افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الجمعة 17 تموز 2020

افتتاحية صحيفة النهار

الى الشارع مجدداً والحريري: كفى السرايا بهدلة

بدت مفارقة متكررة ولافتة في دلالاتها السلبية أن السرايا الحكومية تطمئن من خلال وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان عقب اجتماع عقد لمجلس إدارة المؤسسة برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب، الى التحسن العائد في التغذية الكهربائية، فيما كانت أزمة التقنين والتعتيم تشتد وتتصاعد مثيرة ردود فعل شعبية ساخطة في الكثير من المناطق. ووسط نهج الانكار الذي يطبع سياسات هذه الحكومة في تعاملها مع الأزمات المتصاعدة ولا سيما منها أزمات الخدمات، نشطت حركة الاحتجاجات الشعبية على انقطاع الكهرباء وترجمت بحركة قطع طرق في عدد من المناطق، غير أن أبرزها سجّل على الطريق الرئيسية المؤدية الى مطار رفيق الحريري الدولي حيث قطع أولاً الطريق القديم ومن ثم قطع الأوتوستراد عند الأوزاعي، مما أدى الى زحمة خانقة.

هذه النماذج من التأزم لم تقف عند حدود أزمة التقنين والتعتيم، إذ أن شبح أزمة نفايات كبيرة عاد يثقل مجدداً على الوضع البيئي والصحي، مع الانذار الذي أعلنه اتحاد بلديات الضاحية والشويفات بوقف استقبال نفايات بيروت والشوف وعالية في مطمر الكوستابرافا في نهاية الشهر الجاري.

وسط تصاعد هذه الأجواء الخانقة، بدأت التحركات المتصلة بانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 تتخذ وتيرة تصاعدية يبدو أنها ستشكل في حلقاتها المختلفة دفعاً جديداً للاحتجاجات التي يعتقد أنها ستعود الى تسخين الشارع بقوة. وفي هذا السياق تتجه الأنظار الى محطة احتجاجية شعبية اليوم سيكون مسرحها وسط بيروت حيث دعت “جبهة الانقاذ الوطني” الى اعتصام حاشد سيكون قطباه النائب العميد المتقاعد شامل روكز والوزير السابق شربل نحاس. وجاء في الدعوة الى الاعتصام: “أمام سلطة العجز واللاقرار التي تهدّد المجتمع ببقائه، البديل موجود وهو حكومة انتقالية بصلاحيات استثنائية ترسي شرعية الدولة المدنية.لا سلطة تحاصصية طائفية للفساد، ولا سلطة تكنوقراطية لتغطية السلطة الفعلية، ولا سلطة عسكرية لقمع الحرّيات. وعليه، ندعوكم الى التظاهرة التي تنظّمها “جبهة الإنقاذ الوطني”، وتشارك فيها “حركة مواطنون ومواطنات في دولة”، يوم الجمعة 17 تموز 2020 الساعة 4:30 بعد الظهر في ساحة الشهداء في بيروت، على أن يتخلّلها كلمتان: الأولى للأمين العام لحركة مواطنون ومواطنات في دولة شربل نحاس، والثانية للنائب شامل روكز”.

الجامعة العربية

في غضون ذلك، استرعى انتباه الأوساط السياسية والديبلوماسية أمس، موقف مفاجئ للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ذهب الى التحذير من أن “الوضع في لبنان خطير للغاية، ويتجاوز كونه مجرد أزمة اقتصادية أو تضخماً”، معتبراً أنها “أزمة شاملة لها تبعات اجتماعية وسياسية خطيرة، ويمكن وياللأسف أن تنزلق الى ما هو أكثر خطراً”. وأعرب عن تخوّفه من أن “يتهدّد السلم الأهلي في البلاد، بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يتعرّض لها اللبنانيون”.

وقال في حديث إلى “وكالة أنباء الشرق الأوسط” المصرية: ” أن نصف اللبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، ويقبع الربع تحت خط الفقر المدقع، وهو وضع مقلق للغاية في بلد له تركيبة خاصة نعرفها جميعا، لذلك فإنني أتفهم تماماً معاناة اللبنانيين وأتألم لما نشاهد ونقرأ عنه من مآس اجتماعية، كانتحار مواطنين بسبب الفقر وعدم قدرتهم على تلبية حاجات أبنائهم الضرورية”.

وأضاف: “أرجو بكل صدق أن تستشعر الطبقة السياسية هذه المعاناة غير المسبوقة، لأنني حتى الآن لا أرى أن رد فعل الطبقة السياسية في مجملها على الأزمة يعكس ما كنا نأمله من استشعار للمسؤولية الوطنية أو الإدراك الكافي لخطورة الموقف الذي يواجه البلد، فما زال هناك تغليب للمصالح الضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما يعمّق الأزمة”.

ووجه نداء إلى الدول والهيئات المانحة “ألا يُترك اللبنانيون وحدهم في هذا الظرف الصعب”، مؤكداً أنه “لا بد من أن يكون هناك حل لإنقاذ الوضع الاقتصادي، لأن تبعات ما يجري ستطاول الجميع في لبنان وخارجه”.

الحريري ورئاسة الحكومة

أما على الصعيد الداخلي، فبرزت مواقف جديدة للرئيس سعد الحريري الذي أسف لاتهام رئيس الوزراء حسان دياب “رئيس حزب معين بتدخله لدى الدول العربية لمنعها من مساعدة لبنان”، وقال في لقاء صحافي: “إن هذا الأمر مرفوض وأنا لن أدخل في جدال معه وآسف أن يتحدث موقع رئاسة الحكومة بهكذا أمر وأن يتدنى خطابه إلى أمور من نسج الخيال. موقع رئاسة الحكومة تبهدل. تاريخنا يشهد أننا كنا نساعد دون أن نسأل”، نافياً أن يكون قد اتصل بأي مسؤول في الكويت.

ووصف الرئيس الحريري علاقته بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج عموماً بأنها ممتازة، مشدداً على “أن هذه الدول هم الأصدقاء الفعليون الذين وقفوا مع لبنان ولم يتخلوا عنه خلال كل الأزمات والحروب التي مرّ بها، ومن الضروري أن نبقى على تواصل دائماً معهم للحصول على دعمهم ومساعدتهم للبنان”.

ودعا الى اعتماد سياسة “لبنان أولاً” وتحييده عن الصراع الإيراني – الأميركي، قائلاً: “يجب أن يكون لبنان أولاً واللبنانيون أولاً، وقبل كل قضية تحيط بنا. قبل سوريا وفلسطين والسعودية وإيران وكل قضية أخرى، لكي يتمكن المواطن من أن يعيش حياة كريمة”.

وتساءل: “ما هو الفرق بين النأي بالنفس والحياد؟”، لافتاً إلى أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي “هي التي اعتمدت مفهوم النأي بالنفس بإجماع أعضائها، بما فيهم حزب الله، ونحن طبقنا هذا المفهوم بالممارسة، فهل طبقه حزب الله؟ لا يقولنّ أحد لنا اليوم إن الحديث عن النأي بالنفس يحتاج إلى حوار وطني وغيره، وإن الكلام عنه وكأننا نخرج عن القواعد”. وأكد “أن إسرائيل عدو ونقطة على السطر، ولا يزايدنّ أحد علينا في هذا الأمر”.

وسئل عن الجولة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم على الدول العربية فأجاب: “هذه الحركة يجب أن تحصل، فنحن من ضمن الجامعة العربية، وهؤلاء هم الأصدقاء الفعليون الذين وقفوا مع لبنان طوال المرحلة السابقة وفي كل الأزمات التي مرّ بها لبنان. الخليج لم يتخلّ لحظة عن لبنان في كل الحروب العبثية وغيرها التي حصلت على أرضه. فمن وقف مع لبنان ومن كان ينهض بالاقتصاد اللبناني؟ من غير السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان وكل هذه الدول؟ لكن الواضح اليوم أن هناك تصعيداً إقليمياً غير مسبوق. من هنا يجب على لبنان أن يبقى على تواصل دائم مع هذه الدول العربية ويحاول أن يأتي بالمساعدات للبلد”.

