افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الإثنين 20 تموز 2020

افتتاحية صحيفة النهار

كورونا لبنان: العدّاد يسرع والخطر يكبر

لبنان ليس بخير على كل المستويات، واذا كان فاخر في وقت سابق بقدرته على احتواء وباء كورونا، وحال دون خسائر كبيرة بفضل الاجراءات المتخذة، فان انتهاء الحجر المنزلي، وفتح المطار، وعودة اللبنانيين الى حياة شبه طبيعية، واختلاط كبير دونما وقاية في اماكن الاصطياف والسهر وفي المنتجعات البحرية، كل ذلك جعل عداد إحصاء المصابين يسرّع عجلته، ويضاعف خطر بلوغ الجهات الرسمية العجز عن احتواء الوباء. واعتبر وزير الصحة حمد حسن ان هذا الاسبوع سيكون حاسماً، “وسيتم وضع جميع المصابين بالفيروس في مواقع خاصة بالحجر والعزل في مناطق سكنهم وليس منازلهم”. وتحدث عن اصابات مجهولة المصدر ما ينذر بخطر كبير يؤشر له التصاعد المقلق لعدد الاصابات في الاسبوع الاخير، إذ بلغ أمس الاحد 84 إصابة، منها ثماني حالات حرجة، ليرفع العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2856. فيما تجاوزت الأرقام في الأيام السابقة المعدل المعتاد بأشواط، وتوزعت كالآتي:

السبت 11 تموز: 86 إصابة.

الأحد 12 تموز: 166 إصابة.

الإثنين 13 تموز: 85 إصابة.

الثلثاء 14 تموز: 32 إصابة.

الأربعاء 15 تموز: 91 إصابة.

الخميس 16 تموز: 57 إصابة.

الجمعة 17 تموز: 101 إصابة.

السبت 18 تموز: 75 اصابة.

وحذّر مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض مساء أمس إلى أن “الزيادة في عدد الحالات الجديدة والبؤر والتوزيع الجغرافي لكورونا في لبنان سيحد من قدرتنا على اجراءات التتبع والفحص والعزل. مع زيادة الحالات، سيحتاج المزيد من المرضى إلى دخول المستشفى كما لاحظنا خلال الأسبوع الماضي. فهل المستشفيات جاهزة؟”.

وقال في سلسلة تغريدات: “تحملت المستشفيات الحكومية، وفي طليعتها مستشفانا، حتى الآن العبء الأكبر من المعركة… مشكلتان مهمتان تواجهان المستشفيات الحكومية. الأولى هي النقص في التمريض. أدى تجميد التوظيف في القطاع العام + ضعف الاستثمار في تدريب العاملين إلى الحد من عدد الممرضين المدربين على الاهتمام بالحالات الحرجة، كما يمكن اذا اصابت العدوى طاقم الخط الأمامي أن تستنفد طاقة المستشفى. المشكلة الثانية أكثر إلحاحاً. ان ارتفاع التكاليف، وانخفاض قيمة الليرة وطلبات الموردين للحصول على مدفوعات نقدية تعني أن المستشفيات الحكومية تعمل من غير وجود سيولة كافية، وهذا يحد من قدرتها على تلبية الطلبات المتزايدة في حالة حدوث طفرة بالعدوى”.

واذا كان الملف سيدخل من باب الطوارئ مجلس الوزراء غداً، فإن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي ابدى لـ”النهار” قلقه من الأعداد المتزايدة، “خصوصاً بعد تسجيل إصابات مجهولة المصدر، تدق حقيقة ناقوس الخطر. والمشكلة الكبرى تكمن في عدم إلتزام الناس الإجراءات، بالإضافة إلى كثافة المناسبات الاجتماعية كالأعراس والمآتم والسهرات التي تضرب عرض الحائط كل الدعوات إلى احترام التباعد الاجتماعي والوقاية. صحيح أننا نشعر مع المواطن ونعرف أن الظروف الاقتصادية سيئة، والحاجة ضرورية وماسة للعودة إلى أعمالهم، ولكن هناك تجمعات كبيرة تشهدها بعض المناطق دون أدنى معايير وقائية”.

وقال عراجي أن “هناك عدّة عوامل في لبنان تجعلنا نقلق مما ستؤول إليه الأمور، وعلينا الموازنة بين الاقتصاد والصحة والتزام الإرشادات الوقائية الرئيسية التي تساوي مبدأ الاغلاق من ناحية الحماية والوقاية. ونتيجة المخالفات التي سُجلت في صفوف الوافدين والمقيمين، سنعود إلى فرض الكمامة إلزامياً وإلا سيُعاقب كل من يخالف هذه التدابير بغرامات مالية.

وأضاف: “المسألة خطيرة، وإذا شهدنا تفشياً محلياً للوباء وحاجة إلى دخول مرضى بأعداد كبيرة إلى العناية، عندها سينهار القطاع الصحي لا محالة. ولن نتمكن من استيعاب الصدمة التي سيُحدثها الكورونا. لذلك لا أخفي قلقي من ارتفاع الاصابات في الأيام الأخيرة ومنها الحالات التي استوجبت دخول العناية الفائقة، وإذا استمرت الزيادة في الحالات، سنصل إلى وضع خطير جداً”.

وشدد على أن “الناس يجب أن تعرف أن المستشفيات ليست بالجهوزية التي كانت عليها في بداية الوباء، ولن تكون قادرة على استيعاب العدد الكبير ليس فقط بسبب الأسرة داخل المستشفى وإنما بسبب الأوضاع المالية التي يرزح تحتها القطاع الاستشفائي. نحن اليوم دخلنا المرحلة الرابعة من الفيروس أي التفشي المحلي نتيجة ظهور عدوى مجهولة المصدر في أكثر من مكان. وسنفقد السيطرة وسندخل المجهول”.

**************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

جلسة حكومية للتحقيق الجنائي غداً… وخطّة التعافي تنتظر «لازار»

يتوزّع الواقع السياسي بين مشهدين: المشهد الأول يتصدّره البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان له أكثر من موقف ولقاء بين بشري والديمان، وتصبّ مواقفه في الخانة نفسها المتصلة بالحياد، فيما تنوعت لقاءاته بين من يؤيّد علناً وصراحة ما يطرحه، وبين من يرفضه ضمناً، من دون ان يعلن ذلك، تلافياً للصدام مع البطريرك، فيضع لائحة من الشروط تحت عنوان التوافق، فيما أكثر من ملف استراتيجي وحساس يتمّ التفرُّد به. وقضية مثل الحياد شكّلت ركيزة ميثاق العام 1943 المطلوب التوافق حولها، خلافاً لكل منطق ودستور. ولا عجب في ذلك لانّ ما يحصل اليوم في لبنان يتجاوز كل عقل ومنطق.

امّا المشهد الثاني فيتصدّره الشارع المعترض على الغلاء وانقطاع الكهرباء وتكدُّس النفايات وتزايد البطالة وارتفاع منسوب النقمة. فعادت التحركات الى الشارع والاعتصامات والتظاهرات، وكل ذلك في غياب المؤشرات الى أي مساعدات او حلول للأزمة المالية، وسط تخبُّط الحكومة بالأرقام، والتي قال رئيسها إنّه لن يستقيل، خشية من فراغ طويل لا يتحمّله لبنان. فيما الناس تسأل، ماذا يختلف الوضع اليوم عن الفراغ الذي تحدث عنه الرئيس حسان دياب؟ لأنّ العنوان الأساس للفراغ هو غياب المبادرات والحلول والخطوات العملية والدوران في الحلقة المفرغة نفسها، وهذا ما هو عليه الواقع اليوم تحديداً. بل قد يكون الفراغ فرصة للاتفاق على خطة إنقاذية حقيقية تشكّل جسر عبور لخلاص اللبنانيين من أزمة لم يشهدوا مثيلاً لها في تاريخهم.

