افتتاحيات الصحف


افتتاحية صحيفة النهار

واشنطن مجدداً: حكومة غير خاضعة لـ”حزب الله”

تضع “القفزات” المتعاقبة في عدّاد الاصابات بفيروس كورونا المستجد والتي سجّلت رقماً مقلقاً جديداً أمس بلغ 91 اصابة، مجمل الواقع الداخلي تحت وطأة المخاوف البالغة الجدية التي يفرضها التمدد الوبائي بما بات يصعب معه على الحكومة المضي في الاجراءات العادية المتبعة والقيام بأقصى سرعة بما يمليه تمدد الخطر. وإذا كان ملف التمدّد الوبائي أخضع منذ البداية لتمايز في التعامل مع الحكومة ووزارة الصحة العامة وعزل الى حد بعيد عن المناخات السياسية، فإن هذا التمايز يبدو كأنه فقد مفاعيله تماماً بعدما تمادت الحكومة نفسها في التراخي مع موجبات التشدّد المطلوبة خصوصاً بعد اعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي، كما أن المناخات السلبية التي تسبّبت بها الحكومة ورئيسها حسان دياب في اتباع نهج رمي التبعات والمسؤوليات على المعارضين والحكومات السابقة وغسل أيديهما من التقصير والعجز والتخبّط لن يبقي أمام الحكومة أي هامش للتهرب من مسؤوليتها في استدراك الخطر المحدق باللبنانيين في أقصى سرعة.

ومع أن الأوساط الوزارية على اختلاف اتجاهاتها تؤكد أن لا خلافات داخل الحكومة على الاستمرار في فتح الاقتصاد والخدمات والمطار لأن العودة الى الإقفال مكلفة جداً ولا يمكن لبنان تحملها وسط تصاعد أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فإن ذلك لم يحجب بدء تصاعد أصوات وزارية بضرورة اعادة النظر في الإجراءات اللازمة لمنع اتساع الانتشار الوبائي الى حدود تهدد بخروجه عن السيطرة، وتالياً ضرورة الكف عن سياسة الانكار ووضع خطة جديدة لئلا تنزلق البلاد نحو السيناريوات الأشد خطورة.

وترى أوساط سياسية معارضة للحكومة أن ملف كورونا بات بين أيدي الحكومة الحالية ينذر بأن يتطوّر الى حالات مشابهة للأزمات الأخرى المتفاقمة، وهو الأمر الذي لم يعد جائزاً السكوت عنه، خصوصاً أن رئيس الحكومة يمارس أسوأ وجوه السياسات من خلال دوامة هجماته الكلامية الخشبية على المعارضة والخصوم ومحاولات إلهاء الناس بمعارك وهمية “دونكيشوطية”، فيما تنزلق البلاد أكثر فأكثر بفعل هذا القصور الحكومي والرسمي والسلطوي الهائل نحو مزيد من الانهيارات. وتقول الأوساط المعارضة نفسها إن الوضع العام سواء من خلال الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتصاعدة أو من خلال أزمة التمدّد الوبائي لكورونا، بات ينذر بمؤشرات بالغة الخطورة بما يتعيّن معه القيام بتحركات سياسية ومدنية ضاغطة جداً، علماً أن الحكومة تلقّت في الفترة الأخيرة ما يكفي من رسائل خارجية ضاغطة لإفهامها بأن طريق الحصول على الدعم الخارجي مفتوح في اتجاه واحد هو الاصلاحات أولاً ولا دعم قبل الاصلاحات. وجزمت الأوساط أن الحكومة باتت تسمع مضموناً واحداً دولياً سواء من الدول الغربية أو الخليجية في هذا الشأن ولا امكان تالياً لرئيس الحكومة للمضي في سياسة افتعال معارك وهمية مع أحد وتكبير الحجر بالحديث عن مؤامرات فيما حكومته لم تفتح واقعياً بعد ملفاً اصلاحياً واحداً وتنجزه.

بومبيو مجدداً

وبرز أمس موقف أميركي جديد ربط أي مساعدة خارجية للبنان بالاصلاح “وعدم الخضوع لتأثير حزب الله”. فقد صرح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بان صندوق النقد الدولي سيوفّر التمويل اللازم للحكومة اللبنانية إذا قدّمت برنامجا إصلاحياً”.

وقال: “المطلوب وقف الفساد والمطلوب حكومة غير خاضعة لتأثير “حزب الله” الارهابي، وعندما تظهر حكومة كهذه، سيساعد العالم وصندوق النقد الدولي لبنان، للتوصل الى خطة إصلاح ترضي اللبنانيين، وهذا موقف الادارة الأميركية الحالية والمقبلة”.

عون والراعي

وسط هذه الأجواء استرعى اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس في قصر بعبدا اهتمام الأوساط السياسية في ظل الاستقطاب الواسع الذي أثارته مواقف البطريرك الراعي في الأسبوعين الأخيرين بعدما أطلق نداء الى رئيس الجمهورية للعمل على فك الحصار عن القرار الشرعي كما ناشد الأسرة الدولية المساعدة في تحييد لبنان. وعلمت “النهار” أن البطريرك شرح للرئيس مضمون موقفه وأهدافه والطرح الذي قدّمه في موضوع حياد لبنان وقال إن هذه الفكرة لا تستهدف أي فريق في لبنان بل تحييد لبنان عن الصراعات. وجرى نقاش في الموضوع وأكد الرئيس عون أن التوافق بين المكونات اللبنانية هو الأساس لأي خيار يتناول الواقع اللبناني. واعتبر أن الوفاق الوطني هو الضمان الأساسي لأي حل للأزمة اللبنانية. وأوضحت أوساط بعبدا أن لا خلاف بين رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي بل تباين في وجهات النظر. وأشارت الى أن البحث بينهما تناول قضايا عدة منها موضوع المدارس والمواضيع المعيشية.

وصرح البطريرك بعد اللقاء بأن “الحياد لا يعني أن أتنحى جانباً ولا أتعاطى أي أمر. بل المقصود الحياد الإيجابي المفيد والناشط، حيث أن لبنان اذا ما تمتع بنظام حيادي يشبه سويسرا والنمسا وفنلندا والسويد، فهو يلتزم القضايا العامة للعالم العربي من دون الدخول في الصراعات السياسية والعسكرية أو في أحلاف، لكنه يكون المدافع الأول والمعزّز للعدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية والدولية. بالإضافة طبعاً أننا نستثني دائماً إسرائيل التي بيننا وبينها عداوة. ولبنان يحمل القضية الفلسطينية بكاملها لأنها قضية حقوق للفلسطينيين، كذلك الأمر بالنسبة الى القضايا العربية المشتركة البعيدة عن الشؤون السياسية والعسكرية، فيكون لبنان المعزّز لها. ولا ننسى أن لبنان كان طوال تاريخه يلعب دور الجسر الثقافي والحضاري والاجتماعي بين الشرق والغرب، بيننا وبين أوروبا. وقد حملنا تراث الشرق الى الغرب وأتينا بتراث الغرب الى الشرق. هذا هو لبنان ودوره الذي لا يمكنه أن يقوم به اذا لم يكن حيادياً”.

وقال: “إن لبنان حيادي بطبيعته وانطلاقته، من دون أن يكون ذلك مدوّناً في نصوص…. ولا يجب اعتبار الحياد موجهاً ضد أحد على الاطلاق، بل هو لصالح جميع اللبنانيين، وجميع الفئات والأحزاب والمكوّنات اللبنانية لأنه يجلب الاستقرار السياسي الى الوطن. عندها يكون لدينا النمو الاقتصادي والتجاري والاجتماعي والمالي. وما من أمر بإمكانه إنهاضنا من الوضع الذي نحن فيه اليوم بما فيه من أزمة اقتصادية الى جانب الفقر وغير ذلك الا الحياد. ولأننا نعيش هذه الفترة من الفقر والبطالة والحاجة، بات الباب مشرّعاً للجميع لكي يتدخلوا عندنا. ومع الأسف، هناك الكثير من التدخلات الخارجية من هنا وهناك، وهي تقوم بدفع الأموال لجماعات وتنشىء جمعيات لها، وكأن البلد أصبح سائباً. لا، لبنان ليس سائباً. ونحن عندما نتكلم على الحياد، فهذا يعني أن هناك دولة قوية وجيش قوي، لأن من أول شروط نظام الحياد أن تكون الدولة قادرة على حماية نفسها بنفسها اذا ما اعتدى أحد عليها… هذه المفاهيم ليس حولها أي اشكال حولها مع فخامة الرئيس، وهو من أوّل المنادين بها. البعض اعتقد كأننا نغني في اتجاه فيما رئيس الجمهورية هو في اتجاه آخر، لدرجة أن كثيرين قالوا إن هناك خلافاً ما. إن الرئيس هو أوّل مُطالب بالحياد وفق المفاهيم التي شرحتها الآن”.

