افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الاثنين 13 تموز 2020

افتتاحية صحيفة النهار

كورونا لبنان: الذروة

قد يتذرع كثيرون لتبسيط الامور بان العدد الكبير للمصابين بفيروس كورونا الذي ظهر أمس، هو من غير اللبنانيين، بل عمال اجانب يعملون في شركة لجمع النفايات، وهم يقيمون جماعات في ابنية متقاربة بحيث يسكن في الطبقة الواحدة اكثر من 50 عاملا، ما يجعل انتقال العدوى امراً في غاية البساطة. لكن الواقع المقابل الذي تبدى في عطلة نهاية الاسبوع، هو تحرر اللبنانيين من كل القيود والاجراءات التي فرضتها وزارة الصحة العامة من حيث وضع الكمامات في الاماكن العامة والمكتظة، واحترام مسافات التباعد، وقواعد النظافة، اذ اقيمت أعراس عدة، كما شهدت الشواطئ والمطاعم وأماكن السهر اكتظاظاً، يجعل العدوى ممكنة، وتجعل تصاعد ارقام المصابين امرا مرجحا في الايام المقبلة، خصوصا مع عودة الطيران الى حركة شبه طبيعية.

وعلى رغم ارتفاع عدّاد كورونا أمس الى أرقام اعتبرها وزير الصحة العامة حمد حسن “ذروة” وهي تسجل للمرة الأولى في لبنان منذ 21 شباط الماضي، إلا أن وزارة الصحة لم تر أن لبنان دخل موجة ثانية من الفيروس، باعتبار أن الإصابات لا تزال ضمن تجمعات ولم تتفش مجتمعياً، وطمأن حسن أن كل تلك الاصابات معلومة المصدر، وتالياً فإن امكان نقل العدوى قائم لكنه ليس كبيراً. وأكد ان 75% من العدد يتعلق بشركة كبيرة للتنظيفات وأن اكثريتهم من غير اللبنانيين.

واعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 166 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2344، اذ نقل مسعفو الصليب الأحمر اللبناني مصابين بكورونا من مقر إحدى شركات التنظيف إلى مراكز حجر. وتبيّن إصابة 131 موظفًا من أصل 240، على أن تصدر نتائج فحوص PCR الجديدة تباعًا. وأوضح تقرير الوزارة ان الإصابات الـ166 توزّعت بين 158 محلية (139 من المخالطين) و8 من الوافدين من قطر والكويت والبرازيل وساحل العاج. وأفاد التقرير ان عدد الفحوص التي أجريت بلغ 3883، 2255 منها للمقيمين و1628 للوافدين في المطار. وبلغ عدد حالات الشفاء 1420.

وتوزعت الإصابات على المناطق كالآتي: رأس بيروت 1، المصيطبة 1، الظريف 1، مار ميخائيل النهر 1، بعبدا 3، برج البراجنة 6، الجناح 1، الليلكي 2، الأوزاعي 1، طريق الجديدة بياقوت في المتن 118، جل الديب 1، الدكوانة 1، المنصورية 1، الفريكة 1، كفرحيم 1، جدرا 1، عرمون 1، بحمدون المحطة 1، الشويفات العمروسية 3، حي السلم 4، مجدلبعنا 1، راس مسقا 1، عكار العتيقة 1، بدنايل 1، كفرملكي 1، صور 1، باريش 1، دير الزهراني 1، مزرعة كفرجوز 1، عيترون 1، شقرا 1، وعين جرفا في حاصبيا 1.

وقالت لجنة الطوارئ وإدارة الكوارث في بلدية الجديدة – البوشرية – السد انه “بعد المتابعة الميدانية لموضوع العمال التابعين لاحدى شركات التنظيف إثر إصابتهم بفيروس كورونا، قامت عناصر الشرطة والحراس والاشغال والصحة في البلدية بمؤازرة الصليب الأحمر ووزارة الصحة العامة بأخذ عينات لإجراء فحوص PCR لجميع العاملين والبالغ عددهم 240 شخصا، تبين إصابة 130 شخصا منهم، وقد تم التنسيق مع الاجهزة كافة لنقلهم الى مركز حجر خارج نطاق المنطقة، وعملت البلدية على تعقيم كامل المبنى والغرف والالبسة الخاصة بالعمال منعا لتفشي الفيروس”.

*********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

كورونا… الحكومة تحثّ على “حبس الأنفاس” وهواجس حول داتا الـ”DNA”

الراعي يواجه “عبَث الأكثرية” بثلاثية “الحياد والسيادة والهوية”

بالمختصر المفيد، بات رئيس الجمهورية ميشال عون أمام خيارين لا ثالث لهما: “الانحياز” الذي يفرضه عليه تفاهم مار مخايل أو “الحياد” الذي يدعوه إليه مار بشارة بطرس الراعي… فزمن التموضع الرمادي بين البينين ولّى إلى غير رجعة بعدما بات الجميع أمام لحظة حقيقة مصيرية تضع هوية البلد وكيانه وثقافته وحضارته على محك “القرارات الجريئة” التي طالب البطريرك الماروني المسؤولين باتخاذها تحت سقف ثلاثية “الحياد والسيادة والهوية”، في مواجهة “عبث أية أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون وبنموذج لبنان الحضاري، تعزله عن أشقائه وأصدقائه من الدول والشعوب، وتنقله من وفرة إلى عوز ومن ازدهار الى تراجع ومن رقي إلى تخلّف”.

هي إذاً جبهة “حياد لبنان وعدم تنازل الدولة عن قرارها وسيادتها تجاه الداخل والخارج وألا يتفرد أي طرف بتقرير مصير البلد بشعبه وأرضه وحدوده وهويته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته”، أطلقها رأس الكنيسة، ودعا رأس الجمهورية للانضمام إليها من أجل “حماية لبنان ورسالته وتجنّب الانخراط في سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية”، لا سيما وأنّ عظات البطريرك الماروني السيادية والحيادية ونداءاته المتصاعدة في هذا الاتجاه تأتي في سياق منسجم “مع توجهات الفاتيكان إزاء معالجة الأزمة اللبنانية” كما أكدت مصادر مطلعة على أجواء الحاضنة البابوية لـ”نداء الوطن” كاشفةً أنّ الزيارة الفاتيكانية المرتقبة للراعي ستكرس هذا التوجه وتبلور أكثر فأكثر صورة الدعوة الرعوية لتعزيز جبهة “حياد لبنان” باعتبارها الكفيلة وحدها بالحؤول دون أن تبتلعه نيران الإقليم ومحاوره المتناحرة.