وعن الحكم الذي ستصدره المحكمة الخاصة بلبنان في السابع من آب المقبل قال: “في كل البيانات الوزارية نقول إننا نحترم كل القرارات الدولية. فهل سنصبح مثل إسرائيل التي تتعاطى بالقطعة مع القرارات الدولية؟ إما أن نكون ضمن المنظومة في هذا المجتمع الدولي وإما خارجها إذا أراد الشباب ذلك؟

رفيق الحريري استشهد في 14 شباط 2005، والناس هم من طالبوا يومها بالحقيقة والعدالة. وفي 7 آب سيصدر الحكم وسيكون لي كلام، فاسمعوني في 7 آب”.

وفي الشأن الاقتصادي والمالي قال: “نحن ننتظر أن ينخفض سعر صرف الدولار. أليس هذا ما تقوله الحكومة؟ هل سنصوّت ضد ذلك؟ إذا قدّمت الحكومة مشروعاً ينقذ لبنان فإننا سنكون معها ولن نكون ضدها، لكن ليقدموا أمراً يفيد لبنان ولينجزوا الإصلاحات اللازمة وليس المحاصصة الحاصلة. فعلى سبيل المثال، يصوبون اليوم على قانون في موضوع الكهرباء، وهو القانون 462 وهم يريدون تغييره، في حين أننا اليوم في أزمة اقتصادية عميقة، والمجتمع الدولي يطالب لبنان بإصلاحات، فلماذا يريدون القيام بعكس ما يريده المجتمع الدولي؟”.

وقيل له إن الوزير السابق جبران باسيل قال في تغريدة له إن طريق عودته الى رئاسة الحكومة ستكون طويلة، فما ردك؟ أجاب: “هذا الكلام قاله قبل ثلاث سنوات، أليس هو من قال أيضاً إنه سيأتي بالكهرباء 24 على 24 ساعة؟”.

*****************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

شينكر: يُصرّون على 3 معامل للكهرباء ليستفيدوا مالياً

“نأي” عربي عن لبنان: مشكلتكم عون و”حزب الله”

ما دخْل الحياد بالدفاع عن النفس؟ لم تكن موفقة مقاربة رئيس الجمهورية ميشال عون لمفهوم حياد لبنان الذي ينادي به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وهل من أحد أساساً في لبنان أو في العالم دعا اللبنانيين إلى الحياد مع إسرائيل؟ لا بل البطريرك نفسه ما انفك يكرر عبارة “باستثناء إسرائيل” عشرات المرات وآخرها كان من قصر بعبدا لكي لا يُؤخذ كلامه على غير مراميه. فإذا كان مفهوماً أنّ يلجأ “المطبخ” الإعلامي لقوى 8 آذار إلى تحوير مفهوم الحياد الإيجابي ووصم مطلقيه بتهم تخوينية ومؤامرات “صهيو – أميركية”، لكن ما ليس مفهوماً هو ألا يبدي رئيس البلاد الحماسة المأمولة منه إزاء طرح الكنيسة المارونية الإنقاذي للوضع اللبناني ومساهمته في تمييع جوهر الحياد ومحاولة تفخيخ مضمونه بصاعق المواجهة مع إسرائيل وحق الدفاع عن النفس.

من جديد، وللمرة المليون، إسرائيل عدوّ عدوّ عدوّ، لكن المطلوب ببساطة شديدة نأي لبنان بنفسه عن صراعات الإقليم وعدم تدخل أي مكون من مكوناته بشؤون الدول العربية، وحتى السفير البابوي جوزيف سبيتيري طالب أمس بوقوف لبنان “على مسافة واحدة” من المحاور المتصارعة في المنطقة واستعادة “دوره التاريخي المتعلق بمفاهيم الحياد”. لكن وببساطة شديدة أيضاً قالها الراعي لـ”فاتيكان نيوز”: “هناك هيمنة من ‎حزب الله على الحكومة وعلى السياسة اللبنانية بسبب الدخول في حروب وأحداث عربية ودولية ‎لبنان لا يريدها بالأساس”… ولأنّ لبنان الرسمي أصبح كذلك، نأى العرب بأنفسهم عنه ولسان حالهم يقول للبنانيين: مشكلتكم عون و”حزب الله” ولا ثقة لنا بنظام لبناني تحكمه هذه الثنائية”.

فبعدما لفت الانتباه دخول جامعة الدول العربية على خط تشخيص حالة التأزم اللبناني باعتبارها تختزن أبعاداً وتبعات “سياسية خطيرة” إلى جانب تلك الاقتصادية والاجتماعية، وفق ما أشار الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، معرباً عن أسفه لكون “رد فعل الطبقة السياسية في لبنان لا يعكس ما كان العرب يأملونه من استشعار للمسؤولية الوطنية وسط استمرار تغليب المصالح الضيقة على مصلحة الوطن”، نقلت مصادر مطلعة على حقيقة الموقف العربي من لبنان لـ”نداء الوطن” أنّ “المشكلة المحورية التي يعاني منها اللبنانيون حالياً تكمن في إمساك “حزب الله” بمفاصل السلطة الرسمية في البلد، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال التعاطي العربي، لا مع العهد العوني ولا مع حكومة حسان دياب، سوى من هذا المنظار، فالكل يعلم أنّ رئيس الجمهورية كان عملياً مرشح “حزب الله” للرئاسة الأولى، وكذلك دياب أثبت بأدائه أنه رئيس حكومة يديرها فعلياً الحزب والتيار الوطني”، وعليه، تابعت المصادر: “من المستغرب أن تكون الأسرة العربية مطالبة بتقديم يد العون لنظام لبناني يحكمه حزب لم يترك ساحة عربية إلا وخرقها واخترقها وقاتل ودرّب وشكّل الخلايا فيها، فكيف يمكن مطالبة المملكة العربية السعودية بمساعدة من لم يترك وسيلة سياسية وإعلامية وعسكرية إلا ودعم فيها الحوثيين الذين يقصفون الرياض، وكيف يُطلب على سبيل المثال من دولة الكويت أن تقدّم المليارات لبلد لم يقدّم لها حتى الساعة مجرد أجوبة حول ضلوع “حزب الله” بما بات يُعرف بـ”خلية العبدلي” التي كانت تستهدف الأمن الكويتي الداخلي؟ وقبل يومين فقط تم اكتشاف خلية جديدة أخرى لتبييض الأموال في الكويت متهم فيها عناصر تابعة لإيران والحزب”.

ورداً على سؤال، أجابت المصادر: “لم تعد تجدي لا المجاملات ولا المناورات، والأمور لا بد أن تقال بأسمائها من اليوم فصاعداً، أحد أبرز الشروط العربية هو وقف “حزب الله” لأعماله العدوانية التي تطال دول المنطقة، فالدول العربية حريصة طبعاً على لبنان وشعبه، وهي من منطلق حرصها هذا ترى ضرورة بسط السلطات الشرعية سيادتها على أراضيها وعلى سياساتها الخارجية، لكن بطبيعة الحال لا أولوية تتقدم على أولوية الدول العربية في تحصين استقرارها الداخلي في مواجهة محاولات “حزب الله” زعزعة هذا الاستقرار… على أمل أن تكون الرسالة وصلت إلى “حزب الله” وإلى كل من يعنيهم الأمر في لبنان”.

