصل في استخدام السلطة القضائية “كصندوق بريد للرسائل السياسية”، لم تتردد في إدراج قرار القاضي فيصل مكي ضمن إطار واحد مع القرار الذي سبقه إليه القاضي محمد مازح بحق السفيرة الأميركية، مشددةً على أنّ كلا القرارين تجمعهما “أبعاد سياسية أكثر منها قضائية”. وفي حيثيات إلقاء الحجز الاحتياطي على سلامة لفتت المصادر إلى أنّ أقل ما يقال فيها إنها “حيثيات ركيكة” لا سيما وأنها أتت لتحجز “على ممتلكات تُقدّر بملايين الدولارات مقابل دعوى جزائية مقامة على أساس المطالبة بمبلغ إجمالي يقدر بـ75 ألف دولار”، موضحةً أنّه “إذا كان في الشكل الإجرائي يمكن النظر إلى هكذا قرار من زاوية أنّ أي دعوى جزائية مماثلة تعتبر كافية لإلقاء الحجز الاحتياطي تلافياً لضياع الحقوق، لكن في قضية تتعلق بحاكم مصرف مركزي لا يمكن أن يترتب عن هكذا إجراء سوى مزيد من الإساءة للبنان وتكريس لصورة انعدام الثقة به داخلياً وخارجياً”.

ورداً على سؤال، أجابت: “من يتابع مسار القضية يكتشف أنّ الدين المدعى به غير مرجح الوجود والوقائع المحيطة بالملف لا تنطبق عليها إمكانية تقديم حجز احتياطي لصالح الدائن المدعي طالما أنه لم يُثبت وجود دين على مدين تخلف عن السداد”. وأضافت: “في الملف الأساس قد تستغرق قضية كهذه عشرات السنوات وما حصل لا يعدو كونه إجراءً شكلياً في بُعده القضائي، لكنه يصبح مؤشراً جوهرياً ومحورياً إذا ما تم النظر إلى أبعاده الدالة على عمق تدخل السياسة في القضاء وعلى وجوب أن تشكل استقلالية القضاء أولوية لا تتقدم عليها أي أولوية في المرحلة الإصلاحية”، متوجهةً إلى مجلس النواب وإلى لجنة الإدارة والعدل على وجه أخص بالقول: “إرحموا القضاء وأسرعوا في إقرار قانون استقلاليته لأنّ الأمور بدأت تتجه نحو المهزلة”.

وما لم تقله المصادر القضائية، عبّرت عنه صراحةً مصادر سياسية متابعة للقضية لـ”نداء الوطن” واضعةً قرار إلقاء الحجز الاحتياطي على ممتلكات حاكم مصرف لبنان في سياق رسائل “هز العصا” له وللأميركيين من ورائه، لافتةً إلى وجود “تقاطع سياسي” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يفضي إلى اتخاذ هكذا قرارات تصبّ في خانة السعي إلى “خلخلة” كرسي الحاكمية تحت أقدام سلامة “بانتظار الفرصة المؤاتية لاستبداله بحاكم “عوني” إذ يكفي أن يقول أحدهم إنّ القاضي الذي أصدر هذا القرار هو القاضي نفسه الذي حجز على ممتلكات النائب هادي حبيش في قضية المدعية غادة عون، ويسأل آخر عما إذا كان من قبيل الصدف أن يكون شقيقه هو منسق “التيار الوطني” في منطقة النبطية”.

وفي الغضون، أتى محضر اللقاء الذي نقله منشد “حزب الله” علي بركات عن لسان رئيس الحكومة ليستحوذ على مكانة بارزة من شريط المتابعات الإخبارية، لا سيما وأنّ أوساطاً مطلعة على فحوى ما جاء في تغريدة بركات أكدت لـ”نداء الوطن” أن المعطيات المتوافرة لديها تفيد بأنه نقل “بأمانة” ما سمعه من دياب، سواءً لجهة تباهيه أمامه بخوض “مواجهة مباشرة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا اضطرتها إلى التراجع” أو لناحية تأكيد عزمه على التوجه شرقاً نحو إيران باعتبارها “الخرطوشة الأخيرة”، غير أنّ تسريب هذا الحديث إعلامياً “أربك دياب ووضعه في موقف محرج أمام السفيرة الأميركية ما اضطره إلى إصدار بيان نفي رسمي للموضوع لكن من دون أن يذكر فيه بركات بالاسم لأنه أدرى بما قاله له”.

وفي حين آثرت مصادر ديبلوماسية عدم الخوض في حديث عن “إنجازات ومعارك دونكيشوتية غير موجودة على أرض الواقع”، اكتفت بالقول رداً على سؤال لـ”نداء الوطن”: “ما نعلمه علم اليقين أنّ ما جرى خلال اجتماع رئيس الحكومة اللبنانية مع السفيرة الأميركية هو على النقيض تماماً مما سمعناه بالأمس”.

**********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

البطريركية المارونية تجهز لحوار وطني حول حياد لبنان

مصادر الرئاسة: الموضوع ليس مطروحاً الآن والأولوية لمعالجة الوضع الاقتصادي

بيروت: كارولين عاكوم

لا تزال دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى حياد لبنان تأخذ حيزاً أساسياً من الاهتمام، فيما مصير طرحها يبقى مجهولاً في ظل استمرار الانقسام بشأنها على حاله، رغم أن البطريركية المارونية بدأت الإعداد لوثيقة حولها لتكون منطلقاً لحوار وطني موسع.

وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستنتجه زيارة الراعي إلى الفاتيكان، جدد البطريرك موقفه أمس، بقوله إن «دخولنا في أحلاف سبب لنا عزلة تامة والحياد وحده مصدر الاستقرار». وقال خلال لقائه وفداً من حزب «الكتائب اللبنانية» إن «نظام الحياد أكبر ترجمة للكلام الوارد في مقدمة الدستور الذي يقول: لبنان وطن نهائي لكل أبنائه».

وأضاف أن «دخولنا في أحلاف سبب لنا عزلة تامة والحياد وحده مصدر الاستقرار والازدهار ونظام الحياد الفاعل والناشط يعيد للبنان دور الجسر بين الشرق والغرب». وأردف: «لم نخترع شيئاً جديداً. هذا تاريخنا وهذه ثقافتنا وحضارتنا وقد عشناها أربعين سنة، لبنان يعتمد الحياد ويلتزم القضايا العامة والسلام وحقوق الإنسان وثقافة الحوار والحضارات».

ومع مواقف الراعي المتكررة عن موضوع الحياد منذ الخامس من يوليو (تموز) الحالي، قالت مصادر البطريركية المارونية لـ«الشرق الأوسط»، إنها تعمل على وثيقة حول دعوة الراعي الأخيرة لحياد لبنان على أن تكون منطلقاً لحوار وطني موسع لمناقشتها، مع تأكيدها أن «هذه المهمة لا تقع فقط على الراعي، إنما المسؤولية الأولى هي على المسؤولين والحكومة لتلقّف الدعوة والعمل عليها أيضاً كل وفق موقعه».

وعن موقف «حزب الله» الذي يعتبر المعني المباشر بدعوة الراعي، وعما إذا كان هناك تواصل معه، أم لا، تلفت المصادر إلى أن التواصل غير مباشر كما أنه لم يصل بكركي حتى الساعة موقف من قبله على دعوة الراعي.

وفيما من المفترض أن يزور الراعي الفاتيكان في الأيام المقبلة، أكدت المصادر أن موضوع الحياد سيكون حاضراً في لقاءاته كما في اتصالاته مع دول عدة، وتحديداً تلك التي أبدت تجاوباً مع دعوته، وعلى رأسها فرنسا، مذكرة بموقف المجتمع الدولي الداعي إلى ضرورة أن يساعد لبنان نفسه كي يساعده الآخرون.