وعلى هذا الأساس، أضحت الأنظار متجهة إلى كيفية تفاعل الرئاسة الأولى مع عظة “الحياد” الكنسية المؤازرة بزخم بابوي، وهو ما ستبدأ تتكشف معالمه من خلال أجواء اللقاء المرتقب الذي سيجمع البطريرك الراعي برئيس الجمهورية عشية مغادرة الأول إلى الفاتيكان، في وقت لا تزال تُرصد محاولات من جانب أهل السلطة للالتفاف على نداء “الحياد” سواءً عبر تأويلات “خنفشارية” لمعاني كلام البطريرك الماروني تضعه في خانة واحدة مع التوجهات العونية، أو من خلال الزيارة التي علمت “نداء الوطن” أنّ رئيس الحكومة حسان دياب يعتزم القيام بها نهاية الأسبوع الجاري إلى الديمان للقاء الراعي، باعتبارها تندرج ضمن إطار السعي لتظهير صورة تجمع الراعي بدياب على أنها تحييد شكلي لحكومة 8 آذار عن دائرة سهام “الحياد”.

وفي الغضون، تبدو سياسة “لا داعي للهلع” التي اتبعتها حكومة دياب في مواجهة تسرّب وتفشي وباء “كورونا” مهددة فعلياً اليوم تحت وطأة الهلع المتزايد جراء ارتفاع عداد الإصابات بشكل دراماتيكي خلال الأسبوع الأخير وصولاً إلى بلوغه مستوى الذروة مع تسجيله أمس رقماً قياسياً بلغ 166 إصابة مثبتة مخبرياً، كان لشركة “رامكو” للتنظيفات حصة الأسد منها بعدما تبيّن وجود أكثر من 131 مصاباً بالكورونا في صفوف موظفيها القاطنين في أحد مباني الشركة الكائن في منطقة رومية، ليصار على الأثر إلى نقلهم تباعاً بآليات الصليب الأحمر إلى مركز مخصّص للعزل في الكرنتينا يخضع لحراسة بلدية بيروت. ولأنّ الاتكال على الإجراءات الحكومية وحدها لم يحجب خطر تفشي الوباء، بات على الناس اعتماد إجراءات احترازية ذاتية تقيهم خطر الإصابة وسط تشديد مصادر حكومية لـ”نداء الوطن” على أنّ الحل الناجع الوحيد في مواجهة الأزمة هو “حبس الأنفاس” عبر التزام سلسلة خطوات إرادية تبدأ بوضع “الكمامات والمحافظة على مسافة التباعد الاجتماعي وتفادي التواجد في أماكن مكتظة”، مشيرةً إلى أنّ لجنة “كورونا” ستعقد اجتماعاً لها اليوم في السراي الحكومي للتباحث في مسألة الارتفاع المستمر بأرقام المصابين، على أن يصدر عنها “مزيد من التوصيات المتعلقة بوجوب تطبيق الإجراءات الوقائية وحضّ المواطنين على الالتزام تحت طائل تحميلهم المسؤولية”.

ورداً على سؤال، أكدت المصادر الحكومية أنّ “الوضع الاقتصادي لا يسمح بإعادة فرض قيود حالة الطوارئ والتعبئة العامة كما كانت في السابق”، لافتةً إلى أنّ “الأمور ستبقى مرهونة بمسار الأيام المقبلة وسط معطيات تشي بأنّ أرقام الإصابات، التي من الممكن أن تظل مرتفعة نسبياً خلال هذا الأسبوع، ستعود لاحقاً إلى الانخفاض، وإلا فلا مفرّ من العودة إلى التشدد في الإجراءات الزجرية في حال عدم التزام المواطنين بالتدابير الذاتية”.

تزامناً، استرعت الانتباه سلسلة من الهواجس وعلامات الاستفهام طفت على سطح فحوص الـ”PCR” التي يجريها الوافدون في مطار بيروت، والتي تمحورت وفق ما نقل بعضهم لـ”نداء الوطن” حول مصير داتا الـ”DNA” الخاص بهم والتي يمكن استخلاصها من العينات المأخوذة منهم لدى وصولهم إلى المطار، موضحين أنّ ما عزز هواجس البعض منهم في هذا الإطار هو أنّ عملية أخذ وتحليل هذه العينات تم تلزيم قسم منها على الأقل إلى مختبرات طبية محسوبة على “حزب الله”.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: حراك مالي محلّي وخارجي.. ولودريان في بيروت الجمعة

شهدت عطلة نهاية الاسبوع في لبنان حدثين بارزين: الاول، ايجابي تمثل بانخفاض سعر الدولار الاميركي في السوق السوداء، دفع البعض الى التفاؤل باستمراره، استناداً الى جملة مواقف ومعطيات مشجعة داخلية وخارجية. فيما بعض آخر وصف هذا الانخفاض بأنّه مخادع وربما يهدف مثيروه من اركان الطبقة الفاسدة السياسية والمالية والاقتصادية والمصرفية، الى الاستحواذ على ما تبقّى لدى المواطنين من عملات صعبة، عبر إيهامهم بأنّ «الفرج آتٍ»، وانّ عليهم ان يستعجلوا الخطى لبيع ما لديهم من هذه العملات قبل انخفاض اسعارها، فيما لم يظهر في الافق بعد، انّ الانفراج قريب طالما انّ هذه الطبقة لا تزال قابضة على السلطة وما تبقّى من مقدرات البلاد.

أما الحدث الثاني فكان سلبياً، ومن شأنه ان يفاقم حال الانهيار التي تعيشها البلاد، وتمثّل بانتكاسة أخرى، ولكن خطيرة وكبيرة هذه المرة على مستوى ازمة كورونا، بتسجيل امس 166 اصابة، في اعلى رقم يومي للمصابين منذ تفشي هذا الوباء في البلاد منذ اواخر شباط الماضي.

تداخلت خلال نهاية الاسبوع مجموعة عوامل ومعطيات دفعت بعض الاوساط السياسية والمعنية الداخلية الى التفاؤل بإمكان دخول الازمة المالية والاقتصادية المتفاقمة اجواء ايجابية تفتح الطريق امام معالجات ناجعة لها، حيث إنخفض سعر الدولار الاميركي في السوق السوداء الى ما دون الـ6 آلاف ليرة، بعدما كان بلغ 10 آلاف ليرة، ويبدو انّ هذا الانخفاض، في رأي هذه الاوساط، يستند الى مجموعة معطيات محلية واقليمية ودولية منها: أولاً، إستئناف المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.

وثانياً، المواقف الاميركية الأخيرة التي تؤكّد الاستعداد لمساعدة لبنان على تجاوز الازمة التي يمرّ بها. وثالثاً، زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الجمعة المقبل للبنان، والتي استبقها بمواقف تستبطن الاستعداد الفرنسي للمساعدة. ورابعاً، التوقعات بمبادرة عدد من دول الخليج العربي، وعلى رأسها الكويت وقطر، لتقديم مساعدات للبنان، لتمكينه من تجاوز المرحلة الصعبة التي يمرّ بها.

ويُتوقع ان تتبلور طبيعة الموقف الكويتي مع عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من الكويت اليوم، التي كان توجّه اليها امس، ناقلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، على أن تكون له لقاءات مع مسؤولين كويتيين كبار آخرين.

وكان ابراهيم وصل الى العاصمة الكويتية مساء أمس، وكان في استقباله مدير الديوان الأميري.