وبين المشهدين، ينتظر لبنان زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان أيف لودريان، آملاً ان يكون حاملاً معه مبادرة او أفكاراً لحلول. وفي انتظار وصوله الى ما تبقّى من أرز في وطن الأرز، يكثر الحديث عن ترسيم الحدود وتعديل مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب والمحكمة الدولية التي ستصدر حكمها في 7 آب المقبل.

«تكامل بين الرئيس والبطريرك»

وفيما تدخل البلاد اليوم اسبوعاً جديداً، يُنتظر ان يكون حافلاً بالتطورات السياسية والمالية والاقتصادية، في ضوء الانهيار الذي تعيشه، تصدّرت زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للبطريرك الراعي في الديمان أمس، الاحداث السياسية في نهاية الاسبوع، ورافقه فيها النائب ابراهيم كنعان والوزير السابق منصور بطيش ومستشار باسيل انطوان قسطنطين.

وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية»، انّ المحادثات «كانت ايجابية وبنّاءة، وقد تمّ التشديد على مبدأ الحياد تاريخياً، حيث شكّل لبنان جسر عبور بين الشرق والغرب، من خلال هذا الدور، وحافظ لفترة طويلة على استقراره، قبل دخول العوامل الاقليمية والدولية على الخط. وكان التوافق تاماً على خلفية انّ الحياد لا يُفرض، بل يتكوّن من خلال إقتناع وطني مشترك، يشارك فيه المسلمون والمسيحيون، وهذا ما يطالب به البطريرك. وقد بحث الوفد مع البطريرك آليات متابعة للقاء، عبّر عنها النائب جبران باسيل في كلمته، وتضمنت التكامل بين الرئيس والبطريرك ودور التيار مع شركائه وحلفائه في الاطار نفسه».

وتخلّل النقاش جولة حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تهمّ المواطنين، واتُفق على متابعة التواصل في الايام والاسابيع المقبلة في عدد من الملفات. وبدا واضحاً رضى البطريرك على النتيجة الايجابية التي توصل اليها اللقاء. وستكون هناك آليات متابعة للقاء ولعدد من الملفات ذات الصلة مع غبطة البطريرك».

كنعان

وفي هذا السياق، قال النائب كنعان لـ«الجمهورية»، انّ «الحياد هو رسالة لبنان التاريخية في هذا الشرق. فالدور الوجودي الذي اضطلع به لبنان كجسر بين الحضارات والاديان والمنطلقات في هذه المنطقة لا يمكنه ان يستمر به من دون حياده الايجابي». واعتبر انّ «هذا الحياد يحتاج اليوم الى مقومات داخلية علينا تأمينها من خلال حوار وطني يستعيد هذه القناعة الوطنية. وهذا دورنا مع سائر القوى المؤمنة باستقلالية هذا اللبنان وريادته وتمايزه. وقد عبّرت البطريركية المارونية بشخص سيدها كعادتها، عن ثوابت لبنان التاريخية والوطنية التي تميّزت بها على مدى العصور، وعلينا استكمال هذا الطريق لتأمين المناخات التي تمكننا من استعادة هذا الدور وهذه الرسالة».

موقف توضيحي

وكان للبطريرك الراعي أمس موقف توضيحي للحياد الذي دعا اليه، فأكّد في عظة الاحد «انّ نظام الحياد يقتضي وجود دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وقانونها وعدالتها، وقادرة على الدفاع عن نفسها وشدّ أواصر وحدة شعبها، وخلق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي». وقال:» ليس نظام الحياد طرحاً طائفياً أو فئوياً أو مستورداً. بل هو استرجاع لهويتنا وطبيعتنا الأساسية، وباب خلاص لجميع اللبنانيين دونما استثناء. رجائي أن يُصار إلى فهم حقيقي مجرد لمفهوم نظام الحياد الناشط والفاعل عبر حوارات فكرية علمية، تكشف معناه القانوني والوطني والسياسي، وأهميته للاستقرار والازدهار».

باسيل

ومن جهته اوضح باسيل، أنّ «سيدنا لم يقصد الحياد في صراع الباطل والحق ولا الحياد بوجه الظلم والفساد ولا الحياد بوجه الاحتلال او الارهاب». وقال : «الحياد هو أمر مطلوب منا ومن الغير لكي يتمّ ويُطبّق، والحياد هو تموضع استراتيجي، خيار اذا اتخذناه يجب التأكّد من إمكانية تطبيقه وملاءمته للواقع.

ولامكانية تطبيقه هناك ثلاثة عوامل: اولاً التوافق الداخلي، لأنّه لا يمكن ان يكون بالفرض او بالنزاع بل بالاقناع والحوار الوطني (…) وثانياً، تأمين مظلّة دولية ورعاية خارجية كاملة لتأمين احترام الحياد وتطبيقه من قِبل الدول، وهذا يتطلب وضعية قانونية معترف بها من قبل الامم المتحدة على غرار دول عدة تعتمد هذا الامر. وثالثاً، وهو الاهم، وجوب اعتراف الدول المجاورة وتسليمها بهذا المبدأ واحترامه وتطبيقه من خلال إخراج عناصر الخارج المتفجّرة في الداخل اللبناني». وحدّد باسيل هذه العناصر بخمسة هي «احتلال إسرائيل للارض والارهاب المنظّم الموجود في لبنان من الخارج وترسيم الحدود لكي نستطيع العيش دون خلافات مع الجوار، وموضوع النازحين السوريين الذي يشكّل عنصراً خارجياً متفجّراً في الداخل، والوجود الفلسطيني في لبنان».

اول زائر غربي

وفي الحراك الديبلوماسي، سيستقبل لبنان مساء بعد غد الأربعاء اول زائر غربي، هو وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، وهو اول زائر على هذا المستوى، بعد اعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي، وذلك في زيارة تمتد ليومين، يلتقي خلالها كبار المسؤولين، في ختام جولة شرق اوسطية له شملت بغداد والكويت.

وعلمت «الجمهورية»، انّ البرنامج الرسمي للزيارات يبدأ قبل ظهر الخميس، باللقاء الذي سيجمعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل ان يجول على كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب ونظيره اللبناني ناصيف حتي.

ومن خارج اللقاءات الرسمية، تترقب الأوساط الزيارة التي سيقوم بها لودريان الى بكركي للقاء البطريرك الراعي، الذي سيوافيه اليها من الديمان. وهو لقاء مهّد له السفير الفرنسي، بزيارة للراعي، انجز خلالها جدول اعمالها والقضايا التي ستُطرح خلال اللقاء، والتي تتناول، الى الملفات اللبنانية، قضايا تعني الكنيسة المارونية في لبنان والمنطقة.

وعُلم انّه ستكون للودريان مجموعة من اللقاءات في مقرّ السفارة الفرنسية تشمل عدداً من اصدقائه واصدقاء السفارة من مختلف الإختصاصات والاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

التحقيق الجنائي

وفي هذه الأجواء تترقّب الأوساط السياسية جلسة مجلس الوزراء غداً في قصر بعبدا، المخصصة للبحث في عدد من القضايا المالية والإقتصادية والادارية من دون التثبّت من إمكان البحث في قبول استقالة المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني وتعيين البديل منه، وسط معولمات تتحدث عن قرب البَت بالموضوع بعد التريّث فيه.

وفي ظل «التكتم» الحكومي على جدول اعمال الجلسة تحدثت مصادر مطلعة عن انّ ملف التحقيقات المالية في حسابات مصرف لبنان سيُطرح خلال الجلسة، في ضوء السعي الى تحديد المؤسسة التي تتولى هذه المهمة بعد صرف النظر عن مهمة شركة «كرول»، بعدما أعدّ وزير المال غازي وزني لائحة بمجموعة من المؤسسات من جنسيات اوروبية واميركية، والتي يمكن اختيار إحداها لهذا الغرض.