توازياً، كانت لمساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر خلال الساعات الأخيرة سلسلة مواقف تؤكد المؤكد حيال نظرة واشنطن والمجتمع الدولي للوضع اللبناني، فهو إذ رأى في الحديث عن “مفاوضات” بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي توصيفاً فيه شيء من “المبالغة” باعتبار أنّ ما يجري راهناً هو كناية عن مجرد “محادثات لم تتطور لبلوغ مرحلة المفاوضات”، أعرب شينكر في ندوة إلكترونية عقدها مع حلقة ضيقة من الإعلاميين اللبنانيين عن أسفه لكون حكومة دياب “لم تبذل جُهداً يُذكر للمضي بالأشياء قدماً، ولعلّ ذلك نتيجةً لوجود ائتلاف من حلفاء “حزب الله” معارض بشدة للإصلاحات لأنها تقوّض قدرة الحزب على الاستفادة من المؤسسات المالية اللبنانية”، مشيراً في المقابل إلى وجود تناغم بين الموقف الأميركي والموقفين الفرنسي والبريطاني حيال الأزمة اللبنانية. وأضاف: “عمر الحكومة اللبنانية 140 يوماً ولكنها لم تقم بأي تقدم فعلي ملموس نحو تطبيق الاصلاحات أو اللجوء إلى برنامج من صندوق النقد الدولي، لا يبدو أنّ هذه الحكومة تشعر بأنها أمام حالة طوارئ”، لتبرز في سياق تطرق شينكر إلى كون حكومة دياب “لا تبدو جدية بشأن الإصلاحات وسلوكها لا يوحي بالثقة للشركاء الدوليين”، إضاءته على تعاطي هذه الحكومة مع ملف معمل سلعاتا للكهرباء من دون أن يسميه، مشيراً بكل وضوح إلى أنّ “الإصرار على 3 معامل للكهرباء هو لكي يتمكنوا من توظيف أصدقائهم والاستفادة مالياً من الموضوع”.

*****************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

الحكومة تنقلب على خطّتها الإصلاحية

مَن يراقب الحياة السياسية اللبنانية في هذه الايام يظنّ أنّ لبنان في ألف خير، حركة سياسية واستقبالات ولقاءات واجتماعات ومواقف وبيانات، فيما هو ينهار رويداً رويداً في كل القطاعات والمجالات والمستويات، ولا مؤشرات الى حلول مرتقبة حيث تقف الحكومة مستسلمة أمام فشلها في التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي صُعق بأرقامها المتضاربة وغياب أي نية في تقديم خطوات إصلاحية، فيما الخارج، كل الخارج، يأسف على الوضع الذي أوصَل لبنان نفسه إليه، ويؤكد عدم استعداده لمساعدته ما لم يساعد نفسه عن طريق الالتزام بأجندة إصلاحية واضحة المعالم تفتح الطريق أمام المساعدات الحيوية للبنان. وفي ضوء الانهيارات المتواصلة والاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، يسأل المراقبون ما الذي ينتظره المسؤولون ليبادروا في كل الاتجاهات إنقاذاً للبنان من انهيار شامل بات حتميّاً؟ وهل يعقل التفرُّج على الأزمة وكأنها في بلد آخر؟ وإذا كانوا عاجزين عن تقديم الحلول المرجوّة فلماذا لا يستقيلوا ويتركوا المهمة لمَن هو قادر على الإنقاذ؟

ويقول المراقبون انّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ما كان ليطرح ما طرحه إلّا بعدما رأى انّ لبنان الجوهرة يتهاوى أمامه، ولم يعد هناك من حلول ممكنة سوى بالعودة إلى صلب الأزمة وجوهرها، وانّ خلاف ذلك سيعني استمرار النزف والموت البطيء.

توزّع المشهد السياسي أمس بين موضوع الحياد الذي ما زال يتفاعل ويتصدّر الواجهة السياسية، وبين المواقف الخارجية المُحذّرة من مزيد من تدهور الأوضاع اللبنانية، وبين الزيارات المرتقبة لمسؤولين خارجيين لن تخرج عن سياق نصح لبنان بضرورة السير على طريق الإصلاح، وبين الأزمة الماليّة التي تراوح مكانها والاحتجاجات الشعبية التي تتصاعد مع انقطاع التيار الكهربائي وعودة مشهد النفايات والارتفاع المتواصل للمواد الاستهلاكية أو ما تبقّى منها، والخشية من إقفال المستشفيات أبوابها وانقطاع الأدوية الأساسية.

الراعي والحياد

وفيما استمر المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان مقصد القيادات والوفود السياسية، في ضوء دعوة سيّده الى حياد لبنان عن النزاعات الاقليمية والدولية ليتمكن من اجتياز الازمة الخطيرة التي يمر بها، صَدر عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقف جديد (أكد البعض انه كان قد أدلى به قبل زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس الاول) وقال فيه: «انّ هناك نوعاً من هيمنة لـ»حزب الله» على الحكومة وعلى السياسة اللبنانية بسبب الدخول في حروب وأحداث عربية ودولية»، مؤكداً «انّ لبنان لا يريدها بالأساس وتحييده هو الحلّ».

وقال في حديث لـ»فاتيكان نيوز»: «لسنا ضد «حزب الله» لكننا نريد أن نعيش معاً بمساواة وبناء مجتمعنا اللبناني»، معتبراً «أن لا حل إلا بإخراج لبنان من الأحلاف السياسية والعسكرية مع أي دولة، ويكون لبنان بذلك دولة حيادية فاعلة ومفيدة من أجل السلام والاستقرار، وهذا ما نحن نعمل من أجله، فكانت ردة الفعل العارمة في لبنان وكأنهم وجدوا باباً للخلاص من هذه الأزمات التي نعيشها». أضاف: «الواقع اللبناني اليوم مهدد لأننا متروكون من البلدان العربية وخصوصاً الخليج، ومتروكون من أوروبا وأميركا، لأنّ الجميع يقول لا نستطيع ان نساعد لبنان لأننا بمساعدة لبنان نساعد «حزب الله» لأنه يسيطر على البلاد».

فرنجية

الى ذلك، شدد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على أنّ الراعي «يريد حماية لبنان من خلال طرحه الحياد»، وقال: «يجب أن نكون ايجاييين مع الجميع غرباً وشرقاً مع الحفاظ على موقفنا الداعم للمقاومة.» ولفت الى أنّ «التسوية في المنطقة آتية، ونحن كمسيحيين لا يجب ان نكون رأس حربة ضد السنّي أو الشيعي، وإلّا سيكون الحل على حسابنا».

وأكد فرنجية انه مقتنع أنّ الرئيس سعد الحريري «سيقوم بتسوية مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل اذا ما سقطت هذه الحكومة ليعود الى رئاسة الحكومة». وقال: «خَلّينا نروق ونشوف كيف بَدّا تصير الامور على رَواق، لأنه اذا لم نؤمّن البديل اليوم لا يمكننا تغيير أي شيء». وأشار إلى أنّ «هناك ضياعاً في 8 آذار في الملف الاقتصادي»، لافتاً إلى «انني لستُ مع إسقاط هذه الحكومة الآن من دون وجود بديل واضح منذ الآن، لأنّ جبران باسيل سيعطّل تشكيلها 5 الى 6 أشهر لكي يحصل على 10 وزراء من حصته».

الحريري يرد

وليلاً، غرّد الرئيس سعد الحريري عبر «تويتر» رداً على فرنجية، فتوجه اليه قائلاً: «‏عزيزي سليمان بك، وأنا بحبك كتير كمان وأحسن شي فيك صدقك وكلامك المباشر، لكن رسالتك إلي ما كانت بمحلها، صحيح أنا رجل تسويات وترشيحي إلك كان نوع من تسوية، لكن بحب تِتطمّن، المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وأنا رجل مؤمن الحمدلله».