لكن في المقابل، تقول مصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية إن العمل على هذا الطرح «ليس أولوية» في الوقت الراهن، معتبرة أن «هموم الناس الاجتماعية والأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان تبقى هي الأهم». ونفت علمها بأي خطة يتم العمل عليها.

وقالت مصادر الرئاسة لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعلم ماذا لدى البطريرك، إنما وفق المعطيات ليست هناك خريطة طريق إنما توصيفات لموضوع الحياد في غياب أي آلية، إضافة إلى أن الراعي يقول إنه يريد أن يتشاور بشأنها مع الأطراف». وأكد أن «الموضوع ليس مطروحاً الآن والأولوية هي لمعالجة الموضوع الاقتصادي – المالي والاجتماعي الذي يهم الناس في المرحلة الراهنة مع تزايد المآسي اليومية».

ومع استمرار المواقف حول دعوة الراعي، رأى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن الراعي «وضع إصبعه على مشكلة أساسية تكاد تكون المشكلة الأولى في لبنان، وذلك أن دويلة (حزب الله) تضع يدها وتطبق على الدولة اللبنانية، مع ما لذلك من تداعيات وانعكاسات على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي ومعيشي وأمني».

ورأى أن كلام البطريرك «حرك المياه الراكدة، ولفت انتباه الجميع إلى جوهر المشكلة التي تعصف بلبنان عندما سلط الضوء على ضرورة فك الحصار على الدولة وتحييد لبنان وتطبيق القرارات الدولية، عكس ما يزال يحاول العهد والحكومة اللبنانية وبضغط من حزب الله أن يحرفا أنظار اللبنانيين واهتماماتهم عنه».

ورأت الوزيرة السابقة مي شدياق أن الكلام «لامس مسائل على جانب كبير من الدقة والحساسية، وتعني حزب الله مباشرة وإن من دون تسميته، ووضعت النقاط على الحروف». وقالت شدياق خلال لقاء سياسي: «لا يبدو أن واشنطن ستتراجع عن المواجهة المفتوحة مع إيران إلا بعد إبعاد النفوذ الإيراني عن ساحل المتوسط، وترجمة ذلك في لبنان تكون بطبيعة الحال من خلال الضغط على حزب الله، إذن، سيكون لبنان أسوة بسوريا تحت المجهر لفرض عقوبات عليه وفق قانون قيصر… حزب الله يدرك هذا الواقع ويعتبر أن الأزمة لا تزال في بداياتها».

واعتبر «لقاء سيدة الجبل» أن ردود رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره الوزير السابق جبران باسيل على الحياد «هي تعبير فصيح عن ارتهان الدولة للمحور الإيراني»، مشيراً إلى أن «أهمية دعوة الراعي للحياد تكمن في أن لا حلول للأزمة المالية إلا من خلال الحلول السياسية».

لكن في المقابل، وفيما لا يزال الصمت سيد الموقف من قبل «الثنائي الشيعي» حيال دعوة الراعي، قال النائب ميشال موسى، من «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، في حديث إذاعي، إن «موضوعاً كالحياد يحتاج إلى نقاش معمق وإلى توافق بين المكونات اللبنانية، ويجب توضيح الأمور بين الأفرقاء، وهو أمر يأخذ وقتاً لأنه نقطة مهمة في السياسات العامة في البلد». وأضاف أن «لبنان في منطقة صاخبة بالحروب والصراعات وبحاجة إلى تحصين ساحته الداخلية في ظل العواصف الهوجاء».

**********************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

لودريان بمواجهة سلطة التجارب الفاشـــلة .. والصندوق يحذّر

الاسبوع الجاري حاسم، لناحية تحديد وجهة رياح الأزمة؛ إن في اتجاه اشتداد عصفها، والدافع اليه بالتأكيد، بقاء السلطة في غرفة التجارب الفاشلة، او اتجاه هدوئها، وهذا رهن باستفاقة ولو متأخّرة لهذه السلطة، فتزيّت محرّكاتها الصدئة وتبادر الى قرار جدّي بمقاربة الأبواب التي تأتي منها تلك الريح فتسدّها وتستريح، وتريح؟

أقرب الأبواب، هو الدولار، الذي بات يتطلّب عملية جراحيّة للسوق السوداء التي تدار من غرف سوداء بغفلة منها او بتغاضٍ من قِبلها، وتحلّق به وبالغلاء الفاحش، الى حدّ قطع ما تبقّى من لحم حيّ لدى الناس، على الاقل تتدخّل ليُقال فقط انّ في لبنان سلطة، وتوقف اسطوانة الوعود المتكرّرة بأنّها لن تسمح للمتلاعبين بالتمادي، وها هو الدولار يطرق باب العشرة آلاف ليرة من دون ان تحرّك ساكناً!

«لازارد» في القفص

بهذه القفزة الدولارية، تستعد السلطة لاستقبال الاستشاري المالي «لازارد» هذا الاسبوع، ليعينها على اعادة صياغة خطتها الانقاذية، ومهدّت لزيارته بوعد قطعته بأن تتوصل الى مقاربة موحّدة لحجم الخسائر وكيفية توزيع هذه الخسائر، يوم الجمعة، ومن خلالها تبدأ مفاوضاتها الجدّية مع صندوق النقد الدولي.

على انّ التفاؤل الذي أبدته مصادر حكومية في شأن إمكان موافقة «لازارد» على مجموعة تعديلات مطلوبة في الخطة الانقاذية لاستعادة المفاوضات مع صندوق النقد، قابلته مصادر مصرفية بالتشكيك وعدم الارتياح.

وفي السياق، حذّرت مصادر مصرفية من ترويج أجواء تفيد بأنّ زيارة وفد «لازارد» المرتقبة هذا الأسبوع إلى لبنان ستؤدّي إلى وضع الحلول للمشكلة التي نجمت عن التقديرات المغلوطة في ما سُمّي «خطّة الحكومة اللبنانية للتعافي المالي».

وقالت المصادر لـ»الجمهورية»، إنّ «هذه الأخبار من شأنها تضليل الرأي العام، لأنّ «شركة لازارد» هي المسؤولة عن الأرقام والتقديرات غير الصحيحة التي تضمّنتها ورقة الحكومة. بل يمكن القول إنّ «لازارد» هي التي ورّطت الحكومة في تقديرات كانت ستؤدّي إلى إفلاس مصرف لبنان والمصارف وإسقاط النظام المالي اللبناني برمّته».

واعتبرت المصادر المصرفية، «إنّ أي حلول إيجابية ستكون ثمرة الحوار الموضوعي المتقدّم الجاري بين الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي ومصرف لبنان والمصارف، ولا تستطيع «شركة لازارد» مساعدة هذا الجهد إلّا بتخفيف أضرار تدخّلها، مثل تلك التي شهدناها في المرحلة السابقة».

هذا الموقف رسم علامات استفهام في شأن طبيعة مهمة «لازارد»، وبرز تخوّف من ان تكون المفاوضات مع الشركة للحصول على موافقتها على التعديلات، ليست بالسهولة التي تصورتها المصادر الوزارية المتابعة.

الصندوق: لا مساعدات

في هذا الجو، عاد صندوق النقد الدولي، ليؤكّد للسلطة مرّة جديدة بأنّ «ارقام خسائر لبنان ليست هي المهمة، بل المهم هو الإصلاحات الحقيقية، التي من دونها لن يكون هناك برنامج اتفاق مع الصندوق على ايّ مساعدات للبنان».

