افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم السبت 25 تموز 2020

 

افتتاحية صحيفة النهار

الخلاف المالي يُسابق التحذير من “حافة الهاوية”

على طريقة “اللّهم إني قد بلّغت”، أنهى وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان يومين حافلين من اللقاءات والتحركات والمواقف اللافتة التي خرق عبرها دوّامة العقم السياسي والرسمي والحكومي الذي يطبق على ادارة أسوأ واخطر أزمة عرفها لبنان في تاريخه. وبمثل ما قدم لزيارته قبل أسبوعين من مجلس الشيوخ الفرنسي ومن ثم استكمل ذلك في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، بدا واضحاً ان لودريان تعمد إنهاء زيارته على صدى تحذيرات إضافية، فأعلن ان “لبنان بات على حافة الهاوية”، مكرراً دعوته لتنفيذ إصلاحات ضرورية لحصول لبنان على دعم مالي خارجي.

وبدا لودريان حاسماً في تصريحاته خلال الزيارة التي تُعد الأولى لمسؤول رفيع المستوى للبنان منذ تشكيل الحكومة الحالية وبدء انتشار وباء كوفيد-19 قبل أشهر. وشدد على ضرورة عدم المماطلة والإسراع في الإصلاحات.

وقال أمس: “هذا البلد بات على حافة الهاوية” إذا لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه”.

وأضاف: “الكلّ يعرف المسار الذي يجب اتخاذه، وهناك وسائل للإنعاش. وفرنسا جاهزة لمرافقتهم شرط أن تتخذ السلطات السياسية القرارات” للسير في طريق الإصلاحات. وخلص إلى أن “هذه طلبات فرنسا، وأعتقد أنها سُمعت”.

وصرح بعدما زار مستشفى رفيق الحريري الحكومي ومدرسة كرمل القديس يوسف في المشرف: “أصل الآن إلى نهاية زيارتي الرسمية للبنان. جئت إلى لبنان حاملاً رسالتين. أولاً، رسالة إلحاح، لأنه يجب قول الأمور كما هي: لبنان اليوم على حافة الهاوية. إذا لم يتم اتخاذ خطوات، فقد يذهب لبنان إلى الهلاك. يعي الجميع ما هي الطريق التي يجب أن يسلكها لبنان. هناك طرق لإعادة إنعاش البلاد. فرنسا مستعدة لدعمها، شرط أن تقرر السلطات السياسية ذلك. رسالة الإلحاح هذه التي عرضتها بالأمس على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، أكررها اليوم. كما أتيت أيضاً لأحمل للشعب اللبناني رسالة تضامن. جئت لأؤكد هذا التضامن مرة أخرى في هذا الصباح. يتجلى هذا التضامن في المساعدة المباشرة للقطاع التربوي اللبناني برمّته، ولا سيما القطاع التربوي الفرنسي والفرنكوفوني، وهو أمر مهم للغاية في لبنان، لأن قوة هذا البلد هي أنه يبعث بالأمل من خلال التعليم والعطش للتعلّم والقدرة على جعل التعليم مصدر غنى. هذه القوة هي التي في رأيي ستحمل لبنان نحو مصير جديد. أعود اليوم مقتنعاً بأنني أوصلت هاتين الرسالتين، مقتنعاً أيضاً بأن الوعي الذي لا بد منه سيتحقّق”.

وأبلغ مسؤول فرنسي رفيع طلب عدم ذك اسمه “وكالة الصحافة الفرنسية” أن “فرنسا لن تُقدم على أي لتزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات”، محذراً من أنه لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة. وحذر من أنه “بدأ يفوت الأوان”.

الملف المالي

في أي حال، بدت تحذيرات وزير الخارجية الفرنسي في محلها تماماً لأنه غادر بيروت على وقع تصاعد التباينات والخلافات مجدداً في شأن الخطة المالية للحكومة والأرقام المالية في الاجتماعات المتعاقبة التي عقدت أول من أمس وأمس في محاولة جديدة للتوافق بين الجهات الرسمية والمصرفية والمالية على هذه الأرقام. وتصاعد الخلاف بقوة خصوصاً بين الحكومة والشركة الاستشارية الدولية “لازار” من جهة وجمعية مصارف لبنان من جهة أخرى في موضوع “الهيركات” الذي يطاول الودائع والسندات، وتتخطى الحكومة و”لازار” موقف المصارف المتحفظ عنه الى حدود التلويح بوقف مشاركتها في الاجتماعات والمفاوضات.

وعقد أمس اجتماع تقني في باريس بين مستشار جمعية المصارف GSA و”لازار”، سبق اجتماعاً بين ممثلين لجمعية المصارف ووزارة المال بعد الظهر ومن ثم اجتماع ثالث عقد عصراً في السرايا برئاسة رئيس الوزراء حسن دياب وضم مندوبين عن جمعية المصارف والوزراء والمستشارين المعنيين بملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

ويبدو ان المصارف حزمت أمرها، كما تؤكد مصادرها، وهي لن تقبل بتاتا بإقتطاع أي نسبة من الودائع، وترى أن مسألة المساس بهذه الودائع هي مسألة حياة أو موت بالنسبة الى القطاع المصرفي. وأوضحت مصادرها ان هذا الموقف ليس مجرد تضامن مع المودعين لكونهم شركاء ومساهمين في المصارف فحسب، بل ينطلق من حرص شديد على القطاع، باعتبار أنه “اذا اقتطعت أي نسبة من الودائع، لن تعود هناك أي ثقة مستقبلية به، ولن تقوم قائمة له”. لذا أكدت أن “هذا الموقف المتشدد هو موقف مبدئي وأخلاقي وقانوني يحميه قانون النقد والتسليف وقانون حماية الملكية الفردية وسمعة وعراقة المصارف اللبنانية. ولهذا هو موقف نهائي للمصارف التي تدرك أن الاقتصاد اللبناني قد يدفع ثمناً كبيراً نتيجة الازمة الحاضرة، لكنها تصر عليه لحماية المستقبل اللبناني عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً الذي لا قيامة لأي اقتصاد مستقبلاً دون عودة الثقة والعافية له.

في غضون ذلك، وبعدما أوردت وكالة “رويترز” بيانات مالية للعام 2018، نالت مصادقة “إي.واي” و”ديلويت” الشهرَ الماضي ولكن مع تحفظات، تشير الى ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضخّم قيمة الأصول مع تنامي الالتزامات، رد سلامة رافضاً أن تكون حسابات المصرف المركزي قد استغِلت لجعلِ مركزِه المالي يبدو أقوى أو لإخفاء خسائر، قائلاً إنها تتماشى مع السياسات المحاسبية التي أقرها مجلسُ إدارتِه، كما هو منصوص عليه في البيانات المالية للعام 2018. وأضاف سلامة أن مصارف مركزية عدة تلجأ إلى ترحيلِ التكاليف لتحقيق أهدافِها، لافتاً الى أن مصرف لبنان اضطر إلى تبني ذلك في ميزانياتٍ أكبر نسبياً ولفتراتٍ زمنية أطول مقارنةً بالمصارف المركزية الأخرى نظراً إلى لظروف الاستثنائية التي مر بها لبنان في معظم فترات السنوات الـ15 الأخيرة. وذكر أن التكاليف المُرحّلة تراكمت على مدى تلك الفترة بسبب تدخل المصرف المركزي لدعم مالية الحكومة، تحت ضغط زياداتِ أجور موظفي القطاع العام والتداعيات الاقتصادية لتدفق اللاجئين السوريين منذ 2011.

قفزات الكورونا

وسط هذه الأجواء، اتخذت أزمة الانتشار الوبائي لفيروس كورونا في لبنان مزيداً من الدلالات الخطيرة، إذ مضت القفزات الكبيرة في عداد الاصابات في تسجيل أعداد قياسية يومية في الاصابات كما في الحالات الحرجة وأيضاً في حالات الوفاة. وبلغ عدد الاصابات أمس 147 بينها 119 حالة محليّة و28 حالة وافدة، وبلغ المجموع التراكمي 2527 إصابة. وسجلت أمس ثلاث وفيات للمرة الاولى في يوم واحد وسجلت أكثرية الاصابات في بيروت وبعبدا والمتن وزحلة.

وقررت لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية اعادة إقفال موقت لفترة أسبوع لعدد من القطاعات ابتداء من 27 تموز الجاري، وهذه القطاعات هي:

الحانات والنوادي الليلية

– المسابح الداخلية.

– الحفلات اليومية التي تقام في الشواطئ والمسابح.

– الحفلات الفنية والسياحية على مختلف أنواعها.

– المسارح وصالات السينما.

– مراكز الألعاب الالكترونية للأطفال وملاهي الأطفال (الداخلية والخارجية).

– الصالات الرياضية.

– الأسواق الشعبيّة.

– المناسبات الدينية والإجتماعية (مجالس عزاء، ذكر، عمادة، حفلات) باستثناء حفلات الأعراس، على أن يتم التشدد التام في التباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية ونسبة إشغال لا تتعدى الـ50 في المئة من القدرة الإستعابية لأماكن إقامتها، على ألا يتجاوز العدد الإجمالي للحاضرين الـ50 في الأماكن المغلقة والـ150 في الأماكن الخارجية.

******************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

حراك سياسي مكتوم لبلورة “تفاهم مرحلي”… وترقّب لكلمة عون في 1 آب

جوّ المفاوضات “مشحون”… وصندوق النقد “في إجازة”!