الحكومة تطوي خطتها

الى ذلك، وخلال اجتماع حكومي ـ مالي ـ مصرفي ـ اقتصادي عقد عصر أمس برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، طَوت الحكومة خطتها الاصلاحية لتنطلق الى البحث عن خطة بديلة، وذلك بعدما اطّلع المجتمعون على نتائج الاجتماعات التي عقدها المستشارون والخبراء، إضافة إلى مضمون الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي. وقالت مصادر المجتمعين لـ»الجمهورية» انّ «الحكومة طَوت خطتها المالية، لا بل انقلبت عليها كلياً، إذ انّ وزير المال غازي وزني ابلغ الى المجتمعين انه لا بد من خطة بديلة تعتمد فيها الحكومة على ما تملك الدولة من عقارات لتغطية الخسائر المالية». وافادت مصادر متابعة انّ وزيرة الدفاع زينة عكر أيّدت بدورها تصوّر وزني «لأنّ الوقت يدهمنا جميعاً». وأشارت الى «أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيمشي بأرقام الحكومة اذا أصرّ صندوق النقد الدولي عليها».

وفيما اعتبرت مصادر وزارية ومصرفية ان توجّه الحكومة الى خيارها الجديد قد يحمل أملاً لتغطية الخسائر واعادة تصحيح الامور تدريجاً، رأت مصادر مالية انّ «انقلاب الحكومة على خطتها يعني انّ حيتان السياسة والمال ربحوا مرحلياً، وأنّ المواطنين سيتعرضون للسرقة مرة اخرى».

لا شيء ملموساً

وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» أن «لا شيء ملموساً من مساعدات مباشرة حتى الآن من الدول التي تمّ التواصل معها، لكن يمكن البناء على النيّات الحسنة التي أبداها المسؤولون في هذه الدول والتي ما زالت تربط أي مبادرة بجدية الحكومة لإجراء اصلاحات، وهو ما لم يظهر منه شيء بعد». واضافت: «نحن في حال انهيار شامل، وقد بدأ يظهر هذا الأمر بنحو فاضِح في موضوع الكهرباء والفيول، حيث أصبحت الدولة في حالة لا انتظام للواردات النفطية، سببه عقوبات «قانون قيصر» والاعتمادات المالية بين لبنان والمصارف المراسلة والفوضى واللاثقة التي برزت بعد قضية شركة «سوناطراك» والتشكيك في الشروط». وتوقعت المصادر «بقاء لبنان على هذا المنوال خلال هذه الاشهر المقبلة، بحيث تنفرج الازمة نسبياً لأيام عدة ثم تعود مجدداً».

إعادة هيكلة المصارف

مصرفياً ومالياً، شكّل قرار مصرف لبنان أمس تشكيل لجنة متخصصة، برئاسة النائب الثاني للحاكم بشير يقظان، حدثاً لافتاً استوقف المتابعين للأزمة المالية.

ومن خلال نوعية الاعضاء الذين اختيروا في اللجنة، يتبيّن الحرص على ان يتولّى أهل القطاع هذه المهمة، أي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمصارف نفسها. هذه التركيبة تهدف، كما كشف مصدر مصرفي لـ»الجمهورية»، الى ضمان مقاربة هذا الملف باحترافية، وبواسطة اشخاص لديهم الخبرة الكافية في معالجة قضية بهذا الحجم والحساسية والخطورة.

وأوضح المصدر نفسه انّ الوقت مُبكر للحديث على اعادة هيكلة، لكنها خطوة أولى، وستعمل اللجنة على تحضير الأرضية اللازمة الى أن يحين موعد بحث إعادة الهيكلة العملية، وهذا الامر لا يمكن ان يحصل قبل انقشاع الغبار، ووضوح الرؤية في ما خَصّ خطة الانقاذ والتعافي.

في غضون ذلك، واصَل سعر صرف الدولار في السوق السوداء مرحلة من الاضطراب، ولو انّ نسبة الارتفاع والانخفاض في يوم واحد تراجعت امس قليلاً عمّا كانت عليه في الايام الأخيرة. وارتفع الدولار قليلاً ووصل الى 7800 ليرة. في المقابل، حافظ دولار الصرّافين والحوالات المالية على سعره الثابت بين 3850 و3900 ليرة.

التدبير الرقم 6

نيابياً، علمت «الجمهورية» انّ جدالاً طويلاً دار خلال جلسة لجنة الادارة والعدل النيابية أمس لمناسبىة البحث في التدبير الرقم 6، وهو من بين التدابير الادارية التي أقرّها مجلس الوزراء لمكافحة الفساد.

وقد امتدّ هذا السجال لأكثر من 3 ساعات، وتركّز بين وزيرة العدل ماري كلود نجم وبعض أعضاء اللجنة حول قانونية هذا التدبير، اذ اعتبره بعض الأعضاء مخالفاً للقانون، فيما اعتبرته نجم قانونياً ويهدف الى تفعيل القانون، علماً انّ التدبير الرقم 6 يقضي بإنشاء لجنة مهمتها جَمع المعلومات المتوافرة حول ثروات الشخصيات التي تَولّت مراكز عامة، أقلّه الى حين تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المفترض في ايلول المقبل.

أبو الغيط

وعلى صعيد الموقف العربي من الازمة اللبنانية، حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمس من أنّ «الوضع في لبنان خطير جداً، ويتجاوز كونه مجرد أزمة اقتصادية أو تضخماً»، مشيراً إلى أنها «أزمة شاملة لها تبعات اجتماعية وسياسية خطيرة، ويمكن للأسف أن تنزلق لما هو أكثر خطراً»، مُبدياً خشيته من أن «يتهدّد السلم الأهلي في البلاد بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يتعرض لها اللبنانيون».

وقال أبو الغيط في حديث إلى وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية: «الحقيقة أنني، وبعيداً عن أي اعتبارات سياسية، أشعر بمعاناة المواطن اللبناني الذي وجد نفسه فجأة، وبسبب ظروف لا دخل له فيها وخارجة عن إرادته، وقد تراجع مستوى دخله تراجعاً مهولاً، وانزلق تحت خط الفقر». ولفت إلى أنّ «نصف اللبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، ويقبع الربع تحت خط الفقر المُدقع، وهو وضع مقلق جداً في بلد له تركيبة خاصة نعرفها جميعاً. لذلك، فإنني أتفهّم تماماً معاناة اللبنانيين، وأتألم لِما نشاهد ونقرأ عنه من مآس اجتماعية كانتحار مواطنين بسبب الفقر وعدم قدرتهم على تلبية حاجات أبنائهم الضرورية». وأضاف: «أرجو بكل صدق أن تستشعر الطبقة السياسية هذه المعاناة غير المسبوقة، لأنني، حتى الآن، لا أرى أنّ رد فعل الطبقة السياسية في مجملها على الأزمة يعكس ما كنّا نأمله من استشعار للمسؤولية الوطنية أو الإدراك الكافي لخطورة الموقف الذي يواجه البلد، فما زال هناك، للأسف، تغليب للمصالح الضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما يعمّق الأزمة».

وناشَد أبو الغيط الدول والهيئات المانحة «أن لا يُترَك اللبنانيون وحدهم في هذا الظرف الصعب»، مؤكداً أنه «لا بد من أن يكون هناك حل لإنقاذ الوضع الاقتصادي لأنّ تبعات ما يجري ستُطاول الجميع في لبنان وخارجه».

إيران

قال مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، أمس، إنّ «أميركا والسعودية أعاقتا بناء محطتين للكهرباء في لبنان».

وكتب عبد اللهيان، في تغريدة عبر «تويتر»: «لقد قدمتُ مرات عدة في مفاوضاتي بصفتي نائب وزير الخارجية مع المسؤولين الكبار في لبنان، خطة طهران التقنية للإنشاء الفوري لمحطتين كبيرتين للطاقة والكهرباء ضمن المعاییر التقنیة، والتي یمكن أن تحسم كل مشکلات الكهرباء في لبنان. لقد أعاقت ذلك أميركا والسعودية. ما زلنا مستعدين».

