جعجع للحلفاء: جبهة معارضة الآن…


يحفّز العصب المعارض المُتغذّي من مواقف “القوات اللبنانية” وتصريحات رئيسها سمير جعجع دعم ناقلات الحركة والنشاط في جسم المعارضة، في ظلّ مساعٍ هادفة إلى توحيد المكوّنات والبحث عن تموضع يبدّل المعادلات وينعش جسد البلاد الهزيلة. ولم تكن كلمات موقف جعجع الأخير إلّا جرعة تقوية لهذا العصب، الذي لا يزال يبحث حتى اللحظة عن سبل توحيد أصابع قبضة المواجهة السياسية.

وتؤكّد مصادر مسؤولة في “القوات” لـ”النهار” أن معراب في صدد العمل على بناء الخطوات التالية التي ستخطوها في رحلتها المعارضة وسط مسؤولية وطنية تحتّم ضرورة عدم ترك الأوضاع تتدحرج إلى انزلاق أكبر > وفي المعلومات التي ترويها المصادر، فإن رئيس “القوات” يعمل جدّياً على خطوات من أجل توحيد صفوف المعارضة، وهو كان قد أبلغ مجموعة من الحلفاء آنية وضرورة تشكيل جبهة معارضة موحّدة، وطرح هذا الطرح أمام موفد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي زاره قبل أيّام وضمّ النائبين أكرم شهيب ونعمه طعمه، في قوله إنه لا يمكن التوصّل إلى أي حلّ إلا من خلال تشكيل جبهة معارضة موحّدة. وقد وعد الموفد جعجع بنقل هذه الرسالة إلى رئيس التقدمي وليد جنبلاط.

وإذا كانت مقاربة “القوات” تشدّد على إلزامية تنحي الفريق الحاكم، في تأكيدها على أن الطقم المتولي السلطة قد أوصل البلد إلى الانهيار من خلال سياساته، ولا يمكن من أوصل لبنان إلى هنا أن يشكل بذاته معبراً إنقاذيّاً، ولا بدّ له أن يقتنع بضرورة تنحّيه عن السلطة في هذه المرحلة التي تشهد أزمة مالية خانقة واحتكامه إلى أخذ قسط من الراحة، فإن العبارة التي ردّدها جعجع في مؤتمره الصحفي الأخير بقوله “خليهن يفلّوا والباقي علينا”، قد شكّلت تساؤلات كثيرة وعلامات استفهام حول المقصد والمبتغى منها. ترى معراب أن مصطلح “الباقي علينا” يرسل مؤشرات واضحة الى من يريد ان يسمع من الفريق الحاكم، بقدرة رؤية “القوات” المالية والاقتصادية ومقترحاتها على إنقاذ البلاد من خلال الحرص على احترام سيادة لبنان وتبني سلّة إصلاحات داخلية والانفتاح على العالم العربي والمجتمع الدولي والحرص على احترام آلية التعيينات، وهذا كلّه يترجم من خلال الذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة من وجوه اختصاصية بمواصفات مستقلة واضعةً المصلحة اللبنانية العليا فوق كلّ اعتبار من دون تدخّلات سياسيّة.

وفي ظل عدم توافر نية في سلوك هذا المسار الذي أصبح طريقه محفوظاً عن غيب بعدما تكرّرت المطالبة به على مدى أشهر، فإن رفض تعبيد الطريق أمام هذا الحل، يدفع “القوات” إلى التأكيد بأن الوضع اللبناني الحالي يدفع الأن وليس غدا، الى ضرورة البحث في توحيد الجبهة المعارضة، وما يهمّ هو التوصل إلى مساحة مشتركة تجمع القوى المعارضة وهذا ما تعمل معراب على البحث في كيفية بناء أرضيته خلف الكواليس. وتكمن الملاحظات المسطّرة في هذا الصدد، بأن هذه المهمة لا تزال تحتاج إلى عمل أكبر في ظل التباينات المتشعبة بين قوى المعارضة حول قضايا عدة منها متعلّقة بالماضي ومنها مرتبطة بأجندة الغد ومنها متعلّقة بالنظرة إلى مسألة مواجهة “حزب الله”، لكن هذه التباينات لن تحول دون استمرار مساعي “القوات” في مهمة توحيد توجهات العصب المعارض.

ماذا عن كواليس التواصل مع “تيار المستقبل” تحديداً، والذي أكّد رئيس “القوات” بأن قنواته قائمة ؟ يقوّم قياديون في “التيار الأزرق” موقف جعجع على أنه مفيد لإعادة بلورة توجهات المرحلة، معبّرين عن رغبة لدى “المستقبل” في توحيد الصفوف والاتفاق على عناوين المعارضة في المرحلتين الحالية والمقبلة. ويكمن السؤال الذي يطرح على “المستقبل” في هذا الاطار، اذا ما كانت هذه الرغبة ناجمة عن أمنيات شخصية لدى القياديين ولا تلزم الرئيس سعد الحريري بها، فيأتي الجواب في التأكيد على أن حوارات جديّة قائمة في المرحلة الحاليّة وناجمة عن نية مشتركة بالتعاون تدور في الكواليس بين الفريقين، وأن رئيس “المستقبل” يدعم هذا التوجه ويمثل الرأي الأوحد في تياره القائم على دعم التواصل مع “القوات” في سبيل البحث عن أرضية مشتركة. لكن المعلومات المستقاة من فريقي “المستقبل” و”لقوات” تشير إلى أن عجلة بناء هذه الأرضية ليست سريعة وأن قنوات التواصل ليست كافية لتشييد الأرضية حتى الآن، ولا بد إذاً من العمل على طبخ الخيارات على نار حامية.

وإذا كانت وصفة التماثل إلى الشفاء معروفة لدى المعارضة ومتمثلة بحكومة تكنوقراط حقيقية ومتجردة من التأثيرات السياسية ومتحررة من نفوذ القوى الحاكمة، فإن الملاحظ أن هذه الوصفة العلاجية لم تعد تقتصر على الأحزاب المعارضة، بل إنها باتت تسمع أيضا على لسان مشاركين في الحكومة فقدوا الأمل منها ويطالبون بحكومة من تكنوقراط حقيقية. وتفيد المعلومات بأن كلاماً يصبّ في هذا السياق، حكي من قبل وجوه مقرّبة من رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيه تدعم فكرة استقالة الحكومة الآن بعدما فقدت الأمل منها، ما يؤكّد أن خلط الأوراق السياسية في المرحلة المقبلة قد يحمل معه مفاجآت.

مجد بو مجاهد – النهار