ولبّى ابراهيم مساء دعوة رئيس مجلس الأمّة الكويتي مرزوق الغانم الى عشاء أقامه على شرفه في حضور عدد من المسؤولين الكويتيين الكبار يتقدّمهم نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية، على ان يلتقي امير الكويت اليوم ثم يعود الى بيروت.

لودريان

الى ذلك، تنتظر الاوساط الديبلوماسية والسياسية زيارة وزير الخارجية الفرنسية السيد جان ايف لودريان للبنان نهاية الأسبوع الجاري، في جولة سريعة يقوم بها في المنطقة، وسيصل الى بيروت مساء الجمعة المقبل مختتماً زيارة لبغداد تستمر يومين.

وقالت مصادر ديبلوماسية فرنسية ولبنانية لـ«الجمهورية»، انّ الزيارة التي شكّلت اولى الزيارات الرسمية لمسؤول اوروبي على هذا المستوى، بعد انتهاء تداعيات ازمة الكورونا التي شلّت الحركة في العالم وقطعت التواصل بين الدول الجارة، فكيف بالنسبة الى العلاقات بين قارة وأخرى.

وتجدر الإشارة الى انّ هذه الزيارة كانت أُرجئت ثلاثة اسابيع، بعدما كان مقرّراً ان تحصل بداية النصف الثاني من حزيران الماضي، ولكن الظروف الداخلية الفرنسية وبقاء المطارات مقفلة بسبب جائحة كورونا أدّيا الى ارجائها، ثم جاءت بعدها استقالة الحكومة الفرنسية لتؤخّرها مرة ثانية الى هذا الاسبوع.

وفي المعلومات، انّ لودريان الذي سجّل سلسلة من الملاحظات القاسية حول الوضع في لبنان وما آلت اليه التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمالية فيه، يحمل معه مجموعة من الأفكار الفرنسية حول ما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة والموقف الفرنسي والدولي منها.

وقالت المصادر الديبلوماسية لـ«الجمهورية»، انّ لودريان يزور بيروت ساعياً الى تحقيق خطوات محدّدة يمكن ان تؤدي الى تحقيق ما تسعى فرنسا إليه، وخصوصاً لجهة قرارها الاستراتيجي بمساعدة لبنان في تسهيل المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، كبوابة تفتح الطريق امام مجموعة الدول والمؤسسات المانحة، التي يمكن ان تعود الى التعاطي مع لبنان فور نيله ثقة صندوق النقد.

وفي المعلومات، انّ برنامج زيارة لودريان يتضمن لقاءات تشمل كلاً من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية، كذلك سيلتقي مجموعة من الشخصيات اللبنانية الصديقة في مقرّ السفارة الفرنسية.

«الكابيتال كونترول»

أقتصادياً ومالياً، تجتمع لجنة المال والموازنة النيابية عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الإثنين وعلى جدول أعمالها موضوع «الكابيتال كونترول». وكشفت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، انّ مشروع «الكابيتال كونترول» الذي سيُناقش اليوم يتضمن مطالب صندوق النقد الدولي، الذي رفض ورقة مشروع كان اعدّها «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وأوضح للوفد المفاوض اللبناني انّ هناك نموذج مشروع مفصلاً لـ»الكابيتال كونترول» يطلبه الصندوق من الدول التي تطلب مساعدته.

وكان «التيار» و«الحركة» اعدّا ورقة مشروع لا تتعدّى البندين، بعدما كان وزير المال غازي وزني طلب سحب مشروع «الكابيتال كونترول» في جلسة لمجلس الوزراء في وقت سابق، تنفيذاً لرغبة مرجعيته السياسية، حسبما ابلغ الى المجلس يومها.

الصندوق…والدولار

الى ذلك، وبعد كلام رئيس الحكومة عن طوي صفحة الخلافات الماضية حول الخطة الانقاذية التي يتفاوض لبنان بموجبها مع صندوق النقد الدولي، تسري تساؤلات حول ما قصده دياب، خصوصاً ان لا مؤشرات الى توحيد الارقام ولا المقاربات حتى الآن.

وفي المعلومات، انّ المشكلة الاساسية لا تزال تكمن في المقاربات وتحديد المسؤوليات لتوزيع الاضرار. وبالتالي، لا يزال من المبكر الحديث على خطة رسمية واحدة للتفاوض في شأنها مع صندوق النقد الدولي.

في غضون ذلك، واصل سعر صرف الدولار تراجعه في السوق السوداء من دون وجود معطيات مالية أو اقتصادية تبرّر هذا الانخفاض. وفيما تحدثت معلومات عن اسباب سياسية وراء الانخفاض تتعلق بقرار سياسي ونقدي في هذا الاتجاه، استبعدت مصادر متابعة هذا الامر، خصوصاً انّه فيما لو كان هذا الامر صحيحاً، فإنّه يُعتبر بمثابة مضبطة اتهام في حق من يدّعي القدرة على خفض الدولار اليوم، لأنّ ذلك يعني انّه كان مسؤولاً عن ارتفاعه طوال الفترة الماضية. لكن الواقعية تقتضي الاعتراف بأنّ هذا الامر مستبعد، وبالتالي، وبرغم وصول سعر صرف الدولار الى 6800 ليرة امس، فانّ احتمالات تغيّر المشهد فجأة والعودة الى الارتفاع مجدداً لا يمكن أن تكون مستبعدة.

السعر الحقيقي

لكن مصادر رسمية ابدت لـ«الجمهورية» ارتياحها الى الانخفاض المتلاحق في سعر الدولار، متمنية أن يواصل سلوك هذا المنحى وعدم تسجيل انتكاسات سلبية مجدداً، الى ان يستقرّ في نهاية المطاف على سعره الحقيقي.

ولفتت المصادر إلى أنّه ثبت انّ انتفاخ قيمة الدولار خلال الفترة الماضية كان، في جزء منه، متأتياً من ورم سياسي، نتيجة استخدام البعض العملة الخضراء في معركة احراج الحكومة وتأليب الناس عليها، سعياً الى اسقاطها، «وبالتالي يؤمل في أن يدفع فشل مشروع تغيير الحكومة البعض الى الاقتناع بأنّها باقية، والكف عن توظيف الدولار في حساباتهم ورهاناتهم السياسية».

واشارت المصادر، إلى أنّ من العوامل التقنية التي ساهمت أيضاً في لجم سعر الدولار، التدابير التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها السلة الغذائية المدعومة التي خففت الطلب على الدولار في السوق السوداء، وعودة بعض المغتربين الذين ضخّوا دولارات في السوق.

وعلّقت المصادر الرسمية أهمية على المساعي التي تُبذل للحصول على دعم عراقي وكويتي وقطري للبنان، لافتة إلى انّه اذا تمّ الاتفاق على مدّ لبنان بنفط مخفوض السعر ومؤجّل الدفع، فمن شأن ذلك أن يريح الدولة، حتى إشعار آخر، من وطأة فاتورة سنوية مقدارها نحو ملياري دولار.