الوقت داهم

وعلمت «الجمهورية»، انّ مسؤولي صندوق النقد الدولي عبّروا لشخصيات مالية لبنانية بأنّ الوقت يداهم لبنان اكثر فأكثر، والأزمة التي يعانيها تتصاعد الى مستويات اكثر خطورة، وانّ الحكومة اللبنانية معنية وبصورة عاجلة، بوضع صياغة جديدة متطورة، بمقاربات اكثر واقعية من خطتها السابقة، وتتضمن تغييرات جذرية، وتشكّل قاعدة متماسكة لبلوغ برنامج تعاون مع لبنان، وذلك بالتزامن مع مبادرات سريعة، فيما ما زلنا ننتظر من الحكومة اللبنانية، الشروع في برنامج الاصلاحات في المجالات كافة، وكل تأخير فيها، من شأنه ان يؤخّر الوصول الى البرنامج».

وكرّر مسؤولو الصندوق «استعداد الصندوق لتقديم ما يمكن ان يشكّل عاملاً تسهيلياً امام الجانب اللبناني في المفاوضات حول البرنامج، لكن كل ذلك متوقف على ما ستقدّمه الحكومة اللبنانية في هذا المجال».

سلامة

على انّ اللافت للانتباه، انّه في الوقت الذي تتكثف فيه الاجتماعات بين وزارة المالية ومصرف لبنان، سعياً لوضع المقاربة الموحّدة لارقام الخسائر، برز في موازاتها استهداف مباشر لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عبر قرار قضائي صادر عن القاضي فيصل مكي، قضى فيه «بإلقاء الحجز الاحتياطي على الاسهم العائدة لسلامة في عدد من العقارات والمنقولات المملوكة منه في منزله الكائن في منطقة الرابية».

ويأتي هذا القرار، بناءً على طلب الحجز الاحتياطي المقدّم من الدائرة القانونية لمجموعة «الشعب يريد اصلاح النظام»، من ضمن شكوى تقدّم بها محامون تابعون لهذه المجموعة ضدّ حاكم مصرف لبنان «بجرائم النيل من مكانة الدولة المالية وحضّ الجمهور على سحب الاموال المودعة في المصارف وبيع سندات الدولة، اضافة الى الاهمال الوظيفي والاختلاس».

وقد طُرحت علامات استفهام من مستويات سياسية ومالية واقتصادية حول مغزى اصدار هذا القرار في هذا التوقيت بالذات، وتساؤلات عن الغاية منه، وما اذا كانت خلفه غايات سياسية. واعربت عن الخشية من ان تترتب على هذا القرار ارباكات اضافية على المستوى المالي. وتخوفت من ان يكون ذلك مندرجاً في سياق خطة الاستهداف التي يتعرّض لها سلامة من قِبل جهات سياسية وحكومية، تسعى الى تحميله مسؤولية الازمة المالية كمقدمة لإزاحته عن حاكمية مصرف لبنان».

وتعليقاً على القرار الذي اتخذه القاضي مكي، قال مرجع قضائي بارز لـ»الجمهورية» إن الدعوى التي قدّمها المدّعون أمام القاضي المنفرد في بيروت، وهي محكمة مدنية ناقصة من أكثر من زاوية وتفتقر الى خطوات تجاوزها القاضي، وقد تنتهي مفاعيل الحجز التي وضعت على أملاكه في الدوائر العقارية بعد ثلاثة أيام ما لم يتم تثبيت الدعوى بشكل قانوني.

ولفت المرجع الى أن القاضي المنفرد لم يحل الدعوى الى النائب العام الإستئنافي ولم يطلب رفع الحصانة التي يتمتع بها حاكم البنك المركزي مسبقاً قبل إصدار قراره. وهي حصانة غير عادية وتتفوق بأهميتها على باقي موظفي الفئة الأولى والتي لا يتم إسقاطها باعتباره رئيساً لهيئة التحقيق الخاصة إلّا باذن مسبق من مجلس الوزراء.

وقال المرجع انه وبحسب القانون ١٥٦/٢٠٢٠ الصادر في أيار، لا تحرك دعوى الحق العام بحق موظف من دون إدعاء النيابة العامة، و بالتالي القرار المبني على شكوى مباشرة لا أساس قانونياً له». فكيف إذا كان الأمر يتعلق بموقع الحاكم وما يحصنه تجاه أي إجراء من هذا النوع.

باريس

من جهة ثانية، وعلى وقع القفزة الدولارية ايضاً، تُضاف اليها الكهرباء المعدومة في البلد، والمازوت المفقود، والفيول المغشوش، وفي موازاتها الجدل القائم حول طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي حول حياد لبنان، تستعد السلطة لاستقبال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان غداً.

واذا كانت السلطة تقارب زيارة لودريان، بوصفها تعكس حرص باريس على لبنان، ومناسبة للتأكيد على الجانب الفرنسي بأن تضع فرنسا ثقلها لمساعدة لبنان على تجاوز الأزمة الصعبة التي يمرّ بها، فإنّ مصادر ديبلوماسية فرنسية اكّدت لـ»الجمهورية»، عشية الزيارة، انّ «زيارة لودريان الى بيروت تؤكّد على اواصر الصداقة المتينة التي تربط فرنسا بلبنان، وحرص الدولة الفرنسية على الوقوف الى جانب الشعب اللبناني ومساعدته في بلوغ مرحلة التعافي من ازمته التي يعانيها».

واكّدت المصادر «انّ وضع لبنان صعب جداً، والظروف التي يمرّ بها معقّدة»، مشيرة الى انّ «باريس لعبت دوراً حثيثاً مع اصدقائها في المجتمع الدولي، بضرورة مدّ يد العون للبنان».

ورداً على سؤال، قالت المصادر: «انّ السلطات اللبنانية معنية بالتصدّي للتحدّيات التي يواجهها لبنان. وثمة حاجة باتت اكثر من ملحة لأن تتخذ السلطات مجموعة من التدابير التي ينشدها اللبنانيون، والخطوات الجذرية لتحسين الوضع، وفي مقدّمها الإصلاحات الضرورية».

وذكّرت المصادر في هذا السياق، بما اعلنه لودريان قبل ايام قليلة، حينما توجّه الى اللبنانيين بقوله: «ساعدونا لكي نساعدكم». وقالت انّ «هذا ما سيبلغه لودريان للمسؤولين اللبنانيين، وهذا معناه انّ الكرة ما زالت في ملعب اللبنانيين للاستجابة الى المطالبات الدولية في شأن اصلاح ذي صدقية، ومكافحة الفساد، ليُفتح باب المساعدات للبنان، بما يتيح له انهاء ازمته الراهنة. وان باريس من موقع صداقتها المتينة للبنان ستكون الى جانبه، ومتصدّرة الجهود مع شركائها لدعمه».

شينكر

وبحسب بعض المؤشرات، فإنّ زيارة لودريان الى بيروت لا تأتي بمعزل عن الاميركيين، وهو ما تبدّى في ما اعلنه مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط دايفيد شينكر، في حديث صحافي الاسبوع الماضي، من «انّ الفرنسيين لا ينوون مواصلة القيام بعقد مؤتمرات وقمم واعطاء مبالغ ضخمة من المساعدة غير المشروطة دون الحصول على شيء في المقابل، والامر نفسه بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية، التي لا تستطيع ان تساعد لبنان، اذا لم يساعد نفسه. فالحكومة اللبنانية بقيت بين 130 و140 يوماً، من دون ان تحرز اي تقدّم حقيقي وملموس نحو تنفيذ اصلاحات، او التحرّك نحو صندوق النقد الدولي، وهذا لا يشير الى إلحاح بالمعنى الحقيقي، كما ينبغي ان يكون».

