غسان عطالله: الإنتصار آتٍ

في لبنان، ليس مستغرباً أن يصل محازب، عديم البصر والبصيرة، مستتبع، جاهل، شبّيحاً كان أو نظيف الكف والعقل، وحتى ابن شارع، إلى أعلى المراكز في الدولة. قد يجد نفسه مديراً عاماً بالتعيين أو عضو مجلس إدارة رسمية، أو نائباً واصلاً في بوسطة، أو وزيراً… لا بل هذا هو المسار الطبيعي لبعض المستزلمين من مؤلّهي قادتهم، لكن ما يؤسف له إنحدار السياسي من موقع المسؤول إلى موقع الزقاقي، الأعمى، الموتور، لمجرّد أن الخصم مسّ قدس أقداسه.

وفي الأمس القريب شهدنا جولات بين “حزب القوات” و”العونيين” على خلفية تغريدة لبيار أبو عاصي، رأى فيها العونيون إنتقاداً قاسياً لرئيس البلاد، فانضم إلى الفريق العوني المتصدي لنائب المتن الجنوبي وزير سابق، عبّر بإيجاز عن أطيب ما يختزنه قلبه تجاه القوات “يلي خسرتو القوات بالحرب هو الشرف والكرامة بس استفادت بالنهب والسرقة والعمولة، والدليل قصر معراب وكل الثروات يلي بيّنت، وبالحكم ما خلصت المعركة ضد الفاسدين لا بل بعدا بأولها، فانتبه وما تستعجل متل ما استعجلتوا بالتسعين أحسن ما تفوتوا بحيط جديد، خصوصي إنو الرهانات الخاطئة من اختصاصكن”.

وحبذا لو جَدوَلَ عطالله الرهانات الخاطئة بحسب التسلسل الزمني، من “الأحدث” إلى “الأقدم” وفي الجدولة إفادة للجمهور المتعطش لنهل التاريخ المُروى عبر تغريدات طائشة.

والوزير (السابق) عطالله ( 48 عاماً) كما العديد من الوزراء والسياسيين ومؤلّهي قادتهم، أغنوا الحياة السياسية بسلوك إنفعالي، لا يستند إلى منطق ولا إلى مرجع ولا إلى ثوابت. وكي لا يُبخس الرجل حقه، فصاحب المعالي يرى ما لا يراه خصوم تياره، وهو على قناعة بأننا على وشك تسجيل انتصار جديد، ولا أحد يعرف كيف تراءى له أننا منتصرون لا محالة والشعب العظيم على حافة الجوع وفي قاع الذل. يروي وزير المهجرين السابق “أن في اليوم الثاني بعد اندلاع حرب تموز (2006) زرت العماد ميشال عون في الرابية فقال لي إنه أكيد من الانتصار؛ وكما في الأمس كذلك اليوم أنا أكيد أن الرئيس عون سيأتينا بالانتصار لأننا نخوض حرب الحصار بالايمان نفسه”.

لا خطط عملية. لا حسابات. لا مبادرات. لا إصلاحات بنيوية. لا خطوات سيادية فعلية. لا تحولات إيجابية. لا معادلات وتحالفات وازنة بنى عليها صاحب المعالي فكرة الإنتصار الوشيك. المسألة إيمانية فقط. أما الحرب لفك الحصار فهي من التهيؤات الدونكيشوتية التي تفترض وجود القبطان والبطل والمنقذ، وإذا أراد عاقل مجاراة عطالله في ما يتخيله، فإن وُجد الحصار، بعد قانون “قيصر”، فلأن الحكومة المستقلة تدين بالولاء المطلق لـ”حزب الله” المحاصر دولياً وعربياً.عدْ إلى الواقع سيد غسّان واستمع إلى ما يقوله الناس عن الزعماء ـ الآلهة.

عماد موسى-نداء الوطن