جان إيف لو دريان غادر لبنان تاركاً وراءه صدى حسرته على بلد ينهار ومسؤولوه لا يقدمون ولا يؤخرون على طريق الإنقاذ. كورونا دخل مرحلة التفشي المجتمعي والإصابات أصبحت بالمئات يومياً وبعض القطاعات إلى الإقفال مجدداً بدءاً من الاثنين. “حزب الله” ركب الطائرة الإيرانية و”لبنَن” مشكلة اعتراضها في الأجواء السورية، “الحياد الإيجابي” يصرّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على تحويله إلى مشروع “مشكل طائفي” بين اللبنانيين بتصديه المباشر لطرح بكركي والمرجعيات الروحية المسيحية على قاعدة أنّ “من حرّر لبنان هو العمل المقاوم وليس الحياد”. جبهة الجنوب تغلي فوق “رماد ساخن” وطبول الحرب تُقرع على إيقاع التهديد برد وشيك من “حزب الله” انتقاماً لاستهداف أحد قادته في سوريا. جيش العدو يرفع استعداداته العسكرية والاستخبارية على الحدود الشمالية محمّلاً الحكومة اللبنانية مسؤولية أي عمل أمني أو عسكري يصدر من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل…

كل ذلك وما زال النقاش حول “جنس ملائكة” الورقة المالية يلف ويدور في حلقات مفرغة لا تنفك تعود دورياً إلى “نقطة الصفر” في سياق متواصل من لعبة استنزاف الوقت والخزينة حتى أصبحت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بحكم “المجمّدة والمهدّدة” وقد جرى ترحيلها إلى أيلول المقبل، بعدما كشفت مصادر مواكبة لقنوات التواصل مع الصندوق لـ”نداء الوطن” أنّه أبلغ الجانب اللبناني تعليق أعماله التفاوضية الشهر المقبل لكون شهر آب هو “شهر إجازة” بالنسبة إليه.

إذاً، الأزمة ستطول والمفاوضات مع صندوق النقد ستبقى معلقة حتى أيلول، في حين “الهوة آخذة بالاتساع أكثر فأكثر بين الحكومة والمصارف” وفق ما أكدت المصادر، مشيرةً إلى أنّ الاجتماعات المالية التي عقدت خلال الساعات الأخيرة “لم تتمكن من تقريب المسافات لا بل كرّست الجوّ المشحون بين الجانبين”، وأضافت: “بدل أن يصار إلى اغتنام فرصة تعليق المفاوضات مع الصندوق الدولي لبلورة تصوّر لبناني موّحد إزاء سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد، يبدو أنّ الأطراف اللبنانية المعنية ماضية في طريق التخاصم والتجاذب حول الأرقام والمقاربات”، وهذا ما ظهر جلياً من خلال الأجواء التي طغت على سلسلة اجتماعات الأمس بين السراي الحكومي ووزارة المال، وصولاً إلى باريس حيث عقد اجتماع تقني بين استشاريي المصارف وآخرين من شركة لازارد.

إذ نقلت مصادر مشاركة في هذه الاجتماعات لـ”نداء الوطن” أنّ “الإشكال لا يزال على حاله” بين فريق الحكومة والاستشاري لازارد من جهة، وبين جمعية المصارف من جهة أخرى، لافتةً إلى أنّ “تغيّب رئيس الجمعية سليم صفير عن الاجتماع الذي عقد مساءً في السراي بحضور الوزراء المعنيين والمستشارين وممثلي المصارف، فُهم منه رسالة تلويح بإمكانية تجميد المشاركة المصرفية في الاجتماعات الوزارية في حال استمر الفريق الحكومي على نهج التشبث بالرأي مقابل تهميش تصوّر جمعية المصارف للحلول”، وأكدت المصادر في هذا الإطار أنّ “المواقف لا تزال للأسف متباعدة بين الجانبين والعمل متواصل لتقريب المسافات غير أنّ الاجتماع الذي عقد (أمس) في وزارة المالية لم يستطع الخروج بنتائج بناءة، خصوصاً في ظل إصرار المصارف على رفضها المطلق اعتماد مبدأ “الهيركات” واعتبارها أنّ الحكومة إنما تريد من خلال ورقتها المالية تحميل مسؤولية فساد الدولة وهدرها إلى المصارف والمودعين”.

وفي الغضون، أفاد مصدر رفيع المستوى شارك في محادثات وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في قصر بعبدا أنه “لمس في سياق مقاربة الوضع اللبناني خلال هذه المحادثات عدم ممانعة فرنسية في اعتماد أي خطوة نوعية بين الأفرقاء السياسيين من شأنها أن تؤدي إلى تسريع وضع إصلاحات “سيدر” موضع التنفيذ”، كاشفاً لـ”نداء الوطن” عن وجود “حراك سياسي مكتوم يجري بعيداً عن الأضواء وفي مختلف الاتجاهات لبلورة تفاهم مرحلي يؤدي إلى تحييد الخلافات الأساسية بأبعادها الإقليمية والدولية، والتركيز على سبل الخروج من الأزمة الوطنية الكبرى التي باتت تشكل تهديداً وجودياً للكيان جراء الانهيار المالي والنقدي والضائقة المعيشية التي ستبلغ ذروتها مطلع أيلول مع بدء استحقاق العام الدراسي الجديد”.

وإذ أشار إلى أنّ آب سيكون “شهراً مفصلياً” ربطاً بعدة استحقاقات مرتقبة فيه، سواءً تلك المتصلة بالخطط المالية والإنقاذية أو تلك المتعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان والنطق بحكمها في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، دعا المصدر إلى “ترقب المواقف السياسية في الفترة الفاصلة عن موعد السابع من آب (موعد صدور الحكم)، ومنها خطاب رئيس الجمهورية في حفل تقليد السيوف للتلامذة المتخرجين من الكلية الحربية لمناسبة عيد الجيش، والذي قد يحمل إشارات أو مبادرات في هذا الاتجاه أو ذاك”.

******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

وزير الخارجية الفرنسي حمل معه “الإنذار الأخير” إلى المسؤولين اللبنانيين

محمد شقير

قالت مصادر وزارية ونيابية إن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، حضر إلى بيروت في مهمة خاصة، حاملاً رسالة إلى أركان الدولة من العيار الثقيل من غير الجائز تجاهلها، وقد جاءت بمثابة إنذار أخير، وفيها تحميلهم مسؤولية التلكؤ في تحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية التي تعد الممر الإلزامي للوصول في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى نتائج ملموسة تدفع باتجاه دعم خطة التعافي المالي لتفادي الأخطار التي تحيط بلبنان.

ولفتت المصادر إلى أن لودريان لم يحط في بيروت لينقل رسالة باسم الحكومة الفرنسية فحسب، وإنما حمل معه رسالة بالنيابة عن المجتمع الدولي ومجموعة أصدقاء لبنان، محذراً من بلوغ لبنان مرحلة الخطر الشديد، وأن لا مساعدات من دون الإسراع في تحقيق الإصلاحات، ووضعها على الطريق الذي يمكنه من الإفادة من الدعم الدولي من خلال صندوق النقد، خصوصاً أن الرهان على مقررات مؤتمر «سيدر»، وتوظيفها لمساعدته للنهوض من أزماته، ليس في محله لأنها ارتبطت كلياً بمصير التفاوض مع الصندوق، وباتت متلازمة معه.

وكشفت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان تحدث مع كبار المسؤولين بلهجة قاسية لم تكن مألوفة من قبل، مستخدماً تعابير فيها كثير من الإنذارات، على خلفية تماديهم في إهدار الفرص التي أُتيحت للبنان لقطع الطريق على تدحرج الانهيارات التي تحاصره، خصوصاً أن الوقت لم يعد يسمح باستمرار تخبط الحكومة وتلكؤها في الاستجابة لدفتر الشروط الذي أعده المجتمع الدولي للسير على طريق الإنقاذ، ولو على مراحل.

ورأت أن عنوان محادثات لودريان مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب، ووزير الخارجية ناصيف حتي، كان محصوراً بأمر عمليات دولية، وفيه: عليكم أن تساعدوا أنفسكم ليكون في مقدورنا مساعدتكم، ولا مجال لترف الوقت والدخول في مهاترات يراد منها تصفية الحسابات لأن لبنان يمر في ظروف قاهرة استثنائية تستدعي من جميع الأطراف والقوى السياسية التكاتف، فبلدكم يقترب من الخطر الشديد، وبشكل غير مسبوق.

وأكدت المصادر أن المواقف التي أعلنها لودريان في ختام لقاءاته خلت من الإشادة بالحكومة والحكم على السواء، وحملت انتقادات لعدم استجابتهما لتطلعات الشعب اللبناني الذي انتفض في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما خص لودريان البطريرك الماروني بشارة الراعي بلقاء استثنائي لتوجيه رسالة من بكركي، تتضمن تأييد دعوته إلى حياد لبنان لأنه لا سيادة من دون هذا الحياد، إضافة إلى أنه ينظر إلى الراعي، كما علمت «الشرق الأوسط»، على أنه من الركائز الأساسية، ليس لتحقيق التوازن ومنع الإخلال به فحسب، وإنما لدور الكنيسة المارونية في إنقاذ لبنان.

ومع أن المصادر نفسها نفت أن يكون لودريان قد تطرق في لقاءاته مع أركان الدولة إلى مطالبة الراعي بحياد لبنان، فإنه ركز على ضرورة النأي بالنفس، وعدم إقحام لبنان في سياسة المحاور أو في التجاذبات التي تشهدها المنطقة لأن تحييده يأتي في سياق دفتر الشروط الدولية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد.

وفي هذا السياق، شدد لودريان على ضرورة مبادرة الحكومة والحكم إلى تصحيح علاقة لبنان بعدد من الدول العربية، وتحديداً تلك التي ساهمت في توفير الدعم لخطة النهوض التي أقرها مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى تشديده على التزام فرنسا بتوفير الدعم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على الاستقرار، وتمكين الدولة من بسط سلطتها على كامل أراضيها.

كما انتقد لودريان التأخر الذي لا تبرير له، والذي بات يعيق تحقيق الإصلاحات في قطاع الكهرباء، معتبراً أن الخطوات التي اتُّخذت حتى الساعة غير مشجّعة، ومشدداً على استقلالية القضاء بصفتها مدخلاً لتحقيق الإصلاح، ومطالباً بالإسراع بإقرار قانون «كابيتال كونترول» لتأمين التحويلات المالية إلى الخارج، إضافة إلى أن بري تمنى عليه توفير الدعم للجامعة اللبنانية، بصفتها جامعة وطنية لكل اللبنانيين.