وقال شينكر: «انّ على اللبنانيين ان يقودوا عملية الاصلاح، والمطلوب تغيير الطريقة التي تتمّ فيها الاعمال في لبنان، ولا يمكن للولايات المتحدة ان تريد الاصلاح اكثر من لبنان نفسه».

وانتقد شينكر «اعتراض الرئاسة اللبنانية على قانون آلية التعيين»، وقال: «انّ الحكومة اللبنانية تريد المضي قدماً في بناء 3 محطات لتوليد الكهرباء، في حين ينصح صندوق النقد الدولي وآخرون ببناء محطة واحدة فقط، لكن الحكومة تريد ثلاثاً حتى يتمكن السياسيون من الحصول على مكتسبات وتوظيف اصدقائهم وكسب المال، وهذا لا يوحي للشركاء الدوليين بأنّ الحكومة جادة بشأن الاصلاح».

وإذ اشار شينكر الى انّ الحكومة اللبنانية لم تفعل الكثير لدفع الامور الى الامام، لفت انتباه اللبنانيين الى «انّ الولايات المتحدة الاميركية لها دور اساس في دعم صندوق النقد الدولي او عدم دعمه للدخول في برنامج مع لبنان، وهذا يعتمد على ما تراه الولايات المتحدة من الحكومة اللبنانية، من حيث العزم على دفع الإصلاحات الى الامام».

السرايا: تفاؤل

الى ذلك، اعربت مصادر السرايا الحكومية عن تفاؤلها حيال زيارة لودريان الى بيروت، مقدّرة العاطفة الفرنسية تجاه لبنان، التي تجلّت في الدعم الذي تقدّمه في المجال الطبي لمكافحة وباء كورونا، وكذلك الدعم الذي اعلنته لبعض المؤسسات التربوية.

وعن مطالبة باريس للسلطات اللبنانية باتخاذ تدابير اصلاحية عاجلة وملموسة وذات صدقية، قالت المصادر لـ»الجمهورية»: «انّ زيارة الوزير الفرنسي ستؤسّس حتماً الى ايجابيات، علماً انّ لودريان سبق له ان اكّد لرئيس الحكومة حسان دياب في الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه قبل فترة، بأنّ فرنسا تقف مع لبنان، وهي تؤيّد البرنامج الاصلاحي للحكومة، وهي على استعداد لمساعدته مع صندوق النقد الدولي. وكذلك عبّر عن نية صادقة بتوجّه فرنسا لعقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، وذلك فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقّة بوباء «كورونا».

متى تقتنع الحكومة؟

الّا انّ مسؤولاً كبيراً يرى في المقابل انّ على الحكومة ان تستفيد الى اقصى الحدود من زيارة الوزير الفرنسي، عبر اعتماد الواقعية في مقاربة الأزمة ومتطلبات الخروج منها.

وقال المسؤول الكبير لـ»الجمهورية»: «الفرنسيون بادروا في اتجاه لبنان، ومع الاسف اللبنانيون هم من ضيّعوا «سيدر» مع انّ الفرنسيين ما زالوا يؤكّدون انّ فرصة الاستفادة منه هي في يد اللبنانيين، وحتى الآن لم نبادر الى اي خطوة ايجابية في هذا الاتجاه».

ورداً على سؤال قال: «صار من الضروري والملح ان نثبت اننا محل ثقة وجدّيون وصادقون في توجهاتنا، وان ندخل الى الإصلاحات فوراً. صحيح انّ زيارة لودريان تكتسي طابعاً مهماً جداً يجب الاستفادة منها، ولكن ماذا ينفع ان حضر لودريان وغيره، وان وضعت باريس وكل المجتمع الدولي ثقلها لمساعدة لبنان، اذا كانت الحكومة على حالها من هذا التخلّف والتراخي؟».

وقال: «لا احد يعرف ما الذي يمنع الحكومة من اجراء الإصلاحات. وانا في رأيي، انّه في مقدور هذه الحكومة ان تنتج في حالة وحيدة، وهي عندما تقتنع انّها مسؤولة وانّ عليها ان تُنتج، وانها تستطيع ان تُنتج ولا شيء يمنعها من الإنتاج والإنجاز».

ورداً على سؤال حول التغيير الحكومي، قال المسؤول الكبير: «تغيير الحكومة ليس مطروحاً، ولكن اذا ما استمر حال المراوحة الحكومية السلبية على ما هي عليه فساعتئذ لا حول ولا..».

صرخة الهيئات

في هذا الوقت، اطلقت الهيئات الاقتصادية ما سمّتها اوساطها «الصرخة الاخيرة قبل السقوط»، كونها لم تعد قادرة على الاستمرار في ظلّ الازمة الخانقة واستمرار الصعود والهبوط في سعر الدولار.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ هذه الصرخة مرتكزة على واقع مرّ تمرّ به الهيئات الاقتصادية، عنوانه الاساس، «انّ للقدرات حدوداً» في ظل تفاقم الازمة. هذه الصرخة اطلقتها الهيئات بالأمس، خلال زيارة وفد منها لوزير المالية غازي وزني.

وقالت مصادر الهيئات لـ»الجمهورية»، انّ وفدها عرض لوزير المالية حجم الضغط الكبير الذي تتعرّض له الهيئات الاقتصادية على اختلافها، وخصوصاً في ظلّ ارتفاع وهبوط سعر صرف الدولار، وما يسببه ذلك من ضرر كبير وخسائر تهدّد استمرار المؤسسات، وتدفع الكثير منها اما الى الاقفال واما الى الاستغناء عن موظفيها للحدّ من هذه الخسائر.

واكّد الوفد لوزير المالية، انّ الهيئات الاقتصادية صارت في وضع مزر للغاية، جراء تداعيات وباء كورونا وتعطّل الاعمال، اضافة الى نتائج الأزمة الاقتصادية والمالية وتراجع قيمة العملة الوطنية. وبناء على ذلك، طالب الوفد الوزير باتخاذ الخطوات الآيلة الى تمديد او تأجيل او تقسيط بعض الرسوم والضرائب، لأنّ المؤسسات غير قادرة على الدفع. وقد وعد الوزير بدراسة الموضوع بروح ايجابية.

«لأنو مش قادرين»

وبحسب المعلومات، فأنّ الوزير والوفد كانا على موقف واحد لناحية الحفاظ على الموظفين وعدم الاستغناء عنهم، حيث ابلغ الوزير الوفد ما مفاده: «انا اتفهم كل ما تطرحونه، وما اؤكّد عليه هو وجوب ان تحافظوا على الموظفين».

اضاف: «اريد ان الفت انتباهكم الى اننا نحن كوزارة مالية ما زلنا الى اليوم نتقاضى الواردات والرسوم العقارية وجمرك السيارات بدولار الـ1500 ليرة، وهذا يرتّب علينا خسارات كبيرة».

وتابع وزني: «الّا انّ المعالجة لما تعانيه الشركات والمؤسسات، وكذلك لخسائر الواردات على الدولة ستكون جزءًا من معالجة اقتصادية شاملة من ضمن برنامج صندوق النقد، ونحن في خلال هذا الاسبوع لدينا اربعة اجتماعات متتالية على اربعة ايام بين مختلف اصحاب العلاقة: الدولة، الحكومة، جمعية المصارف ومصرف لبنان، لكي نتوصل في نهاية الامر الى رؤية موحّدة بحسب ما طلب منا مجلس النواب، وبعدها نبدأ في المفاوضات الجدّية مع صندوق النقد الدولي».

