المفارقة أن الذهاب شرقاً ونحو العراق الغارق في أزماته في فوضى أهلية أيضاً، لا يحلان المشكلة اللبنانية الأعمق من ذلك بكثير، إذ أن الصين تستثمر عادة في بيئات مستقرة، ولا تقدم مساعدات لوجه الله، واي اتفاقات مع الدولة اللبنانية والشركات تحتاج الى شروط مواتية ومناخات دولية توافق على مساراتها. ووفق سياسي عتيق، يسلم رئيس الحكومة بالكامل ورقته وموقعه إلى “حزب الله” فيما الرئيس ميشال عون شاهد على ذلك وهو المربك أيضاً مع باسيل في علاقته بالأميركيين. وبينما توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لعجز الحكومة عن القيام بإصلاحات، اختار حسان دياب الذهاب في وجهة “حزب” وخوض معركته، بعدما وجد نفسه وحيداً، أولاً في بيئته السنية التي لا تقدم أي غطاء سياسي، وثانياً في علاقته بالمجتمعين العربي والدولي، فهو متهم بأنه يساير الحزب ويأتمر بقراره، إذ لا مساعدات للبنان من دون إجراء تغييرات جذرية، وهذا جزء من المعركة القائمة بين المحورين. لكن الاخطر من ذلك، انه حين يقول دياب في ظل الحصار المفروض، أنه لن يتزحزج من مكانه ومستمر إلى النهاية في رئاسة الحكومة ومستعد للمجابهة، فهو يسلم بالكامل الى محور الممانعة ويعترف بالعجز عن حل الازمة أو التخفيف من حدة الإنهيار على اللبنانيين بطوائفهم وفئاتهم المختلفة، لذا من المتوقع أن يندفع الى مزيد من المجابهة مع المجتمع الدولي ومع الأميركيين، طالما أنه عاجز عن اختراق بيئته الطائفية، فيما يحميه الحزب من خلال بيئته، علماً أن هذا الاخير خسر الكثير في البيئات الطائفية الاخرى، وهو الذي كان قادراً على المناورة باسمها في معركته المحلية والإقليمية.
أما التبادل التجاري وفق ما حكي عن النفط العراقي مقابل منتجات زراعية، فيواجه الكثير من الصعوبات مع قانون قيصر طالما أن البضائع ستعبر من سوريا التي تفرض واشنطن عقوبات عليها وعلى كل من يتعامل مع النظام، فيما اعتماد ناقلات النفط التي يمكن أن تمد لبنان بالطاقة، مسألة في غاية الصعوبة، علماً أن العراق كان يمد لبنان بالنفط إلى منشآته قبل الحرب عبر خط أنابيب يعبر سوريا، وهي معطلة اليوم ولا يمكن تشغيلها إلا بقرار أميركي، وهو يحتاج أصلا إلى إعادة تأهيل وكذلك المنشآت اللبنانية.
إن سياسة الانتقال الى الشرق مجرد مزحة سمجة وغير واقعية لبلد يعاني انهياراً وصراعات مستمرة.