أما لماذا لم يجتمع لودريان بالقيادات السياسية غير الرسمية، فقد علمت «الشرق الأوسط» أنه جاء إلى بيروت بمهمة خاصة، وبالتالي حرص على ألا يُقحم مهمته في لقاءات يُفهم منها أنه يتولى الوساطة بينها، ما يفتح الباب للمسؤولين بالتذرع، وعدم الاستجابة للإنذار الذي حمله معه، علماً بأن لزيارته مقر مؤسسة «عامل» في الضاحية الجنوبية أكثر من معنى، لجهة أن ليست هناك مناطق مقفلة في وجه أي موفد فرنسي.

******************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

السلطة مستاءة … ولا مساعدات مالية عربية

بالتأكيد انّ البلد، وبعد مغادرة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، سيبقى تحت تأثير ارتدادات هذه المحطة الفرنسية، الى أجل غير مسمّى.

قال لودريان كلمته ومشى، وألقى بيد السلطة الحاكمة جمرة حارقة لكل ما تدّعيه من إنجازات ورقية ووهمية، ومحدّداً لها خيارين؛ إما ان تتجّه، ولو متأخّرة، نحو الإنقاذ، ومعبره الإلزامي الشروع بإصلاحات جدّية، وإما ان تبقى ثابتة على ادائها ومراوحتها في مربّع العجز والتخبّط والإرباك والمكابرة، وبذلك تمنح البلد، عن سابق تصور وتصميم وإصرار، تأشيرة الدخول الى الهلاك الحتمي.

ولأنّ التجربة مع هذه السلطة، منذ تربّعها على عرش القرار ليست مشجعة، فإنّ الخيار الثاني، هو الأكثر ترجيحاً، وخصوصاً انّ التحذيرات التي اطلقها لودريان، والجدّية التي اظهرها، في معرض اعرابه عن القلق الفرنسي على لبنان، لم تلقَ آذاناً صاغية من جانب هذه السلطة، التي قابلت قلق الوزير الفرنسي، بالهروب الى الامام، عبر التأكيد انّها خارج قفص الاتهام، وانّها في فترة قياسية، تمكنت من الوفاء بسلسلة طويلة من الإصلاحات، تُضاف الى الوفاء بكل ما وعدت به الحكومة في بيانها الوزاري، وصولاً الى التعيينات المالية، وكذلك تعيين اعضاء مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان، الذي اعتبره الوزير الفرنسي، ضرباً من التحايل الذي لا يمتّ بصلة الى الإصلاح.

رهان خاسر

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ السلطة المصدومة مما تعتبره التحوّل المفاجئ والمريب في الموقف الفرنسي، خلافاً للحماسة وللتفهم لوضع الحكومة وتوجّهاتها، اللذين كان عليهما قبل ثلاثة اشهر، ولم تكن مرتاحة للخطاب المطول الذي القاه لودريان امام مجلس الشيوخ الفرنسي قبل اسبوعين، وما تضمنه من انتقادات للسلطة اللبنانية لإحجامها عن القيام بالإصلاحات التي يطالبها بها المجتمع الدولي، دخلت في رهان مع نفسها، على نجاحها في احتواء الصدمة الفرنسية، ومحاولة توجيه الموقف الفرنسي من «الحدّية» التي يقارب فيها الملف اللبناني، وتتناغم الى حدّ التماهي مع الموقف الاميركي المتصلّب حيال لبنان، الى «التفهّم» الكامل لوضع السلطة الحاكمة، وصدق توجّهاتها، وبالتالي الحكم الموضوعي على ما انجزته على ارض الواقع، وليس استهدافه من خلفيات سياسية، والتصويب عليها بأحكام مسبقة.

والواضح، انّ السلطة خسرت هذا الرهان، وما تعكسه اجواؤها يشير الى انّ «اللازمة» التي أكّد عليها لودريان؛ «ساعدونا لنساعدكم»، لم يكن وقعها مريحاً لدى اركان هذه السلطة، وانّ التبريرات والإيضاحات والشروحات، التي قدّموها للضيف الفرنسي في لقاءاتهم المغلقة معه، لم تبدّل حرفاً في بيانه المطوّل، والمعدّ سلفاً، والذي تلاه في مؤتمره الصحافي، واعتبره اركان السلطة بأنّه كان مفرطاً في حكمه وقساوته على الواقع اللبناني.

رسوب في الامتحان

في نتائج زيارة لودريان، بدا جلياً انّ السلطة رسبت في الامتحان الفرنسي، والمآخذ التي عدّدها الوزير الفرنسي على السلطة، إن في مؤتمره الصحافي، او في اللقاءات المغلقة، انطوت على ادانة لكل ادائها. وانّ القلق الشديد الذي ابداه على لبنان، بدا وكأنّه يدلي بشهادة قاطعة على انّ السلطة الحاكمة، بالنهج الذي تسلكه، لم تكن، لا بل، ليست مؤهّلة لقيادة السفينة اللبنانية الى برّ الامان، بل تدفع بها نحو الغرق.

وفي معلومات «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ ما قاله الوزير الفرنسي في مؤتمره الصحافي، اورده بحرفيّته في لقاءاته مع اركان السلطة، وكان في منتهى الصراحة، واستعرض كل مكامن الخلل، ونقاط التقصير من قِبل السلطة، ومرّ على موقف المجتمع الدولي من زاوية الحرص على لبنان، والدعوات الحثيثة للفريق الحاكم بالشروع في الإصلاح، ومن زاوية الاستغراب لعدم تجاوبه، وتلكئه في اجراء اصلاحات تفتح باب المساعدات لهذا البلد، لإعانته على تجاوز وضعه البائس اقتصادياً ومالياً، ولإبعاد شعبه عن شفير الموت، وفق التعبير الذي استخدمه الوزير الفرنسي.

وفي المعلومات ايضاً، فإنّ الوزير الفرنسي، كان حريصاً على الإيحاء للفريق الحاكم في لبنان، بأنّ حرص المجتمع الدولي على لبنان، ينبغي الّا يكون اكبر من حرص اللبنانيين على بلدهم، ومن هنا كان تأكيده اكثر من مرة، في المقرّات الرسمية كلها، على الكلمتين اللتين تلخّصان كل زيارته الى لبنان: «ساعدونا لنساعدكم».

وداعاً لبنان!

كل ما اورده لودريان في مؤتمره الصحافي، قاله للرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب، الّا انّه اغفل، ربما عن قصد، كلاماً آخر هو الاخطر، وابقاه داخل الغرف الرئاسية المغلقة، كشفت مصادر موثوقة بعضاً من هذا الكلام لـ»الجمهورية»، وفيه ما مفاده:

اولاً، انّ لبنان، بوضعه الحالي، اشبه بلوح خشبي طافٍ على سطح البحر، ويتأرجح فوق الماء، وشعبه يتمايل عليه ويوشك على السقوط والغرق.

ثانياً، يغمرنا الحزن على لبنان، والخوف من ان تكون هذه الزيارة له، هي زيارة الوداع للبنان، ليس فقط الوداع للبنان كدولة، بل الوداع للبنان كوطن.

ثالثاً، نحن نتوجّه اليكم بهذا الكلام الذي يؤسفنا ان نقوله، نتوجّه فيه الى السلطة، وكذلك الى قوى المعارضة، فكلكم متساوون في هذا الموضوع، للتدليل كم انّ وضع لبنان خطير، وانّ السلطات المسؤولة فيه لم تقدّر بعد كم هو خطير عدم مبادراتها الإنقاذية والشروع بالإصلاح الحقيقي.

رابعاً، الاصلاح يجب ان يكون حقيقياً وجدّياً، وليس على شاكلة اجراءات شكلية، او تعيينات تُسمّى اصلاحات، وليس على شاكلة قوانين تحمل العنوان الاصلاحي، فيما مضمونها فارغ، او مفرّغ من اي محتوى له علاقة بالإصلاح. ( اشار في هذا السياق الى القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، وكذلك الى التعيينات والتشكيلات القضائية المعطلة).

خامساً، نحن مع «التدقيق التشريحي» ( في حسابات مصرف لبنان او غيرها) شرط ازالة العقبات القانونية المخفية من امامه.

سادساً، نحن ( فرنسا والاتحاد الاوروبي)، والولايات المتحدة الاميركية، وبريطانيا، وفي كل ما يختص بلبنان، على خطى رجل واحد.

طوارئ شاملة

وربطاً بهذا الكلام الخطير الصادر عن لودريان، قال مرجع سياسي لـ» الجمهورية»: «ما صدر عن الوزير الفرنسي يضع مصير لبنان على المحك وكأنّه بات يُحسب بالايام، ولو انّ في لبنان سلطة مسؤولة، لكانت بادرت فوراً الى الخروج من حالة الاستهتار، والدخول في الاستنفار الشامل واعلان حالة طوارئ على كل المستويات، وقلب صفحة الاشهر الاخيرة بكل ما فيها من تراخ، واظهار الجدّية في الأداء وإطلاق دفعات متتالية من الاصلاحات التي تحصّنها بثقة الداخل بها، وتنتزع ثقة المجتمع الدولي. فلم يعد جائزاً للحكومة ان تبقى على ما هي عليه من بُعد عن المسؤولية وواقع البلد، ومن التسلّح بخطيئة الإهمال، والتفاخر بعدم القدرة على محاسبتها او تغييرها، نظراً لعدم توفر بديل عنها».

المنطقة والنازحون

وبحسب المصادر نفسها، فإنّ الحديث مع لودريان، تناول الوضع في المنطقة، بدءًا من سوريا، الى التوتر الاميركي – الايراني وانعكاساته على كل المنطقة، وصولاً الى اسرائيل. والى جانب التهديد الاسرائيلي الدائم للبنان، اكّد الجانب اللبناني على التمسّك بالقرار 1701، والإبقاء على قوات «اليونيفيل» وعدم التعديل في مهامها ( وفق ما تسعى اليه الولايات المتحدة الاميركية انسجاماً مع الموقف الاسرائيلي). كذلك اكّد على وجوب تضافر جهد دولي حثيث لوقف الخطة الاسرائيلية بضمّ اراضٍ في الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، مبدياً قلقاً بالغاً وتخوفاً شديداً من ان ترتد هذه الخطوة الاسرائيلية – إن حصلت – بآثار شديدة السلبية ليس على مستوى القضية الفلسطينية، بل على مستوى لبنان، وتتمثل اخطر تجلّياتها في تهجير فلسطينيي الضفة الغربية في اتجاهه.