وكان السفير الإيراني في لبنان، محمد جواد فيروزنيا، أعلن أمس بعد زيارته البطريرك الراعي، أنّ إيران على استعداد لاعتماد الليرة اللبنانية في عمليات التبادل التجاري مع لبنان، وخصوصاً في المشتقات النفطية. وقال: «نحن جاهزون للمساعدة بكل ما يحتاجه لبنان، ولكن لا نريد أن نُحرج الحكومة اللبنانية فهناك أطراف تمنع التعاون، هناك مشاريع كثيرة يمكن أن ندعم لبنان بها تبدأ بالزراعة والصناعة ومن ثم الكهرباء والدواء ومختلف القطاعات الاقتصادية التي يحتاج لها لبنان»، مشدداً على انّ «إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، ونحن نشدد على الوحدة الوطنية وتعزيزها في هذه الظروف».

*****************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

الحريري يأسف لـ«تدني خطاب رئيس الحكومة»

أكد أن العلاقة مع السعودية ودول الخليج ممتازة

أسف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لكلام رئيس الحكومة حسان دياب عن تدخلات مع الدول العربية، واصفاً الخطاب بـ«المتدني»، ومثنياً على حركة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم تجاه الدول العربية وسفرائها.

وفي دردشة مع الصحافيين، قال الحريري «نأسف أن تتحدث رئاسة الحكومة عن تدخلات مع الدول العربية»، معتبراً أن الخطاب في هذا الموقع تدنى إلى ما لا يتخيله أحد وموقع رئاسة الحكومة «تبهدل»، نافياً اتصاله بأي جهة لمنع المساعدات عن لبنان.

ومع تأكيده على أن العلاقة مع السعودية ومع كل دول الخليج ممتازة، رأى الحريري أن حركة اللواء إبراهيم ضرورية، وقال «نحن ضمن الجامعة العربية، وهذه الدول ولا سيما الخليج وقفت مع لبنان، واليوم هناك تصعيد إقليمي غير مسبوق، وبالتالي من الضروري التواصل معهم لنحصل على مساعدات وهم الذين قدموا الكثير بينما يبقى دور لبنان في تقديم وإنجاز الإصلاحات المطلوبة منه».

وعن موضوع حياد لبنان، سأل الحريري «ألا يعني الحياد النأي بالنفس؟ وهل طبقه الفرقاء السياسيون ولا سيما (حزب الله)؟»، وأكد «علينا أن ننأى بنفسنا عن كل المشاكل في المنطقة، وهذا هو الحياد، ولبنان يجب أن يكون منفتحاً على العالم، وأن نطلق الاقتصاد وننأى بأنفسنا وبلدنا عن ‏الصراع بين أميركا وإيران»، داعياً في الوقت عينه إلى عدم المزايدة في موضوع العداء لإسرائيل.

وفيما يتعلق بقرار المحكمة الدولية، قال الحريري «علينا احترام كل القرارات الدولية المعنية والناس طالبت بالحقيقة والعدالة وفي 7 أغسطس (آب) سيصدر الحكم وعندها سيكون لي كلام».

*****************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

الشارع يغلي.. ووعود غجر الفارغة تصيب المازوت!

اعتراض أمريكي على خطة إعادة النازحين.. ووعد بدراسة بعض الإعفاءات من قانون قيصر

حتى مولدات الكهرباء، تتجه إلى أزمة تقنين خانقة، على خلفية شح المازوت المهرّب أو المتبخر، الأمر الذي فاقم حركة الاحتجاجات في الشارع، من العاصمة إلى المناطق وسائر الأقضية والمحافظات، في وقت يطعم فيه وزير الطاقة ريمون غجر «بدم بارد» المسؤولين في الحكومة، والمواطن المستنزف «جوزاً فارغاً».

وآخر وعود الوزير، الذي شارك في اجتماعين ترأسهما الرئيس حسان دياب في السراي الكبير، الأوّل لمجلس إدارة كهرباء لبنان، والثاني مع شركات النفط بمشاركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ان أزمة الكهرباء في طريقها إلى حل ممرحل.. فبعد وصول باخرة الأسبوع الماضي، ستصل ثانية قبل نهاية هذا الأسبوع، على ان تصل بواخر «غاز- اويل» الأسبوع المقبل، مما يؤدي- حسب الوزير- إلى زيادة في إنتاج الكهرباء..

وعن عودة الكهرباء إلى بيروت الإدارية، والتي كانت تتغذى من 20 إلى 22 ساعة، فهي بحاجة إلى عودة إنتاج الكهرباء بشكل طبيعي.. أي إنتاج 1700- 1800 ميغاوت من خلال عمل المعامل كافة، متوقعاً ان تعود التغذية الأسبوع المقبل.

واستغربت مصادر سياسية بارزة كلام الوزير غجر عن وعده بتحسن زيادة التغذية بالتيار الكهربائي ابتداء من منتصف الاسبوع المقبل وهو نفس الكلام الذي قاله الأسبوع الماضي ولم تتحسن نسبة زيادة التغذية، ما يعني ان على المواطنين الاعتياد على ازمة انقطاع الكهرباء طويلا وبلا أفق. اذ لا يعقل ان يطلق الوزير غجر وعودا لا تتحقق بل تزداد الامور سوءا ولم يعد أحداً مسؤولا والمواطن وحده يتحمل الخسائر والمعاناة جراء استمرار انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل عن كل لبنان ولا احد يحاسب احدا.

واضافت: لا يقتصر قصور الوزير غجر بملف الكهرباء فقط بل ان ادارته لملف المازوت والازمة المترتبة عن سوء المعالجة توازي العجز بملف الكهرباء او اكثر لاسيما مع اعترافه بعدم القدرة على احاطة هذه المشكله ووضع حد لها.

وتوقعت المصادر حدوث ردات فعل وتحركات واسعة النطاق سياسيا وشعبيا ضد سوء ادارة مشكلة الكهرباء والمازوت والمطالبة باستقالة وزير الطاقة الفاشل من منصبه.

ولئن كانت الاجتماعات، تنقلت في السراي الكبير من الكهرباء إلى النفايات، فإن الاجتماع المالي كان أبرزها، في إطار السعي إلى توحيد أرقام الخسائر، وهو الطلب الملح لصندوق النقد الدولي، لاستئناف المفاوضات المتوقفة، فإن الأنظار تتجه إلى تطورين متوقعين:

1 – مجيء وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت، والمرتبطة باجتماعات وانتظارات معينة… مؤكداً حرص بلاده على مواكبة بدء لبنان بتطبيق الإصلاحات..

2 – ما ستبلغه الإدارة الأميركية للبنان، بالطرق الدبلوماسية، بعد ان تحدد الخارجية موعداً لسفير لبنان في الولايات المتحدة، لتسليم وزير الخارجية مايك بومبيو رسالة من الوزراء ناصيف حتي، لجهة إعفاء لبنان من عقوبات يفرضها قانون قيصر، وتتعلق بالكهرباء والترانزيت والمنتجات الزراعية..

ولم ينعقد مجلس الوزراء أمس كالمعتاد، على ان يستأنف نظام الجلستين الأسبوع المقبل.

وكشفت مصادر وزارية ان المجلس بصدد إصدار عدد من التعيينات في الجلسات المقبلة، لا سيما في وزارة الاشغال العامة والنقل.

وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان موضوع عودة مدير عام المالية آلان بيفاني عن استقالته يساهم في ايجابية استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تأخرت كما هو واضح.