عون يغرّد

وفي هذه الأجواء قال زوّار قصر بعبدا لـ«الجمهورية» انّ موضوع التحقيق في حسابات مصرف لبنان سيحضر في جلسة الغد، سواء كان مدرجاً على جدول الاعمال ام لا. وكان رئيس الجمهورية قد غرّد السبت الماضي على حسابه في «تويتر» بالآتي: «عبثاً نحاول محاربة الفساد إذا لم نجرِ التحقيقات المالية لأننا لن نستطيع أن نصل إلى معرفة كيف هُدرت الأموال إن لم نَقم بعملية التدقيق الجنائي لحساباتنا، لأنّ في هذا شهادة براءة بالنسبة الى الأبرياء وإدانة بالنسبة الى الفاسدين».

خطة التعافي

الى ذلك، وفي انتظار وصول وفد من مؤسسة «لازار» الاستشارية الى بيروت هذا الاسبوع، من المتوقّع ان يتم التركيز على الخروج بخطة موحدة للتعافي، تجمع بين نقاط القوة الواردة في خطة الحكومة من جهة، وخطة المصارف من جهة أخرى، بالتماهي مع ما توصّلت إليه لجنة تقصّي الحقائق النيابية والرؤية التي قدّمها مصرف لبنان.

ويفترض ان يراجع الخبراء في «لازار»، وهي الاستشاري المالي للحكومة اللبنانية في مواجهة تداعيات اعلان التوقف عن دفع سندات «اليوروبوندز»، ما توصّلت اليه الاجتماعات المكثفة التي جرت بهدف توحيد الارقام والمقاربات.

وفي المعلومات، انّ اتفاقاً مبدئياً بات على قاب قوسين أو أدنى في شأن الخروج بخطة موحدة. وسيتم التركيز على تغيير النهج الوارد في الخطة السابقة، وإشراك الدولة اللبنانية في المساهمة في تَحمّل قسم من الخسائر من خلال إنشاء صندوق سيادي. ويبدو انّ فكرة الصندوق أصبحت مقبولة من الجميع، ولم تعد هناك من معوقات حقيقية امام إقرار تأسيسه.

وأكد مصدر متابع لـ«الجمهورية» انّ وفد «لازار» لن يعترض على التعديلات التي أدخلت على الخطة، ما دامت ارقام الخسائر الواردة فيها حقيقية وتعكس الواقع. ومن غير المتوقع ان يتم إجراء تغيير شامل في الارقام، بل تعديلات مقبولة، خصوصاً في ما خصّ خسائر القروض المصرفية الى القطاع الخاص، والتي حسمتها تقارير هيئة الرقابة على المصارف، والتي يمكن اعتمادها كمرجع مقبول لدى صندوق النقد الدولي.

كورونا

صحياً، تتزايد مخاوف اللبنانيين من استمرار انتشار فيروس «كورونا» مع تسجيل مزيد من الإصابات يومياً. وأعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل 84 إصابة جديدة، 65 من المقيمين و19 من الوافدين، رافعةً العدد التراكمي إلى 2856.

ومع هذه الأرقام، عاد الملف الصحي ليتصدّر الواجهة، خصوصاً أنّ الإصابات توزّعت على مناطق عدة. وتأهّبت أمس بلدة قرنايل في المتن الأعلى بعد اكتشاف حالة وافدة مصابة، على ما أوضح رئيس بلدية البلدية.

وكان لافتاً أمس إعلان مستشفى سان جورج عن تسجيل 6 إصابات بين العاملين فيه، وقد أصيب 3 موظفين بالعدوى من خارج المستشفى لاختلاطهم بمصابين آخرين، وقد حُجروا مباشرة.

فهمي

وقال وزير الداخلية العميد محمد فهمي لـ«الجمهورية» امس انه سيُطلق بدءاً من اليوم حملة توعية في مواجهة ازدياد معدلات الاصابة بوباء كورونا، محذّراً من انّ عدم التجاوب مع شروط الحماية المجتمعية سيدفعه الى التشدد والقسوة في تطبيقها.

وأوضح فهمي انه سيتمنى على وسائل الإعلام «رفع منسوب التوعية إزاء مخاطر التفلّت من ضوابط الوقاية ضد فيروس كورونا»، وسيطلب من القوى الأمنية «توجيه النصح والارشادات لكل مواطن مخالف تحت طائلة محاسبته اذا كرّر المخالفة»، مشيراً الى انه يحاول قدر الإمكان تفادي فرض الغرامات المالية على المواطنين تحسّساً منه بالظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعانون منها، «لكن من واجبهم في المقابل ان يشعروا بالمسؤولية الوطنية وأن يساهموا في حماية أنفسهم ومحيطهم من خطر التعرّض للعدوى، لأن لا الدولة ولا المجتمع يتحملان فقدان السيطرة على هذا الوباء وما يمكن ان يلحقه ذلك من تداعيات بالقطاع الطبي والاقتصاد اللبناني».

إنارة بيروت

من ناحية اخرى، كشف فهمي لـ«الجمهورية» انه يدرس مع محافظ العاصمة ورئيس مجلسها البلدي «خيار اعتماد الـ Bot لمَد بيروت بالكهرباء 24 على 24 ساعة»، موضحاً «انّ المشروع سيُناقش أيضاً مع وزارة الطاقة، واذا تم إقراره فإنه سيُطبّق من خلال إجراء مناقصة شفّافة بموجب دفتر شروط تضعه دائرة المناقصات، على ان تتولى الشركة الفائزة التي تقدم افضل عرض تنفيذ المشروع».

طائرة مسيرة

جنوبياً، أفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» أنه بينما كان المنشد حسن حرب مع فرقته الموسيقية، يصوّران أنشودة جديدة من وحي ذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، في محلّة «بانوراما» على طريق عديسة، في محاذاة الجدار الفاصل بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة، ووسط تَجمهر عدد من المواطنين لمشاهدة تصوير الفيديو كليب، عمدت القوات الاسرائيلية في الجهة المقابلة إلى إنزال الطائرة المسيرة وهي من نوع DJI، التي كانت تُستخدم في تصوير العمل الفني، وسحبتها إلى داخل الأراضي المحتلة.

ولاحقاً، غرّد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي عبر تويتر، فكتب: «قبل قليل رصدت قوات جيش الدفاع طائرة مسيرة تسللت كما يبدو من داخل لبنان إلى المجال الجوي الإسرائيلي». وأضاف أنّ الطائرة المسيرة «تابعتها القوات وتعاملت معها من خلال وسائل مختلفة»، لافتاً إلى أنّ الجيش الإسرائيلي «سيواصل العمل لمنع أيّ خرق للسيادة الإسرائيلية».

ولم يقدّم أدرعي معلومات أكثر تفصيلاً حول كيفية تعامل الجيش مع الطائرة.

**************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“الصندوق” يرى أرقام الحكومة “صالحة” ودياب يحشد لترويجها

باسيل يُغرق “الحياد” في متاهات “المنظومة”

رمادياً ملتبساً جاء موقف رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان على رأس وفد من “التيار”. فإزاء الوضوح التام والموقف الصارم كحدّ السيف لسيّد بكركي، الذي اعتبر انّ “الحياد يحمي لبنان من الضياع في لعبة الأمم ومن أخطار العبث بهويته وهو الترجمة السياسية والدستورية للاعتراف بنهائية لبنان ولا ينطلق من الانتماء الطائفي والحزبي والمناطقي بل من الانتماء للبنان المحايد كدولة”، اختار باسيل “الفذلكة” اللغوية مستخدماً مفردتين للحالة نفسها، فهو مع “تحييد” لبنان عن المشاكل والصراعات والمحاور، فيما يصبح “الحياد” معه مجرّد مسألة “تموضعٍ استراتيجيّ”، وليس مسلّمةً أساسية يكرّسها الدستور اللبناني ودولة القانون بشكلٍ قاطع لا لبس فيه.