والتقى الراعي في بكركي مساءً النائب نهاد المشنوق الذي قال: “أننا في حصار كامل وأزمة كبيرة والنقاط الثلاث التي طرحها البطريرك الراعي هي المسار الوحيد المتاح لفتح كوة في هذا الحصار على البلد والشرعية”.

ورأى أن “الحكومة غير قادرة على القيام بأي إصلاح وكل الجهات الدولية تقول كلمة واحدة وهي الاصلاح وحتى الحكومات السابقة لم تقم بأي اصلاح جديد”.

وأكد أن “لا حل الآن الا بالجلوس طاولة حوار حول النقاط التي طرحها البطريرك الراعي فالأزمات هي الوحيدة القادرة على خلق استراتيجيات جديدة”.

“الجبهة المدنية الوطنية”

في غضون ذلك، بدا أن الانتفاضة تتحفّز لاطلاق مبادرات جديدة متعاقبة من شأنها إعادة ضخ الحركة الشعبية بجرعات منشّطة جديدة. فتحت عنوان “الثورة مستمرة”، تلاقى أمس في فندق “هيلتون” عدد من ناشطي ثورة 17 تشرين ومجموعاتها وقادة الرأي من أكاديميين وقضاة وسفراء سابقين وضباط متقاعدين وأطلقوا “الجبهة المدنية الوطنية” إطاراً وطنياً جامعاً لتنسيق العمل وتوحيد الجهود للوصول إلى تحقيق مطالب الثورة”. وتُلي في اللقاء نصّ وثيقة تأسيسية تشدّد على ثوابت: تشكيل حكومة مستقلة، وإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة، وبناء قضاء مستقل، وتنفيذ إصلاحات بنيويّة وقطاعيّة، والتشبّث بالسيادة اللبنانية، وتثبيت مسار الدولة المدنية، وبناء اقتصاد وطني منتج ومستدام في خدمة المواطن. ثم عقدت خلوة للمشاركين لمناقشة آليات المتابعة.

*****************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

الصندوق لضمان قروضه.. والإختلاف على الأرقــــــام لتجنُّب الإصلاحات

حينما سمّت السلطة فريقها الوزاري بـ»حكومة مواجهة التحدّيات»، ظنّ الناس انفسهم، امام «حالة سوبرمانيّة» تمتلك قوة خارقة لكل الحيطان التي تمنع الهواء عن لبنان، وتسدّ كل المنافذ المؤدّية الى انفراجات. ولكن سرعان ما ذاب الثلج عن وجهها التكنوقراطي، وبانت على حقيقتها كحصان مربوط في آخر عربة البلد، يجرّها الى الخلف، وانحدر معها البلد من انهيار الى هريان كامل وعلى كل المستويات. ولم تقدّم للبنانيين سوى مسلسل طويل من السقطات في كل المجالات، نالت منه بامتياز لقب: حكومة العتم والهريان واللاحلول.

مسلسل السقوط

سقطت السلطة في التعيينات، وفي التشكيلات، وفي التخطيط، وفي الادارة، وفي الكهرباء وكامل القطاعات، وحتى في النفايات، وايضاً في ما وصفتها «خطة التعافي» او بالاحرى خطة التخبّط والارتباك والاختلاف على الارقام. وسقطت أمام الدولار، وأمام صندوق النقد الدولي وامام المجتمع الدولي وكل مؤسساته المالية. واخيراً وليس أخراً، سقطت امام «كورونا» الذي حصد يوم امس 91 حالة جديدة.

ومع ذلك، فإنّ مسلسل السقوط ما زال مستمراً، وبوتيرة مخيفة ومتسارعة، حتى وصلت الازمة الاقتصادية والمالية الى وضع غير قابل للسيطرة او الاحتواء. أمّا المواطن اللبناني فأصبح في ظلّ هذه السلطة متسوّلا للقمته، ولم يبق له سوى ان يقتطع من لحمه ليؤمّن قوت ابنائه.

والأنكى من كل ذلك، انّ هذه السلطة، قرّرت بكل وقاحة، الاّ يرفّ لها جفن، امام الحالة المأساوية التي بلغها البلد، بل الهروب الى الأمام؛ المكابرة هي الفعل اليومي لهذه السلطة، عينها فقط على الماضي لتلقي بكل المسؤوليات عليه، ولغة التعالي هي الوحيدة التي تتقنها امام كل من يدعوها للنظر الى الامام، ولغة التحدّي هي الوحيدة التي تواجه فيها كل من يحاول ان يتوجّه اليها بالنُصح، او ينهاها عن الخطأ، او يرشدها الى الصحّ، وحديثها الدائم عن حصار خارجي لها، ومتآمرين في الداخل يمنعون تقدّمها وإقدامها، ويسعون الى الانقلاب عليها.

افلاس

لقد افلست هذه السلطة بشكل كامل؛ لم تعد تعني أيًّا من اللبنانيين بل صارت عبئاً عليهم، يزيد من أعبائهم يوماً بعد يوم، والعالم كلّه ملّ منها، ومن مطالباته المتكرّرة لها بالإقدام، على خطوة واحدة، تثبت من خلالها انّها تمتلك، ولو بعض قليل جداً، من الحسّ بالمسؤولية. لا بل أنّ العالم كله صار يسخر منها، ولا يتردّد في توبيخها على تمنّعها، غير المبرر وغير المفهوم، سلوك طريق الإنقاذ دخولاً من باب الإصلاحات، وهو وضع جعل العالم بأسره يجاهر علناً بلا اهليتها، والمثال الاخير في ما توجّه به وزير الخارجية الفرنسية ايف لودريان الى السلطة ومفاده، «ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم». وهذا يكمّل سلسلة الرسائل القاسية التي تلقتها هذه السلطة من مجموعة الدعم الدولية للبنان والمستثمرين والمؤسسات المالية الدولية، وفي مقدّمها صندوق النقد الدولي، والتي اجمعت جملةً قيلت بكل اللغات، لعلّ السلطة تفهم مغزاها ومعناها، ومفادها: «لم نرَ دولة في العالم تحارب نفسها كما يحصل في لبنان».

بالأمس، ذاق اللبنانيون مرارة يوم جديد من الأزمة التي تعصف بهم، والدولار يطرق باب الـ10 آلاف ليرة. واما السلطة فما زالت على رهانها بأنّ الدولار سينخفض، وتتحدث عن «السوق السوداء» كأمر واقع مسلّم به، وكقوة جبارة غير قابلة للإقفال او الاحتواء، ومن دون ان تحرّك اجهزتها المالية والامنية والعسكرية لردعها. علماً انّ تسعير الدولار في «السوق السوداء» بالشكل الذي يحصل فيه والقفزات من 1000 الى 2000 ليرة في اليوم الواحد، تنذر بأنّه لن يطول الوقت حتى يصل سعره الى سقوف خيالية.

الشيطان الاخرس

حاولت «الجمهورية» ان تستفسر عمّا اذا كانت السلطة ستبقى في موقع الشيطان الاخرس الساكت على جريمة ضرب العملة الوطنية، ام انّها ستبادر الى اجراء ما يمنع الجريمة المتمادية بحق لبنان، فجاء الجواب من وزارة الداخلية، «بأنّ التحكّم بالسوق السوداء أمر صعب جداً، ذلك انّ شرائح واسعة من الناس تشارك في لعبة الدولار، تُضاف الى ذلك «غروبات الواتساب» التي تسعّر الدولار كما تشاء، بالتوازي مع عملية خطيرة تتبدّى في بعض «التطبيقات الالكترونية»، او «الابليكايشن» ومصدرها بغالبيتها من خارج لبنان، تقوم بالتلاعب المنظّم والمدروس بالدولار، وتخفيض قيمة الليرة اللبنانية، وهذا الامر قيد المتابعة»

اما جواب السرايا، فجاء عبر مصادرها لـ»الجمهورية»، ويفيد بعدم القدرة على مواجهة السوق السوداء، وحتى الآن لا يوجد في يد الحكومة اي اجراء لردعها، وخصوصاً انّ كل الناس دخلت في لعبة الصيرفة، وهذا تلمسه في كل المجالات.

اضافت المصادر: «اننا نعوّل على السلّة الغذائية والاستهلاكية المدعومة، والتي ستخلق مع بدء سريانها الذي اصبح وشيكاً جداً، واقعاً جديداً يخفف الطلب على الدولار، ويخفّض الاسعار، ونحن ما زلنا على يقين بأنّ الدولار سيشهد انخفاضاً كبيراً في الفترة المقبلة، وتقديراتنا انّه سينخفض الى ما دون الـ5 آلاف ليرة. وكل المؤسسات المالية والاقتصادية تؤكّد انّ سعر الدولار ليس هو الطبيعي المتداول في السوق السوداء، بل هو سعر سياسي، المقصود منه ليس انهيار الليرة فقط، انما انهيار الحكومة، وهذا ما لن يحصل».