وكشفت المصادر، «انّ هناك تقديرات بوجود ما يزيد عن 5 مليارات دولار في منازل اللبنانيين»، مشدّدة على «أنّ الاستعادة التدريجية للثقة ستشجع هؤلاء على الإفراج عن مدخّراتهم وتحويلها تباعاً الى الليرة، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على العملة الوطنية والوضع الاقتصادي».

جلسة مالية بامتياز

من جهة ثانية، يجتمع مجلس الوزراء عند الحادية عشرة قبل ظهر غد في جلسة عادية في قصر بعبدا، بجدول أعمال من 17 بنداً ابرزها ما هو مالي، يتصل بمجموعة من البنود المتعلقة بتصحيح قطع حساب الموازنة العامة من العام 1997 إلى العام 2003 على سبيل التسوية، هي عملية مضنية انجزت في السنوات الثلاث الأخيرة بجهد استثنائي لديوان المحاسبة، وضُمّ اليها قطع الحساب الخاص بموازنة العام 2018 لتكون بذلك قد سُويت هذه القضية التي تُثار مع طرح اي موازنة، بعدما ارتُكبت مخالفات دستورية في السنوات ألأخيرة، سوّيت بمخالفات تمّ استيعابها بأكثرية نيابية تجاوزت الاصول الدستورية.

وعلى جدول الإعمال بند خاص مؤجّل منذ ثلاث جلسات يتصل باستقالة المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني وتعيين خلف له، في وقت لم يثبت انّه ليس من بديل مطروح بعد، سوى رئيسة دائرة الموازنة وعقد النفقات في وزارة المال كارول ابو خليل، والتي أُرجئ البحث في تعيينها قبل جلستين، انتظاراً لتسوية الاعتراضات عليها، ولم يُعرف بعد هل سيكون هناك بديل منها، بعد فشل كل الاتصالات حتى الآن في ثني بيفاني عن استقالته.

وعلى جدول الاعمال ايضاً بنود اخرى ابرزها: ورقة سياسة عامة خاصة بعودة النازحين، والاطار القانوني الذي يسمح لشركة الترابة في شكا لاستئناف عملها وفق المواصفات والشروط التي وضعتها وزارة البيئة والمراجع المختصة في وزارتي الداخلية والصناعة، والتي من شأنها ضمان تنفيذ الشروط الآيلة الى تصحيح الخلل البيئي القائم، والقوانين المتعلقة بسلامة المنطقة الصحية، ومواضيع أخرى عادية تتصل بالموافقة على اذونات سفر سابقة على سبيل التسوية، وقبول مجموعة من الهبات لمؤسسات تعمل في قطاعات مختلفة.

وصول الفيول

من جهّة ثانية، أعلن وزير الطاقة ريمون غجر في تغريدة مسائيّة، عن بدء وصول الفيول المستورد الى مؤسسة كهرباء لبنان تباعاً، والتغذية في التيار الكهربائي ستتحسن بدءاً من اليوم.

المعابر غير الشرعية

وفي هذه الأجواء وللعام الثالث على التوالي، ما زال ملف المعابر غير الشرعية مفتوحا على سيل من المفاجآت. وكلما اعلن عن اقفال معبر غير شرعي يُفاد عن مجموعة أخرى ما زالت مفتوحة، والدليل انه بعد مسلسل هذه التجارب اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش امس في بيان رسمي، انه «وفي إطار إجراءات ضبط الحدود والحدّ من عمليات التهريب، أقفلت وحدة من الجيش بالسواتر الترابية معبراً غير شرعي في محلة حرف السماقة ـ الهرمل، يُستعمل لتهريب السيارات المسروقة والبضائع».

وفي الوقت الذي تحاكي هذه الخطوة مطالب صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، تحدثت مصادر امنية مطلعة لـ «الجمهورية» عن بقاء اكثر من 7 معابر غير شرعية ناشطة 3 منها محصورة بالترتيبات الخاصة بـ «حزب الله» الذي ينظم تحركاته للشخصيات والوفود والأسلحة والمواد الخاصة بالوحدات الامنية بدقة متناهية وبتدابير مشددة. وقالت هذه المصادر، انّ التحركات عبر هذه المعابر لا تحصل إلّا بكلمات سر وأذونات خاصة.

الراعي

وفي المواقف السياسية، إعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال ترؤسه قداس الأحد السابع من «زمن العنصرة» في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، أنّ التأييد الكبير لموضوع الحياد الذي أطلقه في عظة الاحد الماضي، يؤكّد أنّ اللبنانيّين «يريدون الخروج من معاناة التَّفرُّد والجمود والإهمال. يريدون شركة ومحبَّة للعمل معاً من أجل إنقاذ لبنان وأجياله الطَّالعة. يُريدون مواقف جريئة تُخلِّص البلاد، لا تصفية حسابات صغيرة. يُريدون دولةً حُرَّةً تَنطق باسم الشعب، وتعود اليه في القرارات المصيرية، لا دولةً تتنازل عن قرارها وسيادتها أكان تجاه الداخل أم تجاه الخارج. لا يريدون أن يتفرَّد أيُّ طرف بتقرير مصير لبنان، بشعبه وأرضه وحدوده وهويَّته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته، بعد أن تجذّرت في المئة سنة الأولى من عمره! ويَرفُضون أن تعبث أيَّ أكثريَّة شعبيَّة أو نيابيَّة بالدستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاريّ، وأن تعزله عن أشقائه وأصدقائه مِن الدُّوَل والشعوب، وأن تنقلَه من وفرة إلى عوز، ومِن ازدهار الى تراجُعٍ، مِن رُقيٍّ إلى تخلُّف».

كورونا

وكانت سُجّلت أمس انتكاسة كورونية خطيرة، حيث اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 166 اصابة جديدة بوباء كورونا، رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2344. وصباح أمس، بدأ عناصر الصليب الأحمر اللبناني بعملية نقل مصابين بكورونا من إحدى شركات التنظيف إلى مراكز حَجر. وتبيّن حتى الساعة إصابة 131 موظفًا من أصل 240، على أن تصدر نتائج فحوص PCR جديدة تباعًا. وقالت الوزارة انّ الاصابات الـ166 الجديدة توزعت على 158 شخصاً من المقيمين و8 من بين الوافدين.

وفي هذه الاثناء، دعا وزير الصحة الدكتور حمد حسن المواطن الى «البقاء مطمئناً»، وقال: «قدراتنا الاستيعابية في المستشفيات الحكومية مقبولة، والأقسام جاهزة، وعلى رغم من العدد المرتفع للمصابين بكورونا لا يزال الأمر ضمن الخطة الموضوعة، والمطلوب من المجتمع اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتبقى الكمامة هي المعيار للوقاية».

ومن جهته، وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي، غرّد عبر «تويتر» متوجّها الى اللبنانيين قائلاً: «تجنباً لأي اجراءات قد تتخذها الحكومة في ما خصّ التعبئة العامة، نطلب من المواطنين الكرام حفاظاً على حياتهم وحياة عائلاتهم، وجوب التقيّد بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة العامة لجهة استخدام الكمامات والمحافظة على المسافة الآمنة وتفادي الأماكن المكتظة».