معراوي .. بالوكالة

في سياق متصل بوزارة المالية، اوكل وزير المالية امس، الى مدير الشؤون العقارية والمساحة جورج معراوي، القيام بمهام المدير العام لوزارة المالية بالوكالة، ربطاً باستقالة المدير العام الاصيل الان بيفاني.

**********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

خلاف بعبدا – بكركي حول الحياد يضعف الرهان على المساعدة الفرنسية

قطوع «التحقيق الجنائي» يواجه مجلس الوزراء.. وقرار قضائي بالحجز على عقارات سلامة

على إيقاع الجدل، غير المجدي على الأولويات المقترحة، في معالجة الانهيار المريع الذي يشهده لبنان، والتباين الحاد بين المواقع الرئاسية والحكومية والسياسية، حول بأي الخيارات تبدأ المعالجة: بالحياد أو الملاحقات، أو مواجهة الفساد، أو التحقيق الجنائي المالي، بحسابات مصرف لبنان، وسائر حسابات الدولة، أم بالمشاريع العملية المنتجة، للحلول، بدءاً من تأمين الكهرباء، إلى توفير البنزين، والسيطرة على سعر صرف الليرة، في ظل الصعود الجنوني للدولار الذي التهم قيمة الرواتب الشرائية، حيث بقي رواتب، اكملت الاجهاز عليها الأسعار الجنونية للسلع الغذائية، بعيداً عن «سلة الحكومة» الفارغة، مثل وعود وزير الطاقة، التي صارت يعقوبية، بانتظار غد الأربعاء..

وضمن هذا السياق، لاحظت مصادر مطلعة ان هناك تبايناً جدياً، أو خلافاً بين بكركي وبعبدا حول موضوع الحياد، وإمكان وضعه موضع التنفيذ، من وجهة نظر فريق بعبدا، وأعربت عن خشيتها من ان يترك هذا التباين انعكاسه على المحادثات مع وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، الذي يصل إلى بيروت بعد ظهر غد على ان يبدأ محادثاته الرسمية في اليوم التالي (الخميس)..

ويلتقي لودريان عند التاسعة والنصف صباحاً الرئيس ميشال عون، والعاشرة والنصف الرئيس حسان دياب، والثانية عشرة الا ربعاً الرئيس نبيه برّي، والواحدة بعد الظهر الوزير ناصيف حتي، الذي زار بعبدا أمس.

الحجز على أملاك سلامة

على ان التطور الأبرز، تمثل بقرار أصدره رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكي ضد المحجوز بوجهه: السيّد رياض توفيق سلامة، والحاجزون المحامون: حسن بزي، هيثم عزو، وجاد طعمة وبيار الجميل وفرنسوا كامل، بناءً لدين لكل منهم بمبلغ خمسة وعشرين ألف دولار أميركي، وذلك سنداً للمادة 866 من قانون أصول المحاكمات المدنية، ويشكل الحجز الاحتياطي أسهم المحجوز بوجهه في عقارات متنية (قرنة شهوان، برمانا)، إذا كانت اسهمها ما زالت على اسمه، والمنقولات التي يملكها المحجوز بوجهه في المنزل الواقع في الرابية..

وتضمنت الشكوى ضد سلامة تهمة «النيل من مكانة الدولة المالية وحض الجمهور على سحب الاموال المودعة في المصارف، وبيع سندات الدولة، والاهمال الوظيفي والاختلاس.

ولم يشأ سلامة التعليق، وقال المحامي حسن بزي وهو أحد المحامين الذين قدموا الشكوى، بينما كان يقف أمام قصر العدل في بيروت «من بعد 45 يوما متابعة للملف فعلها القاضي الجريء فيصل مكي، اليوم نحن باسم الثورة وباسم كل المقهورين والفقراء والمساكين والمودعين حصلنا على قرار بإلقاء الحجز الاحتياطي على عقارات وأثاث وموجودات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع احتفاظنا بحق الحجز الاحتياطي على سياراته ومخصصاته».

مجلس الوزراء

وسط ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة له اليوم، يرجح ان تخلو من التعيينات وقد يكون البارز فيها موضوع التدقيق المالي الجنائي وبت الموضوع في التدقيق بحسابات مصرف لبنان معلنة انه ينتظر ان يقدم وزير المال تقرير الأجهزة الأمنية بشأن الشركات المقدمة.

وقال وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار في تصريح لـ«اللواء» ان لا خلاف على مبدأ التدقيق المالي وهذا ما ظهر في مجلس الوزراء انما لا بد من التدقيق بهوية الشركات. وفي مجال اخر امل الوزير نجار ان يقر مجلس الوزراء في جلسته اليوم بند تدوير اعتمادات لم تصرف من موازنة العام 2019 لأعادة تأهيل الطرقات الدولية والبالغة قيمتها 192 ملياراً معلناً أن هذا البند يشمل الطرقات الدولية المعروفة في بيروت والشمال والجنوب وضهر البيدر. وقال ان هذه الطرقات توازي الأمن الغذائي وهي ضرورة لسلامة المواطن مثلها مثل الصحة العامة.

الى ذلك لفتت المصادر الوزارية الى ان تطورات ملف كورونا تحضر انطلاقا من ضرورة الأيعاز بفرض التوعية واتخاذ الأجراءات الرادعة.

اما بالنسبة الى خطة التعافي المالي فلم تستبعد المصادر نفسها ان يبادر الوزراء بالأستفسار عن المستجدات بشأنها ومساعدة شركة لازارد في توحيد المقاربة والأرقام.

وتركز النشاط في السراي الكبير، على ترؤس الرئيس دياب اجتماعاً للمجلس الأعلى للخصخصة وبحث المشاريع التي اعدت للخصخصة، والبحث في وضع آليات لتنفيذها ضمن الإمكانات المالية المتاحة.

كما عقد اجتماع للجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفايات، قبل رفع تقرير إلى مجلس الوزراء.

في غضون ذلك، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بيت الوسط، حيث التقى الرئيس الحريري. وقال: «ليست زيارتي الأولى أو الأخيرة إلى هذا البيت الكريم.

وقال ابراهيم: الرئيس الحريري حريص على استقرار وازدهار لبنان..

وكشف ان زيارته إلى بعض الدول العربية لم تكن لطلب الأموال، وإنما إيجاد مساحة اقتصادية مشتركة، بما يؤمن مصلحة تجارية بين الدول التي زارها.

وعقد رؤساء الحكومات السابقون: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام اجتماعاً في بيت الوسط، تناول التداعيات السياسية والاقتصادية والمالية، وما يطرح من أفكار ومخارج في ظل العجز الظاهر للحكومة عن مواجهة التحديات..

وفي إطار الاطمئنان إلى صحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تلقى السفير وليد بخاري اتصالاً من الرئيس نبيه برّي اطمأن خلاله على صحة الملك سلمان.

الإصلاحات القطاعية

دبلوماسياً، قالت السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا ان المجتمع الدولي برمته، وليس الولايات المتحدة فقط، يلتقي على ضرورة الإصلاح في الكهرباء والجمارك والاتصالات والقطاع المصرفي، داعية إلى الأخذ بخارطة نصائح البنك الدولي لاجتذاب الشركات للعمل في لبنان، بعد التحرر من الفساد.

وأكدت في مقابلة مع موقع «مصدر دبلوماسي» ان بلادها لم تقم بحرمان الشعب اللبناني من الدولارات، ولا المساعدات، ونحن لا نحاصر لبنان، وقالت: نريد ان نكون جزءاً من الحل ونشجع الحكومة على الإصلاحات.