كذلك، احتل ملف النازحين السوريين في لبنان، حيّزاً من النقاش مع وزير الخارجية الفرنسية، من زاوية تأكيد لبنان على مساعدة المجتمع الدولي له، والتخفيف من العبء الثقيل جداً الناجم عن استضافته لنحو مليوني نازح سوري.

شكر

وحظي لودريان في لقاءاته هذه بشكر واضح على المبادرة الفرنسية بتخصيص دعم مالي لبعض المدارس في لبنان. الّا انّه تلقّى مطالبة مباشرة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدعم فرنسا للجامعة اللبنانية، التي لها فروع في كل لبنان، وتضمّ نحو 90 الف طالب من كل الفئات والمكونات والطوائف اللبنانية. فعبّر الوزير لودريان بالاهتمام بهذا الطلب وايلائه المتابعة اللازمة له.

وكان لودريان قد اختتم زيارته امس، حيث زار قبل ذلك، مستشفى الحريري الجامعي، كما شارك في لقاء تربوي مع المدارس الكاثوليكية، وكشف انّ 15 مليون يورو هي قيمة المساعدة الفرنسية للقطاع التربوي في لبنان. وقال ردّاً على سؤال: «البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يتكلم عن حياد ايجابي، وهو ما يعني بالنسبة لي تحييد لبنان عن الأزمات في المنطقة». وكرّر المطالبة بتنفيذ الإصلاحات، كالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، واخذ التدابير الاساسية على صعيد الموارد المالية، إضافة الى الاصلاح في قطاع الكهرباء وتعزيز الشفافية.

لبنان متروك وحده!

الى ذلك، علمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ الوضع في لبنان، كان محل نقاش في سلسلة لقاءات ديبلوماسية غربية في الاسابيع القليلة الماضية، بعضها عُقد في بيروت، وبعضها عُقد في باريس، وشاركت فيها شخصيات لبنانية، وبعضها من المجتمع المدني في لبنان.

وبحسب المصادر، فإنّ تلك الشخصيات، في نقاشها مع ديبلوماسيين كبار؛ المان، وبريطانيين، وفرنسيين، ومن الامم المتحدة، خرجت بخلاصة انّ ثمة تقديراً غربياً شديد السلبية تجاه مستقبل لبنان، فالوضع فيه لا يطمئن، وهو مقبل على مراحل سيئة، وانّ ثمة تخوفاً لدى هذه الدول من موضوع النازحين السوريين، ومن ان يؤدي تفاقم الازمة في لبنان الى انفجار قنبلة النازحين، التي قد تطال شظاياها اوروبا، عبر توجّه اعداد كبيرة من هؤلاء النازحين الى دول اوروبا. واكّد الديبلوماسيون الغربيون، انّ هذا الامر يحظى بأولوية المتابعة، وسيكون هذا الخطر الداهم، في القريب العاجل، بنداً للبحث في مخاطره وتداعياته بين دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية.

وفي الجانب الآخر من النقاش، تلفت المصادر، الى انّ الشخصيات اللبنانية المشاركة فيه، سمعت من الديبلوماسيين الغربيين، ما يؤكّد بشكل جلي بأنّ الموقف الاوروبي بشكل عام، متماهٍ الى حدّ التكامل مع الموقف الاميركي المتصّلب حيال لبنان، وبالتالي الإحجام عن تقديم اي مساعدة للبنان.

وكشفت المصادر، انّ احد السفراء الاوروبيين، تجاوز المطالبة بالإصلاحات، وقال بصراحة امام شخصية لبنانية مدنية، انّه «طالما انّ «فلاناً» موجود في مركز التحكّم بالقرار، فلن تأتي اي مساعدات للبنان». وقد ذكر السفير المذكور، بالاسم وزيراً سابقاً ينتمي الى تيار سياسي بارز.

ساعدونا لنساعد أنفسنا

في سياق متصل، علمت «الجمهورية» انّ مسؤولاً سياسياً كبيرا، أبلغ في الآونة الاخيرة عدداً من السفراء والديبلوماسيين الغربيّين والامميين، ما سمّاها «ملاحظات» رأى انّ من الضروري ان تُؤخذ في الاعتبار الدولي، وفيها:

اولاً، نحن نؤكد معكم انّ السلطة اللبنانية مقصّرة في مواجهة الازمة وتأخرت في إجراء الاصلاحات، وهذا صحيح لا يمكن نكرانه، ولكن الصحيح ايضاً هو انّ بعض الخارج، ولا نقول كله، يدفع بالأزمة في لبنان الى مزيد من التعقيد وربما الى الانهيار.

ثانياً، ان الازمة، في تفاقمها المستمر في لبنان، صارت اكبر من قدرة السلطة اللبنانية على احتوائها. والمجتمع الدولي يقول انه حريص على لبنان وعلى استقراره، لكنه يتركه لوحده من دون ان يبادر الى مساعدته. فلبنان له على الجميع، على اصدقائه واشقائه، فلا يجوز ان يُعامَل بهذه الطريقة، ويترك على شفير الانهيار.

ثالثاً، انّ لبنان مريض في العناية الفائقة، علاجه بالاصلاحات بالتأكيد، ولكن علاجه الاساس ايضاً، في ان يلقى مساعدة من اصدقائه، ليس بالضغوط وتركه لمصيره. وهل لكم مصلحة في انهيار لبنان؟

رابعاً، انّ لبنان يعاني كمّاً هائلا من الازمات والتعقيدات والضغوط: الانقسام السياسي الحاد، الازمة الاقتصادية، الانهيار المالي، النازحون والعبء الذي يشكلونه، الفلسطينيون، واسرائيل جنوباً، وها هي تركيا تحضر بدورها في منطقة الشمال اللبناني تحديداً، والمعلومات تؤكد انها تحاول ان تستقدم مجموعات إرهابية ترعاها الى تلك المنطقة، وهناك جهات محلية تتجاوب معها. كل ذلك يعدّ مقدمات للانهيار، فإذا خرب لبنان وانهار، فكل المنطقة ستخرب، واوروبا بالتحديد لن تكون بمنأى عن نتائج هذا الخراب، فهل هذا ما تريدونه؟ وهل تستطيعون ان تتحملوا جحافل النازحين السوريين الهاربة الى دولكم؟

خامساً، إذا كنتم تريدون مساعدة لبنان حقاً، فأنتم تسطيعون ذلك فوراً، وليس ثمة ما يمنعكم. كل القطاعات في لبنان بحاجة الى مساعدة (القطاع التربوي، الصحي، المستشفيات، الجامعات، وعلى وجه الخصوص الكهرباء)، وإذا كنتم لا تثقون بالسلطة وتخافون ان تهدر المساعدات، فلا تقدّموا الاموال لها، قدّموا المساعدات واشرفوا أنتم على صرفها في امكنتها المحددة. الوزير لودريان يقول للبنانيين ساعدونا لنساعدكم، ونحن نقول لكم ساعدونا لنساعد أنفسنا في أزمتنا.

مبادرة ماكرون

اللافت للانتباه انّ زيارة وزير الخارجية الفرنسية لم تؤكد او تنفِ الحديث الذي واكبَ هذه الزيارة، عن مبادرة سيطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجاه لبنان.

الّا انّ مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي اكدت لـ»الجمهورية» انّ الحديث عن مبادرة للرئيس الفرنسي، يتأكد في حالة وحيدة، اي عبر الاعلان عنها من ماكرون نفسه وقصر الايليزيه. وهذا التأكيد لم يحصل حتى الآن، كما انّ نفي وجودها لم يحصل ايضاً، وبين عدم التأكيد وعدم النفي، يمكن إبقاء الحديث عن مبادرة في خانة الاحتمال الممكن. ولكن بمعزل عن ذلك، تقول المصادر، ثمّة حديث غير مؤكد في أوساط فرنسية غير رسمية، عن مشروع فرنسي لاستثمار مهم في أحد «البلوكات» النفطية اللبنانية، ولكن من دون أن تحدد ايّ «بلوك» هو المقصود وموقعه.

السلطة بعد لودريان

الى ذلك، اكدت مصادر حكومية لـ»الجمهورية» انّ الحكومة ماضية في برنامجها الاصلاحي، ومقتنعة بأنّ الخطوات التي أنجزتها هي في صلب وجوهر العملية الاصلاحية، ومعتبرة انّ مواقف بعض الدول التي تنتقد اصلاحات الحكومة، تندرج في سياق الضغط لا اكثر. وقالت: أزمة «كورونا» ألقت بتداعياتها السلبية على كل العالم، ولبنان من ضمن هذا العالم، والشلل الاقتصادي وغير الاقتصادي موجود في كل العالم، ووضع لبنان في هذا المجال يشبه وضع أي دولة، فكما ازمة «كورونا» أثّرت عليهم فإنها اثّرت علينا، ووضعهم مشلول اقتصادياً كما هو وضعنا. لكن هناك، ولأسباب سياسية، من يسعى فقط الى ممارسة الضغط السياسي، ويتعاطى مع لبنان وكأنّ وضعه طبيعي وبمنأى عن «كورونا» ولم يتأثر بهذا الوباء.

ولفتت المصادر الى انّ الفترة المقبلة ستشهد تدرّجاً جديداً في الاصلاحات، يتمثّل في التعيين المتتابع للهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، اضافة الى خطوات مهمة أبرزها إعداد التشكيلات الديبلوماسية الموضوعة حالياً على نار هادئة لإنجازها في فترة ليست بعيدة، وبعدما تمّ إقرار دورة خفراء الجمارك بعد تجميدها لـ7 سنوات، سيُصار في القريب العاجل الى اقرار دورة الدرك، الّا انها اشارت الى محاولة جديدة فاشلة لإصدار تعيينات مأموري الاحراج في هذا الوقت، اذ انها ما زالت معلّقة رئاسياً، بذريعة عدم وجود توازن طائفي فيها.