ماذا بعد الكويت؟

الى ذلك، ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ النتائج التي ترتبت على طرق الباب الكويتي سعياً لمساعدات مالية وعينيّة، لم تكن مرضية للجانب الحكومي.

وقالت مصادر ديبلوماسية معنية بالشأن الكويتي لـ«الجمهورية»: «الكويت لم تشرْ لا من قريب أو بعيد الى إمكان تقديم هبات او ودائع مالية للبنان. بعض اللبنانيّين استعجلوا بهذه الفرضيات التي لا نعتبرها بريئة، بل انّ الكويت وانطلاقاً من حرصها على استقرار لبنان، وما تكنّه من عواطف اخوّة للبنان، راغبة في مد اليد العون للبنان، ومحادثات اللواء عباس ابراهيم مع المسؤولين الكويتيين تناولت كلّ الابواب التي يمكن للكويت ان تساعد فيها، وخصوصاً في مجال المشتقات النفطية، وقد تلقّى وعداً بالاستجابة الى ما يطالب به لبنان، وهذا الامر بطبيعة الحال يتطلب متابعة وبعض الدراسة، كما يتطلب في الوقت نفسه ان تبادر الحكومة اللبنانية الى اجراء اصلاحات تخفف من خلالها وطأة الازمة على لبنان».

ولم تستبعد المصادر حصول تواصل جديد بين الكويت ولبنان في فترة لاحقة، وقالت: «الايام القليلة المقبلة ستشهد تدفقاً للسياح الكويتيين الى لبنان، وهو ما ابلغه السفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي الى رئيس مجلس النواب نبيه بري في زيارته الاخيرة له في عين التينة».

بري: الانفتاح العربي

وكان اللواء ابراهيم قد وضع الرئيس بري في اجواء محادثاته في الكويت. وقالت مصادر عين التينة لـ»الجمهورية»، انّ الاجواء التي نقلها اللواء ابراهيم ايجابية ومشجعة، وعكست حرصاً كويتياً اكيداً على لبنان.

ورداً على سؤال قالت المصادر، انّ رئيس المجلس يرى انّ من الضروري جداً ان تتكثف حركة الاتصالات والرسل في اتجاه الاشقاء العرب، وهو حتى الآن ما زال مؤملاً في انّه لا بدّ من ان يكون هناك انفتاح عربي.

ابراهيم والبخاري

وكانت لافتة للانتباه امس، زيارة قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، في دارته في اليرزة. وتأتي هذه الزيارة غداة عودة اللواء ابراهيم من زيارة الى الكويت، مرتبطة بتقديم مساعدات للبنان في محنته الراهنة.

وبعد اللقاء، قال ابراهيم: «الزيارة من دون هدف، والسفير شَرّفني ودعاني للعشاء، وأنا أشعر أنني في منزلي، والإنشغالات أبعدتنا قليلاً وسبق أن زارنا السفير بخاري في منزلي، ونعتبر السعودية المفتاح للدول العربية ولسنا ساعين للاصطفاف في أيّ مكان، والسعودية هي الشقيق الأكبر للبنان».

واعتبر أنه «لا أحد يحاصر الحكومة وهي تعمل ومستمرة في العمل والناس تحكم على النتائج، وأخبرتُ السفير السعودي بما نقوم به، ولا شيء يمنع أن تكون البداية والنهاية في السعودية». وقال: «الأجواء إيجابية جداً، ونحن نبحث عن مساحات مشتركة تعود بالفائدة على الدول التي نزورها وعلى لبنان، وأنا لا أطلب ودائع، وهناك تكامل إقتصادي عربي يجب أن يستفيد منه لبنان كما الدول العربية».

كلمة من الاميركيين

في السياق ذاته، قالت مصادر وزارية قريبة من رئيس الحكومة لـ»الجمهورية»، انّ الحكومة راغبة في الانفتاح على كل الاشقاء العرب، وهي مقتنعة ومدركة تمام الادراك انّ الاشقاء لن يتركوا لبنان.

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الحكومة تأمل في ان تلقى مبادرات سريعة من الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص، تخفف من وطأة الازمة، قالت المصادر: «يجب ان نعترف انّ كل ذلك متوقف على كلمة واحدة من الاميركيين، وهذا الامر لم يحصل حتى الآن».

الصندوق»: وقف التحويلات

مالياً، علمت «الجمهورية» انّ لجنة المال والموازنة بصدد عقد جلسات مكثفة حول موضوع «الكابيتال كونترول»، وذلك بعد تلقيها الملاحظات المكتوبة التي طلبتها في اجتماعها الاخير، من وزارة المالية، ومصرف لبنان وجمعية المصارف. وذلك ليصار الى صياغة جديدة لاقتراح قانون «الكابيتال كونترول»، وفق الملاحظات التي قدّمها صندوق النقد الدولي، وتمّ توزيعها على النواب في الجلسة.

وقالت مصادر اللجنة لـ«الجمهورية»، انّ صياغة الاقتراح لن تأخذ وقتاً طويلاً، فيما لو استجابت الجهات الثلاث وقدّمت ملاحظاتها في وقت سريع. وخصوصاً انّ الاقتراح القديم قد تمّ سحبه من الجلسة التشريعية لمجلس النواب، واحيل الى لجنة المال والموازنة، بعدما تبيّن انّه بالصيغة التي كان عليها غير قابل للإقرار، وبعدما اشار صندوق النقد الى انّ لديه سلسلة ملاحظات ينبغي ان تؤخذ في الاعتبار لكي يحقق الاقتراح الغاية المرجوة منه.

وعلمت «الجمهورية»، انّ ملاحظات صندوق النقد تركّز على مسائل اساسية يرى الصندوق ضرورة ان يلحظها اقتراح القانون، حيث تلحظ ملاحظاته المساواة في التحويلات، وعدم التمييز بين المودعين. ووفقاً لملاحظاته يؤكّد الصندوق ضرورة «الكابيتال كونترول» لأنّه ان تمّ الاتفاق على برناج مع لبنان، وتلقّى قروضاً من صندوق النقد، فإنّ الصندوق يشدّد على ان تُستعمل هذه القروض في داخل لبنان، اي ان تذهب الى اهدافها المحدّدة لها، وليس ان تتوفّر سيولة عبر هذه القروض، وتصل الى المصارف التي قد تقوم بتهريبها الى عملائها المميزين من سياسيين وغير سياسيين الى خارج لبنان. ومن هنا اصرار الصندوق على وقف التحويلات الى الخارج.

فضيحة المفاوضات

بدأت مسألة المفاوضات مع صندوق النقد تتحول فضيحة إضافية تُضاف الى لائحة الفضائح التي تشوّه سمعة البلد، وتُنفّر المجتمع الدولي منه. وتتمثل الفضيحة الجديدة بالشلل الذي يصيب التفاوض مع الصندوق، والمراوحة حول نقطة واحدة: توحيد ارقام الخسائر وتوزيعها على الدولة والقطاعات. وحول هذه النقطة لا تزال الامور جامدة، وكأنّ الحكومة لم تعقد 17 اجتماعاً حتى الآن مع المفاوضين في الصندوق.

هذا الكلام ليس من باب التحليل، بل يؤكده مسؤول سابق في صندوق النقد، يعرف خفايا المفاوضات التي تجري بين الدول والصندوق.

وكشف هذا المسؤول لـ»الجمهورية» انه «لو توحّدت السلطات، من مجلس نواب وجمعية المصارف ومصرف لبنان، حول الارقام الواردة في خطة الحكومة لكان لبنان قد توصّل منذ فترة الى برنامج إنقاذ مع صندوق النقد الدولي «لأنّ المفاوضات لا تحتاج الى تلك الفترة الطويلة ولم يكن يجب ان تبقى قائمة لغاية اليوم».

ونصح الحكومة اللبنانية بنقل الكرة من ملعب الخلافات اللبنانية الداخلية حول الارقام والخسائر، ورَميها في ملعب صندوق النقد الدولي الذي يملك كافة الارقام وكافة التقديرات، عبر الطلب من الصندوق اقتراح البرنامج الذي يعتبره مناسباً وشاملاً لكل القطاعات، على أن تكون الحكومة مستعدّة لدعمه.

وفي السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة على اجواء صندوق النقد الدولي لـ«الجمهورية» انّ موضوع الارقام مهم جداً، والأهم هو ان تأتي الارقام منطقية وموضوعية لا تكبر حجم الخسائر ولا تقللها، وهذا ما يطلبه الصندوق.

وعكست المصادر انتقاداً من الصندوق لأداء السلطة اللبنانية، وخشية من ان يكون الاستغراق في الارقام والخلاف حولها، فيه نوع من القنابل الدخانية للتغطية على المشكلة الحقيقية التي هي عدم إجراء الاصلاحات، التي تؤخر الاتفاق مع صندوق النقد حول برنامج لمساعدة لبنان، ويجب ان تعلم الحكومة اللبنانية أن لا مجال لدفع أيّ قرش من الصندوق طالما انّ الاصلاحات المطلوبة لم تنفذ.

