الفيديرالية؟

هذه الكلمة في لبنان دائمًا هي كلمة تخيف وتوحي بالتقسيم الطائفي والنفسي والجغرافي علماً ان الفيدرالية والكونفدرالية واللامركزية والادارة الموسعة هي نماذج معتمدة في ارقى واكثر البلدان تطوراً كسويسرا التي هي اكثر بلد آمن وراق وحضاري وهو بلد فيدرالي مقسم الى كانتونات وتمتلك سويسرا تنوعا طائفيا ودينيا ولغويا وتميزت بالحياد في كل الحروب منذ نهاية القرن الثالث عشر….

الولايات المتحدة بدورها مقسمة الى ولايات، فهي اتحاد فيدرالي وهي اعظم دول العالمً…. ويوجد امثلة كثيرة لارقى دول العالم مقسمة على شكل الفيدرالية او اللامركزية الادارية….

وذلك للقول ان النقاش حول هذا الموضوع ليس خيانة او تطرفاً او تقسيماً بل بالعكس خصوصا انه في ظل هذه الازمة الاقتصادية يتاكد مرة جديدة للاسف ان هنالك لبنانين اثنين :

لبنان يريد السلاح والحرب والفقر ومستعد للجوع من اجل الزعيم والطائفة، وهذا المنطق اعادنا سنوات الى الوراء في ملف الكهرباء وفي الاقتصاد وفي تطور نظامنا الصحي ونظامنا التربوي. ولبنان اخر يريد الحرية والتطور والازدهار ولبنان القوي ولا يريد حروبا. فكيف يمكن لهاتين العقليتين ان تعيشا في البلد نفسه وان تبنيا دولة واحدة مع بعضهما ؟ البعض يروج لثقافة الموت والبعض الاخر يريد فقط ان يعيش رغم كل شيء. البعض يريد ثقافة مهرجانات بعلبك والموسيقى والبعض الاخر يعتبر نقلها ليس من ثقافته. الفرق موجود منذ سنين والاختلاف موجود في كل شيء لكن اصبح هذا الاختلاف يوثر على حياتنا اليومية اكثر واكثر واصبحت فئة كبيرة من اللبنانين مضطرة ان تعيش في الفقر ودون ادنى حاجتها وتموت على ابواب المستشفيات ولا يمكنها ان تدفع قسطا مدرسيا. وكل ذلك لانها تدفع ضريبة سوء ادارة وفساد وخيارات سياسية داخلية وخارجية اتخذها البعض بمفرده فضربت سياحتنا واقتصادنا ومستقبلنا وحتى الان لا يوجد من يتحمل المسؤولية ويدير البلاد بطريقة حاسمة. فاذا كانت الفيدرالية وتقسيمً البلاد الى قسم يمكنه ان يحل مشكلة الكهرباء والنفايات بطريقة فعالة يمكن ان تكون حلاً لان المركزية اثبتت فشلها في ادارة كل الملفات منذ خروج الجيش السوري من لبنان فالنقاش حول تطبيق صارم وموسع للامركزية الادارية او حتى نوع من الفيدرالية يمكن ان يريح اللبنانين الذين اصبحوا يشعرون انهم مواطنون في بلد ليست بلدهم. واثبتت التجارب مجددا ان عمل جمعيات وبلديات مكنها من ان تنجح اكثر من الدولة مثلا في فرز النفايات وحل الازمة كما في الكهرباء. فبعض البلدات امكنها ان تصل الى 24 ساعة كهرباء، كما ان تطوير النظام التربوي والصحي ضمن اللامركزية او الفيدرالية يمكن ان يكون فعالا اكثر من وضعنا الماسوي اليوم. فالهروب من اساس المشكلة هو الاختلاف الكبير في وجهات النظر وبالسياسات الاقتصادية والخارجية والداخلية هو هروب من الواقع. وهذا الوضع لا يمكن ان يتطور لبنان ابداً لان ادارته بهذه الطريقة اثبتت انها ادارة فاشلة ومافيا تتقاسم الارباح ولا تتفق على شيء وهدمت البلاد ولا يمكنها اعماره من جديد….

ميشيل تويني-النهار