حياتياً، أكد وزير الطاقة ريمون غجر في مؤتمر صحافي من مجلس النواب أن «المواطنين في كافة المناطق سيلحظون تحسنا بالتغذية الكهربائية قبل غد رغم أنه لا يمكن توزيعها مئة بالمئة بالتساوي»، موضحا أنه «أواخر الأسبوع ستصل باخرتان محملتان بالمازوت، ونحن لا نبيعه بل نسلمه الى موزعين وقد توصلنا الى آلية مع الأمن والعام والجمارك مفادها أن كل شركة مسجلة بمنشآت النفط ولديها ضمانات مالية، وتريد الحصول على المازوت، يجب أن تملأ إستمارة بإسم الصهريج والسائق والوجهة التي تريد إرسال المازوت اليها بالإضافة الى الكمية التي تم إستلامها لنتأكد من أن الكميات تذهب الى وجهتها الصحيحة».

من جهته، أكد وزير الاقتصاد راوول نعمة أنه «لدينا أزمة حيث أننا ليس لدينا كميات كافية من المازوت في البلد، والتجار يستغلون الأمر عوضاً عن التعاون، وهذا الشيء غير مقبول حيث أننا نحن وضعنا الية مشتركة مع وزارة الطاقة، نطلب فيها من الموزعين ان يقدموا لنا المعلومات لمن وزعوا، بالإضافة إلى الآلية التي وضعت مع الامن العام والتي ستساعدنا على ايجاد الاشخاص الذين يرفعون الأسعار». وأعلن أنه «ابتداء من الغد سنكون على الارض لنرى الشركات التي أعطتنا او لم تعطنا هذه المعلومات واذا باعوا لمحطة ما سنرى ماذا اشترت هذه المحطة وبأي سعر وماذا فعلت بالمازوت، وإذا كان هذا السعر هو السعر الذي حددته وزارة الطاقة او السعر الذي يتم تداوله في السوق».

امتحانات الجامعة

تربوياً، عاودت كليات الجامعة اللبنانية اجراء الامتحانات الحضورية، بمؤازرة صحية من الفرق المتخصصة بالصليب الأحمر الدولي..وتميزت الامتحانات بالهدوء، وتمكنت هذه الفرق من اجراء تدابير السلامة، من خلال فحص الحرارة وارتداء الكمامات وتعقيم اليدين للمشاركين في الامتحانات.

وعاود الموظوفون المصروفون من الجامعة الأميركية، لا سيما المركز الطبي التحرّك احتجاجاً.. وأصدر رئيس الجامعة الأميركية في بيروت «AUB» الدكتور فضلو خوري رسالة إلى أسرة الجامعة، استهله بالاشارة إلى ان الأسبوع المنصرم كان صعباً، حيث «أجبرنا على خسارة 850 شخصاً من أفراد أسرتنا من خلال تسريح 650 موظفاً، وعدم تجديد عقود 200 آخرين، أو تقاعدهم من دون ان يتم استبدالهم».

وكشف أننا «قمنا ببناء شبكة أمان اجتماعي موسعة، حيث قررنا دفع راتب ما بين 6 إلى 24 شهرا كتعويض إنهاء الخدمة، بناء على مقياس سنوات الخدمة، وسوف نستمر في دفع تكاليف التعليم في برامج البكالوريوس في الجامعة الأميركية في بيروت لأولاد الموظفين الذين غادرونا لحين تخرجهم، كما سوف نحافظ على كامل تمويل التعليم المدرسي لمدة عام واحد وتقديم منافع صحية بأمس الحاجة إليها».

واضاف: «نظرا لعوامل وأسباب عدة، جاءت معظم ​حالات​ التسريح من مركزنا الطبي، وذلك من جميع المناصب، بما في ذلك فريق الإدارة العليا السابق»، مشيرا الى أن «المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت لم يعمل خلال العقد الماضي على زيادة الاحتياطيات اللازمة إلى أقصى حد ولم يكن التعامل بموضوع المصاريف كما يجب عند بدء ​الأزمة​ المالية اللبنانية في التصاعد خلال العام 2019.

بسري أولاً

وقررت أمس «اتحاد ساحات الثورة»، و«بنتيجة تصويت داخلي للمجموعات المشاركة فيه، وبعد أكثر من 8 اعتصامات اقفال الكثير من مراكز أوجيرو في مختلف المناطق والمدن اللبنانية في الوقت نفسه… تأجيل نشاطه اليوم، والذي كان مقررا، لإقفال مكاتب ومعامل كهرباء لبنان في كل المناطق اللبنانية، إلى موعد آخر يحدد لاحقا، لإفساح المجال للمجموعات في الثورة للتركيز على اعتصامات سد بسري، بعد ورود الكثير من الطلبات إلى الاتحاد في هذا الشأن».

كما و«وعد الاتحاد بتنفيذ إقفال شركة الكهرباء قريبا في كل لبنان رفضا للسرقة والفساد فيها، ومن أجل الحصول على الكهرباء 24/24».

2905

صحياً، بلغ عدد الإصابات بالكورونا 46 خلال الساعات الـ24 الماضية (28 من المقيمين) و18 من الوافدين، ليرتفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 2905.

وسجل أمس وفاة أوّل طبيب لبناني، هو لؤي إسماعيل (يعمل في المستشفى اللبناني الإيطالي في صور) ونعاه المستشفى بأن المنية وافته أمس، اثر اصابته بالكورونا أثناء قيامه بواجبه الطبي والإنساني.

وتضمن التقرير اليومي لمستشفى رفيق الحريري الجامعي انه جرى داخل المختبرات 635 حالة، وتبين هناك 6 حالات حرجة.

على ان الأخطر، الخشية من عدم قدرة المستشفيات على الاستيعاب.

وقال المدير العام لمستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض، الذي يقود جهود مكافحة الوباء في تغريدة الأحد إن «الزيادة في عدد الحالات الجديدة والبؤر والتوزيع الجغرافي لكورونا في لبنان ستحدّ من قدرتنا على اجراءات التتبع والفحص والعزل». وأضاف «مع زيادة الحالات، سيحتاج مزيد من المرضى إلى دخول المستشفى، كما لاحظنا خلال الأسبوع الماضي»، لافتاً إلى أن العدد تضاعف. وسأل «هل المستشفيات جاهزة؟».

**********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

«استنفار» سياسي ــ أمني لحماية الساحة اللبنانية من تداعيات قرار «المحكمة»

واقعية فرنسية حيال الحياد… «الثنائي» لا يريد السجال وعون يتولى «الإحتواء»

تفلّت إجتماعي ووفاة أول طبيب: لبنان أمام خطر «التفشي المحلي» لـ«كورونا»

ابراهيم ناصرالدين

لبنان على «اعتاب» خطر التفشي المحلي لفيروس «كورونا»، الانضباط الاجتماعي غائب، والحــكومة حتى الان تقدم الوضع الاقتــصادي على «الخطر» الصـحي القادم في ظل عجز عن ايجاد مقاربة مقبولة، توازن بــين عدم «الاقفال» وفرض «الالتزام». وفيما لا تزال «خطة التعافي» الاقتصـادية «تترنح» على وقع تعديلات مفـترضة مع نــهاية هذا الاسبوع، في محاولة جديدة لتوحيد ارقام الخسائر، لم يتحول طرح «الحياد» الذي اطـلقه البطريرك الكاردينال بشارة الراعي الى مادة «سجالية» كما ارادها البعض، في ظل «صمت» «الثنائي الشيعي» المـصر على عدم الدخول في «سجال» مع احـد، في وقت يتولى رئيس الجمهورية ميشال عون «فكفكة» «الغام» الطرح من خلال تحويله الى مادة حوارية في ظل قناعة راسخة بعدم وجــود ظروف محلية ودولية تساعد في تحويل «الحياد» الى امر واقع، وهي خلاصة تجد صـداها لدى الدبلوماسية الفرنسية التي يحط «رئيسها» في بيروت خلال الساعات القليلة المقبلة وفي جعبته نصائح بضرورة اســتغلال الوقت «المستقطع» الفاصل عن الانتخابات الاميركية لاعداد ورقة اصلاحية جادة تخرج البلاد من ازمتها الاقتصادية بدل الدخول في سجالات لا طائلة منها.