ورداً على سؤال عن المساعدات، قالت المصادر الحكومية انّ التعويل حالياً هو على العراق، حيث يفترض ان تبدأ نتائج المحادثات بين الجانبين ضمن فترة قريبة جداً.

لا مساعدات مالية

الى ذلك، وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر معنية مباشرة بحركة المساعي مع الدول الخليجية لتقديم مساعدات للبنان، ان لا أموال متوقعة للبنان من اي دولة خليجية، وتحديداً من قطر والكويت. بل قد يُصار الى منح لبنان بعض التسهيلات، خصوصاً في مجال النفط.

امّا عن الاسباب، فأوضحت المصادر انه «بمعزل عن الاسباب السياسية هناك اسباب جوهرية تتعلق باقتصاديات هذه الدول التي شهدت تراجعاً مخيفاً في الفترة الاخيرة، وخصوصاً بعد تفشي وباء كورونا والانخفاض الحاد في اسعار النفط، وهو الامر الذي دفع كل دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء عُمان، من الاستدانة بمليارات الدولارات لتغطية العجز في موازناتها».

المصارف و«لازار»

فيما يستمر الوضع هادئاً على «جبهة» الدولار في السوق السوداء، تتركّز الجهود في وزارة المالية لتجاوز مطبّ الخلاف الذي نشب بين جمعية المصارف وشركة «لازار».

وفي السياق، تواصلت الاجتماعات اليومية بين وفد «لازارد» والأطراف اللبنانية المختلفة منذ الإثنين الماضي في بيروت.

وعلمت «الجمهورية» انّ المفاوضات الجارية منذ مطلع الأسبوع تركزت حول موضوع توحيد ارقام الخسائر وفق منهج جديد اعتمد في سلسلة الإجتماعات الأخيرة، وينطلق من مقاربة جديدة لأرقام الخسائر بالاستناد الى معادلة جديدة لم تطبّق من قبل، وهي تقول الآتي:

– شطب ديون الدولة اللبنانية بالعملة الوطنية لدى مصرف لبنان، والتي تقدّر بـ خمسين تريليون ليرة لبنانية هي قيمة الدين المترتب على الحكومة لدى مصرف لبنان.

– توفر البديل ليتساوى الدين العام مع المدخول القومي، وهو أمر يفرض توفير البديل لدى مصرف لبنان من السندات من اصول الدولة وممتلكاتها بالقيمة عينها، وقد يكون من القطاعات المنتجة لديها كالاتصالات او المرفأ او اي مؤسسة أخرى.

– إنشاء الصندوق السيادي سيكون الآلية التي يمكن ان تستوعب صيغة الحل رغم الصعوبات التي تحول دون إنشائه بسرعة، بسبب الحاجة الى تقدير قيمة المؤسسات التي ستكون بتصرّفه لتبلغ موجوداته المبلغ المطلوب والمحدد بـ 50 تريليون ليرة لبنانية.

وعليه، فإن تساوى الدين العام مع الدخل القومي المقدّر بخمسين تريليون، يتوفر التوازن المطلوب بين الموجودات والالتزامات، ويمكن الإنطلاق بمعادلة جديدة لاحتساب خسائر القطاع المصرفي وهو ما سيؤدي في مرحلة من المراحل الى اللجوء الى نوع من «الهيركات» لسد الفجوة الباقية من ديون المصارف في البنك المركزي من ايداعاتها لديه، ولذلك ستمتد يد المصارف الى إيداعات المواطنين اصحاب الحسابات لديها، وهي حلقة دائرية متكاملة ومقفلة.

وفي هذه الاجواء، أكدت المصادر أن الإجتماع الذي عقد مساء في السرايا الكبير برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب وحضور وزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار، نواب حاكم مصرف لبنان، رئيسة لجنة الرقابة على المصارف، إضافة الى مستشاري رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير المال وممثلين عن جمعية المصارف.لم يحقق اي تقدم في ظل تمسّك الحكومة بمواقفها من احتساب الخسائر من جهة والمصرف المركزي وجمعية المصارف من جهة أخرى، بحيث انه لم يتم التفاهم بعد على أي نقطة عالقة من سلسلة العقبات المتعددة.

أدرعي

أكّد المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أنّ الاستعدادات في المناطق العسكرية والمدنية على الحدود مع سوريا ولبنان ستتغيّر، محمّلاً بيروت مسؤولية ما يحصل في الأراضي اللبنانية.

وأعلن أدرعي في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»، إنّه «في أعقاب تقييم الوضع في جيش الدفاع، ووفقاً لخطة الدفاع في قيادة المنطقة الشمالية، سوف تتغيّر استعدادات جيش الدفاع في المناطق العسكرية والمدنية على الحدود مع سوريا ولبنان، بهدف تعزيز حالة الدفاع على الحدود الشمالية».

وتابع قائلاً: «بالإضافة الى تعزيز القوات وأعمال التجميع في المنطقة، جرت تغييرات عدة في انتشار القوات بالقرب من الحدود مع لبنان، كما جرت أعمال أخرى تخدم الجهود العملياتية. ووفقاً لتقييم الوضع، وللحاجة العملياتية، سيتمّ إغلاق بعض المحاور والطرقات في منطقة الحدود أمام حركة المركبات العسكرية». ولفت إلى أنّه «في بعض البلدات يتوقع اغلاق طرق الوصول وافتتاح محاور بديلة لحركة السكان».

******************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

نقاش لبناني ــــ فرنسي عند حافة الهاوية: الإصلاح أولاً أو مكافحة الفساد؟

التخبط المالي سيّد المفاوضات الثلاثية… ومحاصرة الكورونا بين العودة إلى الوراء والـ Fresh Money

أغرب ما في المشهد الداخلي، وارتباطاته الإقليمية- الدولية أن ما يجري لا يحمل اخبار «إنجازات» إلّا على الورق، امّا على الأرض، فصور مداهمات مستودعات الفساد، وخبريات، عزل القرى والبلدات من الجنوب إلى الشمال، ومن الجبل إلى البقاع، كل ذلك على وقع استمرار الحصار من البر والجو، ومن يدري من البحر أيضاً، في وقت تتصرف الطبقة السياسية، براحة بال، وكأن لا شيء يقضّ المضاجع، ما دامت المنافع تتوفر لهؤلاء، ولو على أنقاض دولة متهالكة، في اقتصادها وعملتها، وسمعتها أيضاً.

والأمر المخيف، ان التداعيات الاقليمية- الدولية، ترمي بثقلها فوق جبل الأزمات: من المحروقات إلى الطاقة الكهربائية، فالسلع بالأغذائية، فالأوبئة ذات الصلة والأغذية الفاسدة، وصولاً إلى البطالة والانهيار المالي، والشحّ في العملة الأجنبية..

ولئن كانت الطائرة الإيرانية التي حطت اضطراراً في مطار بيروت، بعد مطاردة من مقاتلتين اميركيتين، تحوّلت إلى بند على الطاولة الرسمية والسياسية، فإن التقارير الواردة من الجنوب، تحمل مخاوف من «احتكاكات امنية» قد تؤدي إلى مواجهة محدودة أو غير محدودة، بين جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي رفع من درجة التعبئة، وحزب الله الذي يتحدث مقربون منه، ان حادث اغتيال أحد مقاتليه في الأيام القليلة الماضية في غارة إسرائيلية في ضواحي دمشق لن يمر من دون ردّ..

ووفقاً للقناة الثالثة عشر، فإن المعطيات، لدى القيادة الشمالية الإسرائيلية تُشير إلى أن حزب الله يخطط لعملية انتقامية في وقت قريب.

ونقل المراسلون من تل أبيب ان قيادة الجيش الإسرائيلي، تتصرف وفقا لسيناريوهات بأن ردّ حزب الله سيحصل..

والأنكى، ان النقاشات اللبنانية – الفرنسية كانت تجري عند «حافة الهاوية» التي حذر منها وزير الخارجية الفرنسي الذي شدّد على البدء بالاصلاحات، في حين ان كبار المسؤولين، لا سيما في بعبدا، كانوا يُشدّدون، على ان لا إصلاح بلا محاربة الفساد أولاً..

وسط ذلك، يعقد مجلس الوزراء عند الساعة 11 من قبل ظهر الثلاثاء المقبل جلسة في القصر الجمهوري.

وتحضر مسألة تفشي وباء كورونا في القرى والبلدات اللبنانية على طاولة مجلس الوزراء بين حدين: عدم السكوت أو التفرج على تفشي الداء، واستبعاد على نحو أخير ان تتجه الدولة إلى ما يعرف بالاقفال أو الـLock down، لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي ومجيء اللبنانيين وغير اللبنانيين في الخارج لقضاء موسم الصيف وإدخال Fresh Money أو العملات الأجنبية، أي الدولار وغيره..

ويقر النائب عاصم عراجي رئيس لجنة الصحة النيابية، بدخول البلد مرحلة دقيقة قبل حلول فصل الخريف. وقال لـ«اللواء» انه لم يعد احد يلتزم بإجراءات الوقاية من تباعد اجتماعي وتعقيم وارتداء الكمامات كما ان بعض الوافدين من الخارج خرق الحجر وخالط وزار، ورأى الى ان لا حل الا بالتشدد كفرض الغرامات بحق المخالفين اي بحق من لم يرتدوا الكمامات في المحلات التجارية الكبرى والأماكن التي تشهد ازدحاما.

وألمح وزير الصحة حمد حسن، بعد عيادته الجرحى في مستشفى الرسول الأعظم إلى ان ما حصل في الأجواء اللبنانية، سيكون على جدول أعمال مجلس الوزراء، ولا بدّ من موقف رسمي قيد البلورة، وبوقت قريب.