خرق اسرائيلي

من جهة ثانية، انتهك الطيران الحربي الإسرائيلي مجددًا، أمس، أجواء لبنان فوق عدد من مناطقه الجنوبية، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام». مضيفة انّ التحليق حصل على علو مرتفع، في أجواء صيدا وصور والزهراني وجزين وكذلك في اجواء النبطية وإقليم التفاح، حيث نفذ غارات وهمية على ارتفاع متوسط.

وكان لبنان قدّم مراراً شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي، متهماً إسرائيل بانتهاك سيادته، بما في ذلك بهدف توجيه ضربات صاروخية عبر اجوائه إلى مواقع عسكرية في سوريا .

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

رسالة المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان: تلازم الإصلاحات والنأي بالنفس

محمد شقير

قالت مصادر دبلوماسية أوروبية وعربية إن مسؤولية تجاوز لبنان للحصار الذي أوقعه فيه «العهد القوي» وحكومة «مواجهة التحديات» برئاسة حسان دياب، تقع على عاتقهما، وباتت أمامهما فرصة لإعادته إلى الأسرة الدولية كعضو فاعل فيها لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يتدحرج بسرعة نحو الفوضى، وصولاً إلى المجهول، تتطلب منهما التقيّد بمضامين خريطة الطريق التي يطرح البطريرك الماروني بشارة الراعي تفاصيلها بدعم من الفاتيكان والمجتمع الدولي، ومن خلال الدول العربية القادرة على مساعدته للنهوض من أزماته.

ولفتت المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لبنان ليس متروكاً من الأسرة الدولية ليواجه منفرداً أزماته التي تطبق الحصار عليه، وقالت إن المشكلة تكمن في «العهد القوي» الذي يكاد يقترب سياسياً من نهايته ما لم يبادر إلى الأخذ بالنصائح الدولية والعربية التي أُسديت له، بدلاً من استمراره في اتباعه سياسة المكابرة من جهة، وفي تحامل دياب على عدد من الدول العربية في محاولة منه لتحميلها مسؤولية الحصار المفروض على الحكومة من جهة ثانية.

ورأت هذه المصادر أن النداء الذي وجّهه البطريرك الراعي يعبّر عن حصيلة الموقف السياسي ليس للفاتيكان فحسب، وإنما للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، وهذا ما سيسمعه رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيسا البرلمان نبيه بري والحكومة حسان دياب من وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في زيارته المرتقبة هذا الأسبوع إلى بيروت. وقالت إن الراعي ينطق بلسان الأسرة الدولية والعدد الأكبر من الدول العربية.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر بارز في السفارة المصرية في بيروت، بأن الرسالة التي حملها السفير ياسر علوي إلى الرئيس عون من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاءت رداً على رسالة تسلّمها الأخير منذ أسابيع من الرئيس اللبناني، مع أنه لم تُعرف الأسباب التي أملت على الرئاسة اللبنانية الإبقاء عليها طي الكتمان.

واللافت في رسالة الرئيس السيسي الجوابية إلى الرئيس عون، أنها تناولت أمرين أساسيين: الأول دعوة الأخير للإسراع في ترجمة رزمة من الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة إلى أفعال بدلاً من حصرها بالأقوال، باعتبار أنها الممر الإجباري للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار المالي وتأمين تدفّق المخصّصات المنصوص عليها في مؤتمر «سيدر».

أما الأمر الثاني فيعود إلى أن هذه الإصلاحات في حاجة إلى إسناد من المجتمع الدولي لدعم المفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد، وبالتالي فإن الإسناد الدولي لن يتحقق ما لم تبادر الحكومة إلى النأي بنفسها عن التجاذبات الإقليمية باعتبار أن انخراط لبنان وإقحامه في لعبة المحاور يشكّل العائق أمام تصحيح علاقاته العربية والدولية.

لذلك، تعتبر المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية أن الحكومة باتت محشورة في الزاوية، وهذا ما ينسحب أيضاً على رئيس الجمهورية وأن تجاوز الخناق المفروض عليها يشترط منهما الإقرار بضرورة التلازم بين الإصلاحات المالية وبين العودة إلى اتباع سياسة النأي بالنفس التزاماً بما هو منصوص عليه في البيان الوزاري لأن تحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة يعتبر من بداية الإصلاحات السياسية المطلوبة منهما.

وتؤكد المصادر أن لا مفر من الالتزام بمبدأ التلازم بين مسار الإصلاحات وبين التقيُّد عملياً بمسار النأي بالنفس، وتقول إنه لم يعد في مقدور الحكومة القفز فوق الوصفة الدولية التي أُعطيت له والتي تُعتبر بمثابة دفتر شروط دولي وإقليمي ليس لعودة لبنان إلى الأسرة الدولية، وإنما للإفراج عن المساعدات التي لا تزال موضوعة في حجر سياسي بقرار دولي.

وتعتقد بأن الإصلاحات السياسية المطلوبة من لبنان تشمل انكفاء «حزب الله» إلى الداخل وعدم استخدام الساحة الداخلية منصة لتمرير رسائل التهديد الإيرانية إلى الدول العربية لزعزعة استقرارها والتدخّل في شؤونها، وتؤكد أنها تشمل أيضاً الالتفات إلى وضع استراتيجية دفاعية لضبط فلتان السلاح ووقف كل أشكال التهريب عبر الحدود إلى سورية وإقفال الممرات التي يستخدمها «حزب الله» لنقل السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري.

وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى الحكومة و«العهد القوي» فهل يتجاوبان مع الشروط الدولية لإنقاذ لبنان ومنع انهياره أم أن لديهما بدائل أخرى ليست مرئية؟

*********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

بيروت منكوبة بالتقنين.. وفيتو أميركي على الكهرباء السورية!

لودريان السبت في بيروت: رسالة بلهجة حادّة.. وابراهيم في الكويت.. والكورونا «تحرج» التعبئة

قبل أيام قليلة عن مواعيد ضربت لاستئناف التحركات الشعبية على نطاق واسع، وأشمل، وربما أكثر تأثيراً، بعد الوعود «غير القائمة» لوزير الطاقة ريمون غجر بتراجع التقنين القاسي، الذي ذهب بعيداً في «الثأر» من المواطن اللبناني، سواء استخدم المولدات أم لا، بحيث تبدّلت الصورة رأساً على عقب، وأصبح التقنين في أحسن حالاته ساعتين يومياً فقط في غالبية المناطق، وساعتين، وربما أربعة في العاصمة بيروت.

وفي عز أيام الصيف، تموز وآب، من دون أفق منتظر أو متوقع، حتى من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، التي تنتقل من تحقيقات الفيول، إلى أزمة المياومين، واجراء الأكراء، وهي خافتة الصوت، حتى الموت..