واكدت المصادر ان المفاوضات يراد لها ان تتم بوتيرة متسارعة للوصول الى خلاصات قريبة أقله في ما خص توجه الصندوق في المرحلة المقبلة كما في إمكانيات تنفيذ مطالبته بالأصلاحات.

لفتت مصادر مطلعة عبر «اللواء» الى انه بعد اقرار ورقة عودة النازحين يفترض اجراء الاتصالات اللازمة مع المعنيين من اجل الوصول بها الى نهايتها.

اعتراض أميركي على خطة إعادة النازحين

واستبق مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر الجواب الرسمي بالقول: ان مشروع قانون قيصر، لا يجب ان يؤذي لبنان، وقال: «سيؤذي فقط اللبنانيين الذين يريدون التعامل مع نظام الأسد، أو يبرمون صفقات نيابة عن نظام الاسد».

وبالنسبة للصادرات اللبنانية إلى الخليج، أشار إلى إمكانية اجراء ترتيبات للاعفاء من العقوبات.

وأكّد في حديث مع Alpha octopus ان سوريا، بعد قانون قيصر لن تعود قادرة على استخدام لبنان لتبييض الأموال.. لكنه استدرك ان بلاده ملتزمة بمساعدة لبنان على تحمل عبء اللاجئين السوريين على أراضيه.. مما يعني، حسب الدبلوماسي الأميركي ان الوقت ليس مناسباً لعودة هؤلاء إلى ديارهم..

واعتبر شنكر ان الحكومة لم تفعل الكثير لدفع الأمور إلى الامام، بسبب تحالفها مع حزب الله، المعارض القوي للاصلاح المالي، لأنه سيضر بقدرته على جني أرباح من المؤسسات المالية اللبنانية.

سياسياً، يترقب لبنان نتائج الاتصالات واللقاءات التي اجراها وسيستكملها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مع عدد من الدول الخليجية، وربما لاحقاً مع مصر، للحصول على دعم ومساعدات قدر المستطاع تنتشل الوضع من قعر الهاوية، فيما بقيت دعوة البطريرك بشارة الراعي الى توفير حياد لبنان موضع نقاش وردود فعل مباشرة وغير مباشرة، حيث اعتبر الرئيس عون امام وفد من تجمع العلماء المسلمين، «ان موضوع الحياد لا يعني تنازل الدول عن حقها بالدفاع عن نفسها، ومن هنا علينا ان نبقى على موقفنا، بحيث اننا لن نعتدي على احد ولن نؤيد الخلافات والحروب مطلقاً، فيما نحن مُلزمون الدفاع عن انفسنا أكنا حياديين او غير حياديين».

واوضحت مصادر رسمية مطلعة على موقف الرئيس عون، ان موضوع الدعوة الى الحياد موضوع حساس وله تفسيرات مختلفة بين الجهات الرسمية والقوى السياسية، التي ينظر كلٌ منها الى الحياد من منظاره السياسي، عدا عن وجود مخاوف لدى البعض من ان تتحول مطالبة الامم المتحدة والمجتمع الدولي بضمان حياد لبنان الى نوع من التدخل اكثر في شؤون لبنان الداخلية وفرض إملاءات وشروط سياسية عليه.

مالياً، صدرت عن مصرف لبنان المركزي مذكرة تفيد ان المصرف انشأ لجنة لإعادة هيكلة البنوك التجارية المتضررة ماليا في البلاد ودراسة ادائها.

كم قالت المذكرة ان مهمة اللجنة إعادة هيكلة البنوك، و«دراسة الأداء المالي للمصارف اللبنانية واقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة القطاع المصرفي».

الحريري ينفي التدخل ضد الحكومة

وسجلت دردشة للرئيس سعد الحريري من «بيت الوسط» مع الصحفيين، رداً مفصلاً على ما أثاره الرئيس دياب في مداخلته في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، فأعرب عن اسفه ان «يتحدث موقع رئاسة الحكومة بخطاب من نوع ان رئيس الحريري يتدخل لدى الدول العربية لمنعها من مساعدة لبنان، معتبراً ان الخطاب تدنى إلى أمور من الخيال، وهذا مرفوض، ونحن نساعد من دون ان نسأل.. «ولم اتصل بأحد ونقطة ع السطر.. وموقع رئاسة الحكومة تبهدل».

وحول جولة اللواء إبراهيم، قال الحريري: الخليج لم يتخل لحظة عن لبنان، فمن كان يقف مع لبنان، غير السعودية والامارات والكويت وقطر وعمان.. مشيرا إلى تصعيد إقليمي غير مسبوق، داعياً للبقاء على تواصل مع هذه الدول، والمحاولة لتأمين المساعدات..

وحول الحياد: تساءل الحريري من لم يطبق النأي بالنفس، حزب الله لم يطبق، نحن طبقناه، وتوقفنا عن الحديث عن سوريا.. واصفاً العلاقة مع المملكة العربية السعودية بالممتازة..

وتساءل رئيس الحكومة السابق عن الدرك الذي اوصل حزب كبير بالكهرباء إليه، بعد ان تسلمها منذ عشر سنوات (التيار الوطني الحر)، فماذا الذي احدثه في هذا القطاع، أم يريد تحميلنا وزر ثلاثين سنة..

وقال: هناك تصعيد إقليمي بين الولايات المتحدة وإيران، ونحن ندفع الثمن.

وكشف انه سيكون له كلام في 7 آب، عندما تنطق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالحكم المتعلق باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. داعياً إلى المضي بلبنان أولاً، مطالباً بالانفتاح على كل الدول، وأن يبقى الاقتصاداً حراً. وقال: هناك تعامل مع الانهيار الاقتصادي بالقطعة، وهذا لا يصح، لا بدّ من القيام بكل الإصلاحات اللازمة.

وكان الأهم، ما اعترف به النائب السابق سليمان فرنجية من ان 8 آذار ضائعة في الملف الاقتصادي.. داعياً لإيجاد بديل، قبل إسقاط هذه الحكومة.. مشيراً إلى اتصالات تجري لتسوية جديدة بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

ودار سجال «تويتري» ناعم بين الحريري وفرنجية لجهة تسوية الجديدة، والتي انتهت ان لا تسوية جديدة يعتزم الحريري القيام بها.

على صعيد الاحتجاجات، لم يسلم يوم أمس من قطع الطرقات تنديداً بانقطاع الكهرباء والمازوت في فصل الصيف والحر، فقد أفادت غرفة التحكم المروري عن قطع: طريق المطار القديم- قرب المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى، مستديرة الجندولين- بئر حسن قرب قصر العويني، اوتوستراد الأسد بالاتجاهين، الجناح تحت جسر السلطان إبراهيم، اوتوستراد الجناح قرب فندق «الماريوت»، بالاطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، ما أسفر عن زحمة مرور كثيفة في المناطق المذكورة، وسرعان ما اعيد فتح بعضها تباعاً.

صحياً، أعلنت أمس وزارة الصحة تسجيل 57 إصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالتي وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية.

وعلى صعيد الفحوصات، أجرى مستشفى رفيق الحريري الجامعي 1159 فحصاً خلال 24 ساعة، وعدد المصابين الذين يخضعون للمعالجة 40، وعدد المشتبه بها 13.