يشار إلى أن حزب الله، طالب بموقف دولي حاسم ضد الولايات المتحدة على اعتراض طائرتين حربيتين طائرة مدنية، على متنها ركاب لبنانيون، واصفاً الولايات المتحدة بأنها قوة احتلال في الأرض والأجواء السورية».

وكشفت وزيرة المهجرين غادة شريم عن ان التحضيرات جارية لعقد مؤتمر حول عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.

سُمِعَت.. ولكن؟

دبلوماسياً، لاحظت مصادر سياسية بارزة ان التحذير الفرنسي، الذي اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس، كرره، على نطاق أوضح وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، إذ قال أمس للصحافيين، قبل سفره: «هذا البلد بات على «حافة الهاوية في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لانقاذه».

وأضاف: «الجميع يعرف المسار الذي يجب اتخاذه، وهناك وسائل للإنعاش. وفرنسا جاهزة لمرافقتهم بشرط أن تتخذ السلطات السياسية القرارات» للسير في طريق الإصلاحات. وأكد «هذه طلبات فرنسا، واعتقد أنها سُمعت».

بدوره، أفاد مسؤول فرنسي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته «لن تُقدم فرنسا على أي إلتزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات» محذرا من أنه لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة. وقال «بدأ يفوت الأوان».

وزار لودريان أمس مستشفى رفيق الحريري الدولي، حيث تتركز جهود مكافحة وباء كوفيد-19. والتقى ممثلين عن المدارس الكاثوليكية والفرنكوفونية المعتمدة في لبنان خلال زيارة إلى مدرسة الكارمل قرب بيروت، حيث كرر تعهد بلاده بدعم تلك المدارس التي تعاني أيضاً من الأزمة الاقتصادية وخصصت لها فرنسا تمويلاً طارئاً للمدارس الفرنكوفونية.

ولم يخفِ رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان السفير رالف طراف إمكانية الوصول إلى برنامج مساعدة للبنان خلال المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي..

وسمع رالف من الرئيس ميشال عون ان عملية مكافحة الفساد لن تتوقف، وستشمل كل المؤسسات.

وسبق هذا الاجتماع، اجتماع تقني في باريس بين مستشار جمعية المصارف GSA ولازارد.

التفاوض الثلاثي

والتفاوض الثلاثي بين الحكومة والمصارف ومصرف لبنان كان على جدول أعمال الاجتماع المالي التنسيقي، الذي عقد في السراي الكبير برئاسة الرئيس حسان دياب، ومشاركة على مستوى نواب الحاكم ونائب جمعية المصارف نائب الرئيس نديم القصار، ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ، بغياب وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وعلمت «اللواء» ان التخبط ما يزال سيّد المناقشات، قبل التوجه مجدداً إلى صندوق النقد.

وفي الإطار المالي، بعدما نشرت وكالة رويترز بيانات مالية للعام 2018، نالت تصديق «إي. واي» و«ديلويت» الشهرَ الماضي لكن مع تحفظات، تشير الى ان حاكم مصرف لبنان ضخّم من قيمة الأصول مع تنامي الالتزامات، رد سلامة رافضا أن تكون حسابات البنك المركزي قد استغِلت لجعلِ مركزِه المالي يبدو أقوى أو لإخفاء خسائر، قائلا إنها تتماشى مع السياسات المحاسبية التي أقرها مجلسُ إدارتِه، كما هو منصوص عليه في البيانات المالية للعام 2018.  واضاف سلامة أن بنوكا مركزية عديدة تلجأ إلى ترحيلِ التكاليف لتحقيق أهدافِها، لافتا الى أن مصرف لبنان اضطر إلى تبني ذلك في ميزانياتٍ أكبر نسبيا ولفتراتٍ زمنية أطول مقارنةً مع البنوك المركزية الأخرى نظرا للظروف الاستثنائية التي مر بها لبنان معظم فترات الخمسة عشر عاما الأخيرة. وأوضح أن التكاليف المُرحّلة تراكمت على مدى تلك الفترة بسبب تدخل البنك المركزي لدعم مالية الحكومة، تحت ضغط زياداتِ أجور موظفي القطاع العام والتداعيات الاقتصادية لتدفق اللاجئين السوريين منذ 2011.

وفي ما خصَّ سلامة الغذاء، جاء دور السمك، بعد الدجاج واللحوم الحمراء، إذ كشف مدير عام وزارة الزراعة عن مداهمة مستودع يحتوي على اسماك مجمدة منتهية الصلاحية، دخلت بطريقة قانونية، لكن صلاحيتها انتهت منذ شباط وممنوع استهلاكها.

التحركات

وتحرك الناشطون أمس باتجاه منزل وزير السيّاحة رمزي مشرفية، مطالبين باستقالته، بعدما ثبت بالتحقيق ان مرافقيه اعتدوا بالضرب بالآلات الحادّة على الناشط المحامي واصف الحركة، فيما تحرّكت مجموعات أخرى باتجاه «الاوسكوا» للمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، بما في ذلك القرار 1559 و«تحرير الشرعية اللبنانية من القرار الايراني».

2407

واعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 147 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 3407، وتسجيل 3 حالات وفاة.. وكشف تقرير مستشفى الحريري عن اجراء فحوصات لـ873 شخصاً.. فيما نقل إلى المستشفى 15 حالة مشتبه بها.

******************************************

افتتاحية صحيفة الديار

هل تندلع الحرب بين حزب الله والكيان الصهيوني بعد استشهاد مُقاوم إثر غارة دمشق

صندوق النقد لوزارة الطاقة : هل تتذاكون عليّ ؟ ودول اوروبية تحذر من «صوملة» لبنان

نور نعمة

بعد ان كرس حزب الله «معادلة الردع» مع «اسرائيل» يترقب الكيان الصهيوني عن كثب ردا من المقاومة بعد استشهاد المقاوم علي كامل محسن من الحزب في منطقة مطار دمشق في احدى الهجمات التي شنها سلاح الجو الاسرائيلي. وعليه، نشر جيش العدو الصهيوني كتيبة عسكرية على طول الحدود مع لبنان، خاصة ان امين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله اكد بشكل واضح منذ آب الماضي ان حزب الله سيرد على «اسرائيل» من الاراضي اللبنانية مقابل كل من يستشهد من مقاتليه في سوريا.

وبحسب صحيفة هآرتز تتوقع اسرائيل ان يقوم حزب الله بعملية محدودة ضدها، ولكن دون ان تؤدي هذه العملية الى جر الطرفين الى حرب. ذلك ان الكيان الصهيوني يعتقد ان الرد سيكون مشابهاً للرد الذي حصل في ايلول الماضي عندما اطلق حزب الله صواريخ مضادة للدبابات «الاسرائيلية» رداً على هجوم اسرائيلي قتل فيه عنصران له في مرتفعات الجولان.

وتقول اوساط بارزة في محور المقاومة لـ «الديار» ان إعلان المقاومة ان الشهيد محسن قضى بغارة اسرائيلية في سوريا هو للتأكيد على التزامها بأن الرد حتمي ورادع وقاس لا محالة، لكنه ليس بالضرورة ان يكون بعد ساعات او ايام او أسبوع او أكثر، وهذا التوقيت مرتبط بقيادة المقاومة السياسية والعسكرية والميدانية. وهو قرار عادة ما يكون مدروساً الى درجة فائقة الدقة وبشكل لا يقود الى تصعيد واسع او الى حرب مفتوحة وحتى الى تفجير الوضع القائم.

وتقول الاوساط ان الربط بين الرد المتوقع للمقاومة والتطورات الداخلية كالتجديد لليونيفيل او الوضع الاقتصادي والمالي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ليس في محله. وتشير الى ان استراتيجية المقاومة وعملها وتقديرها للموقف على الحدود الجنوبية وللصراع المفتوح للعدو مرهونة بالجبهة وتطوراتها وليست مرتبطة بأي وضع لبناني داخلي او اقليمي.

زيارة لودريان

بموازاة ذلك، جاء وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان واجتمع مع المسؤولين اللبنانيين وكرر الكلام نفسه ان على لبنان مساعدة نفسه لتساعده فرنسا وباقي الدول وايضا صندوق النقد الدولي. وهو كلام سمعه المسؤولون اللبنانيون من كل رؤساء الدول المهتمة بالملف اللبناني ومن الهيئات الدولية. وباختصار، لم يقل الوزير لودريان شيئا جديدا لم يسمعه المسؤولون اللبنانيون من قبل بل حتى كلامه هو صدى لكلام المجتمع الدولي الذي كرره مرارا بأن الاصلاحات هي الخطوة الوحيدة التي ستفتح المجال امام الدولة اللبنانية لتلقي مساعدات مالية تسعفها وتنقذها من الازمة المالية العميقة.

فهل زيارة وزير خارجية فرنسا ستحث الحكومة والعهد على الانطلاق في ورشة عمل والشروع في الاصلاحات ام ان الامور ستبقى على ما هي عليه؟ وهذا امر كارثي نظرا للتراجع المالي والاقتصادي الذي تشهده البلاد. وهل سيتمكن لبنان من احياء الثقة وإرسال مؤشرات ايجابية لفرنسا ولصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي بخارطة طريق تعتمد على الشفافية والاصلاح في الاداء الحكومي حيال مقاربة الازمة المالية؟ . ذلك ان حكومة دياب تعرضت لصفعة عندما ادرج معمل سلعاتا مجددا، رغم ان تصويت مجلس الوزراء اتى خلافا لذلك، والتشكيلات القضائية مجمدة والية التعيينات تم ابطالها، فلذلك يئس المجتمع الدولي من لبنان. ومن هنا يحتاج المسؤولون اللبنانيون الى مضاعفة جهودهم لاعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي، وبخاصة فرنسا التي قالت ان مفاعيل مؤتمر سيدر لا تزال جارية شرط تطبيق الاصلاحات.

واكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ان هناك مبادرة فرنسية سيطلقها قريباً الرئيس إيمانويل ماكرون من دون ان يغوص في تفاصيلها او مرتكزاتها الاساسية، لكنه لمح الى مؤتمر سيدر وبعض القروض المسيرة، وفقا للدكتور كامل مهنا رئيس مؤسسة «عامل» الدولية المنسق العام لتجمع الهيئات الأهلية التطوعية اللبنانية والعربية.

النائب ابراهيم كنعان :«بالمتن كمان في عضلات»

وعن امكان عودة النفايات الى الطرقات في المتن، قال النائب ابراهيم كنعان:» لن نقبل دفع فاتورة المطامر في الجديدة – البوشرية – السد والحل من مسؤولية الحكومة، خصوصا ان الحكومات المتعاقبة وعدت ولم تنفذ، فهل يريدون ثورة في ساحل المتن ليبادروا الى الحلول على غرار ما حصل في الناعمة؟ فاذا ارادوا العضلات لدينا عضلات ونرفض الابتزاز».

قطاع الكهرباء: إصلاح وهمي

وحول موعد اعادة احياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كشف النائب ياسين جابر ان صندوق النقد قال بصراحة تامة لوزير الطاقة ريمون غجر، بعد تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة الكهرباء وابقاء كمال حايك رئيسا لهذا المجلس، وهو يشغل هذا المنصب منذ 27 سنة : «هل تتذاكون علينا؟». وعليه اكد جابر ان صندوق النقد لا تزال شروطه واضحة وهي ان الاصلاحات الحقيقية هي مفتاح الحل لاستئناف المفاوضات مع الدولة اللبنانية. وتابع النائب ياسين جابر انه خلال الاجتماع الذي حصل بين الوزير غجر وممثل الصندوق شدد الاخير على ضرورة تطبيق قانون 462/2002 الذي ينص على اعادة هيكلة مؤسسة الكهرباء وايضا على تعيين هيئة ناظمة، ولكن للاسف لا يزال التيار الوطني الحر يربط تعديل هذا القانون بحجة عدم انتقاص صلاحية الوزير، وفقاً للوطني الحر، ليسمح بتعيين هيئة ناظمة لمؤسسة كهرباء لبنان.

وفي سياق متصل، رأى النائب جابر ان الهيركات يستهدف اصحاب الودائع الذين سيكونون وحدهم الضحايا وليس المصارف. ولذلك تطبيق سياسة الهيركات تؤلم الناس والمودعين، وبالتالي هي خطوة غير عادلة. واشار جابر الى ان الاجواء تتجه الى الايجابية حول الخلاف بين المصارف والحكومة، بعد ان اكد وزير المالية غازي وزني ان هناك تجاوباً مع لجنة تقصي الحقائق التي اشاد بها. وهذا يدل ان الدولة للمرة الاولى تقر ان لها دوراً في الازمة المالية في حين كانت سابقا تلقي باللوم فقط على مصرف لبنان والمصارف. ويشار الى ان المصارف كانت قد هددت بالانسحاب من المفاوضات مع وزارة المال وشركة لازار احتجاجا على اصرار الحكومة على الهيركات.

ولفت جابر الى حصول تقدم كبير في المساعي لتوحيد الارقام بين الحكومة والقطاع المصرفي ومصرف لبنان، الا ان النقاش والجدل يبقى حول تحديد النسبة في توزيع الخسائر على الاطراف الثلاثة.

هل سياسة المحاور هي التي افقرت لبنان ام سياسة المسؤولين الفاسدين؟

يتهم البعض في لبنان حزب الله بإغراق لبنان في ازمة مالية جراء تدخله في سوريا وانخراطه مع المحور الايراني. ولكن هل هذا هو السبب الفعلي والحقيقي للحالة المعيشية المتردية التي يعيشها اللبناني ؟ وهل هذا هو السبب وراء الانهيار المالي وشح الدولار والتقنين في التيار الكهربائي وارتفاع الاسعار ؟ الحقيقة هي ان الطبقة السياسية، التي حكمت لبنان بعد الحرب الاهلية الى يومنا، هذا نهبت وسرقت الدولة الى حد انها جففت اموال الوزارات والخزينة اضافة الى الصفقات والسمسرات والمشاريع الوهمية التي قامت بها والتي اوصلت لبنان الى ازمة مالية لا سابقة لها. والحال انه لا يوجد سارقون وناهبون ودجالون استولوا على الدولة كما حصل في لبنان بوقاحة تامة الى جانب رفض مسؤولين اخرين اجراء الاصلاحات وتطبيق القانون. ولذلك دعوة البطريرك الراعي الى الحياد الايجابي هي دعوة وطنية. وقد اكد على ذلك وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان عندما قال ان لا سيادة دون النأي بالنفس في لبنان. ولكن ايضا يجب توجيه دعوة لمحاسبة الفاسدين والوزراء والنواب وكل شخصية عملت في الشأن العام وسرقت اموال الشعب وأوصلتنا الى ما نحن عليه. بيد ان الشعب اللبناني يريد العدالة لا الانتقام، ولذلك محاسبة الفاسدين يجب ان تكون دعوة ايضا يلتف حولها الكثيرون فتتحول من قول الى فعل.

تحذيرات اوروبية من «صوملة» لبنان اذا وقع الانهيار الكامل وخوف من تحركات ارهابية!

وفي السياق، تؤكد مصادر ديبلوماسية في بيروت لـ «الديار» انها تلقت معلومات اوروبية عبر اصدقاء مشتركين، تفيد بتحركات ارهابية من شمال العراق الى الشمال السوري وان «داعش» يتحرك في الشمال اللبناني وان هناك دولة اقليمية كبرى تعمل على خط تسليح بعض المجموعات السلفية في الشمال.

وتحذر المعلومات من خطورة انهيار لبنان وتهاوي كل المنظومة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتفشي البطالة والغضب في الشارع وحالات الانتحار وانتشار الفوضى وربما السرقات والنزاعات المسلحة. وتقول انها باتت ترى في لبنان النموذج الصومالي، كما حذرت الاميركيين والفرنسيين وبعض الدول الخليجية انها تدفع الى صوملة لبنان، وهذا ستكون له تداعيات خطرة في المنطقة.

الكتائب: لاول مرة دول خارجية ترجو دولة بتطبيق إصلاحات لمساعدتها

من جهتها، قالت مصادر في حزب الكتائب للديار انه لاول مرة نرى دولاً خارجية «ترجو» السلطة اللبنانية لإقرار الاصلاحات من اجل تقديم المساعدات المالية ووضع حد للانهيار المالي الحاصل ولإنقاذ لبنان، ولكن للاسف اولوية السلطة الحاكمة هي مصالحها الضيقة لا مصلحة لبنان العليا. وتابعت هذه المصادر ان زيارة وزير الخارجية الفرنسي الى لبنان جاءت في اطار «ساعدوا انفسكم وفرنسا ستساعدكم». ولكن على ما يبدو ان لا نية حقيقية بإجراء اصلاحات. ذلك ان رفض قانون آلية التعيينات وعرقلة التشكيلات القضائية الى جانب اعادة ادراج معمل سلعاتا ضمن خطة الكهرباء في الحكومة رغم ان التصويت الذي حصل في مجلس الوزراء جاء ضد بناء معمل سلعاتا، كلها عوامل ومؤشرات لا تدل الى ان الحكم في لبنان يريد الاصلاح، وفقا للمصادر الكتائبية.

وحول طرح البطريرك الراعي الحياد مؤخرا قالت المصادر في حزب الكتائب، ان التركيبة اللبنانية تقضي بالتمسك بالحياد دون الانخراط في اي محور، فلا نريد ان يكون لبنان ضمن المحور الايراني ولا الاميركي او اي محور خارجي. ولفتت الى ان الكتائب منذ ثلاث سنوات اقترحت ادخال الحياد على مقدمة الدستور وتوضيح مفهومه، واليوم ستعمل على اتخاذ خطوات عملية في هذا الاطار. وشددت على ان الحياد لا يعني عدم قيام لبنان بالدفاع عن ارضه وسيادته.

وحول اعتقاد البعض ان الحياد يؤذي لبنان في ظل وجود عدد كبير من النازحين السوريين الى جانب المخيمات الفلسطينية، أشارت هذه المصادر الى ان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم يتولى شق عودة السوريين الى بلادهم، اضافة الى دور الامم المتحدة في تسهيل هذه المهمة. وهنا، تساءلت المصادر الكتائبية عن سبب عدم مبادرة الرئيس ميشال عون الى محاورة النظام السوري حول عودة النازحين السوريين وترتيب رجوعهم الى اراضيهم ؟

اما عن ابطال المجلس الدستوري قانون آلية التعيينات، فقد اعربت هذه المصادر عن رفض التيار الوطني الحر والرئيس عون هذه الالية رغم انها خطوة اصلاحية قائلة: «هل هناك بلد لا توجد فيه آلية للتعينات»؟ واضافت: لماذا لا تقوم الدولة بالاصلاحات؟ ذلك ان المصادر الكتائبية اعتبرت ان العهد اعتبر اول حكومة انها ليست حكومته وعندما شكلت الحكومة الثانية بعد فراغ دام ثمانية اشهر، اختلفت اطراف هذه الحكومة فيما بينها ولم تتمكن من انجاز اي شيء. واليوم نرى ان الحكومة الثالثة في عهد الرئيس ميشال عون ايضا عاجزة عن اجراء تغيير ايجابي وإصلاحات ضرورية.

من جهة اخرى كشفت المصادر الكتائبية للديار أن الحزب يعمل على انشاء جبهة معارضة من الشخصيات والقوى التي تريد التغيير ليكون العمل المعارض عملاً منظماً.

وعلى هذا الاساس، اعتبرت المصادر ان حزب الكتائب هو أعلى صوت في المعارضة، وهو المعارضة الحقيقية. فهو لم يدخل في التسوية ولم ينتخب الرئيس ميشال عون، قائلة: «نحن متصالحون مع مبادئنا» في حين اعتبرت ان القوات اللبنانية ارتكبت خطأ تاريخياً في دخولها التسوية وترشيحها للعماد عون رئيساً للجمهورية في حين كانت من ضمن فريق 14 اذار.