وإذا كانت أرقام الإصابات، بجائحة كورونا، حلّت محل الانشغال بارتفاع سعر الدولار، الذي توقف عن الصعود «مؤقتاً»، بعدما ضخ المصرف المركزي ملايين الدولارات للمصارف لتوفير السيولة اللازمة لاستيراد السلع، في وقت لم يلمس فيه المواطن، أو المستهلك امراً ملموساً، أو انخفاضاً قائماً، مما دفع المواطنين في كل مناطق لبنان، للنزول إلى الشارع، تنديداً بالعتمة، واحتجاجاً على عجز الطبقة السياسية عن الوفاء بأي من التزاماتها، لا في أيام الحكومات الخالية، ولا في أيام حكومة مواجهة التحديات.

مع أزمة الكهرباء الحادّة، المترافقة مع أزمات المياه والنفايات والاكتظاظ، والتلوث، بدت بيروت، وكأنها مدينة منكوبة: فبعد ان خصصها مجلس الوزراء بالتغذية بالكهرباء لعشرين ساعة، كعاصمة للبنان ومركز النشاط الرسمي والاقتصادي، أصبحت في أيام حكومة مواجهة التحديات ساعتين أو ثلاث يومياً، بسبب عدم وجود الفيول، حيث يخضع العاملون في مختبراته إلى التوقيف.

ويشعر البيرتيون، من أبناء العاصمة وسكانها ان ثمة تمييزاً فاضحاً، لجهة استهداف بيروت أو معاقبتها لاعتبارات سياسية، بالنظر إلى ان بعض الضواحي وبعض المناطق تحظى بضعفي ما تزود به بيروت.

والسؤال: هل هو عقاب أم تنفيذ لرغبة مسؤول، إذ كان النائب جبران باسيل عندما كان وزيراً للطاقة يطالب بمساواة بيروت مع باقي المناطق التقنين (راجع ص 2).

إبراهيم في الكويت

وسط هذه الأجواء الحياتية القاتلة، اهتمت الأوساط السياسية بوصول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى الكويت، موفداً من الرئيس ميشال عون، غداة اتصال جرى بين رئيس الجمهورية وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، لنقل صورة دقيقة على الوضع، وامكان الاستفادة من المساعدة الكويتية.

ونقل اللواء إبراهيم قوله، قبل سفره: ان شاء الله خير..

وقد استفسر الشيخ صباح خلال الاتصال عن اوضاع لبنان واحواله والصعوبات التي يمر بها، فشرح له الرئيس عون طبيعة المشكلات التي يمر بها ماليا واقتصادياً. فطلب الامير من عون البحث في ما يمكن ان تقدمه الكويت الى لبنان من دعم ومن دون تحديد اي تفصيل. فقرر عون إيفاد اللواء ابراهيم الى الكويت للقاء الامير ولقاء وزير الخارجية الكويتية الشيخ الدكتور احمد ناصر المحمد الصُباح وبعض المسؤولين الاخرين، وعرض اوضاع لبنان وللاستماع الى ما يمكن ان تقدمه الكويت في المجالات الممكنة لا سيما التعاون النفطي والاغاثة والدعم الاجتماعي، علماً ان الكويت لم تعرض اي مساعدة محددة ولا في اي مجال، بل تنتظر ما سيحمله اللواء ابراهيم.

وفي سياق متعلق بالتحركات من أجل مساعدة لبنان، توقعت مصادر سياسية بارزة أن تواجه زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان يوم السبت المقبل نقاشات صريحة ومحرجة مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية ناصيف حتي لجهة موقف فرنسا من التعاطي مع الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، بعد المواقف الحادة التي اطلقها الوزير الفرنسي مؤخرا واتهم فيها حكومة حسان دياب بعدم الوفاء بالالتزامات التي قطعتها منذ تأليفها لتحقيق الاصلاحات المطلوبة لمساعدة لبنان خارجيا لحل ازمته المالية بالرغم من مرور اكثر من مئة يوم على تشكيلها، والاهم في مضمون الزيارة هو في كيفية اعادة التفاهم مع الحكومة الفرنسية من جديد ووضع مقررات مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ الفعلي بعدما كان الجانب الفرنسي ومن خلال السفير في لبنان قد ابلغ الرئيس دياب في لقاء عاصف جرى منذ قرابة الشهر بأن حكومته اوقفت كل الاتصالات مع الجانب اللبناني لتنفيذ «سيدر» بعدما تملصت الحكومة من وعودها بتنفيذ سلسلة الاصلاحات الموعودة. ونقلت المصادر عن مطلعين على فحوى ما جرى بالقول ان السفير الفرنسي خاطب دياب بالقول كيف تريدون مساعدة فرنسا وتضربون عرض الحائط بالاصلاحات، بل تمعنون في إتخاذ قرارات معاكسة كما حصل في العودة عن قرار اقامة معمل للكهرباء في سلعاتا وبالتعيينات المالية وغيرها من الاجراءات التي لا تعبر عن نية حقيقية لتنفيذ الاصلاحات لغايات ومصالح ضيقة.

إلى ذلك، علم، لدى أوساط معنية ان السفيرة الأميركية في بيوت دورثي شيا، نقلت طلباً يشبه «الفيتو» على استمرار شراء الكهرباء من سوريا، لتجاوز النقص في الكهرباء، والتقنين الخطير الذي يواجه لبنان.

وكان الرئيس دياب قال من دار الفتوى، بعد لقاء المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان السبت الماضي حول لقائه مع السفيرة دورثي: «تداولت مع السفيرة الأميركية في مواضيع عدة وهي أبدت كل استعداد لمساعدة لبنان في مجالات مختلفة». ولفت الى أن «في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نحن قلبنا الصفحة على المناقشات التي حصلت وبدأنا نتحدث عن الإصلاحات الاساسية المطلوبة والبرنامج الذي سيتم التوافق عليه بين الصندوق ولبنان وهذا ما سيعيد الثقة وسيفتح الباب على مشاريع كثيرة». (راجع ص 2).

تغير في الموقف!

وتزايدت التفسيرات لإعادة الانفتاح الأميركي على الحكومة عبر حركة السفيرة الأميركية.

وكشفت مصادر قيادية في 8 آذار، سبب هذا التحوّل بأن واشنطن تبلغت رسالة من هذا الفريق ضرورة كف يد السفيرة الأميركية عن لبنان، منعاً لخيارين خطيرين: الأوّل الذهاب شرقاً على مستوى رسمي، والثاني، فتح الجبهة الجنوبية، والتضييق على إسرائيل، عبر استهداف البواخر العسكرية والتجارية على امتداد المتوسط، بما في ذلك التلويح باستهداف «منشآت نفط العدو».

وفي المعلومات تحذير واشنطن من تشجيع المساس بالأمن على خلفية ما ينقل من معلومات عن جهات دولية تمول مجموعات لبنانية للتحرك علي خلفية قرار المحكمة الدولية المنتظر في 7 آب.

ويعود «الكابيتال كونترول» إلى الواجهة، مع جلسة تعقدها لجنة المال والموازنة اليوم، وعلى جدول أعمالها اقتراح قانون الكابيتال كونترول، تجتمع بعدها اللجنة الفرعية برئاسة النائب إبراهيم كنعان للبحث في التوسع في صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان للكشف عن الحسابات المصرفية تلقائياً.