*****************************************

افتتاحية صحيفة الديار

«حركة» دون «بركة» والشروط السياسية تتظهر: «النأي بالنفس» مقابل المساعدات

«برودة» رئاسية حيال «الحياد»… الراعي «يتهم» حزب الله… وتجاهل للعروض الايرانية؟

أسبوعان حاسمان لمواجهة موجة كورونا الثانية… «طيف» واشنطن يلاحق لودريان الى العراق

ابراهيم ناصرالدين

لا تزال «الحركة» دون «بركة»، هكذا يمكن اختصار الحراك الداخلي والخارجي «لفك» طوق الحصار الاقتصادي الاقليمي والدولي على لبنان، فكلمة «السر» المعممة اقليميا ودوليا عنوانها «النأي بالنفس»، والشروط السياسية باتت اكثر وضوحا خلال الساعات القليلة الماضية مع ربط الولايات المتحدة مجددا للمساعدات بخروج حزب الله من الحكومة، فيما خرجت ايران عن «صمتها»، تزامنا مع حراك سفيرها في بيروت، حيث اتهمت الخارجية الايرانية الرياض وواشنطن بعرقلة مساعي طهران لتقديم مساعدة لبيروت في مجال الطاقة بعدما ابدت ايران استعداداتها لبناء معملين لتوليد الكهرباء…

هذه الاجواء الضاغطة، تشير الى جولة «كباش» جديدة على الساحة اللبنانية، وسط مخاوف جدية من موجة «كورونا» جديدة، وتخبط في كيفية مواجهتها، وسط تفاقم الازمات المعيشية. سياسيا، تشير المعلومات الى وجود «برودة» واضحة في بعبدا ازاء طرح البطريرك بشارة الراعي لاستراتيجية «الحياد»، فيما تعمل بكركي الى تحويل المقترح الى وثيقة، وتزخيمه بحراك شعبي يواكب «الحج» السياسي الى الديمان…

«البوابة» السعودية

وفي السياق نفسه، بات واضحا ان اي مساعدة خليجية لن تمر الا من «البوابة» السعودية، وهو ما يفسر زيارة اللواء عباس ابراهيم الى دارة السفير السعودي في اليرزة امس الاول، وبحسب اوساط سياسية بارزة، فان ما سمعه مدير عام الامن العام في الكويت، دفعه الى «طرق» الابواب السعودية، فلبنان الذي طلب تزويده بالمشتقات النفطية، وبالمواد الغذائية والطبية، سمع ان عجز الميزانية المقدر بـ60 مليار دولار في الكويت بعد ازمة «كورونا» يجعل من الاستحالة الحصول على اي وديعة مالية، وقد سمع اللواء ابراهيم من المسؤولين الكويتيين نصيحة للحكومة اللبنانية بضرورة التطبيع مع دول الخليج وفي مقدمتهم الرياض، وهذا التطبيع مشروط بالتزام الدولة اللبنانية سياسة «النأي بالنفس» عن الصراعات الدائرة في المنطقة، خصوصا في اليمن وسوريا، وهذا يستدعي «الضغط» على حزب الله لتخفيف حدة لهجته تجاه الرياض والانكفاء الى الداخل اللبناني.

تصعيد اميركي ايراني

في هذا الوقت، لا يزال السجال الايراني ـ الاميركي على خط الازمة اللبنانية على اشده، ففيما نقلت وسائل اعلامية عن وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو تلميحه الى ان المساعدات للبنان مشروطة بحكومة غير تابعة لحزب الله، كشف مساعد وزير الخارجية الايرانية حسين اميرعبداللهيان في تغريدة على تويتر عن قيام السعودية والولايات المتحدة الاميركية بمنع بلاده من انشاء معملي كهرباء في لبنان… دون الافصاح عن كيفية حصول هذه الضغوط.

لبنان يدير «ظهره» لطهران؟

وفي هذا السياق، يسلم سفير لبنان في واشنطن غابي عيسى في الساعات المقبلة، رسالة من الخارجية اللبنانية إلى الخارجية الأميركية تطلب إعفاء لبنان من عقوبات يفرضها قانون قيصر، وتتعلق باستجرار الكهرباء من سوريا والسماح بتصدير المنتجات الزراعية، والترانزيت، لكن اللافت بحسب اوساط سياسية بارزة ان «الرسالة» اللبنانية لا تتضمن طلب الحصول على اعفاءات حيال العقوبات على ايران، ما يشير الى عدم وجود نية لبنانية جدية في التعامل مع العروضات الايرانية…

في هذا الوقت، كان لافتا زيارة السفير الايراني محمد جلال فيروزنيا، الى الديمان، ووفقا للمعلومات قدم السفير الايراني شرحا مسهبا للبطريرك حيال العوائق الاقليمية والدولية التي تمنع ايران من تقديم العون للبنان للخروج من ازمته الاقتصادية، وخصوصا في قطاع الكهرباء، مبديا استعداد بلاده لتقديم اي مساعدة ممكنة، مجددا الالتزام بحصول التبادل التجاري بالليرة اللبنانية… في المقابل، شرح البطريرك الراعي للسفير الايراني مفهوم «الحياد» الذي يطالب بتطبيقه لبنانيا، مجددا التأكيد انه لا يستهدف احداً، بل يسعى لتحييد لبنان عن «العواصف» في المنطقة… وردا على سؤال عن مشروع الحياد قال السفير الايراني ان «الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تتدخل بشؤون لبنان الداخلية، وهذا الموضوع شأن لبناني. ونحن نؤكد على تعزيز الوحدة الوطنية خصوصا في هذه الظروف التي يمر بها لبنان…

«ضعف» الموقف الفرنسي

وفيما تنتظر بيروت زيارة رئيس الديبلوماسية الفرنسية جان ايف لودريان الذي وصل الى بغداد بالامس، نصحت اوساط ديبلوماسية غربية المسؤولين اللبنانيين بعدم الرهان على اي دور فرنسي حيوي في الازمة اللبنانية بعدما اظهرت باريس ضعفا ديبلوماسيا مقلقا في الاونة الاخيرة اظهر هشاشة موقفها وقدرتها على الزام الاميركيين او حلفائهم في المنطقة بأي خطوة تجاه لبنان…

«الطيف» الاميركي

واذا كان لودريان قد ناقش مع المسؤولين العراقيين الانفتاح العراقي على الحكومة اللبنانية مشجعا على المضي قدما في تقديم ما يلزم لمنع الانهيار الاقتصادي، الا انه سمع كلاما عراقيا واضحا حيال «الضوابط» الاميركية الموضوعة في هذا الملف، وفهم ان «طيف» واشنطن كان مرافقا لزيارة لودريان فتأثير الاميركيين في «دوزنة» اي مساعدة مقترحة يبقى العامل الحاسم، سواء في لبنان او العراق، حيث ينتظر الجانبين «الضوء الاخضر» الاميركي للمضي قدما في تسييل المحادثات الاخيرة الى افعال، وقد فهم لودريان ان التأخير في بلورة التفاهمات منشأه لبناني بعدما اوضح العراقيون الهامش المتاح للمساهمة في التبادل الاقتصادي.

ووفقا لتلك الاوساط، لا يبدو الفرنسيين في موقع مؤثر ويمكن القول ان التجربة الليبية واضحة للعيان حيث وصلت السياسة الفرنسية الى «حائط مسدود»، واظهرت الاحداث تضاؤل «وزن» فرنسا التي لم تستطع التأثير في ملف حيوي مؤثر على الامن القومي الفرنسي. ولهذا لا يمكن التعويل على مواقف باريس التي تبدو عاجزة عن خلق «المبادرات» «الخلاقة».

الراعي يصعد!

واذا كان حزب الله «غير مرتاح» «ازاء طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي لاستراتيجة «الحياد»، فهو يلتزم «الصمت» حيال الطرح، ولا يجد نفسه معنيا بالدخول في اي سجالات علنية مع بكركي، صعد الراعي موقفه تجاه الحزب بالامس، واعتبر في حديث «لفاتيكان نيوز» أن هناك نوعا من هيمنة لحزب الله على الحكومة وعلى السياسة اللبنانية بسبب الدخول في حروب وأحداث عربية ودولية، مؤكدًا ان لبنان لا يريدها بالأساس وتحييده هو الحل»… واضاف «لسنا ضد حزب الله لكننا نريد أن نعيش سوية بمساواة وبناء مجتمعنا اللبناني»، معتبرًا ألا حل إلا بإخراج لبنان من الأحلاف السياسية والعسكرية مع أي دولة ويكون لبنان بذلك دولة حيادية فاعلة ومفيدة من أجل السلام والاستقرار… وقال ان الواقع اللبناني اليوم مهدد لأننا متروكون من البلدان العربية وخاصة الخليج ومتروكون من أوروبا وأميركا، لأن الجميع يقول لا نستطيع ان نساعد لبنان لأننا بمساعدة لبنان نساعد حزب الله لأنه يسيطر على البلاد.