القوات اللبنانية: قرار المجلس الدستوري يستند الى حيثيات سياسية وليس قضائية

من جهتها، اعلنت القوات اللبنانية انها لم تكن تتوقع ان يبطل المجلس الدستوري قانون آلية التعيينات، لان القوات مؤمنة ولا تزال مؤمنة بدولة المؤسسات والقضاء بانه لا يمكن في نهاية المطاف ان يخضع لارادة السلطة السياسية وان هذه المؤسسات الرقابية تشكل حبل خلاص للبنان وليس تغطية لارتكابات سلطوية، وهي في خدمة الشعب اللبناني وليس في خدمة مسؤولين سياسيين. واعربت المصادر القواتية عن اسفها لقرار المجلس الدستوري الذي نعى للشعب اللبناني اي امكانية لادارة عامة كفوءة بعيدة عن تأثير السياسيين وتعييناتهم الاستزلامية. ولكن ما حصل لا يعني ان القوات ستستسلم لارادة سلطة اولويتها تعيين المحاسيب والازلام على حساب قيام الدولة المؤسساتية. وتابعت : «ان حرب الاصلاح الذي يخوضها حزب القوات لم ولن تتوقف عند محطة ابطال قانون آلية التعيينات. وقالت المصادر «قررنا بتصميم كلي العمل على دراسة قانون اخر، وسنتشاور مع جميع الكتل التي صوتت على آلية التعيينات». وعليه، سيستكمل نواب تكتل الجمهورية القوية جولتهم على الكتل النيابية من اجل تقديم الاقتراح الاسبوع المقبل الذي يعده تكتل الجمهورية القوية حول آلية التعيينات بهدف تقديمه بصفة قانون معجل مكرر، وان يكون ضمن جدول اعمال اول جلسة تشريعية وحشر من لا يريد دولة المؤسسات ويريد دولة المزرعة. وانطلاقا من ذلك، سنأخذ «بالحيثيات القضائية» التي اعتمدها المجلس الدستوري، وهي حيثيات سياسية محض، ولكن سنأخذ بهذه الملاحظات وسنذهب في هذه المواجهة حتى النهاية وصولا الى دولة المؤسسات. ورأت المصادر القواتية انها لا تعتبر ان حزبها خسر بل الشعب اللبناني الطواق الى الدولة الحديثة العصرية هو من خسر والتواق الى تعيينات تستند الى الكفاءة والجدارة وليس الى الزبائنية والاستزلام. واضافت ان من يعتبر انه سجل نقطة في مرمى القوات اللبنانية فهو مخطئ تماما مشيرة الى ان هذه النقطة تسجلت في مرمى القضاء والقانون والدستور وسنضع هذه السلطة عند حدها.

على صعيد اخر، وحول اعتبار البعض ان الحياد ليس ايجابيا في ظل وجود مليون ونصف مليون نازح سوري و400 لاجئ فلسطيني، اعتبرت المصادر القواتية ان هناك مفهوماً خاطئاً لفكرة الحياد موضحة ان وجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينين لا علاقة له باختيار توجه الحياد. ولفتت الى ان لبنان مجتمع تعددي، وكل جماعة كانت لها امتدادت خارجية، ولان الاوطان لا تبنى الا على اساس ولاء وطني بامتياز لا على الولاءات الخارجية تم الاتفاق عام 1943مع انطلاق الجمهورية الاولى على معادلة لا غرب ولا شرق. ثانيا اظهرت التجربة منذ العام 1943 الى اليوم ان كلما يحصل تطور خارجي او خلاف اقليمي او نزاع عربي-عربي، يهتز الداخل اللبناني بسبب الارتباط بالخارج. من هنا، ومنعاً لتكرار الاحداث التي حصلت عام 1958 و1969 وما حصل في الحرب الاهلية اللبنانية وما يحصل اليوم، يجب العودة الى المنطق الذي ارتكز عليه لبنان في انطلاقته وهو الحياد. ثالثا، هل لبنان لا يستطيع معالجة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين اذا كان حياديا؟ على العكس الحياد يؤدي الى وحدة الموقف اللبناني تجاه مسائل عديدة، ولذلك يجب على كل الافرقاء ان يضعوا في الاولوية مصلحة لبنان قبل كل المصالح الاخرى. وهنا اشارت المصادر القواتية الى ان البعض يريد ان يكون لبنان ساحة لايران، وهذا يؤثر في العيش المشترك في حين اذا كان هذا الطرف على الحياد عندئذ يصبح التوافق والعيش المشترك امراً معززاً في لبنان. بدورها، اعتبرت القوات اللبنانية ان سياسة المحاور والادارة السيئة للدولة اوصلت لبنان الى الانهيار المالي. وشددت المصادر على ان السيادة اساسية لتطبيق القانون متساءلة لماذا يقال انه منذ 13 تشرين 1990 الى اليوم ان وضع الدولة اللبنانية هو في اسوأ مراحله حتى اسوأ من مرحلة الحرب الاهلية. ورأت هذه المصادر ان الجواب هو الوجود السوري لفترة زمنية في لبنان، ومن ثم توسع نفوذ حزب الله بعد عام 2005 معللة ان الاصلاح امر صعب في هكذا ظروف.

جهات مسيحية تنتقد موقف القوات من الحياد

الى ذلك، انتقدت جهات مسيحية منخرطة في العمل السياسي اللبناني موقف القوات اللبنانية المؤيد للحياد والذي طرحه البطريرك الراعي معللة سبب انتقادها بأن الدكتور سمير جعجع يعتبر انه وريث مسيرة بشير الجميل مؤسس القوات، في حين ان بشير الجميل كان ينتقد بشدة في عدة خطابات له عام 1978 و1979 حياد لبنان في خضم التطورات الحاصلة في تلك المرحلة. وتابعت هذه الجهات المسيحية ان الجميل وصف حياد لبنان انه حياد غبي وسخيف ولا يمكن ان تبقى الدولة متفرجة حيال كل ما يدور من حولها من اضطرابات وتغييرات في المنطقة. وعليه، رأت ان قائد القوات اللبنانية اليوم سمير جعجع يدعي انه يسير على درب بشير الجميل، لكن على ارض الواقع هو بعيد كل البعد عن توجهات بشير الجميل.

التيار الوطني الحر

وبعد ان اتهم النائب القواتي بيار بو عاصي الوزير جبران باسيل عندما كان وزيرا للخارجية بأن ادارته للملف الديبلوماسي كانت كارثية محملا اياه مسؤولية فتور العلاقات مع لبنان، أكدت منسقة اللجنة المركزية للاعلام في التيار الوطني الحر رندلى جبور ان الوزير جبران باسيل هو من اعاد الزخم للبنان عبر ارساء العلاقات على قاعدة «من دولة الى دولة» مع الدول العربية، كما حول بعض العلاقات اللبنانية التي كانت علاقات تبعية الى علاقات من الند للند. واضافت ان باسيل واصل علاقاته مع الدول العربية ولم يقطع اي علاقة مع اي دولة. فما هي الخطوة التي قام بها باسيل والتي ادت الى زعزعة العلاقات اللبنانية – العربية كما يدعي البعض؟

واعتبرت جبور انه اذا كانت القوات اللبنانية لديها علاقة مصلحة ضيقة مع دولة معينة، فالاتهام موجه لها وكيفية صياغة علاقتها في حين ان التيار الوطني الحر يبني علاقات على اسس وطنية ومبدئية .

في نطاق متصل، اعتبرت جبور ان التيار الوطني الحر هو تيار ديموقراطي، ولذلك من الطبيعي ان تحصل نقاشات وتباينات في الاراء داخل التيار، ولكن للاسف البعض يتمنى ان تحصل خلافات وانشقاقات في التيار الوطني الحر، انما هذه امنيات لن تتحقق. وجاء رد رندلى جبور بعد تناقل معلومات عن خلافات داخلية وانزعاج النائب سيمون ابي رميا والنائب ابراهيم كنعان والنائب ألان عون من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

اما عن اقتراح الحكومة استثمار اصول الدولة لا بيعها، فقالت المنسقة الاعلامية للتيار الوطني الحر رندلى جبور: «نحن اول من طالب بانشاء صندوق سيادي ائتماني، ونحن نرفض بيع اصول الدولة، ولكن استثمارها قد يؤدي الى نشاط اقتصادي، وادارته يجب ان تكون من لجنة خاصة تنشئها الدولة لبنانية التي بدورها تنتدب اشخاصاً معينين لتولي العمل.

مصرف لبنان: هل يشمل التدقيق المالي وزارات؟

الى ذلك، تساءلت اوساط سياسية لماذا التصويب فقط على مصرف لبنان وإجراء التدقيق المالي على هذه المؤسسة دون غيرها، في حين ان الفساد ينخر كل الوزارات والادارات، وبالتالي حصر التدقيق المالي فقط بمصرف لبنان يثير الريبة، ويؤكد ان هذه الخطوة تنبع من الخصومة السياسية. ورأت هذه الاوساط ان السب وراء التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان هو سياسي، اي بمعنى اخر، ومنذ بدء الازمة المالية وجهات سياسية تسعى الى تحميل حاكم مصرف لبنان مسؤولية الانهيار المالي وجعله كبش فداء. ويشار الى ان شركة الفاريس ومارسال تبين ان مهامها لا ترتكز على اجراء تدقيق جنائي مالي بل مهامها ترتكز على اعادة هيكلة القطاع المصرفي .

في المقابل، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان سيساعد في معرفة واقع المال العام.

من جهتها، اعتبر حزب الكتائب ان التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان هو خطوة اصلاحية وايجابية متمنيا ان يشمل التدقيق المالي كل الوزارات والصناديق واوجيرو وغيرها من ادارات تشكل مغاور للفساد، وقد اعربت عن استغرابها لعدم اجراء تدقيق مالي في قطاع الكهرباء نظرا الى ان العجز وصل الى 40 مليار دولار.