وعزا أمين سر نقابة الصرافين محمود حلاوي أسباب انخفاض الدولار إلى استئناف النشاط التجاري، مع عودة المغتربين والسيّاح، عبر مطار بيروت، وانتظار التجار والمستوردين السلة الغذائية، فضلاً عن المفاوضات الجارية مع عدد من الدول حول المساعدات الممكنة للبنان.

التحركات

وعمت التحركات الاحتجاجية على قطع الكهرباء العاصمة ومعظم المدن والاقضية واعتراضاً على الفقر، وانعدام فرص العمل.

واطلق مئات من الناشطين في مسيرة من ساحة رياض الصلح إلى مقر جمعية المصارف في الجميزة، ثم إلى مصرف لبنان، ودعوا إلى «استقالة الحكومة» ومحاسبة السارقين والفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، وكذلك في طرابلس والنبطية، وبعلبك..

وأفيد ليلاً، ان سفينتي إنتاج الكهرباء فاطمة غول واورهان بيه، زادتا طاقتهما الانتاجية للتيار الكهربائي، بعدما تمّ تأمين الفيول اويل، وهما تتجهان نحو 250 ميغاوات، فهل سيؤدي ذلك إلى تحسن التغذية بالكهرباء.. بانتظار بيان مؤسسة الكهرباء.

وغرّد الوزير ريمون غجر ان: استيراد الفيول بدأ يصل إلى مؤسسة كهرباء لبنان تباعاً، والتغذية في التيار ستتحسن بدءاً من اليوم، وستظهر النتائج قريباً.

2344

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 166 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2344.

وأفاد مستشفى رفيق الحريري الجامعي ان بينها 5 حالات حرجة، وأنه تم اجراء 378 فحصاً، ولم تسجل أية حالة شفاء جديدة.

وقلل وزير الصحة حمد حسن من شأن الإصابات المرتفعة (131 بفيروس كورونا) بين العاملين في شركتي لفرز النفايات.. بالقول: الإصابات معلومة المصدر، وإمكانية نقل العدوى قائمة، لكن بنسبة غير عالية..

وتجتمع اللجنة العلمية صباحاً، وبعد الظهر تجتمع لجنة كورونا، وستطلب تشديد الإجراءات، بدءاً من الحث بالالتزام بالتدابير الوقائية بما في ذلك، فرض غرامة 50.000 ليرة لبنانية مع العلم ان هذا المبلغ لا يمكن ان يتحمله المواطن حسب الوزير حسن، الذي كشف عن 35 إصابة في مستشفى الزهراء، وعدد آخر في 3 مؤسسات استشفائية أخرى.

ومن غير المستجد دعوة مجلس الدفاع الأعلى للاجتماع، لمناقشة الزيادة المفجعة بأعداد المصابين بالكورونا، على أساس أنه لا بدّ من قرارات رادعة، بما في ذلك الاقفال.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

2.5 مليار دولار أميركي حجم تحويلات المُغتربين في 2020 والتعويل على تعميم مصرف لبنان

قرارات الحكومة أفقدت لبنان ما يفوق الـ 16 مليار دولار أميركي مداخيل بالعملة الصعبة

التضخم الحاصل أصبح يُشكّل خطرًا أكبر على النمو الإقتصادي من خطر الدين الخارجي

بروفسور جاسم عجاقة

ليس بجديد القول أن السياسات الحكومية المُتعاقبة لم تستطع خلق هيكلية إقتصادية قوية، حيث أن هذه الحكومات كانت مُنشغلة بحلّ الأزمات السياسية والأمنية التي عصفت بلبنان منذ إنتهاء الحرب الأهلية. الإقتصاد اللبناني يعتمد على الإستيراد لتلبية حاجة السوق الداخلي وهو ما يتطلب دولارات لتمويل هذا الإستيراد. وحتى فترة قريبة (قبل 17 تشرين الأول 2019) كانت هذه الدولارات تأتي من عدّة مصادر أهمّها: تحاويل المُغتربين، السياحة، التصدير وتدفق رؤوس الأموال بهدف الإستثمار (ودائع، إستثمارات أجنبية مباشرة، وسندات يوروبوندز). في هذا الوقت كان لبنان رهينة الفساد الداخلي الذي أوصل الدين العام بالدولار الأميركي إلى حدود الـ 33 مليار دولار من دون أن يكون هناك أي إستخدام إقتصادي فعّال لهذا الدين بالعملة الصعبة.

شكّل يوم 23 آب 2019 لحظّة تحوّل سلبية حيث تقاطعت كل العوامل السلبية (تردّي المالية العامّة، إرتفاع الدين العام، المواجهة السياسية مع الولايات المُتحدة الأميركية، وطأة الفساد على مؤسسات الدوّلة، المواجهة السياسة الداخلية…) وأدّت إلى إندلاع إحتجاجات شعبية في 17 تشرين الأول 2019.

حكومة دياب والقرارات الخاطئة

خسر لبنان ما يُقارب الثلاثة أشهر لتشكيل حكومة جديدة قضى خلالها القطاع المصرفي على ثقة المودعين فيه نتيجة بعض المماراسات التي كانت لتغيّر مجرى الأحداث لو تصرّف هذا القطاع بشكلٍ مختلف. وبالتالي إستلمت حكومة حسان دياب زمام السلطة في بلد يعيش أزمة إقتصادية، مالية نقدية حادّة ولاحقًا إنضمّت أزمة الكورونا إلى لائحة الأزمات. وإذا كان الرئيس حسان دياب قد أكّد في جلسة الثقة أن حكومته هي حكومة إختصاصيين مُستقلّين، إلا أن القرارات التي إتخذتها هذه الحكومة أثبتت العكس أو أقلّه كانت واجهة لقرارات مُعلّبة:

ـ القرار الخاطئ الأوّل الذي إتخذته الحكومة هي وقف دفع سندات اليوروبوندز في 7 أذار 2020 من دون إجراء أية مُفاوضات مع الدائنين. هذا الأمر حرمّ الخزينة العامّة من مدخول بالدولار يفوق الـ 2 مليار دولار أميركي سنويًا، ولكن أيضًا من الإستثمارات الأجنبية المباشرة التي تفوق الملياري دولار أميركي (FDI stock USD 68 bn in 2019).

ـ القرار الخاطئ الثاني كان بإقرارها خطّة إنقاذ تستهدف القطاع المصرفي بشقّيه (مصرف لبنان والمصارف التجارية) وودائع «كبار المودعين». وكانت حجّة الحكومة أنه يتوجّب توزيع الخسائر على كل من إستفاد من الفوائد العالية التي كانت تدفعها الدولة إلى المُقرضين. هذا الأمر لجم تدفّق رؤوس الأموال سواء كان من المُغتربين (7.5 مليار دولار أميركي في العام 2019) أو من غير المُقيمين المُغتربين اللبنانيين.