هكذا ربط الصهر القويّ “الحياد” بمعجزة حلّ آفاتٍ تكبّل البلد منذ زمنٍ، ومعظمها ناتج طبعاً عن ضعف الدولة، فباتت بديهيات الدولة رهنٌ بشمّاعات “الحوار الوطني” وتوافر “المظلة الدولية” و”اعتراف الدول المجاورة به”، و”سحب عناصر التفجير الاسرائيلي للأرض والارهاب وترسيم الحدود وإعادة النازحين السوريين وعودة اللاجئين الفلسطينيين”. وذكرت مصادر مطلعة على لقاء الديمان ان باسيل شرح وجهة نظره للبطريرك والتي لا تختلف بجوهرها عن موقف رئيس الجمهورية الذي ربط تحقيق الحياد بتوافق وطني شامل. ورأى، من جهة أخرى، ان يتم التركيز على مشروع “اللامركزية الادارية” وأن تتوافق الأحزاب المسيحية على هذا الموضوع تحت مظلة بكركي.

ما لم يقله باسيل بوضوح، وإن فهمناه غمزاً، عبّرت عنه بصراحةٍ فجّة مقدّمة نشرة “المنار” الاخبارية المشيدة بموقفه السياسي “الكريم” من المسألة، والتي عملت على تمييع “حياد” الصرح الماروني و”تشويه” مغزاه الفعلي بربط المسار السويّ بـ”حيادٍ” يمارسه من نعتتهم بـ”الغيارى على مصالح وطنهم” في “البحثِ عن الحقيقة ومحاسبة المتورطين بنهب اموالهم وتهريبها”، مؤازرةٌ تناغمت مع تحذير رئيس المجلسِ الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان من “تضييع بوصلة المصلحة الوطنية والأخلاقية في ما يتعلق بموقع لبنان، وكيفية إنقاذه وسط هذه الأعاصير والهجمة الدولية والإقليمية على تمزيقه، تارة بفرض حصار وعقوبات اقتصادية عليه وأخرى بتدخلات في شؤونه الداخلية وتحريض فئة على أخرى وصولاً الى الدعوة الى الفدرلة، وتحميل المقاومة وزر الأزمة الاقتصادية والمعيشية وطرح حياد لبنان كمخرج للخروج من الازمات الحالية”.

وعلمت “نداء الوطن” أن اللجنة المشتركة بين بكركي و”حزب الله”، والتي توقّف عملها منذ فترة، ستجتمع قبل مغادرة البطريرك الراعي الى الفاتيكان. وكان الراعي ردّ على تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون أثناء لقائه الأخير به بوجوب التحاور مع “الحزب” حول منطق الحياد بالتعليق: “سألتقي بهم، سألتقي بهم”.

ووسط روتين الذلّ اليومي المتمثّل بجلجلة التقنين الكهربائي القاسي، حيث غرقت مناطق شاسعة في البلاد في الظلام لـ16 ساعة متواصلة، مقروناً بارتفاع دائم للأسعار وزيادة عدد الاصابات بالـ”كورونا”، تتّجه الانظار هذا الأسبوع نحو سلسلة الاجتماعات المالية والنقدية المكثفة بين وزارة المال ومصرف لبنان والمصارف للوقوف على أرضيةٍ مشتركة للتفاهم مع صندوق النقد الدولي على خطةٍ للانقاذ تخرج البلد من عنق الزجاجة وتحميه من الانهيار الوشيك، علماً بأن الاجتماعات ستعقد اليوم وغداً وبعد غد، على أن يُعقد اجتماع مالي موسع الخميس في السراي الحكومي يحضره الاستشاريان المالي والقانوني: لازارد وغوتيب.

وتنصبّ جهود الحكومة هذا الأسبوع على حشد الدعم الكافي لخطتها وأرقامها وإقناع الأطراف البرلمانية والسياسية والمصرفية بها، كونها القاعدة “الصالحة” التي يرتكز عليها صندوق النقد للانطلاق بالمفاوضات، مع التعويل على زيارة وزير خارجية فرنسا للبنان لإعطاء دفعٍ بهذا الاتجاه.

وكان رئيس الحكومة حسان دياب شكا الى مسؤولين غربيين عدم تجاوب رئيس مجلس النواب نبيه بري معه بمسألة الخطة الحكومية، معبّراً عن استيائه من غياب الدعم اللازم له في جهوده الانقاذية. ويبدو أنّ الأوساط الغربية نقلت بدورها لرئيس الحكومة استغرابها مبالغته في تصوير ما حققه حتى الآن من أداءٍ حكومي باهت بـ”الانجازات”، فيما ليس في الحقيقة إلا سلسلة “اقتراحات ووعود معسولة” لا تجد أساساً سبيلاً الى التنفيذ ولم تترجم بواقعٍ ملموس ينتشل اللبنانيين من مصيرٍ بائس.

وعلى خطّ آخر أبلغ ديبلوماسي لبناني سابق “نداء الوطن” بارتكاب الدولة اللبنانية خطأ جسيماً بتكليفها السفير اللبناني في واشنطن غابي عيسى معالجة تداعيات “قانون قيصر” المحتملة، بدلاً من المرور عبر القنوات الديبلوماسية المعتمدة، مشيراً الى أن عيسى “غير مؤهل” لمعالجة موضوع بهذه الخطورة.

**************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

تقرير ألماني: أدلة تؤكد تمويل قطر لـ«حزب الله»

كشف تحقيق لصحيفة «دي تسايت» الألمانية عن وجود وثائق تثبت أن قطر تمول «حزب الله» في لبنان. وقالت الصحيفة إنها حصلت على أدلة تظهر أن أثرياء قطريين ولبنانيين يعيشون في الدوحة يرسلون أموالاً للحزب في بيروت، بمعرفة وتأثير مسؤولين حكوميين قطريين وعبر منظمة خيرية قطرية.

ويستند التحقيق إلى معلومات حصلت عليها الصحيفة من مقاول خاص سمته «جايسون ج.»، وهو اسم مستعار قالت الصحيفة إنها استخدمته لحماية هويته، يعمل في دول عديدة في العالم من بينها قطر. وقالت الصحيفة إن «جايسون وقع على ملف كبير أثناء تأديته عمل في الدوحة، يثبت تمويل قطر لحزب الله». ومن بين المعلومات التي عثر عليها المقاول، صفقة أسلحة من أوروبا الشرقية كانت تتولاها شركة قطرية.

وحاول المقاول في نهاية العام 2017 «بيع» الملف للدوحة، بعد أن عرف مدى أهمية المعلومات التي حصل عليها وتشكل أدلة قاطعة على الاتهامات الموجهة لقطر بتمويل منظمات إرهابية.

وقدر جايسون والشركة الاستشارية الألمانية قيمة المعلومات الواردة في الملف بعشرات الملايين من اليوروات، لأنه «وجد المعلومات مهمة في مكافحة تمويل المنظمات الإسلامية»، وهو ما دفعه أيضا إلى التواصل مع «السلطات الألمانية لتقييم هذه المعلومات»، بحسب الصحيفة. وأضاف التقرير أن التقييم جاء بأنها معلومات «مثيرة للاهتمام وذات صلة» بمكافحة تمويل الإرهاب.

وأشارت الصحيفة إلى أن «جايسون عقد 6 اجتماعات في بروكسل مع ممثلين عن السلطة في قطر يفاوضهم على المعلومات، وشاركه في الاجتماعات رئيس شركة استشارية في ألمانيا يدعى ميشال إيناكر تعرف عليه عبر سياسي ألماني يعرفه». وتابعت أن «الدبلوماسيين القطريين قالوا إنهم سيستخدمون المعلومات الواردة في الملف للتخلص من الأشخاص المشبوهين في صفوفهم».

وأشارت إلى أن «جايسون تلقى عدة مرات خلال هذه الاجتماعات مبالغ 10 آلاف يورو نقدا في كل مرة، وأنه في الأشهر التي تلت سلمه القطريون 100 ألف يورو نقدا من دون أن تكون هناك أدلة مكتوبة على تسلم هذه الأموال».