«برودة» في بعبدا

اما خلاصة الموقف في بعبدا فقد تظهرت بعد ساعات من لقاء البطريرك الراعي مع الرئيس ميشال عون، ووفقا لمصادر مطلعة لم يبد الرئيس «حماسة» ازاء الطرح لعلمه المسبق بعدم امكانية تسويقه داخليا ولدى المجتمع الدولي، وسبق ان فشلت تجربة «النأي بالنفس» التي جرى اقرارها في اعلان بعبدا الشهير، ومن هنا كان اصرار الرئيس على تأمين التوافق الداخلي على اي مبادرة، وهو امر لن يحصل في ظل «ضبابية» الطرح وعدم انسجامه مع الوقائع والتحديات الخارجية المحيطة بلبنان.

ووفقا للمعلومات، سيكون للبطريرك الراعي مواقف يشدد فيها على تمسكه بمبادرته في عظة الاحد، فهو يعمل على تحويل «اعلان الحياد» الى إطار محدد، وسيجول به على عواصم اقليمية واوروبية بعد زيارة الفاتيكان من اجل تسويقه وحشد الدعم الدولي له.

وجاء كلام عون بالامس ليؤكد هذا المنحى بتأكيده أن لبنان « ليس في وارد الاعتداء على أحد أو تأييد الخلافات والحروب مطلقا إلا أننا ملزمون بالدفاع عن أنفسنا سواء كنا حياديين أو غير حياديين».

كورونا ترفع نسب المخاطر…

وفيما سجل عداد «كورونا» ارتفاعا جديدا مع تسجيل 57 اصابة جديدة بالامس، يضغط الوضع الصحي المرتبط مجددا في ظل انقسام واضح في مجلس الوزراء حيال كيفية التعامل مع الموجة الثانية المتوقعة «للوباء» في الخريف المقبل، وجاءت دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون في الجلسة الاخيرة للحكومة، للتشدد في الاجراءات واتخاذ ما هو مناسب لمنع انهيار النظام الصحي في حال خرجت الامور عن السيطرة، وسط عدم يقين لدى الوزراء المعنيين بكيفية التعامل مع الوضع المستجد عالميا ومحليا في ظل وضع اقتصادي ضاغط لا يسمح باعادة اقفال البلاد مجددا، ووفقا لاوساط مطلعة، يعتقد وزير الصحة حمد حسن بأن المؤشرات لا تبدو مشجعة في المستقبل، وقد تكون الحكومة مضطرة للعودة الى اقفال جزئي للاقتصاد اذا ما لامست المخاطر حدود انعدام القدرة على المعالجة في المستشفيات، فان ثمة رأي آخر يقوده وزير الاقتصاد راؤول نعمة ويؤيده العديد من الوزراء، يرفض على نحو قاطع اي عودة الى اغلاق البلاد، لان الامر سيعني حكما الانهيار…

اسبوعان حاسمان…

وامام هذه الجدلية القائمة على المفاضلة بين الامن الصحي، والانهيار الاقتصادي، تبنى رئيس الحكومة حسان دياب «قلق» الرئاسة الاولى ودعا الوزراء المعنيين ولجنة مكافحة «كورونا» للاعداد لاسوأ السيناريوهات كي لا تفاجأ الحكومة بموجة ثانية من «الوباء»، وشدد على ضرورة اتخاذ اجراءات متدرجة تمنع «كورونا» من الانتشار، كي لا يصبح الاقفال امرا لا مفر منه، وسيكون حينها مدمرا للاقتصاد المنهار اصلا، ووفقا للمعلومات يفترض ان يكون التصور الكامل لخطة المواجهة جاهز خلال اسبوعين، وعندها يبنى على «الشيء مقتضاه»…

وامام اللجنة اكثر من نموذج للاقتداء به، وتبدو الاجراءات الالمانية، الاقرب الى الواقع، حيث تعتزم برلين العودة الى فرض تدابير حجر منزلي مشددة لاحتواء بؤر محلية تداركا لخطر حصول موجة ثانية من الإصابات، وذلك وفق مسودة اتفاق بين الحكومة الفدرالية والولايات المحلية، حيث ستفرض السلطات الألمانية «حظر الدخول والخروج» على مستوى مناطق جغرافية محدودة سيفرض فيها الحجر المنزلي مجددا على السكان بعد ظهور بؤر اصابة «بالوباء»…

الازمات الحياتية «تنفجر»

في غضون ذلك، وفيما يعود الحراك الشعبي اليوم الى ساحة الشهداء مع دعوة الضباط المتقاعدين للتظاهر، تبدو الحكومة عاجزة عن حل الازمات المتراكمة في البلاد، فوعود وزير الكهرباء بزيادة ساعات التغذية ذهبت «ادراج الرياح»، وقد توسعت الاحتجاجات الشعبية على التقنين الكهربائي القاسي بالامس، حيث قطعت الطرقات في الضاحية الجنوبية على اوتوستراد السيد هادي نصرالله، وطريق المطار، وقرب السفارة الكويتية، احتجاجا على غياب الكهرباء ووقف المولدات عن تزويد السكان بالتغذية الكهربائية بسبب نقص المازوت… اما ازمة النفايات فتبدو انها ستنفجر نهاية الشهر الجاري، فالحكومة لن تؤمن مطمر جديد لنفايات بعبدا، وعاليه، وبيروت، بعدما اعلن رئيس بلدية الشويفات زياد حيدر في مؤتمر صحفي «لاتحاد بلديات الضاحية والشويفات» التوقف عن استقبال المزيد من كميات النفايات في مكب الكوستابرافا اعتباراً من تاريخ 31-7-2020»، معتبراً ان مجلس الوزراء لم يف بوعوده تجاه الشروط والمعايير والحوافز، وكل الخطط المؤقتة التي وضعت منذ 5 سنوات أصبحت حلولا دائمة.

الحريري «يطوق» مفاعيل المحكمة؟

من جهته يتجه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى تطويق مفاعيل قرار المحكمة الدولية مطلع الشهر المقبل، في هذا الوقت واصل هجومه الممنهج على رئيس الحكومة حسان دياب، واشار الى أن موقع رئاسة الحكومة «تبهدل»، نافيا ضلوعه بالتحريض ضد المساعدات… وعن الحياد سأل: «الا يعني الحياد النأي بالنفس؟ وهل أن الفرقاء السياسيين طبقوه وبخاصة حزب الله… وقال: «علينا أن ننأى بأنفسنا عن كل المشاكل في المنطقة وهذا هو الحياد «وما حدا يزايد علينا» بموضوع عداء إسرائيل. وبالنسبة للمحكمة الدولية قال: «علينا احترام كل القرارات الدولية المعنية والناس طالبت بالحقيقة والعدالة، وتابع: «في 7 آب سيصدر الحكم في قضية والدي وسيكون لي موقف، ولا نستطيع التعاطي مع القرارات الدولية باستنسابية أو نكون مثل إسرائيل نقبل ما نريده ونرفض ما لا يعجبنا.. وفي هذا السياق، تؤكد اوساط عليمة ان الحريري سيعمل على «امتصاص» قرار المحكمة الدولية منعاً لانفلات الشارع، غير أنه سيشيد بتحقيق العدالة لكنه سيعمل على عدم حصول انعكاسات داخلية للحكم…