محاصرة «الفتنة»

وعلى خط مواز، تعمل اكثر من جهة سياسية ورسمية على تأمين «نزول آمن» لحكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري، المقرر صدوره في السابع من الشهر المقبل، ووفقا لاوساط معنية بهذا الملف، يجري العمل على خطين متوازيين، الاول سياسي من خلال رفع منسوب التنسيق مع «ولي الدم» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والثاني أمني حيث يجري العمل على الارض استباقيا لاجهاض اي محاولات استغلال ميدانية لقرار المحكمة، منعا لاخذ البلاد نحو «الفتنة»…

الحريري لا يريد «حرق» البلد

ففي الشق السياسي يتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري، «المتهيب» و«المتوجس»، مهمة التواصل المباشر مع «بيت الوسط» لاحتواء الموقف المرتقب وحصره في اطاره «القانوني» الصحيح ومنع حصول تشنجات سياسية يمكن ان تتحول الى احتقان ينفجر في «الشارع»، وقد نقل وزير المال السابق علي حسن خليل «رسالة» بهذا المعنى الى الحريري، وسمع كلاما مشجعا حول عدم وجود نية لدى الاخير في استغلال «العدالة» لقضية والده «لحرق البلد»، لكن الحريري كان واضحا بأنه غير قادر ايضا على التعامل مع الحدث وكأنه لم يكن، مشيرا الى انه يتحمل مسؤوليته الوطنية على اكمل وجه، لكن في المقابل، لا يمكنه اغفال «الحقيقة» التي تحتاج ايضا من الطرف الآخر الى التعامل بمسؤولية مع الحدث، وعدم تحميله وحيدا وزر ادارته بما لا طاقة عليه على تحمله…

«ترتيب» مسرح العمليات

وفي هذا السياق، دخل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بالامس على خط ترتيب «مسرح العمليات» لامتصاص التداعيات السياسية والامنية دون إهمال اي تفصيل قد يؤدي الى نتائج عكسية، والعمل جار على «قدم وساق» لمحاولة العبور الامن الى مرحلة سياسية مستقرة تلي صدور القرار، لا تؤدي الى مزيد من «الانهيار» في البيئة السياسية الحاضنة لتيار المستقبل، حيث يكثر المزايدون على موقف «بيت الوسط»، ويظهرون الحريري ضعيفا ويعملون على «تهشيمه»، وسيعملون في الفترة المقبلة على محاولة احراجه امام جمهوره لدفعه نحو تصعيد مواقفه، في المقابل، ثمة محاولات حثيثة لرسم «سقف» مقبول لموقف الحريري من خلال اظهار صلابة، لا تصل الى «كسر الجرة» مع حزب الله، وتحافظ على سياسة «ربط النزاع» القائمة.

وكان اللواء ابراهيم قد اكد بعد زيارته الى «بيت الوسط» ان «رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أكان في الموالاة أو المعارضة فهو حريص على استقرار وازدهار لبنان وهذا الموضوع ليس غريباً عن عائلة الحريري». وقال: «ليست زيارتي الأولى أو الأخيرة إلى هذا البيت الكريم وبالتالي لا داعي للتعجّب والسؤال عن سبب الزيارة».

تحرك الاجهزة الامنية

ووفقا لمصادر مطلعة، تتحرك الاجهزة الامنية بالتوازي مع الحراك السياسي القائم بعدما اصبح واضحا بأن تيار المستقبل، الذي وعد بضبط جمهوره، لم يعد وحده من يحرك شريحة معتبرة من «الشارع السني»، و«العين» الان على مجموعات في بيروت، والشمال، والبقاع، يحركها بهاء الحريري عبر دعمه المباشر، او من خلال المنتديات التي يديرها المحامي نبيل الحلبي، فضلا عن مجموعات تابعة للواء اشرف ريفي، وفي هذا السياق ثمة تعليمات واضحة للاجهزة المختصة بالتحرك استباقيا لمنع استغلال قرار المحكمة في «الشارع»، حيث تفيد المعلومات بوجود توجه لدى هؤلاء الى القيام بتحركات ميدانية تحرج «بيت الوسط» من جهة، وتستفز «الشارع» الآخر من جهة اخرى، والعمل جار على تتبع «الرؤوس» المحركة لشل حركتها ومنعها من قيادة اي تحرك مشبوه، مع العلم ان ثمة خطط امنية باتت جاهزة لمواكبة قرار المحكمة الدولية، وسيجري تنفيذها على الارض تباعا وتصاعديا على ان تبلغ ذروتها مطلع الشهر المقبل.

«الرسالة» الفرنسية

في غضون ذلك، وفيما تترقب الاوساط السياسية اللبنانية زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون ايف لودريان الى بيروت منتصف الاسبوع الحالي، يشير مطلعون على الموقف الفرنسي الى ان رئيس الديبلوماسية الفرنسية سيحمل «رسالة» واضحة الى بيروت لاستغلال «الوقت الضائع» قبيل الاستحقاق الانتخابي الاميركي لاجراء الاصلاحات اللازمة والضرورية للتوجه الى المجتمع الدولي بملف شفاف وواضح يسمح باعادة اطلاق برنامج المساعدات سواء عبر «صندوق النقد» او مؤتمر «سيدر»، مع وجود رغبة فرنسية واضحة بتهدئة «اللعب» على الساحة اللبنانية لان الخارج لا يضع لبنان ضمن اولوياته في ظل الفوضى العارمة في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، والملف الفلسطيني- الاسرائيلي، ويأمل الفرنسيون سقوط ترامب بالانتخابات لاعادة الزخم للتنسيق الاميركي الاوروبي لحل قضايا المنطقة ومنها لبنان، ولهذا تأمل باريس من اللبنانيين عدم «الغرق» في الازمات ومحاولة تقطيع الوقت بأقل الاضرار الممكنة.

تلقف فرنسي «شكلي» للحياد؟

ومن هنا تشير تلك الاوساط، الى ان فرنسا ليست في وارد «تلقف» مبادرة البطريرك بشارة الراعي حول «الحياد» الا شكليا، لانها تعتبر هذا الطرح الاشكالي غير قابل للتحول الى امر واقع في ظل التعقيدات الداخلية والخارجية، ولذلك لا ترغب باريس بتحول الطرح الى مادة اشكالية تزيد الانقسامات الداخلية… خصوصا ان الأمم المتحدة ليست في وارد توفير «مظلة» لهذا التوجه، ولا الولايات المتحدة مستعدة لإعطاء الملف اللبناني الأولوية.

«الواقعية الفرنسية»

وبحسب أوساط ديبلوماسية في بيروت فان السياسة الفرنسية تتسم «بالواقعية»، وديبلوماسيتها تقوم الان بمواجهة «التهور» الاميركي في مجلس الامن حول ملف تعديل مهمة اليونيفيل، لكن لا تستطيع اكثر من ذلك، فباريس تدرك جيدا ان الإدارة الدولية غائبة عن الشرق الأوسط، والولايات المتحدة لم تعد مستعدة للعب دور الشرطي في المنطقة، واوروبا ضعيفة، فيما تخوض تركيا، وايران، وروسيا، والصين في صراع لملء الفراغ الاميركي.