وفي يوليو (تموز) 2019، توصل جايسون والقطريون إلى اتفاقية تفاهم قالت الصحيفة إنها اطلعت عليها، يتلقى بموجبها المقاول 10 آلاف يورو شهريا على مدى عام مقابل «خدمات استشارية». والتزم القطريون بعدم ملاحقة جايسون بتهم التجسس مقابل عدم تسريب المعلومات الواردة في الملف الذي حصل عليه إلى أي طرف. وتورطت في الاتفاق الشركة الاستشارية الألمانية كذلك التي أبرمت اتفاقا مع شركة جايسون «للترويج لعقود» مع قطر في ألمانيا، طبقاً للصحيفة.

وتشير الصحيفة إلى أن من بين المدفوعات المحولة من قطر، 15 ألف يورو يبدو بأنه تم تحويلها من عسكري قطري في مارس (آذار) العام الماضي. وفي مايو (أيار) العام الماضي، تقول الصحيفة بأن جايسون تحدث عن «اتفاقية الحفاظ على السرية» أراد القطريون منه أن يوقعها مقابل 750 ألف يورو والحفاظ على صمته وعدم مشاركة المعلومات التي بحوزته مع أحد. إلا أن جايسون قال إنه رفض بعد أن استنتج بأن قطر لم تتحرك ضد المسؤولين الذين يرسلون تمويلا لـ«حزب الله» كما كانت تعهدت في الاجتماعات السابقة.

وحاولت صحيفة «دي تسايت» الحصول على رد من السفارة القطرية في برلين ومن الحكومة ولكن كليهما لم يعلق، فيما قالت الحكومة إنها ملتزمة «مكافحة الإرهاب».

ورغم أن هذه الاتهامات ضد قطر ليست جديدة، إلا أن الملف الذي يتحدث عنه المقاول هو إثبات في الاتهامات الموجهة لقطر بتمويلها الإرهاب. وفي العام 2014، اتهمت ألمانيا قطر بشكل واضح بتمويل الإرهاب، وقال وزير التنمية الألمانية غيرد مولر: «علينا أن نسأل من يسلح ويمول مقاتلي داعش. الكلمة المفتاح هي قطر، والسؤال كيف نتعامل مع هؤلاء الأشخاص والدول سياسيا؟».

وحظرت ألمانيا نشاطات «حزب الله» على أراضيها في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية التنظيم إرهابيا. وتسعى برلين لإقناع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة شبيهة مما يسهل عليها عملها في ملاحقة عناصر «حزب الله» لديها، خصوصاً أن نشاطاته تمتد في شبكة أوروبية وعالمية. وبعد إعلان حظر الحزب، نفذت الشرطة الألمانية مداهمات على عدة مساجد ومراكز دينية مرتبطة بالحزب من دون أن ينفذ أي اعتقالات حتى الآن.

وقبل يومين، قالت المخابرات الداخلية في ولاية بريمن في تقريرها السنوي إن «جمعية المصطفى متورطة بتمويل حزب الله». وكان هذا المركز من بين الجمعيات التي طالتها مداهمات الشرطة الألمانية في أبريل الماضي، ولكن لم يصدر بعد قرار إغلاقها ولا اعتقال المسؤولين عنها.

**************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

شروط دولية جديدة للمساعدة: الحياد والإسراع بالإصلاحات

دياب من بكركي: لن أستقيل.. وليطرح النواب الثقة أو ليتصرف الوزراء

في غمرة غرق لبنان، منذ مطلع تموز الجاري في العتمة، والأزمات التابعة والمتصلة تباعاً، من شح الدولار، إلى شح المازوت، إلى «السلة الغذائية» التي أشبه «بلعبة سحرية»، لا اثر لها على الأرض في المحلات، و«السوبر ماركات» سوى بسلع، لا أحد يعرف منشأها أو غير مستهلكة في المجتمع اللبناني.

يطرح السؤال: من أقحم البلد في «جدل بيزنطي» حول الحياد، والتحييد والصراع، والحصار، ودور الأصدقاء أو عدم أي دور لهؤلاء، وترك البلد إلى قدره؟

دياب: لن استقيل

ولئن، دعا الرئيس حسان دياب من بكركي إلى الحوار حول موضوع الحياد الذي دعا إليه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، لتشكيل موضوع يجمع اللبنانيين، ولا يكون نقطة خلاف، الا ان اللافت، تمسكه بالحكومة، فقال ردا على سؤال، حول ما إذا استمر الوضع على حاله، سيؤدي إلى استقالة الحكومة: «أنا لن استقيل».

لكنه استدرك: اما إذا أراد مجلس النواب طرح الثقة بالحكومة، وارتأى تغييرها، فأهلاً وسهلاً، ولم يسقط في حسابه ان يستقيل وزراء من الحكومة التي يرأسها.

وكشف دياب، ان اجتماعات في بحر الأسبوع، على مستوى لجنة فنية مؤلفة من المصارف ومصرف لبنان ووزارة المال والحكومة، بعد وصول معلومات عن ان صندوق النقد الدولي طوى صفحة الخسائر وبدأ البحث ببرنامج التعاون.

إلى ذلك، يتوقع ان تعقد لجنة تقصي الحقائق النيابية جلسة قبل ظهر اليوم في حضور وزيري المالية والاقتصاد ومصرف لبنان وجمعية المصارف وعدد من المستشارين لاعادة دراسة وصياغة خطة الإنقاذ الحكومية خلال اسبوع كامل، مع الاخذ بعين الاعتبار مواقف ورؤى جميع الجهات المشاركة للخروج بتصور موحد بالنسبة للأرقام مع تضمين الخطة بندا مفصلا للاصلاحات في جميع القطاعات من دون استثناء ومشاريع القوانين المرفقة للخطة.

ويرتقب، وصول وفد من شركة لازارد الاستشارية إلى بيروت هذا الأسبوع للمساعدة في امكانية إعادة النظر في خطة الحكومة، التي ما يزال الوزراء، يعتبرون انها إنجاز للحكومة، التي اقتربت من قبول الموافقة على إعادة النظر بالخطة الاقتصادية.

واستبق الرئيس ميشال عون، الذي يبدو الأكثر تشدداً في مسألة التدقيق المالي الجنائي، جلسة مجلس الوزراء غداً بموقف ربط فيه بين مكافحة الفساد، واجراء التحقيقات المالية و«لأننا لن نستطيع ان نصل إلى معرفة كيف هدرت الأموال، ان لم نقم بعملية التدقيق الجنائي لحساباتنا».

ولم يعرف بعد، ما إذا كانت ستدرج كبند مستقل على جدول الأعمال، أو يثيرها الرئيس عون من خارج جدول الأعمال، والمسار الذي يمكن ان تتخذه المناقشات، وتأثير ذلك على التضامن الوزاري.

وكشفت مصادر وزارية ان ادراج موضوع التحقيق الجنائي لمصرف لبنان على جدول جلسة مجلس الوزراء، لا يعني ان الاعتراضات عليه من قبل بعض الأطراف المشاركين بالحكومة وان طريقه سالكة لاقراره كما يرغب بذلك رئيس الجمهورية ميشال عون، بل سيتطلب الامر مزيدا من الإتصالات والجهود المسبقة لتقريب وجهات النظر بخصوصه، وتوقعت ان يطالب هؤلاء الاطراف المعترضون بضم مؤسسات وقطاعات أخرى الى لائحة التحقيق الجنائي وفي مقدمتها الكهرباء والجمارك وغيرها، الا انه وبالرغم من كل ذلك فإن جانبا مهما من التقدم بهذا الموضوع مرتبط بوزير المال باعتباره صاحب الصلاحية للبت بالموضوع والسير فيه حتى النهاية وهذا الامر مايزال موضع اخذ ورد حتى الساعة.

