رسائل الحزب تهويلية.. وهذه أهدافها


بينما شيّع حزب الله أمس في بلدة عيتيت الجنوبية احد عناصره علي محسن الذي سقط في غارة إسرائيلية على موقع قرب مطار دمشق قبل يومين، واصلت الماكينة الإعلامية للحزب وتلك التي تدور في فلك محور الممانعة، التهويل بردّ لا بد سيقوم به حزب الله على مقتل محسن.
هذا الجوّ انعكس استنفارا عسكريا إسرائيليا على الحدود الجنوبية تحسبا لأي طارئ.

وقد أشارت وسائل إعلام عبرية صباح اليوم، نقلا عن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن الأخير قرر بعد تقييم الوضع إرسال تعزيزات من قوات المشاة إلى القيادة الشمالية العسكرية على الحدود مع لبنان”.

وأعلنت القناة 13 العبرية: “بعد تقييم الوضع الأمني، قررت قيادة الجيش، نقل الكتيبة الثالثة عشرة، من لواء غولاني إلى فرقة الجليل، وذلك كجزء من الاستعدادات لرد حزب الله”. لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، قرع طبول الحرب هذا، هدفه تهويلي لا اكثر. وفي “أفضل الأحوال”، قد يرد الحزب بضربة موضعية مضبوطة شكلا ومضمونا، لحفظ ماء وجهه أمام جمهوره بعد أن كان أمينه العام تعهد بانه لن يسكت عن استهداف عناصره. وفي رأيها، فإن حزب الله ليس اليوم قادرا على الدخول في مواجهة مفتوحة مع العدو الإسرائيلي أو سواه.. لماذا؟
ببساطة لان اللبنانيين كلّهم، و”حاضنته” الشعبية جزء لا يتجزّأ منهم، غير قادرين على تحمّل أوزار مواجهات جديدة، مكلفة، بشرا وحجرا ومالا.

“يلّي فيهن مكفّيهن”، تتابع المصادر. الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر فيه البلاد لم يعد يرحم أحدا. الشح في المازوت والتقنين الكهربائي والغلاء الفاحش في الأسعار، مشاكل تكوي اللبنانيين من دون أن تفرّق بينهم، وقد شهدت الضاحية، معقل الحزب، منذ أيام قليلة، تحركات احتجاجية في الشارع، من حرق اطارات وقطع طرق، احتجاجا على تردّي الاوضاع المعيشية، التي تقف حكومة اللون الواحد وعرّابها حزب الله، عاجزة عن حلّها… فهل يمكن ان يصدّق عاقل ان الحزب سيُقدم والحال هذه، على فتح حرب مع اسرائيل، تكون مثابة رصاصة يطلقها على نفسه؟!
انطلاقا من هنا، تقول المصادر ان الغرض من هذا التهويل قد يكون توجيه رسائل الى المجتمع الدولي، خاصة في ظل وجود وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان في بيروت، فحواها ان الحزب قادر على التصعيد وعلى “إزعاج” اسرائيل وتخريب الامن في المنطقة ككل، اذا استمر الضغط عليه ومحاصرته بالعقوبات الاقتصادية، وبالتضييق على حكومته، وبالتسويق لتعديل مهام اليونيفيل ومن خلال المحكمة الدولية… ووفق المصادر، فإن الضاحية، تريد ايصال هذا التحذير الى واشنطن، عبر صندوق لودريان الذي يتواصل في شكل غير منقطع مع نظيره الاميركي مايك بومبيو في شأن لبنان وسواه… لتقول للادارة الاميركية “نملك اوراق قوة كثيرة وموجعة يمكن ان نستخدمها اذا واصلتم حشرنا”.
على اي حال، سيتظهّر موقف الحزب اكثر من الغارة الاسرائيلية ومن حجم ردّه المفترض، في خطاب سيلقيه الامين العام السيد حسن نصرالله في الايام القليلة المقبلة، الذي لن ينتظر وفق معلومات “المركزية” تاريخ 14 آب (ذكرى انتهاء حرب تموز 2006) كي يتحدث في ما حصل في سوريا. هذا الواقع، يقودنا مجددا الى الاضاءة على احد ابرز مشاكل لبنان وفق لودريان والمجتمع الدولي برمّته، الا وهي سقوطه في يد حزب الله الذي يخطف قراره السيادي (الحرب والسلم) ويمكن له في اي لحظة ان يدخل البلاد في حروب ومواجهات، لاهداف خاصة تخدم محوره وايران، من دون استشارة اي من الاطراف الحليفة او المناوئة. واذا لم تتغير هذه الحقيقة، وتنتفض الشرعية والدولة لنفسها، فإن اي مساعدات دولية لن تصل للبنان، تختم المصادر.