طار الحاضر والمستقبل

الى ذلك، قالت مصادر الهيئات الاقتصادية لـ«الجمهورية» انّ الوضع بات يُنذر بخطر كبير، وكل القطاعات الاقتصادية في حالة شبه انهيار، ما يعني انّ المستقبل غير مطمئن على الاطلاق، خصوصاً انّ آلاف المؤسسات والقطاعات أقفلت او هي على طريق الاقفال، ما يعني عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل.

وبحسب المصادر فإنّ لبنان مهدد بالكامل، وعلى السلطة أن تدرك انه لا يستطيع ان يُكمل بهذه الطريقة التي تدمّر حاضره ومستقبله. وبالتالي، فإنّ المطلوب اجراءات إنقاذية سريعة، توقِف الانهيار الذي يهدد كل شيء.

يتقاطع ذلك مع تحذيرات الخبراء الاقتصاديين والماليين من انّ الحلول الترقيعية لا تفيد لبنان ابداً، إذ انّ أقصى ما يمكن ان ينتج عنها هو بعض التسكين للوجع، فلا يوجد أي حل لا بِسلّة ولا بغير سَلة، وإجراءات السلطة كلها لم تكن بمستوى الازمة، فلبنان يعاني العجز في كل شيء: عجز في ميزان المدفوعات، عجز في الخزينة وعجز في الموازنة. والانهيار المالي كبير جداً، ما يعني الهريان الكامل، وانّ الحل الوحيد يبدأ في حالة وحيدة وهي ان تهبط علينا المليارات، وعندما يفرج القرار السياسي عن الاصلاحات التي يطالب فيها العالم بأسره، وكما هو واضح انّ كلا الأمرين صعب جداً إن لم يكن مستحيلاً.

إقتدوا بقبرص

كهربائيّاً، البلد يصارع العتمة الناجمة عن هريان القطاع الكهربائي، وتَسلّط عصابات الفيول وسرقة المحروقات التي تتصدّرها فضيحة «محميّات لصوص المازوت»، حيث اعترف الوزير المعني، وعلى الهواء مباشرة، انّ المازوت تبخّر، ولكن الى أين ومن أخذه؟ لا جواب، ولا أي إجراء رادع تُبادر اليه السلطة.

وعلى مسافة كيلومترات بحراً من لبنان تقع قبرص التي قدمت بحق القيّمين على قطاع الكهرباء منذ سنوات طويلة، شهادة إثبات بطريقة غير مباشرة، على كيفية ادارة القطاع الكهربائي والعقلية الفاشلة التي حًكمته وتسببت بخسارة مليارات الدولارات.

وقال معنيّون بالقطاع الكهربائي لـ«الجمهورية»: وَضعنا الكهربائي من سيئ الى أسوأ، ومنذ ما يزيد على 10 سنوات، يُحكى عن محطات تغويز بدل الفيول، وبطرق مريبة جرى الاصرار على بواخر الكهرباء التي تعمل بالفيول، وبكلفة يتكبّدها لبنان بمئات ملايين الدولارات سنوياً، ولم تنفع المطالبات الحثيثة من كل جانب بالانتقال الى الغاز وصَرف النظر عن هذه البواخر، التي لم تبدّل في واقع الحال الكهربائي شيئاً، بل بالعكس زادته سوءاً لِما تستبطنه من صفقات.

وأشار هؤلاء الى انّ قبرص، وهي دولة جارة للبنان، تعرف مصلحتها، حيث اتخذت قراراً واشترت محطة تغويز نقالة، مثل البواخر التي يستأجرها لبنان، وقامت بتركيبها قبل ايام، وبكلفة 268 مليون يورو، أي ما يقارب 320 مليون دولار، وهو مبلغ يساوي اقل من نصف ما يدفعه لبنان إيجاراً لبواخر الفيول.

وأشارت المصادر الى انّ الصندوق، وحتى الآن، لم يقفل الباب امام لبنان، بل هو يلجأ الى مساعدة الجانب اللبناني وإرشاده الى ابواب الحلول، وأولها الاصلاحات، وآخرها الخطة التي قدمتها الحكومة، التي لا يرى الصندوق انها تتمتع بالقوة الانقاذية للأزمة، ومن هنا جاء الكلام الاخير لممثل صندوق النقد حينما دعا الى الاتفاق بين اللبنانيين على ارقام الخسائر، وأعلن جهوزية الصندوق لتحسين الخطة، والمشكلة انّ الجانب تعامل مع الشق المتعلق بالارقام، وتجاهَل الشق الاساس في كلام ممثل الصندوق عن استعداد لتحسين الخطة، فهذا معناه انّ الخطة المقدمة من الحكومة ليست صالحة للاتفاق على برنامج مساعدات للبنان على أساسها.

عصابة الفيول

يأتي ذلك، بالتوازي مع فضيحة كبرى كشفتها التحقيقات بأنّ اكثر من عصابة تستفيد من الفيول وبمبالغ خيالية. وبحسب ما كشفته مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» فإنّ المعنيين بالفيول قد حدّدوا بطريقة عجيبة غريبة مواصفات الفيول المستورد الى لبنان، وهي ليست متوفّرة دولياً، ففي العالم تنتج المصافي امّا 1 % كبريت أو 3 % كبريت، أمّا مواصفات الفيول الذي يُورّد الى لبنان فهو 2 %. وللوصول الى الـ2 % هذا يفرض عليهم ان يعدّوا ما يمكن وصفها بـ»الخلطة الخاصة». فيشترون نفايات المصافي من الفيول بأسعار رخيصة، ثم يقومون بخلطها في مكان ما في البحر، ومن ثم تنقل الى لبنان، وهم على هذا المنوال منذ سنوات طويلة، ما يعني لصوصية سرقت مئات ملايين الدولارات من لبنان.

عون والراعي

سياسيّاً، برزت أمس زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى القصر الجمهوري ولقاؤه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وقال الراعي: «الحياد يعني أن نلتزم القضايا العربية المشتركة من دون الدخول في صراعات سياسية وعسكرية أو الدخول في أحلاف، إنما أن نكون المدافع الاول عن العدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية كما الدولية مع استثناء إسرائيل».

أضاف: «الحياد يعني دولة قوية وجيشاً قوياً ولا إشكال بهذا الموضوع مع فخامة الرئيس، وهو كان من أول المُنادين به».

وأوضح الراعي «أنّ بكركي لا تسير لا مع معارضة ولا مع موالاة، فإنْ مَشينا مع أحد الاطراف سنخسر كلمتنا الحرة». وقال: «أوضحتُ للرئيس عون أنني أعني الجميع في موضوع حصار الشرعية، ومنهم اولئك الذين يقاطعون الرئاسة».

وفي المعلومات انّ البطريرك أوضح لرئيس الجمهورية انّ فكرة الحياد لا تستهدف أي طرف إنما تحييد لبنان عن الصراعات، فيما أكد الرئيس عون للبطريرك «انّ التوافق بين المكوّنات اللبنانية هو الاساس لأيّ خيار يتناول الواقع اللبناني»، واعتبر «أنّ الوفاق الوطني هو الضمانة الاساسية لأي حل للازمة اللبنانية».

«الجبهة المدنية الوطنية»

الى ذلك، وتحت عنوان «الثورة مستمرة»، تلاقى عدد من ناشطي ثورة 17 تشرين ومجموعاتها وقادة الرأي من أكاديميين وقضاة وسفراء سابقين وضباط متقاعدين، وأطلقوا «الجبهة المدنية الوطنية» إطاراً وطنياً جامعاً لتنسيق العمل وتوحيد الجهود للوصول إلى تحقيق مطالب الثورة.

وتمّ وضع وثيقة تأسيسية شدّدت على عدد من الثوابت: تشكيل حكومة مستقلة ذات صلاحيات إستثنائية تضطلع بالمهام التالية:

– وضع خطة اقتصادية إنقاذية قابلة للحياة.

– تنفيذ الاصلاحات الهيكلية المطلوبة لبرنامج الإنقاذ الاقتصادي.

– تنظيم انتخابات نيابية مبكرة حرة ونزيهة، مع إقرار نظام انتخابي يحقق عدالة التمثيل.

– بناء قضاء مستقل.

– التشبّث بالسيادة اللبنانية، وتثبيت مسار الدولة المدنية، وبناء اقتصاد وطني منتج ومستدام في خدمة المواطن.

وعقدت خلوة للمشاركين لمناقشة آليّات المتابعة. حيث ستعمل الجبهة على تكريس مطالب الثورة انطلاقاً من روحية ما نادى به الشعب في 17 تشرين الأول 2019، وتضع في رأس أولوياتها اتّخاذ التدابير التي تكرّس استقلالية القضاء وإقرار نظام للحماية الاجتماعية الشاملة.