الى ذلك لم يعرف ما اذا كان مجلس الوزراء سيكرر البحث في موضوع استقالة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني ام لا انطلاقا من ضرورة اتخاذ القرار المناسب.

في إطار متصل، لا تخفي مصادر مقربة من الرئيس عون تأكيدها ان لبنان محاصر، بحجة «حصار حزب الله» أو فرض عقوبات عليه، فلبنان، والكلام للمصادر، متروك للتخبط بأزماته، بدءاً من الأوضاع المعيشية والمالية وأزمة النزوح السوري، التي زادتها كورونا سوءاً.

وتكشف هذه المصادر ان التطمينات التي تصل إلى لبنان، من دول صديقة وشقيقة تشدد على ان البلد غير متروك لقدر السقوط، وهذا أمر لا يُسمح به.

لودريان: شروط جديدة

وينتظر ان يصل الى بيروت بعد غد الاربعاء وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان في زيارة مخصصة لرعاية تقديم دفعة من المساعدات المالية الفرنسية للمدارس والمعاهد الكاثوليكية التي تتولى تدريس البرامج الفرنسية في لبنان والتي قدرتها بعض المصادر بما يفوق العشرين مليون يورو لتخطي الضائقة الاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.

وبالرغم من نفي المصادر المواكبة لزيارة لودريان حمله اي مبادرة فرنسية للتوسط بين ايران والولايات المتحدة لفك الاشتباك المطبق عن لبنان حاليا الا انها اشارت إلى ان وزير الخارجية الفرنسية تشاور هاتفيا منذ ايام مع ديفيد شينكر حول الاوضاع في لبنان في اطار التنسيق المتواصل بين واشنطن وباريس. وينتظر ان يقابل لودريان الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية وعدداً من كبار السياسيين وفي مقدمتهم الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع والبطريرك الماروني ويتبادل معهم وجهات النظر حول الأوضاع في لبنان والمنطقة وموقف فرنسا منها وما يمكنها القيام به لمساعدة ودعم لبنان لكي يستطيع تخطي ازمته الصعبة والمعقدة، سياسيا واقتصاديا على حد سواء. ويرتقب ان يتحدث الوزير الفرنسي في قصر بعبدا بعد الاجتماع مع الرئيس عون الخميس ويكرر الموقف الفرنسي الاخير بخصوص مساعدة لبنان والاصلاحات المطلوبة مسبقا لتسهيل تنفيذ قرارات مؤتمر سيدر.

وعلمت «اللواء» ان لودريان يحمل شروطاً جديدة، أبرزها الأخذ بمبدأ الحياد، إضافة إلى الإصلاحات والاسراع بها..

سياسياً، جدد البطريرك الراعي التمسك بالحياد، إذ قال ان نظام الحياد يحمي مصير لبنان من الضياع في لعبة الأمم، من اخطار العبث بهويته، وهو الترجمة السياسية والدستورية للاعتراف بنهائية لبنان.

وقال في قدّاس الهي في بازيليك سيّدة لبنان حريصا، للمناسبة خلاص لبنان ولمناسبة عيد القديس شربل مساء امس: إذا اعدنا للبيانات الوزارية (منذ 1943 إلى 1980، نجد في كل بيان وزاري اعتماد لبنان الحياد، وعدم الانحياز وتعزيز علاقات الاحترام المتبادل للسيادة والتعاون.

وكان البطريرك الراعي عرض لمشروع الحياد مع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الذي قدم رؤيته للتحييد والحياد، من زاوية الإرادة والامكانية.

وفي الإطار الحيادي، برزت تغريدة للسفير السعودي في بيروت، جاء فيها:

«الرئيس بشارة الخوري، سجَّل فهمه لمعادلة  لبنان المستقل في مذكراته بقوله : «… دفعنا عن أنفسنا تهمة العُزلة والإنعزال، وتلفَّتنا إلى العرب الذين تجمعُنا وإيّاهم رابطة اللغة والعادات والأخلاق الشرقية .. فأصبح اللبنانيون شخصاً واحداً، لبنانياً قومياً، إستقلالياً عربياً».

سجال بيئي- سياسي

بيئياً، تجدّد السجال، العالي النبرة بين حزب «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر، على خلفية رفض النائب جورج عدوان المضي بسد بسري والعمل على تنظيم عريضة نيابية، تطالب بتحويل المساحة المقررة لبناء السد إلى محمية طبيعية.

وكان نظم أمس اعتصام في مرج بسري، تحت شعار «كورونا لبنان» أو «القتل بالصرف الصحي والسرطان» ويكفينا سدود فاشلة، بدعوة من الحملة الواقية للحفاظ على مرج بسري، بعدما قررت الحكومة السير بالمشروع بالقوة، وهو الأمر الذي تصفه الحملة بالصفقة، وشارك في الاعتصام ممثلون بيئيون من جزّين وبيروت وإقليم الخروب، وسط إجراءات أمنية مشددة.

ونفذ نائب زحلة سيزار معلوف تهديده بقطع طريق ضهر البيدر أمس، احتجاجاً علي عدم الالتزام بتنفيذ المشروع، والحد من حوادث السير.

وكشف عن تطوّر إيجابي يوم غد الثلاثاء، في اجتماع لجنة الاشغال العامة، بحضور وزير الاشغال.

وضرب وزير الطاقة ريمون غجر موعداً جديداً لتحسن الأداء في التغذية، والحد من التقنين.. بعد وصول باخرة لتشغيل معملي الذوق والجية، وباخرة غاز اويل، ليبدأ العمل بمعملي دير عمار والزهراني، وبالتالي، سيبدأ النّاس بملاحظة التحسّن بالتغذية الأربعاء.

مع الإشارة الى ان وزير الاقتصاد اعتبر مشكلة الكهرباء في «الامداد، وليس في التمويل».

امتحانات الجامعة

وتستأنف كليات الجامعة اللبنانية الامتحانات الفصلية الحضورية، بدءاً من صباح اليوم، بمواكبة مباشرة من الفرق الصحية التابعة للصليب الأحمر اللبناني، الذي أعلن عشية الامتحانات، وانه بناء على الاجتماع التنسيقي للجنة الوطنية الـ19 Covid ستقوم الفرق بعملها لغاية الانتهاء من الامتحانات، وبهدف التحقق من الالتزام بإجراءات الحماية والسلامة العامة، سواء في ما خصّ الكمامات وتعقيم اليدين وفحص الحرارة.

2856

صحياً، سجل في الـ24 ساعة الماضية 84 إصابة جديدة بفايروس كورونا، بينهم 65 من المقيمين و19 بين الوافدين ليرتفع العدد التراكمي إلى 2856 إصابة مثبتة.

وأعلن مستشفى سان جورج في الحدث عن إصابة 6 عناصر من العاملين فيه بالكورونا.

ويعد الوزير حمد حسن اقتراحات لمجلس الوزراء، بعد اجتماع تقييم للوضع، منعاً لاستفحال الأمر، والتشدد بالاجراءات، بدءاً من مطار رفيق الحريري الدولي.

وأفادت وزارة الصحة العامة ليلاً، أن نتائج فحوصات PCR للرحلات القادمة إلى بيروت والتي أجريت في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت، بتاريخ 18/7/2020، أظهرت وجود ثماني حالات إيجابية؛ مذكرة بأن الفرق المعنية في وزارة الصحة العامة «تتواصل فقط مع جميع الحالات الايجابية فور التثبت منها، أما من لا يتلقى اتصالا من وزارة الصحة قبل الإعلان عن نتائج فحوصات الرحلات التي تصدر خلال 48 ساعة من إجرائها، فهذا يعني أن نتيجة فحصه سلبية».

والأخطر رحلة بغداد، إذ سجل سبع حالات إيجابية، وواحدة إيجابية على رحلة ليون الفرنسية.