صمت «الثنائي الشيعي»؟

داخليا، وفيما يلتزم «الثنائي الشيعي» «الصمت» حيال طرح البطريرك بشارة الراعي حول «الحياد»، تشير اوساط مطلعة على موقفهما ان هذا «التجاهل» مرده الى وجود رغبة في عدم ادخال البلاد في سجالات لا طائل منها، خصوصا ان الطرح لا يزال فكرة غير قابلة للتطبيق، وبكركي المعنية بطرح الفكرة لم تتواصل بعد مع مختلف الاطراف السياسية لشرحها، وعندما يحصل هذا الامر سيكون لكل «حادث حديث»، وسيكون للرئيس بري موقف واضح في التوقيت الصحيح، كما سيتولى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تظهير موقف الحزب عندما يجد ضرورة لذلك.

حذر الحريري وجنبلاط

في هذا الوقت، لا يزال موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري «حذرا» من طرح البطريرك الراعي وهو على الرغم من زيارته الاخيرة الى الديمان، لا يزال مترددا في حمل «لواء» «الحياد» لادراكه حساسية الموقف في «ساحته»، ولعدم رغبته في تأزيم العلاقة مع حزب الله، والموقف نفسه ينطبق على رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الذي يرغب في «تحييد» نفسه في هذه المرحلة، واكتفى بتغريدة يؤيد فيها «الحياد الايجابي»، وهو ابلغ محيطه ان الحزب الاشتراكي لن يكون «رأس حربة» في التسويق لفكرة بكركي.

عون وتفريغ «الحياد»

وفي هذا السياق، تشير المعلومات الى ان رئيس الجمهورية ميشال عون يتولى تفريغ «الحياد» المطروح من قبل بكركي من مضمونه، ويمكن اعتبار لائحة الشروط المكتوبة التي قرأها الوزير السابق جبران باسيل من الديمان للوصول الى «الحياد» «خارطة طريق» رئاسية «لاجهاض» المقترح… في المقابل، تؤكد أوساط «التيار الوطني الحر» ان البطريرك ثمّن كلام باسيل، لا بل اعتبره خريطة طريق عملية لتحقيق الهدف المنشود، اذ انه وصّف بدقة مجموعة العوامل الخارجية الممكن ان تحول دون تطبيق الحياد وضرورة معالجتها من خلال التوافق الوطني.

وفي وقت يرتقب ان يحمل الراعي مبادرته الى الفاتيكان نهاية الشهر المقبل او مطلع ايلول، واصل امس حديثه عن «الحياد» وقال امام وفد كتائبي زاره في الديمان ان نظام الحياد اكبر ترجمة للكلام الوارد في مقدمة الدستور والذي يقول: لبنان وطن نهائي لكل ابنائه. واضاف «دخولنا في احلاف سبب لنا عزلة تامة والحياد وحده مصدر الاستقرار والازدهار ونظام الحياد الفاعل والناشط يعيد للبنان دور الجسر بين الشرق والغرب».

خطر «كورونا» يتمدد…

في هذا الوقت، يواصل عداد «كورونا» ارتفاعه بعد أن أعاد تموضع لبنان وأدرجه في «مرحلة فاصلة بين المرحلتين الثالثة والرابعة التي تعني التفشي المحلي للوباء» وفق وزير الصحة حمد حسن، وقد سجل وفاة اول طبيب لبناني «بالوباء» فيما أعلنت وزارة الصحة تسجيل 46 اصابة جديدة 28 حالة بين المقيمين و18 بين الوافدين… كما أعلنت نتائج فحوصات ركاب رحلات وصلت الى بيروت في 18 الحالي والتي أظهرت وجود 3 حالات ايجابية.

وكان الدكتور لؤي اسماعيل قد توفي قبل ظهر امس في مستشفى نبيه بري الحكومي، في النبطية جراء اصابته «بالفيروس»، والخطير في حال الوفاة ان اسماعيل يبلغ من العمر32 عاما، ولا يعاني من اي امراض مزمنة، وهو طبيب مناوب في قسم الطوارىء في المستشفى اللبناني الايطالي في صور، وظهرت عليه عوارض الاصابة بفيروس كورونا منذ اسبوعين وتم حجره 7 ايام، الى ان تم نقله منذ اربعة ايام الى مستشفى نبيه بري الحكومي جراء إلتهاب رئوي حاد أصابه، واجريت له العلاجات المتبعة، الى ان فارق الحياة..

وعلى وقع التفلت الاجتماعي الخطير حيث تغيب التزامات المواطنين بقواعد التباعد الاجتماعي،اعلن الوزير حمد حسن خلال ترؤسه اجتماع اللجنة العلمية لمكافحة الأوبئة في وزارة الصحة العامة لتحديد الإجراءات المشددة الواجب الالتزام لعدم الانزلاق إلى التفشي المجتمعي للوباء، «أننا أصبحنا في مرحلة فاصلة بين المرحلتين الثالثة والرابعة التي تعني التفشي المحلي للوباء، مضيفاً أن كل مصاب لا يلبي في مكان عزله الخاص شروط السلامة المطلوبة سيصار إلى نقله وعزله في أماكن الحجر المعتمدة. ووفقا لاوساط معنية فان هذه الاجراءات تبقى قاصرة عن وقف تفشي الوباء، والمطلوب حسم اكبر في هذا الملف.

تعديل «خطة التعافي»؟

في هذا الوقت، تتجه الانظار اليوم الى جلسة مجلس الوزراء حيث سيكون ملف التدقيق المالي اول بند على جدول اعمال الجلسة، ووفقا لمصادر بعبدا فان رئيس الجمهورية سيضع ثقله في هذا الملف ولن يتراجع عنه وهو لن يكتفي بالاصرارعلى التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي، بل يريد ان يعمم على كل الادارات ، وهو سيبلغ الحكومة عدم القبول بتمييع مسألة الاتفاق مع شركة تدقيق دولية، وستكون جلسة اليوم حاسمة في هذا الاطار…

في غضون ذلك، سيطرح عدد من الوزراء اليوم في الجلسة ملف الخطة الانقاذية في ظل التذبذب في الموقف الحكومي منها، وعدم الوضوح من قبل رئيس الحكومة حيالها، لجهة التمسك بها من عدمه؟ او لجهة التعديلات التي يمكن ادخالها؟ خصوصا ان التعديل المفترض سيدخل هذا الاسبوع مرحلة حاسمة مع عودة شركة لازار للمساعدة في اعادة توزيع الخسائر مجددا، بين الدولة، والمصرف المركزي، والمصارف، فالشركة ستقوم بتوحيد الارقام، وستعمل على اعادة توزيع الخسائر، فيما ينتظر صندوق النقد جدول واضح في توقيت الاصلاحات، وثمة توجه لاستثمار اصول الدولة لا بيعها، وهو امر يحتاج الى موافقة المجلس النيابي الرافض بمعظم كتله التصرف بأملاك الدولة، فيما تعترض المصارف على تولي شركة لازار مجددا مراجعة الخطة الاصلاحية باعتبار انها مسؤولة عن «توريط» الحكومة بالخطة الاولى…

في غضون ذلك، وعد وزير الطاقة ريمون غجر في مؤتمر صحافي من مجلس النواب المواطنين في كافة المناطق بتحسن التغذية الكهربائية قبل يوم الأربعاء «رغم أنه لا يمكن توزيعها مئة بالمئة بالتساوي»، فيما اتهم وزير الاقتصاد راوول نعمة والتجار باستغلال ازمة المازوت عوضاً عن التعاون، ووعد أنه «ابتداء من اليوم ستكون الوزارة على الارض…؟