ADVERTISING

Ads by Teads

*****************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

الكويت تحث لبنان على «النأي بالنفس» لتطبيع علاقاته مع الدول العربية

بيروت: محمد شقير

ما إن أعاد رئيس الحكومة حسان دياب تواصله مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد أن اتهمها بالتدخل في الشؤون الداخلية، من دون أن ينسحب على من اتهمهم من السفراء العرب بالتهمة نفسها من دون أن يسميهم، حتى أقحم نفسه في مشكلة جديدة باتهامه شخصية حزبية مجهولة الهوية والانتماء، بتحريض دول عربية لمنع مساعدتها للبنان.

ومع أن الرئيس تجنب في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إقران اتهامه بالأدلة والبراهين لتثبيت ضلوع تلك الشخصية في «الخيانة الوطنية» كما نقلت عنه وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، فإن مصادر في المعارضة سألت عن الدوافع التي أملت عليه تكرار توجيهه الاتهامات لخصومه، وهذه المرة بالتلازم مع عودة الموفد الرئاسي إلى الكويت، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وفي معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط» فإن إبراهيم أجرى محادثات مع كبار المسؤولين في دولة الكويت باستثناء أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي كان يُفترض أن يستقبله لتسليمه الرسالة التي حملها إليه من رئيس الجمهورية ميشال عون.

وبحسب المعلومات فقد أبدت الكويت استعدادها لإرسال مساعدات عينية للبنان، من أدوية ومستلزمات طبية ومواد غذائية، ووعدت بأن يدرس مجلس الوزراء الكويتي طلب لبنان تزويده بالمشتقات النفطية، استناداً إلى الاتفاقية المعقودة بين البلدين، والتي ينتهي مفعولها في نهاية العام الحالي، على أن يصار إلى تمديدها لسنة أو سنتين، مع تمني لبنان تقديم تسهيلات لتسديد فاتورة الاستيراد، نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها. ولفتت مصادر مواكبة للأجواء التي سادت محادثات اللواء إبراهيم في الكويت، إلى أنها تطرقت إلى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية التي تمر حالياً بحالة من الفتور، وقالت إن المسؤولين في الكويت رأوا أن مهمة تطبيع العلاقات اللبنانية – العربية تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، شرط أن تلتزم سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الدائرة في المنطقة، وألا تقحم نفسها في التجاذبات الإقليمية والدولية، وألا تسمح باستخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات ومنصة لتوجيه الاتهامات إلى عدد من الدول العربية، في إشارة مباشرة إلى «حزب الله».

واعتبرت المصادر نفسها أن رئيس الحكومة ليس مضطراً لاتهام شخصية حزبية بتحريض بعض الدول العربية لقطع الطريق على مساعدة لبنان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه كان في غنى عن توجيه مثل هذه الاتهامات التي يراد منها صرف الأنظار عن إخفاق الحكومة في توفير الحد الأدنى من الحلول لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي، ورأت أن هناك جهات لا تنتمي إلى المعارضة أبدت استغرابها لما نُسب إلى دياب في جلسة مجلس الوزراء. ونقلت عن قطب نيابي بارز قوله إن دياب أخطأ في التوقيت، وألا مبرر لهذه الاتهامات التي لا تخدم معاودة الانفتاح على الدول العربية؛ خصوصاً أنه لم يقرن أقواله ببراهين ملموسة.

وفي هذا السياق قال مصدر دبلوماسي عربي بارز في بيروت، فضل عدم الكشف عن اسمه، بأنه لا يصدق أن يعاود الرئيس دياب توزيع اتهاماته غامزاً في قنوات بعض الدول العربية، وعزا السبب إلى أنه لا يعقل لرئيس حكومة لبنان أن يتهم شخصية حزبية لبنانية بمواصلة التحريض على حكومته، وسأل: «من قال له بأن الدول العربية أو تلك التي يشير إليها مواربة تتلقى أوامرها وتوجيهاتها من بيروت وتلتزم بما يملى عليها؛ خصوصاً أن ما ينسب لدياب يشكل إساءة لعلاقات لبنان العربية التي تحرص على استقراره وعودته للانضمام ضمن المجموعة العربية؟». وتمنى المصدر الدبلوماسي على دياب أن يبادر إلى تصويب موقفه؛ لأن ما نقل عنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة، والدول العربية صاحبة قرار سيادي، وبالتالي عليه الاعتذار من هذه الدول كما اعتذر سابقاً من السفيرة الأميركية.

وقال المصدر إن بعض الدول العربية ليست مسؤولة عن تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعن ترحيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية، وإلحاق لبنان بهذا المحور أو ذاك، وإعاقة الإفادة من مؤتمر «سيدر» للنهوض بلبنان من أزماته المالية والاقتصادية، إضافة إلى جر لبنان لاشتباك سياسي مع المجتمع الدولي لا مبرر له، وكان يمكن الإفادة من دعمه.

*****************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

واشنطن لن تتراجع… والسلطة تقرّ وتعترف: السعودية مفتاح العرب

“الحياد وتحرير الشرعية”… ماذا تنتظر فخامة الرئيس؟

كل “بالونات” السلطة “نفّست”، الواحد تلو الآخر… من حكومة التكنوقراط المزعومة التي سرعان ما اتضح أنها مجرد بالون منفوخ بأنفاس قوى 8 آذار، إلى محاولات التذاكي والتحايل على صندوق النقد والمجتمع الدولي، مروراً بسلسلة من بالونات الاختبار التي أطلقها رعاة حكومة حسان دياب ولم تكد أن تطوف في الأجواء حتى عادت لتصطدم بأرض الواقع، حيث فشل استدراج العروض لاستبدال حكومة دياب مقابل فك الحصار المالي عن البلد، وتقهقر الرهان على “الاتجاه شرقاً” بعد سلسلة من الخطوات المتعثرة على طول الطريق المؤدي إلى العراق والصين ولم يبق من محطاته سوى وعد “النفط الإيراني بالليرة” الذي يعلم مطلقوه قبل غيرهم أنه غير قابل للحياة تحت قيد العقوبات على طهران، وصولاً أخيراً إلى فقدان الطبقة الحاكمة الأمل بإمكانية فتح كوة في جدار الموقف العربي تتيح ضخ بعض الودائع في الخزينة خارج إطار الرضى السعودي… كل الطرق الالتفافية على الإصلاح والنأي بلبنان عن مصلحته العربية بلغت آفاقاً مسدودة وبلغ البلد معها القعر بأدنى مستوياته الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحيوية، إلى أن جاء نداء “الحياد وتحرير الشرعية” ليشكل منفذاً مضيئاً وحيداً يلوح في نهاية النفق المظلم الذي يمرّ به اللبنانيون في ظل ما لاقاه من قابلية للاحتضان الداخلي والعربي والدولي… فماذا تنتظر فخامة الرئيس؟ إن لم يكن لإنقاذ البلد فأقله لإنقاذ العهد!

بعيداً من المناورة والمكابرة، المشكلة باتت واضحة والإصبع أضحى على الجرح الذي استنزف لبنان على مرّ سنوات وسنوات من سياسات الفساد وتعطيل الدولة وتكبيل مؤسساتها واستعداء العرب والغرب حتى وصل اللبنانيون إلى ما وصلوا إليه من فقر وبطالة وعزلة. ولم تكن مصادفة أن يلقى نداء البطريرك الماروني بشارة الراعي كل هذا التجاوب الداخلي والخارجي باعتباره يختزن تعطشاً مزمناً لاستعادة هوية الكيان اللبناني وإعادة ترميم هيكله المتداعي بعدما أوصلته الطبقة الحاكمة إلى درك الانهيار والاندثار. وأمس مع زيارة البطريرك قصر بعبدا متأبطاً عظة “الحياد” وما تعنيه من الحاجة إلى “دولة قوية قادرة على حماية نفسها بنفسها إذا ما اعتدى أحد عليها”، تكون شعلة الحياد وبسط سلطة الشرعية قد أصبحت في عهدة رئيس الجمهورية ميشال عون، فإما يحتضنها ويزيدها توهجاً، أو يتجاهلها ويطمس وهجها، سيّما وأنّ الراعي كان واضحاً في قوله لعون: “أنت الرئيس فامسك بالجميع، ليس من المسموح لهذه الفئة وتلك ألا يهمها من لبنان إلا مصالحها، وأعني بذلك الجميع، وأقصد سيادة القرار الحر وشرعية الدولة حيث لا يفتح كل أحد شرعيته على حسابه (…) “ما بيقيمنا إلا الحياد” من الوضع الذي نحن فيه اليوم”.