**************************************

افتتاحية صحيفة الديار

التعديلات في الخطّة الحكومية على نار حامية مع مجيء «لازارد» إلى بيروت

من دولة غنية إلى دولة فقيرة… طريق لبنان معبد بالمخاطر والتحديات

التجار يحققون أرباحاً طائلة… و«حماية المستهلك» غائبة… ولا سجلات أرباح

بروفسور جاسم عجاقة

التحدّيات التي تواجه الحكومة اللبنانية سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد الإقتصادي أظهرت ضعف قدّرة الحكومة على مواجهتها. سياسيًا، فرض طرح البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي في ما يخص الحياد تحدياً إضافياً للحكومة التي أصبحت في مكان ما «متفرّجة» أكثر منه «فاعلة» وذلك على الرغم من زيارة الرئيس حسان دياب إلى الديمان للقاء البطريرك الماروني. أمّا إقتصاديًا فقد شكّلت خطوة وزير الخارجية التفاوض على «إستثناءات لقانون قيصر خطوة مُلفتة وإيجابية في مقابل تصدّع وتراجع على صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

التعقيدات التي تواجه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتي تنبع من مبدأ عدم التوافق الداخلي على الخطة الحكومية، فرضت تعديلها وهو ما سيكون موضوع زيارة وفد شركة لازارد هذا الأسبوع إلى بيروت حيث من المفروض البحث في ثلاث نقاط أساسية: حجم الخسائر خصوصًا بعد تقرير لجنة المال والموازنة، توزيع الخسائر بشكل عادل، والشق الإصلاحي. وإذا كان من المتوقّع أن تتجه الأمور إلى الإنفراج على هذا الصعيد بعد هذه التعديلات وبعد قيام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتشكيل لجنة تدرس إعادة هيكلة القطاع المصرفي، تبقى الترجمة العملية لهذا الإنفراج رهن التطورات السياسية التي تُلقي بثقلها على الواقع الإقتصادي المالي النقدي.

بالتزامن مع هذه التطورات، يعيش المواطن اللبناني، في ظل غياب لدائرة حماية المستهلك، على لهيب الدولار الأميركي الذي يحوّله التجار إلى أرباح طائلة غير مسجّلة في دفاترهم تهرّبًا من دفع الضرائب وذلك من خلال ممارسة لعبة الإحتكار والـ «cost replacement».

هذه المشاكل لا يُمكن تخطّيها إلا بتعديل جذري بالنموذج اللبناني ليُحاكي الإنسان والتطورات العصرية.

لشتنشتاين

كريستوف زيلير، الملياردير الوحيد في اللشتنشتاين يمتلك ثروة بقيمة 1.3 مليار دولار أميركي (جريدة لوموند الفرنسية) وهي ثروة توازي نصف الناتج المحلّي الإجمالي لدولة اللشتنشتاين البالغة 6.2 مليار دولار أميركي. في المقابل يبلغ الدخل الفردي للمواطن في هذا البلد 211 ألف دولار أميركي مُحتلا بذلك المرتبة الثانية عالميًا بعد إمارة موناكو.

اللشتنشناين هي إمارة موجودة في أوروبا بين النمسا وسويسرا وتبلغ مساحتها 160 كلماً مربّعاً مع عدد سكان لا يتجاوز الـ 40 ألف شخص. وتتمتع هذه الإمارة بميزات تجعلها من الدول الفريدة من نوعها مع إقتصاد حرّ مركّز على الصناعة بالدرجة الأولى (40% من الناتج المحلّي الإجمالي) تليه الخدمات المالية (30%)، قطاع الخدمات من دون الخدمات المالية (52%)، الأبحاث (7%) والزراعة (5%). هذه الهيكلية جعلت عدد الشركات المُسجّلة في اللشتنشتاين (أكثر من 80 ألف شركة) يفوق عدد سكانها! والبحث عن الأسباب التي تجعل من الشركات تتهافت على هذا البلد القوانين المرنة ولكن أيضًا نظام الضرائب الذي لا يتعدّى الـ 20% في أحسن الأحوال على الشركات وضريبة على الدخل الفردي لا تتعدّى الـ 1.2%!

السريّة المصرفية ومتانة القطاع المصرفي والضرائب المُنخفضة تجعل من هذا البلد ملاذ آمناً للراسميل التي تتهافت بشكل كبير على البلد وتجعل من كل السكان يستفيدون من الإستثمارات مع فرص عمل هائلة لبلد بهذا الحجم الصغير.

زيمبابوي

في المقابل تعيش زيمبابوي (الموجودة في جنوب القارة الأفريقية) حالة من عدم الثبات السياسي والعسكري الذي يجعل المواطن في هذا البلد يعيش أسوأ ظروف إجتماعية في العالم. تمتلك زيمبابوي ثروات هائلة من البلاتين، النيكل، الألماس… وكانت حتى فترة طويلة جدًا تُعدّ خزان القمح في جنوب القارة الأفريقية. تبلغ مساحة زيمبابوي 391 الف كم مربّع وعدد سكانها 15 مليون نسمة مع ناتج محلّي إجمالي بقيمة 20 مليار دولار أميركي (2019) بعد أن بلغ 4.4 مليار دولار في العام 2008.

إدارة الرئيس السابق روبير موغابي، جعلت مداخيل الموارد الطبيعية للمواطنين تذهب إلى الجيوب الخاصة لبعض الأشخاص مع إستنسابية في التعاطي مع الشركات التي ترزح تحت ضرائب هائلة كانت تذهب لسدّ إنفاق الموازنة البالغ 30% من الناتج المحلّي الإجمالي (50% في لبنان!). هذا الأمر جعل الإستثمارات الأجنبية تغيب خصوصًا أن زيمبابوي دخلت حربًا ضروسه مع الكونغو مما دفع أكثر من 3 ملايين مواطن إلى الهجرة من المجاعة والحرب. على الصعيد الزراعي، سيطر السكان البيض على المزارع لتعود الحكومة وتُصادر هذه المزارع لاحقًا.

في العام 2002، فرضت الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي عقوبات على زيبمابوي وقامت الصين بإستخدام الإستعمار الإقتصادي لمساعدة زيمبابوي حيث ضخّت أموالا في البلد تعود عائداتها بالدرجة الأولى للصين مع إكتفاء المواطن بدخل أقل من 1500 دولار أميركي سنويًا!

في العام 2007 إلى العام 2008، قامت الحكومة بطبع العمّلة بشكل كثيف حتى بلغ التضخّم 241 ألف بالمئة! وإضطرّ المصرف المركزي أنذاك إلى إستخدام ورقة الـ 100 تريليون دولار زيمبابوي ليُعاود بعد ذلك إصدار عملة جديدة في العام 2009 على شكل أوراق سندات. في العام 2008، كان الدخل الفردي في زيمبابوي يوازي 350 دولاراً أميركياً ليرتفع إلى 1300 دولار أميركي في العام 2019 وعلى الرغم من ذلك ما يُميّز الإقتصاد الزيمبابوي اليوم هو التضخمّ واللاعدالة في توزيع الثروات.

بلغ الناتج المحلّي الإجمالي في زيمبابوي في العام 8.53 1997 مليار دولار أميركي، لكن دخول زيمبابوي في صراعات عسكرية والتخبّط السياسي والعقوبات الدولية جعل الناتج المحلّي الإجمالي ينخفض إلى النصف في العام 2008. وشهد البلد حركة هجرة كبيرة بلغت 3 مليون شخص على 15 مليون نسمة إجمالي السكان. وقدّ أدّت العقوبات على هذا البلد، على الرغم من الإستثمارات الصينية وعلى الرغم من إرتفاع الدخل الفردي إلى 1300 دولار أميركي، إلى إفقار المواطن الذي يرزح تحت تضخّم لم يعد من السهل السيطرة عليه على الرغم من إرتفاع الصادرات من المواد الأولية.