ـ القرار الخاطئ الثالث الذي إتخذته الحكومة هو ضرب مصداقية العملة الوطنية من خلال طرح خفض سعر صرفها إلى 3500 ليرة لبنانية لكل دولار أميركي ولاحقًا إلى 4300 ليرة لبنانية. هذا الأمر دفع المُستثمرين المحلّيين والخارجيين إلى وقف الإستثمارات وزاد الطلب المحلّي على الدولار الأميركي بعد أن كانت الليرة اللبنانية ملاذاً آمناً للمُستثمرين خصوصا المحليّين.

ـ القرار الخاطئ الرابع هو عدم قيام الحكومة بإستيعاب القطاع السياحي الذي كان يدرّ مليارات الدولارات على الإقتصاد اللبناني. فالمعروف أن أعياد الميلاد، رأس السنة، عيد الفطر، وعيد الفصح… كانت تجلب للدولة اللبنانية ما يُقارب الـ 6 إلى 7 مليار دولار سنويًا من المُغتربين اللبنانيين بالدرجة الأولى. وبالتالي كان الأجدى بالحكومة اللبنانية الحالية القيام بكل ما يلزم (إجراءات إحترازية من كورونا، والوضع السياسي…) لجذب المُغتربين اللبنانيين إلى ربوع الوطن لدعم الإقتصاد الوطني.

ـ القرار الخاطئ الخامس هو عدم قيام الحكومة الحالية منذ مجيئها إلى السلطة، بأخذ إجراءات لتحفيز الزراعة والصناعات الغذائية بهدف تغطية قسم من الإستهلاك الغذائي المُستورد وتخفيف الإستيراد الذي وبحكم فقدان الليرة من قيمتها أصبح يقتصر على الأساسيات!

تحاويل المُغتربين وتعميم مصرف لبنان

الأزمة المالية والنقدية والمصرفية التي يعيشها لبنان أدّت إلى لجم إندفاع المغتربين لتحويل أموال إلى ذويهم إلى لبنان. وتُشير الحسابات التي قمنا بها أن الحدّ الأقصى الذي ستبلغه تحاويل المُغتربين في العام 2020 لا يزيد عن 2.5 مليار دولار أميركي وهو كارثة كبيرة نسبة إلى ما كان المُغتربون يؤمّنون من عمّلة صعبة إن من خلال التحاويل (7.5 مليار دولار أميركي في العام 2019) أو من خلال السياحة (6 إلى 7 مليار دولار أميركي سنويًا).

وبدل أن تُعيد الحكومة الحالية الثقة بالقطاع المصرفي وبالإقتصاد اللبناني التي فقدها المُغتربين نتيجة ممارسات المصارف ونتيجة الضغط الأميركي، قامت بوضع خطّة نسفت فيها أساس الثقة والتي تحتاج إلى وقت طويل لترميمها.

في ظل هذا الإطار الأسود، أتى تعميم مصرف لبنان حول الـ «fresh funds» ليفتح نافذة أمل من خلال السماح للمودعين بالتصرّف بأموالهم بالعملة الأساسية أو غيرها من العملات. وهذا التعميم يسمح للمغتربين أو حتى الشركات الأجنبية التي تدفع لموظفيها بالعملة الصعبة بإرسال الأموال بالدولار الأميركي حيث يتمّ سحبها بنفس العملة. هذا الأمر له تداعيات إيجابية من ناحية أن المغتربين الذي لا يتخلّون عن ذويهم وأقاربهم، ويمتلكون حريّة إرسال الأموال إلى ذويهم من دون أيّة قيود وهو أمر يُشجّع على الإستمرار في إرسال الأموال. وهو ما قد يلعب دورًا محوريًا في تخطّي سقف التحاويل الذي قدّرناه بـ 2.5 مليار دولار في نهاية هذا العام.

النمو الإقتصادي وخطر التضخّم

من المعروف أن التضخّم بالنسبة للإقتصاد كحرارة الإنسان: تضخّم عالي يقتل النمو وتضخّم مُنخفض يقتل النمو (المعايير الدوّلية تنصّ على 2%). وإذا كانت الحكومة اللبنانية لا تزال تُركّز على الشق المالي وخصوصًا الدين الخارجي، إلا أن خطر التضخّم على الإقتصاد أصبح أكبر وبالتالي فإن هذا التضخّم سيُطيح بخطّة الحكومة من أساسها ولن يكون من المُمكن تسجيل نسب النمو المتوقّعة في الخطّة.

ومع نسب التضخّم التي يُسجّلها الإقتصاد اللبناني حاليًا (تضخّم مُفرط)، هناك خطر كبير على لبنان لا نرى في الإجراءات الحكومية ما يواجه هذا الخطر!

الأضرار التي يُخلّفها التضخّم عديدة نذكر منها:

أولاً- كل الثروة التي يتمّ خلقها عبر النمو الإقتصادي، تتآكل تلقائيًا مع التضخّم وبالتالي لا قيمة للثروة المخّلوقة؛

ثانيًا ـ زيادة الدين العام بالعملة الأجنبية (نسبة إلى العملة المحلّية) وهو ما يجعل الدين بالمطلق على نفس المستوى (أو أكثر بحسب تطّور سعر صرف العملة) على الرغم من إنخفاض قيمة الدين بالعملة المحلّية؛

ثالثًا ـ أي مُحاولة مُستقبلية للسيطرة على التضخّم عبر رفع الفوائد سيواجه بتراجع النمو الإقتصادي لأن الفوائد العالية ستمنع الإستثمارات.

رابعًا ـ تفقير الشعب وفقدانه للأمن الإجتماعي من خلال فقدان القدرة الشرائية خصوصًا أنه في لبنان، مُعظم السلع المُستهلكة هي مستوردة.

خامسًا ـ التضخّم سيمنع تنفيذ أي سياسات إقتصادية أو إجتماعية في المُستقبل.

من هنا تظهر أهمّية المحافظة على سعر صرف ثابت لليرة اللبنانية والتي بغياب إقتصاد قوي، تُسقّط نظرية تحرير سعر الصرف التي يُنادي بها العديد من الخبراء! فثبات سعر صرف الليرة هو عنّصر أساسي في الأمن الإجتماعي. وإذا كانت التبريرات التي يُقدّمها أصحاب نظرية تحرير سعر الصرف تقوم على كلفة التثبيت، نقول لهم بكلّ بساطة إن كلفة تثبيت سعر صرف الليرة تبقى أقلّ بأشواط من كلفة تحريرها خصوصا أن من سيدفع هذه الكلفة هو المواطن اللبناني من خلال قدرته الشرائية كما والإقتصاد الذي سيُعاني لعقود إذا ما إستطاع الخروج من الأزمة. الجدير ذكره أن هناك دولة وحيدة في العالم، إستطاعت الخروج من التضخّم المُفرط وهي ألمانيا مع العلم أن عدد الدول التي أصابها التضخّم المُفرط كبير نذكر منها فنزويلا، إيران، زيبمابوي، يوغوسلافيا… وغيرها.