وإذا كان سقف التوقعات لدى القوى المعارضة ليس مرتفعاً جداً حيال إمكانية “تبدل موقف العهد العوني” إزاء مخارج الأزمة الراهنة، تعتبر مصادرها لـ”نداء الوطن” أنّ “هذا العهد سيبقى محكوماً بسقف تفاهماته مع “حزب الله” ولن يحيد عنها لا في مسألة الحياد والنأي بلبنان عن صراعات المنطقة، ولا في ملف الاستراتيجية الدفاعية الكفيلة بحصر السلاح بيد الدولة”، مرجحةً في ضوء ذلك أن تستمر محاولات “الالتفاف على مطلب الحياد وتحرير الشرعية عبر عدة أساليب ومبادرات تتخذ شكل ركوب موجة هذا المطلب بهدف تفريغه من جوهره”. وكشفت في هذا الإطار أنّ “السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا يعتزم زيارة الديمان في محاولة للنأي بإيران عن سهام المطالبة بحياد لبنان، في وقت سيغتنم رئيس الحكومة صورة لقائه الراعي نهاية الأسبوع بهدف تعويم حكومته على خشبة الحياد، فيما يعلم الجميع أنّ طهران وحكومة دياب هما المعنيان الأساسيان بالدعوة الحيادية لكونهما يتحملان المسؤولية المباشرة عن فرض العزلة العربية والدولية على اللبنانيين”.

وإذ برزت خلال الساعات الأخيرة زيارة للسفير السعودي وليد البخاري هي الثانية له إلى الصرح البطريركي هذا الشهر، استرعت الانتباه على الضفة المقابلة زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مساءً إلى دارة البخاري في اليزرة وتأكيده إثر اللقاء على أنّ “السعودية هي مفتاح الدول العربية وننظر إليها بوصفها الشقيق الأكبر”. وهو ما رأت فيه مصادر مواكبة للمساعي الرئاسية إلى إعادة فتح قنوات تواصل عربية مع لبنان، أنه بمثابة “تسليم من السلطة بالأمر الواقع وإقرار صريح بأنّ هذه المساعي لن تجد آذاناً صاغية في أي بلد عربي طالما بقيت الرياض على موقفها من الطبقة الحاكمة في لبنان وطالما بقي “حزب الله” على موقفه في استعداء السعودية ودعم الهجمات الحوثية عليها”.

وإذ توجهت إلى كل المراهنين على محاولات إحداث شرخ في الموقف العربي عبر زيارات ولقاءات جانبية سواءً مع دول الخليج أو مع دول عربية أخرى كمصر والعراق بالقول: “الجواب على نتائج زيارة الكويت أتتكم على لسان الموفد الرئاسي نفسه بتأكيده على أنّ مفتاح الربط والحل العربي هو بيد السعودية”، كذلك كان الجواب واضحاً إلى الممانعين المراهنين على تغيّر في الموقف الأميركي والمروّجين لتبدلات في سياسة البيت الأبيض إزاء الوضع اللبناني، سواءً عبر التقرير الأميركي الذي أعدته قناة “الحرة” أمس ونقلت فيه إجماعاً أميركياً على أن “لا تغيير في السياسة الأميركية تجاه لبنان” رداً على ما تردد من معلومات في بيروت عن “تليين” في موقف واشنطن تجاه “حزب الله”، أو من خلال تشديد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أنّ “رهان الحزب وحلفائه في الحكومة اللبنانية على نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، أمر بعيد عن الواقع، فموقف واشنطن إزاء تقديم المساعدة للبنان لن يتغير حتى لو تغيرت الإدارة”، وأوضح: “عندما تلبي الحكومة اللبنانية مطالب الشعب ولا تخضع لنفوذ “حزب الله”، أنا على ثقة أن دولاً من مختلف أنحاء العالم وصندوق النقد الدولي ستكون مستعدة لتقديم الدعم المالي الذي تريده لتنفيذ خطة إصلاحية، وهذا الأمر سيحصل مع هذه الإدارة أو المقبلة، فموقف الولايات المتحدة واضح جداً ويدعمه الحزبان الجمهوري والديمقراطي”.

*****************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

ربط نزاع أميركي مع حزب الله.. والراعي وضع دعوة الحياد في بعبدا

70 شخصية تطلق «الجبهة المدنية الوطنية».. والكورونا يتفشى جنوباً.. وازدحام مرعب أمام مستشفى الحريري

مَنْ يذر الرماد في عيون مَنْ؟

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بات طرفاً مباشراً في الاشتباك اللبناني، من زاوية «مناجزة» حزب الله السجال، أو القتال «بالحرب الكلامية».

وما قاله أمس، في مؤتمر صحفي، ان رهان حزب الله وحلفائه في الحكومة على نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، أمر غير واقعي، فحتى لو تغيرت الإدارة، فموقف واشنطن إزاء تقديم المساعدة للبنان لن يتغيّر.

وردا على سؤال لقناة «الحرة» في مؤتمره الصحفي، أمس، قال بومبيو إن «الشعب اللبناني لديه مجموعة من المطالب وهي بسيطة وصريحة جدا، لا يريد الفساد يريد حكومة تلبي مطالب الشعب وحكومة لا تخضع لنفوذ منظمة مصنفة إرهابية وهي حزب الله».

وأضاف «الشعب يريد ما تريده كل الشعوب حول العالم ولذلك هو في الشارع يتظاهر ويطالب بذلك. اللبنانيون يريدون نشاطا اقتصاديا عادياً، يريدون جمع الضرائب بشكل عادل، هذا ما يطالب به الشعب اللبناني ويجب أن يواصل المطالبة بذلك».

وأكد بومبيو أنه عندما تظهر الحكومة اللبنانية أنها تقوم بهذا العمل بشكل جيد وصحيح «فأنا على ثقة أن دولا من مختلف أنحاء العالم وصندوق النقد الدولي سيكونون مستعدين لتقديم الدعم المالي الذي تريده الحكومة لتنفيذ خطة إصلاحية يستحقها الشعب اللبناني».

والسؤال: هل هذا ذر رماد أم إشارة، يمكن ان يلتقطها البلد، الذي تحرص طبقته الحاكمة على انه متعثر، وليس مفلساً، للذهاب باتجاه إنجاز الإصلاحات، المتفق عليها دولياً، في مؤتمر «سيدر» أو التي يتطلبها صندوق النقد الدولي للشروع في إجراءات تقديم قروض للبنان، بما لا يقل عن 10 مليارات دولار، لالتقاط انفاسه الاقتصادية.

لكن الثابت ان نزاعاً اميركياً ما يزال مربوطاً مع حزب الله، بصرف النظر عن الإدارة الأميركية الجديدة.

الحياد و«الاكاديمية»

في بعبدا، مسحت تصريحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ما سبقها من رهانات على دور لبكركي، يدخلها طرفاً في الصراعات الداخلية..

غلب على كلام البطريرك، وهو يتحدث بعد لقاء الرئيس ميشال عون عند الخامسة من بعد ظهر أمس، معتبراً ان دعوته «للحياد والتحييد» تتفق مع مشروع رئيس الجمهورية لجعل لبنان مركزاً لاكاديمية «التلاقي والحوار» وهذا لا يصح إذا كان «لبنان غير حيادي»..

وتساءل: «ما معنى الحياد؟ هو لا يعني ان اتنحى جانبا ولا اتعاطى بأي امر. بل المقصود الحياد الإيجابي المفيد والناشط، حيث ان لبنان اذا ما تمتع بنظام حيادي يشبه سويسرا والنمسا وفنلندا والسويد، فهو يلتزم بالقضايا العامة للعالم العربي من دون الدخول في شؤون الصراعات السياسية والعسكرية او في احلاف، لكنه يكون المدافع الأول والمعزز للعدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية والدولية. بالإضافة طبعا اننا نستثني دائما إسرائيل التي بيننا وبينها عداوة. ولبنان يحمل القضية الفلسطينية بكاملها لأنها قضية حقوق للفلسطينيين..

وحول دعوته إلى فك الحصار عن الشرعية والتوجه إلى الأمم المتحدة، أكّد الراعي انه لا يسعى لاحراج رئيس الجمهورية..

وقال: انا اقصد اذا سيادة القرار الحر وشرعية الدولة، حيث لا يفتح كل احد شرعيته على حسابه. وهم كثر وانا لا اعني فئة واحدة. وقد ناشدت الدول الصديقة لكي تكون الى جانبنا لكوننا نعيش ازمة اقتصادية كبرى..

ونفى ان يكون قصد حزب الله بعظته الأخيرة: انا اعني الجميع، وكل واحد ع قده.. داعياً ان يكون الولاء للبنان وليس للحزب أو الزعيم..

