قبلان يصرّ على تحريف حياد الراعي


رغم شرح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أكثر من مرة مفهومه للحياد الذي ترفع بكركي لواءه منذ أسابيع، كخشبة خلاص للبنان، وتوضيحه انه يعني الابتعاد عن الأخلاف المتناحرة في المنطقة وعدم إقحام لبنان في اي محور من محاور الاقليم ولا في حروبه، يبدو ان الفكرة لم تصل بعد واضحة الى الشركاء في الوطن، أم أنهم لا يريدون ان يفهموها على حقيقتها.
فاليوم، جدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في رسالته إلى اللبنانيين عموما والمسلمين خصوصا، لمناسبة عيد الاضحى، رفضه ما أسماها “قصة الحياد” قائلا انها “مستحيلة لا لأننا لا نريدها، بل لأنها غير ممكنة على الإطلاق، كون لبنان في قلب العاصفة، وضمن محاورها، ولا يمكن أن يكون محايدا، بل عليه أن يكون شريكا فاعلا وأساسيا في الدفاع عن نفسه وعن مصالحه، وإلا أصبح فريسة سهلة المنال”.
فالحياد لا يعني ابدا السكوت عن اي اعتداء على لبنان بل بالعكس، أساسه قيام دولة وجيش قويين للدفاع عن الدولة متى تعرّضت لاي تهديد. الا ان الجدير ذكره، ان الحصار الاميركي الاقتصادي المفترض هو نتيجة لانغماس حزب الله في حروب المنطقة وتحويله لبنان ساحة يمكن ان تستخدمها ايران ساعة تشاء لتوجيه الرسائل الساخنة الى اسرائيل والاميركيين، متى دعت الحاجة. اي ان الحصار هو نتيجة لفقدان الحياد في بيروت ولانحيازها لصالح محور الجمهورية الاسلامية. اما إسرائيل، فلا أحد يطالب بمهادنتها او التطبيع معها، وقد كرر البطريرك أكثر من مرة هذا الكلام، وان للبنان الحق في الدفاع عن نفسه، ولكن طبعا عبر مؤسساته الامنية والعسكرية الشرعية، والامر نفسه ينسحب على التهديد التكفيري او سواه.
ولكن على ما يبدو البعض لا يزال يرفض الحياد لانه يريد ان يتوجه الى القتال في سوريا واليمن والعراق متى يشاء، ويريد إبقاء لبنان صندوقا في يد ايران ويريد فتح حروب مع اسرائيل متى شعر ان ثمة حاجة “اقليمية” لذلك. ولهذه الاسباب العقائدية والمصلحية الفئوية، لا يريد الحياد… أما الدفاع عن النفس، فحجة في غير مكانها ولا علاقة لها بالحياد!