لبنان

ما يحدث في لبنان حاليًا من تطورات سياسية وإقتصادية شبيه إلى حدٍ بعيد بما حصل في زيبمابوي في العام 1997 (بالطبع لا نُقارن القدرات الإقتصادية ولا الإطار السياسي بل التطورات). سوء إدارة الأزمة اللبنانية قدّ يوصل إلى إتباع لبنان نموذج زيبمابوي. فالتضييق الدولي (خصوصًا الأميركي) على قدوم الدولارات وخطر وقوع لبنان تحت العقوبات يجعل من التضخّم المُفرط مسيرة طويلة من التفقير الذي قد يطال المواطن اللبناني، وهي مسيرة قد تطول في حال قامت الصين بالإستثمار في لبنان. الجدير ذكره أن الصين هي الشريك الإقتصادي الأول للبنان مع 11.2% حجم إستيراد لبنان من الصين، وهذا الأمر لا مُشكلة عليه. إلا أن المُشكلة تظهر مع بدء الصين علمية الإستثمار في لبنان حيث سيُصبح لبنان في هذه الحالة حلبة الصراع الأميركية الصينية كما هي حال زيمبابوي. وما نسبة التضخّم التي وصل إليها الإقتصاد في زيبمابوي (241000%) إلا مثالاً على ما قد يصل إليه الوضع في لبنان في حال تأزمت الأمور.

فساد، تضخّم، توزيع غير عادل للثروات

1% من الشعب اللبناني يستأثر بـ 25% من الدخل القومي ويمتلك أكثر من 40% من الثروة الوطنية. هذا الواقع يجعل لبنان يحتل المراتب الأولى بين الدول حيث لا عدالة إجتماعية ولا توزيع عادل للثروات. بالطبع لا يجب فهم الأمر على أنه يتوجّب أخذ أموال الأغنياء وتوزيعها على الفقراء، بل يجب أن يكون توزيع الدخل القومي عادلاً يسمح بإعطاء الشخص حقوقه بحسب مساهمته في اللعبة الإقتصادية من خلال الأجور ولكن أيضًا من خلال خلق فرص إستثمارية للأفراد. كيف يُعقل أن بلداً مثل اللشتنشتاين فيه توزيع عادل للثروات في حين أنه في لبنان هذا الأمر غير مُمكن؟ هل أصبح النموذج الزيبمابوي هو المثال للبنان حيث هناك أقلّية تتنعّم بثروات البلد؟ النظرية الإقتصادية تنصّ على أن توزيع واسع للدخلّ القومي يُساهم في زيادة هذا الدخل بمعدّلات كبيرة. وبالتالي هناك مصلحة للجميع في توزيع عادل للدخل عملا بمبدأ أن الإستهلاك الناتج عن هذا الدخل يسمح بتشغيل أوسع للماكينة الإقتصادية.

أكثر من عشرة مليارات دولار أميركي حجم الفساد في لبنان! إذ يكفي النظر إلى ما يحصل في القطاعات العامّة كافة لمعرفة هول الكارثة. لن ندخل في ما يحصل في القطاع العام من توظيفات، أو في الكهرباء أو الجمارك أو الإتصالات… نظرًا إلى أن القارئ أصبح يعرف الكثير، بل سنُسلطّ الضوء على الإحتكار الذي يجد منبعه في الفساد وبالتالي يحرم الإقتصاد من فرص هائلة كانت لتُعود بالمنفعة على الجميع حتى على الفاسدين.

الإحتكار الذي يُمارس حاليًا في لبنان هو نتاج الحماية التي يؤمّنها أصحاب النفوذ للمحتكرين بهدف الإستفادة من الأرباح التي يُحقّقونها. هذا الإحتكار له تداعيات كبيرة على هيكلية الإقتصاد الذي تحوّل بفعل هذا الإحتكار إلى إقتصاد إستيرادي بالدرجة الأولى وحتى الصناعات المحلّية لا يُمكن منافستها نظرًا للحماية المؤمّنة لهذه الصناعات من أصحاب النفوذ. كل هذا بسبب الفساد المُستشري والذي يسبب بتركيز الثروات وبالتالي زيادة الفقر وتراجع الناتج المحلّي نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي الممكن تحقيقه!

وماذا نقول عن التضخّم المفرط الذي يعيشه لبنان منذ بدء الأزمة في تشرين الأول من العام الماضي. هذا التضخّم الذي وصل إلى مستويات أصبح معها الأمن الغذائي للمواطن في خطر حقيقي ويُنذر بكوارث إجتماعية، كانت أسبابه الأساسية جشع التجار ليُضاف إليه لاحقًا (بعد التوقف عن دفع سندات الخزينة) طبع العمّلة.

على هذا الصعيد، تنصّ النظرية الإقتصادية بمفهومها الواسع (إقتصاد – اجتماع – بيئة) على أن التضخّم هو العدو الأول للأمن الإجتماعي ويزيد من نسب الفقر خصوصًا الفقر المُدّقع. لكن الأسوأ في هذا الإطار يبقى الخوف من إختفاء الطبقة الوسطى التي تُشكّل أساس المجتمعات! في حال حصول هذا الأمر، يُصبح لبنان مثل زيمبابوي من ناحية تركيبته الإجتماعية – الإقتصادية!

إعادة تموّضع

من كل ما تقدّم نرى أن على لبنان الإختيار بين نموذج لشتنشتاين أو نموذج زيمبابوي. الخيار الأخير سهل ويكفي عدم القيام بأي إجراء وسنصل إليه في وقت قليل، أما الأول فهو نموذج يتطلّب الكثير من العمل لكن نتائجه مضمونة.

كم من الخبراء يقولون إن لبنان لا يصلح للصناعة أو الزراعة بحكم أن مساحته صغيرة؟ في الواقع 40% من الناتج المحلّي الإجمالي للشتنشتاين هو من الصناعة و5% من الزراعة لبلد مساحته 160كم مربع!! أيضًا كم من الخبراء كانوا يقولون إن قوّة لبنان في قطاعه المصرفي؟ وعلى الرغم من ذلك كان يُمكن للبنان الذهاب أبعد من ذلك عبر رفع مساهمة مداخيل هذا القطاع في الناتج المحلّي الإجمالي.

الفارق الأساسي بين اللشتنشتاين ولبنان أن اللشتنشتاين تتمتع بقوانين شاملة ومرنة وتتشدّد في تطبيقها في حين أنه في لبنان هناك أكثر من 50 قانوناً غير مُطبّق! أيضًا يتميّز اللشتنشتاين بشفافية في تطبيق قوانينه وهو أمر نفتقده في لبنان. وقد يقول البعض أن اللشتنشتاين مُتهم بتبييض الأموال ويستفيد من سـريته المصرفية، إلا أن معرفة أن مساهمة القطاع المالي هي 30% من الناتج المحـلّي الإجمـالي تضّـحد هذا القـول.

من هنا نرى أن هناك ضرورة للقيام بإصلاحات تعيد تموضع السياسات الإقتصادية للحكومة ليكون محورها الإنسان بالدرجة الأولى. وبالتالي هناك سلّة من الإصلاحات التي تنتج عن إعادة التموضع هذه وعلى رأسها تطبيق القوانين، المحاسبة، الشفافية، محاربة الفساد، محاربة الإحتكار، قوانين عصرية مرنة، خطط إقتصادية تدعم المبادرة الفردية وتؤمّن البنى التحتية اللازمة… ويبقى الأهمّ ضرب هيمنة الحسابات السياسية على القرارات الإقتصادية.

مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا المَطْلُوبُ وَاحِد! هذا هو حال الحكومة اليوم التي تخضع لضغوطات كبيرة سواء من الداخل أو الخارج. المطلوب هو التركيز على المواطن اللبناني، على لقمة عيشه، على صحته، طبابته، تعليمه، عمله… نعم هذا هو المطلوب وكل الضغوطات سواء كانت سياسية أو غير سياسية ستختفي عندما تضع الحكومة المواطن كأولوية في سياساتها الإقتصادية.