وادرجت مصادر مطلعة لـ«اللواء» لقاء الرئيس عون مع البطريرك الراعي في اطار عرض وجهة نظر البطريركية المارونية من موضوع الحياد على ان الحوار بين بكركي وقصر بعبدا كان ضروريا لاجراء تقييم شامل في ما خص الموقف من الحياد. وعبر البطريرك وفق المصادر عن تفاهم مع الرئيس عون على وحدة البلد وعدم الحاق اي ضرر بها.

وقالت المصادر لـ«اللواء» إن البطريرك عرض للرئيس عون طرحه في مسألة الحياد وقال ان الفكرة التي طرحها ليست موجهة ضد اي فريق او طرف لبناني وبالتالي لا تستهدف اي فريق انما الهدف منها تحييد لبنان عن الصراعات.

وافادت ان رئيس الجمهورية اكد ان التوافق بين المكونات اللبنانية هو الأساس لأي خيار يتناول الواقع اللبناني واعتبر ان الوفاق الوطني هو الضمانة لأي حل للأزمة اللبنانية.

وفي سياق المقاربة الرسمية للانفتاح العربي، بحثاً عن مساعدات، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري في اليرزة، حيث تناول العشاء إلى مأدبته.

وبعد اللقاء صرّح اللواء إبراهيم بأن لبنان يتطلع إلى مساحات اقتصادية مشتركة تعود بالنفع علينا، وعلى الدول العربية التي نزورها.

وأكّد إبراهيم ان السعودية هي المفتاح للتعاطي مع الدول العربية، وننظر إلى المملكة على انها الشقيق الأكبر..

في هذا الوقت استمر الأخذ والرد حول مداخلة مدير عام وزارة المال المستقيل آلان بيفاني، الذي تردّد انه متمسك باستقالته، وانه اقترح اسم رئيس دائرة خدمات الخاضعين في مديرية الضريبة على القيمة المضافة روجيه لطفي (حامل دكتوراه من جامعة فرنسية) ليخلفه كمدير عام لوزارة المال.

«الجبهة المدنية الوطنية»

سياسياً، ووسط هذه التداعيات الخطيرة، وطنياً وسياسياً واجتماعياً، أطلق عدد من الناشطين في انتفاضة 17 تشرين، أمس، «الجبهة المدنية الوطنية» التي أكدت في وثيقتها التأسيسية على مجموعة ثوابت «سيادية» وما تعتبره الجبهة برنامجاً لتحقيق ذلك، وفي مقدمة الثوابت قيام حكومة مستقلة، بمواكبة برنامج انقاذ اقتصادي وإقرار إجراء انتخابات نيابية مبكرة، والتمسك بالسيادة الوطنية وتنفيذ إصلاحات بنيوية وقطاعية.

وعلمت «اللواء» أن عدد المشاركين في احتفالية الإطلاق قارب الـ70 مجموعة وناشط مع عدد كبير من قادة الرأي، مع تأكيد الجميع أن الصيغة الوليدة لا تلغي أحداً، بل تحترم البرنامج الخاص بكل مجموعة.

وأبلغت مصادر الجبهة «اللواء» أن «الجبهة ليست صيغة حزبية، بل إطار تنسيقي، وستعمل على توحيد المساعي والخطط والمبادرات لتحقيق أهداف الانتفاضة من جهة، ومن جهة ثانية ملاقاة كل جهد قائم داخلي أو خارجي لإخراج لبنان من أزماته المستفحلة، وملاقاة كل اللبنانيين في بناء دولة ومواطنة تلبي طموحاتهم».

وشددت الوثيقة على «التشبّث بالسيادة اللبنانية بكافة مقوّماتها والعودة إلى كنف الشرعيتين العربية والدولية عبر احترام قرارات الجامعة العربية والأمم المتّحدة، وحصر قرار السلم والحرب في يدّ السلطات اللبنانية، والأمن بالقوات العسكرية الشرعية اللبنانية والنأي بلبنان عن صراعات الاقليم تطبيقًا لإعلان بعبدا الذي أضحى وثيقة دولية، ووضع سياسة خارجية تخدم أولاً وآخراً المصلحة الوطنية العليا».

النفايات

على صعيد النفايات، كشف وزير التنمية الإدارية دميانوس قطار ان هذا الملف سيكون على جدول أعمال اجتماع مشترك اليوم بين مجلس الإنماء والاعمار وعدد من الوزارات لإيجاد حل مستديم..

وعلى صعيد المازوت، تدخل الرئيس عون شخصياً لتوفير هذه المادة لمستشفى الحريري، ليتمكن من استمرار العمل..

٢٥٤٢

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 91 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2542، وافيد عن إصابة 21 شخصاً بالفيروس، من عناصر الصليب الأحمر.

زحمة PCR

إلى ذلك، سُجّل أمس، اكتظاظ وزحمة كثيفة من المواطنين اللبنانيين والرعايا العرب والأجانب، أمام مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت – قسم أخذ عيّنات pcr، حيث شكا الموجودون من عدم اعتماد آلية وقائية، الأمر الذي يشكّل خطراً على المنتظرين لإجراء الفحص.

وناشدوا وزير الصحة ومدير المستشفى الدكتور فراس أبيض، العمل على تسيير أمورهم، واتخاذ إجراءات تنظيمية وقائية تسرع اجراء الفحوص وتجنب المنتظرين خطر الفيروس نتيجة الزحمة الحاصلة.

وأوضح مستشفى الحريري ان الاكتظاظ سببه التقدم لاجراء فحص الـPCR من أجل معاملات السفر، معرباً عن اسفه، واعداً باعتماد آلية مغايرة لما حدث، مثل تحديد عدد الفحوصات اليومية، وتسجيل المواعيد وأسماء المواطنين قبل يوم، بحيث يكون عدد استقبال الأشخاص وعدد الفحوصات ممكناً.

التفشي جنوباً

والبارز، هو تفشي وباء كورونا جنوباً، ففي النبطية أعلنت البلدة الاشتباه بحالة كورونا لوافد سوري.. واتخذت بلدية ميفدون إجراءات بعد إصابة اثنين من أبناء البلدة.

وأعلنت بلدية إركي (قضاء صيدا) وجود اصابتين في البلدة، داعية إلى الحيطة، وأقفلت بلدية حاصبيا مداخل بلدة عين جرفا وعزلتها بعد إصابة 4 أشخاص خالطوا المصابة الوافدة من دولة قطر..

*****************************************

افتتاحية صحيفة الديار

الراعي «يصوّب» في بعبدا تفسير الحياد ويسحبه من بازار الاستثمار السياسي

الحكومة لتوسيع مصادر الدعم… واشارات ايجابية بمفاوضات الصندوق

محمد بلوط

تشهد الساحة اللبنانية بابعادها الداخلية والخارجية ما يمكن وصفه بمراجعة حسابات للعبة «عض الاصابع» الناجمة عن الضغوط التي مارستها وتمارسها الادارة الاميركية وحلفاؤها على لبنان تحت شعار محاربة «حزب الله» ومحاولة تحجيمه.

وتؤكد الوقائع الاخيرة ان هذه اللعبة التي وصلت الى الذروة قبل اسبوع وكادت تؤدي الى مزيد من التصعيد والتفجير تراجعت في الايام الماضية لتأخذ منحى آخر هو بين الهدنة القصيرة ومرحلة اعادة ترتيب الاوراق.

وتعوّل اوساط الحكومة والقوى المشاركة فيها على الحركة الناشطة التي قام بها المسؤولون باتجاه اكثر من دولة سعيا للحصول الى مساعدات او فتح ابواب الدعم والتعاون في مجالات عديدة لا سيما مجال النفط الذي يشكل مادة ضاغطة على لبنان واللبنانيين.

وفي هذا المجال كشف مصدر بارز لـ«الديار» عن ان اجواء التواصل مع العراق ثم الكويت تتميز بالجدية والايجابية، مشيرا الى ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عاد من الكويت بنتائج طيبة ومثمرة تفيد بان المسؤولين الكويتيين وعدوا بمساعدة لبنان، واكدوا «ان الكويت لا ترضى بتركه في مثل هذه الظروف»، لكنهم لم يتطرقوا بالتفصيل الى نوع المساعدة مرددين ان امير دولة الكويت يحب لبنان الذي له مكانة خاصة في قلبه، وانه يجدد تأكيد وقوفه الى جانب هذا البلد العزيز والشقيق.

وقال المصدر ان الحديث مع الكويت يتركز حول امكانية التعاون في مجال النفط وانجاز عقود لشراء الفيول والمواد النفطية بدفع مؤجل لستة اشهر او اكثر.

وجدد المصدر قوله ان نتائج زيارة اللواء ابراهيم ستظهر في وقت لاحق، وان هذا الموضوع سيتابع باشكال عديدة ومنها مع السفير الكويتي في لبنان.

اما في ما يخص التعاون مع العراق كشف المصدر ان هناك تحضيرات متسارعة لمتابعة ما كان بدأه الوفد الوزاري العراقي في زيارته مؤخراً الى بيروت، وان رئيس الحكومة حسان دياب مهتم شخصياً في هذه المتابعة حيث يتوقع ان يزور بغداد في مرحلة لاحقة بعد التمهيد اللازم لهذه الزيارة.

واكد المصدر ان التواصل الذي بدأ مع الصين ليس مجرد محاولة ولا يندرج في اطار بعث الرسائل لاي دولة او جهة، بل هو في اطار سياسة الانفتاح التي بدأتها الحكومة لتوسيع دائرة التعاون مع كافة الدول بعيدا عن سياسة المحاور كما يتراءى للبعض.

اللواء ابراهيم الى مائدة البخاري

وامس وسع اللواء ابراهيم نطاق مهمته وزار مساء السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي استبقاه على مائدة العشاء.

واوضح في تصريح له ان ما نقوم به هو ليس طلب المساعدة بل نتطلع الى مساحات اقتصادية مشتركة تعود بالنفع علينا وعلى الدول العربية التي نزورها.

ورداً على سؤال قال «نعتبر ان السعودية هي المفتاح للتعاطي مع الدول العربية، ولسنا ساعين للاصطفاف في اي مكان، والسعودية هي الشقيق الاكبر».

وقال «لا احد يحاصر الحكومة وهي تعمل ومستمرة في العمل والناس تحكم على النتائج»، مشيراً الى اجواء ايجابية جداً ونحن نبحث عن مساحات مشتركة ترتد بالفائدة على الدول التي نزورها وعلى لبنان، «وانا لا اطلب ودائع وهناك تكامل اقتصادي يجب ان يستفيد منه لبنان كما الدول العربية».

الراعي في بعبدا

وفي الحديث عن سياسة المحاور فان البارز امس زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لبعبدا ولقاؤه الرئيس ميشال عون بعد خطابه الاخير الذي دعا فيه الى حياد لبنان.

وفي هذه الزيارة وضع الراعي النقاط على الحروف حول مضمون وابعاد دعوته خصوصا في ضوء محاولات بعض القوى المعارضة لاستثمار هذا الموقف في اطار معركتها مع العهد والحكومة.

ونفى في تصريح له بعد اللقاء ان يكون هناك اي خلاف بينه وبين الرئيس عون بسبب موضوع الحياد، مذكرا بان رئيس الجمهورية اول المطالبين بالحياد «عندما تقدم بمشروع اكاديمية الانسان للحوار والتلاقي وتم التصويت عليها في الامم المتحدة، والقاعدة لهذا المشروع ان يكون لبنان حيادياً ليتمكن من ان يصبح مكاناً للحوار».

وقال الراعي «ان الحياد يعني ان نلتزم القضايا العربية المشتركة من دون الدخول في صراعات سياسية وعسكرية او الدخول في احلاف، انما نكون المدافع الاول عن العدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية كما الدولية مع استثناء اسرائيل».

واضاف: «الحياد يعني دولة قوية وجيشا قوياً ولا اشكال بهذا الموضوع مع فخامة الرئيس وهو كان اول المنادين به». وان الحياد لا يعني ان اجلس جانباً ولا اتعاطى بشيء وانما الحياد الايجابي والمفيد».

ورأى: ان مشاكلنا كثيرة وما «بيقيمنا اليوم الا الحياد»، مؤكدا ان بكركي لا تسير لا مع معارضة ولا مع موالاة وقال «اوضحت للرئيس عون بانني اعني الجميع في موضوع حصار الشرعية ومنهم اولئك الذين يقاطعون الرئاسة».

وقد وضعت زيارة البطريرك الراعي للرئيس عون في بعبدا خطابه عن حياد لبنان في حجمه وابعدته عن التجاذبات والصراعات السياسية الداخلية، او الرهانات على محاربة العهد واضعافه.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الديار» ان اللقاء بين الرجلين تميز كالعادة بالايجابية والمصارحة، وانه تطرق الى كل المواضيع والقضايا المتعلقة بالتطورات التي تعصف بلبنان. وجرى التأكيد على وجوب تأمين كل العناصر التي تساهم في تجنيب لبنان المزيد من التدهور والانهيار ومساعدته على الخروج من محنته.

وكان بعض المعارضين المتشددين تلقف منذ اللحظة الاولى خطاب البطريرك الماروني حول حياد لبنان مراهنين على تحويله الى اطار لتشكيل جبهة او تكتل سياسي واسع في وجه العهد والحكومة. ونشطت الزيارات باتجاه بكركي ومراجع مسيحية اخرى لاستثمار موقف البطريرك الراعي في الصراع السياسي القائم.

وفي المقابل رأت مصادر سياسية مقربة من الحكومة ان دعوة البطريرك الراعي الى الحياد والنأي بالنفس ليست جديدة او الاولى من نوعها، لا بل ان ما قاله في خطبته الاخيرة سبق وان ردده باشكال وعبارات مشابهة في خطب وعظات سابقة، لكن ربما التوقيت اليوم اخذ هذا المنحى من الاهتمام والتداول، بالاضافة الى المحاولات المقصودة من بعض الجهات لتضخيم الامور وخلق ما يشبه المناخ التناحري بين الدعوة الى الحياد وبين المعارضين لها.

واضافت المصادر ان لبنان يواجه اليوم ازمة اقتصادية ومالية خطيرة ويحتاج الى توفير وتوحيد كل الجهود للتصدي لهذه الازمة.

وبالتالي لا يجوز حرف الانظار عن المشكلة التي نعيشها واثارة مادة خلافية تزيد الوضع ارباكاً وتساهم في اضعاف لبنان.

وحرص مصدر بارز في 8 اذار على عدم التعليق مباشرة حول خطاب البطريرك الراعي عن الحياد، مؤكدا في الوقت نفسه ان لبنان ليس حيادياً في مواجهة اسرائيل التي تحتل ارضنا وتهدد سيادتنا يومياً، وان هذه المواجهة تفترض دعم خيار المقاومة الذي استطاع تحرير الارض ومواجهة العدوان.

المفاوضات مع الصندوق

في هذا الوقع كشف مصدر مطلع لـ«الديار» ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سلكت مسارها مجدداً بعد استئنافها مؤخراً، لكنه اضاف ان المشكلة: هي في الاسراع وحسم توحيد الموقف اللبناني من الارقام والحسابات المتعلقة بخسائر الدولة، عدا عن بلورة رؤية ناجزة ونهائية موحدة لخطة الحكومة الانقاذية.

وقال المصدر ان هذه المفاوضات تحتاج لفترة غير قصيرة للتوصل الى نهاياتها والحصول على الاموال والمساعدات المالية التي يحتاجها لبنان، لذلك فان المنحى الذي سلكته الحكومة مؤخراً بالتوجه نحو التعاون مع الصين والعراق وايران هو منحى ضروري في ظل استمرار الضغوط التي يتعرض لها لبنان من الادارة الاميركية وفي ظل عدم قدرة الاتحاد الاوروبي على ترجمة مواقفه التقليدية الداعمة للبنان.

لكن المصدر نفسه لفت الى اشارات ايجابية ظهرت بعد استئناف المفاوضات مع صندوق النقد منها اعلان المسؤولين في الصندوق استعدادهم على مساعدة لبنان في اقرار وتطبيق الاصلاحات التي يركز عليها الصندوق، وابداء رغبتهم ايضاً في تسريع توحيد الموقف اللبناني حول خطة الحكومة الانقاذية.

ورأى المصدر ان هذه الاشارات الايجابية تشجع على خلق اجواء افضل لجولات المفاوضات المقبلة مع الصندوق، لكننا في نفس الوقت مسؤولون عن انجاز ما علينا من خطوات اصلاحية في اقرب وقت ممكن لان ذلك سيساهم في تقصير فترة انتظار المساعدات من الصندوق.

بومبيو

وجدد وزير الخارجية الاميركي بومبيو القول امس «ان صندوق النقد الدولي سيوفر التمويل اللازم للحكومة اللبنانية، اذا قدمت برنامجاً اصلاحياً».

ازمة الكهرباء

على صعيد آخر لم يطرأ على ازمة التيار الكهربائي اي تحسن يذكر، ووعد وزير الطاقة ريمون غجر بتحسن ملحوظ الاسبوع المقبل.

لكن مصادر مطلعة قالت ان الخروج من هذه الحالة الصعبة يحتاج الى انتظام تزويد لبنان بمادة الفيول من دون معوقات وبالحجم المطلوب، مشككة بحصول ذلك في ظل مشكلة اعاقة او تأخير تنفيذ الاعتمادات.

وقالت المصادر ان هذه الازمة التي باتت تشكل هاجساً يوميا، وعبئاً ثقيلاً على اللبنانيين تحتاج الى جلسة خاصة لمجلس الوزراء من اجل ايجاد حلول آنية وسريعة.

واضافت ان ملف الكهرباء يعتبر المطلب الاول من ملف الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي والدول المانحة.